[1ج/ رقم (525)] فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي
و أحمد بن علي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند [1ج/ رقم (525)]:
قال الإمام النسائي رحمه الله (ج ٣ ص ٤٨): أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال أنبأنا محمد بن بشر قال حدثنا مجمع بن يحيى عن عثمان بن موهب (١) عن موسى بن طلحة عن أبيه قال: قلنا يا رسول الله كيف الصلاة عليك قال «قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد».
أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا عمي قال حدثنا شريك عن عثمان بن موهب عن موسى بن طلحة عن أبيه: أن رجلًا أتى نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال كيف نصلي عليك يا نبي الله قال «قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد».
هذا حديث صحيحٌ.
وقد أخرجه الإمام أحمد رحمه الله (ج ١ ص ١٦٢) فقال: حدثنا محمد بن بشر، ثنا مجمع بن يحيى الأنصاري به.
وأخرجه أبو يَعْلى (ج ٢ ص ٢١) فقال رحمه الله: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر به.
وقال (ص ٢٢): حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا محمد بن بشر به.
تنبيهٌ:
هذا الحديث مُعَلٌّ، والذي يظهر لي أنها علة غير قادحة، فقد رواه عثمان بن حكيم، عن خالد بن سلمة، عن موسى بن طلحة، عن زيد بن خارجة.
قال المزي رحمه الله في «تحفة الأشراف» في ترجمة زيد بن خارجة: قال علي بن المديني: لا أرى خالد بن سلمة إلا وقد حفظه. وسئل أحمد بن حنبل عن مُجَمِّعِ بن يحيى وعثمان بن حكيم، فقال: لا أعلم عثمان بن حكيم إلا أثبت منه. اهـ
قلت: مجمع قد تابعه شريك بن عبد الله النخعي، وهو يصلح في الشواهد والمتابعات، فيحمل الحديث على أنه روي عن موسى على الوجهين. والله أعلم.
—–
وفي حاشية الصحيح المسند:
(١) هو عثمان بن عبد الله بن موهب.
===================
ولتوضيح الحديث، يمكن تقسيم الكلام عليه من موجوه:
الوجه الأول:
أورد الحديث الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت ٣٠٣ هـ) رحمة الله عليه في سننه، ١٢ – (كتاب السهو)، ٥٢ – (نوع آخر)، (١٢٩٠).
والوادعي رحمه الله جعله في جامعه:
٩ – كتاب الدعوات والأذكار، ٩٤ – الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، (٩٨٩).
و١٥ – كتاب دلائل النبوة، ذكر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ٢٩ – نبي الله إبراهيم عليه السلام، (٢٢٩٨).
و٣٣ – كتاب التفسير، سورة الأحزاب، ٢٨٦ – قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، (٤٢٥٤).
و٣٤ – كتاب التوحيد، ٧٧ – حميد مجيد، (٤٥٧٤).
وقال الإتيوبي رحمه الله تعالى: “حديث طلحة بن عُبيد الله هذا صحيح، انفرد به المصنف رحمه الله تعالى من بين أصحاب الأصول، أخرجه هنا -٥٢/ ١٢٩٠ – وفي «الكبرى» -٨٧/ ١٢١٣ – وفي «عمل اليوم والليلة» -٥٢ – بالإسناد المذكور، وفي ٥٢/١٢٩١ – و«الكبرى» -٨٧/ ١٢١٤ – بالإسناد الآتي. وأخرجه (أحمد) ١/ ١٦٢. [ذخيرة العقبى، (15/ 174 – تراث)].
والثاني: شرح وبيان الحديث:
(مسند طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه) وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام أحد العشرة المبشرين بالجنة الذين بشرهم النبي عليه الصلاة والسلام بالجنة في حديث واحد، حيث سردهم وقال عن كل واحد منهم أنه في الجنة، فقال: (أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبي عبيدة بن الجراح في الجنة)، وعند سلف هذه الأمة أنهم يفضلون الأربعة الخلفاء الراشدين أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ثم بقية العشرة ومنهم طلحة بن عبيد الله الذي هو الراوي لهذا الحديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه
وقد شهد رسول الله عليه الصلاة والسلام لأناس آخرين من أصحابه الكرام بالجنة، منهم: بلال، ومنهم: الحسن والحسين، وفاطمة، ومنهم: ثابت بن قيس بن شماس، وعكاشة بن محصن، وعدد آخر من الصحابة جاء في أحاديث متفرقة عن كل واحد منهم أنه من أهل الجنة، ولكن غلب إطلاق لفظ العشرة المبشرين بالجنة؛ لأنهم بشروا بها في حديث واحد، ولا يعني ذلك أنه لا يبشر غيرهم أو لم يبشر غيرهم لما قيل: العشرة المبشرون بالجنة فالعدد ليس له مفهوم، وإنما المقصود: أنهم سردوا في حديث واحد وبشرهم النبي عليه الصلاة والسلام بالجنة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين. قاله الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله على السنة.
هذا الحديث يتناول صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، والتي تعدّ من أفضل أنواع الذكر والدعاء، وهي امتثال لقوله تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
وقد علّم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه كيفية الصلاة عليه، فجاءت هذه الصيغة الجامعة التي تشتمل على الدعاء له بالثناء والبركة كما حصل لإبراهيم عليه السلام وذريته.
شرح حديث طلحة بن عبيد الله في كيفية الصلاة على النبي
قال النسائي رحمه الله تعالى: [نوع آخر.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا محمد بن بشر حدثنا مجمع بن يحيى عن عثمان بن موهب عن موسى بن طلحة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (قلنا: يا رسول الله! كيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد)].
فيه بيان: الكيفية أو الصيغة التي علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إياها عندما سألوه عن كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم؟
و الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم حريصون على كل خير، وقد جاء الأمر في كتاب الله عز وجل في سورة الأحزاب: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]، وكان النبي عليه الصلاة والسلام قد علم أصحابه كيفية السلام عليه؛ وذلك في التشهد الذي علمهم إياه كما يعلمهم السورة من القرآن: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) علمهم كيفية الصلاة عليه
وهذه الكيفية للصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام هي أكمل الكيفيات، وهي التي فيها الجمع بين محمد عليه الصلاة والسلام وآله وإبراهيم صلى الله عليه وسلم وآله، وقد جاءت من طرق متعددة، أي: الجمع بين الصلاة على النبي محمد عليه الصلاة والسلام وآله والنبي إبراهيم صلى الله عليه وسلم وآله جاء في عدة أحاديث من حديث كعب بن عجرة الذي فيه أن كعباً قال لـعبد الرحمن بن أبي ليلى: (ألا أهدي لك هدية سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: خرج علينا رسول الله عليه الصلاة والسلام فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك يا رسول الله؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، وحديث طلحة بن عبيد الله التيمي رضي الله تعالى عنه أيضاً هو بمعنى أو بلفظ حديث كعب بن عجرة، حيث أن فيه الجمع بين الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وآله والصلاة على إبراهيم صلى الله عليه وسلم وآله.
وفي الحديث إشكال وهو تشبيه الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، مع الصلاة على إبراهيم مع أن محمداً عليه الصلاة والسلام أفضل من إبراهيم
و للعلماء في ذلك أجوبة، وأن من أوضحها أنه لا تشبيه، وإنما المقصود: أن الصلاة وجدت ووقعت وحصلت بإبراهيم وآله، فطلب أو أمر المسلمون بأن يطلبوا من الله عز وجل أن يصلي على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام،
وصلاة الله عز وجل على نبيه هي ثناؤه عليه في الملأ الأعلى، هذا هو أصح ما قيل في معنى صلاة الله على نبيه محمد صلوات الله وسلامه وبركاته عليه
[شرح سنن النسائي – كتاب السهو – تابع نوع آخر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ : عبد المحسن العباد].
