49 – بَابُ مِنْ فَضَائِلِ نِسَاءِ قُرَيْشٍ
200 – (2527) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ – قَالَ أَحَدُهُمَا: صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، وَقَالَ الْآخَرُ: نِسَاءُ قُرَيْشٍ – أَحْنَاهُ عَلَى يَتِيمٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ ”
200 – حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: ” أَرْعَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ وَلَمْ يَقُلْ يَتِيمٍ
201 – (2527) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ، أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ» قَالَ: يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ: وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ
201 – حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ – قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا – عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَطَبَ أُمَّ هَانِئٍ، بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ، وَلِي عِيَالٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ» ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ «أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ»
202 – (2527) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ – قَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا، وقَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا – عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ح وَحَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ، صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ»
202 – حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ وَهُوَ ابْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنِي سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَعْمَرٍ هَذَا سَوَاءً
الفوائد
==========
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإن الحديث سيكون من وجوه، كالتالي:
الوجه الأول: شرح وفقه الحديث، وفيه فروع:
الفرع الأول: مدخل
لما كانت الدنيا مرحلةً إلى الآخرة، يُبتلى المرء فيها لتُنظرَ أعمالُه فيجازَى عليها يوم القيامة، كان لزاما على المسلم العاقل أن يتحرَّى في دنياه كلَّ ما يعينه على تحصيل السعادة في أخراه، وأهم معين وأولى نصير هو الصاحب الصالح، والذي يبدأ بالمجتمع المسلم الذي يعيش فيه، ثم باختيار الصديق التقي كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا ولا يؤكل طعامك إلا تقي) رواه أبو داود (4832) وحسنه الألباني في صحيح الجامع. وصحيح الترغيب 3036
ثم ينتهي باختيار الزوجة الصالحة.
وتَوَسُّمُ صلاحِ الزوجة لا بد أن يتمثل في جميع جوانب الحياة:
يقول سبحانه وتعالى: (فالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ) النساء/34
قلت سيف: لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا …..
فيه … الوليد بن قيس التجيبي لم يوثقه معتبر ومن حسن له أعتبر رواية جمع من الثقات. والمقصود هنا المؤاكلة التي توجب الألفة أما الإطعام فيجوز حتى للكافر (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) وحسنه ابن مفلح. فيمكن أن نضعه على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند.
قال صاحبنا أبو صالح حازم:
قال مغلطاي في إكمال تهذيب الكمال
خرج ابن حبان حديثه في صحيحه، وكذلك الحاكم، وحسنه أبو علي الطوسي
ثم إن بعض من أخرج الحديث شك في الإسناد فهل الإسنادان لا إشكال في كليهما؟
قلت سيف: يعني رواية سالم بن غيلان عند الترمذي فقال سالم: أو عن أبي الهيثم عن أبي سعيد … وأخرجه البيهقي في الآداب 235 عن سالم بن غيلان عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أو عن الوليد بن قيس عن أبي سعيد الخدري فذكره
ورواية دراج عن أبي الهيثم ضعيفة ثم سالم يرويه عن الوليد بن قيس عن أبي سعيد الخدري بغير شك في بعض الروايات
فيكون الإسناد حسن من هذه الطريق
الفرع الثاني: شرح مفردات الحديث: (خير نساء ركبن الإبل نساء قريش)
وقال القرطبي: هذا تفضيل لنساء قريش على نساء العرب خاصة؛ لأنهم أصحاب الإبل غالبا، وقد عرف أن العرب خير من غيرهم مطلقا في الجملة، فكأنه قال: خير النساء نساء قريش، أو صالح نساء قريش.
—-
ويذكر الحافظ ابن حجر في الإصابة وابن عبد البر في الاستيعاب أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أم هانئ من أبيها عمه أبي طالب، وكان اسمها فاختة، وقيل: فاطمة، وقيل: هند وهي شقيقة علي، وخطبها في الوقت نفسه هبيرة ابن عمرو بن عائذ المخزومي، فزوج هبيرة، واعتذر للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم فرق الإسلام بين أم هانئ وبين هبيرة؛ لأن هبيرة لم يسلم، ولما فتحت مكة هرب إلى نجران، وقال معتذرا عن فراره:
لعمرك ما وليت ظهري محمدا
وأصحابه جبنا ولا خيفة القتل
ولكنني قلبت أمري فلم أجد
لسيفي غناء – إن ضربت – ولا نبلي
وقفت فلما خفت ضيعة موقفي
رجعت لعود كالهزبر أبي الشبل
ولما علم هبيرة بإسلام أم هانئ قال فيها شعرا، منه قوله يخاطبها:
لئن كنت قد تابعت دين محمد
وعطفت الأرحام منك حبالها
فكوني على أعلى سحيق بهضبة
ممنعة لا تستطاع قلالها
فإني من قوم إذا جد جدهم
على أي حال أصبح القوم حالها
وإني لأحمي من وراء عشيرتي
إذا كثرت تحت العوالي مجالها
ولدت أم هانئ لهبيرة عمرا وهانئا ويوسف وجعدة، فلما فرق الإسلام بين أم هانئ وبين هبيرة خطبها النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله. والله، إني كنت لأحبك في الجاهلية فكيف في الإسلام، ولأنت أحب إلي من سمعي وبصري، وحق الزوج عظيم، وأنا أخشى أن أضيع حق الزوج، وأنا امرأة مصبية، فأكره أن يؤذوك، فقال صلى الله عليه وسلم: خير نساء ركن الإبل …. الحديث.
فلما أدرك بنوها عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أما الآن فلا، لأن الله أنزل عليه قوله: {وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك} [الأحزاب: 50] ولم تكن من المهاجرات، عاشت رضي الله عنها بعد علي رضي الله عنه.
قلت سيف: إنما أخرج الطبراني في الكبير 1005 حديث أبي صالح عن أم هاني قالت: خطبني النبي صلى الله عليه وسلم ولم أكن أحل له لأني لم أكن أحل له لأني لم أكن هاجرت فنزلت: وبنات عمك اللاتي هاجرن معك. … وذكره في ذخيرة الحفاظ وهو يذكر أحاديث الكامل لابن عدي: وقال: ولا نعلم روى هذا الحديث عن أبي خالد غير عنبسة بن الأزهر ولم يروه عنه غير أحمد يعني بن أبي طيبة وإبراهيم بن المختار. ولفظه: في نزلت هذه الآية فقالت أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوجني فنهي عني لأني لم اهاجر
أورده ابن عدي في ترجمة باذام أبي صالح مولى أم هانئ وقال: قال النسائي صاحب الكلبي ضعيف …. ولم أعلم أحد من المتقدمين رضيه انتهى
====
====
====
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أورده البخاري رحمه الله في كتاب النكاح من صحيحه، تحت باب:
*باب إلى من ينكح وأي النساء خير وما يستحب أن يتخير لنطفه من غير إيجاب*
ولفظ البخاري:
أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده)
*قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح:*
اشتملت الترجمة على ثلاثة أحكام وتناول الأول
والثاني من حديث الباب واضح وأن الذي يريد التزويج ينبغي أن ينكح إلى قريش لأن نساءهن خير النساء وهو الحكم الثاني
وأما الثالث فيؤخذ منه بطريق اللزوم لأن من ثبت أنهن خير من غيرهن استحب تخيرهن للأولاد وقد ورد في الحكم الثالث حديث صريح أخرجه بن ماجه وصححه الحاكم من حديث عائشة مرفوعًا تخيروا لنطفكم وأنكحوا الأكفاء وأخرجه أبو نعيم من حديث عمر أيضًا وفي إسناده مقال ويقوى أحد الإسنادين بالآخر
[5082] قوله (خير نساء ركبن الإبل) تقدم في أواخر أحاديث الأنبياء في ذكر مريم عليها السلام قول أبي هريرة في آخره ولم تركب مريم بنت عمران بعيرًا قط فكأنه أراد إخراج مريم من هذا التفضيل لأنها لم تركب بعيرًا قط فلا يكون فيه تفضيل نساء قريش عليها ولا يشك أن لمريم فضلًا وأنها أفضل من جميع نساء قريش إن ثبت أنها نبية أو من أكثرهن إن لم تكن نبيةً وقد تقدم بيان ذلك في المناقب في حديث خير نسائها مريم وخير نسائها خديجة وأن معناها أن كل واحدة منهما خير نساء الأرض في عصرها ويحتمل أن لا يحتاج في إخراج مريم من هذا التفضيل إلى الاستنباط من قوله ركبن الإبل لأن تفضيل الجملة لا يستلزم ثبوت كل فرد فرد منها فإن قوله (ركبن الإبل) إشارة إلى العرب لأنهم الذين يكثر منهم ركوب الإبل وقد عرف أن العرب خير من غيرهم مطلقًا في الجملة فيستفاد منه تفضيلهن مطلقًا على نساء غيرهن مطلقًا
ويمكن أن يقال أيضًا إن الظاهر أن الحديث سيق في معرض الترغيب في نكاح القرشيات فليس فيه التعرض لمريم ولا لغيرها ممن انقضى زمنهن
قوله (صالح نساء قريش) كذا للأكثر بالإفراد وفي رواية غير الكشميهني صلح بضم أوله وتشديد اللام بصيغة الجمع وسيأتي في أواخر النفقات من وجه آخر عن أبي هريرة بلفظ (نساء قريش) والمطلق محمول على المقيد فالمحكوم له بالخيرية الصالحات من نساء قريش لا على العموم.
