51 جامع الأجوبة الفقهية ص95
♢بإشراف اختصارسعيد الجابري وسيف بن دورة الكعبي .
♢مسألة : لبن الميتة وانفحتها.
—‘—‘—‘—‘—‘—‘—
♢-جواب سيف بن غدير النعيمي :
وقد شاركه في نقل كلام ابن تيمية رحمه الله صاحبنا رامي وأحمد بن علي:
♢-قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : وأما لبن الميتة وانفحتها ففيه قولان مشهوران للعلماء :
أحدهما: أن ذلك طاهر كقول أبي حنيفة وغيره وهو إحدى الروايتين عن أحمد .
والثاني : أنه نجس كقول مالك والشافعي والرواية الأخرى عن أحمد،
وعلى هذا النزاع انبنى نزاعهم في جبن المجوس فان ذبائح المجوس حرام عند جماهير السلف والخلف وقد قيل إن ذلك مجمع عليه بين الصحابة فاذا صنعوا جبنا والجبن يصنع بالأنفحة كان فيه هذان القولان :
والأظهر أن جبنهم حلال وان أنفحة الميتة ولبنها طاهر وذلك لأن الصحابة لما فتحوا بلاد العراق أكلوا جبن المجوس وكان هذا ظاهرا شائعا بينهم وما ينقل عن بعضهم من كراهة ذلك ففيه نظر فانه من نقل بعض الحجازيين وفيه نظر وأهل العراق كانوا أعلم بهذا فان المجوس كانوا ببلادهم ولم يكونوا بأرض الحجاز ويدل على ذلك ان سلمان الفارسي كان هو نائب عمر بن الخطاب على المدائن وكان يدعو الفرس إلى الإسلام وقد ثبت عنه أنه سئل عن شيء من السمن والجبن والفراء فقال الحلال ما احل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفى عنه وقد رواه أبو داود مرفوعا إلى النبي ومعلوم أنه لم يكن السؤال عن جبن المسلمين وأهل الكتاب فان هذا امر بين وإنما كان السؤال عن جبن المجوس فدل ذلك على ان سلمان كان يفتي بحلها وإذا كان روى ذلك عن النبي انقطع النزاع بقول النبي وأيضا فاللبن والأنفحة لم يموتا وإنما نجسهما من نجسهما لكونهما في وعاء نجس فيكون مائعا في وعاء نجس فالتنجيس مبني على مقدمتين على ان المائع لاقى وعاء نجسا وعلى أنه إذا كان كذلك صار نجسا .
فيقال أولا : لا نسلم ان المائع ينجس بملاقاة النجاسة وقد تقدم ان السنة دلت على طهارته لا على نجاسته .
ويقال ثانيا: إن الملاقاة في الباطن لا حكم لها كما قال تعالى نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ولهذا يجوز حمل الصبي الصغير في الصلاة مع ما في بطنه والله أعلم
فتاوى ابن تيمية.(ج:21 ص:102)
♢-َقال القرطبي في التفسير
(2 /210):(…فأما أنفحة الميتة ولبن الميتة فقال الشافعي : ذلك نجس لعموم قوله تعالى { حرمت عليكم الميتة }
وقال ابو حنيفة بطهارتهما ولم يجعل لموضع الخلقة أثرا في تنجس ما جاوره مما حدث فيه خلقة قال : ولذلك يؤكل اللحم بما فيه من العروق مع القطع بمجاورة الدم لدواخلها من غير تطهير ولا غسل إجماعا، وقال مالك نحو قول أبي حنيفة إن ذلك لا ينجس بالموت ولكن ينجس بمجاورة الوعاء النجس وهو مما لا يتأتى فيه الغسل وكذلك الدجاجة تخرج منها البيضة بعد موتها لأن البيضة لينة في حكم المائع قبل خروجها وإنما تجمد وتصلب بالهواء .
