580 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: أحمد بن علي وعبدالله المشجري وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري وعدنان البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل رحمه الله:
مسند عبد الله بن سعد رضي الله عنه
580 – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 4 ص 342): حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، عَنِ الْعَلَاءِ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، عَنْ حَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَعَنِ الْمَاءِ يَكُونُ بَعْدَ الْمَاءِ، وَعَنِ الصَّلَاةِ فِي بَيْتِي، وَعَنِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَعَنْ مُؤَاكَلَةِ الْحَائِضِ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، أَمَّا أَنَا فَإِذَا فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا» فَذَكَرَ الْغُسْلَ، قَالَ: «أَتَوَضَّأُ وُضُوئِي لِلصَّلَاةِ أَغْسِلُ فَرْجِي» ثُمَّ ذَكَرَ الْغُسْلَ «وَأَمَّا الْمَاءُ يَكُونُ بَعْدَ الْمَاءِ؛ فَذَلِكَ الْمَذْيُ، وَكُلُّ فَحْلٍ يَمْذِي، فَأَغْسِلُ مِنْ ذَلِكَ فَرْجِي وَأَتَوَضَّأُ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ وَالصَّلَاةُ فِي بَيْتِي: فَقَدْ تَرَى مَا أَقْرَبَ بَيْتِي مِنَ الْمَسْجِدِ، وَلَأَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً، وَأَمَّا مُؤَاكَلَةُ الْحَائِضِ فَآكِلْهَا».
هذا حديث حسنٌ.
* قال الإمام أبو عبد الله بن ماجه رحمه الله (ج 1 ص 439): حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حَرَامِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا أَفْضَلُ: الصَّلَاةُ فِي بَيْتِي أَوِ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: «أَلَا تَرَى إِلَى بَيْتِي مَا أَقْرَبَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ؟ فَلَأَنْ [ص: 494] أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً».
هذا حديث حسنٌ.
وحرام بن معاوية هو حرام بن حكيم، اختلف على معاوية بن صالح في اسم أبيه، كما في “تهذيب التهذيب”.
* قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج 1 ص 415): حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ العَنْبَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ العَلَاءِ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ حَرَامِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُوَاكَلَةِ الحَائِضِ؟ فَقَالَ: «وَاكِلْهَا».
قال أبو عيسى: حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
قال أبو عبد الرحمن: ورواه أبو داود (ج 1 ص 361)، وقبله: مَا يَحِلُّ لِي مِنَ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ: «لَكَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ».
وأخرجه ابن ماجه (ج 1 ص 213).
* قال أبو داود رحمه الله (ج 1 ص 360): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللهِ [بْنِ سَعْدٍ] الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَعَنِ المَاءِ يَكُونَ بَعْدَ الْمَاءِ؟ فَقَالَ: «ذَلِكَ الْمَذْيُ، وَكُلُّ فَحْلٍ يَمْذِي، فَتَغْسِلُ مِنْ ذَلِك فَرْجَكَ وَأُنْثَيَيْكَ، وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ».
هذا حديث حسنٌ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
دراسة الحديث رواية:
– قال المزي، جمال الدين (ت ٧٤٢) في تهذيب الكمال في أسماء الرجال ١٥/٢٣:
٣٢٩٩ – د ت ق: عَبد اللَّهِ (٣) بن سعد (٤) الأَنْصارِيّ الحرامي، ويُقال: القرشي الأُمَوِي، عن حرام بن حكيم، عداده فِي الصحابة.
سكن دمشق وكانت داره بسوق القمح، يقال: إنه شهد القادسية، وكان يومئذ على مقدمة الجيش.
رَوَى عَن: النَّبِيّ ﷺ (د ت ق) (١) .
رَوَى عَنه: ابن أخيه حرام بن حكيم (د ت ق)، وخالد بن معدان.
