193 جامع الأجوبة الفقهية ص 233
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسألة : خروج الريح من ذكر الرجل أو فرج المرأة
♢- جواب ناصر الريسي :
سبق وأن نقلنا كلام أهل العلم في مسألة انتقاض الوضوء بسبب خروج الريح من الدبر وقد نُقل الإجماع على ذلك
♢- ولكن ماذا إذا كان خروج الريح من غير الدبر كأن تخرج من ذكر الرجل أو فرج المرأة؟
في هذه الصورة اختلف أهل العلم على قولين:
♢- الأول: أنه ينتقض الوضوء، وهذا قول الشافعية والحنابلة وقال به محمد بن الحسن من الحنفية وقال به ابن المبارك.
♢- القول الثاني: أنه لا ينقض الوضوء، وبه قال الحنفية والمالكية وافتت به اللجنة الدائمة للإفتاء.
انظر: بدائع الصنائع (1/ 25)، الأم للشافعي (1/ 31)، المجموع (2/ 4)، (1/125)، رد المحتار (1/136)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/118)، المغني (1/125).
♢- استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
1- حديث عبد اللَّه بن زيد بن عاصم -رضي اللَّه عنه-، قال: شكي إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: “لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا”. أخرجه البخاري (137) (1/ 50)، ومسلم (361)
2- عن أبيه عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لا وضوء إلا من صوت أو ريح. قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح قال الشيخ الألباني : صحيح اخرجه الترمذي برقم (74)
قالوا بأن هذه الأحاديث الصحيحة هي عامة تتناول الريح من قبلي الرجل والمرأة ودبرهما
3- أن كل واحد منهما قبل المرأة وذكر الرجل مسلك النجاسة كالدبر فكانت الريح الخارجة منهما كالخارجة من الدبر فيكون حدثا
4- أنه خارج من أحد السبيلين فيقاس على سائر الخوارج.
♢- استدل أصحاب القول الثاني بما يلي:
1- أن الريح ليست بحدث في نفسها لأنها طاهرة، وخروج الطاهر لا يوجب انتقاض الطهارة، وإنما انتقاض الطهارة بما يخرج بخروجها من أجزاء النجس، وموضع الوطء من فرج المرأة ليس بمسلك البول فالخارج منه من الريح لا يجاوره النجس.
2- ولأنه خارج غير معتاد، ولعدم ورود الدليل الصريح بالنقض والأصل بقاء الوضوء.
3- أنه اختلاج لا ريح، فلا ينقض كالريح الخارجة من الدبر.
♢- قال الإمام الكاساني في بدائع الصنائع (1/ 25)
“وأما الريح الخارجة من قبل المرأة، أو ذكر الرجل فلم يذكر حكمها في ظاهر الرواية. وروي عن محمد أنه قال فيها الوضوء، وذكر الكرخي أنه لا وضوء فيها إلا أن تكون المرأة مفضاة فيخرج منها ريح منتنة فيستحب لها الوضوء وجه رواية محمد أن كل واحد منهما مسلك النجاسة كالدبر فكانت الريح الخارجة منهما كالخارجة من الدبر فيكون حدثا وجه ما ذكره الكرخي أن الريح ليست بحدث في نفسها لأنها طاهرة، وخروج الطاهر لا يوجب انتقاض الطهارة، وإنما انتقاض الطهارة بما يخرج بخروجها من أجزاء النجس، وموضع الوطء من فرج المرأة ليس بمسلك البول فالخارج منه من الريح لا يجاوره النجس، وإذا كانت مفضاة فقد صار مسلك البول، ومسلك الوطء مسلكا واحدا فيحتمل أن الريح خرجت من مسلك البول فيستحب لها الوضوء، ولا يجب؛ لأن الطهارة الثابتة بيقين لا يحكم بزوالها بالشك، وقيل إن خروج الريح من الذكر لا يتصور، وإنما هو اختلاج يظنه الإنسان ريحا هذا حكم السبيلين”. انته
♢- قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع (2/4) :
“الخارج من قبل الرجل أو المرأة أو دبرهما ينقض الوضوء سواء كان غائطا أو بولا أو ريحا أو دودا أو قيحا أو دما أو حصاة أو غير ذلك ولا فرق في ذلك بين النادر والمعتاد ولا فرق في خروج الريح بين قبل المرأة والرجل ودبرهما نص عليه الشافعي رحمه الله في الأم واتفق عليه الأصحاب قال أصحابنا ويتصور خروج الريح من قبل الرجل إذا كان آدر وهو عظيم الخصيين وكل هذا متفق عليه في مذهبنا”. انتهى
