39 جامع الأجوبة الفقهية ص71
بإشراف واختصار سعيد الجابري وسيف بن دورة الكعبي
مسألة : حكم ميتة الحوت والجراد.
مسألة : حكم الطحال والكبد
———————-
♢-جواب أحمد بن علي:
ورد في الصحيحة رقم [1118](حديث صحيح )
أحلت لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالحوت والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال .
قال الصنعاني في سبل السلام: أحلت لنا ميتتان… » أخرجه أحمد وابن ماجه، وفيه ضعف؛ لأنه رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، عن ابن عمر قال أحمد: حديثه منكر، وصح أنه موقوف، كما قال أبو زرعة وأبو حاتم ، وإذا ثبت أنه موقوف فله حكم المرفوع؛ لأن قول الصحابي: أحل لنا كذا وحرم علينا كذا، مثل قوله: أمرنا ونهينا فيتم به الاحتجاج، ويدل على حل ميتة الجراد على أي حال وجدت، فلا يعتبر في الجراد شيء، سواء مات حتف أنفه أو بسبب.
والحديث حجة على من اشترط موتها بسبب عادي، أو بقطع رأسها، وإلا حرمت. وكذلك يدل على حل ميتة الحوت على أي صفة وجد، طافيا كان أو غيره. لهذا الحديث، وحديث [الحل ميتته] وقيل: لا يحل منه إلا ما كان موته بسبب آدمي، أو جزر الماء، أو قذفه أو نضوبه، ولا يحل الطافي لحديث «ما ألقاه البحر أو جزر عنه فكلوا، وما مات فيه فطفا فلا تأكلوه» أخرجه أحمد، وأبو داود من حديث جابر، وهو خاص فيخص به عموم الحديثين.
وأجيب عنه: بأنه حديث ضعيف باتفاق أئمة الحديث. قال النووي: حديث جابر” لا يجوز الاحتجاج به ولو لم يعارضه شيء، كيف وهو معارض (اهـ) . فلا يخص به العام، ولأنه صلى الله عليه وسلم أكل من العنبرة التي قذفها البحر لأصحاب السرية» .
ولم يسأل بأي سبب كان موتها، كما هو معروف في كتب الحديث والسير، والكبد حلال بالإجماع وكذلك مثلها الطحال، فإنه حلال، إلا أنه في البحر قال: يكره لحديث علي رضي الله عنه «إنه لقمة الشيطان» أي إنه يسر بأكله، إلا أنه حديث لا يعرف من أخرجه.اهـ
قال الشيخ عبدالله البسام في توضيح الأحكام:
وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ… أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَابْنُ مَاجَهْ, وَفِيهِ ضَعْفٌ
♢درجة الحديث:
الحديث صحيح موقوفًا. وأمَّا المرفوع ففيه ضعفٌ؛ لأنَّه من رواية عبد الرحمن وأخويه أبناء زيد بن أسلم، عن أبيهم، عن ابن عمر، وقد ضعفهم ابن معين.
قال أبو زرعة وأبو حاتم: إنَّه موقوف، وصححه موقوفًا كل من الدَّارقطني (4/ 271) والحاكم، والبيهقيُّ (1/ 254)، وابن القيم.
وقال ابن حجر: هي في حكم المرفوع؛ لأنَّ قول الصحابي: أُحِلَّ لنا كذا” وحُرِّم علينا كذا، مثل قوله: أمرنا بكذا” ونهينا عن كذا ، فيحصل الاستدلال بهذه الرِّواية؛ لأنَّها في معنى المرفوع.
♢-قلت( سيف ): سبب ترجيح الموقوف أن سليمان بن بلال رواه عن زيد بن أسلم عن ابن عمر موقوفا ، لكن له حكم الرفع.
تتمة كلام البسام :
الكبد: مؤنثة، وقد تذكّر: عضو في الجانب الأيمن من البطن تحت الحجاب الحاجز، له وظائف عدَّة أظهرها إفراز الصفراء، وهو مخزن هام للدَّم يتزوده من طريقي الشريان والوريد البابِيِّ، ويغادر الدم الكبد إلى الوريد الأجوف بنسب منظَّمة، بحكمة الله تعالى وقدرته، فهذا الدم الموجود في الكبد مستثنًى من الدم المحرَّم، فهو حلال طاهر.
الطحال: بزنة كتاب، جمعه: طُحُلٌ وأطحلة، هو عضوٌ يقع بين المعدة والحجاب الحاجز في يسار البطن، وظيفته تكوين الدم، وإتلاف القديم من كريَّاته.
فهذان الدمان طاهران مباحان، وسيأتي بحثه في فقه الحديث، إنْ شاء الله تعالى.
♢-ما يؤخذ من الحديث:
1 – تحريم الدم المسفوح؛ أخذًا من إباحة الدمين المذكورين في الحديث؛ فاستثناء حل بعض الشيء دليلٌ على حرمة الباقي، وله أدلَّةٌ أخرى معروفة.
2 – تحريم الميتة، وهي ما ماتت حتف أنفها، أو ذكيت تذكية غير مشروعة.
3 – أنَّ الكبد والطِّحال حلالان وطاهران.