روى له أبو داود، والتِّرْمِذِيّ، وابن ماجه. *وقد وقع لنا حديثه عاليا… فذكر حديث الباب
– قال صاحب كتاب التبيان في تخريج وتبويب أحاديث بلوغ المرام ٢/٩٥:
حديث عبد الله بن سعد رواه أبو داود (٢١٢) قال: حدثنا هارون بن محمد بن بكار ثنا مروان -يعني ابن محمد- ثنا الهيثم بن حميد ثنا العلاء بن الحارث عن حرام ابن حكيم عن عمه أنه سأل رسول الله ﷺ: ما يحلّ لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: «لكَ ما فوق الإزار» وذكر مؤاكلة الحائض أيضًا، وساق الحديث.
قلت: إسناده ضعيف لأن فيه حرام بن حكيم بن خالد بن سعد بن الحكم الأنصاري.
وثقه العجلي وقيل: إن الدارقطني وثقه.
وقد ضعفه ابن حزم وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الوسطى» ١/ ٢٠٩.
وتعقبه ابن القطان في كتابه «بيان الوهم والإيهام» ٣/ ٣١٢ فقال: لا أدري من أين جاء تضعيفه، وإنما هو مجهول الحال فاعلم ذلك. اهـ.
ووثقه دحيم والذهبي وابن حجر
والحديث ذكره الذهبي في الميزان قال :
١٧٦٥ – حرام بن حكيم [عو]، دمشقي.
له عن عمه.
وثقه دحيم، وضعفه ابن حزم.
معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن حكيم، عن عمه عبد الله ابن سعد، سألت رسول الله ﷺ عن الماء يكون بعد الماء.
قال: اغسل أنثييك وذكرك.
قال أبو محمد عبد الحق: لا يصح هذا.
وعليه مؤاخذة في ذلك، فإنه يقبل رواية المستور، وحرام فقد وثق.
وحدث عنه زيد بن واقد، وعبد الله بن العلاء أيضا، وروى أيضا عن أبي هريرة، فحديثه مع غرابته يقتضى أن يكون حسنا.
والله أعلم.
ويقال: إنه هو حرام بن معاوية، اختلف على معاوية بن صالح في اسمه.
وأما البخاري ففرق بينهما.
ميزان الاعتدال ١/٤٦٧ — شمس الدين الذهبي (ت ٧٤٨)
كلام عبدالحق الذي ذكره الذهبي :
الأحكام الوسطى ١/١٣٨ — عبد الحق الإشبيلي (ت ٥٨١) :
أبو داود، عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن حَرَام بن حكيم عن عمه عبد الله بن سعد قال: سألت رسول الله ﷺ عن الماء يكون بعد الماء، فقال: «ذاكَ المذيُ، وكُلُّ فَحْلٍ يَمْذي، فَلتغتسل منْ ذَلِك فرجَكَ وأُنثييكَ، وتوضّأ، وَتعودُ لِلصَّلاةِ» (١).
*لا يصح غسل الانثيين، وليس يحتج بهذا الإسناد في ذلك.*
قال محققو المسند 19007:
إسناده صحيح، رجاله ثقات إلا أنه قد اختلف على معاوية بن صالح: وهو الحضرمي في اسم والد حرام، فسماه في هذه الرواية حكيماً، وسماه في الرواية الآتية (19008) معاوية. فظن بعض من ترجم له أنه اثنان، وهما واحد، وقد نبه على ذلك الخطيب في “موضح أوهام الجمع والتفريق”، والحافظ في “التقريب” في ترجمة حرام بن حكيم. العلاء بن الحارث: هو الحضرمي.
وأخرجه مطولاً ومختصراً ابنُ ماجه (651) …
وفي باب قوله: “فذلك المذي، وكل فحل يمذي، فأغسل من ذلك فرجي وأتوضأ” حديثُ علي، وقد سلف برقم (868).
وفي باب قوله: “ولأن أصلي في بيتي أحبُّ إليّ من أن أصلي في المسجد إلا أن تكون صلاة مكتوبة” من حديث زيد بن ثابت، سيرد 5/ 186.
وفي باب قوله: “وأما مؤاكلة الحائض، فواكلها” من حديث عائشة، سيرد 6/ 192.
