22 – بَابُ مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُمِّهِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا
109 – (2459) حَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ، وَسَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ الْحَضْرَمِيُّ، وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، – قَالَ: سَهْلٌ وَمِنْجَابٌ: أَخْبَرَنَا وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا – عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} [المائدة: 93] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قِيلَ لِي أَنْتَ مِنْهُمْ»
110 – (2460) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، – وَاللَّفْظُ لِابْنِ رَافِعٍ قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا – يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ الْيَمَنِ، فَكُنَّا حِينًا، «وَمَا نُرَى ابْنَ مَسْعُودٍ، وَأُمَّهُ إِلَّا مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِهِمْ وَلُزُومِهِمْ لَهُ»
110 – وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّهُ سَمِعَ الْأَسْوَدَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى، يَقُولُ: لَقَدْ قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ الْيَمَنِ فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ.
111 – (2460) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا أُرَى أَنَّ عَبْدَ اللهِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، أَوْ مَا ذَكَرَ مِنْ نَحْوِ هَذَا
112 – (2461) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ – وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى – قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ، قَالَ: ” شَهِدْتُ أَبَا مُوسَى وَأَبَا مَسْعُودٍ، حِينَ مَاتَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَتُرَاهُ تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ؟ فَقَالَ: إِنْ قُلْتَ ذَاكَ، إِنْ كَانَ لَيُؤْذَنُ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا، وَيَشْهَدُ إِذَا غِبْنَا ”
113 – (2461) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا قُطْبَةُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، قَالَ: كُنَّا فِي دَارِ أَبِي مُوسَى مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ فِي مُصْحَفٍ، فَقَامَ عَبْدُ اللهِ، فَقَالُ أَبُو مَسْعُودٍ: ” مَا أَعْلَمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ بَعْدَهُ أَعْلَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ هَذَا الْقَائِمِ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ، لَقَدْ كَانَ يَشْهَدُ إِذَا غِبْنَا، وَيُؤْذَنُ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا ”
113 – وحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ هُوَ ابْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا مُوسَى، فَوَجَدْتُ عَبْدَ اللهِ، وَأَبَا مُوسَى، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ حُذَيْفَةَ، وَأَبِي مُوسَى وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَحَدِيثُ قُطْبَةَ أَتَمُّ وَأَكْثَرُ
114 – (2462) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ قَالَ: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] ثُمَّ قَالَ: عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ تَأْمُرُونِي أَنْ أَقْرَأَ؟ فَلَقَدْ «قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنِّي أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا أَعْلَمُ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ» قَالَ شَقِيقٌ: فَجَلَسْتُ فِي حَلَقِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَلَا يَعِيبُهُ
115 – (2463) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا قُطْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا مِنْ كِتَابِ اللهِ سُورَةٌ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ حَيْثُ نَزَلَتْ، وَمَا مِنْ آيَةٍ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ فِيمَا أُنْزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا هُوَ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللهِ مِنِّي، تَبْلُغُهُ الْإِبِلُ، لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ»
116 – (2464) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنَّا نَأْتِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، فَنَتَحَدَّثُ إِلَيْهِ – وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: عِنْدَهُ – فَذَكَرْنَا يَوْمًا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: لَقَدْ ذَكَرْتُمْ رَجُلًا لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ فَبَدَأَ بِهِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ ”
117 – (2464) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو فَذَكَرْنَا حَدِيثًا، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ” اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ – فَبَدَأَ بِهِ – وَمِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمِنْ سَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَمِنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ” وَحَرْفٌ لَمْ يَذْكُرْهُ زُهَيْرٌ، قَوْلُهُ: يَقُولُهُ.
117 – حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، بِإِسْنَادِ جَرِيرٍ، وَوَكِيعٍ، فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، قَدَّمَ مُعَاذًا، قَبْلَ أُبَيٍّ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ، أُبَيٌّ، قَبْلَ مُعَاذٍ.
117 – حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، ح وحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، كِلَاهُمَا، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، بِإِسْنَادِهِمْ وَاخْتَلَفَا، عَنْ شُعْبَةَ فِي تَنْسِيقِ الْأَرْبَعَةِ
118 – (2464) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: ذَكَرُوا ابْنَ مَسْعُودٍ، عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ، بَعْدَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” اسْتَقْرِئُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ”
118 – حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَزَادَ قَالَ: شُعْبَةُ بَدَأَ بِهَذَيْنِ لَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا بَدَأَ
الفوائد
=====
=====
مشاركة محمد البلوشي وطارق أبي تيسير:
أولاً: شرح الأحاديث:
باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضى الله تعالى عنهما
قوله: (لما نزلت هذه الآية {{ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين}} [المائدة: 93] قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: قيل لي: أنت منهم) القائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن ابن مسعود منهم هو الله تعالى عن طريق الوحي لأن صفة الإيمان والتقوى والإحسان على الحقيقة لا يعلمها إلا الله.
قال المفسرون في سبب النزول إنه لما نزل تحريم الخمر والميسر قالت الصحابة – رضي الله عنهم – كيف بمن شربها من إخواننا الذين ماتوا وهم قد شربوا الخمر وأكلوا الميسر؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية ومعناها على هذا أن من مات ممن أكل محرما، أو شرب محرما قبل أن يحرم هذا المأكول والمشروب فلا إثم عليه إذا كان قد آمن، واتقى المحرمات المعلومة له وأحسن العمل ودخول ابن مسعود في الآية وفي الموصوفين بذلك بعيد اللهم إلا إذا أدخلناه في بعض الصفات وهي التقوى والإيمان والعمل الصالح والإحسان.
وقيل: إنها نزلت في القوم الذين حرموا على أنفسهم ملاذ الحياة الدنيا وسلكوا طريق الترهب ولم يثبت أن ابن مسعود كان منهم بل الثابت غيره.
وبغض النظر عن سبب النزول يدخل ابن مسعود وكثير غيره في مضمونها وهو رفع الجناح عنهم فيما طعموا إذ ما اتقوا الحرام واتقوا الإسراف والتقتير واستمروا على إيمانهم وعملهم الصالحات وإحسانهم عبادة الله. [انظر: فتح المنعم شرح مسلم]
قوله: (عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قدمت أنا وأخي من اليمن): إلى المدينة مهاجرا وكان ذلك بعد فتح خيبر. [فتح المنعم]
قال النووي رحمه الله: ” أَمَّا قَوْلُهُ: (كُنَّا) فَمَعْنَاهُ مَكَثْنَا.
وَقَوْلُهُ (حِينًا) أَيْ زَمَانًا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَمُحَقِّقُو أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَيْرُهُمْ: الْحِينُ يَقَعُ عَلَى الْقِطْعَةِ مِنَ الدَّهْرِ، طَالَتْ أَمْ قَصُرَتْ.
قَوْلُهُ: مَا نُرَى بِضَمِّ النُّونِ أَيْ مَا نَظُنُّ.
وَقَوْلُهُ: ((كَثْرَةِ)) بِفَتْحِ الْكَافِ عَلَى الْفَصِيحِ الْمَشْهُورِ، وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ، وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ كَسْرَهَا.
