71 جامع الأجوبة الفقهية ص123
♢-مسألة : النجاسة تصيب الثوب ولا يعلم مكانها من الثوب.
-يعني هل يلزمه نضح الثوب؟
أم يغسل الثوب كله ؟
أم له أن يتحرى ذلك المكان فيغسله؟
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
♢-مشاكة مجموعة ناصر الريسي:
♢-الجواب :
أن أهل العلم اختلفوا في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
♢-الأول:
إذا خفيت النجاسة في الثوب نضحه كله وهذا قال به عطاء و الحكم و حماد.
♢-الثاني :
إذا خفيت النجاسة في الثوب يتحرى مكان النجاسة فيغسله وهذا قول ابن شبرمة.
♢-الثالث :
إذا خفيت النجاسة في الثوب، يغسل الثوب كله، وهذا قول الجمهور ومنهم النخعي و الشافعي و مالك و ابن المنذر.
♢-وقد ذكر هذه الأقوال ابن المنذر في الأوسط و ابن قدامة في المغني،
♢-قال ابن المنذر: في الأوسط (2/145)
ذكر النجاسة من البول والمذي وغير ذلك يصيب الثوب ويخفى مكانه اختلف أهل العلم في الثوب يصيبه النجاسة ويخفى مكانه فقالت طائفة: ينضحه كذلك قال عطاء وقال الحكم وحماد في الرجل يحتلم في الثوب يخفى مكانه ينضحه وإن رآه غسله وقال أحمد في المذي: ينضحه وفيه قول ثان وهو أن يتحرى ذلك المكان فيغسله هكذا قال ابن شبرمة في البول يخفى مكانه وفيه قول ثالث وهو أن يغسل الثوب كله روي هذا القول عن النخعي وهكذا قال الشافعي غير أنه لا يوجب غسل المني من الثوب وقال مالك في المني أو الودي أو البول يصيب الثوب لا يصيب موضعه قال: يغسل تلك الجهة من الثوب فإن خفي عليه غسل الثوب كله قال أبو بكر: يغسل الثوب كله. اهــ
♢-قال ابن قدامة في المغني(2/ 63-64):
♢-مسألة: قال: وإذا خفي موضع النجاسة من الثوب استظهر، حتى يتيقن أن الغسل قد أتى على النجاسة، وجملته أن النجاسة إذا خفيت في بدن أو ثوب، وأراد الصلاة فيه، لم يجز له ذلك حتى يتيقن زوالها، ولا يتيقن ذلك حتى يغسل كل محل يحتمل أن تكون النجاسة أصابته، فإذا لم يعلم جهتها من الثوب غسله كله. وإن علمها في إحدى جهتيه غسل تلك الجهة كلها.
وإن رآها في بدنه، أو ثوب – هو لابسه -، غسل كل ما يدركه بصره من ذلك. وبهذا قال النخعي والشافعي ومالك وابن المنذر.
♢-وقال عطاء والحكم وحماد: إذا خفيت النجاسة في الثوب نضحه كله. وقال ابن شبرمة: يتحرى مكان النجاسة فيغسله.
ولعلهم يحتجون بحديث سهل بن حنيف في المذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قلت يا رسول الله فكيف بما أصاب ثوبي منه؟
قال: يجزئك أن تأخذ كفا من ماء، فتنضح به حيث ترى أنه أصاب منه. فأمره بالتحري والنضح. ولنا ، أنه متيقن للمانع من الصلاة. فلم تبح له الصلاة إلا بتيقن زواله كمن تيقن الحدث وشك في الطهارة، والنضح لا يزيل النجاسة، وحديث سهل في المذي دون غيره، فلا يعدى، لأن أحكام النجاسة تختلف.
وقوله: حيث ترى أنه أصاب منه، محمول على من ظن أنه أصاب ناحية من ثوبه، من غير تيقن، فيجزئه نضح المكان أو غسله.أهـ
♢- مذاهب الفقهاء في المسألة: ♢-وممن قال بوجوب غسل الثوب كله :
♢-الحنفية:
♢- قال الجصاص في شرح مختصر الطحاوي (2/ 36):
قال أبو جعفر: (وإذا خفي موضع النجاسة من الثوب: غسل كله).
