506 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: أحمد بن علي وعبدالله المشجري وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل رحمه الله:
506 – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج 4 ص 239): حدثنا عبد الصمد حدثنا همام حدثنا عاصم بن بهدلة حدثني زر بن حبيش قال: وفدت في خلافة عثمان بن عفان وإنما حملني على الوفادة لقي أبي بن كعب وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلقيت صفوان بن عسال فقلت له هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: نعم وغزوت معه اثنتي عشرة غزوة.
هذا حديث حسنٌ.
*ـــــــــــــــــــــ*
*دراسة الحديث رواية*
* *قال نور الدين الهيثمي (ت ٨٠٧) في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ٩/٣٦٣: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ.*
* قال محققو المسند 18090:
إسناده حسن كسابقه من أجل عاصم بن بهدلة، فهو صدوق حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يرو له سوى الترمذي والنسائي وابن ماجه. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث العنبري، وهمام: هو ابن يحيى العوذي.
وأخرجه مطولاً الطبراني في “الكبير” (7361) من طريق عبد الله بن رجاء، عن همّام، بهذا الإسناد. زاد فيه ذكر المسح على الخفين، والتوبة، وقصة الأعرابي.
وأورده الهيثمي في “مجمع الزوائد” 9/ 363، وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، غير عاصم بن بهدلة، وحديثه حسن.
وانظر الحديث السالف برقم (18089).
*دراسة الحديث دراية*
* بوب عليه مقبل في الجامع:
77 – الغزو في سبيل الله
58 – ذكر صفوان بن عسال رضي الله عنه –
٢٦٤ – صفوان بن عسال المرادى الصحابى، رضى الله عنه:
مذكور فى المختصر فى الأحداث، وفى المهذب، وفى الوسيط فى مسح الخف، وعسال بفتح العين، وسين مشددة مهملتين، وهو مرادى كوفى، غزا مع رسول الله ﷺ اثنتى عشرة غزوة. ومن مناقبه أن عبد الله بن مسعود روى عنه، وروى عنه جماعات من التابعين.
تهذيب الأسماء واللغات ١/٢٤٩ — النووي (ت ٦٧٦)
———
* الحديث ذكر الخطيب البغدادي في كتاب: الرحلة في طلب العلم فقال:
ذكر الرحلة في طلب الحديث والأمر بها والحث عليها وبيان فضلها
[الرحلة في طلب الحديث ص9]
* *جاء في جامع المسانيد والسنن ٤/٢٩٩ لابن كثير (ت ٧٧٤)*
*٥٣١٦ – حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أنبأنا عاصم بن بهدلة، عن زر ابن حبيش، قال: غدوت على صفوان بن عسال المرادى أسأله عن المسح على الخفين، فقال: ما جاء بك؟ قلت: ابتغاء العلم. قال: ألا أبشرك؟ – ورفع الحديث إلى رسول الله ﷺ قال: «إِنَّ المَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتِهَا لِطالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ»، فذكر الحديث (٢) .*
*٥٣١٧ – حدثنا عبد الصمد، حدثنا همام، حدثنا عاصم بن بهدلة، حدثنى زر بن حبيس، قال: وفدت فى خلافة عثمان بن عفان، وإنما حملنى على الوفادة لقى أبى بن كعب، وأصحاب رسول الله ﷺ فلقيت صفوان بن عسال، فقلت: هل رأيت رسول الله ﷺ؟ قال: نعم، وغزوت معه اثنتى عشرة غزوة (١)*
*٥٣١٨ – حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن زر بن حبيش، قال: أتيت صفوان بن عسال المرادى/ فسألته عن المسح على الخفين، فقال: كنا نكون مع رسول الله ﷺ، فيأمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام إلا من جنابة [ولكن] من غائطٍ وبولٍ، ونومٍ. وجاء أعرابى جهورى الصوت فقال: يا محمد الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم؟ فقال رسول الله ﷺ: «المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» (١) .*
*وقد رواه الترمذى، وصححه، والنسائى، وابن ماجه من طرق عن عاصم بن بهدلة، وهو ابن أبى النجود به، وفيه زيادات هى عند أصحاب السنن، وسيأتى فى المسند مجموعه (٢) .*
*٥٣١٩ – حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن عاصم بن أبى النجود، عن زر بن حبيش. قال: أتيت صفوات بن عسال المرادى، فقال: ما جاء بك؟ قال: فقلت: جئت أطلب العلم، قال: فإنى سمعت رسول الله ﷺ يقول: «مَا مِنْ خَارِجٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ فِى طَلَبْ الْعِلم إلاَّ وَضَعَتْ لَهُ الْمَلائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا بِمَا يَصْنَعُ» .قال: جئت أسأل عن المسح على الخفين، قال: [نعم] كنت فى الجيش الذى بعثهم رسول الله ﷺ، فأمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثًا إذا سافرنا يومًا وليلةً إذا أقمنا، ولا نخلعهما من غائطٍ، ولا بولٍ، ولا نومٍ (١)، ولا نخلعهما إلا من جنابة» .قال: وسمعت رسول الله ﷺ يقول: «إِنَّ بِالْمَغْرِبَ بَابًا مفتوحًا للتوبة مَسِيرَتُه سَبْعُون سَنَةً لا يُغْلَقُ حتَّى تَطْلُع الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ» (٢) .*
*٥٣٢٠ – حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا عاصم: سمع زر بن حبيش، قال: أتيت صفوان بن عسال المرادى، فقال: ما جاء بك؟ قلت: ابتغاء العلم، قال: فإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يطلب. قلت: حَكَّ فى نفسى مسح الخفين؟ – قال سفيان مرة: أو فى صدرى- بعد الغائط والبول، وكنت امرأ من أصحاب رسول الله ﷺ، فأتيتك أسألك: هل سمعت منه شيئًا فى ذلك؟ قال: نعم، كان يأمرنا إذا كنا سفرًا، أو مسافرين أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيامٍ، ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط، وبول ونومٍ. قال: قلت له: هل سمعته يذكر الهوى؟ قال: نعم. بينما نحن معه فى مسير إذ ناداه أعرابى بصوت جهورى، فقال: يا محمد، فقلنا: ويحك اغضض من صوتك [فإنك] قد نهيت عن ذلك، فقال: والله لا أغضض من صوتى، فقال رسول الله ﷺ: «هَاءَ» / وأجابه على نحوٍ من مسألته، – وقال سفيان مرة: وأجابه نحوًا مما تكلم به، فقال: أرأيت رجلًا أحب قومًا ولما يلحق بهم؟ قال: «هُوَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ»،*
*٥٣٢١ – حدثنا يونس، حدثنا حماد- يعنى ابن سلمة-، عن عاصم، عن زر، عن صفوان بن عسال: أن النبى ﷺ، قال: «إِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتِهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا طَلَبَ» (١) .*
*٥٣٢٢ – حدثنا حسن بن موسى، حدثنا حناد بن زيد، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، قال: أتيت صفوان بن عسال المرادى، فقال: ما جاء بكَ؟ قلت: ابتغاء العلم، فقال: بلغنى:: «إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يفعل» .