♢-قال ابن خويز منداد فإن قيل : فقولكم يؤدي إلى خلاف الإجماع وذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم والمسلمين بعده كانوا يأكلون الجبن وكان مجلوبا إليهم من أرض العجم ومعلوم أن ذبائح العجم وهم مجوس ميتة ولم يعتدوا بأن يكون مجمدا بأنفحة ميتة أو ذكي ويقال : قدر ما يقع من الأنفحة في اللبن المجبن يسير واليسير من النجاسة معفو عنه إذا خالط الكثير من المائع هذا جواب على إحدى الروايتين. وعلى الرواية الأخرى إنما كان ذلك في أول الإسلام ولا يمكن أحد أن ينقل أن الصحابة أكلت الجبن المحمول من أرض العجم بل الجبن ليس من طعام العرب فلما انتشر المسلمون في أرض العجم بالفتوح صارت الذبائح لهم فمن أين لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم والصحابة أكلت جبنا فضلا عن أن يكون محمولا من أرض ومعمولا من أنفحة ذبائحهم .
وقال أبو عمر : ولا بأس بأكل طعام عبدة الأوثان والمجوس وسائر من لا كتاب له من الكفار ما لم يكن من ذبائحهم ولم يحتج إلى ذكاة إلا الجبن لم فيه من أنفحة الميتة وفي سنن ابن ماجة الجبن والسمن حدثنا إسماعيل بن موسى السدي حدثنا سيف بن هارون عن سليمان التيمي عن ابي عثمان النهدي [ عن سلمان الفارسي قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن السمن والجبن والفراء فقال: الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه ].
♢قلت : (سعيد ) الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم في المستدرك وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة.
—‘—‘—‘—‘—‘—‘—‘–
♢-جواب محمد بن فرج:
قال ابن منظور في لسان العرب (14/315) والإِنفَحة بكسر الهمزة وفتح الفاء مخففة كَرِشُ الحَمَل أَو الجَدْي ما لم يأْكل فإِذا أَكلَ فهو كرش
♢-قال ابن مفلح في المبدع
في شرح المقنع (ج١ص٥٣،٥٤)(…روى سعيد بن منصور: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، أن ابن عباس سئل عن الجبن يصنع فيه أنافح الميتة، فقال: لا تأكلوه، وقال ابن مسعود: لا تأكلوا من الجبن إلا ما صنع المسلمون، وأهل الكتاب، رواه البيهقي، وروي عن عمر وابنه مثله، ولأنه مائع في وعاء نجس، أشبه ما لو حلب في إناء نجس،
والثانية: أنهما طاهران…
والأول أولى، لأن في صحة ما نقل عن الصحابة نظر – يعني أكل الجبن – ، ولو سلم صحته، فكان بينهم يهود ونصارى يذبحون لهم، فلا يتحقق القول بالنجاسة.
♢-قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع(ج١ ص٩٢): لبن الميتة نجس، وإن لم يتغير بها؛ لأنه مائع لاقى نجسا فتنجس به، كما لو سقطت فيه نجاسة ـ وإلا فهو في الحقيقة منفصل عن الميتة قبل أن تموت ـ
لكنهم قالوا: إنها لما ماتت صارت نجسة، فيكون قد لاقى نجاسة فتنجس بذلك.
واختار شيخ الإسلام أنه طاهر…
والذي يظهر لي رجحانه في هذه المسألة هو المذهب؛ لأنه وإن انفصل واجتمع في الضرع قبل أن تموت فإنه يسير بالنسبة إلى ما لاقاه من النجاسة، لأنها محيطة به من كل جانب، وهو يسير،
ثم إن الذي يظهر سريان عفونة الموت إلى هذا اللبن؛ لأنه ليس كالماء في قوة دفع النجاسة عنه.
والمذهب، وإن كان فيه نظر من حيث قاعدة: أن ما لا يتغير بالنجاسة فليس بنجس، وهذه قاعدة عظيمة محكمة، لكن الأخذ به هنا من باب الاحتياط، وأيضا بعموم قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة} [المائدة: ٣]، واللبن في الضرع قد يكون داخلا في هذا العموم. انتهى كلامه رحمه الله.
