231 جامع الأجوبة الفقهية ص 272
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بلوغ المرام
مسألة : الحجر الكبير الذي له ثلاث شعب،هل يقوم مقام ثلاثة أحجار؟
♢- جواب ناصر الريسي:
♢- بعد أن بحثنا في المسألة السابقة اختلاف العلماء في اشتراط ثلاثة أحجار في الاستجمار أم المقصود هو الإنقاء، اختلف القائلون باشتراط ثلاثة أحجار، هل المطلوب ثلاث مسحات، بحيث يكفي الحجر الواحد إذا كان ذا ثلاث شعب، أو لا بد من ثلاثة أحجار؟.
للعلماء في هذه المسألة قولين:
♢- الأول: أنه يجزئه الحجر الكبير الذي له ثلاثة شعب، ويقوم مقام ثلاثة أحجار، وهو قول الشافعي وإسحاق وأبو ثور وأحمد في روايه ورجحه الشيخ ابن عثيمين.
♢- الثاني: أنه لا يجزئه أقل من ثلاثة أحجار، وهو رواية عن أحمد ورجحه ابن المنذر واختاره ابن حزم.
انظر: المهذب (1/ 27)، تحفة المحتاج (1/ 182)، كشاف القناع (1/ 69)، المغني (1/117)، الأوسط (1/354)، المحلى (1/108).
♢- ادلة القول الأول: وهو أنه يكفي حجر واحد له ثلاثة شعب.
الدليل الأول:
قالوا: إن الشارع لما نص على ثلاثة الأحجار أراد من المستجمر ألا يتكفي بمسح المحل مرة واحدة، بل يكرر المسح ثلاث مرات، فكان المعنى ثلاثة أحجار: أي ثلاث مسحات، وإذا كان ذلك كذلك كان هذا حاصلاً ولو بحجر واحد، والدليل على صحته أنه لو مسح بطرف واحد ورماه، ثم جاء شخص آخر، فمسح بطرفه الآخر لأجزأهما بلا خلاف، واعتبر لكل واحد منهما مسحة. وأيضاً لو استجمر، ثم كسر المتنجس منها، واستجمر به ثانية لعد حجرين، وكذا لو غسله، ثم استنجى به.
♢- أدلة القول الثاني: وهو وجوب الإنقاء ولو بأقل من الثلاثة أحجار
الدليل الأول:
حديث سلمان رضي الله عنه: ” ونهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار” فمن استنجى بحجر واحد ثلاث مسحات يكون قد استنجى بحجر واحد، وقد وقع في ما نهى عنه رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ولو كان المقصود ثلاث مسحات لجاء بها النص، والرسول – صلى الله عليه وسلم – أعطي جوامع الكلم، فلما لم يأت نص بالتعبير بالمسح، لزم الأخذ بظاهر النص، وأنه لا بد من ثلاثة أحجار.
الدليل الثاني:
قال ابن المنذر: ليس يخلو الأمر بثلاثة أحجار من أحد أمرين: إما أن يكون أريد بها إزالة نجاسة، فإن كان هكذا فبما أزيلت النجاسة يجزي بحجر وغير حجر ولو أزيلت بحجر واحد. أو يكون عبادة فلا يجزي أقل من العدد. أو معنى ثالثاً.
فيقال: أريد بها إزالة نجاسة وعبادة، فلما بطل المعنى الأول لم يبق إلا هذان المعنيان، ولا يجزي في واحد من المعنيين إلا بثلاثة أحجار؛ لأن العبادات لا يجوز أن ينتقص عددها، والخبر يدل على صحة ما قاله هذا القائل، وذلك موجود في حديث سلمان: “لا يكفي أحدكم دون ثلاثة أحجار” وكلما أمر الناس بعدد شيء لم يجز أقل منه، ولا يجزي أن أن ترمي الجمرة مع سبع حصيات، مع أن قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مستغنى به عن غيره، ولا تأويل لما قال: ” لا يكفي أحدكم دون ثلاثة أحجار ” لمتأول معه.
وأجيب عنه:
أن قياسه على الرمي فيه نظر، فالرمي عبادة غير معقولة المعنى، بخلاف إزالة النجاسة.
♢- قال ابن قدامة في المغني (1/ 117):
“والحجر الكبير الذي له ثلاث شعب يقوم مقام ثلاثة أحجار وبهذا قال الشافعي وإسحاق وأبو ثور وعن أحمد رواية أخرى لا يجزئ أقل من ثلاثة أحجار. وهو قول أبي بكر بن المنذر؛ لقوله عليه السلام: «لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار. ولا يكفي أحدكم دون ثلاثة أحجار» ولأنه إذا استجمر بحجر تنجس؛ فلا يجوز الاستجمار به ثانيا كالصغير.
ولنا: أنه إن استجمر ثلاثا منقية بما وجدت فيه شروط الاستجمار، أجزأه، كما لو فصله ثلاثة صغارا واستجمر بها، إذ لا فرق بين الأصل والفرع إلا فصله ولا أثر لذلك في التطهير، والحديث يقتضي ثلاث مسحات بحجر دون عين الأحجار كما يقال ضربته ثلاثة أسواط أي ثلاث ضربات بسوط وذلك لأن معناه معقول ومراده معلوم، ولذلك لم نقتصر على لفظه في غير الأحجار، بل أجزنا الخشب والخرق والمدر والمعنى من ثلاثة حاصل من ثلاث شعب أو مسحه ذكره في صخرة عظيمة، بثلاثة مواضع منها أو في حائط أو أرض فلا معنى للجمود على اللفظ مع وجود ما يساويه من كل وجه.