قال السندي: قوله: “وعن الماء يكون بعد الماء” أي الذي يخرج شيئاً فشيئاً، ويستمر كذلك ولا يخرج دفعة، بخلاف المني، فإنه يخرج دفعة.
“فإذا فعلت كذا وكذا”: كناية عن الجماع.
[مسند أحمد 31/ 346 ط الرسالة]
دراسة الحديث دراية:
– بوب الترمذي في سننه (١٠٠) بَابُ مَا جَاءَ فِي مُؤَاكَلَةِ الْحَائِضِ وَسُؤْرِهَا وأورد حديث عبدالله بن سعد هذا ثم قال: وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَنَسٍ.
حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَمْ يَرَوْا بِمُوَاكَلَةِ الْحَائِضِ بَأْسًا.
وَاخْتَلَفُوا فِي فَضْلِ وَضُوئِهَا: فَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ، وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ فَضْلَ طَهُورِهَا.
قال عبد الرحمن المباركفوري (ت ١٣٥٣) في تحفة الأحوذي ١/٣٥٢: قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَنَسٍ) أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْهَا قَالَتْ كُنْتُ أَتَعَرَّقُ الْعَظْمَ وَأَنَا حَائِضٌ فَأُعْطِيهِ النَّبِيَّ ﷺ فَيَضَعُ فَمَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ وَضَعْتُهُ وَأَشْرَبُ الشَّرَابَ فَأُنَاوِلُهُ فَيَضَعُ فَمَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كُنْتُ أَشْرَبُ مِنْهُ وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا عَنْهُ قَالَ إِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتْ مِنْهُمِ الْمَرْأَةُ أَخْرَجُوهَا مِنَ الْبَيْتِ وَلَمْ يُوَاكِلُوهَا وَلَمْ يُشَارِبُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي الْبَيْتِ الْحَدِيثَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ وَاصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ النِّكَاحِ إِلَخْ
– بوب الشيخ مقبل بن هادي الوادعي (ت ١٤٢٢) في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين ٥/٥١٥: ٥٠ – بيان قوله تعالى: ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾
قال الماوردي:
(فَصْلٌ)
: فَأَمَّا الْمَذْيُ فَهُوَ أَبْيَضُ رَقِيقٌ لَا يَنْدَفِقُ جَارِيًا كَالْمَنِيِّ، وَلَكِنْ يَخْرُجُ قَطْرَةً بَعْدَ قَطْرَةٍ عِنْدَ حُدُوثِ الشَّهْوَةِ، وَهُوَ نَجِسٌ يُوجِبُ الْوُضُوءَ دُونَ الْغُسْلِ.
رَوَى حُصَيْنُ بْنُ قَبِيصَةَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَجَعَلْتُ أَغْتَسِلُ حَتَّى تَشَقَّقَ ظَهْرِي قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ – أَوْ ذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ -: لَا تَفْعَلْ إِذَا رَأَيْتَ الْمَذْيَ فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ فَإِذَا نَضَحْتَ الْمَاءَ فَاغْتَسِلْ.
وروى الحارث بن العلاء بن الحارث عن حرام بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َ – عَمَّا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَعَنِ الْمَاءِ يَكُونُ بَعْدَ الْمَاءِ. … فَصَارَتِ الْمَائِعَاتُ الْخَارِجَةُ مِنَ الذَّكَرِ غَيْرُ الْبَوْلِ الْمُعْتَادِ ثَلَاثَةً، الْمَنِيُّ وَهُوَ طَاهِرٌ يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَالْمَذْيُ وَهُوَ نَجِسٌ يُوجِبُ الْوُضُوءَ، وَالْوَدْيُ وَهُوَ نَجِسٌ يُوجِبُ الْوُضُوءَ، فَلَوْ شَكَّ فِيمَا أَنْزَلَهُ هَلْ هُوَ مَنِيٌّ أَوْ وَدْيٌ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ لِلشَّكِّ فِيهِ، وَيَتَوَضَّأُ وَلَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَنِيًّا طَاهِرًا وَإِنِ احْتَاطَ فِي الْأَمْرَيْنِ فَغَسَلَهُ وَاغْتَسَلَ كان أولى وأفضل.