والثالث: فقه الحديث (أحكام ومسائل وملحقات):
(المسألة الأولى): حكم الصلاة على النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – في التشهد الأخير.
- في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
الأول: أنها ركنٌ من أركان الصلاة، لا تصح الصلاة بدونها على كل حال، وهو قول الشافعي، وأحمد في رواية عنه، واستدلوا بالأمر بها في حديث فضالة، وأبي مسعود.
الثاني: تصحُّ الصلاة بدونها مع السهو دون العمد، وهو رواية عن أحمد، وإسحاق.
الثالث: الاستحباب، وتصحُّ الصلاة بدونها بكل حال، وهو قول أكثر العلماء، منهم: أبو حنيفة، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وأحمد وإسحاق في رواية عنهما، وداود، وابن جرير، وغيرهم، واستدلوا بحديث ابن مسعود المتقدم: «ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو»، يعني: بعد التشهد.
واستدلوا بحديث فَضَالة بن عبيد؛ فإنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يأمر من صلَّى، ولم يصلِّ عليه بالإعادة، حيث لم يكن يعلم ذلك، وقد أمر المسيء في صلاته بالإعادة؛ فدلَّ على أنَّ ذلك غير واجب.
واستدلوا بحديث أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال لرجلٍ: «ما تقول في الصلاة؟» قال: أتشهد، وأسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، أَمَا إني لا أُحسنُ دندنتك، ولا دندنة معاذ، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «حولها ندندن»، جاء عن رجلٍ من أصحاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- [أخرجه أبو داود برقم (٧٩٢)]، وهو في «الصحيح المسند» (١٤٦١).
وأما الأمر بها في الحديث الآخر؛ فلا يدل على الوجوب؛ فإنه إنما أمرهم عند سؤالهم عنه، وهذه قرينة تُخْرِجُ الأمر عن الوجوب على ما ذكره طائفة من الأصوليين؛ فإنه لو كان أمره للوجوب لابتدأهم به، ولم يؤخره إلى سؤالهم مع حاجتهم إلى بيان ما يجب في صلاتهم؛ فإنَّ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز؛ فدلَّ على أنه اكتفى بالسلام عليه عن الصلاة.
وفي فتح العلام: القول الثالث هو الصواب، والله أعلم، وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يوالي التشهد بالتسليم. أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٢٠٤) بإسنادٍ صحيح. [وانظر: «فتح الباري» لابن رجب رحمه الله (٥/ ١٩٧ – ١٩٩)، رقم الحديث (٨٣٥) ، بواسطة فتح العلام].
قال الشيخ ابن باز رحمة الله عليه وذكر الخلاف فب حكمها ثم قال :
“…فينبغي للمؤمن أن يعتني بها، وأن يأتي بها في التشهد الأخير ثم يدعو، ولأن الإتيان بها مع التشهد من أسباب الإجابة؛ لأن العبد إذا أثنى على الله ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم دعا كان هذا من أسباب الإجابة، كما في حديث فضالة بن عبيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجل يدعو في الصلاة ولم يحمد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: عجل هذا، ثم قال: إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يدعو بما شاء.
… وأما في التشهد الأول فلا تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، قولاً واحداً، ولكن تستحب على الصحيح يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول ثم يقوم، فإن لم يفعل فلا حرج عليه، إنما الخلاف في التشهد الأخير، هل تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وهل هي ركن أم واجب أم سنة؟ هذا محل الخلاف بين أهل العلم، وتقدم أنه ينبغي الإتيان بها في التشهد الأخير، خروجاً من خلاف العلماء، وعملاً بالأحاديث التي فيها توجيه النبي صلى الله عليه وسلم للأمة أن يصلوا عليه، عليه الصلاة والسلام.
و من تركها سهواً
يسجد للسهو سجدتين. نعم.
“. قاله الإمام ابن باز رحمة الله عليهم. [حكم الصلاة على النبي في التشهد الأخير، نور على الدرب للإمام ابن باز رحمه الله تعالى].
(المسألة الثانية): هل الصلاة على النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – تكون في التشهد الأول أيضًا؟
- ذهب أحمد، وإسحاق، وأبو حنيفة، والشافعي في قول، والثوري، وعزاه ابن رجب إلى أكثر العلماء، إلى أنَّ الجلوس الأول يُقتصر فيه على التشهد، ولا يزيد عليه الصلاة على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، واستدلوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه عند أحمد (٣٦٥٦)، وأبي داود (٩٩٥)، والترمذي (٣٦٦)، وغيرهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في الركعتين الأوليين كأنه على الرضف. ولكن الحديث ضعيف؛ فإنه من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه. وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه.
واستدلوا بما جاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أنه كان إذا جلس في الركعتين كأنه على الرضف. أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٢٩٥) من طريقين: أحداهما: فيها انقطاع؛ سلمة بن تميم لم يسمع من أبي بكر رضي الله عنه. والثانية: فيها رجل مبهم.
- وذهب الشافعي في الجديد، وهو الأصح عند الشافعية إلى أنه يُشرع للمصلي أن يصلي على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في التشهد الأول.
وقد استدل بعضهم لهذا القول بحديث عائشة عند أبي عوانة (٢٢٩٥): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كان يصلي من الليل تسع ركعات، لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيدعو ربَّه، ويصلي على نَبِيِّهِ، ثم ينهض، ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، فيقعد، ثم يحمد ربَّه، ويصلي على نبيه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ويدعو، ثم يسلم تسليمًا يُسْمِعُنا. وإسناده صحيح، وأصله في «مسلم» بغير هذا اللفظ.
و الإتيان به في التشهدين أقرب؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في قيام الليل، الذي تقدم ذكره؛ ولأن قول الصحابة: (قد علمنا كيف نسلم عليك؛ فكيف نصلي عليك)، يشمل التشهد الأول والأخير؛ فإن السلام حاصلٌ في التشهدين؛ فكذلك الصلاة في التشهدين. [وانظر: «المجموع» (٣/ ٤٦٠)، «الفتح» لابن رجب (٥/ ١٨٦ – ١٨٧) برقم: (٨٣٥)، بواسطة فتح العلام].
قال الشيخ ابن باز رحمة الله عليه:
“أما في التشهد الأول، فالأفضل أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لعموم الأحاديث؛ لما سئل صلى الله عليه وسلم قيل: يا رسول الله! أمرنا الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك …
أما الدعاء فهذا مختص بالتشهد الأخير؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو في التشهد الأخير -عليه الصلاة والسلام- يقول أبو هريرة رضي الله عنه: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من التشهد الأخير استعاذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر” إلى آخره، هذا يكون في الأخير، التعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا، والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، هذا يكون في التشهد الأخير الذي قبل السلام، وهكذا بقية الدعاء، كونه يدعو الله، اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك، هذا كذلك في التشهد الأخير.
وهكذا غيره من الدعاء اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم أو يقول: اللهم اغفر لي، ولوالدي ولجميع المسلمين أو اللهم أصلح قلبي، وعملي أو اللهم اغفر لي، ولجميع المسلمين الدعوات كلها تكون في التشهد الأخير، قبل السلام، وإنما الخلاف في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ هل يأتي بها في الأول، أو ما يأتي بها، فالأكثرون على أنها تختص بالأخير، والصواب أنها تقال في الأول والأخير؛ لأن الأحاديث عامة عن النبي صلى الله عليه وسلم “. [حكم الصلاة على النبي ﷺ في التشهد، نور على الدرب للإمام ابن باز رحمه الله تعالى].