والمراد بالصلاح هنا صلاح الدين وحسن المخالطة مع الزوج ونحو ذلك
قوله (أحناه) بسكون المهملة بعدها نون أكثره شفقةً والحانية على ولدها هي التي تقوم عليهم في حال يتمهم فلا تتزوج فإن تزوجت فليست بحانية قاله الهروي
وجاء الضمير مذكرًا وكان القياس أحناهن وكأنه ذكر باعتبار اللفظ والجنس أو الشخص أو الإنسان وجاء نحو ذلك في حديث أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهًا وأحسنه خلقًا بالإفراد في الثاني وحديث بن عباس في قول أبي سفيان عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بالإفراد في الثاني أيضًا قال أبو حاتم السجستاني لا يكادون يتكلمون به إلا مفردًا
قوله (على ولده) في رواية الكشميهني (على ولد) بلا ضمير وهو أوجه
ووقع في رواية لمسلم (على يتيم) وفي أخرى (على طفل) والتقييد باليتم والصغر يحتمل أن يكون معتبرًا من ذكر بعض أفراد العموم لأن صفة الحنو على الولد ثابتة لها لكن ذكرت الحالتان لكونهما أظهر في ذلك
قوله (وأرعاه على زوج) أي أحفظ وأصون لما له بالأمانة فيه والصيانة له وترك التبذير في الإنفاق
قوله (في ذات يده) أي في ماله المضاف إليه ومنه قولهم فلان قليل ذات اليد أي قليل المال
وفي الحديث الحث على نكاح الأشراف خصوصًا القرشيات
ومقتضاه أنه كلما كان نسبها أعلى تأكد الاستحباب
ويؤخذ منه اعتبار الكفاءة في النسب وأن غير القرشيات ليس كفأً لهن
وفضل الحنو والشفقة وحسن التربية والقيام على الأولاد
وحفظ مال الزوج وحسن التدبير فيه
ويؤخذ منه مشروعية إنفاق الزوج على زوجته
وسيأتي في أواخر النفقات بيان سبب هذا الحديث. … انتهى من الفتح
وراجع قريب من هذه الفوائد طرح التثريب
________
*وقال العثيمين رحمه الله في شرحه لصحيح البخاري:*
الله أكبر هذا ثناء على نساء قريش من النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدل على أن جنس النساء من قريش خير من النساء من غيرهن، لكن لا يدل على تفضيل كل فرد من نساء قريش على تفضيل كل فرد من نساء غيرهن لأنه يجب أن نعرف الفرق بين التفضيل تفضيل الجنس على الجنس والفرد على الفرد، فنحن مثلاً نقول: التابعون خير من تابعي التابعين وهل يلزم أن يكون كل فرد من التابعين خيرا من كل فرد تابعيهم لا في تابعي التابعين من هو خير من كثير من التابعين، نقول الرجال أفضل من النساء وهل يلزم أن يكون كل واحد من الرجال أفضل من كل واحد النساء؟ لا ولكن هذا تفضيل للجنس على الجنس فخير النساء من القبائل من كانت من قريش، ولكن لا يلزم أن كل واحدة من نساء قريش تكون خيرا من كل واحدة من نساء غيرهن ثم بين النبي عليه الصلاة والسلام وجه الخيرية في أنها تحنو على الولد وتعطف عليه وأنها أيضاً ترعى زوجها في ذات يده أي فيما عنده من ماله وأهله وغير ذلك فيستفاد من هذا أنه كلما عرفت القبيلة بحنو نساءها على الأولاد ورعايتهن لحقوق الزوج كان اختيارهن أولى من اختيار غيرهن، وقول المؤلف: ” وما يستحب أن يتخير لنطفه من غير إيجاب ” يعني أنه لا يجب على الإنسان أن يختار الأفضل ولكن هذا على سبيل الأفضلية.
___________
الفرع الثالث: فقه الحديث:
قال النووي: قال القاضي: هذا الحديث يستدل به من يقول بنبوة النساء ونبوة آسية ومريم!! والجمهور: على أنهما ليستا نبيتين , بل هما صدِّيقتان ووليَّتان من أولياء الله تعالى.
ولفظة (الكمال) تطلق على تمام الشيء وتناهيه في بابه. والمراد هنا: التناهي في جميع الفضائل وخصال البر والتقوى .. والله أعلم. ” شرح مسلم ” (15/ 198،
199).قال الكرماني: لا يلزم من لفظة الكمال ثبوت نبوتها؛ لأنه يطلق لكمال الشيء أو تناهيه في بابه فالمراد بلوغها النهاية في جميع الفضائل التي للنساء. ” الفتح ” (6/ 447).
قال شيخ الإسلام: وقد ذكر القاضي أبو بكر، والقاضي أبو يعلى، وأبو المعالي، وغيرهم: الإجماع على أنه ليس في النساء نبيَّة. والقرآن والسنة دلا على ذلك، كما في قوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى}، وقوله: {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صدِّيقة}، ذكر أن غاية ما انتهت إليه أمه: الصدِّيقيَّة. ” مجموع الفتاوى ” (4/ 396).
وذكر النووي في الأذكار عن إمام الحرمين أنه نقل الإجماع على أن مريم ليست نبية، ونسبه في شرح المهذب لجماعة، وجاء عن الحسن البصري: ليس في النساء نبية، ولا في الجن.
وقال السبكي: اختلف في هذه المسألة، ولم يصح عندي في ذلك شيء. اهـ.
ولشيخ الإسلام ابن تيمية الله تعالى كما في مجموع فتاواه (31/ 382 – 383) فائدة قل أن يتنبه لها وهي قوله: وَلَمْ تَتَمَكَّنْ الصَّحَابَةُ مِنْ سَبْيِ نِسَاءِ قُرَيْشٍ؛ كَمَا تَمَكَّنُوا مِنْ سَبْيِ نِسَاءِ طَوَائِفَ مِنْ الْعَرَبِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يُسْتَرَقَّ مِنْهُمْ أَحَدٌ. اهـ.
أما مسائل الباب فعلى الوجه التالي:
الوجه الثالث: المطالب المتعلقة بصفات الزوجة الصالحة:
المطلب الأول: في واجبات الزوجة تجاه زوجها
فقد أثبت الله تعالى لكُلٍّ مِنَ الزوجين حقوقًا على صاحِبِه، وحقُّ كُلِّ واحدٍ منهما يُقابِلُه واجبُ الآخَر، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَلَا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا» ([أخرجه الترمذيُّ في «الرضاع» بابُ ما جاء في حقِّ المرأة على زوجها ((1163)) رضي الله عنه. وحسَّنه الألبانيُّ في «الإرواء» ((7) / (96)) رقم: ((2030)).])، غير أنَّ الرجل، لاعتباراتٍ مميِّزةٍ، خصَّه الله تعالى بمزيدِ درجةٍ؛ لقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة} [البقرة: (228)].
وحقوق الزوجية ثلاثةٌ: بعضُها مشترَكٌ بين الزوجين، وبعضُها خاصٌّ بكُلِّ واحدٍ منهما على حِدَةٍ، وهما: حقُّ الزوجة على زوجها، وحقُّ الزوج على زوجته.
