202 جامع الأجوبة الفقهية ص 239
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
ومشاركة طارق أبي شديد
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله – ﷺ – قال: «مَن أصابَه قَيْءٌ أو رُعافٌ أو قَلَسٌ أو مَذْي فَليَنصَرِفْ، فَليَتوَضَّأ ثم لِيَبْنِ على صلاته، وهو في ذلك لا يتكلَّم» أخرجه ابن ماجه وضعفه أحمد وغيره.
———
مسألة : هل القيء ناقض؟
♢- جواب ناصر الريسي:
القيء: إخراج ما في المعدة من شراب وطعام ونحوه عن طريق الفم. وفي الحديث: لو يعلم الشارب قائما ماذا عليه لاستقاء ما شرب. انظر: لسان العرب (4/ 65) مادة (قيأ).
♢- اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
الأول: أنه ناقض للوضوء، وهذا مذهب أبي حنيفة ورواية عند أحمد وبه قال عطاء والزهري والأوزاعي.
الثاني: أنه لا ينقض الوضوء وهو مذهب المالكية ، والشافعية ، والظاهرية ، وهو قول عند الحنابلة ، وبه قال طائفة من السلف ، واختاره ابن تيمية ، وابن باز، وابن عثيمين.
انظر: بدائع الصنائع (1/ 26)، تبيين الحقائق (1/ 9)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/ 51)، المجموع (2/ 54)،المغني (1/ 136)، الموسوعة الفقهية الكويتية (34/ 87)، الشرح الممتع (1/274).
♢- واستدل الأصحاب القول الأول بالتالي:
1- عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي الدرداء أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قاء، فأفطر، فتوضأ، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت ذلك له، فقال: صدق أنا صببت له وضوءه. اخرجه الترمذي في سننه (87)
وجه الاستدلال:
قوله في الحديث: «قاء فتوضأ» يدل على أن الوضوء كان مرتباً على القيء وبسببه، وهو المطلوب، فتكون للسببية. انظر حاشية أحمد شاكر على سنن الترمذي (1/ 146) نقله عن أبي الطيب السندي.
وأجيب:
أولاً: أن الوضوء مجرد فعل من النبي – صلى الله عليه وسلم -، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، أقصى ما يدل عليه الفعل إذا كان على وجه التعبد، ولم يكن بياناً لمجمل أن يدل على الاستحباب، ولذلك لما تيمم الرسول – صلى الله عليه وسلم – لرد السلام، لم يقل أحد بوجوب التيمم لرد السلام.
وقال ابن المنذر: ((وليس يخلو هذا الحديث من أمرين: إما أن يكون ثابتاً، أو غير ثابت. فإن كان ثابتاً فليس فيه دليل على وجوب الوضوء منه؛ لأن في الحديث أنه توضأ، ولم يذكر أنه أمر بالوضوء منه، كما أمر بالوضوء من سائر الأحداث. وإن كان غير ثابت، فهو أبعد من أن يجب فيه فرض)). اهـ كلام ابن المنذر.
وقد حكم عليها باحث بالشذوذ وأن الراجح رواية من قال ( قاء فأفطر ).
ذكر الشيخ مقبل حديث أبي الدرداء في الصحيح المسند 1039 وفيه قاء فأفطر
قال الوادعي رحمه الله: هذا حديث صحيح.
رواه الترمذي (ج١ ص٢٨٦) ولفظه: قاء فأفطر فتوضأ. ولفظة: فتوضأ غير محفوظة. كما في (تحفة الأحوذي) ص (٢٨٨).
لكن الإمام أحمد استدل بلفظة ( أنا له وضوءه )
قال الأثرم في باب للوضوء من القيء :
قلت لأبي عبدالله : فيكون قول ثوبان أنا صببت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءه توكيدا لقول أبي الدرداء في الفطر من القيء .
فذهب إلى أنه توكيد للوضوء . انتهى
قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج25/ص222
والحديث الاخير يشهد له وهو ما رواه احمد واهل السنن كالترمذى عن ابي الدرداء ان النبى قاء فافطر فذكرت ذلك لثوبان فقال صدق أنا صببت له وضوءا لكن لفظ احمد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ رواه احمد عن حسين المعلم
قال الأثرم قلت لأحمد قد اضطربوا في هذا الحديث فقال حسين المعلم يجوده)انتهى.
ثانياً: أن الاستدلال بهذا الحديث مبني على أن القيء نجس، والقول بنجاسة القيء فيه نظر.