وَقَوْلُهُ: ((دُخُولُهُمْ وَلُزُومُهُمْ)) جَمَعَهُمَا وَهُمَا اثْنَانِ هُوَ وَأُمُّهُ؛ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ يَجُوزُ جَمْعُهُمَا بِالِاتِّفَاقِ، لَكِنَّ الْجُمْهُورَ يَقُولُونَ: أَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، فَجَمْعُ الِاثْنَيْنِ مَجَازٌ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَقَلُّهُ اثْنَانِ، فَجَمَعَهُمَا حَقِيقَةٌ.”. انتهى المراد.
قوله: (وَمَا نرى): بِضَم النُّون أَي مَا نظن من كَثْرَة بِفَتْح الْكَاف. قاله السيوطي.
قوله: (فقال أحدهما لصاحبه: أتراه ترك بعده مثله؟): أتراه بضم التاء، أي أتظن ابن مسعود بعد موته ترك على الأرض حيا في درجته وعلمه؟ والاستفهام إنكاري بمعنى النفي، أي لا أظن أنا ولا أنت أن يوجد الآن مثله أو حقيقي والجواب مطوي دل عليه ما قاله الآخر. [فتح المنعم].
قوله: (إن قلت ذاك، إن كان ليؤذن له إذا حجبنا، ويشهد إذا غبنا) إن الأولى شرطية، حذف جوابها، أي إن قلت ذلك القول لم تكن مبالغا، ولا مجاوزا الحقيقة وإن الثانية مخففة من الثقيلة واسمها ضمير محذوف والجملة مستأنفة استئنافا تعليليا، أي فإنه كان يأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدخول عليه إذا حجب ومنع الصحابة ومعنى يشهد يحضر أي يحضر مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غاب عنه الآخرون.
قال القسطلاني: وكان ابن مسعود رضي الله عنه يلج على النبي صلى الله عليه وسلم ويلبسه نعليه، ويمشي أمامه ومعه ويستره إذا اغتسل، وقال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذنك علي، أن ترفع الحجاب كانت الستارة على حجر النبي صلى الله عليه وسلم وبعد باب الدار فكأنه أذن له أن لا يطرق الباب- وأن تسمع سوادي أي وأن تسمع صوتي، وتعلم وجودي وعدم المانع من دخولك حتى أنهاك أي حتى أسلبك هذه الخصوصية.
قوله (كنا في دار أبي موسى، مع نفر من أصحاب عبد الله) ابن مسعود أي وعبد الله معهم وهذه واقعة أخرى وإن كانت قولة أبي موسى في كل من الجلستين واحدة فما في الرواية الرابعة كان بعد موت ابن مسعود وما في الرواية الخامسة كان في حياته وقد بين ملحق الرواية الخامسة بعض هؤلاء الأصحاب منهم زيد بن وهب وحذيفة بن اليمان.
(وهم ينظرون في مصحف) لعله مصحف عبد الله بن مسعود وكان به بعض اختلاف عن مصحف الجماعة. [فتح المنعم]
قال النووي رحمه الله تعالى: ” قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: وَمَنْ يَغْلُلْ يَاتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ: عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ تَامُرُونَنِي أَنْ أَقْرَأَ إِلَى آخِرِهِ) وَفِيهِ مَحْذُوفٌ، وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِمَّا جَاءَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، مَعْنَاهُ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ مُصْحَفُهُ [يُخَالف –كما في نقل السيوطي-] الْجُمْهُورِ، وَكَانَتْ مَصَاحِفُ أَصْحَابِهِ كَمُصْحَفِهِ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ النَّاسُ، وَأَمَرُوهُ بِتَرْكِ مُصْحَفِهِ، وَبِمُوَافَقَةِ مُصْحَفِ الْجُمْهُورِ، وَطَالَبُوا مُصْحَفَهُ أَنْ يَحْرُقُوهُ كَمَا فَعَلُوا بِغَيْرِهِ، فَامْتَنَعَ.
وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: غُلُّوا مَصَاحِفَكُمْ أَيِ اكْتُمُوهَا، وَمَنْ يَغْلُلْ يَاتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَعْنِي فَإِذَا غَلَلْتُمُوهَا جِئْتُمْ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكَفَى لَكُمْ بِذَلِكَ شَرَفًا، ثُمَّ قَالَ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ: وَمَنْ هُوَ الَّذِي تَامُرُونَنِي أَنْ آخُذَ بِقِرَاءَتِهِ وَأَتْرُكَ مُصْحَفِي الَّذِي أَخَذْتُهُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “. انتهى المراد من كلام النووي.
“فكأن ابن مسعود نقل الآية من معناها الأصلي وهو الأخذ سرقة من الغنيمة قبل القسمة ونقل التهديد بالوعيد الذي يلحق الغال وهو أن يحمل الغال على رقبته يوم القيامة ما سرق جملا أو بقرة أو شاة تشهيرا به ونكالا نقلها إلى معنى: من يكتم شيئا من الخير جاء يحمله متشرفا به يوم القيامة وفي رواية أنه قال لأصحابه: إني غال مصحفي وحابسه عن أن يحرق فمن استطاع منكم أن يغل مصحفه فليغلل”.
قوله: (فلقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة): أي وأخذت بقية القرآن عن أصحابه.
قوله: (قال شقيق: فجلست في حلق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما سمعت أحدا يرد ذلك عليه، ولا يعيبه) شقيق هو الراوي عن ابن مسعود يحكي أنه جلس في حلقات الصحابة العلمية، فيذكرون ابن مسعود وقوله هذا، فلا يعترض على هذا القول والحلق بفتح الحاء واللام ويقال بكسر الحاء وفتح اللام وقال الحربي بفتح الحاء وإسكان اللام وهو جمع حلقة، بإسكان اللام على المشهور، وحكي فتحها واتفقوا على أن فتحها ضعيف. [فتح المنعم]
[
قال النووي رحمه الله تعالى: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَذَكَرَ مِنْهُمُ ابْنَ مَسْعُودٍ) قَالَ الْعُلَمَاءُ: سَبَبُهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَكْثَرُ ضَبْطًا لِأَلْفَاظِهِ، وَأَتْقَنُ لِأَدَائِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ أَفْقَهَ فِي مَعَانِيهِ مِنْهُمْ، أَوْ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ تَفَرَّغُوا لِأَخْذِهِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشَافَهَةً، وَغَيْرُهُمُ اقْتَصَرُوا عَلَى أَخْذِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، أَوْ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ تَفَرَّغُوا لِأَنْ يُؤْخَذَ عَنْهُمْ، أَوْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ الْإِعْلَامَ بِمَا يَكُونُ بَعْدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَقَدُّمِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَتَمَكُّنِهِمْ، وَأَنَّهُمْ أَقْعَدُ مِنْ غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ، فَلْيُؤْخَذْ عَنْهُمْ.
قوله (من ابن أم عبد) كانت أمه تكنى أم عبد وأم عبد الله بنت عبدود.
(ومن أبي بن كعب) سيأتي الكلام عنه في الباب التالي.
(ومن سالم مولى أبي حذيفة) وكان من أهل فارس أعتقته مولاته زوج أبي حذيفة فتبناه أبو حذيفة ولذلك يعد من المهاجرين ولما كانت معتقته أنصارية عد من الأنصار ويعد في العجم وهو من خيار الصحابة وكان يؤم المهاجرين بقباء وفيهم عمر، قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وروي أنه هاجر مع عمر بن الخطاب ونفر من الصحابة من مكة وكان يؤمهم إذا سافر معهم لأنه كان أكثرهم قرآنا وروي أن عمر لما طعن قال: لو كان سالم حيا ما جعلتها شورى شهد بدرا وقتل يوم اليمامة شهيدا هو ومولاه أبو حذيفة وجد رأس أحدهما عند رجلي الآخر سنة اثنتي عشرة من الهجرة.