فذكر الحديث، فقال له رسول الله ﷺ: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» . قال: فما برح يحدثنى حتى حدثنى: «أَنَّ اللهَ جَعَلَ بِالْمغرِبِ بَابًا مَسِيرَةُ عَرْضِهِ سَبْعُون عامًا لِلتَّوبَةِ لا يُغلَقُ حتَّى تطلع الشمس من قبلع، وذلك اللهِ- ﷿: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا﴾ (٢).*
* البحث سيكون من شقين:
أ- قسم الجهاد:
عدد غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم
اختلف العلماء من أهل السير وغيرهم في عدد الغزوات التي غزاها النبي صلى الله عليه وسلم.
* فمنهم من ذكر أنها تسع عشرة غزوة.
* ومنهم من ذكر أنها إحدى وعشرون.
* وقيل: ست وعشرون. وقيل: سبع وعشرون.
* وقيل غير ذلك، وقيل: مجموع غزواته وسراياه تفوق المئة ! قاتل بنفسه في ثماني أو تسع غزوات.
* وأصح ما ورد في ذلك ما رواه البخاري في “صحيحه” (3949) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قال: ” كُنْتُ إِلَى جَنْبِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَقِيلَ لَهُ: كَمْ غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةٍ؟
قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ .
قِيلَ: كَمْ غَزَوْتَ أَنْتَ مَعَهُ؟
قَالَ: سَبْعَ عَشْرَةَ.
قُلْتُ: فَأَيُّهُمْ كَانَتْ أَوَّلَ؟
قَالَ: العُسَيْرَةُ أَوِ العُشَيْرُ “. فَذَكَرْتُ لِقَتَادَةَ فَقَالَ: العُشَيْرُ.
قال الحافظ ابن حجر في “الفتح” (7/ 280): ” ومراده: الغزوات التي خرج النبي صلى الله عليه وسلم فيها بنفسه، سواء قاتل أو لم يقاتل.
لكن روى أبو يعلى من طريق أبي الزبير عن جابر: أن عدد الغزوات إحدى وعشرون. وإسناده صحيح، وأصله في مسلم.
فعلى هذا: ففات زيد بن أرقم ذكر ثنتين منها، ولعلهما الأبواء وبواط، وكأن ذلك خفي عليه لصغره.
ويؤيد ما قلته: ما وقع عند مسلم بلفظ: ” قلت: ما أول غزوة غزاها ؟ قال: ذات العشير أو العشيرة…
وقد توسع ابن سعد فبلغ عدة المغازي التي خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه سبعًا وعشرين، وتبع في ذلك الواقدي، وهو مطابق لما عده ابن إسحاق إلا أنه لم يفرد وادي القرى من خيبر…” انتهى.
وقال محمد بن إسحاق: “وكان جميع ما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستا وعشرين غزوة؛ أول غزوة غزاها بنفسه ودان، وهي غزوة الأبواء، ثم غزوة بواط إلى ناحية رضوى، ثم غزوة العشيرة، من بطن ينبع، ثم غزوة بدر الأولى يطلب كرز بن جابر، ثم غزوة بدر التي قتل فيها صناديد قريش، ثم غزوة بني سليم حتى بلغ الكدر، ماء لبني سليم، ثم غزوة يطلب أبا سفيان بن حرب حتى بلغ قرقر الكدر، ثم غزوة غطفان إلى نجد، وهي غزوة ذي أمر، ثم غزوة نجران، معدن بالحجاز فوق الفرع، ثم غزوة أحد، ثم غزوة حمراء الأسد، ثم غزوة بني النضير، أجلاهم إلى خيبر، ثم غزوة ذات الرقاع من نجران، ثم غزوة بدر الآخرة لميعاد أبي سفيان وهي غزوة السويق، ثم غزوة دومة الجندل، ثم غزوة الخندق، ثم غزوة بني قريظة، ثم غزوة بني لحيان من هذيل، ثم غزوة ذي قرد يطلب عيينة بن حصن، ثم غزوة بني المصطلق من خزاعة، ثم غزوة الحديبية لا يريد قتالا فصده المشركون، ثم غزوة خيبر، ثم اعتمر عمرة القضاء، ثم غزوة الفتح فتح مكة، ثم غزوة حنين، ثم غزوة الطائف، ثم غزوة تبوك.
قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك في تسع غزوات: غزوته بدرا، وغزوته أحدا، وغزوته الخندق، وغزوته بني قريظة، وغزوته بني المصطلق، وغزوته خيبر، وغزوته الفتح فتح مكة، وغزوته حنينا، وغزوته الطائف.” انتهى من “مستخرج أبي عوانة” (4/ 361).
وذكر ابن سعد أن عدد غزواته صلى الله عليه وسلم سبع وعشرون، وسراياه سبع وأربعون.
فقال في “الطبقات” (2/ 5): ” كان عدد مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم التي غزا بنفسه سبعا وعشرين غزوة، وكانت سراياه التي بعث بها سبعا وأربعين سرية، وكان ما قاتل فيه من المغازي تسع غزوات: بدر القتال، وأحد، والمريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، وفتح مكة، وحنين، والطائف، فهذا ما اجتمع لنا عليه ” انتهى.
وذكر الحافظ ابن حجر أن سراياه صلى الله عليه وسلم تقارب السبعين.
فقال كما في “فتح الباري” (8/ 154): “وأما السرايا فتقرب من سبعين، وقد استوعبها محمد بن سعد في الطبقات.
وقرأت بخط مغلطاي أن مجموع الغزوات والسرايا مائة، وهو كما قال. والله أعلم” انتهى.
والحاصل أن مجموع غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه تقارب المئة أو تفوقها، وأما الغزوات التي قاتل فيها بنفسه فهي تسع غزوات.
كتابُ الجهَاد
الجهاد بذل الطاقة والوسع. مصدر جاهدت جهادًا أي بلغت المشقة وفي الشرع بذل الجهد في قتال الكفار. ختم به العبادات لأنه أفضل تطوع البدن. وعده بعضهم ركنًا سادسًا لدين الإسلام. فلذا أوردوه بعد الأركان الخمسة وهو سنام العبادة. وذروة الإسلام. وموجب الهداية وحقيقة الإخلاص والزهد في الدنيا. ومنه ما هو واجب باليد، وما هو بالقلب والدعوة والحجة واللسان والرأي والتدبير والصناعة. فيجب على المرء بغاية ما يمكنه. وهو مشروع بالكتاب والسنة والإجماع.
قال تعالى: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم} أي عاوض عباده المؤمنين عن أنفسهم وأموالهم إذا بذلوها في سبيله {بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ} وقرأ الأعمش بالجنة أي بايعهم جل وعلا بها. فأغلى أثمانهم قال عبد الله بن رواحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة: اشترط لربك ولنفسك ما شئت.
فقال “أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا: ولنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم” قالوا فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال “الجنة” قالوا: ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل. فنزلت الآية.
{يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} يعني الجهاد. وسبيل الله عام يقع على كل عمل خالص سلك به طريق التقرب إلى الله بأداء الفرائض والنوافل وأنواع التطوعات وإذا أطلق فهو في الغالب واقع على الجهاد. كما في الآية (إلى قوله: {وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم} (فيقتلون ويقتلون) أي سواءً قتلوا أو قتلوا أو اجتمع لهم هذا وهذا قد وجبت لهم الجنة ومن الحكمة في مشروعيته حصول الثواب للمؤمنين لقوله تعالى: {يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا}.
وفي الصحيحين “تكفل الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد، إن توفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه إلى منزله نائلًا ما نال من أجر أو غنيمة ” وعدًا عليه) بأن لكم الجنة (حقًا) كتبه على نفسه تفضلًا وكرمًا أثبته {فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ} تأكيدًا لهذا الوعد. وإخبارًا بأنه قد كتبه على نفسه الكريمة. وأنه أنزله على رسله في كتبه الكبار.
…. ووجوب الجهاد بالمال كما يجب بالنفس هو إحدى الروايتين عن أحمد. قال ابن القيم وغيره هو الصواب الذي لاريب فيه فإن الأمر بالجهاد بالمال شقيق الأمر بالجهاد بالنفس في القرآن وقرينه. بل جاء مقدمًا على النفس في كل موضع إلا موضعًا واحدًا. وهو الذي يدل على أن الجهاد به أهم وأشهر من الجهاد بالنفس.
وفي هذا الخبر وجوبه باللسان بإقامة الحجة عليهم وبدعائهم إلى الله والزجر ونحوه مما فيه نكاية للعدو. وقال: جنس الجهاد فرض عين إما بالقلب وإما باللسان وإما بالمال وإما باليد. فعلى كل مسلم أن يجاهد بنوع من هذه الأنواع. وأما الجهاد بالنفس ففرض كفاية والصحيح وجوبه بالمال.
(وقال) تعالى: {وَأَعِدُّواْ} أي اتخذوا {لَهُم} لوقت الحاجة {مَّا اسْتَطَعْتُم} أي مهما أمكنكم {مِّن قُوَّةٍ} أي من الآلات التي تكون لكم عليهم قوة في الحرب لمقاتلتهم. وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال على المنبر “ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي” ولا ينفي كون غيره من القوة بل إنه من أفضل المقصود وأجله. فدلت الآية على الاستعداد في الحرب بجميع ما يمكن من الآلات كآلة الرمي والسيف وغيرهما.
{وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ} يعني اقتنائها وربطها للغزو في سبيل الله والربط شد الفرس وغيره بالمكان للحفظ. وربط الخيل للجهاد من أعظم ما يستعان به. وجاء في فضله أحاديث كثيرة.