وسأقتصر -في هذا المقام- على ذكر ما أوجبه الله تعالى على الزوجة من التزاماتٍ وآدابٍ أخلاقيَّةٍ تقوم بها تجاه زوجها، وهي مسئولةٌ أمام الله تعالى عن ضياع حقوقه المرتبطة بها أو التقصير فيها، ويمكن أن أستجمعَ هذه الالتزاماتِ المناطةَ بها على ما يأتي:
المطلب الأول: واجبات متعلقة بالزوجة. تدور فروعُ هذا المطلب على طاعة الزوج بالمعروف، وصيانةِ عِرْضِه والمُحافَظةِ على مالِه وولَدِه، ومُراعاةِ شعوره وكرامتِه وإحساسه، ونحوِ ذلك ممَّا يَلْزَمُ الزوجةَ تُجاه زوجها، وتتجلَّى هذه الالتزاماتُ مفصَّلةً في الفروع التالية:
الفرع الأوَّل: طاعة الزوج بالمعروف؛ لقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: (34)]، قال ابنُ كثيرٍ ـ رحمه الله ـ: «أي: الرجل قَيِّمٌ على المرأة، أي: هو رئيسُها وكبيرُها والحاكمُ عليها ومؤدِّبُها إذا اعوجَّتْ» ([«تفسير ابن كثير» ((1) / (491)).])، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِذَا صَلَّتِ المَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا؛ قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ شِئْتِ» ([أخرجه أحمد في «مسنده» ((1661)) مِنْ حديثِ عبد الرحمن بنِ عوفٍ رضي الله عنه، وابنُ حبَّان في «صحيحه» بنحوه ((4163)) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه. وحسَّنه الألبانيُّ في «آداب الزفاف» ((214))، وصحَّحه في «صحيح الجامع» ((660)).] وصحيح الترغيب 1932)،
قلت سيف: ورد من حديث أبي هريرة وعبدالرحمن بن عوف. وحكم عليه الدارقُطني باضطراب عبدالملك فتارة يرويه عن أبي هريرة وتارة عن عبدالرحمن بن عوف. العلل 581.
وورد من حديث أم سلمه مختصرا أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة … أخرجه ابن ماجه وفيه مساور الحميري وأمه مجاهيل.
وحديث أنس حكم عليه أبوحاتم بالبطلان كما في العلل
ومن حديث عبدالرحمن بن حسنة نسبه الهيثمي للطبراني وسنده ضعيف.
ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللهِ لَأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تُؤَدِّي المَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ» ([أخرجه ابنُ ماجه في «النكاح» باب حقِّ الزوج على المرأة ((1853)) مِنْ حديثِ عبد الله بنِ أبي أَوْفَى رضي الله عنهما في قصَّةِ مُعاذٍ رضي الله عنه. وحسَّنه الألبانيُّ في «الإرواء» ((7) / (56)) رقم: ((1998))].
قلت سيف: اعله أبوحاتم فقال خالف أيوب قي هذا الحديث فقال هشام الدستوائي اسنادا سوى ذا ….. العلل 2250 وبين أن القاسم مضطرب. وكذلك بين الدارقُطني في العلل اضطراب القاسم العلل 963
وأخرجه أحمد 21986 من حديث معاذ وأبو ظبيان لم يسمع معاذا حيث أخرجه أحمد 21987 من طريق أبي ظبيان عن رجل من الأنصار عن معاذ …
ورد من حديث ابي هريرة وهو في الصحيح المسند 1286. وهو من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة ورواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة ضعيفة حيث يعمد إلى أقوال لأبي سلمة فيسندها.
ولم ننتبه لهذا التعليل في تخريجنا لنضرة النعيم. فلعلنا نبينه بإذن الله
جاء في [«لسان العرب» ((1) / (661))]: «ابْنُ سِيدَهْ: القِتْبُ والقَتَبُ: إكافُ البعير؛ وقيل: هو الإكاف الصغير الذي على قَدْرِ سنام البعير. وفي «الصحاح»: رَحْلٌ صغيرٌ على قَدْر السنام».
وقال أبو عُبَيْدٍ القاسمُ بنُ سلَّام في [«غريب الحديث» ((4) / (330))]: «كنَّا نرى أنَّ المعنى أَنْ يكون ذلك وهي تسير على ظَهْرِ البعير، فجاء التفسيرُ في بعضِ الحديث بغير ذلك: أنَّ المرأة كانَتْ إذا حَضَرَ نفاسُها أُجْلِسَتْ على قتبٍ ليكون أَسْلَسَ لولادتها».])،
وأَمَرَ الزوجَ ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ أَنْ لا يُعاقِبَ زوجتَه على تفريطها في أمورٍ سابقةٍ، ولا على إفراطها في مُعامَلاتٍ ماضيةٍ، ولا أَنْ ينقِّبَ عن العيوب المُضِرَّة إذا حصلَتْ له الطاعةُ وتحقَّقَتِ الرغبةُ؛ تفاديًا لأيِّ فسادٍ قد ينجرُّ عن المَلامة، ودرءًا لأيِّ شرٍّ قد يَتولَّدُ عن المُتابَعةِ بالمُعاتَبة؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} [النساء: (34)].
الفرع الثاني: صيانة عِرْض الزوج والمحافَظة على مالِه وولده.
وذلك لقوله تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: (34)]، قال ابنُ كثيرٍ ـ رحمه الله ـ: «{قال السُّدِّيُّ وغيرُه: «أي: تحفظ زوجَها في غيبته في نَفْسِها ومالِه»» ([«تفسير ابن كثير» ((1) / (491)).])، ومِنْ
الفرع الثالث: رعاية شعور الزوج؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «وَنِسَاؤُكُمْ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ الْوَدُودُ الْعَؤُودُ عَلَى زَوْجِهَا، الَّتِي إِذَا غَضِبَ جَاءَتْ حَتَّى تَضَعَ يَدَهَا فِي يَدِهِ، ثُمَّ تَقُولُ: لَا أَذُوقُ غُمْضًا حَتَّى تَرْضَى» ([أخرجه البيهقيُّ في «شُعَب الإيمان» ((8358)) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» ((1) / (578)) رقم: ((287)).])،
قلت سيف: أصح إسناد حديث ابن عباس لكن فيه خلف بن خليفة اختلط. أما بقية شواهده ففيها متروكين وبعضها أشد ضعفا من بعض و. والحديث أوله …. المولود في الجنة. …
ولحديثِ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ؟» قَالَ: «الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ، وَلَا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَهُ» ([أخرجه النسائيُّ في «النكاح» باب: أيُّ النساءِ خيرٌ ((3231)). وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ل «مسند أحمد» ((13) / (153))، وحسَّنه الألبانيُّ في «الإرواء» ((6) / (197)) رقم: ((1786)).]). قلت سيف: هو من طريق محمد بن عجلان عن سعيد المَقبُري وابن عجلان اختلطت عليه أحاديث المقبري.
وفي هذا المضمونِ التوجيهيِّ قال أسماءُ بنُ خارجةَ الفَزَاريُّ ([هو أبو حسَّان أسماءُ بنُ خارجة بنِ حِصْن بنِ حُذَيْفة الفَزَاريُّ، أحَدُ التابعين مِنَ الكوفة مِنَ الطبقة الأولى، كان مِنْ كِبارِ الأشراف، سيِّدًا في قومه، جوادًا مُقدَّمًا عند الخُلَفاء، له أخبارٌ كثيرةٌ. تُوُفِّيَ سنة: ((66) هـ). انظر ترجمته في: «أنساب الأشراف» للبلاذُري ((13) / (173))، «تاريخ دمشق» لابن عساكر ((9) / (51))]، -وهو يزفُّ ابنتَه إلى زوجها ليلةَ عُرْسها-: «يَا بُنَيَّةُ، إِنَّكِ خَرَجْتِ مِنَ العُشِّ الَّذِي فِيهِ دَرَجْتِ، فَصِرْتِ إِلَى فِرَاشٍ لَمْ تَعْرِفِيهِ، وَقَرِينٍ لَمْ تَالَفِيهِ؛ فَكُونِي لَهُ أَرْضًا يَكُنْ لَكِ سَمَاءً، وَكُونِي لَهُ مِهَادًا يَكُنْ لَكِ عِمَادًا، وَكُونِي لَهُ أَمَةً يَكُنْ لَكِ عَبْدًا، وَلَا تُلْحِفِي. ([أَلْحَفَ في المسألة يُلْحِفُ إلحافًا، إذا ألحَّ فيها ولَزِمَها، [انظر: «النهاية» لابن الأثير ((4) / (237))]) بِهِ فَيَقْلَاكِ ([قال الأزهريُّ في [«تهذيب اللغة» ((9) / (225))]: «وكلامُ العربِ الفصيحُ: قَلاه يَقْلِيهِ قِلًى ومَقْلِيةً: إِذا أَبْغَضه، ولغةٌ أُخْرَى ـ وليسَتْ بجيِّدةٍ ـ: قَلاهُ يَقْلاهُ، وهي قليلةٌ».])، وَلَا تَبَاعَدِي عَنْهُ فَيَنْسَاكِ، وَإِنْ دَنَا مِنْكِ فَادْنِي مِنْهُ، وَإِنْ نَأَى عَنْكِ فَابْعُدِي عَنْهُ، وَاحْفَظِي أَنْفَهُ وَسَمْعَهُ وَعَيْنَهُ … فَلَا يَشُمَّنَّ مِنْكِ إِلَّا طَيِّبًا، وَلَا يَسْمَعْ إِلَّا حَسَنًا، وَلَا يَنْظُرْ إِلَّا جَمِيلًا … » ([«إحياء علوم الدين» للغزَّالي ((2) / (58))، و «دائرة مَعارِف الأسرة المسلمة» ((46) / (206))]).