(ومن معاذ بن جبل) الأنصاري الخزرجي الإمام المقدم في علم الحلال والحرام كان من أجمل الرجال شهد بدرا وهو ابن إحدى وعشرين سنة وأمره النبي صلى الله عليه وسلم على اليمن وقدم منها في خلافة أبي بكر وكانت وفاته بالطاعون في الشام سنة سبع عشرة وعمره أربع وثلاثون سنة روي أن عمر رضي الله عنه قال: عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ. [فتح المنعم]
ثانياً: الفوائد:
1 – فيه منقبة من مناقب عبد الله بن مسعود ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم وذلك يستلزم فضله.
و كان يؤذن له يوم لا يؤذن لغيره ويسمح له يوم لا يسمح لغيره، و تقديمه في القراءة على غيره.
2 – قال النووي: فيه جواز ذكر الإنسان نفسه بالفضيلة والعلم ونحوه للحاجة وأما النهي عن تزكية النفس فإنما هو لمن زكاها ومدحها لغير حاجة بل للفخر والإعجاب وقد كثرت تزكية النفس من الأماثل عند الحاجة كدفع شر عنه بذلك أو تحصيل مصلحة للناس أو ترغيب في أخذ العلم عنه أو نحو ذلك فمن المصلحة قول يوسف عليه السلام {{اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم}} [يوسف: 55] ومن دفع الشر قول عثمان رضي الله عنه في وقت الحصار إنه جهز جيش العسرة وحفر بئر رومة ومن الترغيب قول ابن مسعود وقول سهل بن سعد: ما بقي أحد أعلم بذلك مني وقول بعضهم: على الخبير وقعت.
3 – وفيه أن ابن مسعود أعلم الصحابة بكتاب الله قال النووي: ولا يلزم منه أن يكون أعلم من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم بالسنة ولا يلزم من ذلك أيضا أن يكون أفضل منهم عند الله تعالى فقد يكون واحد أعلم من آخر بباب من العلم أو بنوع من العلم والآخر أعلم من حيث الجملة وقد يكون واحد أعلم من آخر وذاك أفضل عند الله بزيادة تقوى وخشية وورع وزهد وطهارة قلب، قال: ولا شك أن الخلفاء الراشدين الأربعة كل منهم أفضل من ابن مسعود.
4 – وأن قراءة ابن مسعود معتمدة وكذا الثلاثة المذكورون معه قال النووي: قال العلماء: سببه أن هؤلاء أكثر ضبطا لألفاظه وأتقن لأدائه وإن كان غيرهم أفقه في معانيه منهم أو لأن هؤلاء الأربعة تفرغوا لأخذه منه صلى الله عليه وسلم مشافهة وغيرهم اقتصروا على أخذ بعضهم من بعض، أو لأن هؤلاء تفرغوا لأن يؤخذ عنهم أو أنه صلى الله عليه وسلم أراد الإعلام بما يكون بعد وفاته صلى الله عليه وسلم من تقدم هؤلاء الأربعة وتمكنهم وأنهم أقعد من غيرهم في ذلك فليؤخذ عنهم. [الفتح المنعم]
5 – ثناء النبي صلى الله عليه وسلم أنه من المؤمنين الصالحين والتقوى، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لما نزلت هذه الآية {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا} إلى آخر الآية قال لي رسول الله ?، قيل لي أنت منهم)).
6 – فيه محبة الصحابة، وتوقيرهم له:
فعن عبد الله انه قال: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة}، ثم قال: على قراءة من تأمروني ان أقرأ؟ فلقد قرأت على رسول الله ? بضعا وسبعين سورة، ولقد علم أصحاب رسول الله ? إني أعلمهم بكتاب الله ولو أعلم أن أحدا أعلم مني لرحلت إليه، قال شقيق: فجلست في حلق أصحاب محمد ? فما سمعت أحدا يرد ذلك عليه ولا يعيبه.
وعن مسروق، قال: ذكروا بن مسعود عند عبد الله بن عمرو، فقال: ذاك رجل لا أزال أحبه بعد ما سمعت من رسول الله ?، … الحديث.
فرع: بعض الآداب المستفادة من الأحاديث: (7 آداب)
1 – من أسباب رسوخ العلم، وازدياده ملازمة العلماء، فلقد لازم ابن مسعود رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو الأحوص: كنا في دار أبي موسى مع نفر من أصحاب عبد الله وهم ينظرون في مصحف، فقام عبد الله، فقال أبو مسعود: ما اعلم رسول الله ? ترك بعده اعلم بما انزل الله من هذا القائم، فقال أبو موسى أما لئن قلت: ذاك لقد كان يشهد إذا غبنا ويؤذن إذا حجبنا. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ” والذي لا إله غيره، ما من كتاب الله سورة إلا أنا أعلم حيث نزلت، وما من آية إلا أنا أعلم فيما أنزلت، ولو أعلم أحدا هو أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لركبت إليه”.
2 – إجلال التلاميذ له، وثنائهم له، عن أبي الأحوص قال: كنا في دار أبي موسى مع نفر من أصحاب عبد الله وهم ينظرون في مصحف، فقام عبد الله، فقال أبو مسعود: ” ما اعلم رسول الله ? ترك بعده اعلم بما انزل الله من هذا القائم”.
3 – أن العلم يؤخذ عن من عرف بالعلم وتعالمه، وبثه على منهاج النبوة، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة رضي الله عنهم على التعلم منه،؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:: ((خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد -فبدأ به-، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة))، وقوله صلى الله عليه وسلم:: ((استقرؤا القرآن من أربعة من ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل))، وقوله: ((اقرؤا القرآن من أربعة نفر من ابن أم عبد فبدا به، ومن أبي بن كعب ومن سالم مولى أبي حذيفة، ومن معاذ بن جبل))، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ” والذي لا إله غيره، ما من كتاب الله سورة إلا أنا أعلم حيث نزلت، وما من آية إلا أنا أعلم فيما أنزلت، ولو أعلم أحدا هو أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لركبت إليه”.
قلت سيف بن دورة: وقد يكون المقصود بتعيين الأربعة ومعهم ابن مسعود رضي الله عنهم دون الخلفاء الراشدين مع أن الخلفاء أعلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن هؤلاء سيتفرغون لتعليم الناس أما الخلفاء الراشدون فتفرغوا لسياسة الدولة والجهاد مع تعليمهم الناس.
4 – فيه هذا أيضاً: ذكر أسماء العلماء والمتخصصين لأخذ العلم منهم، ولزوم غرسهم.
5 – الحث على طلب العلم، والرحلة إليه، وأخذ العلم من أهله:
لقول ابن مسعود رضي الله عنه: فلقد قرأت على رسول الله ? بضعا وسبعين سورة، ولقد علم أصحاب رسول الله ? إني أعلمهم بكتاب الله، ولو أعلم أن أحدا أعلم مني لرحلت إليه.
6 – أن العالم له أن يثني على علمه إذا علم أن هناك مصلحة لأخذ العلم عنه، واضطر إلى ذلك، كما في قول ابن مسعود رضي الله عنه: “ولقد علم أصحاب رسول الله ? إني أعلمهم بكتاب الله ولو أعلم أن أحدا أعلم مني لرحلت إليه”، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ” والذي لا إله غيره، ما من كتاب الله سورة إلا أنا أعلم حيث نزلت، وما من آية إلا أنا أعلم فيما أنزلت، ولو أعلم أحدا هو أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لركبت إليه”.
