38 جامع الأجوبة الفقهية ص68
بإشراف واختصار سعيد الجابري وسيف بن دورة الكعبي
مسألة : حكم أبوال وأرواث الحيوانات؟ وهل يفرق بين ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه؟
=============
جواب صاحبنا عبدالعزيز الرزي :
قاعدة عامة : كل مأكول اللحم فروثه وبوله طاهر
———-
♢-جواب سعيد الجابري :
اختلف العلماء في بول الحيوان المأكول وروثه،
فقيل: هو طاهر مطلقا، وهو مذهب المالكية ، والحنابلة.
♢-وقيل: نجس مطلقا، وهو مذهب الشافعية، وقول في مذهب الحنابلة.
♢-قال الخطابي: في الحديث دلالة على أن الأبوال كلها نجسة مجتنبة من مأكول اللحم وغير مأكوله، لورود اللفظ به مطلقا على سبيل العموم.
♢-وأجيب: بأن اللام في كلمة (البول) للعهد الذهني، أي بول نفسه، وقد نص أهل المعرفة باللسان أنه لا يصار إلى تعريف الجنس إلا إذا لم يكن ثم شيء معهود، فإن كان هناك شيء معهود لم يحمل على الجنس، والدليل على أن المقصود به بوله هو عدة أدلة:
منها : ما جاء في الصحيحين في رواية أخرى للحديث ” أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله.
♢-وقيل: إن بول الحيوان نجس، وأما بول الطير، فإن كان يذرق في الهواء كالعصافير والحمام والخفافيش فهو طاهر، وإن كان لا يذرق في الهواء كالدجاج والبط فهو نجس. وهذا مذهب الحنفية .
♢-وقيل: بطهارة الأبوال كلها عدا بول الآدمي، وهو مذهب داود الظاهري
♢-قلت : الراجح أنها طاهرة ودليل ذلك:
طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن. ورواه مسلم.
♢-وجه الاستدلال:
إدخال البعير المسجد، والطواف عليه دليل على طهارة بوله، حيث لا يؤمن بول البعير في أثناء الطواف، ولو كان نجسا لم يعرض النبي صلى الله عليه وسلم المسجد للنجاسة.
♢-ثانيا:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في الصلاة في مرابض الغنم، ومرابض الغنم لا تخلو من البول والروث، فدل على طهارتها.
♢-وأما في بول وروث الحيوان غير المأكول
اختلف العلماء في بول وروث الحيوان غير المأكول عدا الآدمي،
فقيل: نجس، وهو مذهب الأئمة الأربعة .
♢-وقيل: طاهر، وهو مذهب داود الظاهري، والشعبي
والبخاري ، رحمهم الله جميعا.
♢-قلت : ومن الأدلة على نجاسة بول وروث الحيوان غير المأكول:
لما علل طهارة الهرة بأنها من الطوافين علينا، علم أن المقتضي لنجاستها قائم، وهو كونها محرمة، لكن عارضه مشقة التحرز منها، فطهرت لذلك دفعا للحرج، ومعنى ذلك أن الهرة لو لم تكن طوافة علينا لكان سؤرها نجسا، وإذا كان هذا في سؤرها، فما بالك في بولها، فإنه أشد نجاسة من سؤرها.
♢-الراجح والله أعلم بالصواب، مذهب القائلين بنجاسة أبوال البهائم الحية غير المأكولة، وذلك لقوة أدلتهم وسلامتها من الاعتراضات القادحة.
(موسوعة أحكام الطهارة)
==============
♢-جواب عبدالرحمن المزروعي:
بول وروث ما لا يؤكل لحمه: هما نجسان، لحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين، والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثة فأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال: (هذا رجس) رواه البخاري وابن ماجه وابن خزيمة، وزاد في رواية (إنها ركس إنها روثة حمار) ويعفى عن اليسير منه، لمشقة الاحتراز عنه.