(المسألة الثالثة): صيغة الصلاة:
ورد في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عدد من الأحاديث منها:
١- حديث كعب بن عجرة رضى الله عنه:
فعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: »إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا فقلنا: يارسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» متفق عليه.
والمراد بالسلام في قوله: «قد علمنا كيف نسلم عليك» السلام الذي في التشهد وهو قول «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» [ فتح الباري (١١/ ١٥٥)].
٢- حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه:
عن أبي حميد الساعدي أنهم قالوا: يارسول الله، كيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» متفق عليه٣.
٣- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:
عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا يارسول الله، هذا السلام عليك فكيف نصلي؟ قال: «قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم» [أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي ﷺ انظر: فتح الباري (١١/ ١٥٢) ح ٦٣٥٨].
٤- حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه:
عن أبي مسعود الأنصاري قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد أمرنا الله تعالى أن نصلي عليك يارسول الله فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما قد علمتم» [أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بمد التشهد (٢/١٧)].
٥- حديث طلحة بن عبيد الله:
عن طلحة بن عبيد الله قال: قلت يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال: «قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم انك حميد مجيد» [أخرجه الإمام أحمد في المسند (١/ ٢٦٢) . وأخرجه النسائي في السنن، كتاب السهو، باب كيف الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (٣/ ٤٨) وإسناده حسن].
وراجع صفة الصلاة للألباني حيث جمع كافة الفاظ صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
والملاحظ في هذه الأحاديث هو اختلاف ألفاظها، ومن أجل ذلك فإن المرء قد يسأل بأي هذه الألفاظ يدعو؟
قال ابن القيم: «لقد سلك بعض المتأخرين في ذلك طريقة، وهو أن الداعي يستحب له أن يجمع بين تلك الألفاظ المختلفة، ورأى ذلك أفضل ما يقال فيها، فرأى أنه يستحب للمصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: »اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وعلى أزواجه وذريته، وارحم محمدا وآل محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم” وكذلك في البركة والرحمة.
وعلل ذلك بقوله: حتى يصيب ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم يقينا فيما شك فيه الراوي وليجتمع له ألفاظ الأدعية الأخر فيما اختلفت ألفاظها.
ونازعه في ذلك آخرون وقال: هذا ضعيف من وجوه:
أحدها: أن هذه الطريقة محدثة لم يسبق إليها أحد من الأئمة المعروفين.
الثاني: أن صاحبها إن طردها لزمه أن يستحب للمصلي أن يستفتح بجميع أنواع الاستفتاحات، وأن يتشهد بجميع أنواع التشهدات، وأن يقول في ركوعه وسجوده جميع الأذكار الواردة فيه، وهذا باطل قطعا فإنه خلاف عمل الناس، ولم يستحبه أحد من أهل العلم وهو بدعة، وإن لم يطردها تناقض وفرق بين متماثلين.
الثالث: أن صاحبها إن طردها لزمه أن يستحب للمصلي والتالي أن يجمع بين القراءات المتنوعة في التلاوة في الصلاة وخارجها. قالوا: ومعلوم أن المسلمين متفقون على أنه لا يستحب ذلك للقارئ في الصلاة ولا خارجها إذا قرأ قراءة عبادة وتدبر، وإنما يفعل ذلك القراء أحيانا ليمتحن بذلك حفظ القارئ لأنواع القراءات، وإحاطته بها واستحضاره إياها، والتمكن من استحضارها عند طلبها، فذلك تمرين وتدريب لا تعبد مستحب لكل تال وقارئ، ومع هذا ففي ذلك للناس كلام ليس هذا موضعه، بل المشروع في حق التالي أن يقرأ بأي حرف شاء، وإن شاء أن يقرأ بهذا مرة وبهذا مرة جاز ذلك.
وكذلك الداعي إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم مرة بلفظ هذا الحديث، ومرة بلفظ الآخر، وكذلك إذا تشهد، فإن شاء تشهد بتشهد ابن مسعود، وإن شاء بتشهد ابن عباس، وإن شاء بتشهد ابن عمر، وإن شاء بتشهد عائشة أجمعين ولا يستحب له أحد أن يجمع بين ذلك كله. وقد احتج غير واحد من الأئمة منهم الشافعي رحمه الله تعالى على جواز الأنواع المأثورة في التشهدات ونحوها بالحديث الذي رواه أصحاب الصحيح والسنن وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أنزل القرآن على سبعة أحرف». [أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل القرآن، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف. فتح الباري (٩ / ٢٣) ح ٤٩٩٢، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين، باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه (٢/ ٢٠٢)]. فجوز النبي صلى الله عليه وسلم القراءة بكل حرف من تلك الأحرف، وأخبر أنه «شافي كافي» ومعلوم أن المشروع في ذلك أن يقرأ بتلك الأحرف على سبيل البدل لا على سبيل الجمع كما كان الصحابة يفعلون.
الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع بين تلك الألفاظ المختلفة في آن واحد، بل إما أن يكون قال هذا مرة وهذا مرة كألفاظ الاستفتاح والتشهد، وأذكار الركوع والسجود وغيرها، فاتباعه صلى الله عليه وسلم يقتضي أن لا يجمع بينها، بل يقال هذا مرة وهذا مرة.
وإما أن يكون الراوي قد شك في أي الألفاظ قال، فإن ترجح عند الداعي بعضها صار إليه وإن لم يترجح عنده بعضها كان مخيرا بينهما، ولم يشرع له الجمع، فإن هذا نوع ثالث لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيعود الجمع بين تلك الألفاظ في آن واحد على مقصود الداعي بالإبطال لأنه قصد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ففعل ما لم يفعله قطعا.
ومثال ما يترجح فيه أحد الألفاظ حديث الاستخارة فإن الراوي شك هل قال النبي صلى الله عليه وسلم : «اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري» أو قال: «وعاجل أمري وآجله» [أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التهجد، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، فتح الباري (٣/ ٤٨) ح ١١٦٢ وقد جاءت رواية البخاري على الشك الذي ذكره ابن القيم] بدل «وعاقبة أمري» والصحيح اللفظ الأول وهو قوله «وعاقبة أمري» لأن عاجل الأمر وآجله هو مضمون قوله «ديني ومعاشي وعاقبة أمري» فيكون الجمع بين المعاش وعاجل الأمر وآجله تكرارا، بخلاف ذكر المعاش والعاقبة، فإنه لا تكرار فيه، فإن المعاش هو عاجل الأمر والعاقبة أجله.
ومن ذلك ما ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: «من قرأ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال» رواه مسلم.
واختلف فيه فقال بعض الرواة «من أول سورة الكهف».
وقال بعضهم «من آخرها» وكلاهما في الصحيح لكن الترجيح لمن قال: «من أول سورة الكهف» لأن في صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان في قصة الدجال «فإذا رأيتموه فاقرأوا عليه فواتح سورة الكهف». [أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه (٨/١٩٦-١٩٧)]، ولم يختلف في ذلك، وهذا يدل على أن من روى العشر من أول السورة حفظ الحديث، ومن روى من آخرها لم يحفظه.
الخامس: أن المقصود إنما هو المعنى والتعبير عنه بعبارة مؤدية له، فإذا عبر عنه بإحدى العبارتين حصل المقصود، فلا يجمع بين العبارات المتعددة.
السادس: أن أحد اللفظين بدل عن الآخر، فلا يستحب الجمع بين البدل والمبدل معا كما لا يستحب ذلك في المبدلات التي لها إبدال والله أعلم. [جلاء الأفهام (١٧٧- ١٧٩) بتصرف].