فصل في مدح النفس وذمها
أولاً: الأحوال التي فيها ثناء المرء على نفسه أربع:
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: “فالأحوال إذن في مثل هذا الكلام الذي فيه ثناء المرء على نفسه أربع:
الحالة الأولى: أن يريد بذلك التحدث بنعمة الله عليه فيما حباه به من الإيمان والثبات.
الحالة الثانية: أن يريد بذلك تنشيط أمثاله ونظائره على مثل ما كان عليه.
فهاتان الحالتان محمودتان لما يشتملان عليه من هذه النية الطيبة.
الحالة الثالثة: أن يريد بذلك الفخر والتباهي والإدلال على الله – عز وجل- بما هو عليه من الإيمان والثبات وهذا غير جائز لما ذكرنا من الآية.
الحالة الرابعة: أن يريد بذلك مجرد الخبر عن نفسه بما هو عليه من الإيمان والثبات فهذا جائز ولكن الأولى تركه “. [(المناهي اللفظية)]
قال النووي رحمه الله كما في [الأذكار ص246_247] “: بابُ مدح الإِنسان نفسه وذكر محاسنه: قال اللّه تعالى: (فَلا تُزَكُّوا أنْفُسَكُمْ) [النجم: 32].
اعلم أن ذكرَ محاسن نفسه ضربان: مذموم، ومحبوب.
فالمذمومُ: أن يذكرَه للافتخار وإظهار الارتفاع والتميّز على الأقران وشبه ذلك.
والمحبوبُ: أن يكونَ فيه مصلحة دينية، وذلك بأن يكون آمراً بمعروف أو ناهياً عن منكر أو ناصحاً أو مشيراً بمصلحة أو معلماً أو مؤدباً أو واعظاً أو مذكِّراً أو مُصلحاً بين اثنين أو يَدفعُ عن نفسه شرّاً أو نحو ذلك، فيذكر محاسنَه ناوياً بذلك أن يكون هذا أقربَ إلى قَبول قوله واعتماد ما يذكُره، أو أن هذا الكلام الذي أقوله لا تجدونه عند غيري فاحتفظوا به أو نحو ذلك.
وقد جاء في هذا المعنى ما لا يحصى من النصوص؛ كقول النبيّ صلى اللّه عليه وسلم ((أنا النَّبِي لا كَذِبْ)) ((أنا سَيِّدُ وَلَد آدَم)) ((أنا أوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأرْضُ)) ((أنا أعْلَمُكُمْ باللَّهِ وأتْقاكُمْ)) ((إني أبِيتُ عنْدَ ربي))، وأشباهه كثيرة.
وقال يوسف صلى اللّه عليه وسلم: {اجْعَلْني على خَزَائِنِ الأرْضِ إني حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55] وقال شعيب صلى اللّه عليه وسلم: {سَتَجِدُنِي إنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القصص: 27].
وقال عثمان رضي اللّه عنه حين حُصر ما رويناه في صحيح البخاري أنه قال: ألستم تعلمون أنَّ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: ” مَنْ جَهّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَلَهُ الجَنَّةُ؟ ” فجهّزتهم، ألستم تعلمون أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: ” مَنْ حَفَرَ بِئرَ رُومَة فَلَهُ الجَنَّةُ ” فحفرتها؟ فصدّقوه بما قاله.
وروينا في صحيحيهما، عن سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه أنه قال حين شكاه أهل الكوفة إلى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه وقالوا: لا يُحسن يصلي، فقال سعد: واللّه إنّي لأول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل اللّه تعالى، ولقد كنّا نغزو مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وذكر تمام الحديث.
وروينا في صحيح مسلم، عن عليّ رضي اللّه عنه قال: والذي فلق الحبَّة وبرأَ النسمةَ، إنه لعهدُ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم إليّ ” أنه لا يحبني إلا مؤمنٌ ولا يبغضني إلا منافق “.
قلتُ: بَرَأَ مهموز معناه خلق؛ والنسمة: النفس.
وروينا في صحيحيهما، عن أبي وائل قال: خطبنا ابنُ مسعود رضي اللّه عنه فقال: واللّه لقد أخذتُ من في رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بضعاً وسبعين سورة، ولقد علمَ أصحابُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أني مِنْ أعلمهم بكتاب اللّه تعالى وما أنا بخيرهم، ولو أعلم أن أحداً أعلمُ منّي لرحلتُ إليه.
وروينا في صحيح مسلم، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه سئل عن البدنة إذا أزحفت، فقال: على الخبير سقطتَ ـ يعني نفسَه ـ وذكر تمام الحديث.
ونظائر هذا كثيرة لا تنحصر، وكلُّها محمولة على ما ذكرنا، وباللّه التوفيق ” انتهى كلام النووي رحمه الله.
وقال ابن عبد البر في (جامع بيان العلم وفضله) [1/ 576]:فَصْلٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ: ” وَمِنْ أَدَبِ الْعَالِمِ تَرْكُ الدَّعْوَى لِمَا لَا يُحْسِنُهُ , وَتَرْكُ الْفَخْرِ بِمَا يُحْسِنُهُ , إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِلَى ذَلِكَ كَمَا اضْطُرَّ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ قَالَ: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55] وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَعْرِفُ حَقَّهُ فَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ فِيهِ وَيُعْطِيهِ بِقِسْطِهِ، وَرَأَى هُوَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَقْعَدَ لَا يَقْعُدُهُ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ وَقْتِهِ إِلَّا قَصَّرَ عَمَّا يَجِبُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْقِيَامِ بِهِ مِنْ حُقُوقِهِ فَلَمْ يَسَعْهُ إِلَّا السَّعْيُ فِي ظُهُورِ الْحَقِّ بِمَا أَمْكَنَهُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَجَائِزٌ لِلْعَالِمِ حِينَئِذٍ الثَّنَاءُ عَلَى نَفْسِهِ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى مَوْضِعِهِ، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ تَحَدَّثَ بِنِعْمَةِ رَبِّهِ عِنْدَهُ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ لَهَا،
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ صَدَقَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَنَازَعَ فِيهَا الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ: «وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ فِيهَا بَارًّا تَابِعًا لِلْحَقِّ صَادِقًا» , وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ تَزْكِيَةً لِنَفْسِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَفْضَحُ مَا يَكُونُ لِلْمَرْءِ دَعْوَاهُ بِمَا لَا يَقُومُ بِهِ” وَقَدْ عَابَ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَقَالُوا فِيهِ نَظْمًا وَنَثْرًا فَمِنْ ذَلِكَ.
قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ النَّاشِيِّ: [البحر الخفيف]
مَنْ تَحَلَّى بِغَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ … عَابَ مَا فِي يَدَيْهِ مَا يَدَّعِيهِ
وَإِذَا حَاوَلَ الدَّعَاوَى لِمَا فِيهِ … أَضَافُوا إِلَيْهِ مَا لَيْسَ فِيهِ
وَيَحْسِبُ الَّذِي ادَّعَا مَا عَدَاهُ … أَنَّهُ عَالِمٌ بِمَا يَعْتَرِيهِ
وَمَحَلُّ الْفَتَى سَيَظْهَرُ فِي النَّاسِ … وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا يُخْفِيهِ
وَأَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ النَّاشِيِّ قَوْلُ الْآخَرِ فِي هَذَا الْمَعْنَى: [البحر الخفيف]
مَنْ تَحَلَّى بِغَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ … فَضَحَتْهُ شَوَاهِدُ الِامْتِحَانِ
وَجَرَى فِي الْعُلُومِ جَرْيَ سُكَيْتٍ … خَلَّفَتْهُ الْجِيَادُ يَوْمَ الرِّهَانِ. انتهى المراد.