قال الوليد بن مسلم: قلت للاوزاعي: فأبوال الدواب مما لا يؤكل لحمه كالبغل، والحمار
والفرس؟ فقال: قد كانوا يبتلون بذلك في مغازيهم فلا يغسلونه من جسد أو ثوب.
وأما بول وروث ما يؤكل لحمه، فقد ذهب إلى القول بطهارته مالك وأحمد وجماعة من الشافعية.
قال ابن تيمية: لم يذهب أحد من الصحابة إلى القول بنجاسته، بل القول بنجاسته قول محدث لا سلف له من الصحابة. انتهى.
قال أنس رضي الله عنه: (قدم أناس من عكل أو عرينة فاجتووا المدينة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح وأن يشربوا من أبوالها وألبانها) رواه أحمد والشيخان دل هذا الحديث على طهارة بول الابل.
وغيرها من مأكول اللحم يقاس عليه.
♢-قال ابن المنذر: ومن زعم أن هذا خاص بأولئك الاقوام لم يصب، إذ الخصائص لا تثبت إلا بدليل قال: وفي ترك أهل العلم بيع بعار الغنم في أسواقهم، واستعمال أبوال الابل في أدويتهم قديما وحديثا من غير نكير، دليل على طهارتها.
♢- وقال الشوكاني: الظاهر طهارة الابوال والازبال من كل حيوان يؤكل لحمه، تمسكا بالاصل، واستصحابا للبراءة الاصلية، والنجاسة حكم شرعي ناقل عن الحكم الذي يقتضيه الاصل والبراءة، فلا يقبل قول مدعيها إلا بدليل يصلح للنقل عنهما، ولم نجد للقائلين بالنجاسة دليلا لذلك.
♢قلت:(سعيد ) وأما الفرس فالراجح فيه مما يؤكل لحمه كما جاء ذلك في الأحاديث الصحيحة ، وأما الحمار الأهلي حرم أكله في غزوة خيبر .
==============
♢-جواب محمد بن خادم:
يفرق بين مؤكول اللحم وغير مؤكول اللحم، ففي الحديث المُتَّفق عَلَيْهِ:
َعَن أَنَسٍ فذكر حديث عكل وعرينة وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يشربوا من ألبانها وأبوالها.
♢- وقال ابن حجر:(.. الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ بِطَهَارَة أبوالها وأبعارها قَالُوا لِأَنَّهَا لَا تخلو مِنْ ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُبَاشِرُونَهَا فِي صَلَاتِهِمْ فَلَا تَكُونُ نَجِسَةً).
=============
♢-جواب سيف بن دورة الكعبي:
قال بعض شيوخنا:
الراجح طهارة بول وأرواث الحيوانات التي يؤكل لحمها دون غيرها وهو قول عطاء والنخعي والثوري ومالك ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى 21/541
واستدلوا ب:
حديث جابر بن سمرة في صحيح مسلم 360 أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل :أيصلي في مرابض الغنم؟ فقال :نعم.
أما نجاسة بول وروث ما لا يؤكل لحمه فيدل عليه عموم حديث: استنزهوا من البول. وخص ما يؤكل لحمه
♢-تنبيه [1]: حديث( لا بأس ببول ما يؤكل لحمه) جاء من حديث جابر بن عبد الله والبراء بن عازب وكلا الحديثين ضعيف جداً، بل في إسناد حديث جابر يحيى بن العلاء وهو كذاب. انتهى بتصرف
♢تنبيه[ 2]: ناقش ابن تيمية في مجموع الفتاوى 21/541 أدلة القائلين بنجاسة روث وبول مؤكول اللحم نقاشاً مستفيضاً مرجحاً طهارتها، فراجعه فإنه مهم.
