2213 ‘ 2223 تحضير سنن أبي داود
مجموعة: أحمد بن علي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري ومحمد فارح ويوسف بن محمد السوري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
بَابٌ فِي الظِّهَارِ
2213 – حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، – قَالَ ابْنُ الْعَلَاءِ: ابْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ عَيَّاشٍ – عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ قَالَ: ابْنُ الْعَلَاءِ الْبَيَاضِيُّ قَالَ: كُنْتُ امْرَأً أُصِيبُ مِنَ النِّسَاءِ مَا لَا يُصِيبُ غَيْرِي، فَلَمَّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ خِفْتُ أَنْ أُصِيبَ مِنَ امْرَأَتِي شَيْئًا يُتَابَعُ بِي حَتَّى أُصْبِحَ، فَظَاهَرْتُ مِنْهَا حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فَبَيْنَا هِيَ تَخْدُمُنِي ذَاتَ لَيْلَةٍ، إِذْ تَكَشَّفَ لِي مِنْهَا شَيْءٌ، فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ نَزَوْتُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ خَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي فَأَخْبَرْتُهُمُ الْخَبَرَ، وَقُلْتُ امْشُوا مَعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: لَا وَاللَّهِ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «أَنْتَ بِذَاكَ يَا سَلَمَةُ؟»، قُلْتُ: أَنَا بِذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ وَأَنَا صَابِرٌ لِأَمْرِ اللَّهِ، فَاحْكُمْ فِيَّ مَا أَرَاكَ اللَّهُ، قَالَ: «حَرِّرْ رَقَبَةً»، قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَمْلِكُ رَقَبَةً غَيْرَهَا، وَضَرَبْتُ صَفْحَةَ رَقَبَتِي، قَالَ: «فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَ: وَهَلْ أَصَبْتُ الَّذِي أَصَبْتُ إِلَّا مِنَ الصِّيَامِ، قَالَ: «فَأَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا»، قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ بِتْنَا وَحْشَيْنِ مَا لَنَا طَعَامٌ، قَالَ: «فَانْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ، فَأَطْعِمْ سِتِّينَ
مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ وَكُلْ أَنْتَ وَعِيَالُكَ بَقِيَّتَهَا»، فَرَجَعْتُ إِلَى قَوْمِي، فَقُلْتُ: وَجَدْتُ عِنْدَكُمُ الضِّيقَ، وَسُوءَ الرَّأْيِ، وَوَجَدْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم السَّعَةَ، وَحُسْنَ الرَّأْيِ، وَقَدْ أَمَرَنِي أَوْ أَمَرَ لِي بِصَدَقَتِكُمْ، زَادَ ابْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: بَيَاضَةُ بَطْنٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ
[حكم الألباني]: حسن
2214 – حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ خُوَيْلَةَ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ: ظَاهَرَ مِنِّي زَوْجِي أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشْكُو إِلَيْهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُجَادِلُنِي فِيهِ، وَيَقُولُ: «اتَّقِي اللَّهَ فَإِنَّهُ ابْنُ عَمِّكِ»، فَمَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1]، إِلَى الْفَرْضِ، فَقَالَ: «يُعْتِقُ رَقَبَةً» قَالَتْ: لَا يَجِدُ، قَالَ: «فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ، قَالَ: «فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا»، قَالَتْ: مَا عِنْدَهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ، قَالَتْ: فَأُتِيَ سَاعَتَئِذٍ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنِّي أُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ، قَالَ: «قَدْ أَحْسَنْتِ، اذْهَبِي فَأَطْعِمِي بِهَا عَنْهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَارْجِعِي إِلَى ابْنِ عَمِّكِ»، قَالَ: وَالْعَرَقُ: سِتُّونَ صَاعًا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «فِي هَذَا إِنَّهَا كَفَّرَتْ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْتَأْمِرَهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا أَخُو عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ،
[حكم الألباني]: حسن دون قوله والعرق
2215 – حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى أَبُو الْأَصْبَغِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَالْعَرَقُ مِكْتَلٌ يَسَعُ ثَلَاثِينَ صَاعًا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ،
[حكم الألباني]: حسن دون قوله والعرق
2216 – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: يَعْنِي بِالْعَرَقِ: زِنْبِيلًا يَاخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا
[حكم الألباني]: صحيح
2217 – حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، بِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ خَمْسَةِ عَشَرَ صَاعًا، قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي وَمِنْ أَهْلِي؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلُكَ»
[حكم الألباني]: حسن
2218 – قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ وَزِيرٍ الْمِصْرِيِّ، قُلْتُ لَهُ: حَدَّثَكُمْ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، عَنْ أَوْسٍ، أَخِي عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَعَطَاءٌ لَمْ يُدْرِكْ أَوْسًا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَدِيمُ الْمَوْتِ، وَالْحَدِيثُ مُرْسَلٌ»، وَإِنَّمَا رَوَوْهُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ أَوْسًا
[حكم الألباني]: صحيح
2219 – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، «أَنَّ جَمِيلَةَ كَانَتْ تَحْتَ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ، وَكَانَ رَجُلًا بِهِ لَمَمٌ، فَكَانَ إِذَا اشْتَدَّ لَمَمُهُ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ».