وقال الحافظ ابن حجر في (الفتح) (11/ 291) في شرحه لقول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ” إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله … “، قال: قَالَ ابن الْجَوْزِيِّ: إِنْ قِيلَ كَيْفَ سَاغَ لِسَعْدٍ أَنْ يَمْدَحَ نَفْسَهُ وَمِنْ شَانِ الْمُؤْمِنِ تَرْكُ ذَلِكَ لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْهُ؟
فَالْجَوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ سَاغَ لَهُ لَمَّا عَيَّرَهُ الْجُهَّالُ بِأَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الصَّلَاةَ، فَاضْطَرَّ إِلَى ذِكْرِ فَضْلِهِ.
وَالْمِدْحَةُ إِذَا خَلَتْ عَنِ الْبَغْيِ وَالِاسْتِطَالَةِ، وَكَانَ مَقْصُودُ قَائِلِهَا إِظْهَارَ الْحَقِّ وَشُكْرَ نِعْمَةِ اللَّهِ لَمْ يُكْرَهْ، كَمَا لَوْ قَالَ الْقَائِلُ: إِنِّي لَحَافِظٌ لِكِتَابِ اللَّهِ، عَالِمٌ بِتَفْسِيرِهِ، وَبِالْفِقْهِ فِي الدِّينِ؛ قَاصِدًا إِظْهَارَ الشُّكْرِ أَوْ تَعْرِيفَ مَا عِنْدَهُ لِيُسْتَفَادَ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ، وَلِهَذَا قَالَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِنِّي حَفِيظٌ عليم} وَقَالَ عَلِيٌّ: سَلُونِي عَنْ كِتَابِ اللَّهِ.
وَقَالَ ابن مَسْعُودٍ: لَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي لَأَتَيْتُهُ وَسَاقَ فِي ذَلِكَ أَخْبَارًا وَآثَارًا عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ تُؤَيِّدُ ذَلِكَ”. انتهى.
7 – فيه أدب من آداب أخذ القرآن، وهو أخذه مشافه من أهله، كما في قول ابن مسعود رضي الله عنه انه قال: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة}، ثم قال: على قراءة من تأمروني ان أقرأ؟ فلقد قرأت على رسول الله ? بضعا وسبعين سورة”، وقوله رضي الله عنه: لما نزلت هذه الآية {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا} إلى آخر الآية قال لي رسول الله ?: قيل لي أنت منهم.
فصل:
تلقي القرآن مشافهة
فمن السبيلُ الأمثل والأوحد لإتقان قراءة كتاب الله تعالى التلقي والمشافهة من أفواه المشايخ المتقنين.
قال ابن الجزري رحمه الله تعالى: … والمقرئ العالم بها وراها مشافهة، فلو حفظ “التيسير” مثلا ليس له أن يقرئ بما فيه إن لم يشافهه من شوفه به مسلسلا؛ لأن في القراءات أشياء لا تحكم إلا بالسماع والمشافهة”.
قرر علماء القراءات أن الأصل في علم القراءات هو التلقي من أفواه المشايخ والقراء ولا يؤخذ هذا العلم من الكتب بل بالسماع، ويدل على هذا الأصل أن النبي صلى الله عليه وسلم تلقى القرآن الكريم من جبريل عليه السلام كما قال سبحانه وتعالى {وإنّك لتلقّى القرءان من لدن حكيم عليم} سورة النمل الآية 6، وقد تلقى الصحابة رضوان الله عليهم – خاصة القراء منهم – القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الأمة أن يأخذوا القرآن عن أربعة من أصحابه المتقنين للقراءة فقد روى الإمام البخاري بإسناده عن مسروق: ذكر عبد الله بن عمرو، عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأُبي بن كعب). ويدل هذا الحديث على أن قراءة القرآن تؤخذ بالتلقي من أفواه القراء المتقنين، فالقرآن الكريم لا يؤخذ من كل من هب ودب، لأن في علم القراءات وجوهاً لا يحكمها إلا التلقي والمشافهة من القراء المتقنين، وما قرره العلماء في علم القراءات من وجوب التلقي من القراء والمشافهة من أفواه المشايخ هو ذاته ما قرروه في علم التجويد فهو أيضاً يؤخذ بالمشافهة والسماع من أهله المتقنين له. وتأكيداً لهذا المعنى يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (والله لقد أخذت من فيِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعاً وسبعين سورة) رواه البخاري.
وذكر الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني أن عثمان بن عفان رضي الله عنه حينما بعث المصاحف إلى الآفاق، أرسل قارئاً مع كل مصحف يوافق قراءته في الأكثر الأغلب، انظر مناهل العرفان في علوم القرآن 1/ 372 – 373. وقد اشتهر عن علماء السلف أنهم قالوا: “القراءة سنةٌ متبعةٌ يأخذها الآخر عن الأول”. [انظر: منجد المقرئين ومرشد الطالبين ص 3. وانظر إتقان البرهان 2/ 138 – 139]
يقول مكيُّ بنُ أبي طالب في كتابه «الرعاية» (ص 253 – 254): «والمقرئُ إلى جميع ما ذكرناه في كتابنا هذا أحوجُ من القارئ؛ لأنهُ إذا علِمه علَّمه، وإذا لم يعلمه لم يُعَلِّمْه، فيستوي في الجهل بالصواب في ذلك القارئ والمقرئُ، وَيضِلُّ القارئُ بضلال المقرئ، فلا فضل لأحدهما على الآخر. …. وليس قولُ المقرئ والقارئ: «أنا أقرأ بطبعي، وأجدُ الصواب بعادتي في القراءة لهذه الحروف من غير أن أعرف شيئاً مما ذكرتَه» بحجة
ويقول أبو عمرو الداني: «وكذلك أيضاً كل مقرئ متصدر، إذا اعتمد فيما يقرئُ به على ما يحفظهُ من الصُّحُف المبتاعة في الأسواق من غير أن يرويها، ولا يدري حقائق ما فيها من جليِّ العلم وخفيِّه، ولم يجالسِ العلماء، ولا ذاكرَ الفقهاء، ولا أكثرَ العَرْض على القراء، والمُتصدِّرين من أهل الأداء، ولا سأل عمَّا يجبُ السؤالُ عنه، مما يدقُّ ويعزُب من الأُصول والفُروع، مما لا بُدَّ لمن تَعرَّض للتصدُّر ورواية الحرف من السؤال عنه، والكشفِ عن حقيقته، ولم يكن معه من الإعراب مما يُقيم به لسانه، ويعرفُ به خطَأه من صوابه، فليس بمقرئ في الحقيقة ….. فمن قَنِع بجهله، واكتفى بدرايته، وبأن يقال فلانٌ مقرئُ بلده، وقارئُ أهل مِصرهِ، دون ما قدَّمناه وألزمناه إياه، فقد نبَذ العلم وراء ظهرِه، وخالف ما ورد عنه من أمره قراء القرآن بتلاوته على ما عُلِّموه، والتمسُّك في ذلك بما أُقرئوه دون غيره، لقوله: (اقرؤوا كما عُلِّمتم) [الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند بنحوه (1/ 401) وأصله في البخاري (ح 2410)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1171/ 533)]، وصار من جملة المُصْحَفيِّين [لمصحفيُّون: هم الذين يأخذون القرآن من المصحف دون التلقي والمشافهة من أفواه المشايخ المتقنين. والتصحيف هو: تغيير في نقط الحروف أو حركاتها مع بقاء صورة الخط. (تصحيفات المحدثين للحسن العسكري: ص 39)] الذين وردت الأخبارُ عنهم بألاَّ يُقرأَ عليهم القرآن، ولا يُؤخذ عنهمُ العلمُ» [شرح القصيدة الخاقانية (ص 20 – 21)].