[الحاوي الكبير 1/ 215]
– قال الشيخ العباد في شرح سنن أبي داود ٣٤/١٩: في شرح حديث عبد الله بن سعد الأنصاري أنه قال: (سألت رسول الله ﷺ عما يوجب الغسل، وعن الماء يكون بعد الماء، فقال: ذاك المذي، وكل فحل يمذي، فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك، وتوضأ وضوءك للصلاة)].
ثم أورد أبو داود حديث عبد الله بن سعد الأنصاري ، أنه سأل رسول الله ﷺ عما يوجب الغسل، وعن الماء يكون بعد الماء، والمقصود بقوله: (الماء يكون بعد الماء) أي: المذي؛ لأن المذي يأتي شيئًا فشيئًا، ويأخذ له وقت، وقد يغسله الإنسان في أول الأمر ويخرج منه شيء بعد ذلك، بخلاف المني فإنه يخرج بشهوة وبدفق وينقطع بعد وقت وجيز، وأما المذي فإنه يستمر في الخروج ويتكرر، وقد يبادر الإنسان إلى غسله ثم يخرج منه بعد غسله، فالمذي هو الماء بعد الماء، يعني المذي بعد المذي، لكونه يمذي ثم يغسله ثم يأتي المذي مرة أخرى، فالرسول ﷺ بين أن الحكم فيه أنه يغسل ذكره وأنثييه، ويتوضأ وضوءه للصلاة.
والحديث فيه اختصار؛ لأنه لم يذكر ما يوجب الغسل، ولكنه ذكر الذي لا يوجب الغسل وهو المذي.
– جاء في الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة ١/٣٧:
١ – سؤر الآدمي:
قال ابن قدامة في «المغني» (١) -في معرض كلامه عن سؤر الآدمي-: «… فهو طاهر، وسؤره طاهر سواء كان مسلمًا أو كافرًا، عند عامّة أهل العلم …».
وفي ذلك أدلَّة؛ منها:
قوله ﷺ: «… إنَّ المؤمن لا ينجس» (٢).
وفي رواية: «إنَّ المسلم لا ينجس» (٣).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «بينما رسول الله ﷺ في المسجد، فقال: يا عائشة! ناوليني الثوب». فقالت: إني حائض. فقال: «إنَّ حيضتك ليست بيدك»، فناولَتْهُ (٤).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كنتُ أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النّبي ﷺ، فيضع فاه على موضع فيَّ، فيشرب، وأتعرَّق العَرْقَ (٥) وأنا حائض، ثمَّ أناولُه النّبيّ ﷺ، فيضع فاه على موضع فيَّ» (١).
وهذا صريح في طهارة فم وسؤر الحائض.
وعن عبد الله بن سعد رضي الله عنه قال: سألتُ النّبيّ ﷺ عن مواكلة الحائض؟ فقال: «واكِلْها» (٢).
وقد أورده الترمذي رحمه الله في (باب: مواكلة الحائض وسؤرها).
وأما القول بطهارة سؤر الكافر؛ فللأسباب الآتية:
أولًا: التمشي مع القاعدة المعروفة: «الأصل في الأعيان الطهارة».
ثانيًا: مخالطة المسلمين للمشركين وإباحة ذبائحهم والزواج منهم، ولا نعلم أنَّهم كانوا يغسلون شيئًا ممّا أصابته أبدانهم أو ثيابهم (٣).
وأما قول الله تعالى: ﴿إِنَّما المُشْرِكون نَجَس﴾ (٤)؛ فلا يُراد منها نجاسة الأبدان.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره»: وأما نجاسة بدنه؛ فالجمهور على أنَّه ليس البدن والذات؛ لأنَّ الله تعالى أحل طعام أهل الكتاب …«.