وفي الصحيحين “من احتبس فرسًا في سبيل الله إيمانًا بالله وتصديقًا بوعده فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة” يعني حسنات {تُرْهِبُونَ بِهِ} أي تخوفون بتلك القوة وبذلك الرباط {عَدْوَّ اللهِ} الكافر بالله {وَعَدُوَّكُمْ} المحارب لكم. وذلك لأن الكفار إذا علموا أن المسلمين كانوا متأهبين للجهاد مستعدين له مستكملين لجميع الأسلحة وآلات الحرب وإعداد الخيل مربوطة للجهاد خافوهم. فلا يقصدون دخول دار الإسلام. بل يصير ذلك سببًا لدخول الكفار في الإسلام. أو بذل الجزية للمسلمين.
(وقال) تعالى {مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ} أي ما بالكم إذا دعيتم إلى الخروج {فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ} أي تثاقلتم وتباطأتم وتكاسلتم وملتم {إِلَى} المقام في {الأَرْضِ} في الدعة والخفض وطيب العيش (الآية) وتمامها {أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ} أي ما لكم فعلتم هكذا رضىً منكم بالدنيا بدلًا من الآخرة {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَاّ قَلِيل} ما مضى منها وما بقي عند الله قليل كزاد الراكب.
(وعن أنس) بن مالك رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لغدوة) بالفتح وهي المرة الواحدة من الغدو وهو الخروج في أول وقت من أول النهار إلى انتصافه (في سبيل الله) أي الجهاد (أو روحة) هي المرة الواحدة من الرواح وهو الخروج في أي وقت كان من زوال الشمس إلى غروبها (خير من الدنيا وما فيها. متفق عليه) هذا من باب تنزيل الغائب منزلة المحسوس تحقيقاً له في النفس. وإلا فجميع ما في الدنيا لا يساوي ذرة مما في الجنة.
وقيل إن المراد أن هذا القدر من الثواب خير من الثواب الذي يحصل لمن لو حصلت له الدنيا كلها لأنفقها في طاعة الله. لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن رواحة “لو أنفقت ما في الأرض ما أدركت فضل غدوتهم” والمقصود تسهيل أمر الدنيا وتعظيم أمر الجهاد في سبيل الله. وأن من غدا أو راح في سبيل الله حصل له أعظم من جميع ما في الدنيا.
ولهما من حديث أبي هريرة وأبي أيوب “غدوة أو روحة في سبيل الله خير مما طلعت عليه الشمس وغربت” وفيهما “أن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض” وفي فضله أحاديث كثيرة وقال أحمد لا أعلم شيئًا من العمل بعد الفرائض أفضل من الجهاد. وقال الشيخ اتفق العلماء فيما أعلم أنه ليس في التطوعات أفضل من الجهاد.
(ولهما من حديث سهل) بن سعد الساعدي –رضي الله عنه. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها) الرباط لزوم ثغر للجهاد مقويًا للمسلمين. وفي السنن “رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه” ولمسلم عن سلمان مرفوعًا “رباط ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه فإن مات أجري عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان” وأفضله الأشد خوفًا. لأن مقامه به أنفع وأهله به أحوج. وكذا الحراسة في سبيل الله ثوابه عظيم للأخبار وعظيم نفعه.
(ولمسلم عن أبي هريرة مرفوعًا) يعني إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من مات ولم يغز) بالفعل (ولم يحدث نفسه بالغزو) في سبيل الله (مات على شعبة) أي خصلة (من) خصال (النفاق) وهذا الوعيد دليل على وجوب الغزو في سبيل الله.
وهو فرض كفاية ما لم يحضر العدو. فيتعين على كل أحد.
ودليل على وجوب العزم على الجهاد.
(وعن أبي موسى) الأشعري رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قاتل) يعني في سبيل الله (لتكون كلمة الله هي العليا) أي لإظهار دين الله (فهو في سبيل الله متفق عليه) أو من كان قتاله طلب إعلاء كلمة الله وهو جواب سؤال عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله”.
قال ابن بطال إنما عدل النبي صلى الله عليه وسلم عن لفظ جواب السائل لأن الغضب والحمية قد يكونان لله. فعدل عن ذلك إلى لفظ جامع. فأفاد رفع الالتباس وزيادة الإفهام. وقال الجمهور لا يضر إذا حصل ضمنًا لا أصلًا ومقصودًا وقال ابن أبي جمرة: ذهب المحققون إلى أنه إذا كان الباعث إعلاء كلمة الله لم يضره ما ينضاف إليه.
(وعن أبي هريرة مرفوعًا الجهاد واجب عليكم مع كل أمير) على المسلمين (برًا كان) ولي أمر المسلمين (أو فاجرًا رواه أبو داود) وغيره، وله عن أنس “ثلاث من أصل الإيمان” منها: “الجهاد ماض مذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل” وفي الصحيح “إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر”.
قال الشيخ وغيره فيجب الغزو مع كل أمير برًا كان أو فاجرًا. حتى عد في العقائد الواجبة الاعتقاد للأخبار. ولأن تركه مع الفاجر يفضي إلى تركه، وظهور الكفار على المسلمين.
واستئصالهم، وإعلاء كلمة الكفر. قال: وأهل السنة والجماعة يرون الجهاد مع كل أمير برًا كان أو فاجرًا…
[الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم 3/ 5]
* جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
جهاد
التعريف:
1 – الجهاد مصدر جاهد، وهو من الجهد – بفتح الجيم وضمها – أي الطاقة والمشقة، وقيل: الجهد – بفتح الجيم – هو المشقة، وبالضم الطاقة .