وقولهم: تنجس قلنا: إنما تنجس ما أصاب النجاسة، والاستجمار. حاصل بغيره، فأشبه ما لو تنجس جانبه بغير الاستجمار؛ ولأنه لو استجمر به ثلاثة لحصل لكل واحد منهم مسحة وقام مقام ثلاثة أحجار فكذلك إذا استجمر به الواحد، ولو استجمر ثلاثة بثلاثة أحجار لكل حجر منها ثلاث شعب، فاستجمر كل واحد منهم من كل حجر بشعبة، أجزأهم ويحتمل على قول أبي بكر أن لا يجزئهم.
♢- قال ابن حجر في فتح الباري (1/ 257)”
“والدليل على صحته أنه لو مسح بطرف واحد ورماه ثم جاء شخص آخر فمسح بطرفه الآخر لأجزأهما بلا خلاف”. انتهى
♢- * سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب: عن العروض، هل تجزئ في الزكاة إذا أخرجت بقيمتها؟
فأجاب: المسألة فيها روايتان عن أحمد: إحداهما: المنع، لقوله:»في كل أربعين شاة: شاة، وفي مائتي درهم: خمسة دراهم «١، وأشباهه. والثانية: يجوز، قال أبو داود: سئل أحمد عن رجل باع ثمر نخله؟ فقال: عشره على الذي باعه، قيل: يخرج ثمرًا أو ثمنه؟ قال: إن شاء أخرج ثمرًا، وإن شاء أخرج من الثمن ….. ورجح الشيخ محمد بن عبدالوهاب الجواز واستدل لذلك بنصوص شرعية وأيضا قال : كما أنه ﷺ لما أمر المستجمر بثلاثة أحجار، بل نهى أن ينقص عن ثلاثة أحجار، لم يجمدوا على مجرد اللفظ، بل قالوا: إذا استجمر بحجر واحد له ثلاث شعب أجزأه؛ ولهذا نظائر أنه يأمر بالشيء، فإذا جاء مثله أو أبلغ منه أجزأ
فتاوى ومسائل (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الرابع) ١/٩٥
♢- * وعلماء اللجنة ينصون على ثلاث مسحات ولا يذكرون اشتراط عدد في الأحجار :
فقد سئلوا :
السؤال العاشر من الفتوى رقم ٢٩٢٢
س ١٠: نستعمل في بريطانيا المناديل والأوراق في الاستنجاء في الحمامات فهل يجب استعمال الماء بعد استعمال المناديل أو لا؟
جـ ١٠: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه.. وبعد:
يجوز استعمال المناديل والأوراق ونحوهما في الاستجمار وتجزئ إذا أنقت ونظفت المحل من قبل أو دبر والأفضل أن يكون استعمال ما يستجمر به وترا ويجب ألا ينقص عن ثلاث مسحات ولا يجب استعمال الماء بعده، لكنه سنة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
♢- قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (1/ 137):
“قوله: «ولو بحجر ذي شعب»، «لو»: إشارة خلاف؛ لأن بعض العلماء قال: لا بد من ثلاثة أحجار ؛ مقتصرا في ذلك على الظاهر من الحديث، ولا شك أن هذا أكمل في الطهارة، إذ إن الحجر ذا الشعب قد يكون في أحد جوانبه شيء من المسحة الأولى وهو لم يعلم به، لكن من نظر إلى المعنى قال: إن الحجر ذا الشعب كالأحجار الثلاثة إذا لم تكن شعبه متداخلة بحيث إذا مسحنا بشعبة اتصل التلويث بالشعبة الأخرى.
وهذا هو الراجح في ذلك؛ لأن العلة معلومة، فإذا كان الحجر ذا شعب واستجمر بكل جهة منه صح.
وقال بعض العلماء: إن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترط ثلاثة أحجار؛ لأجل أن يكون حجر للصفحة اليمنى، وآخر لليسرى، وآخر لحلقة الدبر”. انتهى
♢- قال الشيخ عبدالمحسن العباد في شرح سنن أبي داود (ص: 2):
“وهذا الحديث فيه دلالة على استعمال الحجارة واستعمال الثلاث، وأنه لا يستنجى بأقل من ثلاثة أحجار، إلا إذا كان الحجر كبيراً وله ثلاث شعب فإن كل شعبة بمنزلة الحجر، كما قال بعض أهل العلم: إذا استنجى بحجر كبير له ثلاث شعب فإن ذلك يقوم مقام الثلاثة الأحجار”. انتهى
♢- قال الشيخ الراجحي في شرح عمدة الفقه (2/26):
“وأما إذا كان الاستجمار بحجر واحد له ثلاث جهات -أي: ثلاث شعب- فإنه يجزئ عند العلماء”.
♢- قال الشيخ البسام في توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 354):
“تقدم في حديث سلمان: أن المراد هو المسحات الثلاث، ولو بحجر واحد ذي ثلاث شعب”. انتهى
والله أعلم…