235 جامع الأجوبة الفقهية ص 276
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
95 – وعنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الغائط قال غفرانك أخرجه الخمسة وصححه أبو حاتم والحاكم
——-
أخرجه أحمد 6/155 وأبو داود 30 والترمذي 7 وغيرهم
قال أبو حاتم الرازي كما في ((المحرر)) لمحمَّد ابن عبد الهادي (69): أصحُّ حديثٍ في هذا الباب، وقال الترمذيُّ: حسن غريب، وصحَّحه النووي في ((المجموع)) (2/ 75)، وابن الملقِّن في ((شرح البخاري)) (4/ 92)، وقال ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/ 214): حسن صحيح، وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي)(7)].
مسألة : مشروعية الدعاء عند الخروج من الخلاء.
المسالك في شرح موطأ مالك (2/ 300)
قوله: “غفرانك” هو مصدر كالغفر والمغفرة، ومثله: سبحانك، والأشهر في “سبحان الله” أنه مصدر جاء على غير المصدر، ونصبه بإضمار فعل، تقديره: “هب لنا غفرانك”.
قال الشيخ البسام في توضيح الأحكام (1/ 351):
مفردات الحديث:
– الغائط: قال القرطبي: أصل الغائط: ما انخفض من الأرض، وكانت العرب تقصد هذا الصنف من المواضع لقضاء حاجتها؛ تسترا عن أعين الناس، ثم سمي الحدث الخارج من الإنسان غائطا للمقاربة؛ فهو اسم عرفي لا لغوي.
♢- جاء في عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح:
الحديث على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند.
قال الألباني: صحيح.
قال أبوحاتم: أصح شئ في الباب.
ويوسف بن ابي بردة. وثقه العجلي وابن حبان والحاكم والذهبي.
والحديث ذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية ونقل أن الترمذي قال: غريب، وبعضهم نقل عن الترمذي أنه قال: حسن غريب. وأخرجه البخاري في الأدب.
أما زيادة (والحمدلله على نعمه) فانكرها البيهقي بأنه غير موجوده في النسخ القديمة لصحيح ابن خزيمة إنما ألحقت بخط جديد.
وكذلك لفظ (الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني … ). لا تصح. انتهى من تخريج سنن أبي داوود لشيخنا سيف الكعبي .
ذكر العلماء في تعقيبه صلى الله عليه وسلم الخروج من المتوضى بهذا الدعاء وجهين: أحدهما أنه استغفر من الحالة التي اقتضت هجران ذكر الله تعالي، فإنه كان يذكر الله على سائر أحواله إلا عند الحاجة، والآخر أنه وجد القوة البشرية قاصرة عن الوفاء بشكر ما أنعم الله عليه من تسويغ الطعام والشراب، وتقريره القوى المفطورات لمصلحة البدن، وترتيب الغذاء من حين التناول إلى أوان المخرج، فلجأ إلى الاستغفار اعترافاً بالقصور عن بلوغ حق تلك النعم. ذكره الطيبي في شرح المشكاة
قال العيني: فإن قلت ما الحكمة في قوله غفرانك إذا خرج من الخلاء قلت قد ذكروا فيه أوجها وأحسنها أنه إنما يستغفر من تركه ذكر الله تعالى مدة مكثه في الخلاء ويقرب منه ما قيل أنه لشكر النعمة التي أنعم عليه بها إذ أطعمه وهضمه فحق على من خرج سالما مما استعاذه منه أن يؤدي شكر النعمة في إعاذته وإجابة سؤاله وأن يستغفر الله تعالى خوفا أن لا يؤدي شكر تلك النعم. عمدة القاري (4/ 103).
سئل العلامة الألباني في سلسلة الهدى والنور:
السائل: بالنسبة للحمامات في هذه الأيام , فما حكم الوضوء أو … وذكر الله عزوجل فيها.؟
الشيخ: لا بأس من ذلك إطلاقا؛ لأن المشكلة إنما هي أن يذكر الله عزوجل في أثناء جلوسه لقضاء حاجته، هذا هو المحظور؛ فإذا هو انتهى من ذلك استنجى واستبرأ , وقام إلى المغسلة ولابد من التسمية حينذاك، هذا ليس فيه أي شيء , لأن هذا المكان ليس هو المرحاض، هذا حمام، المرحاض في زاوية هناك , فهناك إذا جلس لقضاء الحاجة ففي أثناء هذا الجلوس يحرم عليه ذكر الله عزوجل، وإلا قبيل ذلك لابد من التسمية قبل أن يرفع ثيابه , فلابد من الإستعاذة؛ فإذا ما جلس لقضاء الحاجة حرم عليه ذكر الله عزوجل؛ إذا انتهى من ذلك ماذا يقول؟ غفرانك، إذا انتهى من هذا القول وانتقل خطوة إلى جانب آخر من الحمام , فيذكر الله ويفعل ما يشاء من الأذكار. منقول بتصرف يسير.
