408 جامع الأجوبة الفقهية ص 443
شارك ناصر الريسي وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——-
بلوغ المرام
147 – وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: كان رسول الله ﷺ يصلي العصر، ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية، وكان يستحب أن يؤخر من العشاء، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه، وقرأ بالستين إلى المائة. متفق عليه.
148 – وعندهما من حديث جابر: والعشاء أحياناً وأحياناً، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطئوا أخر، والصبح، وكان النبي ﷺ يصليها بغلس.
140 – ولمسلم من حديث أبي موسى: فأقام الفجر حين انشق الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا.
150 – عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: كنا نصلي المغرب مع رسول الله ﷺ فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله. متفق عليه.
151 – وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أعتم رسول الله ﷺ ذات ليلة بالعشاء، حتى ذهب عامة الليل، ثم خرج فصلى، وقال: “إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي”. رواه مسلم.
——
مسألة: وقت الأفضلية لصلاة الظهر.
تعد صلاة الظهر أول صلاة في النهار، وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على وقتها ومتى تكون أفضلية أدائها.
وقد اختلف العلماء في أفضلية وقت صلاة الظهر على أقوال:
القول الأول: الأفضل تعجيل صلاة الظهر في غير الحر، والإبراد في شدرة الحر وهذا قول جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة.
واستدلوا بالتالي:
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا دحضت الشمس” (رواه مسلم). ومعنى “دحضت الشمس”: مالت عن وسط السماء.
عن أبي برزة رضي الله عنه، قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر حين تزول الشمس” (رواه البخاري ومسلم).
عن أنس رضي الله عنه، قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد الحر أبرد بالصلاة” (رواه البخاري ومسلم).
عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: “كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذن الظهر، فقال: أبرد. حتى رأينا فيء التلول. ثم قال: شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة” (رواه البخاري ومسلم).
قال النووي في “شرح مسلم” (5/106): “الإبراد هو تأخير صلاة الظهر إلى أن ينكسر حر الشمس، ويكون ذلك بعد دخول الوقت بزمن يسير”.
قال ابن قدامة في “المغني” (1/282): “لما ثبت من حديث أبي ذر وأحاديث أخرى صحيحة، في استحباب الإبراد عند شدة الحر”.
القول الثاني: الأفضل تأخير الظهر حتى يصير الفيء ذراعًا. وهذا مذهب مالك رحمه الله تعالى
قال في “موسوعة مسائل الجمهور” (1/131): “جمهور العلماء على أن تعجيل الظهر أفضل إلا في شدة الحر، فالأفضل الإبراد. وقال مالك: أحب أن تصلى في الصيف والشتاء والفيء ذراع”.
جاء في اختلاف الأئمة العلماء (1/86):
وأجمعوا على أن الأفضل تأخير الظهر عن وقت جواز فعلها من يوم الغيم، إلا أبا حنيفة فإنه قال: إذا غلب على ظنه وقتها صلاها من غير تأخير. وعن الشافعي أنه قال: إذا كانت السماء مغيمة راعى الشمس فإذا برز له منها ما يدله وإلا أخر حتى يرى أنه صلاها آخر الوقت واحتاط بتأخيرها ما بينه وبين أن يخاف دخول وقت العصر. واتفقوا على أن الأفضل تأخير الظهر في شدة الحر إذا كان يصليها في مسجد الجماعات خلافا لبعض أصحاب الشافعي في اعتبار ذلك في البلاد الحارة دون غيرها. واتفقوا على استحباب تعجيل الظهر في الشتاء إذا لم يكن برود وفي الصيف إذا لم يصل في مساجد الجماعات. إلا مالكا فإنه قال: يستحب لمساجد الجماعات يؤخروها إلى أن يصير الفيء ذراعا. انتهى
قال ابن عبد البر في “التمهيد” (6/137): “مالك يرى أن تأخير الصلاة حتى يكون الفيء ذراعًا هو السنة، سواء في الحر أو البرد”.
قال ابن قدامة في “المغني” (1/282): “ولا نعلم في استحباب تعجيل الظهر، في غير الحر والغيم، خلافًا. قال الترمذي: وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب رسول الله ﷺ ومن بعدهم”.
قال النووي في “شرح مسلم” (5/106): “تعجيل الظهر هو الأفضل إلا في شدة الحر، ففي هذه الحالة الإبراد مستحب بالإجماع”.