(المسألة الرابعة): شمول الصلاة لآل محمد صلى الله عليه وسلم:
أصل «آل» «أهلٌ»، قُلبت الهاء همزةً، ثم سُهِّلت، ولهذا إذا صُغِّر رُدّ إلى الأصل، فقالوا: أُهيلٌ، وقيل: بل أصله أَوَلٌ، من آل: إذا رجع، سُمّي بذلك من يؤول إلى الشخص، ويُضاف إليه، ويقوّيه أنه لا يضاف إلا إلى مُعظّم، فيقال: آل القاضي، ولا يقال: آل الحَجّام، بخلاف أهل، ولا يُضاف آل أيضًا غالبًا إلى غير العاقل، ولا إلى المضمر عند الأكثرين، وجوّزه بعضهم بقلّة، وصوّبه القرطبيّ؛ لأن السماع الصحيح يَعضده، فإنه قد جاء في قول عبد المطّلب في قصّة أصحاب الفيل من أبيات:
لَاهُمَّ إِنَّ الْعَبْدَ يَمْـ … ــــنَعْ رَحْلَهُ فَامْنَعْ حِلَالَكْ
وَانْصُرْ عَلَى آلِ الصَّلِيـ … ــــــبِ وَعَابِدِيهِ الْيَوْمَ آلَكْ
وقال قُدامة:
أَنَا الْفَارِسُ الْحَامِي حَقِيقَةَ وَالِدِي … وَآلِي كَمَا تَحْمِي حَقِيقَةَ آلِكَا
وغير ذلك من كلام العرب، وهو كثير [«المفهم» ٢/ ٤٠ – ٤١].
وقد يُطلق آل فلان على نفسه، وعليه وعلى من يُضاف إليه جميعًا،
وضابطه: أنه إذا قيل: فَعَلَ آلُ فلان كذا دخل فيهم إلا بقرينة، ومن شواهده قوله ﷺ للحسن بن عليّ رضي الله عنهما: «إنا آلَ محمد، لا تحلّ لنا الصدقة»، وإن ذُكرا معًا فلا، وهو كالفقير والمسكين، وكالإيمان والإسلام، والفسوق والعصيان. قاله الإتيوبي رحمه الله تعالى [البحر المحيط الثجاج، (9/ 440 – 441)].
وقال الإتيوبي في موضوع أخر:
وكأن الأزواج أُفردن بالذكر تنويهًا بهنّ، وكذا الذرية.
وقيل: المراد بالآل ذريةُ فاطمة خاصّةً، حكاه النووي في «شرح المهذّب».
وقيل: هم جميع قريش، حكاه ابن الرفعة في «الكفاية»، وقيل: المراد بالآل جميع الأمة، أمة الإجابة، وقال ابن العربيّ: مال إلى ذلك مالكٌ، واختاره الأزهريّ، وحكاه أبو الطيب الطبريّ عن بعض الشافعية، ورجّحه النوويّ في «شرح مسلم»، وقيّده القاضي حسين، والراغب بالأتقياء منهم، وعليه يُحْمَل كلام من أطلق، ويؤيده قوله تعالى: ﴿إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ﴾ [الأنفال: ٣٤]، وقوله ﷺ: «إن أوليائي منكم المتقون».
قال الحافظ: ويمكن أن يُحْمَل كلام من أطلق على أن المراد بالصلاة الرحمة المطلقة، فلا تحتاج إلى تقييد، وقد استُدِلّ لهم بحديث أنس رفعه: «آلُ محمد كلُّ تقيّ»، أخرجه الطبراني ولكن سنده وَاهٍ جِدًّا، وأخرج البيهقيّ عن جابر نحوه من قوله بسند ضعيف. انتهى.
قال الإتيوبي عفا اللَّه عنه: أظهر الأقوال، وأرجحها أن المراد بالآل هم الذين تحرّم عليهم الصدقة؛ لوضوح أدلّته،
وأما تفسيره بجميع الأمة، وإن استظهره النوويّ، واختاره غيره فلا يخفى بُعده، وأما تأييد الحافظ له بالآية، والحديث، فلا يخفى بُعده أيضًا، والحديث الأول لم يُبيّن درجته، ولم يسق سنده حتى يُنظر فيه، وأما الأخيران فقد بَيّنَ ضعفهما، فلا يكون شيء مما ذكره مؤيّدًا للحمل المذكور، فتبصّر.
وقد استوفيت البحث في هذا الموضوع في «شرح النسائيّ»، فراجعه تستفد علمًا جمًّا [راجع: «ذخيرة العقبى في شرح المجتبى» ١٥/ ١٢٧ – ١٣٤]، واللَّه تعالى وليّ التوفيق. [المصدر السابق، (9/ 443)].
(المسألة الخامسة): هل تُقْصَر الصلاة على هذه الصيغة ؟
قال الإتيوبي رحمه الله تعالى:
فالأولى أن نقول: إنه ﷺ علّمهم في أوقات مختلفة بألفاظ مختلفة في بعضها طولٌ، وفي بعضها اختصارٌ؛ توسعةً عليهم، فتكون كألفاظ التشهّد الْمُخْتلِف تعليمه ﷺ للصحابة رضي الله عنهم إياها، وكصيغ الاستفتاح، وأذكار الركوع والسجود، والدعوات.
والحاصل: أن في الأمر سعةً، فيختار مريد الصلاة عليه ﷺ أيّ صيغة صحّت عن رسول اللَّه ﷺ، فَيُصلي بها، والأولى أن يُصلي في وقت بصيغة، وفي آخر بأخرى، وهكذا حتى يستعمل الصيغ التي صحّت عن النبيّ ﷺ، واللَّه تعالى أعلم”. [البحر المحيط الثجاج، (9/ 441)].
(المسألة السادسة):
[فائدة (1)]: من المتفق عليه، أن النبي محمدًا ﷺ أفضل الخلق.
وعند علماء البيان أن المشبه أقل رتبةً من المشبَّه به؛ لأن الغرض من التشبيه إلحاقه به في الصفة عند النبيين، فكيف يطلب من الله تعالى أن يصلى على محمد وآله، صلاة كصلاته على إبراهيم وآله؟
حاول الإجابة عن هذا الإشكال، العلماء بعدة أجوبة. وسبق نقل كلام ااشيخ العباد
وأحسنها أن آل إبراهيم عليه السلام، هم جميع الأنبياء من بعده، ومنهم نبينا ﷺ وعليهم أجمعين.
فالمعنى: أنه يطلب للنبي وآله، صلاة كالصلاة التي لجميع الأنبياء من لدن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام.
والله أعلم.
[فائدة ثانية]:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٢/ ٤٥٦) الأحاديث التي في الصحاح لم أجد فيها ولا فيما نقل لفظ «إبراهيم وآل إبراهيم»، بل المشهور في أكثر الأحاديث والطرق لفظ «إبراهيم»، وفي بعضها لفظ «آل إبراهيم»، وقد روى لفظ «إبراهيم وآل إبراهيم» في حديث رواه البيهقي.
ولم يبلغني إلى الساعة حديث مسند بإسناد ثابت «كما صليت على إبراهيم وكما باركت على إِبراهيم وآل إبراهيم».
وتابعه ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام، فقال: إن أكثر الأحاديث الصحاح والحسان، بل كلها صريحة في ذكر النبي ﷺ، ذكر آله، وأما ما جاء في حق إبراهيم وآله فإنما جاءت بذكر آل إبراهيم فقط دون ذكر إبراهيِم، أو بذكره فقط دون ذكر آله. ولم يجيء حديث صحيح فيه لفظ إبراهيم وآل إبراهيم. أهـ.
