104 – 105 رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسىبإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘قال الإمام البخاري في كتاب العلم من صحيحه:
باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب
قاله ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم
104 – حدثنا عبد الله بن يوسف قال حدثني الليث قال حدثني سعيد هو ابن أبي سعيد عن أبي شريح أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولا قام به النبي صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به حمد الله وأثنى عليه ثم قال إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا إن الله قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب فقيل لأبي شريح ما قال عمرو قال أنا أعلم منك يا أبا شريح لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا فارا بخربة
105 – حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال حدثنا حماد عن أيوب عن محمد عن ابن أبي بكرة عن أبي بكرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال فإن دماءكم وأموالكم قال محمد وأحسبه قال وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب وكان محمد يقول صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذلك ألا هل بلغت مرتين———————
فوائد الباب:
1- قوله (باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب) وترجم عليه النسائي فقال ” تبليغ الشاهد الغائب” وترجم عقبه فقال ” الحث على إبلاغ العلم”.
2- وقيل للشاهد شاهد، لأنه يبين الحكم ومنه “إنا أرسلناك شاهدا “قاله الحافظ ابن حجر في الفتح.
3- قوله (قاله ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم) وصله البخاري في صحيحه ا1739 من طريق فضيل بن غزوان عن عكرمة عن ابن عباس قال ابن عباس رضي الله عنهما فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته فلْيُبَلَّغْ الشاهدُ الغائبَ، لا تَرجعوا بعدي كفاراً يضربُ بعضكم رقاب بعضٍ”. قال الحافظ في الفتح يريد بذلك الكلام الأخير. انتهى أي الذي بعد قوله (لوصيته إلى أمته).
4- قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ” ليس هو في شيء من طرق حديث ابن عباس بهذه الصورة وإنما هو في روايته ورواية غيره بحذف العلم وكأنه أراد بالمعنى لأن المأمور بتبليغه هو العلم” قلت في بعض طرق حديث أبي شريح ثاني حديثي الباب كان الصحابة يجيبون رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهم ” الله ورسوله أعلم”.
5- حديث أبي شريح رضي الله عنه أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وأخرجه أبو داود مختصرا .
6- ” لما أخذ الله على أنبيائه الميثاق في تبليغ دينه ، وتبيينه لأمتهم ، وجعل العلماء ورثة الأنبياء ، وجب عليهم تبليغ الدين ، ونشره حتى يظهر على جميع الأديان” قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري.
7- فيه من الفقه: أنه يجب على العالم الإنكار على الأمير إذا غير شيئا من الدين، وإن لم يسأل العالم عن ذلك قاله ابن بطال في شرحه.
8- منها أن العالم إذا أنكر على الأمير عليه رعاية الرفق كما استأذن منه في التحديث قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
9- وكذا قال الحافظ ابن حجر في الفتح ” والموعظة بلطف وتدريج والاقتصار في الإنكار على اللسان إذا لم يستطع باليد”.
10- احتج أبو شريح بالحديث على وجهه قاله ابن بطال.
11- وإنما أنكر عليه أبو شريح بعثه الخيل إلى مكة، واستباحة حرمتها، ونصب الحرب عليها، فأحسن في استدلاله، وحاد عمرو عن الجواب، وجاوبه عن غير سؤاله قاله ابن بطال.
12- وفيه ذكر التوكيد في الكلام قاله الكرماني.
13- وتقديم الحمد على المقصود قاله الكرماني قلت والثناء على الله تعالى ولعلها خطبة الحاجة.
14- وفيه شرف مكة قاله الكرماني.
15 – ومن فوائده حرص النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم على احترام مكة وتعظيمها ، ولهذا قام بهذا الحديث في اليوم الثاني من الفتح ،
16- وإثبات القيامة قاله الكرماني.
17- فيه اختصاص الرسول صلى الله عليه وسلم بخصائص قاله الكرماني.
18- قال ابن جرير فيه دليل على جواز قبول خبر الواحد لأنه معلوم أن كل من شهد الخطبة قد لزمه الابلاغ وأنه لم يأمرهم بإبلاغ الغائب عنهم الا وهو لازم له فرض العمل بما أبلغه كالذي لزم السامع سواء وإلا لم يكن للأمر بالتبليغ فائدة. قاله الحافظ في الفتح.
19- وفيه جواز القياس عليه السلام لولا العلم بكون الحكم من خصائصه وجواز النسخ إذ نسخ الإباحة للرسول بالحرمة قاله الكرماني.