والجهاد القتال مع العدو كالمجاهدة، قال تعالى: {وجاهدوا في الله حق جهاده (2) } . وفي الحديث الشريف: لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية . يقال: جاهد العدو مجاهدة وجهادا إذا قاتله. وحقيقة الجهاد كما قال الراغب: المبالغة واستفراغ الوسع في مدافعة العدو باليد أو اللسان. أو ما أطاق من شيء، وهو ثلاثة أضرب: مجاهدة العدو الظاهر، والشيطان، والنفس. وتدخل الثلاثة في قوله تعالى : {وجاهدوا في الله حق جهاده} .
وقال ابن تيمية: الجهاد إما أن يكون بالقلب كالعزم عليه، أو بالدعوة إلى الإسلام وشرائعه، أو بإقامة الحجة على المبطل، أو ببيان الحق وإزالة الشبهة، أو بالرأي والتدبير فيما فيه نفع المسلمين، أو بالقتال بنفسه. فيجب الجهاد بغاية ما يمكنه. قال البهوتي: ومنه هجو الكفار. كما كان حسان رضي الله عنه يهجو أعداء النبي صلى الله عليه وسلم.
والجهاد اصطلاحا: قتال مسلم كافرا غير ذي عهد بعد دعوته للإسلام وإبائه، إعلاء لكلمة الله .
الألفاظ ذات الصلة:
أ - السير:
2 – السير جمع سيرة وهي فعلة بكسر الفاء من السير. وقد غلبت في لسان الفقهاء على الطرائق المأمور بها في غزو الكفار، وما يتعلق بها، كغلبة لفظ (المناسك) على أمور الحج.
وقد سميت المغازي سيرا؛ لأن أول أمورها السير إلى العدو، والمراد بها سير الإمام ومعاملاته مع الغزاة، والأنصار، ومنع العداة والكفار .
ب - الغزو:
3 – الغزو معناه الطلب، يقال: ما مغزاك من هذا الأمر أي ما مطلبك، وسمي الغازي، غازيا لطلبه الغزو .
ويعرف كتاب الجهاد في غير كتب الفقه بكتاب المغازي، وهو أيضا أعم؛ لأنه جمع مغزاة مصدر لغزا، إنزالا على الوحدة، والقياس غزو، وغزوة للوحدة، كضربة وضرب، وهم قصد العدو للقتال، خص في عرف الشارع بقتال الكفار
ج - الرباط:
4 – الرباط هو الإقامة في مكان ليس وراءه إسلام، ويتوقع هجوم العدو منه لقصد دفعه لله تعالى.
والرباط تأهب للجهاد، والأحاديث في فضله كثيرة منها: ما في صحيح مسلم من حديث سلمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان
. ولتفصيل ذلك يرجع إلى مصطلح: (رباط) .
تدرج مشروعية الجهاد:
5 – الجهاد مشروع بالإجماع، لقوله تعالى: {كتب عليكم القتال (2) } إلى غير ذلك من الآيات، ولفعله صلى الله عليه وسلم وأمره به وأخرج مسلم: من مات ولم يغز، ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق .
وقد كان الجهاد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة غير مأذون فيه؛ لأن الذي أمر به صلى الله عليه وسلم أول الأمر هو التبليغ والإنذار، والصبر على أذى الكفار، والصفح والإعراض عن المشركين، وبدأ الأمر بالدعوة سرا ثم جهرا
قال الله تعالى: {فاصفح الصفح الجميل (6) } وقال أيضا: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن (1) } وقال أيضا: {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين (2) } ثم أذن الله بعد ذلك للمسلمين في القتال إذا ابتدأهم الكفار بالقتال، وكان ذلك في السنة الثانية من الهجرة. وذلك في قوله تعالى: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا (3) } .
ثم شرع الله الابتداء بالقتال على الإطلاق بقوله تعالى: {انفروا خفافا وثقالا (4) } وقوله: {وقاتلوا المشركين كافة (5) } وتسمى هذه آية السيف، وقيل: هي قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم (6) } .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله (7) .
والفقهاء على أنه ينبغي أن لا يترك الجهاد كل سنة مرة على الأقل (1) . ومعنى ذلك أن يوجه الإمام كل سنة طائفة، ويزج بنفسه معها أو يخرج بدله من يثق به؛ ليدعو الكفار للإسلام، ويرغبهم فيه، ثم يقاتلهم إذا أبوا؛ لأن في تعطيله أكثر من سنة ما يطمع العدو في المسلمين. فإن دعت الحاجة في السنة إلى أكثر من مرة وجب؛ لأنه فرض على الكفاية فوجب منه ما دعت الحاجة إليه، فإن دعت الحاجة إلى تأخيره لضعف المسلمين، أو قلة ما يحتاج إليه في قتالهم من العدة، أو المدد الذي يستعين به، أو يكون الطريق إليهم فيها مانع، أو ليس هنا مؤن، أو للطمع في إسلامهم ونحو ذلك من الأعذار، جاز تأخيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صالح قريشا عشر سنين ، وأخر قتالهم حتى نقضوا الهدنة، وأخر قتال غيرهم من القبائل بغير هدنة؛ ولأنه إذا كان يرجى من النفع بتأخيره أكثر مما يرجى من النفع بتقديمه وجب تأخيره .
فإذا لم يوجد ما يدعو إلى تأخير الجهاد فإنه يستحب الإكثار منه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله ثم أحيا، ثم أقتل ثم أحيا، ثم أقتل .
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا سبعا وعشرين غزوة، وبعث خمسا وثلاثين سرية.
فضل الجهاد:
6 – فضل الجهاد عظيم، وحاصله بذل الإنسان نفسه ابتغاء مرضاة الله تعالى، وتقربا بذلك إليه سبحانه وتعالى.