ومع جلالة قدر ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وكونهما محل الثقة في الرواية والدراية، فإننا ننبه القراء إلى أن ما قالاه في كتبهما وهي متداولة مقروءة قد وقع فيه وهم في هذا المبحث، وذلك أن الجمع بين إبراهيم وآل إبراهيم في الصلاة وفي التبريك قد جاء في الصحيحين، ومن ذلك حدث كعب بن عجرة الذي ساقه مؤلف عمدة الأحكام والذي نحن بصدده.
وبعد تتبعي لأحاديث كيفية الصلاة على النبي ﷺ في الأمهات وشروحها وجدت الشيخ ناصر الدين الألباني قد نقد الشيخين، ابن تيمية وصاحبه بمثل ما قلته.
[الفائدة الثالثة]:
لما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية الأحاديث والطرق التي وردت في كيفية الصلاة على النبي ﷺ بألفاظها المختلفة ورواياتها المتنوعة قال رحمه الله: من المتأخرين من سلك في بعض هذه الأدعية والأذكار التي كان النبي ﷺ يقولها.
ويعملها بألفاظ متنوعة، سلك فيها بعض المتأخرين طريقة محدثة بان جمع تلك الألفاظ، واستحب ذلك، ورأى ذلك أفضل ما يقال فيها.
وطرد هذه الطريقة أن يذكر التشهد بجميع هذه الألفاظ المأثورة، وأن يقال الاستفتاح بجميع الألفاظ المأثورة، وهذا مع أنه خلاف عمل المسلمين، لم يستحبه أحد من أئمتهم، بل عمل بخلافه، فهو بدعة في الشرع فاسد في العقل.
فإن تنوع ألفاظ الذكر والدعاء كتنوع ألفاظ القرآن، ومعلوم أن المسلمين متفقون على أنه لا يستحب للقارىء أن يجمع بين حروف القرآن في الصلاة وفي التعبد بالتلاوة، ولكن إذا قرأ بهذه تارة، وبهذا تارة أخرى كان حسنا.
كذلك الأذكار والدعاء، فإذا تشهد تارة بتشهد ابن مسعود، وتارة بتشهد ابن عباس، وتارة بتشهد عمر، كان حسنا.
وفي الاستفتاح إذا استفتح تارة باستفتاح عمر، وتارة باستفتاح علي، وتارة باستفتاح أبي هريرة ونحو ذلك كان حسنًا. [تيسير العلام، (209 – 211)].
(المسألة السابعة): في معنى الصلاة على النبي ﷺ:
(اعلم): أنه كتب الإمام المحقق ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه النفيس «جَلَاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام» بحثًا نفيسًا في معنى الصلاة على النبي ﷺ، أبان فيه عن سعة علمه، وبراعة فهمه، أحببت إيراده هنا تتميمًا للفوائد، ونشرًا للعوائد.
قال رحمه الله تعالى: أصل هذه اللفظة في اللغة، يرجع إلى معنيين:
(أحدهما): الدعاء والتبريك.
(والثاني): العبادة، فمن الأوّل قوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ [التوبة: ١٠٣]. وقوله تعالى في حقّ المنافقين: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ الآية [التوبة: ٨٤]. وقولُ النبي ﷺ: «إذا دُعي أحدُكم إلى الطعام، فليجب، فإن كان صائمًا، فليُصلِّ». رواه مسلم. فُسّر بهما، قيل: فليدع لهم بالبركة، وقيل: يُصلي عندهم بدل أكله.
وقيل: إن الصلاة في اللغة معناها الدعاء، والدعاء نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، والعابد داع، كما أن السائل داع، وبهما فُسّر قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠]، قيل: أطيعوني أُثبكم، وقيل: سلوني أُعطكم، وفُسّر بهما قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: ١٨٦].
والصواب أن الدعاء يعمّ النوعين، وهذا لفظ متواطىء، لا اشتراك فيه، فمن استعماله في دعاء العبادة قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ [سبأ: ٢٢]، وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ [النحل: ٢٠]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ﴾ [الفرقان: ٧٧].
والصحيح من القولين لولا أنكم تدعونه وتعبدونه، أي أيّ شيء يعبأ بكم لولا عبادتكم إياه، فيكون المصدر مضافًا إلى الفاعل، وقال تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [الأعراف: ٥٥ – ٥٦]، وقال تعالى إخبارًا عن أنبيائه ورسله: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ [الأنبياء: ٩٠].
وهذه الطريقة أحسن من الطريقة الأولى، ودعوى الاختلاف في مسمى الدعاء، وبهذا تزول الإشكالات الواردة على اسم الصلاة الشرعية، هل هو منقول عن موضوعه في اللغة، فيكون حقيقة شرعيةً، أو مجازًا شرعيًا.
فعلى هذا تكون الصلاة باقية على مسماها في اللغة، وهو الدعاء، والدعاء: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، والمصلي من حين تكبيره إلى سلامه بين دعاء العبادة، ودعاء المسألة، فهو في صلاة حقيقية، لا مجاز فيها، ولا منقولة، لكن خُصَّ اسم الصلاة بهذه العبادة المخصوصة كسائر الألفاظ التي يخصّها أهل اللغة والعرف ببعض مسماها، كالدّابّة، والرأس، ونحوهما، فهذا غايته تخصيص اللفظ وقصره على بعض موضوعه، وهذا لا يوجب نقلًا، ولا خروجًا عن موضوعه الأصلي. والله أعلم.
قال العلامة ابن القيّم رحمه الله تعالى: هذه صلاة الآدميّ، وأما صلاة الله سبحانه على عبده فنوعان: عامّة، وخاصّة:
أما العامّة فهي صلاته على عباده المؤمنين، قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ﴾ الآية، ومنه دعاء النبي ﷺ بالصلاة على آحاد المؤمنين، كقوله: “اللهمّ صلّ على آل أبي أوفى» [متفق عليه].
وفي حديث آخر أن امرأةً قالت له: صلّ عليّ، وعلى زوجي، قال: «صلى الله عليك، وعلى زوجك» [أخرجه الدارمي من حديث جابر مطولًا جـ ١ ص ٢٤ بسند رجاله ثقات].
النوع الثاني: صلاته الخاصّة على أنبيائه ورسله، خصوصًا على خاتمهم وخيرهم محمد ﷺ، فاختلف الناس فيه على أقوال:
(أحدها): أنها رحمته، أخرج إسماعيل القاضي، عن الضّحّاك، قال: صلاة الله رحمته، وصلاة الملائكة الدعاء. وقال المبرّد: أصل الصلاة الرُّحْمُ، فهي من الله رحمة، ومن الملائكة رقّة، واستدعاء للرحمة من الله. وهذا القول هو المعروف عند كثير من المتأخرين.
والقول الثاني: أن صلاة الله مغفرته، أخرج إسماعيل القاضي عن الضحّاك أيضًا، قال: صلاة الله مغفرته، وصلاة الملائكة الدعاء [«فضل الصلاة على النبي ﷺ» ص ٨٠ – ٨١].
وهذا القول من جنس الذي قبله، وهما ضعيفان لوجوه:
(أحدها): أن الله سبحانه فرّق بين صلاته على عباده ورحمته، فقال تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧)﴾ [البقرة: ١٥٥ – ١٥٧]، فعَطَفَ الرحمةَ على الصلاة، فاقتضى ذلك تغايرهما، هذا أصل العطف، وأما قولهم:
وَأَلْفَى قَوْلَهَا كَذِبًا وَمَيْنًا
فهو شاذ نادر لا يُحمَلُ عليه أفصح الكلام، مع أن الْمَيْن أخصّ من الكذب.
