4 – الدر الثمين من شرح صحيح البخاري لابن عثيمين
مراجعة عبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف الشيخ د سيف بن دورة الكعبي
———–
بعض الفوائد من شرح صحيح البخاري لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح ابن عثيمين -رحمه الله-.
المقرر 4
تابع كتاب الايمان / صفحة 60 حتى 70
باب من الإيمان أن يُحِب لأخيه ما يُحِب لنفسه.
-قوله -صلى الله عليه وسلم -: “لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه”.
1-محبة الإنسان لأخيه ما يحبه لنفسه هي من الإيمان.
2 -انتفاء ذلك هل ينتفي به أصل الإيمان أو كماله؟
الجواب: انتفاءٌ لكمال الإيمان.
تنبيه : يقصد الشيخ ابن عثيمين الكمال الواجب
ففي شرحه على بلوغ المرام، قال:
ومن فوائد الحديث: انتفاء الإيمان عمن لا يحب لجاره أو لأخيه ما يحب لنفسه. وهل هذا يعني الكفر؟ لا، لكنه ينتفي عنه كمال الإيمان، لأن أهل السنة أجمعوا على أن مالا يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ليس بكافر لكن انتفى عنه كمال الإيمان. ومن فوائده: أنه يجوز نفي الشيء لنفي كماله كما قال النبي ﷺ: «لا صلاة بحضرة طعام»، هذا نفي للكمال، الصلاة لا تكون كاملة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان *لكن لا ينفي شيء إلا لانتفاء واجب فيه، ومن ثم نأخذ أنه يجب علينا أن نحب لإخواننا ما نحبه لأنفسنا.*
وفي شرحه لكتاب التوحيد :
قال ابن عثيمين :
( لا يؤمن أحدكم حتى أكون ) من أي الأقسام ؟ نفي الكمال الواجب ولا الكمال المستحب ؟ نفي الكمال الواجب وهذه قاعدة يقول شيخ الإسلام : ” إنه لا ينفى الشيء إلا لانتفاء واجب فيه ما لم يمنع من ذلك مانع ”
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
“وكذلك سائر الأحاديث التي يجعل فيها أعمال البر من الإيمان. ثم إن نفي ” الإيمان ” عند عدمها؛ دل على أنها واجبة *وإن ذكر فضل إيمان صاحبها – ولم ينف إيمانه – دل على أنها مستحبة* ؛ فإن الله ورسوله لا ينفي اسم مسمى أمر – أمر الله به ورسوله – إلا إذا ترك بعض واجباته”
مجموع الفتاوى ٧ / ١٤-١٥
3 -كيف نجمع بين هذا الحديث وحديث: “ابدأ بنفسِك”؟
الجواب:
لا منافاة، أنت تحب لأخيك ما تحب لنفسك، ولكنك لست مأمورًا أن تُقدمه على نفسك، باب الإيثار شيء آخر.
4 -الإيثار :
-إما أن يكون بالواجب أو بالمستحب أو بالمباح.
الإيثار بالواجب حرام؛ لأنه يتضمن إسقاط الواجب.
***
[باب حب الرسول – صلى الله عليه وسلم – من الإيمان]
-قوله – صلى الله عليه وسلم -: “فوالذي نفسي بيدهِ لا يؤمنُ أحدُكم حتَّى أكونَ أحبَّ إليه من والدهِ وولدهِ”.
وقوله -صلى الله عليه وسلم -: “لا يؤمنُ أحدُكم حتَّى أكونَ أحبَّ إليه من والدهِ وولدهِ والناس أجمعين”.
1 -وجوب محبة النبي -صلى الله عليه وسلم – ووجوب تقديم محبته على محبة كل أحد حتى الوالد والولد والنفس.
-أن تقدم أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم – على هوى نفسك فهذا أكبر علامة على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم – أحب إليك من نفسك.
2 -كلما ازداد الإنسان استحضار متابعة الرسول -صلى الله عليه وسلم – في أعماله وأخلاقه، فإنه تزداد محبته للرسول – صلى الله عليه وسلم -.