قال ابن بطال:
8 – باب وَقَتْ الظُّهْرِ عِنْدَ الزَّوَالِ
وأجمع العلماء على أن أول وقت الظهر زوال الشمس وممن كان يصليها عند الزوال أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلى بن أبى طالب، وابن مسعود، وجابر بن عبد الله، وروى إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: ما رأيت أحدًا كان أشد تعجيلاً للظهر من الرسول، وأبى بكر وعمر، وكتب عمر إلى أبى موسى: أن صَلِّ الظهر حين تزيغ الشمس، وقال إبراهيم: كنا نصلى الظهر مع علقمة أحيانًا نجد ظلاً، نجلس فيه، وأحيانًا لا نجد ظلاً نجلس فيه، وذكر ذلك كله ابن أبى شيبة. وقال الطحاوى: ذهب قوم إلى تعجيل الظهر فى الزمان كله فى أول وقتها، واحتجوا بهذه الآثار وخالفهم آخرون، فقالوا: أما فى الشتاء فيعجل بها، وأما فى الصيف، فتؤخر حتى يتبرد بها، وهو قول الكوفيين، وأحمد، وإسحاق، ورواية أبى الفرج عن مالك. واحتجوا بالآثار المروية عن الرسول بالإبراد، وقالوا: معلوم أن الإبراد لا يكون إلا فى الصيف، وخالف ذلك الآثار التى جاءت بتعجيل الظهر فى الحر، فما دل على أن أحد الأمرين أولى من الآخر؟ قيل: لأنه روى أن تعجيل الظهر قد كان يفعل، ثم نسخ، حدثنا إبراهيم بن أبى داود، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا إسحاق بن يوسف، حدثنا شريك، عن بيان، عن قيس بن أبى حازم، عن المغيرة بن شعبة، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر بالهجير، ثم قال: (إن شدة الحر من فيح جهنم، فأبردوا عن الصلاة) ، فأخبر المغيرة فى هذا الحديث أن أمر النبى بالإبراد بالظهر بعد أن كان يصليها فى الوقت، نسخ تعجيل الظهر فى شدة الحر، ووجب استعمال الإبراد فى شدة الحر. وقد روى عن أنس بن مالك، وابن مسعود، عن النبى: أنه كان يعجلها فى الشتاء، ويؤخرها فى الصيف، من طرق ثابتة، ذكرها الطحاوى، فدل ذلك على أن حديث جابر، وأنس، وأبى برزة، مفسر بحديث المغيرة. واحتج أهل المقالة الأولى، فقالوا: ليس الأمر بالإبراد ناسخًا لتعجيل الظهر فى شدة الحر، وحكم الظهر أن يعجل فى سائر الزمان لمن أراد الأخذ بالأفضل؛ لأن الرسول كان يعجلها فى أكثر أمره، وإنما أمرهم بالإبراد رخصة لهم لشدة الحر عندهم رفقًا بهم….. فمن أراد الأفضل، كان له التعجيل، ومن أراد الأخذ بالرخصة كان له الإبراد، وهذا المعنى فهم عمر بن الخطاب، فكتب إلى أبى موسى الأشعرى: أن صلِّ الظهر إذا زاغت الشمس، فدله على الأفضل فى خاصة نفسه لعلمه بفهم أبى موسى، ومعرفته بأول الوقت، وأنه لا يشكل عليه، ولعلمه بحرصه على الأخذ فى نفسه بالأفضل، وإن كان أشق عليه، وكتب إلى عماله: أن صلوا الظهر إذا فاء الفىء ذراعًا، ولم يخص بذلك صيفًا من شتاء، فحملهم على سعة الوقت، وما يستوى عامة الناس فى معرفته، إذ لو حملهم على أول الوقت المحدود، لأدخل عليهم الحرج؛ إذ لا يعرف أول الوقت على الحقيقة كلُّ الناس، ورأى أن الوقت الذى يشمل عامتهم ويجتمعون فيه للصلاة يدركون فيه من فضل الجماعة، أكثر مما فاتهم من التعجيل بها لو صلوا منفردين بغير جماعة، فهذا تأويل يجمع ما اختلف من الآثار فى تعجيل الظهر والإبراد، والله الموفق.
واختلف العلماء فى الوقت المختار من الظهر، ففى المدونة عن مالك أنه استحب أن يصلى الظهر والعصر، والعشاء بعد تمكن الوقت عنده، إذا فاء الفىء ذراعًا على ما كتب به عمر إلى عماله، وهذه خلاف رواية أبى الفرج عن مالك….
[شرح صحيح البخاري لابن بطال 2/ 160]
قال ابن رجب:
والحديث يدل على أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر في ذلك اليوم حين زالت الشمس من غير مهلة، لكن هل كانت تلك عادته في صلاة الظهر، أم عجلها ذلك اليوم لأمر حدث حتى يخبرهم به، ولذلك خطبهم وذكر الساعة؟
هذا محتمل، والثاني أظهر، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يؤخر صلاة الظهر في شدة الحر، كما تقدم، وأما في غير ذلك فكان يعجلها، لكن هل كانت عادته أن يدخل في صلاة الظهر حين تزول الشمس في غير وقت شدة الحر دائما؟ هذا فيه نظر، بل الأظهر خلافه.
وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم، أنه كان يصلي إذا زالت الشمس أربع ركعات، ويقول:
” إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، ويستجاب الدعاء ” خرجه الترمذي وغيره.