♢-قال أبو بكر: وذلك لأن حصول النجاسة فيه يقين، فلا يزول إلا يقين، كما أن الحدث إذا كان يقينًا، لم يرتفع إلا بيقين الطهارة.
♢-ومذهب المالكية:
♢-قال خلف بن أبي القاسم القيرواني :
♢-ومن أيقن أن نجاسة أصابت ثوبه لا يدري موضعها غسله كله، وإن علم تلك الناحية غسلها، وإن شك [أنه] أصابه شيء أم لا، نضحه بالماء، ويغسل ما قل من البول، ولو مثل رؤوس الإبر.
(كتابه التهذيب في اختصار المدونة (1/ 70).
♢-قال صاحب كتاب المعونة على مذهب عالم المدينة (169)
فصل [41 – الشك في موضع النجاسة من الثوب]:
وإذا تيقن إصابة النجاسة لثوبه وشك في موضعه غسله كله؛ لأنه ليس بعضه أولى من بعض، ولا أمارة يتميز له ما أصابه من الموضع الذي لم يصبه، فوجب غسل جميعه لأنه لا يصل إلى غُسل ما أصابه إلا بذلك، كما يلزم إمساك جزء من الليل إذا لم يمكن تمييز النهار مثله؛ لأنه لا يصل إلى استيفاء النهار إلا بذلك وإن علم الجهة من الثوب وشك في موضع الإصابة منها لم يكن عليه غسل باقيه، وإن شك هل أصابه شيء أم لا نضحه استحبابًا لجواز أن يكون أصابه ولم يلزمه لأن الشك لا يلزم به طهارة.
[راجع المدونة: 1/ 23 – 24، والكافي ص 18].
♢-ومذهب الشافعية:
♢-قال الماوردي في الحاوي الكبير (2/ 247)
♢-قال الشافعي رضي الله عنه: وإن خفي موضع النجاسة من الثوب غسله كله لا يجزئه غيره .
♢-قال النووي رحمه الله في كتابه المجموع شرح المهذب (3/ 143):
أن صاحب البيان حكى فيما إذا خفي موضع النجاسة من الثوب وجها عن ابن سريج أنه إذا غسل بعضه كفاه ويصلي فيه لأنه يشك بعد ذلك في نجاسته والاصل طهارته وهذا ليس بشئ لأنه تيقن النجاسة في هذا الثوب وشك في زوالها وهذا الذي ذكرناه من وجوب غسل جميعه هو إذا احتمل وجود النجاسة في كل موضع منه فلو علم أنها كانت في مقدمه وجهل موضعها وعلم أنها ليست في مؤخره وجب غسل مقدمه فقط فلو أصابت يده المبتلة بعض هذا الثوب قبل غسله لم يحكم بنجاسة اليد لاحتمال أن الذي أصابته طاهر صرح به البغوي وغيره
♢-مذهب الحنابلة:
جاء في شرح الزركشي على مختصر الخرقي (2/ 38)قال: وإذا خفي عليه موضع النجاسة من الثوب استطهر، حتى يتيقن أن الغسل قد أتى على النجاسة.
ش : لأنه قد تيقن نجاسة الثوب، فلا بد من غسل ما يتيقن معه طهارته، إذ اليقين لا يزيله إلا يقين مثله، وصار هذا كمن تيقن الطهارة، وشك في الحدث، أو بالعكس، فلو وقعت النجاسة في أحد الكمين، أو أحد الثوبين، ونحو ذلك، ولم يعلم عينه، لم يحكم بطهارتهما إلا بغسلهما.
♢-وقال صاحب (العدة شرح العمدة) بهاء الدين المقدسي (1/ 14):
♢-مسألة: وإن خفي موضع النجاسة من الثوب أو غيره غسل ما يتيقن به غسلها” يعني يغسل حتى يتيقن أن الغسل قد أتى على النجاسة كمن تنجست إحدى كميه لا يعلم أيهما غسل الكمين أو تيقن أن الثوب قد وقعت عليه نجاسة لا يعلم موضعها غسل جميع الثوب لتحصل الطهارة بيقين.