فتَلْزَمُ بيتَ زوجها، ولا تخرج منه إلَّا بإذنه ورِضاهُ، ولا تُدْخِلُ بيتَه مَنْ يكره أو تُلِحُّ عليه فيما يأباهُ ويُحْرِجُه؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: « … فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلَا يَاذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ» ([تقدَّم طَرَفٌ منه مِنْ حديثِ عمرو بنِ الأحوص الجُشَميِّ رضي الله عنه])، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «وَلَا تَاذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» ([أخرجه البخاريُّ في «النكاح» باب: لا تأذن المرأةُ في بيت زوجِها لأحَدٍ إلَّا بإذنه ((5195))، ومسلمٌ في «الزكاة» ((1026))، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.])،
ولا ترفع صوتَها عليه، ولا تُفْحِش بلسانها أو تنطق بالبذاء معه أو مع والدَيْه وأقاربه؛ لقوله تعالى: {لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ} [النساء: (148)].
الفرع الرابع: خدمة المرأة زوجها وتدبير المنزل وتربية الأولاد.
وقد وَعَى نساءُ الصحابة رضي الله عنهم هذه المَهَمَّاتِ الجليلةَ فهمًا وعملًا، ومِنَ النماذجِ الواقعية لهذا الجيلِ المفضَّلِ أنَّ فاطمةَ رضي الله عنها بنتَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كانَتْ تخدم زوجَها حتَّى اشتكَتْ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ما تَلْقَى في يَدِها مِنَ الرحى ([أخرجه البخاريُّ في «النفقات» باب عملِ المرأة في بيت زوجِها ((5361))، ومسلمٌ في «الذِّكْر والدعاء» ((2727))، مِنْ حديثِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه.])،
فقَدْ حقَّق ابنُ القيِّم ـ رحمه الله ـ هذه المسألةَ بقوله: «فاختلف الفُقَهاءُ في ذلك: فأَوْجَبَ طائفةٌ مِنَ السلف والخلف خدمتَها له في مَصالِحِ البيت، وقال أبو ثورٍ: عليها أَنْ تخدم زوجَها في كُلِّ شيءٍ. ومَنَعَتْ طائفةٌ وجوبَ خدمته عليها في شيءٍ، وممَّنْ ذَهَبَ إلى ذلك مالكٌ والشافعيُّ وأبو حنيفة وأهلُ الظاهر، قالوا: لأنَّ عَقْدَ النكاحِ إنما اقتضى الاستمتاعَ لا الاستخدامَ وبَذْلَ المَنافِع، قالوا: والأحاديثُ المذكورة إنما تدلُّ على التطوُّع ومَكارِمِ الأخلاق، فأين الوجوبُ منها؟ واحتجَّ مَنْ أَوْجَبَ الخدمةَ بأنَّ هذا هو المعروفُ عند مَنْ خاطَبَهم اللهُ سبحانه بكلامه، وأمَّا ترفيهُ المرأةِ وخدمةُ الزوجِ وكَنْسُه وطَحْنُه وعَجْنُه وغسيلُه وفَرْشُه وقيامُه بخدمة البيت فمِنَ المُنْكَر، واللهُ تعالى يقول: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: (228)]،وقال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: (34)]، وإذا لم تَخْدُمْه المرأةُ، بل يكون هو الخادمَ لها؛ فهي القوَّامةُ عليه، وأيضًا: فإنَّ المهر في مُقابَلةِ البُضْع، وكُلٌّ مِنَ الزوجين يقضي وَطَرَه مِنْ صاحِبِه؛ فإنما أَوْجَبَ اللهُ سبحانه نَفَقَتَها وكِسْوتَها ومَسْكنَها في مُقابَلةِ استمتاعِه بها وخِدْمَتِها وما جَرَتْ به عادةُ الأزواج، وأيضًا فإنَّ العقود المُطْلَقةَ إنما تُنَزَّلُ على العُرْف، والعُرْفُ خدمةُ المرأةِ وقيامُها بمَصالِحِ البيت الداخلة، وقولهم: إنَّ خدمةَ فاطمةَ وأسماءَ كانَتْ تبرُّعًا وإحسانًا يردُّه أنَّ فاطمةَ كانَتْ تشتكي ما تَلْقى مِنَ الخدمة، فلم يَقُلْ لعليٍّ: لا خدمةَ عليها، وإنما هي عليك، وهو صلَّى الله عليه وسلَّم لا يحابي في الحكم أَحَدًا، ولَمَّا رأى أسماءَ والعَلَفُ على رأسِها والزبيرُ معه؛ لم يَقُلْ له: لا خدمةَ عليها وأنَّ هذا ظلمٌ لها، بل أَقَرَّهُ على
استخدامها، وأَقَرَّ سائرَ أصحابِه على استخدام أزواجهم، مع عِلْمِه بأنَّ منهنَّ الكارهةَ والراضية، هذا أمرٌ لا رَيْبَ فيه.
ولا يَصِحُّ التفريقُ بين شريفةٍ ودنيئةٍ وفقيرةٍ وغنيَّةٍ، فهذه أَشْرَفُ نساءِ العالَمين كانَتْ تخدم زوجَها وجاءَتْه صلَّى الله عليه وسلَّم تشكو إليه الخدمةَ فلم يُشْكِها …… أَصَحُّ» اهـ.]) ([«زاد المَعاد» لابن القيِّم ((5) / (187) ـ (189)).]).
وقد سَبَقَهُ إلى هذا التقريرِ شيخُه ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ ([«مجموع الفتاوى» لابن تيمية ((34) / (90)).]).
وعلى الزوج ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ أَنْ يقدِّرَ حالَها ولا يحمِّلَها ما لا طاقةَ لها به، وله أَنْ يُعينَها في بعضِ شؤونها ومَهَمَّاتِها للتكامل والتآزر، لا سيَّما في حالِ مَرَضِها أو عَجْزِها أو زحمةِ الأعمال عليها اقتداءً بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الذي لم يأنَفْ مِنْ مساعدة أزواجه، فعن الأسود قال: سألتُ عائشة رضي الله عنها: «مَا كَانَ النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟» قَالَتْ: «كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ ـ تَعْنِي: خِدْمَةَ أَهْلِهِ ـ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ» ([أخرجه البخاريُّ في «الجماعة والإمامة» بابُ مَنْ كان في حاجةِ أهله فأُقيمَتِ الصلاةُ فخَرَجَ ((676)) مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها])، ([انظر: «فتح الباري» لابن حجر ((2) / (163)).]).
ويدلُّ على مسئولية الزوجةِ في القيام بحَقِّ الأولاد تربيةً ورعايةً قولُه تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: (233)]، وقولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: « … وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ … » ([أخرجه البخاريُّ في «الأحكام» باب قول الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء: (59)] ((7138))، ومسلمٌ في «الإمارة» ((1829))، مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما.]).
