161 جامع الأجوبة الفقهية ص 199
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا )
——-‘——-‘——-
——-‘——-‘——-
——-‘——-‘——-
161 مسألة: كم هو القدر المجزئ في المسح؟
♢- جواب ناصر الريسي:
اختلف الفقهاء في القدر المجزئ في المسح على الخفين على أربعة أقوال:
الاول: وجوب مسح مقدار ثلاثة أصبع فما فوق، وهذا مذهب الحنفية.
♢- قال في المحيط البرهاني (1/ 167): “ولو مسح برؤوس الأصابع وجافى أصول الأصابع والكف لا يجوز، إلا أن يبلغ ما ابتل من الخف عند الوضع مقدار الواجب وذلك ثلاثة أصابع”. انتهى
الثاني: يجب استيعاب أعلى الخف بالمسح، وهو مذهب المالكية
♢- قال الباجي في المنتقى (1/ 82): ” وهل عليه استيعاب الممسوح من الخف بالمسح أم لا؟ الظاهر من المذهب وجوب الاستيعاب “.
الثالث: يجزئ مقدار ما يقع عليه اسم المسح في محل الفرض، وهو مذهب الشافعية، وبه قال سفيان، وهو مذهب داود الظاهري، ورجحه ابن حزم.
♢- قال الإمام الشافعي في الأم (8/ 103): “وكيفما أتى بالمسح على ظهر القدم بكل اليد، أو ببعضه أجزأه”. انتهى
♢- وقال ابن حزم في المحلى: (1/ 343): “وما مسح من ظاهرهما بأصبع أو أكثر أجزأ “. انتهى
♢- قال الإمام النووي في المجموع (1/ 522): “الاقتصار على أقل جزء من أعلاه فوافقنا عليه الثوري وأبو ثور وداود”. انتهى
الرابع: يجب أن يمسح أكثر ظاهر الخف، وهو مذهب الحنابلة.
♢- قال ابن قدامة في المغني (1/ 217): “والمجزئ في المسح أن يمسح أكثر مقدم ظاهره خطوطا بالأصابع”.
♢- استدل الحنفية لقولهم بالتالي:
1- عن أبي العلاء، قال: رأيت قيس بن عباد بال، ثم أتى دجلة، فمسح على الخف، وفرج بينهما، فرأيت أثر أصابعه في الخف. رواه عبد الرزاق في المصنف (1/ 219) رقم (852). فيه أبو العلاء يريم والد هبيرة، ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 313)، ولم يذكر راوياً عنه إلا أبا إسحاق، وسكت عليه، فلم يذكر فيه شيئاً.
2- عن أيوب، قال: رأيت الحسن بال، ثم توضأ، فمسح على خفيه مسحة واحدة على ظهورهما، قال: فرأيت أثر أصابعه على الخف. رواه عبد الرزاق في المصنف (851). ورواه ابن أبي شيبة (1/ 166)، قال: حدثنا فضيل بن عياض، عن هشام، عن الحسن، قال: المسح على الخفين خطاً بالأصابع.
وجه الاستدلال من الأثرين:
قوله في الأثرين: ” فرأيت أثر أصابعه “، والأصابع: اسم جمع، وأقل الجمع الصحيح ثلاثة، فكان هذا تقديراً للمسح ثلاثة أصابع اليد. وقدرناها بأصابع اليد؛ لأنها آلة المسح؛ ولأن الفرض يتأدى بها بيقين؛ لأنها ظاهرة محسوسة، فأما أصابع الرجل فمستترة بالخف، لا يعلم مقداره إلا بالحرز والظن، فكان التقدير بأصابع اليد أولى.
♢- واستدل المالكية لقولهم بالأحاديث الدالة على مسح ظاهر الخف، فإنها نصت على مسح الظاهر، ولو كان المقصود أكثر الظاهر أو بعضه لنقل. منها:
1- عن على رضي الله تعالى عنه قال: ما كنت أرى باطن القدمين إلا أحق بالغسل حتى رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يمسح على ظهر خفيه. رواه أبوداود في سننه (163).
قلت سيف بن دورة : صححه ابن حجر والألباني وهو كما قالا
وجه الاستدلال: فهذا الحديث نص على مسح ظاهر الخف، وهو دليل على وجوب استيعاب ظاهر الخف، ولو كان يغني أكثر الظاهر لنقل.
2- عن المغيرة بن شعبة أنه قال: رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يمسح على ظهور الخفين. رواه أحمد في المسند (4/ 246،247).
قلت سيف بن دورة :
قال الألباني: حسن صحيح.
– وقد قال البخاري في ((التاريخ الأوسط)) فيما نقله الحافظ في “التلخيص” 1/159: ((ثنا محمد بن الصباح، ثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة بن الزبير، عن المغيرة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وإله وسلم يمسح على خفيه، ظاهرهما)) .قال البخاري: ((وهذا أصح من حديث رجاء، عن كاتب المغيرة)). أهـ.
وجه الاستدلال من هذا الحديث كالاستدلال بالذي قبله.