ولقد فضل الله المجاهدين على القاعدين في قوله عز وجل: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما (3) } .
وقوله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين (4) } وقوله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم (1) } .
وقوله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون (2) } .
وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم جعله أفضل الأعمال بعد الإيمان في حديث أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله .
وأفضل ما يتطوع به الجهاد، وقد قال أحمد بن حنبل: لا أعلم شيئا بعد الفرائض أفضل من الجهاد، وقد روى هذه المسألة عن أحمد جماعة من أصحابه. قال أحمد: الذين يقاتلون العدو هم الذين يدفعون عن الإسلام وعن حريمهم، فأي عمل أفضل منه؟ الناس آمنون وهم خائفون، قد بذلوا مهج أنفسهم.
والأحاديث متظاهرة بذلك: فعن أبي هريرة أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: دلني على عمل يعدل الجهاد، قال: لا أجده، ثم قال: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر، وتصوم ولا تفطر؟ قال: ومن يستطيع ذلك ؟ .
وعن أبي هريرة أيضا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مثل المجاهد في سبيل الله – والله أعلم بمن يجاهد في سبيله – كمثل الصائم القائم، وتوكل الله للمجاهد في سبيله، بأن يتوفاه أن يدخله الجنة، أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة .
وعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من عبد يموت له عند الله خير يسره أن يرجع إلى الدنيا، وأن له الدنيا وما فيها إلا الشهيد لما يرى من فضل الشهادة، فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى .
وعن بسر بن سعيد قال: حدثني زيد بن خالد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيا بخير فقد غزا .
وهذه الأحاديث وغيرها تتضافر على بيان فضل الجهاد.
وقد صرح الحنابلة: بأن الجهاد في البحر أفضل من الجهاد في البر، لحديث أم حرام أن النبي صلى الله عليه وسلم نام عندها، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة .
ولأن البحر أعظم خطرا ومشقة، فإنه بين العدو، وفيه خطر الغرق، ولا يتمكن من الفرار إلا مع أصحابه، فكان أفضل من غيره.
وكذلك القتال مع أهل الكتاب أفضل من قتال غيرهم؛ لأنهم يقاتلون عن دين، ويؤيده حديث أم خلاد من قوله صلى الله عليه وسلم: ابنك له أجر شهيدين، قالت: ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: لأنه قتله أهل الكتاب …
[الموسوعة الفقهية الكويتية 16/ 124]
——
* ب- قسم الرحلة في طلب العلم:
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
طلب العلم
أ - طلب العلوم الشرعية:
4 – طلب العلوم الشرعية مطلوب من حيث الجملة، ويختلف حكم طلبها باختلاف الحاجة إليها.
فمنها ما طلبه فرض عين، وهو تعلم المكلف ما لا يتأدى الواجب الذي تعين عليه فعله إلا به، ككيفية الوضوء والصلاة ونحوها، وحمل عليه بعضهم حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم.
(1) قال النووي: وهذا الحديث وإن لم يكن ثابتا فمعناه صحيح.
ثم إن هذه الأشياء لا يجب طلبها إلا بعد وجوبها، ويجب من ذلك كله ما يتوقف أداء الواجب عليه غالبا دون ما يطرأ نادرا، فإن وقع وجب التعلم حينئذ، فيجب على من أراد البيع أن يتعلم أحكام ما يقدم عليه من المبايعات، كما يجب معرفة ما يحل وما يحرم من المأكول، والمشروب، والملبوس، ونحوها مما لا غنى له عنه غالبا، وكذلك أحكام عشرة النساء إن كان له زوجة، ثم إذا كان الواجب على الفور كان تعلم الكيفية على الفور، وإن كان على التراخي كالحج فعلى التراخي عند من يقول بذلك.
ومنها ما طلبه فرض كفاية، وهو تحصيل ما لا بد للناس منه في إقامة دينهم من العلوم الشرعية كحفظ القرآن، والأحاديث، وعلومهما، والأصول، والفقه، والنحو، واللغة، والتصريف، ومعرفة رواة الحديث، والإجماع، والخلاف.
والمراد بفرض الكفاية تحصيل ذلك الشيء من المكلفين به أو بعضهم، ويعم وجوبه جميع المخاطبين به، فإذا فعله من تحصل به الكفاية سقط الحرج عن الباقين، وإذا قام به جمع تحصل الكفاية ببعضهم فكلهم سواء في حكم القيام بالفرض في الثواب وغيره، فإذا صلى على جنازة جمع ثم جمع ثم جمع فالكل يقع فرض كفاية، ولو أطبقوا كلهم على تركه أثم كل من لا عذر له ممن علم ذلك وأمكنه القيام به.
ومنها ما طلبه نفل، كالتبحر في أصول الأدلة، والإمعان فيما وراء القدر الذي يحصل به فرض الكفاية.
ب - العلوم غير الشرعية:
5 – يعتري طلب العلوم غير الشرعية الأحكام التكليفية الخمسة، إذ منها ما طلبه فرض كفاية، كالعلوم التي لا يستغنى عنها في قوام أمر الدنيا، كالطب، إذ هو ضروري لبقاء الأبدان، والحساب، فإنه ضروري في المعاملات، وقسمة الوصايا والمواريث وغيرها.
ومنها ما يعد طلبه فضيلة وهو التعمق في دقائق الحساب، والطب، وغير ذلك مما يستغنى عنه، ولكنه يفيد زيادة قوة في القدر المحتاج إليه.
ومنها ما طلبه محرم، كطلب تعلم السحر والشعوذة، والتنجيم، وكل ما كان سببا لإثارة الشكوك، ويتفاوت في التحريم.