—–
الفرع الخامس: إحداد الزوجة في عدَّة وفاة زوجها. وعلى الزوجةِ الاعتدادُ في بيتها الذي كانَتْ تسكنه يوم تُوُفِّيَ زوجُها؛ لِمَا جاء في حديثِ الفُرَيْعَةِ بنتِ مالكٍ رضي الله عنهما التي تُوُفِّيَ عنها زوجُها قالَتْ: «خَرَجَ زَوْجِي فِي طَلَبِ أَعْلَاجٍ لَهُ، فَأَدْرَكَهُمْ بِطَرَفِ الْقَدُومِ فَقَتَلُوهُ، فَجَاءَ نَعْيُ زَوْجِي وَأَنَا فِي دَارٍ مِنْ دُورِ الأَنْصَارِ، شَاسِعَةٍ عَنْ دَارِ أَهْلِي ….. فَقَالَ: «امْكُثِي فِي بَيْتِكِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ نَعْيُ زَوْجِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ»، قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» ([أخرجه أبو داود في «الطلاق» بابٌ في المتوفَّى عنها تنتقل ((2300))،و تَرَاجَعَ عن تضعيفه فصحَّحه في «صحيح أبي داود» ((2300)) وأشار إلى ذلك في «السلسلة الضعيفة» ((12) / (208)) عند الحديث رقم: ((5597)).])، قلت سيف: هو على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند كما بيناه في تخريج مسند أحمد
===
===
===
المطلب الثاني: محاذير لازمة الاتقاء:
الفرع لأوَّل: محذور طاعة الزوج في معصية الله. لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ» ([أخرجه البخاريُّ في «الأحكام» باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصيةً ((7145))، ومسلمٌ في «الإمارة» ((1840))، مِنْ حديثِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه.])، وقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الخَالِقِ» ([أخرجه أحمد في «المسند» ((19881))،، مِنْ حديثِ عمران بنِ حُصَينٍ رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» ((7520)).])،
ومِنْ لوازمِ ذلك أَنْ تأخذَ نصيبَها الواجبَ مِنَ العلم الشرعيِّ لإصلاح دِينِها وتزكيةِ نَفْسِها، فترتسم لها حدودُ اللهِ ظاهرةً لئلَّا تتجاوزَها بطاعةِ زوجِها.
الفرع الثاني: محذور إيذاء الزوج.
لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الحُورِ العِينِ: لَا تُؤْذِيهِ، قَاتَلَكِ اللهُ؛ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا» ([أخرجه الترمذيُّ في «الرضاع» ((1174))، مِنْ حديثِ مُعاذٍ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» ((1) / (334)) رقم: ((173)).]).
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند راجع تخريجنا لنضرة النعيم.
ومِنْ وجوهِ الأذيَّةِ أَنْ تَمُنَّ عليه إذا أنفقَتْ عليه وعلى أولادِه مِنْ مالِها؛ فإنَّ المَنَّ ـ بغَضِّ النظرِ عن إيذاءِ الزوج به ـ يُبْطِلُ الأجرَ والثواب، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: (264)]،
ومِنْ وجوهِ أذيَّته ـ أيضًا ـ تكليفُه فوق طاقتِه، بل عليها أَنْ ترضى باليسير وتَقْنَعَ به حتَّى يفتحَ اللهُ تعالى، قال الله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)} [الطلاق].
====
====
الفرع الثالث: محذور إسخاط الزوج.
لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ: العَبْدُ الآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» ([أخرجه الترمذيُّ في «الصلاة» بابٌ فيمَنْ أمَّ قومًا وهُمْ له كارهون ((360)) مِنْ حديثِ أبي أمامة رضي الله عنه. وحسَّنه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» ((3057)).])، وهو في الصحيح المسند 487
قال أهلُ العلم: «هذا إذا كان السخطُ لسوءِ خُلُقها، أو سوءِ أَدَبِها، أو قلَّةِ طاعَتِها، أمَّا إِنْ كان سخطُ زوجِها مِنْ غيرِ جُرْمٍ فلا إِثْمَ عليها» ([«تحفة الأحوذي» للمباركفوري ((2) / (344)).]).
======
======
الفرع الرابع: محذور كفر إحسان الزوج.
، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى امْرَأَةٍ لَا تَشْكُرُ لِزَوْجِهَا وَهِيَ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ» ([أخرجه الحاكم في «المُسْتدرَك» ((2771))، والبيهقيُّ في «السنن الكبرى» ((14720))، مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمرٍو رضي الله عنهما. وصحَّحه الألبانيُّ في
«السلسلة الصحيحة» ((1) / (581)) رقم: ((289)).])؛
قلت سيف: على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
قال النسائي وقفه شعبة
وقال النسائي مرة: ورواه من طريق محشر بن قبيصة ثقة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عبدالله بن عمرو مرفوعا
وقال: سرار بن مجشر هذا ثقة بصري هو ويزيد بن زريع يقدمان في سعيد بن أبي عروبة.
ومرة رفعه شعبة من رواية ابن المبارك قال البزار 2349: لا نعلم أحدا اسنده
بينما قي كشف الأستار 1460: لا نعلم أحدا رفعه عن سعيد إلا ابن المبارك
وأخرجه النسائي عن عمر بن إبراهيم عن قتادة عن الحسن فذكره.
بينما قال البيهقي: ورواه من طريق عمر بن إبراهيم عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عبدالله بن عمرو إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال. .. . هكذا جاء به مرفوعا والصحيح أنه من قول عبدالله غير مرفوع
وكذلك رجح الموقوف العقيلي فبعد أن رجح رواية ابن المبارك عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم واعتبرها أولى من رواية من رواه عن قتادة عن الحسن وسعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال هشام الدستوائي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عبدالله بن عمرو موقوفا نحوه وهذا أولى.
فصار النسائي يرجح أن المرفوع محفوظ وخالفه العقيلي والبيهقي فلا بأس أن نجعله على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
و قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «وَرَأَيْتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ»، قَالُوا: «بِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟» قَالَ: «بِكُفْرِهِنَّ»، قِيلَ: «أَيَكْفُرْنَ بِاللهِ؟» قَالَ: «بِكُفْرِ الْعَشِيرِ، وَبِكُفْرِ الإِحْسَانِ: لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ» ([مُتَّفَقٌ عليه
قال المُناويُّ ـ رحمه الله ـ: «لأنَّ كفران العطاء، وتَرْكَ الصبر عند البلاء، وغلبةَ الهوى، والميلَ إلى زخرف الدنيا، والإعراضَ عن مَفاخِرِ الآخرة فيهنَّ أَغْلَبُ لضعفِ عقلهنَّ وسرعةِ انخداعهنَّ» ((44) -[«فيض القدير» للمُناوي ((1) / (545)).]).
=====
الفرع الخامس: محذور سؤال الزوج طلاق نفسها.
لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ فِي غَيْرِ مَا بَاسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الجَنَّةِ» ((45) -[أخرجه أبو داود في «الطلاق» بابٌ في الخُلْع ((2226)) مِنْ حديثِ ثوبان رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» ((7) / (100)) رقم: ((2035)).]).
قلت سيف: أخرجه أحمد 22440 وقلنا أبو قلابة عبدالله الجرمي كثير الإرسال وأشار الترمذي إلى أنه روي موقوفا
انظر تحقيق الدراري طبعة الآثار واتحاف الخليل.
====
الفرع السادس: محذور الامتناع من تمكين الزوج من الاستمتاع بها.
لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ تَاتِهِ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» ([مُتَّفَقٌ عليه:
===
الفرع السابع: محذور إفشاء أسرار الجماع؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» ([أخرجه مسلمٌ في «النكاح» ((1437)) مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه.])،
وهذا إنما يَحْرُمُ إذا كان الإخبارُ عن الوِقاعِ على وجه التندُّر والتفكُّه، أمَّا إذا كان إفشاءُ السرِّ أو بعضِه ممَّا تدعو إليه الحاجةُ الشرعية: كالاستفتاء والقضاء والطبِّ ونحوِ ذلك فيجوز بقَدْرِه،
الفرع الثامن: محذور صوم غير رمضان بدون إذن زوجها. لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ» ([تقدَّم طَرَفٌ منه مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه، انظر تخريجه: الهامش (رقم (15)).]).
الفرع التاسع: محذور نزع ثيابها في غير بيت زوجها. لا يجوز للمرأة أَنْ تخلع ثيابَها في غيرِ بيتِ زوجِها أو أهلِها أو مَحارِمِها؛ فإنَّ التكشُّف في غيرِ بيتٍ آمنٍ، كالحمَّاماتِ وقاعاتِ الحفلاتِ ونحوِها، يعرِّضُ المرأةَ للتهمة والفتنة، وخاصَّةً مع ما يجري في زماننا مِنِ استعمالِ آلات التصوير. وقد ثَبَتَ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَزَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا خَرَقَ اللهُ عَنْهَا سِتْرَهُ» ([أخرجه أحمد في «مسنده» ((26569)) بلفظ: «سِتْرًا»، مِنْ حديثِ أمِّ سَلَمةَ رضي الله عنها. وصحَّحه الألبانيُّ في «غاية المَرام» ((195)).])،
قلت سيف: هو في الصحيح المسند
رجح الدارقُطني في العلل 3745 قول شعبة والثوري عن منصور عن سالم بن بن أبي الجعد عن أبي المليح عن عائشة.