(الوجه الثاني): أن صلاة الله سبحانه خاصّةٌ بأنبيائه ورسله وعباده المؤمنين، وأما رحمته فوسعت كلّ شيء، فليست الصلاة مرادفةً للرحمة، لكن الرحمة من لوازم الصلاة وموجباتها وثمراتها، فمن فسرها بالرحمة، فقد فسّرها ببعض ثمراتها ومقصودها، وهذا كثيرًا ما يأتي في تفسير ألفاظ القرآن، والرسول ﷺ يفسر اللفظة بلازمها وجزء معناها، كتفسير الريب بالشكّ، والشكُّ جزء مسمى الريب، وتفسير المغفرة بالستر، وهو جزء مسمّى المغفرة، وتفسير الرحمة بإرادة الإحسان، وهو لازم الرحمة، ونظائر ذلك كثيرة.
(الوجه الثالث): أنه لا خلاف في جواز الترحم على المؤمنين، واختَلَفَ السلفُ والخلفُ في جواز الصلاة على غير الأنبياء على ثلاثة أقوال، سنذكرها فيما بعد، إن شاء الله تعالى، فعلم أنهما ليسا بمترادفين.
(الوجه الرابع): أنه لو كانت الصلاة بمعنى الرحمة، لقامت مقامها في امتثال الأمر، وأسقطت الوجوب عند من أوجبها، إذا قال: اللَّهم ارحم محمدًا، وآل محمد، وليس الأمر كذلك.
(الوجه الخامس): أنه لا يقال: لمن رحم غيره، ورقّ عليه، فأطعمه، أو سقاه، أو كساه: إنه صلّى عليه، ويقال: إنه قد رحمه.
…. انتهى كلام المحقق العلامة ابن القيّم رحمه الله تعالى ببعض تصرف [«جَلَاءُ الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام» ص ١٠٦ – ١٢٢].
وراجع بقية الوجوه التي ذكرها ابن القيم
قال الإتيوبي عفا الله تعالى عنه: لقد حقق العلّامة ابن القيّم رحمه الله تعالى هذا البحث تحقيقًا نفيسًا، فأجاد وأفاد، وأسهب وأعاد، جزاه الله على ذلك خيرًا.
وخلاصته ترجيح تفسير الصلاة على النبي ﷺ بالثناء عند ملائكته، كما نقل عن أبي العالية، وتضعيف تفسير من فسّرها بالرحمة.
وقال في «الفتح» بعدما ذكر الاختلاف: ما حاصله: وأولى الأقوال ما تقدّم عن أبي العالية أن معنى صلاة الله على نبيّه ﷺ ثناؤه عليه، وتعظيمه، وصلاة الملائكة وغيرهم عليه طلب ذلك من الله تعالى، والمراد طلب أصل الصلاة.
ونقل عياض عن بكر القُشيريّ، قال: الصلاة على النبي ﷺ من الله تشريف، وزيادة تكرمة، وعلى من دون النبي رحمة، وبهذا التقرير يظهر الفرق بين النبي ﷺ، وبين سائر المؤمنين، حيث قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ الآية [الأحزاب: ٥٦]، وقال قبل ذلك: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ﴾ الآية [الأحزاب: ٤٣]، ومن المعلوم أن القدر الذي يليق بالنبي ﷺ من ذلك أرفع مما يليق بغيره، والإجماع منعقد على أن في هذه الآية من تعظيم النبي ﷺ، والتنويه به ما ليس في غيرها.
وقال الحَليميّ في «الشُّعَب»: معنى الصلاة على النبي ﷺ تعظيمه، فمعنى قولنا: اللَّهمّ صل على محمد: عَظِّمْ محمدًا، والمراد تعظيمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دينه، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بإجزال مثوبته، وتشفيعه في أمته، وإبداء فضيلته بالمقام المحمود، وعلى هذا فالمراد بقوله: ﴿صَلُّوا﴾ ادعوا ربّكم بالصلاة عليه. انتهى.
ولا يعكر عليه عطف آله وأزواجه وذرّيته عليه، فإنه لا يمتنع أن يُدْعَى لهم بالتعظيم، إذ تعظيم كلّ أحد بحسب ما يليق به.
وما تقدم عن أبي العالية أظهر؛ فإنه يحصل به استعمال لفظ الصلاة بالنسبة إلى الله، وإلى ملائكته، وإلى المؤمنين المأمورين بذلك بمعنى واحد، ويؤيده أنه لا اختلاف في جواز الترحم على غير الأنبياء، واختُلف في جواز الصلاة على غير الأنبياء، ولو كان معنى قولنا: اللَّهم صل على محمد: اللَّهم ارحم محمدًا، أو ترحم على محمد لجاز لغير الأنبياء، وكذا لو كانت بمعنى البركة والرحمة لسقط الوجوب في التشهد عند من يوجبه بقول المصلي في التشهد: «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته».
ويمكن الانفصال بأن ذلك وقع بطريق التعبد، فلابد من الإتيان به ولو سبق الإتيان بما يدل عليه. انتهى ما في «الفتح».
قال الإتيوبي عفا الله تعالى عنه: حاصل ما تقدم أن أرجح الأقوال في معنى صلاة الله على نبيه ﷺ قول من قال: إنه ثناء الله تعالى عليه في الملإ الأعلى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. [ذخيرة العقبى في شرح المجتبى، (15/ 104 – 114)].
نقولات من صفة الصلاة
قال الالباني رحمه الله:
فوائد مهمة في الصلاة على نبي الأمة
الفائدة الأولى: من الملحوظ أن أكثر هذه الأنواع من صيغ الصلاة عليه ﷺ ليس فيها ذكر إبراهيم نفسه مستقلا عن آله وإنما فيها: (كما صليت على آل إبراهيم) والسبب في ذلك أن آل الرجل في اللغة العربية يتناول الرجل كما يتناول غيره ممن يؤوله كما في قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين آل عمران (٢٣) وقوله: إلا آل لوط نجيناهم بسحر القمر (٣٤) ومنه قوله ﷺ: (اللهم صل على آل أبي أوفى) وكذلك لفظ أهل البيت كقوله تعالى: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت هود (٧٣) فإن إبراهيم داخل فيهم
قال (شيخ الإسلام):
(ولهذا جاء في أكثر الألفاظ: (كما صليت على آل إبراهيم) و(كما
باركت على آل إبراهيم) وجاء في بعضها: (إبراهيم) نفسه لأنه هو الأصل في الصلاة والزكاة وسائر أهل بيته إنما يحصل ذلك تبعا وجاء في بعضها ذكر هذا وهذا تنبيها على هذين)
إذا علمت ذلك فقد اشتهر التساؤل بين العلماء عن وجه التشبيه في قوله: (كما صليت) إلخ لأن المقرر أن المشبه دون المشبه به والواقع هنا عكسه إذ أن محمدا ﷺ أفضل من إبراهيم وقضية كونه أفضل أن تكون الصلاة المطلوبة أفضل من كل صلاة حصلت أو تحصل وأجاب العلماء عن ذلك بأجوبة كثيرة تراها في (الفتح) و(الجلاء) وقد بلغت نحو عشرة أقوال بعضها أشد ضعفا من بعض إلا قولا واحدا فإنه قوي واستحسنه شيخ الإسلام وابن القيم وهو قول من قال:
(عن آل إبراهيم فيهم الأنبياء الذين ليس في آل محمد مثلهم فإذا طلب للنبي ﷺ ولآله مثل ما لإبراهيم وآله وفيهم الأنبياء حصل لآل محمد من ذلك ما يليق بهم فإنهم لا يبلغون مراتب الأنبياء وتبقى الزيادة التي للأنبياء – وفيهم إبراهيم – لمحمد ﷺ فيحصل له من المزية ما لا يحصل لغيره)
قال ابن القيم:
(وهذا أحسن من كل ما تقدم وأحسن منه أن يقال: محمد ﷺ هو من آل إبراهيم بل هو خير آل إبراهيم كما روى علي بن طلحة عن ابن عباس رضي الله عن هـ في قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين آل عمران (٣٣) قال ابن عباس: (محمد من آل إبراهيم) وهذا نص إذا دخل غيره من الأنبياء الذين هم من ذرية إبراهيم في
آله فدخول رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى فيكون قولنا: (كما صليت على آل إبراهيم) متناولا للصلاة عليه وعلى سائر النبيين من ذرية إبراهيم …
الفائدة الثانية: ويرى القارئ الكريم أن هذه الصيغ على اختلاف أنواعها فيها كلها الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وذريته معه صلى الله عليه وسلم فلذلك فليس من السنة ولا يكون منفذا للأمر النبوي من اقتصر على قوله: (اللهم صل على محمد) فحسب بل لا بد من الإتيان بإحدى هذه الصيغ كاملة كما جاءت عنه صلى الله عليه وسلم لا فرق في ذلك بين التشهد الأول والآخر وهو نص الإمام