3 – عن حميد بن مخراق الأنصاري، أنه رأى أنس بن مالك بقباء مسح ظاهر خفيه بكفيه مسحة واحدة. رواه ابن المنذر في الأوسط (1/ 453) والبيهقي في السنن (1/ 292). وحميد بن مخراق ذكره ابن أبي حاتم، وسكت عنه، فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الجرح والتعديل (3/ 228)، وبقية رجال الإسناد ثقات.
4- عن هشام بن عروة، أنه رأى أباه يمسح على الخفين، قال: وكان لا يزيد إذا مسح على الخفين على أن يمسح على ظهورهما، ولا يمسح بطونهما (2). رواه مالك في الموطأ (1/ 38).
♢- واستدل الشافعية على قولهم ومن وافقهم:
♢- قال الإمام النووي في المجموع (1/522): ” واحتج أصحابنا بأن لامس ورد مطلقا ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في تقدير واجبه شئ فتبين الاكتفاء بما يطلق عليه الاسم فإن قالوا لم ينقل الاقتصار على مطلق الاسم قلنا لا يفتقر ذلك إلى نقل لأنه مستفاد من إطلاق إباحة المسح فإنه يتناول القليل والكثير ولا يعدل عنه إلا بدليل فإن قالوا لا يسمى ذلك مسحا قلنا هذا خلاف اللغة فلا خلاف في صحة إطلاق الاسم عندهم. وأما الجواب عن دلائلهم فكلها تحكم لا أصل لشئ منها: وأما حديث علي رضي الله عنه فجوابه من أوجه أحسنها أنه ضعيف فلا يحتج به والثاني لو صح حمل على الندب جمعا بين الأدلة: الثالث أنه قال مسح بأصابعه ولا يقولون بظاهره فإن تأولوه فليس تأويلهم أولى من تأويلنا وأما قول الحسن فجوابه من وجهين أحدهما أنه ليس بحجة فإن قول التابعي من السنة كذا لا يكون مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل هو موقوف هذا هو الصحيح المشهور قال القاضي أبو الطيب وقال بعض أصحابنا هو مرفوع مرسل وقد سبق بيان هذا في مقدمة الكتاب والثاني لو كان حجة لحمل على الندب
وأما قولهم لو مسح بشعرة فجوابه إن سمي ذلك مسحا قلنا بجوازه وإلا فلا يرد علينا .
وقولهم لا يسمى المسح بالاصبع مسحا لا نسلمه .
وقولهم يجب الرجوع إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم جوابه أنه لم يثبت التقدير الذي قالوه وقياسهم على التيمم جوابه أنه لا يصح إلحاق ذا بذاك لأنا أجمعنا على الاستيعاب هناك دون هنا فتعين ما ينطلق عليه الاسم والله أعلم. انتهى
♢- استدل الحنابلة على القول وجوب مسح أكثر ظاهر الخف بما يلي:
إذا كان المسح بالأصابع على ظاهر الخف، فإن هذا دليل على أنه لا يستوعب الظاهر بل يكفي مسح أكثر الظاهر.
1- عن جابر رضي الله عنه، قال: مر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – برجل يتوضأ، ويغسل خفيه، فقال بيده – كأنه دفعه – إنما أمرت بالمسح، وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بيده هكذا من أطراف الأصابع إلى أصل الساق، وخطط بالأصابع (1). رواه ابن ماجه في سننه (551). والحديث ضعيف، في إسناده جرير بن يزيد: قال الذهبي: تفرد عنه بقية، ولا يعتمد عليه لجهالته. الميزان (1/ 397).
2- عن أيوب، قال: رأيت الحسن بال، ثم توضأ، فمسح على خفيه مسحة واحدة على ظهورهما، قال: فرأيت أثر أصابعه على الخف. رواه عبد الرزاق في مصنفه (851)
3- عن عيسى بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: رأيت عمر بن الخطاب بال، فتوضأ، ومسح على خفيه، قال: حتى إني لأنظر إلى أثر أصابعه على خفيه. رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 166).
قلت سيف بن دورة : فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى سيئ الحفظ
4- عن الفضل بن مبشر، قال: رأيت جابر بن عبد الله يتوضأ، ويمسح على خفيه على ظهورهما مسحة واحدة إلى فوق، ثم يصلي الصلوات كلها، قال: ورأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصنعه، فأنا أصنع كما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (1). رواه ابن المنذر في الأوسط (1/ 454). ) فيه زياد بن عبد الله البكائي، جاء في ترجمته: قال أحمد: ليس به بأس، حديثه حديث أهل الصدق. الجرح والتعديل (3/ 537).
قلت سيف بن دورة : فيه الفضل بن مبشر فيه لين
5- عن المغيرة بن شعبة، قال: رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بال، ثم جاء حتى توضأ، ومسح على خفيه، ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن، ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة حتى كأني أنظر إلى أصابع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على الخفين. رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 170).
قلت سيف بن دورة : قال الدارقُطني : والحسن لم يسمع هذا من المغيرة وإنما سمعه من حمزة بن المغيرة عن أبيه العلل 1236
ولفظ حديث الحسن عن بن المغيرة عن المغيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفين .
6- قالوا: أن لفظ المسح ورد مطلقا، وفسره النبي بفعله، فيجب الرجوع إلى تفسيره. انظر: المغني (1/217).
والله أعلم.