فضل طلب العلم والحث عليه:
6 – تكاثرت الآيات والأخبار والآثار في الحث على طلب العلم وفضله.
فمن الآيات التي تحث على طلب العلم قوله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين} قال القرطبي: هذه الآية أصل في وجوب طلب العلم، وقول مجاهد وقتادة يقتضي ندب طلب العلم والحث عليه دون الوجوب والإلزام، وإنما لزم طلب العلم بأدلته وهو أبين.
ومن الآيات الواردة في فضل طلب العلم قوله تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} .
ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.
ومن ذلك حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتى يرجع (3) وقوله صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة.
ومن الآثار قول معاذ رضي الله تعالى عنه: تعلموا العلم، فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة.
ومن الآثار في ذلك أيضا قول أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه : من رأى أن الغدو إلى طلب العلم ليس بجهاد فقد نقص في رأيه وعقله.
وقول الشافعي: طلب العلم أفضل من النافلة.
قال القرطبي: طلب العلم فضيلة عظيمة، ومرتبة شريفة لا يوازيها عمل.
ترجيح طلب العلم على العبادات القاصرة على فاعلها:
7 – حكى النووي اتفاق الفقهاء على أن طلب العلم والاشتغال به أفضل من الاشتغال بنوافل الصوم والصلاة والتسبيح، ونحو ذلك من نوافل عبادات البدن.
فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: العالم أعظم أجرا من الصائم القائم الغازي في سبيل الله، وعن أبي ذر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما
قالا: باب من العلم نتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة تطوع؛ ولأن نفع العلم يعم صاحبه والمسلمين، والنوافل المذكورة مختصة به، ولأن العلم مصحح، فغيره من العبادات مفتقر إليه، ولا ينعكس، ولأن العلم تبقى فائدته وأثره بعد صاحبه، والنوافل تنقطع بموت صاحبها.
كما أن المثابرة على طلب العلم والتفقه فيه، وعدم الاجتزاء باليسير منه يجر إلى العمل به، ويلجئ إليه، وهو معنى قول الحسن: كنا نطلب العلم للدنيا فجرنا إلى الآخرة.
وقت طلب العلم:
8 – ليس لطلب العلم وقت محدد، بل هو مطلوب في جميع مراحل العمر، لكن العلماء فضلوا الطلب في مرحلة الصغر على غيرها من المراحل، لصفاء الذهن في تلك المرحلة مما يؤدي إلى رسوخ العلم في الذاكرة، قال العدوي نقلا عن المناوي: وهذا في الغالب، فقد تفقه القفال والقدوري بعد الشيب ففاقا الشباب.
وأوجب الفقهاء على الآباء والأمهات تعليم الصغار.
قال النووي: على الآباء والأمهات تعليم أولادهم ما سيتعين عليهم بعد البلوغ، قيل: هذا التعليم مستحب، والصحيح وجوبه، وهو ظاهر نص الشافعي.
ودليل تعليم الأولاد الصغار قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا} وحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.
قال زكريا الأنصاري نقلا عن النووي: يجب على الآباء والأمهات تعليم أولادهم الطهارة والصلاة والشرائع بعد سبع سنين.
كما حض العلماء على استدامة طلب العلم ولو مع التقدم في السن، أو التقدم في العلم، قيل لابن المبارك: إلى متى تطلب العلم؟ قال: حتى الممات إن شاء الله.
وسئل سفيان بن عيينة: من أحوج الناس إلى طلب العلم؟ قال: أعلمهم؛ لأن الخطأ منه أقبح.
الرحلة في طلب العلم:
9 – الرحلة في طلب العلم مشروعة
عن أبي أيوب أنه رحل إلى عقبة بن عامر فلما قدم مصر أخبروا عقبة فخرج إليه، قال أبو أيوب: حدثنا ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ستر المسلم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ستر مؤمنا في الدنيا على خزية ستره الله يوم القيامة فأتى أبو أيوب راحلته فركبها وانصرف إلى المدينة وما حل رحله :
وسئل الإمام أحمد: ترى الرجل أن يرحل لطلب العلم؟ قال: نعم، رحل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم.
وقال سعيد بن المسيب: إن كنت لأسافر مسيرة الليالي والأيام في الحديث الواحد.
وقال الشعبي: لو أن رجلا سافر من أقصى الشام إلى أقصى اليمن فسمع كلمة تنفعه فيما يستقبل من أمره ما رأيت سفره ضاع.
قال الحطاب: يجب الهروب من بلد لا علم فيه إلى بلد فيه العلم.
استئذان الأبوين لطلب العلم:
10 – أجاز الفقهاء الخروج لطلب العلم بغير إذن الوالدين من حيث الجملة.
ولهم في ذلك تفصيلات نذكرها فيما يلي: ….ومذهب الحنابلة في ذلك كمذهب الشافعية حيث صرحوا بأنه لا طاعة للوالدين في ترك تعلم علم واجب يقوم به دينه من طهارة وصلاة وصيام، وإن لم يحصل ما وجب عليه من العلم ببلده فله السفر لطلبه بلا إذن أبويه .
