237 جامع الأجوبة الفقهية ص 278
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
ووضعت بجوار مشاركتي علامة (*)
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
97 – وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ, أَوْ رَوْثٍ، وَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَا يُطَهِّرَانِ». رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ.
مسألة : إذا استنجى بالعظام والروث فهل يجزئه ؟
♢- جواب ناصر الريسي:
♢- تخريج الحديث:
قال الحافظ: رواه الدارقطني وصححه من حديث أبي هريرة”
أخرجه ابن عدي (3/ 1179) والدارقطني (1/ 56) وابن الجوزي في “التحقيق” (119) من طريق يعقوب بن حُميد بن كاسب ثنا سلمة بن رجاء عن الحسن بن فُرات القَزَّاز عن أبيه عن أبي حازم الأشجعي عن أبي هريرة قال: فذكره.
قال الدارقطني: إسناد صحيح”
وقال ابن عدي: لا أعلم رواه عن فرات القزاز غير ابنه الحسن، وعن الحسن سلمة بن رجاء، وعن سلمة ابن كاسب، وسلمة بن رجاء أحاديثه أفراد وغرائب، ويحدث عن قوم بأحاديث لا يتابع عليها”
قلت: هو مختلف فيه: وثقه ابن حبان، وضعفه النسائي وغيره، وابن كاسب مختلف فيه كذلك، والباقون ثقات.
* وسبق التوسع في تخريجه في جامع الأجوبة الفقهية وقلنا
الخلاصة :
(أنهما لا يطهران )
زادها يعقوب بن حميد ثنا سلمة بن رجاء عن الحسن بن الفرات عن أبي حازم عن أبي هريرة
وورد عن شعبة لكنها معلة . وليس في روايته هذه الزيادة
وليس له عن شعبة أصل قاله العقيلي
قال ابن عدي وهو من حديث شعبة غير محفوظ عن فرات . ويروى عن الحسن بن الفرات القزاز عن أبيه .
والمشهور أنها من طعام الجن . فلا يصح لفظة إنهما لا يطهران .
♢- مفردات الحديث:
– أن يستنجى: الاستنجاء إزالة النجو، وهو الغائط، وتقدم معنى الغائط.
– بعظم: هو العظم المعروف، وهو قصب ينبت عليه اللحم.
– روث: جمع روثة، فضلة الدابة ذات الحافر، وأكثرها الحمير.
– إنهما لا يطهران: تعليل للنهي عن الاستنجاء بهما.
♢- فقه الحديث:
سبق وأن بحثنا في المسألة رقم 232 من جامع الأجوبة الفقهية حكم الاستنجاء بالروث والعظام ونقلنا قول الجمهور بعدم الجواز وذكرنا الاتفاق الذي نقله ابن حزم على ذلك.
ولكن في حال أنه استنجى بالعظام والروث لأي سبباً كان فهل هذا يجزئه:
اختلف العلماء فيه على قولين:
الأول: أنه لا يجزئ وهو قول أكثر أهل العلم، كما حكى ذلك ابن قدامة.
الثاني: أنه مجزئ إذا حصل الإنقاء وبه قال أبو حنيفة وبعض المالكية ورجحه الطحاوي وشيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ ابن عثيمين.
♢- استدل أصحاب القول الأول بعدم الأجزاء على ما يلي:
1- حديث أبي هريرة وفيه نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن نستنجي بروث أو عظم وقال: إنهما لا يطهران».
2- والنهي يقتضي الفساد وعدم الإجزاء.
♢- دليل من قال: إذا استنجى بها فإنه مجزئ.
قالوا: إن كان العظم والروث طعام إخواننا من الجن، فإن هذا لا يمنع من صحة الاستنجاء، كما لو استنجى بثوب غيره، فكون اعتدى على ثوب غيره لم يمنع من الاستنجاء به، وإن كان العظم والروث نجسين فإن هذا أيضاً لا يمنع من صحة الاستنجاء، لإن العظم نجاسته لا تتعدى كما لو كان خالياً من الرطوبة، وكذلك البعر الناشف لا تتعدى نجاسته إلى البدن، فهو يزيل النجاسة، ولا ينجس غيره، وبالتالي فإن النهي عن الاستنجاء منهما منفك عن كونهما ينظفان المحل، وكيف نحكم على المحل بالنجاسة وقد زالت عينها.
♢- نقل أقوال من قال أنه لا يجزئ:
♢- قال الموفق ابن قدامة في المغني (1/ 116):
مسألة: قال: إلا الروث والعظام والطعام، وجملته أنه لا يجوز الاستجمار بالروث ولا العظام، ولا يجزئ في قول أكثر أهل العلم، وبهذا قال الثوري، والشافعي، وإسحاق. وأباح أبو حنيفة الاستنجاء بهما؛ لأنهما يجففان النجاسة، وينقيان المحل، فهما كالحجر. وأباح مالك الاستنجاء بالطاهر منهما. … والنهي يقتضي الفساد وعدم الإجزاء فأما الطعام فتحريمه من طريق التنبيه؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – علل النهي عن الروث والرمة، في حديث ابن مسعود، بكونهما زاد إخواننا من الجن، فزادنا مع عظم حرمته أولى.