ففي فتاوى اللجنة الدائمة :
القيء ينقض الوضوء إن كان كثيرًا فاحشًا بأن ملأ الفم فأكثر ؛ لما روى أبو الدرداء – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قاء فتوضأ أخرجه الإمام أحمد ، والترمذي ، وقال : هذا أصح شيء في الباب ، وأما اليسير دون ذلك فلا ينقض الوضوء . والقيء نجس ؛ لأنه طعام استحال في الجوف إلى الفساد ، فإذا أصاب الثوب أو غيره وجب غسله بالماء مع الفرك والعصر حتى تذهب عين النجاسة وتزول أجزاؤها وينقى المحل .
الثالث: أن القيء لا يفطر إلا ما كان منه على وجه التعمد، والحديث المحفوظ فيه أنه قاء، وليس استقاء.
الرابع: أن الوضوء قد يكون بعد القيء من أجل النظافة وإزالة القذر الذي يبقى في الفم، وربما في الأنف، وما يصيب البدن منه، لا من أجل كون القيء حدثاً ناقضاً للوضوء، فلا نستطيع أن نحكم على من تطهر بموجب الكتاب والسنة، أن نحكم عليه بفساد عبادته إلا بدليل من كتاب أو سنة أو إجماع.
2- عن عائشة، قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف، فليتوضأ، ثم ليبن على صلاته، وهو في ذلك لا يتكلم. أخرجه ابن ماجه (1 / 385 – 386 – ط الحلبي) من حديث عائشة، وقال البوصيري: ” في إسناده إسماعيل بن عياش، وقد روى عن الحجازيين وروايته عنهم ضعيفة “.
وأعل الحديث أحمد وأبو حاتم وأبو زرعة والذهلي وابن عدي والدارقطني والبيهقي والنووي وابن دقيق العيد وابن عبد الهادي وغيرهم وانظر البدر المنير 4/100 وتنقيح التحقيق .
3- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: يعاد الوضوء من سبع: من إقطار البول والدم السائل، والقيء، ومن دسعة يملأ بها الفم، والنوم المضطجع، وقهقهة الرجل في الصلاة، ومن خروج الدم. الخلافيات للبيهقي (658). وقال البيهقي: سهل بن عفان مجهول، والجارود بن يزيد ضعيف في الحديث. وضعفه الزيعلي في نصب الراية (1/ 44) وعزاه للبيهقي في الخلافيات.
♢- ادلة أصحاب القول الثاني وهو عدم النقض:
1- أن الأصل بقاء الطهارة فإن طهارته ثبتت بمقتضى دليل شرعي، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي، فإنه لا يمكن رفعه إلا بدليل شرعي.
2- أن الأصل عدم النقض؛ فمن ادعى خلاف الأصل، فعليه الدليل.
♢- قال في بدائع الصنائع (1/ 26):
” لا فرق بين أن يكون القيء مرة صفراء أو سوداء, وبين أن يكون طعاما أو ماء صافيا؛ لأن الحدث اسم لخروج النجس, والطعام أو الماء نجس لاختلاطه بنجاسات المعدة “.انتهى
♢- قال في تبيين الحقائق (1/ 9):
“ولا فرق بين أنواع القيء; لأنها نجسة، خلافا للحسن في الماء والطعام إذا لم يتغيرا. انتهى
♢- قال في الشرح الكبير المطبوع بهامش حاشية الدسوقي (1/ 51):
“ومن الطاهر قيء: وهو الخارج من الطعام بعد استقراره في المعدة، إلا المتغير منه بنفسه عن حالة الطعام فنجس، ولو لم يشابه أحد أوصاف العذرة. الخ كلامه رحمه الله. وقال في مواهب الجليل (1/ 94): كلام المصنف أن المتغير نجس كيفما كان التغير، وعلى ذلك حملها سند والباجي وابن بشير وابن شاس وابن الحاجب.
وقال اللخمي: يريد إذا تغير إلى أحد أوصاف العذرة، وتبعه عياض.
وقال أبو إسحاق التونسي وابن رشد: إن شابه أحد أ العذرة , أو قاربها، فتحصل أن القيء على ثلاثة أقسام:
– ما شابه أحد أوصاف العذرة , أو قاربها فنجس اتفاقاً.
– وما كان على هيئة الطعام لم يتغير فطاهر اتفاقاً، لكن ألزم ابن عرفة من يقول بنجاسة الصفراء والبلغم أن يقول بنجاسة القيء مطلقاً.