♢- قال بعض لجان الفتوى:
تنازع الفقهاء في الروث الذي يصيب الثوب أو البدن ولا يعرف أهو لفرس أم لحمار، فمنهم من يحكم بنجاسته على اعتبار أن الأصل في الأرواث النجاسة، ومنهم من يحكم بطهارته لأن الأصل في الأعيان الطهارة، فأي الرأيين أقوى، ولماذا؟
♢-الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المسألة فيها قولان لأهل العلم، وهما وجهان في مذهب الإمام أحمد، مبنيان على أن الأصل في الأرواث الطهارة إلا ما استثني، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، أو أن الأصل فيها النجاسة إلا ما استثني.
قال الإمام أحمد في رواية محمد بن أبي الحارث في رجلٍ وطىء على روث لا يدري هل هو روث حمار أو برذون، فرخص فيه إذ لم يعرفه. انظر الفتاوى الكبرى 4/398-399.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله كما في الفتاوى الكبرى : الأصح يحكم بطهارتها لأن الأصل في الأعيان الطهارة، ودعوى أن الأصل في الأرواث النجاسة ممنوع، فلم يدل على ذلك لا نص ولا إجماع، ومن ادعى أصلاً بلا نص ولا إجماع فقد أبطل. انتهى.
والله أعلم.
♢- قلت :تنبيه :تقرير ابن تيمية أن الأصل في الأعيان الطهارة، ودعوى أن الأصل في الأرواث النجاسة ممنوع.
يختلف عن تقرير نجاسة أرواث غير مؤكول اللحم، لأنه هنا يذكر حكم روث لم يميز هل هو لبرذون أم لحمار.
♢- وعرض السؤال التالي على بعض لجان الفتوى :
حكم استخدام روث الحيوانات كوقود للطهي
[السُّؤَالُ]
[هل يجوز استخدام روث الحيوانات كوقود لطهي الطعام وبخاصة لنضج الخبز علما أن الخبز يتعرض للدخان المتصاعد نتيجة إشعال الروث؟]ـ
♢[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بذلك على الصحيح من أقوال أهل العلم، لأن هذه الأرواث إذا كانت أرواثا لما يؤكل لحمه، فهي طاهرة، ولا إشكال في استعمالها حينئذ كوقود، وإن كانت نجسة، فإنها تستحيل إلى دخان ورماد باستعمالها كوقود، وهذه الاستحالة مطهرة على الصحيح من قولي أهل العلم، قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى: (1/231) : وأما دخان النجاسة: فهذا مبني على أصل، وهو: أن العين النجسة الخبيثة إذا استحالت حتى صارت طيبة كغيرها من الأعيان الطيبة، مثل أن يصير ما يقع في الملاحة من دم وميتة وخنزير، ملحا طيبا كغيرها من الملح، أو يصير الوقود رمادا، وخرسفا، وقصرملا، ونحو ذلك، ففيه للعلماء قولان:
أحدهما: لا يطهر…
ومذهب أهل الظاهر وغيرهم: أنها تطهر، وهذا هو الصواب المقطوع به، فإن هذه الأعيان لم تتناولها نصوص التحريم، لا لفظا ولا معنى، فليست محرمة ولا في معنى المحرم، فلا وجه لتحريمها، بل تتناولها نصوص الحل، فإنها من الطيبات، وهي أيضا في معنى ما اتفق على حله، فالنص والقياس يقتضي تحليلها.
وأيضا فقد اتفقوا كلهم على الخمر إذا صارت خلا بفعل الله تعالى، صارت حلالا طيبا، واستحالة هذه الأعيان أعظم من استحالة الخمر…
♢- وسألوا عن بول حيوان يشبه الفأر يلعب به الأطفال :
♢-الجواب :قال النووي رحمه الله تعالى: وأما بول باقي الحيوانات التي لا يؤكل لحمها فنجس عندنا وعند مالك وأبي حنيفة وأحمد والعلماء كافة، وحكى الشافعي وغيره عن النخعي طهارته وما أظنه يصح عنه وإن صح فمردود بما ذكرناه . انتهى.
♢-ثم ذكروا الخلاف في نجاسة بول مؤكول اللحم على احتمال أنه يؤكل لحمه…