♢-وممن قال من المعاصرين بالقول الثالث: (غسل الثوب كله) الشيخ عبدالعزيز ابن باز والشيخ الألباني رحم الله الجميع،
♢-فقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله في فتاوى نور على الدرب :
السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (14):
السوال: إذا سقط في ثوب إنسان نجاسة، وهو لا يدري مكان النجاسة فماذا يفعل ؟
♢-الجواب : إذا يمكن التحري تحرى، فإن كان لا يدري ولا يغلب على ظنه شيء فإنه يغسله كله، يلزمه غسله كله، أما إذا تحرى النجاسة في محل معين منه فإنه يغسل المحل المعين الذي تحراه؛ في طرفه الأسفل، في كمه، في أي محل يتحراه، ويكفي هذا.
♢-وسئل الشيخ الالباني رحمه الله كما في اشرطة متفرقة رقم : (96) عن ذلك فأجاب :
♢- إذا أصاب الثوب نجاسة ولم يعلم صاحب الثوب مكانها فعليه أن يجتهد و يغلب ظنه في مكان النجاسة, مثلا هذه العباءة أصابها نجاسة يجب أن يتحرى وليجتهد في الغالب النجاسة تصيب أسفل الثوب ما يخطر في باله تصيب هنا الكتف إذا هذا القسم صرفنا النظر عنه بقي مثلا أنو في هذه الزاوية أو في مكان آخر فلا يزال يتحرى لتحديد مكان النجاسة الأقرب تحديد ممكن بعد ذلك يباشر الغسل فإذا افترضنا أسوأ الإحتمالات أنه ما غلب على ظنه تحديد النجاسة في مكان ما أسفل وإلا أعلى وسط ولا دون ذلك ولا فوق ذلك حينئذ لا بد من غسل الثوب كله غسلا كاملا تاما لأنه في هذه الصورة يكون على يقين بأنه قد أزال النجاسة من ثوبه هذا رأي العلماء و الفقهاء وهو أمر لا بد منه أما أن يكون هناك نص فلا نص في ذلك فيما أعلم . نعم ؟
♢-قلت (ناصر الريسي) :
وقول الجمهور بوجوب غسل الثوب كله إذا خفي موضع النجاسة هو القول الذي يتوافق مع القواعد الفقهية ومنها: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) فإنه قد وجب عليه غسل جزء من ثوبه ولا يعلم عينه ولا سبيل إلى العلم بأداء هذا الواجب إلا بغسل جميعه،
ومنها: (اليقين لا يزول بالشك) وكما يعبر عنها باستصحاب الحال المعلومة واطراح الشك، فإن تيقن مثلاً أن النجاسة قد أصابت أحدَ كُمَّي الثوب، ولم يتبين له أيهما المتنجس؛ فإن عليه غسلهما كليهما ليحصل له اليقين أن النجاسة قد أزيلت.
♢-وفي هذه المسألة أيضاً ما يدل على منة الله سبحانه وتعالى على أمة محمد صلى الله عليه وسلم من يسر الشريعة وسماحتها فقد كان بني اسرائيل إذا أصابت النجاسة ثوب أحدهم لا يجزئه إلا أن يقرضها بالمقراض، كما ذكر ذلك الإمام البغوي في تفسيره لقوله تعالى : { ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم} [الأعراف الآية 175]
♢-قال: وقال قتادة: يعني التشديد الذي كان عليهم في الدين،
{والأغلال} يعني: الأثقال التي كانت عليهم، ومثال ذلك: قتل الأنفس في التوبة، وقطع الأعضاء الخاطئة، وقرض النجاسة عن الثوب بالمقراض……. وغير ذلك من الشدائد. تفسير البغوي(3/ 290).
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
♢-مشاركة سعيد الجابري:
قلت: ومن أصاب ثوبه نجاسة وجهل موضعها وجهتها نم الثوب وغسل جميعه ولا يجزئة غير ذلك، فإن عرف جهتها وجهل موضعها من الجهة غسل الجهة كلها ليحصل له الإزالة باليقين
(الإرشاد إلى سبيل الرشاد )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (… أو أصاب ثوبه نجاسة جهل محلها؛ فإنه يلزمه فعل ما يتيقن به براءة [ذمته] .
(شرح العمدة لابن تيمية ).