– وما تغير عن هيئة الطعام ولم يقارب أحد أوصاف العذرة، قال ابن فرحون: بأن يستحيل عن هيئة الطعام ويستعد للهضم. وقال البساطي: بأن تظهر فيه حموضة، فإذا كان كذلك فهو نجس على المشهور، خلافا للخمي وأبي إسحاق وابن بشير وعياض. انتهى
♢- قال النووي في المجموع (2/ 54):
“ومذهبنا أنه لا ينتقض الوضوء بخروج شئ من غير السبيلين كدم الفصد والحجامة والقئ والرعاف سواء قل ذلك أو كثر وبهذا قال ابن عمر وابن عباس وابن أبي أوفى وجابر وأبو هريرة وعائشة وابن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر والقاسم ابن محمد وطاوس وعطاء ومكحول وربيعة ومالك وأبو ثور وداود قال البغوي وهو قول أكثر الصحابة والتابعين”. انتهى
♢- قال ابن عثيمين الشرح الممتع (1/274):
“نحن لا نخرُج عمَّا دلَّ عليه كتابُ الله، وسُنَّة رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّنا متعبَّدونَ بِشَرعِ اللهِ؛ فلا يسوغُ لنا أن نُلزِمَ عِباد اللهِ بطهارةٍ لم تَجِبْ، ولا أن نرفَعَ عنهم طهارةَ واجبةً”. انتهى
قال الشيخ عبد الله بن محمد النجمي
فالصحيح أن القيء لا ينقض الوضوء، لكن من باب الاستحباب إن أحب أن يتوضأ فلا بأس، وإلا فلا ينقض الوضوء، والحديث الوارد: «مَن أصابَهُ قَيْءٌ أوْ رُعافٌ أوْ قَلَسٌ أوْ مَذْيٌ، فَلْيَنْصَرِفْ، فَلْيَتَوَضّا، ثُمَّ لِيَبْنِ عَلى صَلاتِهِ وهُوَ فِي ذَلِكَ لا يَتَكَلَّمُ»، حديث ضعيف جدًا لا تقوم به الحجة، ضعيف جدًا لا تقوم به الحجة، ومما يدل على ضعفه قوله: «ثُمَّ لِيَبْنِ عَلى صَلاتِهِ»، كيف يقال أنه انتقض وضوؤه ويذهب يتوضأ ويبني على صلاته؟! يعني أن يكمل محل ما انتهى من صلاته، فهذا يدل على ضعف الحديث.
الراجح عند الشيخ الألباني رحمه الله أن القيء لا ينقض الوضوء و ليس بنجس
…….
1ـ قال الإمام الألباني معلقاً على قول صاحب فقه السنة إن من النجاسات القيء :
[ قلت : لم يذكر المؤلف الدليل على ذلك اللهم إلا قوله :
[ إنه متفق على نجاسته ] ؛ وهذه دعوى منقوضة فقد خالف في ذلك ابن حزم :
حيث صرح بطهارة قيء المسلم وهو مذهب :
ـ الإمام الشوكاني في الدرر البهية
ـ وصديق خان في شرحها حيث لم يذكرا في النجاسات قيء الآدمي مطلقاً
(( وهو الحق ))
ثم ذكرا أن في نجاسته خلافاً ورجحا الطهارة بقولهما :
[ والأصل الطهارة فلا ينقل عنها إلا ناقل صحيح لم يعارضه ما يساويه أو يقدم عليه ]
وذكر نحوه الشوكاني أيضاً في السيل الجرار .
وهذا الأصل قد اعتمده المؤلف في غير ما مسألة مثل :
ـ طهارة أبوال ما يؤكل لحمه
ـ وطهارة الخمر فيما ذكر هو بعد .
وهو أصل عظيم من أصول الفقه
فلا أدري ما الذي حمله على تركه هنا مع أنه ليس في الباب ما يعارضه من النصوص الخاصة ؟]
تمام المنة 53-54 . وراجع أيضا إرواء الغليل 1/148 .
3-وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي :
[ والصحيح أن الدم والقيء ونحوهما لا ينقض الوضوء قليلها ولا كثيرها لأنه لم يرد دليل بين على نقض الوضوء بها والأصل بقاء الطهارة وحديث sad إنه صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ ) نهاية ما يدل عليه استحباب الوضوء لخروج القيء لأن الفعل الذي تجرد من الأمر يدل على الاستحباب ]
غاية المرام 2/26 .