– وجاء أيضا في الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة ١/٢٩٧: * لا حرج من سؤر الحائض ومؤاكلتها:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كنتُ أشرب وأنا حائض؛ ثمَّ أناوله النّبيّ ﷺ؛ فيضع فاه على موضع فيَّ فيشرب، وأتعرَّق (٢) العَرْق وأنا حائض؛ ثمَّ أناوله النّبيّ ﷺ؛ فيضع فاه على موضع فيَّ» (٣).
وعن عبد الله بن سعد رضي الله عنه قال: «سألت رسول الله ﷺ عن مؤاكلة الحائض؟ فقال:»واكِلْها«(٤).
قال في»نيل الأوطار«(١/ ٣٥٥):»والحديث يدلّ على جواز مواكلة الحائض.
قال الترمذي: وهو قول عامَّة أهل العلم؛ لم يَروا بمواكلة الحائض بأسًا.
قال ابن سيد النَّاس في «شرحه»: «وهذا أجمع النَّاس عليه، وهكذا نَقل الإِجماع محمد بن جرير الطبري».
وأمَّا قوله تعالى: ﴿فاعتزلوا النِّساء في المحيض﴾ (٥) فالمراد: اعتزلوا وطأهنَّ».
– جاء في موسوعة أحكام الطهارة – الدبيان – ط ٢ ١٠/٦١٤
المبحث الثالث:
خروج المذي
لقد وقع خلاف بين أهل العلم في طهارة المذي، وسيأتي تحرير الخلاف فيه إن شاء الله تعالى في أحكام النجاسات، والكلام في هذا الباب يتناول اعتبار خروجه حدثًا ناقضًا للوضوء، وهي مسألة أخرى.
*وقد دل على اعتباره حدثًا ناقضًا للوضوء السنة والإجماع،*
(١٠٠٠ – ٢٢٩) أما السنة، ما رواه مسلم، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع وأبو معاوية وهشيم، عن الأعمش، عن منذر بن يعلى -ويكنى أبا يعلى- عن ابن الحنفية،
عن علي قال كنت رجلا مذاء، وكنت أستحيي أن أسأل النبي ﷺ لمكان ابنته فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: يغسل ذكره ويتوضأ، ورواه البخاري بنحوه (١).
الدليل الثاني:
(١٠٠١ – ٢٣٠) ما رواه أحمد، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، قال: حدثني سعيد بن عبيد بن السباق، عن أبيه،
عن سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدة، فكنت أكثر الاغتسال منه، فسألت رسول الله ﷺ عن ذلك؟ فقال: إنما يجزئك منه الوضوء. فقلت: كيف بما يصيب ثوبي؟ فقال يكفيك أن تأخذ كفًا من ماء ، فتمسح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصاب .[إسناده حسن] .
الدليل الثالث:
(١٠٠٢ – ٢٣١) ما رواه أبو داود، قال: حدثنا إبراهيم بن موسى، قال: أخبرنا عبد الله بن وهب، قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن حزام بن حكيم،
عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري ….
الدليل الرابع:
(١٠٠٣ – ٢٣٢) ما رواه ابن ماجه، من طريق مصعب بن شيبة، عن أبي حبيب بن يعلى ابن منية،
عن ابن عباس أنه أتى أبي بن كعب ومعه عمر، فخرج عليهما، فقال: إني وجدت مذيًا، فغسلت ذكري، وتوضأت، فقال عمر: أو يجزئ ذلك؟
قال: نعم قال: أسمعته من رسول الله ﷺ؟ قال: نعم (١).
[إسناده ضعيف] (٢).
الدليل الخامس:
(١٠٠٤ – ٢٣٣) روى عبد الرزاق، عن الثوري، عن منصور، عن مجاهد،
عن ابن عباس، قال في المذي والودي والمني: من المني الغسل، ومن المذي والودي الوضوء، يغسل حشفته ويتوضأ .
[إسناده صحيح]
الدليل السادس:
حكى الإجماع على نجاسته، وعلى وجوب الوضوء.