20 – فيه جواز إخبار المرء عن نفسه بما يقتضي ثقته وضبطه لما سمعه ونحو ذلك قاله الحافظ ابن حجر في الفتح
21 – وأغرب عمرو بن سعيد في سياقه الحكم مساق الدليل وفي تخصيصه العموم بلا مستند قاله الحافظ ابن حجر في الفتح.
22 – فيه جواز المجادلة في الأمور الدينية قاله الحافظ في الفتح.
23 – ومن فوائد هذا الحديث أنه ينبغي للإنسان أن يقرن الحكم بالدليل لأن أبا شريح لم يقل إن مكة لا يجوز بعث البعوث إليها وما أشبه ذلك ، قال أنا أحدثك حديثا قام به النبي صلى الله عليه وسلم
قاله ابن العثيمين في التعليق على البخاري24- فيه الخروج عن عهدة التبليغ والصبر على المكاره لمن لا يستطيع بدا من ذلك قاله الحافظ ابن حجر في الفتح.
25 – قوله (فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر) فيه أن الإيمان بالله واليوم الآخر ينبغي أن يحجز المسلم عما لا يحل له.
26 – قوله (ولا فارا بخربة) قال البخاري” بلية ” وذلك عند الحديث 1832 وقال الترمذي ” يعني: الجناية، يقول: من جنى جناية، أو أصاب دما، ثم لجأ إلى الحرم فإنه يقام عليه الحد.
27 – وقال أبو سليمان الخطابي في أعلام الحديث: معنى الخربة السرقة هاهنا، والخراب عندهم سرقة الإبل خاصة. يقال: رجل خارب ويسمون اللصوص خُرَّابا.
28 – حديث أبي شريح رضي الله عنه أورده العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 3543 ولم يذكر الإسناد كعادته ولا سبب إيراده هنا مع أنه في الصحيحين، ومن عادته أنه يذكر الحديث إذا كان في الصحيحين أو أحدهما لفائدة إسنادية.
29- قوله (عن أبي شريح) بضم المعجمة وفتح الراء وبالحاء المهملة هو خويلد بن عمرو الخزاعي العدوى الكعبي أسلم قبل فتح مكة وكان يحمل أحد ألوية بني كعب يوم الفتح قاله الكرماني كما في الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري. له في الكتب الستة خمسة أحاديث كما في تحفة الأشراف. واختلف في اسمه وذكر الكرماني كما نقلنا أحدها.
30- قوله (وهو يبعث البعوث إلى مكة) لقتال ابن الزبير رضي الله عنهما قاله ابن بطال.
31 – قال الخطابي:
وقوله: أن يسفك بها دما، فإن ظاهره تحريم الدماء كلها، كان ذلك حقا أو لم يكن، ويؤكد ذلك قوله: وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، ولا يجوز أن يكون صلى الله عليه وسلم قد أباح دما حراما عليه في ذلك اليوم ولا في غيره من الأيام أو غيرها من الأماكن، وإلى هذا ذهب قوم من أهل العلم فقالوا: إذا فر الجاني إلى الحرم لم يقتص منه ما دام مقيما، فإذا خرج اقتص منه.
وقال آخرون: كل ما جناه في الحرم اقتص منه في الحرم، وما جناه خارج الحرم لم يقتص منه داخل الحرم.
وأما قول عمرو: ولا فارا بخربة، فإن معنى الخربة السرقة هاهنا، والخراب عندهم سرقة الإبل خاصة. يقال: رجل خارب ويسمون اللصو خُرَّابا.
قال الشاعر:
والخارب اللصل يحب الخاربا
وقد تجري الخربة في أكثر مجرى التهمة.
«أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري)» (1/ 211)32 – قال ابن عثيمين :
ومن فوائد الحديث: تحريم القتال بمكة لقوله: “وإنها لن تحل لأحد بعدي”، ولكن إذا قوتل الإنسان فيها فله أن يقاتل لقوله تعالى: {ولا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ المَسْجِدِ الحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} [البقرة: ١٩١]. ولهذا أجاز النبي صلى الله عليه وسلم القتل في القصاص؛ لأنه قتل بحق، وهذا القتل أخص من القتال؛ لأنه قد يجوز القتال ولا يجوز القتل، مثال ذلك: لو ترك أهل بلد الأذان والإقامة وجب قتالهم، ولكن لا يجوز قتلهم فإذا استسلموا لا نقتلهم ولا نجهز على جريحهم.
