القواعد الفقهية رقم القاعدة: 17
نص القاعدة: الأَوَامِرُ تَتْبَعُ المَصَالِحَ, وَالنَّوَاهِي تَتْبَعُ المَفَاسِدَ [1]
…
صيغ أخرى للقاعدة:
1 – النهي يعتمد المفاسدَ كما أن الأوامر تعتمد المصالحَ [2].
2 – الأحكام إما لجلب المنافع أو لدفع المضار [3].
3 – لم يَشرعِ اللهُ سبحانه حكما إلا لمصلحة عاجلة أو آجلة, أو عاجلة وآجلة [4].
قواعد ذات علاقة:
1 – وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد [5] /قاعدة أصل.
2 – الطاعة أو المعصية تعظم بحسب المصلحة أو المفسدة الناجمة عنها [6] /قاعدة فرع.
3 – المصلحة المُحافِظةُ على مقصود الشرع, لا خلاف في كونها حجة [1] /قاعدة. فرع
4 – الحكم يدور مع علته وجودا وعدما [2] /قاعدة أعم.
شرح القاعدة:
الأوامر الشرعية تُبنى وترتب على وفق ما في الأفعال المأمور بها من مصالح, وأن النواهي الشرعية تبنى وترتب على وفق ما في الأفعال المنهي عنها من مفاسد.
فالأوامر تابعة للمصالح, و النواهي تابعة للمفاسد. فوجود المصلحة في الفعل, ومدى أهميتها, ومدى الاحتياج إليها, هي الأسباب الداعية للأمر بذلك الفعل, وعلى أساسها تتحدد درجة الأمر وجوبا أو ندبا. وكذلك وجود المفسدة في الفعل, ودرجتها, ومدى ضررها, هي الأسباب الداعية للنهي عن ذلك الفعل, وعلى أساسها تتحدد درجته تحريما أو كراهة. اهـ
قال القرافي:
اعْلَمْ أَنَّ الْأَوَامِرَ تَتْبَعُ الْمَصَالِحَ كَمَا أَنَّ النَّوَاهِيَ تَتْبَعُ الْمَفَاسِدَ وَالْمَصْلَحَةُ إنْ كَانَتْ فِي أَدْنَى الرُّتَبِ كَانَ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهَا النَّدْبَ.
وَإِنْ كَانَتْ فِي أَعْلَى الرُّتَبِ كَانَ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهَا الْوُجُوبَ ثُمَّ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ تَتَرَقَّى وَيَرْتَقِي النَّدْبُ بِارْتِقَائِهَا حَتَّى يَكُونَ أَعْلَى مَرَاتِبِ النَّدْبِ يَلِي أَدْنَى مَرَاتِبِ الْوُجُوبِ وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي الْمَفْسَدَةِ التَّقْسِيمُ بِجُمْلَتِهِ وَتَرْتَقِي الْكَرَاهَةُ بِارْتِقَاءِ الْمَفْسَدَةِ حَتَّى يَكُونَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْمَكْرُوهِ يَلِي أَدْنَى مَرَاتِبِ التَّحْرِيمِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ حِينَئِذٍ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ الَّتِي تَصْلُحُ لِلنَّدَبِ لَا تَصْلُحُ لِلْوُجُوبِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ النَّدْبُ فِي الرُّتْبَةِ الدُّنْيَا فَإِنَّ الشَّرْعَ خَصَّصَ الْمَرْتَبَةَ الْعُلْيَا مِنْ الْمَصَالِحِ بِالْوُجُوبِ وَحَثَّ عَلَيْهَا بِالزَّوَاجِرِ صَوْنًا لِتِلْكَ الْمَصْلَحَةِ عَنْ الضَّيَاعِ كَمَا خَصَّصَ الْمَفَاسِدَ الْعَظِيمَةَ بِالزَّجْرِ وَالْوَعِيدِ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ عَنْ الدُّخُولِ فِي الْوُجُودِ تَفَضُّلًا مِنْهُ تَعَالَى عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ لَا وُجُوبًا عَقْلِيًّا كَمَا قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يُرَتِّبْ ذَلِكَ، هَذَا فِي الْأَحْكَامِ الْمُقَرَّرَةِ فِي أَصْلِ الشَّرِيعَةِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ لَمْ يَجْعَلْ صَاحِبُ الشَّرْعِ شَيْئًا سَبَبَ وُجُوبِ فِعْلٍ عَلَى الْمُكَلَّفِ إلَّا وَذَلِكَ السَّبَبُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَصْلَحَةٍ تُنَاسِبُ الْوُجُوبَ فَإِنْ قَصُرَتْ عَنْ ذَلِكَ جَعَلَهَا سَبَبَ النَّدْبِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي أَسْبَابِ التَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ فَبَذْلُ الرَّغِيفِ لِلْجَوْعَانِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْهَلَاكِ وَاجِبٌ.
[الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق 3/ 94]
قال مؤلفوا المعلمة:
ما يجري في هذه الدنيا, من تصرفات الناس وأفعالهم الواقعة والمتوقعة, منه ما هو خير ونفع وصلاح, فجاءت الشريعة تأمر به وتحض عليه, فمدار أوامرها ومبناها عليه. ومنه ما هو شر وضرر وفساد, فجاءت الشريعة تنهى عنه, فكان مدار نواهيها ومبناها عليه, وهذا ابتلاء من الله تعالى للعباد واستصلاح منه سبحانه لدنياهم وآخرتهم. وهذا معناه أن المأمورات متضمنة للمصالح قبل الأمر بها, ولأجل ما فيها من مصالح أمر الشرع بها, وأن المنهيات متضمنة للمفاسد قبل النهي عنها, ولأجل ما فيها من مفاسد نهى الشرع عنها…
هذه القاعدة عند العلماء لا يقف أثره عند مجرد المعرفة بها, والتفقه بفهمها, بل هو يفضي بهم, وبمجتهديهم خاصة, إلى جعل اجتهاداتهم واستنباطاتهم وتفسيراتهم لمقتضيات الشريعة على وفقها؛ أي: حيثما وجدت مصلحة حقيقية معتبرة فثم أمر شرعي وطلب شرعي للفعل, وحيثما وجدت مفسدة فثم نهي شرعي وطلب شرعي للترك. ويشتد طلب الفعل والترك أو يخف, بحسب درجة المصلحة والمفسدة, وهل هي ضرورية أو حاجية أو تحسينية, على نحو ما يتبين في القاعدة اللاحقة: ” الطاعة أو المعصية تعظم بحسب المصلحة أو المفسدة الناجمة عنها “.
أدلة القاعدة:
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}
{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ}
{وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ} اهـ
قال العز بن عبدالسلام:
وَالشَّرِيعَةُ كُلُّهَا مَصَالِحُ إمَّا تَدْرَأُ مَفَاسِدَ أَوْ تَجْلِبُ مَصَالِحَ، فَإِذَا سَمِعْت اللَّهَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 104] ؛ فَتَأَمَّلْ وَصِيَّتَهُ بَعْدَ نِدَائِهِ، فَلَا تَجِدُ إلَّا خَيْرًا يَحُثُّك عَلَيْهِ أَوْ شَرًّا يَزْجُرُك عَنْهُ، أَوْ جَمْعًا بَيْنَ الْحَثِّ وَالزَّجْرِ، وَقَدْ أَبَانَ فِي كِتَابِهِ مَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ مِنْ الْمَفَاسِدِ حَثًّا عَلَى اجْتِنَابِ الْمَفَاسِدِ وَمَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ مِنْ الْمَصَالِحِ حَثًّا عَلَى إتْيَانِ الْمَصَالِحِ.
[قواعد الأحكام في مصالح الأنام 1/ 11]
٣٠/٨/٢٠٢٥، ٥:١١ م – سيف بن دورة الكعبي: تخريج سنن أبي داود ( مجموعة السلام بإشراف سيف بن دورة الكعبي )
5146 – حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنِى جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ ثَوْبَانَ أَخْبَرَنَا عُمَارَةُ بْنُ ثَوْبَانَ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ أَخْبَرَهُ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقْسِمُ لَحْمًا بِالْجِعِرَّانَةِ – قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلاَمٌ أَحْمِلُ عَظْمَ الْجَزُورِ – إِذْ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ حَتَّى دَنَتْ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ فَجَلَسَتْ عَلَيْهِ فَقُلْتُ مَنْ هِىَ فَقَالُوا هَذِهِ أُمُّهُ الَّتِى أَرْضَعَتْهُ.
———–
قال الألباني: ضعيف الإسناد.
فيه جعفر بن يحي وعماره، ويشهد له مرسل محمد بن المنكدر عند ابن سعد 1/114
ومرسل عبدالله بن عبدالرحمن بن حسين عند ابن أبي الدنيا قي مكارم الأخلاق، لكنه معروف بالرواية عن التابعين فهو إما مرسل أو معضل، ويشهد له ما بعده، لكنه معضل
5147 – حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ السَّائِبِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ جَالِسًا يَوْمًا فَأَقْبَلَ أَبُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَوَضَعَ لَهُ بَعْضَ ثَوْبِهِ فَقَعَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَتْ أُمُّهُ فَوَضَعَ لَهَا شِقَّ ثَوْبِهِ مِنْ جَانِبِهِ الآخَرِ فَجَلَسَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ أَخُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَقَامَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
——–
قال الألباني: ضعيف الإسناد.
وراجع الضعيفة 1120
وهو معضل