♢- جاء في التعليق على الصحيح المسند (ج2/ رقم 1136) :
المطلب الثَّاني: ما يُقال عند الخروج.
يُسنُّ أن يقال عند الخُروجِ: غُفرانَك. قال ابن حجر: (والكلام هنا في مقامين: أحدهما: هل يختصُّ هذا الذِّكرِ بالأمكنة المعدَّة لذلك؛ لكونها تحضُرُها الشياطينُ، كما ورد في حديث زيد بن أرقمَ في السنن، أو يشمَلُ حتى لو بالَ في إناءٍ مثلًا في جانِبِ البيت؟ الأصحُّ الثاني) ((فتح الباري)) (1/ 244). وقال ابنُ عثيمين: (يقولُ ذلك بعد خروجه، فإنْ كان في البَرِّ فعند مفارَقَتِه مكانَ جلوسِه) ((الشرح الممتع)) (1/ 104 – 105).
الدَّليلُ مِن السُّنَّةِ:
حديث عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها وسبق
♢- قال الشيخ العثيمين رحمه الله في فتح ذي الجلال والإكرام (1/ 306):
قولها: “كان إذا خرج” يعني: إذا خرج بالفعل، يقول عند خروجه: “غفرانك”، وغفران مصدر غفر، فرجحان مصدر رجح، والشكران مصدر شكر، وهو منصوب بعامل محذوف تقديره:
أسألك غفرانك، وإنما كان يدعو بهذا الدعاء قيل: لأنه في حال قضاء الحاجة لا يذكر الله فاستغفر من أجل أنه امتنع عن ذكر الله في هذه الحال، فكأنه أضاع وقتا من عمره الثمين فاستغفر الله لذلك، وفي هذا التعليل نظر؛ لأنه إذا لم يذكر الله في هذا المكان فهو ممتثل متبع؛ ولهذا لا نقول للحائض إذا طهرت واستغفرت وصلت: استغفري الله؛ لأن امتناعها عن الصلاة بأمر الله عز وجل وقال بعض العلماء: إن سؤال المغفرة هنا له مناسبة وهو أن الإنسان لما تخلى من المؤذي الحسي تذكر المؤذي المعنوي، وهي الذنوب، فإن حمل الذنوب أشد من حمل الغائط والبول فنذكر عندئذ الذنوب فسأل الله أن يغفر له، وهذا هو الصحيح.
فيستفاد من هذا الحديث: أن الإنسان إذا خرج من الخلاء أو من الغائط فليقل: “غفرانك” اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قال قائل: ما هي المغفرة التي يسألها الإنسان دائما؟
قلنا: المغفرة هي ستر الذنب، والتجاوز عنه، وإنما وصفناها بهذين الوصفين الستر والتجاوز؛ لأن الاشتقاق يدل على هذا، فهي مشتقة من المغفر الذي يغطى به الرأس عند القتال، وهذا المغفر يفيد الرأس فائدتين:
الفائدة الأولى: الستر. والفائدة الثانية: الوقاية؛ ولهذا لا يصح أن نقول: المغفرة هي ستر الذنب، بل لابد أن نقول: هي ستر الذنب والتجاوز عنه، ويدل لهذا المعنى أن الله – سبحانه وتعالى- يوم القيامة يخلو بعبده المؤمن، ويقرره بذنوبه ويقول: “قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم”. ففرق الله عز وجل بين الستر وبين المغفرة؛ فدل ذلك على أن المغفرة ليست مجرد الستر، بل هي شيء زائد عليه. انتهى
* ما يؤخذ من الحديث:
1 – استحباب قول: “غفرانك” بعد قضاء حاجته وخروجه من المكان الذي قضى فيه حاجته، ودلالته على الاستحباب؛ لأنه لم يأت من الأدلة إلا مجرد قوله بنفسه -صلى الله عليه وسلم-، ولم يكن بيانا لمجمل يأخذ حكمه.
2 – معنى “غفرانك” أي: أسألك غفرانك من الذنوب والأوزار؛ فهو منصوب بفعل محذوف.
3 – مناسبة هذا الدعاء: أن الإنسان لما خف جسمه بعد قضاء الحاجة، وارتاح من الأذى المادي الذي كان يثقله، ذكر ذنوبه التي تثقل قلبه وتغم نفسه ويخشى عواقبها، سأل الله تعالى أنه -كما من عليه بالعافية من خروج هذا الأذى- أن يمن عليه، فيخفف عنه أوزاره وذنوبه؛ ليخف ماديا ومعنويا.
وقرره الشيخ البسام في توضيح الأحكام (1/ 351):
4 – نظير هذا: ما جاء من الذكر بعد الوضوء بقول: أشهد أن لا إله إلا الله … إلخ؛ فإن المتوضىء لما طهر ظاهره، سأل الله أن يطهر باطنه بهذه الشهادة.
5 – وردت أدعية أخرى مرفوعة، ولكن كل أسانيدها ضعيفة.
قال أبو حاتم: أصح ما في الباب حديث عائشة. انتهى
والله أعلم…