♢-وقد شارك الأخ محمد بن فرج في نقل فتوى اللجنة صاحبنا أحمد بن علي:
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم 19504:
عن حكم أكل الجبن المصنوع من أنفحة البقر ؟
ج 1: لا حرج في أكل الأجبان المصنوعة من أنفحة البقر ولا يجب السؤال عنها ، فإن المسلمين ما زالوا يأكلون من أجبان الكفار من عهد الصحابة ، ولم يسألوا عن نوع الأنفحة .
فإذا علم يقينا أن هذه الأنفحة تستخدم من أبقار لم تذبح على الطريقة الشرعية فإنه يحرم حينئذ تناولها .
وإذا شك شخص في شيء منها هل يحل أم يحرم بالنظر لما احتف له من الملابسات والقرائن فالاحتياط تركه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :
دع ما يريبك إلى ما لا يريبك رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه .
س 2 :
ما حكم الجبن المصنوع من أنفحة الخنزير ؟
ج2: المأكولات التي تدخل في تركيبها مواد محرمة كأجزاء الميتةولحوم الحيوانات المحرمة كالخنزير ونحوه ، يحرم أكلها لقول الله تعالى : سورة المائدة الآية حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ الآية وهذا يشمل ما كان كله من اللحوم المحرمة أو ما كان بعضه منها .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة برئاسة ابن باز
—‘—‘—‘—‘—‘—‘—‘–
♢-جواب أحمد بن علي :
وذهب الفقهاء إلى أن لبن الحيوانات المتفق على حرمة أكلها نجس حية كانت أو ميتة،
♢-قال ابن قدامة: حكم الألبان حكم اللحمان،
وفي نهاية المحتاج: لبن ما لا يؤكل كلبن الأتان نجس لكونه من المستحيلات في الباطن فهو نجس.
وفي جواهر الإكليل : لبن غير الآدمي المحلوب في حال الحياة أو بعد موته تابع للحمه في الطهارة وعدمها ،
وفي الفتاوى الهندية: الحمار الأهلي لحمه حرام فكذلك لبنه .اهـ
وراجع الموسوعة الفقهية الكويتية حيث نقلوا تفصيل للخلاف.
♢-قال ابن رجب في جامع العلوم: وحديث سلمان الفارسي فيه النهي عن السؤال عن الجبن والسمن والفراء، فإن الجبن كان يصنع بأرض المجوس ونحوهم من الكفار، وكذلك السمن، وكذلك الفراء تجلب من عندهم، وذبائحهم ميتة، وهذا مما يستدل به على إباحة لبن الميتة وأنفحتها، وعلى إباحة طعام المجوس، وفي ذلك كله خلاف مشهور، ويحمل على أنه إذا اشتبه الأمر، لم يجب السؤال والبحث عنه، كما قال ابن عمر لما سئل عن الجبن الذي يصنعه المجوس، فقال: ما وجدته في سوق المسلمين اشتريته ولم أسأل عنه، وذكر عند عمر الجبن وقيل له: إنه يصنع بأنافح الميتة، فقال: سموا الله وكلوا. قال الإمام أحمد: أصح حديث فيه هذا الحديث، يعني: جبن المجوس. اهـ
♢-وقال صاحب عون المعبود تحت باب في أكل الجبن: قال الطيبي فيه دليل على طهارة الأنفحة لأنها لو كانت نجسة لكان الجبن نجسا لأنه لا يحصل إلا بها. اهـ.
—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-
♢-جواب سعيد الجابري :
وروي الإباحة في أكل الجبن عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعائشة، وأم سلمة، وسلمان الفارسي رضي الله عنهم.
انظر المجموع ٩/٦٩، ومصنف عبد الرزاق ٤/٥٣٨ وما بعدها.
للإمام أحمد رحمه الله في الجبن الذي صنعه المجوس، أو المعمول من أنفحة الميتة، روايتان:
إحداهما: أنه يحل هذا الجبن،
والثانية: أن هذا الجبن نجس، لأن الأنفحة نجسة، ومن لا تؤكل ذبيحته، فذبيحته كالميتة.
وسبب اختلاف الرواية عن الإمام أحمد رحمه الله، اختلاف الآثار عن الصحابة رضوان الله عليهم، ومن بعدهم من التابعين.