4 – أنَّ ميتة الجراد والحوت طاهرة وحلال.
ومعنى ميتة الجراد: هو أنْ يموت بغير صنع آدمي في إماتته، وإنَّما يموت حتف أنفه بأي سببٍ من أسباب الموت، من بردٍ أو غرقٍ أو غير ذلك، فإنْ مات بصنع آدمي، فهو ما جاءت النصوص بحله، وأجمعت عليه الأمة.
أمَّا ما مات بشيء من المبيدات السامة، فهذا يحرم؛ لما فيه من السم القاتل المحرَّم، وكذلك ميتة الحوت: هو أن توجد ميتة؛ إما بسبب جزر المياه عنه، أو نضوب الأنهار، أو بسب قذف الأمواج له، أو أصابته آفة سماوية.
والقصد: أنه إذا وجدت ميتة بأي وسيلة من وسائل الموت، فهي حلالٌ طاهرةٌ.
♢-قلت:(سعيد ) والمراد بميتته: ما مات فيه من دوابه مما لا يعيش إلا فيه، لا ما مات فيه مطلقا.
أمَّا ما مات بسبب ما يسمَّى بتلوث البحار بمواد سامَّة أو نفايات قاتلة، فهذا يحرم لا لذاته، وإنَّما لما تسمَّم به من مَوادَّ مضرةٍ أو قاتلة.
5 – الحديث دليل على أنَّ السمك والجراد إذا ماتا في ماءٍ، فإنَّه لا يَنْجُسُ قليلاً كان الماء أو كثيرًا، ولو تغير طعمه أو لونه أو ريحه، فإنَّه لم يتغير بنجاسة، وإنَّما تغير بشيءٍ طاهرٍ، وهذا وجه سياق الحديث في باب المياه.اهـ
قال ابن حجر في الفتح في معرض حديثه عن الجراد:
وقد أجمع العلماء على جواز أكله بغير تذكية الا أن المشهور عند المالكية اشتراط تذكيته واختلفوا في صفتها فقيل بقطع رأسه وقيل أن وقع في قدر أو نار حل وقال ابن وهب أخذه ذكاته ووافق مطرف منهم الجمهور في أنه لا يفتقر إلى ذكاته لحديث ابن عمر أحلت لنا ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطحال أخرجه أحمد والدارقطني مرفوعا وقال أن الموقوف أصح ورجح البيهقي أيضا الموقوف الا أنه قال أن له حكم الرفع .اهـ
———————–
♢-جواب رامي :
صالح فوزان الفوزان حفظه الله سئل عن تفسير آية حرمت عليكم الميتة و الدم …الآية.
السؤال: أرجو منكم تفسير قول الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [سورة المائدة: آية 3]، ثم عن المتردية والنطيحة هل يحرم أكلهما عندما تموت مباشرة بسبب ذلك أو يحرم أكلهما ولو بقيتا مدة طويلة، ثم ذبحتهما بعد ذلك؟
الإجابة: يقول الله سبحانه وتعالى مخاطباً عباده المؤمنين الذين ناداهم في مطلع هذه السورة العظيمة بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} [سورة المائدة: آية 1]، يقول تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [سورة المائدة: آية 3]، أي: حرم الله سبحانه وتعالى عليكم أكل الميتة، والميتة هي التي ماتت بغير ذكاة شرعية، وقد خص منها الدليل ميتة السمك والجراد، كما قال صلى الله عليه وسلم: أُحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد. (رواه الإمام أحمد في مسنده)، فالسمك والجراد أحل الله ميتتهما، وماعدا ذلك فإنه حرام.
وقوله تعالى: {وَالْدَّمُ} [سورة المائدة: آية 3] هنا مطلق، ولكن قيدته الآية الثانية في المسفوح كما قال تعالى: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً} [سورة الأنعام: آية 145]، والمراد به الذي يخرج من الذبيحة وقت ذبحها ويشخب من أوداجها، أما الدم المتبقي في العروق واللحم فهذا معفو عنه لا بأس بأكله مع اللحم، واستثني من الدم الدمان اللذان مرَّ ذكرهما في الحديث: أحلت لن ميتتان ودمان….. وأما الدمان فالكبد والطحال. (رواه الإمام أحمد في مسنده).
———————
♢-جواب :سيف بن دورة الكعبي :
قال النووي في شرح المهذب : فالسمك والجراد إذا ماتا طاهران بالنصوص والإجماع، قال تعالى 🙁 إحل لكم صيد البحر وطعامه) وحديث: هو الطهور ماؤه الحل ميتته ) وحديث عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال :غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد وسواء عندنا مات بالاصطياد أو حتف نفسه والطافي من السمك وغير الطافي، وسواء قطع رأس الجراد أم لا، وكذا باقي ميتات البحر، إذا قلنا بالأصح في الجميع، أنها حلال فميتتها طاهرة.
أما حكم الطحال والكبد : يدل حديث ابن عمر الذي له حكم الرفع على طهارتهما؛ لأنه أبيح أكلهما، ولو كانا نجسين لما أحل أكلهما،
وقد نقل النووي في شرح المهذب الإجماع على طهارتهما. انتهى مختصراً من شرح البلوغ لبعض شيوخنا.