وقال ابن المديني وأحمد: سالم بن أبي الجعد لم يلق عائشة.
وقال باحث: لا نعلم الواسطة بين أبي المليح وعائشة. وكأنه يرى أنه لم يلقها. فالله أعلم. انتهى كن تخريجنا لنضرة النعيم.
===
===
===
وقد صحَّ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِنْ حديثِ الحُصَيْنِ بنِ مِحْصَنٍ: أنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتِ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فِي حَاجَةٍ، فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟»، قَالَتْ: «نَعَمْ»، قال: «كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟»، قَالَتْ: «مَا آلُوهُ إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ»، قَالَ: «فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ؛ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ» ([أخرجه أحمد في «مسنده» ((19003)). وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» ((6) / (220)).]).
قلت سيف: يميل الدارقُطني 15/ 419 أن الراجح ارساله ثم حصين بن محصن مجهول حال.
====
====
====
====
====
المطلب الثاني: تربية الأولاد وأسس تأهيلهم،
من واجبات تأهيل الولد وأساليب تكوين شخصيته
ومن واجبات تأهيل الولد وأساليب تكوين شخصيته: القدوةُ الحسنة والأسوة الصالحة التي يقتدي بها في مراحله الأولى من نموِّه العقليِّ والنفسيِّ والأخلاقيِّ،
كما يُستحسن توثيقُ صِلة الولد بالألفاظ الإسلامية ذات المعاني الشرعية ككلمة الإخلاص، والأسماء الحسنى، وبعضِ شعائر الإسلام ليتدرَّب عليها ويعلِّقَ قلبَه بمعانيها. ويُعلَّمُ فرائضَ الإسلام بقدر ما يناسب عَقْلَه، وعادةً يمكن البدءُ ـ بعد بلوغ الولد سنَّ سبع سنواتٍ ـ بغرس بذور الشخصية الإسلامية فيه وترويضه ـ بحسب اتِّساع مدارك الولد ـ على معاني هذه الشخصية بما يلائمه.
فمِن ذلك زرعُ الأبوين الأصولَ الخُلُقيةَ في نفس ولدهما كالتقوى والصدق والأخوَّة، والرحمة والصبر والإيثار والعفو، وإعدادُه على احترام الناس ومراعاة حقوقهم: كحقِّ الوالدين والأرحام والإمام والجار والمعلِّم والكبير والصاحب، مع بيانٍ للآداب العامَّة التي يلتزم بها الولد، مثل: أدب المجلس والحديث، والتهنئة والتعزية، والعطاس والتثاؤب، واللباس والتنعُّل، والسلام والاستئذان، والطعام والشراب، وعيادة المريض، ونحو ذلك.
وبالمقابل ينبغي تحذيرُه من ظاهرة الكذب، والسِّباب، والشتائم، والسرقة، والتخنُّث، والتشبُّه بالكفَّار، والميوعة والانحلال، والاختلاط الآثم، واللواط والزنى، والأضرار الناجمة عنها جميعًا، وتحذيرُه ـ أيضًا ـ من ظاهرة التدخين والمسكرات والمخدِّرات، وغيرها من أنواع الفساد المتفشِّية في المجتمع، وتخويفُه من عواقب اقتراف المحارم وركوبها.
واختيارُ الرفقة الصالحة له ليكتسب منها الخُلُقَ الحسن والأدب الرفيع والعادة الفاضلة، مع مراقبته ـ خاصَّةً في سِنِّ التمييز والمراهقة ـ من الخلطة الفاسدة ورفاق السوء، ومصاحبةِ الأشرار، لئلَّا يكتسب منهم أقبحَ الأخلاق وأحطَّ العادات.
ومن واجبات تربية الولد: الرِّفقُ به وملاطفته ومعاملته باللِّين من غير شِدَّةٍ، لا سِيَّما من الوالدين أو مَن يقوم مقامَهما كالجَدِّ والعمِّ؛ لأنَّ الشِّدَّة في التربية لا تولِّد إلَّا شِدَّةً في السلوك، وقد صَحَّ عن البراء رضي الله عنه أنَّه قال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى عَاتِقِهِ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ» ([أخرجه البخاري في «فضائل الصحابة» ((3749))، ومسلم في «فضائل الصحابة» ((2422))، من حديث البراء بن عازبٍ رضي الله عنه.]).
قال النووي: «وفيه ملاطفة الصبيان ورحمتُهم، ومماسَّتهم» ([«شرح صحيح مسلم» للنووي ((15) / (194)).]).
والولدُ يحتاج من والديه أمرًا محسوسًا حتى يشعر بما يجول في قلبيهما من محبَّةٍ وعَطْفٍ ورحمةٍ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّه صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ ـ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا ـ فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: «مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ» ([أخرجه البخاري في «الأدب» ((5997))، ومسلم في «الفضائل» ((2318))، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.])،
وتقريرًا لهذا المعنى فقد روى البخاريُّ عن أسامة بن زيدٍ رضي الله عنهما قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَاخُذُنِي فَيُقْعِدُنِي عَلَى فَخِذِهِ، وَيُقْعِدُ الحَسَنَ عَلَى فَخِذِهِ الأُخْرَى، ثُمَّ يَضُمُّهُمَا ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا فَإِنِّي أَرْحَمُهُمَا»» ((15)).
ومن مظاهر تحسيس الولد بما في قلبَيْ والديه من عنايةٍ وشفقةٍ ومحبَّةٍ: مدحُه والثناء عليه إذا أحسن وقام بالمطلوب، وبالمقابل تنبيهُه إذا أساء أو أخطأ في أداء المطلوب، ثمَّ يعلِّمه العادةَ الصالحة والصفةَ الحسنة التي يفتقدها، وقد بيَّن النبيُّ صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوبَ التربويَّ في حديث عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا غُلَامُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» ([أخرجه البخاري في «الأطعمة» ((5376))، ومسلم في «الأشربة» ((2022))، من حديث عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما.]).
ومن جهةٍ أخرى، فإنَّ معاملة الوالدين لأولادهما بمحبَّةٍ ورحمةٍ تقتضي وجوبَ العدل بينهم، وعدمَ إيثار الأبناء على البنات. لقوله صلى الله عليه وسلم للبشير ابن سعدٍ رضي الله عنه في شأن تخصيصه للعطيَّة لأحد أبنائه: «أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَاتَّقُوا اللهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ» ((17) -[أخرجه البخاري في «الهبة» ((2587))، ومسلم في «الهبات» ((1623))، من حديث النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما.]).
ومن جهةٍ ثالثةٍ، فإنَّه قد يصدر عن الصغير عملٌ يُغضب والديه أو يزعجهما، فلا يجوز التشديدُ عليه ولا تعنيفُه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى العُنْفِ» ((18) -[أخرجه مسلم في «البر والصلة والآداب» ((2593))، من حديث عائشة رضي الله عنها.])،
يجوز التشديد عليه، وقد تصل إلى ضربه ضربًا غير مُبَرِّحٍ إذا بلغ عشر سنين، وقد جاء في الحديث: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ ـ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ ـ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا ـ وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ ـ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي المَضَاجِعِ» ((20) -[أخرجه أبو داود في «الصلاة» ((495))، من حديث عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنهما. وصحَّحه ابن الملقِّن في «البدر المنير» ((3) / (283))، والألباني في «إرواء الغليل» ((247))، وحسَّنه في «صحيح الجامع» ((5868)).]).
قلت سيف: قال العقيلي في ترجمة سوار: لا يتابع عليه وليس يروى من وجه يثبت. تخريجنا لسنن أبي داود 495
يعني مطلوب التدرُّج في تأديب الصغير في سِنِّ الطفولة.