وقال أيضاً: «عرضُ القرآن على أهل القرآن المشهورين بالإمامة، المُخْتصين بالدراية، سُنَّةٌ من السُّنن التي لا يسعُ أحداً تركُها رغبةً عنها، ولا بُدَّ لمن أراد الإقراء والتصدُّر منها» [(ص 37)].
في «لطائف الإشارات» في بيان أهمية الأخذ عن الشيخ والأستاذ: « … فمن أَنِفَ عن الأخذ عن أستاذٍ يُوقفُه على حقيقة ذلك مع تماديه على تحريف ألفاظ القرآن فهو عاصٍ بلا شكٍّ، وآثمٌ بلا ريب؛ إذ صيانة جميع حروف القرآن عن التبديل والتحريف واجبة» [لطائف الإشارات (1/ 209 – 210)، وينظر: التحديد في الإتقان والتجويد لأبي عمرو الداني (ص82 – 83)]
يقول الإمام الذهبي في ترجمة حسن بن عبد الله الراشدي: «وقال الإمام أبو حيَّان: كان الشيخُ حسن حافظاً للقرآن، ذاكراً للقصيد، يشرحُه لمن يقرأ عليه، ولم يكن عارفاً بالأسانيد ولا المُتقن للتجويد؛ لأنه لم يقرأ على مُتقن» [معرفة القراء الكبار (3/ 1394)]. قال الإمام الذهبي مستدركاً على أبي حيَّان: «بل كان قويَّ المعرفة بالعربية، ويكفيه أنهُ شرح الألفية، لكن شيخنا أبو حيان لا يُثبت لأحد شيئاً في العربية، وينظر إلى النحاة بعين النقص لسعة ما هو فيه من التبحُّر في علم اللسان». معرفة القراء الكبار (3/ 1393).
[
ويقول الجَعْبريُّ: «واعلمْ أنهُ لا يجوزُ له أن يقرأ إلا بما أُجيز له قراءته لقول عليٍّ: إن رسول الله يأمركم أن تقرؤوا كما عُلِّمتم» [كنز المعاني في شرح حرز الأماني (2/ 33)].
غيث النفع في القراءات السبع (ص6). أخلاق أهل القرآن – أبو بكر الآجري (ص14)]
وتجدر الإشارة إلى أن التلقي والمشافهة من أفواه المشايخ لا تُعفي الطالب من معرفة مسائل علم التجويد وتحصيله.
يقول المَرْعشيّ في «جهد المُقل»: «تجويد القرآن قد يُحصِّلُه الطالبُ بمشافهة الشيخ المُجوِّد دون معرفة مسائل هذا العلم، بل المشافهةُ هي العمدةُ في تحصيله، لكَنْ بذلك العلم يسهُلُ الأخذُ بالمشافهة، ويزيد به المهارةُ ويُصانُ به المأخوذُ عن طَريان الشكِّ والتحريف كما صرَّح به في الرعاية» [جهد المقل (ص110). ينظر: الرعاية لمكي (ص89 – 90)]. انظر: إقراء القرآن الكريم شروطه وضوابطه. د: محمد فوزان العمر. بتصرف يسير].
======
ثالثاً: ترجمة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
الفصل الأول: ترجمته
المبحث
الأول: اسمه ونسبه
لنسب عبدالله بن
مسعود ثلاثة أجزاء: جزء اتفق على صحته أهل السير والأنساب وهو إلى عدنان، وجزء
اختلفوا فيه ما بين متوقف فيه و قائل به وجزء لا نشك أن فيه أموراً غير صحيحة وهو ما فوق إبراهيم إلى آدم عليهما
السلام.
عبد الله بن مسعود بن
غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن
هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار ابن معد بن عدنان.
المبحث الثاني: كنيته ولقبه
أما كنيته فأبي عبدالرحمن
فهو ابن أم عبد، الإمام الحبر، فقيه الأمة، المهاجري البدري.
المبحث الثالث: ولادته
ولد في مكة قبل البعثة رضي الله عنه.
المبحث الرابع: عائلته
والدته:
هي: أم عبد الله بن مسعود أم عبد عبد بنت عبد ود بن سواء من هذيل من بني زهرة.
فعن أبي موسى الأشعري
رضي الله عنه قال:
قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حيناً ما نرى إلا أن عبد الله بن مسعود رجل
من أهل بيت النبي صلى الله عليه و سلم لما نرى من دخوله ودخول أمه على النبي صلى الله
عليه وسلم.
وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة: روى وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن مصعب
بن يزيد قال فرض عمر للنساء المهاجرات في ألفين ألفين منهن أم عبيد، وأخرج ابن سعد
عن أحمد بن يونس عن زهير عن أبي إسحاق نحوه لكن قال ألف درهم؛ والأول أثبت، …
والده:
أبوه مسعود قد حالف في الجاهلية عبد بن الحارث بن زهرة.
اخوه:
هو: عتبة بن مسعود رضي الله عنه ترجم له ابن حجر في ” الإصابة ” فقال
: عتبة بن مسعود الهذلي أخو عبد الله لأبويه تقدم نسبه في ترجمته، قال الزهري: ما
كان عبد الله بأقدم هجرة من عتبة ولكن عتبة مات قبله، أخرجه الطبراني، ورواه عبد الرزاق
بلفظ ما كان بأفقه وهاجر عتبة إلى الحبشة فأقام بها إلى أن تقدم مع جعفر بن أبي طالب،
وقيل قدم قبل ذلك وشهد أحدا وما بعدها، عن السائب بن يزيد أنه كان مع عتبة بن مسعود
في خلافة عمر، قال: وقال سعيد عن الزهري بلغني أن عمر كان يؤمره، وروى الطبراني وغيره
من طريق أبي العميس عن أبيه أو عون بن عبد الله بن عتبة قال لما مات عتبة بكى عليه
أخوه عبد الله فقيل له: أتبكي؟ قال: نعم، أخي في النسب وصاحبي مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأحب الناس إلي إلا ما كان من عمر.