الشافعي في (الأم) (١ / ١٠٢) فقال:
(والتشهد في الأولى والثانية لفظ واحد لا يختلف ومعنى قولي (التشهد) التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا يجزيه أحدهما عن الآخر)
وأما حديث: (كان لا يزيد في الركعتين على التشهد) فهو حديث منكر كما حققته في (الضعيفة) (٥١٨٦)
وإن من عجائب هذا الزمن ومن الفوضى العلمية فيه أن يجرؤ بعض الناس – وهو الأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي في كتابه: (الإسلام الصحيح) – على إنكار الصلاة على الآل في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم على الرغم من ورود ذلك في (الصحيحين) وغيرهما عن جمع من الصحابة منهم كعب بن عجرة وأبو حميد الساعدي وأبو سعيد الخدري وأبو مسعود الأنصاري وأبو هريرة وطلحة بن عبيد الله وفي أحاديثهم أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم : (كيف نصلي عليك) فعلمهم صلى الله عليه وسلم هذه الصيغ وحجته في الإنكار أن الله تعالى لم يذكر في قوله: صلوا عليه وسلموا تسليما مع النبي صلى الله عليه وسلم أحدا ثم أنكر وبالغ في الإنكار أن يكون الصحابة قد سألوه صلى الله عليه وسلم ذلك السؤال لأن الصلاة معروفة المعنى عندهم وهو الدعاء فكيف يسألونه وهذه مغالطة مكشوفة لأن سؤالهم لم يكن على معنى الصلاة عليه حتى يرد ما ذكره وإنما كان عن كيفية الصلاة عليه كما جاء في جميع الروايات على ما سبقت الإشارة إليه وحينئذ فلا غرابة لأنهم سألوه عن كيفية شرعية لا يمكنهم معرفتها إلا من طريق الشارع الحكيم العليم وهذا كما لو سألوه عن كيفية الصلاة المفروضة بمثل قوله تعالى: وأقيموا الصلاة فإن معرفتهم لأصل معنى الصلاة في اللغة لا يغنيهم عن السؤال عن كيفيتها الشرعية وهذا بين لا يخفى ….
الفائدة الثالثة: ويرى القارئ أيضا أنه ليس في شيء منها لفظ: (السيادة) ولذلك اختلف المتأخرون في مشروعية زيادتها في الصلوات الإبراهيمية ولا يتسع المجال الآن لنفصل القول في ذلك وذكر من ذهب إلى عدم مشروعيتها اتباعا لتعليم النبي صلى الله عليه وسلم الكامل لأمته حين سئل عن كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فأجاب آمرا بقوله: (قولوا: اللهم صل على محمد. . .) ولكني أريد أن أنقل إلى القراء الكرام هنا رأي الحافظ ابن حجر العسقلاني في ذلك باعتباره أحد كبار علماء الشافعية الجامعين بين الحديث والفقه فقد شاع لدى متأخري الشافعية خلاف هذا التعليم النبوي الكريم
فقال الحافظ محمد بن محمد بن محمد الغرابيلي (٧٩٠ – ٨٣٥) وكان ملازما لابن حجر – قال رحمه ومن خطه نقلت:
(وسئل (أي الحافظ ابن حجر) أمتع الله بحياته عن صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة أو خارج الصلاة سواء قيل بوجوبها أو ندبيتها هل يشترط فيها أن يصفه صلى الله عليه وسلم بالسيادة كأن يقول مثلا: اللهم صل على سيدنا محمد أو على سيد الخلق أو على سيد ولد آدم أو يقتصر على قوله: اللهم صل على محمد وأيهما أفضل: الإتيان بلفظ السيادة لكونها صفة ثابتة له صلى الله عليه وسلم أو عدم الإتيان به لعدم ورود ذلك في الآثار
فأجاب رضي الله عن هـ:
نعم اتباع الألفاظ المأثورة أرجح ولا يقال: لعله ترك ذلك تواضعا
منه صلى الله عليه وسلم كما لم يكن يقول عند ذكره صلى الله عليه وسلم : صلى الله عليه وسلم وأمته مندوبة إلى أن تقول ذلك كلما ذكر لأنا نقول: لو كان ذلك راجحا لجاء عن الصحابة ثم عن التابعين ولم نقف في شيء من الآثار عن أحد من الصحابة ولا التابعين لهم قال ذلك مع كثرة ما ورد عنهم من ذلك وهذا الإمام الشافعي – أعلى الله درجته وهو من أكثر الناس تعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة كتابه الذي هو عمدة أهل مذهبه: (اللهم صل على محمد) إلى آخره ما أداه إليه اجتهاده وهو قوله: كلما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون وكأنه استنبط ذلك من الحديث الصحيح الذي فيه: (سبحان الله عدد خلقه) فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال لأم المؤمنين – ورآها قد أكثرت التسبيح وأطالته -: (لقد قلت بعدك كلمات لو وزنت بما قلت لوزنتهن) فذكر ذلك وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه الجوامع من الدعاء
وقد عقد القاضي عياض بابا في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب (الشفاء) ونقل فيها أثارا مرفوعة عن جماعة من الصحابة والتابعين ليس في شيء منها عن أحد من الصحابة وغيرهم لفظ: (سيدنا)
منها حديث علي أنه كان يعلمهم كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: اللهم داحي المدحوات وباري المسموكات اجعل سوابق صلواتك ونوامي بركاتك وزائد تحيتك على محمد عبدك ورسولك الفاتح لما أغلق
وعن علي أنه كان يقول: صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وما سبح لك من شيء يا رب العالمين على محمد بن عبد الله خاتم النبيين وإمام المتقين. . الحديث
وعن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول: اللهم اجعل صلواتك
وبركاتك ورحمتك على محمد عبدك ورسولك إمام الخير ورسول الرحمة. . . الحديث
وعن الحسن البصري أنه كان يقول: من أراد أن يشرب بالكأس الأروى من حوض المصطفى فليقل: اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأولاده وذريته وأهل بيته وأصهاره وأنصاره وأشياعه ومحبيه. فهذا ما أوثره من (الشفاء) مما يتعلق بهيئة الصلاة عليه عن الصحابة ومن بعدهم وذكر فيه غير ذلك
نعم ورد في حديث ابن مسعود أنه كان يقول في صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم اجعل فضائل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين. . . الحديث. أخرجه ابن ماجه ولكن إسناده ضعيف وحديث علي المشار إليه أولا أخرجه الطبراني بإسناد ليس له بأس وفيه ألفاظ غريبة رويتها مشروحة في كتاب (فضل النبي صلى الله عليه وسلم لأبي الحسن بن الفارس وقد ذكر الشافعية أن رجلا لو حلف ليصلين على النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة فطريق البر أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم صل على محمد كلما ذكره الذاكرون وسها عن ذكره الغافلون. وقال النووي: والصواب الذي ينبغي الجزم به أن يقال: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم. . . الحديث
وقد تعقبه جماعة من المتأخرين بأنه ليس في الكيفيتين المذكورتين ما يدل على ثبوت الأفضلية فيهما من حيث النقل وأما من حيث المعنى فالأفضلية ظاهرة في الأول
والمسألة مشهورة في كتب الفقه والغرض منها أن كل من ذكر هذه المسألة من الفقهاء قاطبة لم يقع في كلام أحد منهم: (سيدنا) ولو كانت
