96 جامع الأجوبة الفقهية
بإشراف ناصر الريسي وسعيد الجابري وسيف الكعبي.
——–
مسألة : إذا قطعت يده فما هو محل الفرض في الوضوء
♢- مشاركة مجموعة ناصر الريسي
♢- قال في بدائع الصنائع (1/4): والمرفقان يدخلان في الغسل عند أصحابنا الثلاثة، وعند زفر لا يدخلان، ولو قطعت يده من المرفق، يجب عليه غسل موضع القطع عندنا خلافا له.
وجه قوله أن الله تعالى جعل المرفق غاية، فلا يدخل تحت ما جعلت له الغاية، كما لا يدخل الليل تحت الأمر بالصوم في قوله تعالى {ثم أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة: 187] .
(ولنا) أن الأمر تعلق بغسل اليد، واليد اسم لهذه الجارحة من رءوس الأصابع إلى الإبط، ولولا ذكر المرفق لوجب غسل اليد كلها، فكان ذكر المرفق لإسقاط الحكم عما وراءه، لا لمد الحكم إليه، لدخوله تحت مطلق اسم اليد، فيكون عملا باللفظ بالقدر الممكن، وبه تبين أن المرفق لا يصلح غاية لحكم ثبت في اليد، لكونه بعض اليد…..)
♢- قال في مواهب الجليل (1 / 191): إذا قطع بعض محل الفرض وجب غسل ما بقي منه بلا خلاف لقوله – عليه الصلاة والسلام – «إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم» متفق عليه فإذا قطعت اليد من الكوع وجب غسل المعصم وإذا قطع بعض المعصم وجب غسل الباقي منه،…………..إلى أن قال: فلو قطعت اليد من المرفق قال ابن الحاجب: سقط يعني الفرض قال في المدونة: ويغسل أقطع الرجلين في الوضوء موضع القطع وبقية الكفين إذ القطع تحتهما، قال ابن القاسم: قال تعالى {وأرجلكم إلى الكعبين} [المائدة: 6] والكعبان اللذان إليهما حد الوضوء هما اللذان في الساقين، ولا يغسل ذلك أقطع المرفقين؛ لأن المرفق في الذراعين وقد أتى عليهما القطع إلا أن تعرف العرب والناس أنه بقي شيء من المرفقين في العضدين فيغسل موضع القطع وبقيتهما والتيمم مثله.
قال ابن فرحون: قال الشيخ تقي الدين: ولفظ المدونة يشير إلى تردد عنده في حقيقة المرفق هل هو عبارة عن طرف الساعد أو عن مجمع طرفي الساعد والعضد لقوله إلا أن تعرف العرب؟ قال: وفي قول ابن الحاجب فلو قطع المرفق سقط إجمالا وإذا أخذ على ظاهره فلا إشكال فيه؛ لأنه إذا قطع ما يسمى مرفقا في نفس الأمر سقط الوجوب لسقوط محله، وإنما تكلم الناس فيما إذا فصل عظم الذراع عن عظم العضد هل يجب عليه غسل العضد أم لا؟ وأصل اختلافهم الاختلاف في منتهى المرفق، هل هو طرف عظم الساعد وقد زال بالقطع فلا يغسل أو هو مجمع العظمات وقد بقي أحدهما فيغسل؟ فكلام ابن الحاجب لا يفهم منه هذا الذي تكلم الناس فيه انتهى. وهذا الذي ذكره الشيخ تقي الدين ذكر أبو الحسن نحوه عن ابن سابق وهو غير معروف في المذهب ولهذا قال سند بعد أن ذكر عن الشافعية نحو ما ذكره: نقول قوله تعالى {إلى المرافق} [المائدة: 6] لم يذكر المرافق إلا لامتداد الغسل إليهما سواء قلنا إلى ابتدائهما أو إلى استغراقهما، وإنما وقع الخلاف في دخولهما في الغسل لا في وجوب مزيد عليهما.
والمرافق معروفة عند العرب وأهل اللغة وقد أجمعوا على أنها منتهى الذراعين فإذا خرج الذراع بنهايته فقد خرج المرفق قطعا إلا أن يزهق القاطع فيفصل بقية من المرفق فإنه يجب غسل ذلك، وذلك معنى قول ابن القاسم إلا أن يكون بقي شيء من المرفقين في العضد يعرف ذلك الناس وتعرفه العرب فإن كان ذلك كذلك فليغسل ما بقي من المرفقين ثم قال: وما جاء في بعض الأخبار أنه إذا زاد الماء على مرفقيه فذلك لضرورة استيعاب المرفقين كما يمسك الصائم جزءا من الليل، فصار ذلك من توابع المرفقين فإذا زال المرفقان سقط حكم توابعهما والله تعالى أعلم.
♢- قال النووي رحمه الله في المجموع (1 /394) إذا قطعت يده فله ثلاثة أحوال ذكره الشافعي رحمه الله في الأم والأصحاب أحدها تقطع من تحت المرفق فيجب غسل باقي محل الفرض بلا خلاف (الثاني) يقطع فوق المرفق فلا فرض عليه ويستحب غسل الباقي كما سبق (الثالث) يقطع من نفس المرفق بأن يسل الذراع ويبقى العظمان: فنقل الربيع في الأم أنه يجب غسل ما بقى من المرفق وهو العظمان ونقل المزني في المختصر أنه لا يجب وحكى عن القديم أنه لا يجب واختلف الأصحاب فيه على طريقين انتهى بتصرف.