قال ابن عبد البر: وأما المذي المعهود المتعارف عليه، وهو الخارج عند ملاعبة الرجل أهله لما يجده من اللذة، أو لطول عزبة، فعلى هذا المعنى خرج السؤال في حديث علي هذا، وعليه وقع الجواب، وهو موضع إجماع لا خلاف بين المسلمين في إيجاب الوضوء منه، وإيجاب غسله لنجاسته الاستذكار (١/ ١٩٩).
وقال ابن المنذر: لست أعلم في وجوب الوضوء منه اختلافًا بين أهل العلم (١).
ونقل النووي الإجماع عن ابن المنذر في المجموع (٢).
وقال ابن قدامة: الخارج من السبيلين على ضربين: معتاد كالبول والغائط والمني والمذي والودي والريح، فهذا ينقض الوضوء إجماعًا (٣).
وراجع تفريعات لمسائل المذي في
البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج 7/ 434]
—-
فضل صلاة البيت:
قال المناوي :
” إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده ” : يعني : أدى الفرض في محل الجماعة ، وخص المسجد لأن الغالب إقامتها فيه ، ” فليجعل لبيته ” : أي : محل سكنه ، ” نصيبا ” : أي : قِسما ، ” من صلاته ” : أي : فليجعل الفرض في المسجد والنفل في بيته لتعود بركته على البيت وأهله كما قال ” فإن الله تعالى جاعل في بيته من صلاته ” : أي : من أجلها وبسببها ، ” خيراً ” : أي كثيراً عظيماً ، لعمارة البيت بذكر الله وطاعته ، وحضور الملائكة ، واستبشارهم ، وما يحصل لأهله من ثواب وبركة .
وفيه : أن النفل في البيت أفضل منه في المسجد ولو بالمسجد الحرام …
” فيض القدير ” ( 1 / 418 ) .
قال ابن قدامة :
والتطوع في البيت أفضل … ولأن الصلاة في البيت أقرب إلى الإخلاص ، وأبعد من الرياء ، وهو من عمل السر ، وفعله في المسجد علانية والسر أفضل .
” المغني ” ( 1 / 442 )
قال الإتيوبي:
(عَن نَافِع، أَنَّ عَبدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ) – رضي اللَّه تعالى عنهما – (قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “صَلُّوا فِي بُيُوتكُمْ) هذا لفظ مسلم من طريق أيوب، عن نافع، وفي لفظ له: “اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم”، ولفظ البخاري: “اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم”.
قال القرطبيّ رحمه الله: “من” للتبعيض، والمراد النوافل بدليل ما رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعًا: “إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده، فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته”
وقال القاضي عياض: هذا في الفريضة، ومعناه: اجعلوا بعض فرائضكم في بيوتكم، ليقتدي بكم من لا يخرج إلى المسجد من نسوة، وعبيد، ومريض، ونحوهم، قال: وقال الجمهور: بل هو في النافلة، لإخفائها، وللحديث الآخر: “أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة”.
قال النووي: الصواب أن المراد النافلة، وجميع أحاديث الباب تقتضيه، ولا يجوز حمله على الفريضة. انتهى.
قال الحافظ بعد نقل كلام عياض: ما نصه: وهذا، وإن كان محتمِلاً، لكن الأول هو الراجح.
قال الجامع – عفا اللَّه تعالى عنه -: ما صوّبه النووي رحمه الله هو الحقّ عندي، وكونه محتملا للفريضة كما قال الحافظ بعيد، وكيف يحتمل، مع حديث. “فمن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة”؟. واللَّه تعالى أعلم.
وإنما حثّ على النافلة في البيت، لكونه أخفى، وأبعد من الرياء، وأصون من المحبطات، وليتبرك البيت بذلك، وتنزل فيه الرحمة، والملائكة، وينفر منه الشيطان، كما جاء في الحديث الآخر عند مسلم في “صحيحه”، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى عند مسلم أيضًا: “فإن اللَّه جاعل في بيته من صلاته خيرًا”.