[حكم الألباني]: صحيح
2220 – حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ
[حكم الألباني]: صحيح
2221 – حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالَقَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ وَاقَعَهَا قَبْلَ أَنَّ يُكَفِّرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟»، قَالَ: رَأَيْتُ بَيَاضَ سَاقِهَا فِي الْقَمَرِ، قَالَ: «فَاعْتَزِلْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ عَنْكَ»
[حكم الألباني]: صحيح
2222 – حَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ، فَرَأَى بَرِيقَ سَاقِهَا فِي الْقَمَرِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «فَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّرَ».
[حكم الألباني]: صحيح
2223 – حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ السَّاقَ.
[حكم الألباني]: صحيح
=====
الحديث الأول ذكروا ان سليمان بن يسار لم يدرك أوس.
وكذلك حديث عطاء فهو لم يدرك أوس لان أوس شهد بدرا وهو قديم الوفاة
وحديث ابن عباس يشير ابوداود للخلاف هل الراجح ذكر ابن عباس أم بإسقاطه والشيخ مقبل ذكر في أحاديث معلة تفرد معمر برواية الوصل.
قال ابن المنذر:
كتاب الظهار وسننه وأحكامه
جماع أبواب ذكر السنة في الظهار ووجوبه
7733 – حدثنا أبو ميسرة الهمداني، حدثنا محمد بن مسلم، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق يحدث عن معمر بن عبد الله، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال: حدثتني خويلة امرأة أوس بن الصامت، قالت: كان بيني وبينه – تعني زوجها – شيء فقال: أنت علي كظهر أمي، ثم خرج إلى نادي قومه ثم [رجع] فراودني عن نفسي فقلت: كلا والذي نفسي بيده حتى ينتهي أمري وأمرك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقضي فيك وفي أمره – وكان شيخا / كبيرا رقيقا فغلبته بما تغلب المرأة القوية الرجل الضعيف، ثم خرجت إلى جارة لي فاستعرت ثيابها فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى جلست بين يديه، فذكرت له أمره فما برحت حتى نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قلت: لا يقدر على ذلك، قال: “فأطعميه بعرق من تمر”، قلت: وأنا أعينه بعرق آخر فأطعم ستين مسكينا.
قال أبو بكر: في هذا الحديث دليل على قبول قول الواحد على حاجة الرجل وفقره، وفيه دليل على تصريح الظهار، وكذلك قوله: أنت علي كظهر أمي. ودل هذا الخبر على أن الكفارة قد تجب على المتظهر الذي لم يجامع، وهذا دخل على من قال إن معنى قوله: {ثم يعودون لما قالوا}: الجماع.
ذكر الخبر الدال على أن الكفارة تجب على المتظاهر مدة معلومة وإن زال الوقت
7734 – أخبرنا محمد بن عبد الله، عن ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة، وعمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن سليمان بن يسار: أن رجلا من بني زريق يقال له: سلمة بن صخر، كان قد أوتي حظا من الجماع فلما دخل عليه شهر رمضان تظاهر من امرأته حتى ينقضي رمضان، فاشتكى عينيه فأتت امرأته تكحله في القمر فأعجبه بعض ما رأى منها فوقع عليها، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: “لممت بها يا سلمة؟ ” قال: نعم، قال: “فأعتق رقبة”، قال: لا أملك غير رقبتي، قال: “فصم شهرين متتابعين”، قال: ما عمل يعمل الناس أشق علي من الصيام، قال: “فأطعم ستين مسكينا”، قال: ما أجد من مال، قال: فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر فأعطاه إياه وهو قريب من خمسة عشر صاعا فقال: “تصدق بها”، فقال: يا رسول الله، على أفقر مني ومن أهلي؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كله أنت وأهلك”.