ومن فوائد الحديث: جواز القتل في مكة بحق لقوله: “فهو بخير النظرين”، فإذا زنى الإنسان في مكة وهو محصن فإننا نرجمه ولا نقول: هذا في مكان آمن نقول: لأنه من حيث المعنى والعلة، لأنه لما انتهك حرمته صار هو لا حرمة له، وكذلك لو وجب على شخص قتل للفساد في الأرض فإننا نقلته، لو أن أحدًا ارتد في مكة وصار لا يصلي وأبي إن يتوب فإننا نقتله؛ لأن هذا إذا قدر أننا لن نقتله أو صار الحاكم ضعيفًا لا يجرؤ على قتله فإنه يجب إخراجه، لأنه كافر، والكافر لا يجوز بقاؤه في مكة.
شرح البلوغ33 – قال ابن العثيمين في شرح بلوغ المرام في فوائد حديث 704 “إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليها رسوله والمؤمنين ….”. متفق عليه.:
– انتهاز النبي صلى الله عليه وسلم الفرصة في الخطب حين دعت الحاجة إليها
«فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية» (3/ 392) وذكر فوائد أخرى كثيرة34 – في معنى من شهد علْماً عَلِمَ ما لم يعلمه الغائب
قوله تعالى:
{ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَآفَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِى الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوٓا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }
[ سورة التوبة : 122 ]و أحاديث منها ما في صحيح البخاري
٢٠٤٧ – عن أبي هُرَيْرَةَ ، قالَ: إنَّكُمْ تَقُولُونَ: إنَّ أبا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وتَقُولُونَ ما بالُ المُهاجِرِينَ، والأنْصارِ لاَ يُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، بِمِثْلِ حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ، وإنَّ إخْوَتِي مِنَ المُهاجِرِينَ كانَ يَشْغَلُهُمْ صَفْقٌ بِالأسْواقِ، وكُنْتُ ألْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلى مِلْءِ بَطْنِي، فَأشْهَدُ إذا غابُوا، وأحْفَظُ إذا نَسُوا، وكانَ يَشْغَلُ إخْوَتِي مِنَ الأنْصارِ عَمَلُ أمْوالِهِمْ، وكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا مِن مَساكِينِ الصُّفَّةِ، أعِي حِينَ يَنْسَوْنَ ….. الحديثوكذلك في صحيح مسلم 2408 :
عن يَزِيدُ بْنُ حَيّانَ، قالَ: انْطَلَقْتُ أنا وحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ، وعُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ، إلى زَيْدِ بْنِ أرْقَمَ، فَلَمّا جَلَسْنا إلَيْهِ قالَ لَهُ حُصَيْنٌ: لَقَدْ لَقِيتَ يا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا، رَأيْتَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، وسَمِعْتَ حَدِيثَهُ، وغَزَوْتَ مَعَهُ، وصَلَّيْتَ خَلْفَهُ لَقَدْ لَقِيتَ، يا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا، حَدِّثْنا يا زَيْدُ ما سَمِعْتَ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ، قالَ: يا ابْنَ أخِي واللهِ لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي، وقَدُمَ عَهْدِي، ونَسِيتُ بَعْضَ الَّذِي كُنْتُ أعِي مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَما حَدَّثْتُكُمْ فاقْبَلُوا، وما لا، فَلا تُكَلِّفُونِيهِ، ثُمَّ قالَ: قامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمًا فِينا خَطِيبًا، بِماءٍ يُدْعى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ والمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللهَ وأثْنى عَلَيْهِ، ووَعَظَ وذَكَّرَ، ثُمَّ قالَ: «أمّا بَعْدُ، ألا أيُّها النّاسُ فَإنَّما أنا بَشَرٌ يُوشِكُ أنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وأنا تارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أوَّلُهُما كِتابُ اللهِ فِيهِ الهُدى والنُّورُ فَخُذُوا بِكِتابِ اللهِ، واسْتَمْسِكُوا بِهِ» … الحديث35- قوله (حدثنا عبد الله بن يوسف) تابعه قتيبة بن سعيد كما عند البخاري 1832 ومسلم 1354 والترمذي 809 والنسائي في السنن الصغرى 2876 تابعه سعيد بن شرحبيل كما عند البخاري 4295 تابعه حجاج كما عند الإمام أحمد في مسنده 16373
36- قوله (حدثني الليث) وهو ابن سعد إمام أهل مصر في وقته تابعه ابن أبي ذئب كما عند الترمذي 1406 وأبي داود 4504
37- قوله (عن أبي شريح) وعند أبي داود 4504 ” سمعت أبا شريح”
38- حديث أبي بكرة رضي الله عنه تقدم في الباب التاسع “رب مبلغ أوعى من سامع” وذكرنا فوائده هناك.
39- وموضع الشاهد منه (ليبلغ الشاهد الغائب)
====
====