وقد كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وروي عنه أنه كان يصلي أربعا.
وهذا كله يدل على أنه لم يكن يحرم الصلاة عقيب الزوال من غير مهلة بينهما.
وقد ذكرنا في الباب الماضي حديث ابن مسعود في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة – يعني: قدر الظل.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه أمر بلالاً أن يجعل بين أذانه وإقامته قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته.
خرجه الترمذي من حديث جابر، وقال: إسناده مجهول.
وخرجه عبد الله ابن الإمام أحمد من حديث أبي بن كعب.
وخرجه الدارقطني وغيره من حديث علي.
وروي – أيضا – من حديث أبي هريرة وسلمان.
وأسانيده كلها ضعيفة.
والصحيح عند أصحابنا: أنه يستحب أن تكون الصلاة بعد مضي قدر الطهارة وغيرها من شرائط الصلاة، وكذلك هو الصحيح عند أصحاب الشافعي، وقالوا: لا يضر الشغل الخفيف كأكل لقم وكلام قصير، ولا يكلف خلاف العادة.
ولهم وجه آخر: أنه لا يحصل فضيلة أول الوقت حتى يقدم ذلك كله قبل الوقت حتى تنطبق الصلاة على أول الوقت.
قال بعضهم: وهذا غلط صريح مخالف للسنة المستفيضة، وقد جعله مالك قول الخوارج وأهل الاهواء.
وللشافعية وجه آخر: لا تفوت فضيلة أو نصف الوقت، ولا يستحب عندهم أن ينتظر بها مصير الفيء مثل الشراك.
وحكى الساجي، عن الشافعي، أنه يستحب ذلك، وحكى عن غيره أنه لا يجوز فعلها قبل ذلك؛ فإن جبريل عليه السلام صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم أول يوم الظهر والفيء مثل الشراك.
وهذا ليس بشيء، وهو مخالف للإجماع، وقد حمل حديث جبريل على أن الشمس يومئذ زالت على قدر الشراك من الفيء.
ونقل ابن القاسم، عن مالك، أنه كان يستحب لمساجد الجماعات أن يؤخروا صلاة الظهر بعد الزوال حين يكون الفيء ذراعاً، صيفا وشتاءً، عملا بما رواه في ” الموطإ ” عن نافع، أن عمر كتب إلى عماله بذلك.
وقال سفيان الثوري: كان يستحب أن يمهل المؤذن بين أذانه وإقامته في الصيف مقدار أربعين آية، وفي الشتاء على النصف منها، ويمهل في العصر أربعين آية، وفي الشتاء على النصف منها، وفي المغرب إذا وجبت الشمس أذن، ثم قعد قعدة، ثم قام وأقام الصلاة. قال: ويمهل في العشاء الآخرة قدر ستين آية. وفي الفجر إذا طلع الفجر أذن، ثم صلى ركعتين، ثم سبح الله وذكره…
[فتح الباري لابن رجب 4/ 252]
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (6/ 120):
” الأفضل الإبراد بالظهر عند شدة الحر فقط ، وفيما عدا ذلك تبقى على الأصل ، فخير لكم أن تهتدوا بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتؤخروا الأذان في شدة الحر إلى الإبراد ، وتعجلوا به أول الوقت في غير ذلك ؛ حرصا على الفضيلة وكثرة الأجر ، وتخفيفا على الناس ، وعلى تقدير وقوع الأذان أول الوقت في شدة الحر : فعلى الجميع أن يبادروا إلى الجماعة ، ويحرصوا على الصلاة مجتمعين ، ولا تفرقوا ، فإن الجماعة واجبة ، والفرقة محرمة ، فلا يرتكب ذلك من أجل الحرص على فضيلة الإبراد ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )” . انتهى
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في فتاوى نور على الدرب (8/2) :
“إذا لم يكن في شدة الحر: فإن الأفضل أن يصلى صلاة الظهر إذا دخل وقتها ، ولو كانت قصراً في السفر ؛ لأن تقديم صلاة الظهر في غير شدة الحر أفضل “.انتهى
جاء في صحيح فقه السنة وأدلته (1/ 239):
يستحب تعجيل الظهر في أول الوقت: لحديث جابر بن سمرة قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا دحضت الشمس» أي: مالت عن وسط السماء جهة المغرب. ونحوه حديث أبي برزة، وقد تقدم قريبًا. ويُستحب تأخيرها إذا اشتد الحرُّ: لحديث أنس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البر بكَّر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة». وحديث أبي ذر قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذن الظهر، فقال: «أبرد» مرتين أو ثلاثًا، حتى رأينا فيء التلول، ثم قال: «شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة». وحدُّ الإبراد: الصحيح فيه أنه يختلف باختلاف الأحوال بشرط أن لا يمتد إلى آخر الوقت. انتهى
والله أعلم…