آداب طلب العلم: فذكر اصحاب الموسوعة الكويتية آداب على المتعلم وآداب للمعلم …. في تفريعات يطول ذكرها فلتراجع في [الموسوعة الفقهية الكويتية 29/ 77]
* *مما جاء في توقير العلماء والحرص على مجالستهم:*
*٦٥١ – أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: «كُنْتُ أَحْسَبُ بِأَنِّي أَصَبْتُ مِنَ الْعِلْمِ فَجَالَسْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَكَأَنِّي كُنْتُ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ» [ مسند الدارمي – ت حسين أسد ١/٤٨٩ — الدارمي، أبو محمد (ت ٢٥٥)]*
*٧٠٤ – أنا ابْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، نا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ يَعْقُوبُ: وَسَمِعْتُ ابْنَ أَبِي بُكَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يُحَدِّثُنَا فَيَسِحُّ عَلَيْنَا مِثْلَ اللُّؤْلُؤِ، وَيُشِيرُ عُبَيْدُ اللَّهِ بِيَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَإِذَا طَلَعَ رَبِيعَةُ قَطَعَ يَحْيَى حَدِيثَهُ إِجْلَالًا لِرَبِيعَةَ وَإِعْظَامًا لَهُ» [الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي ١/٣٢٠ — الخطيب البغدادي (ت ٤٦٣)]*
*٩٢ – حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: قَالَ لِي مُجَاهِدٌ: «لَوْ كُنْتُ أُطِيقُ الْمَشْيَ لَجِئْتُكَ» [العلم لزهير بن حرب ١/٢٣ — زهير بن حرب (ت ٢٣٤)]*
*وجاء في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (ت ٣٢٧) ١/٢٠٨:*
*حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بن سنان الواسطي قال حدثني عمر بن عثمان بن عاصم قال حدثني أبي قال رأيت سفيان الثوري بمكة آخذا بزمام ناقة الأوزاعي وهو يقول: كفوا عنا يا معشر الشباب حتى نسلل الشيخ.*
*حدثنا عبد الرحمن نا سعيد بن سعد البخاري نا عثمان بن عاصم أخو علي بن عاصم قال رأيت شيخا بين الصفا والمروة على ناقة وشيخا يوقده واجتمع أصحاب الحديث عليه فجعل الشيخ الذي يقود الشيخ يقول: يا معشر الشباب كفوا حتى نسل الشيخ. فقلت من هذا الراكب؟ قالوا: هذا الأوزاعي، قلت: فمن هذا الذي يقوده؟ قالوا: سفيان الثوري.*
*حدثنا عبد الرحمن نا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي قال ذكر لي رجل من ولد الأحنف بن قيس قال بلغني أن سفيان الثوري بلغه مقدم الأوزاعي فخرج حتى لقيه بذي طوى قال فحل سفيان رأس البعير من القطار ووضعه على رقبته فكان إذا مر بجماعة قال: الطريق للشيخ.*
*حدثنا عبد الرحمن نا علي بن الحسن الهسنجاني قال سمعت أبا توبة يعني – الربيع بن نافع – يقول قال سلمة بن كلثوم: جاء سفيان الثوري فدخل على الأوزاعي فجلسا من الأولى إلى العصر قد أطرق كل واحد منهما توقيرا لصاحبه.*
*عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: مَا كُنْتُ أَقدِرُ أَنْ أَنظُرَ إِلَى سُفْيَانَ، اسْتِحْيَاءً وَهَيْبَةً مِنْهُ. [سير أعلام النبلاء – ط الرسالة ٧/٢٦٧ — شمس الدين الذهبي (ت ٧٤٨)]*
*قال أبو زُرعة: كنت عند أحمد بن حنبل وذُكر إبراهيم بن طهمان -وكان متكئًا من علة، فجلس، وقال: لا ينبغي أن يذكر الصالحون فَيُتّكأ. [«تاريخ بغداد» ٦/ ١١٠، «سير أعلام النبلاء» ٧/ ٣٨١، «بحر الدم» (٢٨)]*
*قال أَبُو مُصْعَبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وَقَدْ نَزَلَ عَلَى مِثَالٍ لَهُ -يَعْنِي: فَرْشِهِ- وَإِذَا عَلَى بِسَاطِه دَابَّتَانِ، مَا تَرُوثَانِ وَلاَ تَبُولاَنِ، وَجَاءَ صبِيٌّ يَخْرُجُ ثُمَّ يَرْجِعُ، فَقَالَ لِي: أَتَدْرِي مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: هَذَا ابْنِي، وَإِنَّمَا يَفزَعُ مِنْ هَيْبَتِكَ. ثُمَّ سَاءلَنِي عَنِ أَشْيَاءَ، مِنْهَا حَلاَلٌ وَمِنْهَا حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ لِي: أَنْتَ -وَاللهِ- أَعقَلُ النَّاسِ، وَأَعْلَمُ النَّاسِ. قُلْتُ: لاَ وَاللهِ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّكَ تَكتُمُ. ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَئِنْ بَقِيْتُ، لأَكْتُبَنَّ قَوْلَكَ كَمَا تُكتَبُ المَصَاحِفُ، وَلأَبْعَثَنَّ بِهِ إِلَى الآفَاقِ، فَلأَحْمِلَنَّهم عَلَيْهِ. [سير أعلام النبلاء – ط الرسالة ٨/٦١ — شمس الدين الذهبي (ت ٧٤٨)]*
*قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: كَانُوا يَزْدَحِمُوْنَ عَلَى بَابِ مَالِكٍ حَتَّى يَقْتَتِلُوا مِنَ الزِّحَامِ، وَكُنَّا إِذَا كُنَّا عِنْدَهُ، لاَ يَلْتَفِتُ ذَا إِلَى ذَا، قَائِلُوْنَ بِرُؤُوْسِهِم هَكَذَا، وَكَانَتِ السَّلاَطِيْنُ تَهَابُهُ، وَكَانَ يَقُوْلُ: لاَ، وَنَعَمْ، وَلاَ يُقَالُ لَهُ: مَنْ أَيْنَ قُلْتُ ذَا؟ [سير أعلام النبلاء – ط الرسالة ٨/١١١ — شمس الدين الذهبي (ت ٧٤٨)]*