[ذخيرة العقبى في شرح المجتبى 17/ 260]
قال ابن عثيمين:
باب استحباب جعل النوافل في البيت سواء الراتبة وغيرها والأمر بالتحول للنافلة من موضع الفريضة أو الفضل بينهما بكلام فذكر أحاديث الباب من رياض الصالحين وشرحها ثم قال :
[الشَّرْحُ]
…. التهجد أفضل في المسجد الحرام أم في البيت قلنا في البيت وهلما جرا إلا الفرائض فالفرائض لابد أن تكون في المساجد ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الأخير فإنه جاعل في صلاته في بيته خيرا يعني أن البيت إذا صليت فيه جعل الله فيه خيرا جعل الله في صلاتك فيه خيرا من هذا أن هلك إذا رأوك تصلي اقتدوا بك وألفوا الصلاة وأحبوها ولاسيما الصغار منهم ومنها أن الصلاة في البيت أبعد من الرياء فإن الإنسان في المسجد يراه الناس وربما يقع في قلبه شيء من الرياء أما في البيت فإنه أقرب إلى الإخلاص وابعد عن الرياء ومنها أن الإنسان إذا صلى في بيته وجد فيه الراحة راحة قلبية وطمأنينة وهذا لا شك أنها تزيد في إيمان العبد فالمهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نصلي في بيوتنا إلا الفرائض كذلك يستثني من ذلك النوافل قيام رمضان فإن الأفضل في قيام رمضان أن يكون جماعة في المساجد مع أنه سنة وليس بواجب لكن دلت السنة على أن قيام رمضان في المسجد أفضل فإن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه ثلاث ليال أو ليلتين ثم تخلى وقال إني خشيت أن تفرض عليكم والله الموفق
[شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 5/ 139]
ما الحكمة من أحكام الجنب في الإسلام ؟
يكفي المؤمن أن يعلم أن الله تعالى أمره بالاغتسال من الجنابة ، ورتب على الجنابة عدة أحكام حتى يمتثل كل ذلك ، ويقول سمعنا وأطعنا .
ومع ذلك فالأمر بالاغتسال من الجنابة معقول المعنى في بعض جوانبه لدى كثير من العلماء ، فقالوا : إن الغسل يبعث الجسم على النشاط والقوة التي ذهبت بسبب خروج المني ، ويعين الجسم على تعويض هذا القدر المفقود من الطاقة والنشاط ، وقد نص على ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله حيث يقول :
” الاغتسال من خروج المني من أنفع شيء للبدن والقلب والروح ، بل جميع الأرواح القائمة بالبدن ، فإنها تقوى بالاغتسال ، والغسل يخلف عليه ما تحلل منه بخروج المني ، وهذا أمر يعرف بالحس .
وأيضا : فإن الجنابة توجب ثقلا وكسلا ، والغسل يحدث له نشاطا وخفة ، ولهذا قال أبو ذر لما اغتسل من الجنابة : كأنما ألقيت عني حملا .
وبالجملة : فهذا أمر يدركه كل ذي حس سليم ، وفطرة صحيحة ، ويعلم أن الاغتسال من الجنابة يجري مجرى المصالح التي تلحق بالضروريات للبدن والقلب ، مع ما تحدثه الجنابة من بعد القلب والروح عن الأرواح الطيبة ، فإذا اغتسل زال ذلك البعد ، وقد صرح أفاضل الأطباء بأن الاغتسال بعد الجماع يعيد إلى البدن قوته ، ويخلف عليه ما تحلل منه ، وإنه من أنفع شيء للبدن والروح ، وتركه مضر ، ويكفي شهادة العقل والفطرة بحسنه ، وبالله التوفيق “.
انتهى من ” إعلام الموقعين ” (2/77-78) .