♢- وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني (1/125) :
” نقل صالح عن أبيه في المرأة يخرج من فرجها الريح : ما خرج من السبيلين ففيه الوضوء . وقال القاضي : خروج الريح من الذكر وقبل المرأة ينقض الوضوء ” انتهى
♢- جاء في رد المحتار على الدر المختار (1/136) : ” لا – ينقض – خروجُ ريح مِن قُبُل وَذَكر ؛ لأنه اختلاج ؛ أي ليس بريح حقيقة ، ولو كان ريحا فليست بمنبعثة عن محل النجاسة فلا تنقض ” انتهى
♢- وقال العلامة الدردير المالكي رحمه الله الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/118):
” إذا خرج الخارج المعتاد من غير المخرجين ، كما إذا خرج من الفم ، أو خرج بول من دبر ، أو ريح من قبل ، ولو قبل امرأة ، أو من ثقبة ، فإنه لا ينقض” انتهى
♢- قال الإمام الترمذي في سننه بعد ان أورد حديث أبو هريرة (1/ 109):
“هذا حديث حسن صحيح وهو قول العلماء أن لا يجب عليه الوضوء إلا من حدث يسمع صوتا أو يجد ريحا وقال [ عبد الله ] بن المبارك إذا شك في الحدث فإنه لا يجب عليه الوضوء حتى يستيقن استيقاناً يقدر أن يحلف عليه وقال إذا خرج من قبل المرأة الريح وجب عليها الوضوء وهو قول الشافعي و إسحق”. انتهى
♢- سُئلت اللَّجنة الدَّائمة برئاسة ابن باز: (امرأةٌ إذا دخلت في الصَّلاة وأخذَت في الركوع والسُّجود، وخاصَّةً أثناء السُّجود والجلوس بين السَّجدتين والجلوس للتشهُّد يخرُج من فرْجها الهواءُ، بحيث يسمَعُه المحيطون بها؛ فهل تبطُلُ صلاة المرأةِ بذلك؟ وأحيانًا يخرُجُ هواءٌ قليل جدًّا لا يسمَعُه أحدٌ؛ فهل يبطُلُ الوضوءُ والصَّلاة أيضًا؟ فأجابت:… خروجُ الهواء من القُبُل لا ينقُضُ الوضوء). ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (5/259).
وللَّجنة تفصيلٌ آخَر جيِّد، وفيه: (أنَّ للرِّيح الخارجةَ مِن القُبل حالينِ: الحال الأولى: أن تكون ناشئةً عن توسُّع الفرْجِ؛ لتَكرار الولادةِ عند المرأة، فيدخُلُ الهواءُ العادي لأسباب معيَّنة من قعود أو استلقاءٍ، ونحو ذلك، ثم يخرُجُ من الفرْج عند تغيُّرِ حال الجِسم، مُحدِثًا صوتًا لا صلةَ له بفضلات الأكْلِ أو الأمعاء، وفي هذه الحال لا تُعتبَرُ هذه الرِّيحُ ناقضةً للوضوءِ.
الحال الثَّانية: أن تكونَ الرِّيحُ ناشئةً عن تسرُّبِ الغازات من المُصران الغليظ إلى الفرْج؛ لوجود شقٍّ بين جدارِ المهبل الخَلفي والمُصرانِ الغليظ، وفي هذه الحالِ تُعتبَر هذه الرِّيح ناقضةً للوضوء؛ لأنَّ حقيقَتَها فُساءٌ، لكنَّه خرج من غير مخرَجِه. ويُعرفُ التفريقُ بين الحالَينِ بمراجعةِ أهلِ الاختصاصِ مِن الطَّبيبات). ((فتاوى اللجنة الدائمة – 2)) (4/109- 110).
واعتمدوا في تفصيلهم على تقرير طبي فقالوا قي بعض اجوبتهم :
بناء على التقرير الطبي الوارد إلى اللجنة في هذا الموضوع، والذي ينص على الآتي:
١ – إن خروج الهواء من الفرج من الأمراض البسيطة والشائعة عند النساء، وهذه الشكوى تحدث نتيجة لتوسع الفرج بعد الولادات المتكررة للمرأة، فعند جلوس المرأة أو استلقائها يدخل الهواء العادي من جو الغرفة أو مكان جلوسها إلى الفرج، وكذلك أثناء الجماع، وعند ارتفاع الضغط بداخل البطن كمحاولة القيام من وضع الجلوس أو الكحة، أو رفع جسم ثقيل، يخرج الهواء من الفرج محدثا صوتا وكأنه الفساء الذي يحدث من المصران والشرج.
وهذا الذي يخرج من الفرج عبارة عن هواء عادي، وليس له أي صلة بالفساء أو بفضلات الأكل أو الأمعاء، وبالإمكان معالجة هذا الأمر بإجراء عملية جراحية لتضييق الفرج.
فتاوى اللجنة الدائمة – 2 ٤/١٠٨ — اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (معاصر)