هذه الزيادة مندوبة ما خفيت عليهم كلهم حتى أغفلوها والخير كله في الاتباع والله أعلم)
قلت: وما ذهب إليه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى من عدم مشروعية تسويده صلى الله عليه وسلم في الصلاة عليه اتباعا للأمر الكريم وهو الذي عليه الحنفية هو الذي ينبغي التمسك به لأنه الدليل الصادق على حبه ﷺ قل إن كنتم تحبوني فاتبعوني يحببكم الله آل عمران (٣١)
ولذلك قال الإمام النووي في (الروضة) (١ / ٢٦٥):
(وأكمل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم صل على محمد. . .) إلخ وفق النوع الثالث المتقدم فلم يذكر فيه (السيادة)
الفائدة الرابعة: واعلم أن النوع الأول من صيغ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وكذا النوع الرابع – هو ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه لما سألوه عن كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وقد استدل بذلك على أنها أفضل الكيفيات في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لأنه لا يختار لهم – ولا لنفسه – إلا الأشرف والأفضل ومن ثم صوب النووي في (الروضة) أنه لو حلف ليصلين عليه صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة لم يبر إلا بتلك الكيفية ووجه السبكي بأنه من أتى بها فقد صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بيقين وكل من جاء بلفظ غيرها فهو من إتيانه بالصلاة المطلوبة في شك لأنهم قالوا: كيف نصلي عليه قال: (قولوا:. . .) فجعل الصلاة عليه منهم هي قولهم كذا. انتهى
ذكره الهيتمي في (الدر المنضود) (ق ٢٥ / ٢) ثم ذكرا (ق ٢٧ / ١) أن المقصود يحصل بكل من هذه الكيفيات التي جاءت في الأحاديث الصحيحية
الفائدة الخامسة: واعلم أنه لا يشرع تلفيق صيغة صلاة واحدة من مجموع هذه الصيغ وكذلك يقال في صيغ التشهد المتقدمة بل ذلك بدعة في الدين إنما السنة أن يقول هذا تارة وهذا تارة كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية في بحث له في التكبير في العيدين (مجموع) (٦٩ / ٢٥٣ / ١)
الفائدة السادسة: قال العلامة صديق حسن خان في كتابه (نزل الأبرار بالعلم المأثور من الأدعية والأذكار) بعد أن ساق أحاديث كثيرة في فضل الصلاة على النبي ﷺ والإكثار منها – قال (ص ١٦١):
(لا شك في أن أكثر المسلمين صلاة عليه ﷺ هم أهل الحديث ورواة السنة المطهرة فإن من وظائفهم في هذا العلم الشريف الصلاة عليه أمام كل حديث ولا يزال لسانهم رطبا بذكره ﷺ وليس كتاب من كتب السنة ولا ديوان من دواوين الحديث – على اختلاف أنواعها من (الجوامع) و(المسانيد) و(المعاجم) و(الأجزاء) وغيرها – إلا وقد اشتمل على آلاف الأحاديث حتى إن أخصرها حجما كتاب (الجامع الصغير) للسيوطي فيه عشرة آلاف حديث وقس على ذلك سائر الصحف النبوية فهذه العصابة الناجية والجماعة الحديثية أولى الناس برسول الله عزوجل يوم القيامة وأسعدهم بشفاعته صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي – ولا يساويهم في هذه الفضيلة أحد من الناس إلا من جاء بأفضل مما جاؤوا به ودونه خرط القتاد فعليك يا باغي الخير وطالب النجاة بلا ضير أن تكون محدثا أو متطفلا على المحدثين وإلا فلا تكن. . . فليس فيما سوى ذلك من عائدة تعود إليك)
قلت: وأنا أسأل الله عزوجل أن يجعلني من هؤلاء المحدثين الذين هم أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ولعل هذا الكتاب من الأدلة على ذلك
ورحم الله الإمام أحمد إمام السنة الذي أنشد:
دين النبي محمد أخبار نعم المطية للفتى آثار
لا ترغبن عن الحديث وأهله فالرأي ليل والحديث نهار
ولربما جهل الفتى أثر الهدى والشمس بازغة لها أنوار
وكذلك سن لهم الدعاء في هذا المتشهد وغيره فقال صلى الله عليه وسلم :
(النسائي والطبراني وأحمد وهومخرج في (الصحيحة) (إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: (التحيات لله. . .) (فذكرها إلى آخرها ثم قال: (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه)
صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- للألباني رحمه الله 165-177
والرابع: فوائد الحديث
1- (منها): فضيلة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- من جهة ورود الأمر بها، واعتناء الصحابة بالسؤال عن كيفيتها.
2- (ومنها): وجوب الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في التشهد الأخير في الصلاة، قال أبو العالية: صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه وتعظيمه.
3- (ومنها): أنه -صلى الله عليه وسلم- علَّم أصحابه السلام والصلاة عليه.
4- (ومنها): أن من حق النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ندعو ونُصَلِّي عليه؛ لأنه لم يصلنا هذا الدين العظيم إلا على يديه.
5- (ومنها): أنَّ من أسباب عُلُوِّ شأن النبي -صلى الله عله وسلم- ورفع درجاته، دعاء أمته له -صلى الله عليه وسلم-.
6- (ومنها): فضيلة نبي الله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-.
7- (ومنها): حميد مجيد: الحمد والمجد إليهما يرجع الكمال كله، فإن الحمد مستلزم للعظمة والإجلال، والمجد دال على صفة العظمة والجلال، والحمد يدل على صفة الإكرام، فهذان الاسمان الكريمان إليهما مرجع أسماء الله الحسنى.
8- (ومنها): البركة: النماء والزيادة، والتبريك الدعاء بهما، فبارك على محمد وآله يتضمن سؤال الله أن يعطي رسوله -صلى الله عليه وسلم- ما قد أعطاه لإبراهيم وآله من الخير، وسعته ودوامه.
9- (ومنها): أفضل صيغة للصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ما صح في السُنَّة. [تيسير العلام].
10- (ومنها): بيان فضل الصلاة على النبي ﷺ وأنها سبب لنيل شفاعة النبي ﷺ يوم القيامة.
11- (ومنها): الصيغة الواردة في الحديث هي من أحد صيغ الصلاة على النبي ﷺ.
12- (ومنها): بيان منهج النبي ﷺ في تعليم أصحابه بالأمثلة والعبارات الواضحة.
13- (ومنها): الحث على الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ، خصوصًا في المواطن المشروعة مثل يوم الجمعة والتشهد والصلاة.
14- (ومنها): ارتباط الأمة المحمدية بأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام.
15- (ومنها): تعليم الأدب في مخاطبة الله بوصف الكمال (حَمِيدٌ مَجِيدٌ).
[تنبيه]:
سبق الحديث عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وصيغه وحكم ذلك في فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند، [1ج/ رقم (355)].
وانظر: التعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين (١٢٨٢)، وغيره من المواضع. ذكر فيه ما يتعلق بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وحكم الصلاة على غيره، انظر: فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند، [1ج/ رقم (234)].