3 -جواز الحلف بدون إستحلاف لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – ” فوالذي نفسي بيده”. ومن الأسباب الداعية لذلك:
—أهميه الموضوع
—إنكار المُخاطَب للأمر
—شك المُخاطَب ، فيحلف لإزاله الشك
والأفضل عدم الحلف لقوله تعالى :{ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ }.
***
[باب حلاوة الإيمان]
قوله – صلى الله عليه وسلم – “ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلَاوَةَ الإيمَانِ: أنْ يَكونَ الله ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ”.
1 -علامات حلاوة الإيمان:
—أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.
—أن يحب المرء لا يحبه إلا لله .
2 -مسألة:
قد يتعلق الإنسان بالمحبوب أكثر مما يتعلق بالله ليكون دائما هو الذي على ذكره وفكره، فهذه ليست محبة لله بل هي محبة مع الله، وهذا نوع من الشرك، ولهذا يجب على الإنسان إذا أحس في نفسه بهذا الشيء أن يتخلى عنه بأي وسيلة من الوسائل المباحة.
3 -قوله – صلى الله عليه وسلم – “يعود في الكفر” ، المراد أن يصير فيه
4 -قوله – صلى الله عليه وسلم – “كما يكره أن يقذف في النار ” ، ناس عُرض عليهم الكفر ، أو القذف في النار فاختاروا القذف في النار ، يدل على أنهم وجدوا حلاوة الإيمان.
5 - مسألة:
لو أن رجلا أُكرِه على الكفر أو يُقذف في النار، فهل له أن يكفر؟
الجواب: نعم، له أن يكفر بلسانه فقط لقوله تعالى: “إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ”.
***
[باب علامة الإيمان حُب الأنصار]
-قوله – صلى الله عليه وسلم -: آيَةُ الإيمَانِ: حُبُّ الأنْصَارِ، وآيَةُ النِّفَاقِ: بُغْضُ الأنْصَارِ”.
1 -دليل على أن الإيمان له علامة والنفاق له علامة.
2 -كل من أحب أنصار الله سواءً كانوا معينين بالشخص أو معينين بالوصف، فإن هذا يدل على إيمانه، وكل من أبغض أنصار الله المعينين بالشخص أو بالوصف فإن هذا دليل على نفاقه.
3 -قوله – صلى الله عليه وسلم -: “بايعوني”.
المبايعة: المصافحة، مأخوذه من الباع، وهو الذراع، وكانت العادة أنهم يبايعون بمد اليد.
4 -قوله – صلى الله عليه وسلم -: “ولا تعصوا في معروف”.
-مسألة: قوله: “في معروف”:
لا يظُن الظَّان أن لها مفهوما فيقول مثلا : إن المعنى: ولكن اعصوني في المنكر؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يمكن أن يأمر بمنكر، ولكن هذا القيد إنما هو لبيان الواقع والحال، وهو أن النبي-صلى الله عليه وسلم – لا يأمر إلا بمعروف.
يسمى هذا القيد عند العلماء: القيد الكاشف، والصفة الكاشفة المبينة للواقع والحال.
5 -قوله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ” فمن أصاب من ذلك شيئا فعُوقب في الدنيا فهو كفارة له”.
-أخذ العلماء من هذا أن الحَدَّ كفارة للذنوب.
6 -“فعُوقب في الدنيا”: هذا يعم العقوبة البدنية، التي هي من فعل الخلق؛ كالحدود والتعزيرات، وكذلك العقوبة القلبية أو العقوبة البدنية التي هي من الله.
7-قوله -صلى الله عليه وسلم -: ” ومن أصاب من ذلك شيئا، ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه”.
-هذا العموم ليس مراداً؛ لأن قوله: (من ذلك) منه الشرك بالله. والشرك بالله لا يدخل في هذه العبارة.
8-النصوص قد تأتي عامة ويُراد بها بعض أفراد العموم، لا كل أفراد العموم، وهذا يسمى عند الفقهاء أو عند بعض الأصوليين: “العام الذي أُريد به الخاص”.
9 -فاعل المعاصي قد يُستر وقد يُكشف.
10 -ينبغي للإنسان أن يُكثر دائمًا من الاستغفار وطلب المغفرة.