♢- قال ابن قدامة في المغني (1/ 138): وإن قطعت يده من دون المرفق غسل ما بقي من محل الفرض وإن قطعت من المرفق غسل العظم الذي هو طرف العضد لأن غسل العظمين المتلاقيين من الذراع والعضد واجب فإذا زال أحدهما غسل الآخر وإن كان من فوق المرفقين سقط الغسل لعدم محله فإن كان أقطع اليدين فوجد من يوضئه متبرعا لزمه ذلك لأنه قادر عليه وإن لم يجد من يوضئه إلا بأجر يقدر عليه لزمه أيضا كما يلزمه شراء الماء وقال ابن عقيل : يحتمل أن لا يلزمه لو عجز عن القيام في الصلاة لم يلزمه استئجار من يقيمه ويعتمد عليه وإن عجز عن الأجر أو لم يقدر على من يستأجره صلى على حسب حاله كعادم الماء والتراب وإن وجد من ييممه ولم يجد من يوضئه لزمه التيمم كعادم الماء إذا وجد التراب وهذا مذهب الشافعي ولا أعلم فيه خلافا. انتهى
♢- قال في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (3/ 492): وروى الحسن عن أبي حنيفة أن مقطوع اليدين من المرفقين والرجلين من الكعبين يوضىء وجهه ويمس أطراف المرفقين والكعبين بالماء ولا يجزيه غير ذلك وهو قول أبي يوسف وفي الدراية لو قطعت يده من المرفق لا فرض عليه وفي المغنى وإن قطعت يده من دون المرفق غسل ما بقي من محل الفرض وإن قطعت من المرفق غسل العظم الذي هو طرف العضد وإن كان من فوق المرفقين سقط الغسل لعدم محله. انتهى.
♢- وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية(43/ 342):
اتفق الفقهاء على أنه إن قطع بعض ما يجب غسله من اليد وجب غسل ما بقى منه؛ لحديث إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ” (” أخرجه البخاري (الفتح 13 / 251) ومسلم (3 / 1830) من حديث أبي هريرة، واللفظ للبخاري.) ، ولأن الميسور لا يسقط بالمعسور .
إذا قطعت اليد من المرفق فقد اختلف الفقهاء القائلون بوجوب غسل المرفق في حكم غسل موضع القطع: فذهب الحنفية
والحنابلة في المذهب والشافعية في المشهور والمالكية في قول إلى وجوب غسل العظم الذي هو طرف العضد؛ لأن غسل العظمين المتلاقيين من الذراع والعضد واجب، فإذا زال أحدهما غسل الآخر؛ ولأنه من المرفق (1) .
وذهب المالكية والشافعية في مقابل للمشهور إلى أنه لا يجب غسل موضع القطع بناء على أنه طرف عظم الساعد فقط، ووجوب غسل رأس العضد كان بالتبعية؛ ولأن المرفق في الذراع، وقد أتى عليه القطع. قال المالكية: إلا إن عرف أنه بقي من المرفق شيء في العضد، فيغسل موضع القطع. (مواهب الجليل 1 / 191 – 193، ومغني المحتاج 1 / 52.)
إذا قطعت اليد من فوق المرفق فقد ذهب الفقهاء إلى سقوط وجوب الغسل؛ لعدم محله، لكن الشافعية نصوا على أنه يندب غسل باقي عضده؛ لئلا يخلو العضو عن طهارة، ولتطويل التحجيل كما لو كان سليم اليد، ولأن في هذا المحافظة على العبادة بقدر الإمكان، كإمرار المحرم الموسى على رأسه عند عدم شعره وقالوا: وإن قطع من منكبه ندب غسل محل القطع بالماء. نص على ذلك الشافعي وجرى عليه الشيخ أبو حامد وغيره.
♢- سؤال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في برنامج فتاوى نور على الدرب:
يقول السائل رجل يداه مقطوعتان لا يستطيع الغسل بهما هل يسقط عنه الغسل في مثل هذه الحالة وكذلك إذا أراد أن يقرأ من المصحف هل له أن يضعه على رجليه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت اليدان المقطوعتان قد قطعتا من فوق المرفق فإن غسلهما يسقط وأما إذا قطعتا من مفصل المرفق فإنه يجب عليه أن يغسل بطرف العضد وإذا كانتا قد قطعتا من نصف الذراع مثلا فإنه يجب عليه أن يغسل ما بقي من الذراع مع المرفق فهذه ثلاث أحوال الحالة الأولى أن يكون القطع من فوق المرفق مما يلي العضد فلا يجب عليه أن يغسل شيئا الثانية أن يكون القطع من المرفق فيجب عليه أن يغسل رأس العضد الثالثة أن يكون القطع من نصف الذراع مثلا فيجب عليه أن يغسل ما بقي من الذراع مع المرفق أما مس المصحف فإنه لا بأس أن يضع الرجل المصحف على فخذيه وهو جالس ويقرأ منه. انتهى.