زوجته:
هي: زينب الثقفية رضي الله عنها قالت رضي الله عنها: قالت: كنت في المسجد فرأيت
النبي صلى الله عليه و سلم فقال (تصدقن ولو من حليكن). وكانت زينب تنفق على عبد
الله وأيتام في حجرها قال فقالت لعبد الله – أي زوجها – سل رسول الله صلى الله عليه
و سلم أيجزي عني أن أنفق عليك وعلى أيتام في حجري صدقة؟ فقال: سلي أنت رسول الله
صلى الله عليه و سلم، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدت امرأة من الأنصار
على الباب حاجتها مثل حاجتي، فمر علينا بلال فقلنا: سل النبي صلى الله عليه و سلم
أيجزي عني أن أنفق على زوجي وأيتام لي في حجري؟ وقلنا: لا تخبر بنا فدخل فسأله فقال
(من هما). قال زينب، قال (أي الزيانب؟). قال: امرأة عبد الله، قال (نعم لها
أجران أجر القرابة وأجر الصدقة)
ابنه:
هو: عبدالرحمن ترجم له
ابن حجر في ” تقريب التهذيب ” فقال: عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي
الكوفي، ثقة من صغار الثانية، مات سنة تسع وسبعين، وقد سمع من أبيه لكن شيئاً يسيراً،
ع (أي روى له الجماعة أصحاب الكتب الحديثية الستة المشهورة).
ابنه الآخر:
هو: أبو عبيدة ترجم له
ابن حجر في ” تقريب التهذيب ” فقال: أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، مشهور
بكنيته، والأشهر أنه لا اسم له غيرها، ويقال اسمه: عامر، كوفي ثقة من كبار الثالثة،
والراجح أنه لا يصح سماعه من أبيه، مات بعد سنة ثمانين. ع.
ابن أخيه:
هو: عبد الله بن عتبة
بن مسعود الهذلي ترجم له ابن حجر في ” تقريب التهذيب ” فقال: ابن أخي عبد
الله بن مسعود، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ووثقه العجلي وجماعة، وهو من
كبار الثانية، مات بعد السبعين. خ م د س ق.
المبحث
الخامس: إسلامه
كان
إسلامه قديماً أول الإسلام، حين أسلم بن زيد وزوجته فاطمة بنت الخطاب، وذلك قبل إسلام
عمر بن الخطاب بزمان.
وكان سبب إسلامه ما أخبرنا به أبو الفضل الطبري الفقيه بإسناده إلى أبي يعلى أحمد بن علي
قال: حدثنا المعلى بن مهدي، حدثنا أبو عوانة، عن عاصم بن بهدلة، عن النبي صلى الله
عليه وسلم ومعه أبو بكر، فقال: ” يا غلام، هل معك من لبن ” ? فقلت:
نعم، ولكني مؤتمن! فقال: ائتني بشاة لم ينز عليها الفحل. فأتيته بعناق -أو جذعة-
فاعتقلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يمسح الضرع ويدعو حتى أنزلت، فأتاه أبو
بكر بصخرة فاحتلب فيها: ثم قال لأبي بكر: اشرب. فشرب أبو بكر، ثم شرب النبي صلى
الله عليه وسلم بعده، ثم قال للضرع: اقلص. فقصل فعاد كما كان، ثم أتيت فقلت:
يا رسول الله، علمني من هذا الكلام -أو من هذا القرآن- فمسح رأسي وقال: إنك غلام
معلّم. قال: فلقد أخذت منه سبعين سورة، ما نازعني فيها بشر. الصحيح المسند 841
وقال ابن إسحاق: أسلم ابن مسعود بعد اثنين وعشرين نفسا، وعن يزيد بن رومان قال أسلم عبد الله قبل دخول النبي – صلى الله عليه وسلم – دار الأرقم.
الفصل الأول: ملازمته للنبي صلى الله عليه
وسلم
المبحث
الاول: من أهل بيت
الرسول صلى الله عليه وسلم؟!
عن
الأسود بن يزيد أنه سمع أبا موسى يقول: قد قدمت أنا وأخي من اليمن، وما نرى إلا أن
عبد الله بن مسعود رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، لما نرى من دخوله ودخول أمه على النبي صلى الله عليه وسلم ”
المبحث
الثاني: رفيقه في كل الأحوال
ضم
الرسول صلى الله عليه وسلم عبدالله إليه فكان يلج عليه ويلبسه نعليه ويمشي أمامه ويستره
إذا اغتسل ويوقظه إذا نام حتى عرف بين الصحابة بصاحب السواك والوساد.
قلت سيف بن دورة: أخرجه البخاري 3742.من قول أبي الدرداء وأخرجه الترمذي من قول أبي هريرة وهو في الصحيح المسند 1296
عن عبد الله قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذنك علي أن يرفع
الحجاب وتسمع سوادي حتى أنهاك “.
أخرجه مسلم 2169.
الفصل الثاني: صور من حياته مع النبي صلى الله عليه وسلم
المبحث
الأول: أول من جهر بالقرآن
اجتمع
يوماً أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا
القرآن يجهر لها به قط، فمن رجلٌ يسمعهم? فقال عبد الله بن مسعود: أنا.
فقالوا: إنا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلاً له عشيرة تمنعه من القوم إن أرادوه!
فقال: دعوني، فإن الله سيمنعني. فغدا عبد الله حتى أتى المقام في الضحى وقريش
في أنديتها، حتى قام عند المقام، فقال رافعاً صوته: ” بسم الله الرحمن
الرحيم الرحمن علم القرآن “، فاستقبلها فقرأ بها، فتأملوا فجعلوا يقولون:
هذا الذي خشينا عليك! فقال: ما كان أعداء الله قط أهون علي منهم الآن، ولئن
شئتم غاديتهم بمثلها غداً? قالوا: حسبك، قد أسمعتهم ما يكرهون.
قلت سيف بن دورة: ذكره ابن الاثير في أسد الغابة وهو من مراسيل عروة بن الزبير.
المبحث
الثاني: في غزوة حنين
قال عبد الله بن مسعود: كنت مع رسول الله يوم حنين. قال: فولى عنه الناس، وثبت معه ثمانون رجلاً من المهاجرين والأنصار، فنكصنا على أقدامنا نحواً من ثمانين قدماً ولم نولهم
الدبر، وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة. قال: ورسول الله على بغلته يمضي قدماً،
فحادت به بغلته فمال عن السرج، فقلت له: ارتفع، رفعك الله. فقال: “ناولني كفاً
من تراب”، فضرب به وجوههم فامتلأت أعينهم تراباً، ثم قال: “أين المهاجرون
والأنصار؟ ” قلت: هم أولاء. قال: “اهتف بهم”. فهتفت بهم فجاءوا وسيوفهم
بأيمانهم كأنها الشهب، وولى المشركون أدبارهم.
قلت سيف بن دورة:
يحتمل انه على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند.
أخرجه أحمد 4336 وانكره الذهبي على عبدالواحد. وتعقبه محققو المسند بأنه صاحب مناكير عن الأعمش. وهذا ليس من روايته عنه. لكن قالوا يترجح أن عبدالرحمن بن مسعود لم يسمع هذا الحديث من أبيه. ثم ذكروا له شواهد
وجمع ابن حجر بين الروايات: أولا قال لصاحبه ناولني فناوله فرماهم ثم نزل عن البغلة فأخذ بيده فرماهم أيضا فيحتمل الحصى في إحدى المرتين وفي الأخرى تراب.
مواقف لعبدالله بن مسعود بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
المبحث
الأول: ألم يأن لهذا الخاتم أن يطرح
عن علقمة قال: كنا عند عبد الله، فجاء خباب بن الأرت حتى قام علينا، في يده خاتم من
ذهب، فقال: أكل هؤلاء يقرؤون كما تقرأ؟ فقال عبد الله: إن شئت أمرت بعضهم يقرأ
، قال: أجل، فقال: اقرأ يا علقمة، فقال فلان: أتأمره أن يقرأ وليس بأقرئنا؟ قال
عبد الله: إن شئت حدثتك بما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في قومه وقومك
قال علقمة: فقرأت خمسين آية من سورة مريم، فقال عبد الله: ما قرأ إلا كما أقرأ
ثم قال عبد الله: ألم يأن لهذا الخاتم أن يطرح؟ فنزعه، ورمى به، وقال: والله
لا تراه علي أبدا.