وقد بحث بعض الباحثين المعاصرين تفسير التأثيرات التي تحدثها الجنابة على جسم الإنسان ، والتي تقتضي منه الاغتسال الكامل ، ومن هؤلاء الدكتور عبد البديع حمزة زللي ، أستاذ علم التلوث البيئي والتسمم البيئي ، ووكيل معهد البحوث والاستشارات في جامعة طيبة في المدينة النبوية ، حيث كتب بحثا بعنوان : ” الإعجاز العلمي في مسمى الجنابة وحكمها الشرعي “، فكان مما قاله في البحث (ص/17-18):
” من هنا تبرز لنا مهمة ووظيفة الوحدات الإخراجية المنتشرة على جميع بشرة الإنسان في حالة المواقعة الجنسية ، وخاصة تلك الكبيرة منها التي يتركز وجودها في مناطق محددة من الجسم كفرج المرأة والرجل ومنطقة الإبطين وحول الحلمتين ، والتي لا تثار لتنتج إفرازاتها عن طريق المثيرات والمنبهات الحرارية ، وإنما ترتبط إفرازاتها بالأمور الجنسية ، وتعمل جميع هذه الوحدات الإخراجية على إخراج السموم ، وما تولد في الجسم من مركبات سامة ، لتستقر على سطح البشرة ، ولا يعني هذا أن تكون الإفرازات والسوائل التي تخرج من وحدات الغدد العرقية مرئية للعين ، فقد أشرنا سابقًا أن الناس يعرقون في الجو البارد مثل ما يعرقون في الجو الحار ، وأن العرق في الحالة الأولى يتبخر مباشرة فور خروجه ، ولهذا تسمى هذه العملية بالتعرق غير الملموس . ويتبخر ماء هذا الإفرازات وتبقى السموم والمواد الكيميائية على سطح البشرة ، كما إن الإفرازات التي تفرزها الغدد العرقية البعيدة ( الكبيرة ) ، وهي غير مرئية أصلا ، مثل العرق العادي لأن هذه الإفرازات عند خروجها تشكل طبقة غير مرئية تشبه المادة البلاستيكية . وعليه ندرك أن السموم التي تخرج بواسطة الغدد العرقية الصغيرة أو الكبيرة لا تذهب عن الجسم ، وإنما تُجنَّب عليه فقط ، حيث تنتقل من موضعها الداخلي إلى موضعها الخارجي ، أي أنها لا تزال موجودة على جسم الإنسان . ومن هنا تتجلى لنا بوضوح تام المعجزة النبوية والانسجام البليغ في إطلاق اسم الجنابة على المواد التي تخرج من الجسم ، وتستقر تحت الشعر أو عليها . وإذا كان خالق الكون جلت قدرته قد خلصنا نحن البشر من هذا الأذى بخروجه من داخل الجسم إلى خارجه ، فينبغي على كل مدرك عاقل أن لا يتركه على الجسم ليتراكم ، …. وتدل الدراسات أيضًا أن زيادة كمية المعادن الثقيلة الضارة وزيادة زمن مدة بقائها على الجلد وحالة الجلد غير الصحية تعمل على زيادة تأثيرها السام على الجسم ، وتسهل هذا العوامل وتيسر عملية امتصاصها بواسطة الجلد ، ولذلك ينبغي إزالتها عن الجسم بالغسل ” انتهى .
وخروج هذه الإفرازات التي ذكرها الدكتور عبد البديع محصور في حصول العملية الجنسية ، ولا يحصل شيء منها عند خروج البول أو المذي مجردا .
يقول الدكتور عبد البديع – (ص/25) في بحثه السابق -:
” عرفنا أن الإثارة والمواقعة الجنسية هي العامل المثير لتشغيل الغدتين البصيلية الإحليلية لإفراز المذي ، وأن خروج المذي من الجسم لا يعمل كما تعمل الغدد العرقية الإخراجية على إخراج المواد الضارة المؤذية من جميع أجزاء بشرة الجسم ، وإنما يكون موقع خروجه هو فتحه خروج البول من عضو الرجل ، فيكون عندئذ موقع النجاسة والمواد المؤذية الضارة فقط هو الفرج وموضع اللباس الذي يصيبه ، ولذلك لم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالاغتسال ، … ” انتهى.
ويبقى هذا التوجيه في دائرة البحث والنظر ، حتى تزداد الأبحاث وتتكامل في تحديد الأثر الذي تحدثه الجنابة على الجسم ، الأمر الذي يقتضي الغسل الكامل .