أمَّا الكبير فيختلف طريقُ إصلاحه وتأديبه، فإن كان أسلوبُ الإقناع والوعظ والإرشاد لا يجدي معه نفعًا لجأ الوالدان معه إلى الهجر ما دام بقي مُصِرًّا على غَيِّهِ وانحرافه وفجوره، فقد هجر ابن عمر رضي الله عنهما ابنًا له إلى أن مات لعدم انقياده لحديثٍ ذكره له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهى فيه الرجالَ أن يمنعوا النساءَ من الذهاب إلى المساجد ([أخرجه أحمد في «مسنده» ((4933))، من حديث مجاهدٍ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، والحديث صحَّحه الألباني في «غاية المرام» (ص (234)).]).
قلت سيف: وورد من حديث أبي هريرة وهو في الصحيح المسند 1276
وهذا إذا لم يبلغ في ظلمه وغَيِّه حدَّ الكفر والإلحاد، فإن تجاوز بانحرافه هذه الدرجةَ فإنَّ من مستلزمات العقيدة والإيمان هجرانَه والإعراضَ عنه والتبرُّؤَ من عمله إلى أن يتوبَ ويرجع إلى الحقِّ، قال تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46)} [هود]،
آثار الإخلال بتربية الولد: هذا، ويترتَّب على الوالدين أو مَن في كفالته الولدُ، حالَ الإخلال بواجبهما تجاهَ ولدهما أو التقصيرِ في تعليمه، نزعُ الولد مِن يدهما، ليتمَّ تسليمُه إلى رعايةٍ أُخرى مناسِبةٍ لتعليمه. وضِمن هذا المنظور يقول ابن القيِّم ـ رحمه الله ـ: «قال شيخنا ـ أي: شيخ الإسلام ابنُ تيمية ـ وإذا ترك أحدُ الأبوين تعليمَ الصبيِّ وأَمْرَه الذي أوجبه الله عليه؛ فهو عاصٍ ولا ولايةَ له عليه، بل كُلُّ مَنْ لَمْ يقم بالواجب في ولايته فلا ولاية له، بل إمَّا أن تُرفع يدُه عن الولاية ويقامَ من يفعل الواجبَ، وإمَّا أن يُضَمَّ إليه من يقوم معه بالواجب، إذ المقصود طاعةُ الله ورسوله بحَسَب الإمكان، قال شيخنا: وليس هذا الحقُّ من جنس الميراث الذي يحصل بالرحم والنكاح والولاء، سواءٌ كان الوارث فاسقًا أو صالحًا، بل هذا من جنس الوِلاية التي لا بدَّ فيها من القدرة على الواجب والعلم به وفعلِه بحَسَب الإمكان» ((22) -[«زاد المعاد» لابن القيِّم ((5) / (475)).]).
الوجه الرابع: أكمل وأفضل النساء، فيه خمس فروع: الفرع الأول:
ما ورد من النصوص في أكمل وأفضل النساء: رواه البخاري (3411)، ومسلم (2431) وغيرهما من أصحاب السنن والمسانيد والمصنفات من طريق شُعْبَةَ بن الحجاج، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ الهَمْدَانِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ)).
قلت سيف: أخرجه مسلم
—–
بعض الأحاديث الواردة في الباب في الصحيح المسند:
41 – قال الامام الترمذي رحمه الله {ج10ص389}:حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ زَنْجُوَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بنت عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ)).هذا حديث صحيح*
قال الإمام أحمد (2668) حدثنا يونس حدثنا دواد بن أبي الفرات عن علباء عن عكرمة عن ابن عباس قال: خط رسول الله صلى الله عليه و سلم في الأرض أربعة خطوط فقال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم: ((أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد و آسية بنت مزاحم امرأة فرعون و مريم بنت عمران)).
الفرع الثاني: المراد من الكمال الوارد في الحديث. قال النووي: ” والمُرَادُ هُنَا: التَّنَاهِي فِي جَمِيعِ الْفَضَائِلِ وَخِصَالِ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى”. انتهى [شرح صحيح مسلم (15/ 198)].
وقال الصنعاني: ((كمل من الرجال كثير)) في الدين، إذ هو الكمال الحقيقي، ويقال: كمال المرء في سنة العلم والحق والعدل والصواب والصدق والأدب، والكمال في هذه الخلال موجود في كثير من الرجال بفضل العقول وتفاوتها “. انتهى [التنوير شرح الجامع الصغير” (8/ 239)].
وقال القرطبي: ” ولا شك أن أكمل نوع الإنسان: الأنبياء، ثم تليهم الأولياء، ويعني بهم: الصديقين، والشهداء، والصالحين”. انتهى [المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم” (20/ 72)].
قال الشيخ ابن باز في معنى (الكمال): ” يعني في الصفات الإنسانية التي مدحها الله وأثنى على أهلها من: العلم، والجود، والاستقامة على دين الله، والشجاعة في الحق، وغير ذلك من الصفات العظيمة، التي مدحها الله سبحانه، وأثنى على أهلها، أو رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن أكمل الناس في ذلك هم الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأكملهم وأفضلهم هو خاتمهم وإمامهم: محمد صلى الله عليه وسلم ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (7/ 398).
فالمراد من الكمال في هذا الحديث إذا: بلوغ الغاية الممكنة، في التقوى والفضائل والأخلاق والخصال الحميدة.
ولا شك أن هذه المرتبة من الكمال وصل لها الكثير من الرجال، بخلاف النساء. فالرجال كان منهم الرسل والأنبياء، وأعداد لا تحصى من الشهداء والصديقين والأولياء، وكثير من هؤلاء بلغ الغاية في الكمال في هذه المراتب.
بخلاف النساء؛ فهن وإن كان فيهن صديقات وصالحات؛ إلا أنه لم يبلغ منهن مرتبة الكمال فيها إلا أقل القليل.
الفرع الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم: ((وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ))، هل الكمال محصور بالأمم السابقة فقط؟
لا شك أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي أفضل الأمم على الإطلاق، فلا تخلو من وجود من بلغ درجة الكمال من الرجال والنساء، ولا يبعد وجود هؤلاء في كل زمان ومكان، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وليس ثمة ما يمنع من وجود الكُمّل من الرجال والنساء بعد عصر النبوة والصحابة، من أمثال التابعين وأتباعهم، وعلماء الأمة إلى يوم الناس هذا.
ولذلك ذكر معظم شراح الحديث أن المراد من هذا الحديث: الأمم السابقة.
قال القرطبي: ” ولم يتعرض النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لأحد من نساء زمانه، إلا لعائشة خاصة، فإنَّه فضلها على سائر النساء” انتهى من “المفهم” (20/ 73).
وقال شيخ الإسلام: “يَعْنِي مِنْ نِسَاءِ الْأُمَمِ قَبْلَنَا” انتهى “الجواب الصحيح” (2/ 350).
وقال الحافظ ابن حجر: ” فَالْمُرَادُ: مَنْ تقدمَ زمانَه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِأَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ زَمَانِهِ” انتهى “فتح الباري” (6/ 447)، وينظر” شرح النووي على مسلم” (15/ 199).
وقال القاضي عياض: ” وليس يشعر الحديث بأنه لم يكمل، ولا يكمل، ممن يكون في هذه الأمة غيرهما ” انتهى من “إكمال المعلم” (7/ 440).
وقال ابن كثير: ” وَلَفْظُهُ يَقْتَضِي حَصْرَ الْكَمَالِ فِي النِّسَاءِ فِي مَرْيَمَ وَآسِيَةَ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ فِي زَمَانِهِمَا، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَفَلَتْ نَبِيًّا فِي حَالِ صِغَرِهِ، فَآسِيَةُ كَفَلَتْ مُوسَى الْكَلِيمَ، وَمَرْيَمُ كَفَلَتْ وَلَدَهَا عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَه.
فَلَا يَنْفِي كَمَالَ غَيْرِهِمَا فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، كَخَدِيجَةَ وَفَاطِمَةَ ” انتهى “البداية والنهاية” (2/ 431).
وقال السيوطي: ” (كمل من الرِّجَال كثير) أَي: من الْأُمَم السَّابِقَة، (وَلم يكمل من النِّسَاء إلا امْرَأَتَانِ) وَلَا يلْزم مِنْهُ انه لم يكمل من أمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحد من النِّسَاء، بل لهَذِهِ الْأمة مزية على غَيرهَا ” انتهى. “شرح سنن ابن ماجه” (1/ 236).
وقال الصنعاني: ” “وليس في الاقتصار عليهما حصر للكمال فيهما “. انتهى “التنوير شرح الجامع الصغير” (8/ 239).