فإن قيل: فقد نهى عن الاستنجاء باليمين، كنهيه هاهنا، فلم يمنع ذلك الإجزاء ثم، كذا هاهنا. قلنا: قد بين في الحديث أنهما لا يطهران، ثم الفرق بينهما أن النهي هنا لمعنى في شرط الفعل، فمنع صحته، كالنهي عن الوضوء بالماء النجس، وثم لمعنى في آلة الشرط، فلم يمنع كالوضوء من إناء محرم. انتهى
♢- فتح الباري – ابن حجر (1/ 256)
وقال إنهما لا يطهران وفي هذا رد على من زعم أن الاستنجاء بهما يجزئ وأن كان منهيا عنه
♢- شرح سنن أبي داود لابن رسلان (1/ 419)
ونهى النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يستنجى بروث أو عظم، وقال: “إنهما لا يُطهران”. رواه الدارقطني، وقال: إسناده صحيح. وهذا حجة على مَالك – رضي الله عنه – في إباحته الاستنجاء بالعَظم الطاهر والروث الذي من مأكول، ووجه الاحتجاج به أن لفظه عام في الطاهِر منه والنجس، والنهي يقتضي الفسَاد، وعدم الإجزاء، فإن قيل: قد نهى عن الاستنجاء باليَمين كنهيه هَاهنا، ولم يمنع ذلك الإجزاء بخلاف هاهنا، قلنا: قد بين في الحديث أنهما لا يطهران، ثم الفرق بينهما أيضًا أن النهي هاهُنا لمعنى في شرط الفعل، فمنع صحته كالنهي عن الوُضوء بالماء النجس، وأما الاستنجاء باليمين فلمعنى في آلة الشرط فلم يمنع كالوضُوء من إناء محرم.
♢- جاء في مجلة البحوث العلمية الصادرة عن هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية (6/373):
“وعليه لا يجزئ الاستنجاء بهما، كما هو ظاهر مذهب أحمد؛ لما روى ابن خزيمة والدارقطني عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجى بعظم أو روث، وقال: إنهما لا يطهران”.
♢- نيل الأوطار (1/ 118)
وفي الحديثين دليل على وجوب اجتناب العظم والروث وعدم الاجتزاء بهما، وقوله ( إنهما لا يطهران ) يرد قول أبي حنيفة الذي أسلفناه من أنه يجزئ بهما .
♢- جاء في فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (2/37)
“الاستنجاء بالعظم والروث لا يجزى، والقول الآخر أنه إذا فعل ذلك أجزأه مع المعصية، وهذا لكونه من باب التروك ولا يحتاج إلى نية كالاستنجاء بالطعام والمغصوب. هذا كله على أصل الشيخ، فإن المطلوب السلامة من النجاسة. والأصحاب استدلوا بالنهي وبقوله «إنَّهُما لا يُطَهِّران» والاحتياط عندما يبتلى الإنسان بهذه عدم التطهير احتياطًا وخروجًا من الخلاف وفائدة هذا أنه إذا أفتى من يصلح للفتوى أو من كان عنده علم لأنه من مسائل الخلاف والمسائل الاجتهادية. ومسألة الترجيح شيء والاحتياط وما في النفس شيء. وفي الحديث «دَع ما يَريْبُكَ إلى ما لا يَريْبُكَ» فينبغي استعمال الورع والخروج من الخلاف”. انتهى
♢- نقل أقوال من قال أنه يجزئ:
♢- ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (1/ 594)
قال في البدائع: فإن فعل يعني الاستنجاء بالعظم يعتد به عندنا، فيكون مقيما للسنة، ومرتكبا للكراهة. اهـ.
♢- قال في الخرشي (1/ 151) فإن أنقت -يعني: الاستجمار بروث وعظم أجزأت. اهـ
♢- جاء في الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (1/ 211)
(وقالت) المالكية: لا يجوز الاستنجاء بالنجس كأرواث الخيل والحمير وعظم الميتة والعذرة، ولا بمحترم لكونه مطعوما لآدمي كخبز أو مكتوبا، لحرمة الحروف ولو بخط غير عربي، أو مشرفا لذاته كذهب وفضة، او حقا للغير كجدار مملوك للغير ولو وقفا. وأجزأ الاستنجاء بما ذكر مع الحرمة إن حصل الإنقاء. قالوا: ويكره الاستنجاء بعظم وروث طاهرين.
♢- قال ابن تيمية كما في الفروع (١/ ١٢٣): وانفرد شيخنا بجزائه بروث وعظم، وظاهر كلامه وبما نهي عنه، قال: لأنه لم ينه عنه لأنه لا ينقي، بل لإفساده .
♢- الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم (1/ 39)
وقال شيخ الإسلام. الاستنجاء بالرجيع لا يجوز بحال إما لنجاسته. وإما لكونه علفًا لدواب إخواننا من الجن. وقد تنازع العلماء فيما إذا استجمر بأقل من ثلاثة أحجار أو استجمر بمنهي عنه كالروث والرمة واليمين هل يجزئه؟ والصحيح أنه إذا استجمر بأقل من ثلاثة أحجار فعليه تكميل المأمور به، وأما إذا استجمر بالعظم واليمين فإنه قد يجزئه فإنه قد حصل المقصود بذلك. وإن كان عاصيًا. والإعادة لا فائدة فيها. ولكن يؤمر بتنظيف العظم مما لوثه به اهـ والجمهور أنهما لا يطهران ولعله لم يثبت عنده الخبر.
♢- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في فتح ذي الجلال والإكرام (1/ 309)
إذا صحت اللفظة وهي: “إنهما لا يطهران” فينبغي أن يحمل العظم والروث على العظم النجس، وذلك أن العظم الطاهر إذا استوى في ذلك واستجمر به إنسان فلا وجه لكونه لا يطهر، صحيح أنه حرام عليه لكن الحرام شيء، والتطهير شيء آخر، فيقال لمن استنجى أو استجمر بشيء محرم: إنه آثم، والمحل يطهر؛ لأنه من نجاسة، فإذا زالت بأي مزيل كفى.
والله أعلم…