233 جامع الأجوبة الفقهية ص 274
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
ومشاركتي وضعت بجوارها(* )
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
مسألة : هل يجوز الاستنجاء بغير الروث والعظام؟
♢- جواب ناصر الريسي:
♢- للعلماء في هذه المسألة قولان:
الأول: يجوز الاستجمار بكل طاهر منق من حجر أو ورق أو خشب ونحوها، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة. وقد نقل الاتفاق: ابن حزم في مراتب الإجماع (40) حيث يقول: “واتفقوا على أن الاستنجاء بالحجارة، وبكل طاهر، ما لم يكن طعامًا، أو رجيعًا، أو نجسًا، أو جلدًا، أو عظمًا، أو فحمًا، أو حُمَمَة جائز”.
الثاني: لا يجوز إلا الماء أو الأحجار ونحوها مما هو من جنس الأرض، ولا يجوز بالورق والخشب وغيرها من غير جنس الأحجار، وهو وجه عند الحنابلة واختيار أصبغ من المالكية، وابن حزم من الظاهرية.
انظر: البحر الرائق (1/ 253)، المنتقى (1/ 67، 68)، مواهب الجليل (1/ 286)، المجموع (2/ 130)، المغني (1/ 103)، الإنصاف (1/ 109)، المحلى (1/ 108)، مراتب الإجماع” (288)
♢- أدلة الجمهور على قولهم بالجواز:
الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه كان يحمل مع النبي – صلى الله عليه وسلم – إداوة لوضوئه وحاجته، فبينما هو يتبعه بها فقال: من هذا؟ فقال: أنا أبو هريرة. فقال: ابغني أحجاراً أستنفض بها، ولا تأتني بعظم ولا بروثة، فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي حتى وضعت إلى جنبه، ثم انصرفت حتى إذا فرغ مشيت، فقلت: ما بال العظم والروثة؟ قال: هما من طعام الجن، وإنه أتاني وفد جن نصيبين، ونعم الجن، فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعاماً. صحيح البخاري (3860).
فقوله: ” ولا تأتني بعظم ولا روثة ” لما خص النهي بالعظم والروثة دل على جواز غيرهما، ولو لم يكن حجراً كالورق والخشب.
الدليل الثاني: عن عبد الله قال: أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثة، فأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال: هذا ركس. صحيح البخاري (156).
وجه الاستدلال:
أن النبي – صلى الله عليه وسلم – علل منع الاستنجاء بها بكونها ركساً، ولم يعلل بكونها غير حجر. وهذا يعني جواز الاستنجاء بكل طاهر منق لم يكن رجساً.
الدليل الثالث: عن مولى عمر يسار بن نمير، قال كان عمر رضي الله عنه إذا بال قال: ناولني شيئا أستنجي به، قال: فأناوله العود والحجر، أو يأتي حائطاً يتمسح به، أو يمس الأرض ولم يكن يغسله.
قال البيهقي في سننه (1/ 111).: وهذا أصح ما روي في هذا الباب وأعلاه.
الدليل الرابع: عن سلمان قال: قيل له: قد علمكم نبيكم – صلى الله عليه وسلم – كل شيء حتى الخراءة، قال: فقال: أجل، لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم. صحيح مسلم (262).
الدليل الخامس: عن جابر قال: نهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يتمسح بعظم أو ببعر.
مسلم كتاب الطهارة، باب الاستطابة، (ح 263)، (1/224).
وجه الدلالة في الحديث الرابع والخامس: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد خص في هذين الحديثين هذه الأشياء؛ فيدل بمفهوم المخالفة أن ما عدا المستثنى في النصوص غير داخل في الحكم معها، بل يجوز الاستجمار بها.
الدليل السادس: من النظر، قالوا: إن النجاسة عين خبيثة، متى زالت بأي مزيل زال حكمها، وليس التعبد بالمزيل، ولكن التعبد بالإزالة، فالحجر وما كان مثله أو أنقى منه يحصل به المقصود، وهو طهارة المحل.
وقالوا: أن العبرة بتنقية المحل، وأن لا يكون المنقي شيئا محترمًا، ولا نجسًا، فإذا لم يكن هذا، ولا ذاك، وكان منقيًا للمحل؛ فلا مانع من استِخدامه.
♢- دليل من قال بوجوب الاقتصار على الماء أو الحجارة.
قالوا: أن الاستنجاء يقتصر على ما رود فيه النص، وقد جاء الاستنجاء بالماء والحجارة في أحاديث كثيرة، ولم يرد النص في الاستنجاء إلا بالماء أو الحجارة، فطلب الاستنجاء بغيرهما لم يدل عليه الدليل، فلا يجوز الاستنجاء به، ولا يرى ابن حزم القياس حتى يقيس على الحجارة غيرها مما يزيل النجاسة، أو ربما يكون أنقى منها في الإزالة.
ورد عليه: بأنه كيف جوزتم الاستجمار بالرمل والتراب مع أنه لم يأت به نص، فإن كان الدليل هو الاستجمار بالحجارة، فهذا باب من القياس، وأنتم لا ترون القياس، وإن كان اتباعاً للدليل فلا نعلم نصاً في السنة في الاستجمار بالرمل والتراب.
واستدل بعضهم من وجه آخر، فقال: إن الاستجمار رخصة، فيقتصر بها على ما ورد. انظر: مواهب الجليل (1/ 286).
♢- قال ابن المنذر في الأوسط (1/ 353):
لا نحفظ عن رسول الله شيئاً من الأخبار أنه أمر بالاستنجاء بغير الحجارة، ومن استنجى بالحجارة كما أمر به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقد أتى بما عليه، وإن استنجى بغير الحجارة، فالذي نحفظ عن جماعة من أهل العلم أنه قالوا: ذلك جائز، والاستنجاء بالحجارة أحوط. انتهى
♢- * قال ابن تيمية وهو يذكر شروط ما يجوز أن يستنجى به :
الثّالِثُ: أنْ يَكُونَ مُنْقِيًا؛ لِأنَّ الإنْقاءَ هُوَ مَقْصُودُ الِاسْتِجْمارِ فَلا يُجْزِئُ بِزُجاجٍ ولا فَحْمٍ رَخْوٍ ولا حَجَرٍ أمْلَسَ. الرّابِعُ: أنْ (لا) يَكُونَ مُحْتَرَمًا مِثْلَ الطَّعامِ، ولا يَجُوزُ الِاسْتِنْجاءُ بِهِ سَواءٌ فِي ذَلِكَ طَعامُ الإنْسِ والجِنِّ وعَلَفُ دَوابِّ الإنْسِ والجِنِّ.
شرح العمدة ص١٥٩
يعني يجوز الاستنجاء بكل شيء تتوفر فيه الشروط ولا يشترط الماء والحجارة
♢* – فتوى للجنة الدائمة :
يجوز استعمال المناديل والأوراق ونحوهما في الاستجمار وتجزئ إذا أنقت ونظفت المحل من قبل أو دبر، والأفضل أن يكون استعمال ما يستجمر به وترا، ويجب ألا ينقص عن ثلاث مسحات، ولا يجب استعمال الماء بعده، لكنه سنة. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم» انتهى.
«فتاوى اللجنة الدائمة» (٥/١٢٥).
♢- قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع (1/ 132):
قوله: «ويشترط للاستجمار بأحجار ونحوها»، الأحجار جمع حجر.
«ونحوها» مثل: المدر؛ وهو: الطين اليابس المتجمد، والتراب، والخرق، والورق، وما أشبه ذلك كالخشب. انتهى
والله أعلم..