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ” والذي يظهر لي أن قوله ” خير نسائها ” خبر مقدم والضمير لمريم فكأنه قال مريم خير نسائها -أي نساء زمانها-، وكذا في خديجة.
وقد جزم كثير من الشراح أن المراد: نساء زمانها؛ لما تقدم في أحاديث الأنبياء في قصة موسى وذكر آسية من حديث أبي موسى رفعه ” كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم وآسية ” فقد أثبت في هذا الحديث الكمال لآسية كما أثبته لمريم، فامتنع حمل الخيرية في حديث الباب على الإطلاق”. (ج8/ 114) دار الكتب العلمية.
قال النووي عند شرحه الحديث: (أراد وكيع بهذه الإشارة تفسير الضمير في نسائها، وأن المراد به جميع نساء الأرض أي: كل من بين السماء والأرض من النساء، والأظهر أن معناه: أن كل واحدة منهما خير نساء الأرض في عصرها، وأما التفضيل بينهما فمسكوت عنه) ((شرح صحيح مسلم)) (15/ 207).
====
====
الفرع الرابع: سبب ذكرهن دون سائر النساء
أنهن حُزْنَ من المزايا والخصال ما لم يجتمع لامرأة، لا سابقة ولا لاحقة.
1 – فمريم بنت عمران؛ هي الصديقة التي نفخ فيها الروح الأمين لتنجب واحدا من أولي العزم من الرسل؛ وصفها الله عز وجل بقوله: (وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) التحريم/12. وقال سبحانه وتعالى: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ) آل عمران/42.
2 – وآسية امرأة فرعون؛ قتلها فرعون شهيدة بعد أن سامها سوء العذاب؛ وذلك لإيمانها برب موسى وهارون، وضرب الله عز وجل بها المثل فقال سبحانه: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) التحريم/11.
وقال ابن كثير: ” فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَفَلَتْ نَبِيًّا فِي حَالِ صِغَرِهِ، فَآسِيَةُ كَفَلَتْ مُوسَى الْكَلِيمَ، وَمَرْيَمُ كَفَلَتْ وَلَدَهَا عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَه.” انتهى “البداية والنهاية” (2/ 431).
3، 4 – وأما خديجة وعائشة رضي الله عهن فخيار أمهات المؤمنين رضي الله عهن، وزوجتا خير الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الدنيا، وزوجتاه في الجنة أيضا.
قال الحافظ ابن كثير: ” قالوا: والقدر المشترك بين الثلاث نسوة؛ آسية ومريم وخديجة: أن كلا منهن كفلت نبيا مرسلا، وأحسنت الصحبة في كفالتها وصدقته. فآسية: ربت موسى وأحسنت إليه وصدقته حين بعث. ومريم: كفلت ولدها أتم كفالة وأعظمها وصدقته حين أرسل. وخديجة: رغبت في تزويج رسول الله ? بها، وبذلت في ذلك أموالها كما تقدم وصدقته حين نزل عليه الوحي من الله عز وجل.”. [البداية والنهاية (ج2/ 138)].
وأما فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام: قال ابن القيم: الثريد مركَّب من لحم وخبز واللحم سيد الآدام، والخبز سيد الأقوات، فإذا اجتمعا لم يكن بعدها غاية. زاد المعاد (4/ 271).
وقال النووي: قال العلماء: معناه أن الثريد من كلّ الطعام أفضل من المرق , فثريد اللحم أفضل من مرقه بلا ثريد , وثريد ما لا لحم فيه أفضل من مرقه , والمراد بالفضيلة نفعه , والشبع منه , وسهولة مساغه , والالتذاذ به , وتيسر تناوله , وتمكن الإنسان من أخذ كفايته منه بسرعة , وغير ذلك , فهو أفضل من المرق كله ومن سائر الأطعمة، وفضل عائشة على النساء زائد كزيادة فضل الثريد على غيره من الأطعمة. وليس في هذا تصريح بتفضيلها على مريم وآسية ; لاحتمال أن المراد تفضيلها على نساء هذه الأمة. ” شرح مسلم ” (15/ 199).
5 – وأما فاطمة رضوان الله عليها، فهي بنت النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهي سيدة نساء أهل الجنة.
قال ابن القيم – في مبحث التفضيل بين عائشة وفاطمة -:فالتفضيل بدون التفصيل لا يستقيم، فإن أريد بالفضل كثرة الثواب عند الله عز وجل: فذلك أمر لا يطلع عليه إلا بالنص؛ لأنه بحسب تفاضل أعمال القلوب لا بمجرد أعمال الجوارح وكم من عاملين أحدهما أكثر عملا بجوارحه والآخر أرفع درجة منه في الجنة.
وإن أريد بالتفضيل التفضيل بالعلم فلا ريب أن عائشة أعلم وأنفع للأمة وأدّت إلى الأمة من العلم ما لم يؤد غيرها واحتاج إليها خاص الأمة وعامتها.
وإن أريد بالتفضيل شرف الأصل وجلالة النسب: فلا ريب أن فاطمة أفضل فإنها بضعة من النبي صلى الله عليه وسلم وذلك اختصاص لم يشركها فيه غير أخواتها.
وإن أريد السيادة: ففاطمة سيدة نساء الأمة.
وإذا ثبتت وجوه التفضيل وموارد الفضل وأسبابه صار الكلام بعلم وعدل.
وأكثر الناس إذا تكلم في التفضيل لم يُفصِّل جهات الفضل ولم يوازن بينهما فيبخس الحق، وإن انضاف إلى ذلك نوع تعصب وهوى لمن يفضِّله تكلم بالجهل والظلم. ” بدائع الفوائد ” (3/ 682، 683).
وأما خصائص عائشة رضي الله عنها فكثيرة،
راجع أبواب الفضائل
ويدل على أن مقصود الحديث هو تفضيل المذكورات في الحديث على سائر نساء الأرض حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ)). رواه البخاري (3432) ومسلم (2430).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ: مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ)). رواه الترمذي (رقم/3878) وقال: حسن صحيح.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: ((خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ خُطُوطٍ، قَالَ: تَدْرُونَ مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ أَجْمَعِينَ)). رواه أحمد في ” المسند ” (4/ 409) وصححه الحافظ ابن حجر في ” فتح الباري ” (6/ 178).والروايات في هذا الباب كثيرة.
يقول الحافظ النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: (خير نسائها مريم بنت عمران , وخير نسائها خديجة بنت خويلد)، وأشار وكيع إلى السماء والأرض. أراد وكيع بهذه الإشارة تفسير الضمير في نسائها , وأن المراد به جميع نساء الأرض , أي: كل من بين السماء والأرض من النساء ” انتهى. [شرح مسلم (15/ 198)].
====
الفرع الخامس: فيمن يستدل بحديث الباب على نبوة النساء ونبوة آسية ومريم
سبق الإشارة إلى المسألة في فقه الحديث.
الوجه الخامس: مسألة زواج السَّيِّد الشريف من غير الشريفة, والعكس
فقد اختلف الفقهاء في اعتبار كفاءة النسب في النكاح: فمنهم من اعتبره وقال: لا يصح لغير الشريف أن يتزوج بالشريفة الهاشمية، والصحيح أنه ليس شرطاً معتبراً في النكاح فقد زوَّج النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم زينب بنت جحش القرشية من زيد بن حارثة مولاه، وزوج فاطمة بنت قيس الفهرية القرشية من أسامة بن زيد، وتزوج بلال بن رباح بأخت عبد الرحمن بن عوف القرشية، وزوَّج النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ابنتيه من عثمان ابن عفان رضي الله عنه وهو ليس بهاشمي بل من بني عبد شمس، وزوَّج علي ابنته أم كلثوم بنت فاطمة من عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جميعاً وهو عدوي وليس بهاشمي، وفي الحديث: ((إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه)) رواه الترمذي وحسنه.
قال الحافظ ابن القيم في (زاد المعاد) (5/ 144): (فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الدِّين في الكفاءة أصلاً وكمالاً، فلا تُزوَّج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر، ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمراً وراء ذلك، فإنه حرَّم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث، ولم يعتبر نسباً ولا صناعة، ولا غنى ولا حرية، فجوَّز للعبد القن نكاح الحرة النسيبة الغنية إذا كان عفيفاً مسلماً، وجوَّز لغير القرشيين نكاح القرشيات، ولغير الهاشميين نكاح الهاشميات، وللفقراء نكاح الموسرات) أ. ه