♢-وسئل الإمام أحمد عن الجبن الذي يصنعه المجوس، فقال: ما أدري إلا أن أصح حديث فيه حديث الأعمش، عن أبي وائل، عن عمرو بن شرحبيل قال: سئل عمر عن الجبن، وقيل له يعمل فيه الأنفحة الميتة، فقال: سموا أنتم وكلوا.
♢-انظر: المغني (٨/٦١٢) ومصنف عبد الرزاق (٤/٥٣٨) ومطالب أولي النهى (٦/٣٢٥)
——-
جواب سيف بن دورة الكعبي :
قلت : ورد عن عمر أثر آخر عن عمر عن زيد بن وهب أتاهم كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه : بلغني أنكم في أرض تاكلون طعاما يقال له الجبن، فانظروا ما حلاله من حرامه، وتلبسون الفراء فانظروا ذكيه من ميته.
أخرجه سعيد بن منصور وشيخه عبدالرحمن بن زياد هو الرصاصي له ترجمه في الجرح والتعديل قال أبوحاتم صدوق، وقال أبو زرعه : لا بأس به
أما حديث سلمان في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الفراء والسمن والجبن؟ فقال : الحلال ما أحل الله…. ) أعله أبوحاتم فقال : هذا خطأ، رواه الثقات عن التيمي عن أبي عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، ليس فيه سلمان وهو الصحيح. ( العلل 1503) طبعة الجريسي ونقل المحقق أن ابن رجب في جامع العلوم نقل كلام أبي حاتم، ونقل عن الإمام أحمد أنه قال 🙁 هو منكر)، وأن ابن معين أنكره. راجع جامع العلوم الحديث الثلاثون
وأخرجه الترمذي ورجح أنه موقوف قال : هذا حديث غريب، لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، وروى سفيان وغيره عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان قوله، وكأن هذا الحديث الموقوف أصح. وسألت البخاري عن هذا الحديث؟ فقال : ما أراه محفوظا، وروى سفيان عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان موقوفا. قال البخاري : وسيف بن هارون مقارب الحديث، وسيف بن محمد عن عاصم ذاهب الحديث.
قال العقيلي في ترجمة سيف : ولا يحفظ إلا عنه بهذا الإسناد. ورجح انه هن الحسن مرسلا وقال ابن عدي : هذا وإن كان معروفاً بسيف عن سليمان فقد روي عن غيره عن سليمان التيمي، عنه مرفوعاً.
وقال، الدارقطني : تفرد به سيف بن هارون عن سليمان التيمي عنه مرفوعاً، وروي عن ابن عيينة.
أما الرواية التي نقلها محقق سنن سعيد بن منصور2/321 عن ابن عيينة بالتردد في الرفع، وعزاها للبيهقي في السنن 10/12 فلا تقاوم تعليل الأئمة.
ولا يصح في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الجبن حديث.
أما أثر ابن عمر فأخرجه عبدالرزاق 8785 عن معمر عن أيوب عن نافع قال :سئل ابن عمر عن الجبن الذي يصنعه المجوس فقال :ما وجدته في سوق المسلمين اشتريته ولم أسأل عنه.
قال أيوب قال نافع : ولو رأى ابن عمر من المجوس ما رأيت، لظننت انه سيكرهه.
وكذلك قال معمر قال سألت الزهري عن الجبن فقال : ما وجدت في سوق المسلمين اشتريت ولم أسأل عنه.
وهناك بحث بعنوان الانتفاع بالاعيان المحرمة من الأطعمة والاشربة والالبسة رجحت الباحثه قول ابن تيمية لقوة أدلته.
لأن الحياة والموت لا أثر لها في نجاسة الأنفحة ، وكون هناك نصارى يذبحون لهم أو يهود هذا محتمل، والاحتمال الأغلب انهم يذبحون لأنفسهم.
فائدة : قال باحث : أكثر الاجبان المطبوخة تصنع أصلاً من انفحة غير عضوية يسمونها انفحة ميكروبية أو انفحة بكتيرية، وهي تصنع معمليا من بكتيريا يهيئ لها البيئة نباتية مناسبه.
قلت : نسأل الله أن ييسر لنا لقاء أحد المتخصصين في صناعة الأجبان.