أخرجه البخاري
فضله و مكانته:
المبحث
الأول: ولا تطرد الذين يدعون ربهم
عن سعد قال: كنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ونحن ستة، فقال المشركون: اطرد
هؤلاء عنك فلا يجترئون علينا، وكنت أنا، وابن مسعود، ورجل من هذيل، ورجلان نسيت
اسمهما، لوقع في نفس النبي – صلى الله عليه وسلم – ما شاء الله، وحدث به نفسه، فأنزل
الله تعالى: ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي.
أخرجه مسلم باب فضل سعد بن أبي وقاص
المبحث الثاني: من المبشرين بالجنة
عن سعيد بن زيد قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء فذكر عشرة في الجنة
أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن مالك وسعيد ابن زيد وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم.
أخرجه ابن عساكر من طريق أبي حذيفة نا سفيان عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي ظالم قال جاء رجل إلى سعيد بن زيد فقال إني أحببت عليا حبا لم أحبه أحد. قال أحببت رجلا من أهل الجنة ثم إنه حدثنا قال …..
وقد ذكره العقيلي في الضعفاء وبين الاختلاف في ألفاظه في ترجمة عبدالله بن ظالم.
صفاته
المبحث
الأول: آدم خفيف اللحم
عن
عبد الله بن سخبرة قال: رأيت ابن مسعود آدم، لطيف الجسم، ضعيف اللحم
قلت سيف بن دورة: أخرجه الحاكم قال ابن حجر هو طرف من حديث التلبية.
المبحث
الثاني: أثقل من جبل أحد
عن أم موسى: سمعت عليا يقول: أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ابن مسعود، فصعد
شجرة يأتيه منها بشيء، فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله، فضحكوا من حموشة ساقيه، فقال
رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ما تضحكون؟ لرجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد.
قلت سيف بن دورة:
سأل الدارقطني عن أم موسى قال هي سرية علي يخرج حديثها اعتبارا.
وذكره الألباني كشاهد كما في الصحيحة 3192
علمه
المبحث الأول: علمه بالحديث
حدث عنه أبو موسى، وأبو هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وعمران بن حصين، وجابر، وأنس
، وأبو أمامة، في طائفة من الصحابة، وعلقمة، والأسود، ومسروق، وعبيدة، وأبو وائلة
، وقيس بن أبي حازم، وزر بن حبيش، والربيع، بن خثيم، وطارق بن شهاب، وزيد بن وهب
،
وولداه أبو عبيدة وعبد الرحمن، وأبو الأحوص عوف بن مالك، وأبو عمرو الشيباني،
وخلق كثير.
وروى
عنه القراءة أبو عبد الرحمن السلمي، وعبيد بن نضيلة، وطائفة.
اتفقا
له في الصحيحين على أربعة وستين، وانفرد له البخاري بإخراج أحد وعشرين حديثا، ومسلم
بإخراج خمسة وثلاثين حديثا، وله عند من بقي بالمكرر ثماني مائة وأربعون حديثا
قارئ القرآن
المبحث
الثاني: فليقرأه على قراءة ابن ام عبد
عن عبد الله أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مر بين أبي بكر وعمر، وعبد الله قائم
يصلي، فافتتح سورة النساء يسجلها، فقال – صلى الله عليه وسلم -: من أحب أن يقرأ
القرآن غضا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد. فأخذ عبد الله في الدعاء، فجعل رسول
الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: سل تعط. فكان فيما سأل: اللهم إني أسألك إيمانا
لا يرتد، ونعيما لا ينفد، ومرافقة نبيك محمد – صلى الله عليه وسلم – في أعلى جنان
الخلد. فأتى عمر عبد الله يبشره، فوجد أبا بكر خارجا قد سبقه، فقال: إنك لسباق
بالخير
)
وفاته
المبحث
الأول: وفاته
مات
ابن مسعود بالمدينة، ودفن بالبقيع سنة اثنتين وثلاثين.
مرض
عبد الله، فعاده عثمان بن عفان، فقال: ما تشتكي? قال: ذنوبي! قال: فما تشتهي?
قال: رحمة ربي. قال: ألا آمر لك بطبيب? قال: الطبيب أمرضني. قال: ألا آمر
لك بعطاء? قال: لا حاجة لي فيه. قال: يكون لبناتك. قال أتخشى على بناتي الفقر،
إني أمرت بناتي أن يقرأن كل ليلة سورة الواقعة، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: ” من قرأ الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً “.
وإنما
قال له عثمان: ألا آمر لك بعطائك? لأنه كان قد حبسه عنه سنتين، فلما توفي أرسله إلى
الزبير، فدفعه إلى ورثته. وقيل: بل كان عبد الله ترك العطاء استغناءً عنه، وفعل
غيره كذلك.
=======
مشاركة عبدالله البلوشي أبي عيسى:
زاد البخاري رحمه الله في صحيحه، أحاديث منها:
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: سَأَلْنَا حُذَيْفَةَ عَنْ رَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْتِ وَالهَدْيِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَاخُذَ عَنْهُ، فَقَالَ: مَا أَعْرِفُ أَحَدًا أَقْرَبَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ.
عن عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ الشَّامَ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُلْتُ: اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَأَتَيْتُ قَوْمًا فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا شَيْخٌ قَدْ جَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَقُلْتُ: إِنِّي دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَيَسَّرَكَ لِي، قَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ، قَالَ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمْ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالوِسَادِ، وَالمِطْهَرَةِ، وَفِيكُمُ الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ، – يَعْنِي عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ سِرِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لاَ يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ يَقْرَأُ عَبْدُ اللَّهِ: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى؟ فَقَرَاتُ عَلَيْهِ: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى. وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (باختصار):
كان هو من السابقين وقد روى بن حبان من طريقه أنه كان سادس ستة في الإسلام وهاجر الهجرتين وسيأتي في غزوة بدر شهوده إياها وولي بيت المال بالكوفة لعمر وعثمان وقدم في أواخر عمره المدينة
ومات في خلافة عثمان سنة اثنتين وثلاثين وقد جاوز الستين وكان من علماء الصحابة وممن انتشر علمه بكثرة أصحابه والآخذين عنه …….
حديث حذيفة (ما أعلم أحدا أقرب سمتا) أي خشوعا (وهديا) أي طريقة (ودلا) بفتح المهملة والتشديد أي سيرة وحالة وهيئة وكأنه مأخوذ مما يدل ظاهر حاله على حسن فعاله
اعلموا أن حسن الهدي في آخر الزمان خير من بعض العمل وسنده صحيح ومثله لا يقال من قبل الرأي فكأن بن مسعود لأجل هذا كان يحرص على حسن الهدي …
قلت سيف بن دورة: أثر أبي الدرداء سبق ذكره لكن كررناه من أجل السياق الكامل.
ولعبدلله مواقف كثيرة حيث قضى في قضية في الميراث وافق فيها السنة.
وأنكر على أناس تحلقوا حلق في المسجد يذكرون الله بطريقة محدثة
وأمر بقتل رسول مسيلمة وسير أتباعه للشام.
وهو الذي جزَّ رأس أبي جهل.