قال أبو بكر:
يدل خبر سلمة على أن لا إعادة على مجامع في ليل الصوم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر سلمة بالصوم الشهرين المتتابعين وقد أخبره أنه وطئها بعد التظاهر، فإذا جاز أن يصوم شهرين متتابعين بعد أن وطئها جاز أن يصام بعض الشهرين إذا كان الجماع في الليل، وذلك قوله: أعتق رقبة. على أن جميع الرقاب الصغير منهم والكبير، والذكر والأنثى، والأبيض والأسود والأحمر، والمسلم والمشرك جائز أي رقبة أعتق، إذ لو كان للنبي صلى الله عليه وسلم مراد لأمره برقبة دون رقبة، فلما عم ولم يخص لم يكن لأحد أن يستثني من ذلك شيئا، وهذا يوافق ظاهر الآية، وكذلك لو أعتق خصيا أو أعجميا أو خنثى أو أعرج، وإنما يستثنى من السنة بسنة مثلها أو إجماع. وقد أجمعوا أن الزمن ومن في معنى الزمن لا يجزئ، فذلك مستثنى بإجماعهم. وقد وقع بعض من قال بظاهر هذا الخبر الدال أن نصف عبدين لا يجوز، لأن ذلك ليس برقبة كاملة.
قال أبو بكر:
وكذلك في قوله: فأطعم ستين مسكينا دليل على أنه يجزئ إطعام الذكران والإناث، والصغار والكبار، ولا يجوز أن يطعم أقل من ستين مسكينا عددا.
ذكر الظهار من المرأة الواحدة مرارا
اختلف أهل العلم في الرجل يظاهر من امرأته مرارا.
فقالت طائفة: عليه كفارة واحدة، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وعن الشعبي، وعطاء، وطاوس، وجابر بن زيد.
7735 – حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن عثمان بن مطر، عن سعيد، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن علي قال: إذا ظاهر الرجل من امرأته مرارا في مجلس واحد فكفارة واحدة.
وبه قال الزهري، ومالك بن أنس، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور.
وقالت طائفة: عليه كفارات إذا ظاهر من امرأته مرتين وثلاثا يريد بكل واحدة منها ظهارا غير صاحبه، قيل: يكفر، وعليه في كل تظاهر كفارة كما يكون عليه في كل تطليقة تطليقة. ولو قالها متتابعة فقال: أردت ظهارا واحدا كان واحدا. هذا قول الشافعي، وقد كان يقول إذ هو بالعراق: عليه كفارة واحدة، وكان سفيان الثوري يقول: إذا كان يرددها فكفارة واحدة، وإن كان يريد بها يمينا أخرى يريد أن يغلظ فلكل واحدة كفارة.
وفرقت طائفة ثالثة بين أن يظاهر منها في مجلس واحد أو مجالس متفرقة فقالت: إذا ظاهر الرجل من امرأته في مقاعد شتى في أمر واحد فكفارات شتى، وإن ظاهر منها في مقعد فكفارة واحدة. روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وبه قال قتادة، وعمرو بن دينار.
7736 – حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا حماد، حدثنا قتادة، عن خلاس، أن عليا قال: إذا ظاهر الرجل من امرأته في مقاعد شتى في أمر واحد فكفارات شتى، وإن ظاهر منها في مقعد فكفارة واحدة.
وقال أصحاب الرأي: إذا ظاهر الرجل مرتين أو ثلاثة في مجالس مختلفة فعليه لكل ظهار كفارة إلا أن يكون نوى الظهار، وإذا ظاهر منها في مجلس واحد ثلاث مرات أو أربع فعليه لكل ظهار كفارة، إلا أن يكون نوى الظهار الأول فعليه كفارة واحدة.
قال أبو بكر: ودفع أبو عبيد حديث علي وقال: لم يسمع خلاس منه.
قال أبو بكر: ومن حجة بعض من يرى أن عليه كفارة واحدة إجماعهم على أن من قذف مرارا أو زنى مرارا أن عليه حدا واحدا، وكذلك إذا وطئ من نكاحها نكاحا فاسدا مرارا كان مهرا واحدا، قال: وكذلك الظهار عليه كفارة واحدة إلا أن يكون عاد لما قال فإذا كان كذلك ثم تظاهر ثانيا فعليه كفارة أخرى، وهكذا الرجل يقذف الرجل فيحد له، أو يزني فيحد، ثم يقذف ثانيا أو يزني ثانيا فعليه حد ثان، مثل القول في الظهار سواء.
ذكر ظهار الرجل من أربع نسوة
اختلف أهل العلم في الرجل يظاهر من ثلاث نسوة أو أربع نسوة.
فقالت طائفة: عليه كفارة واحدة. كذلك روي عن عمر بن الخطاب أنه قال في رجل له ثلاث نسوة قال: أنتن علي كظهر أمي.
7737 – حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب قال: أتى رجل عمر بن الخطاب له ثلاث نسوة فقال: أنتن علي كظهر أمي، فقال عمر: كفارة واحدة.
وهذا قول عطاء، والحسن البصري، وروي ذلك عن طاوس، وبه قال عروة بن الزبير، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ومالك، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
وقالت طائفة: عليه لكل امرأة كفارة. هكذا قال الحسن البصري، ويونس، وقتادة عنه. والقول الأول رواه هشام عنه.
وممن قال أن عليه لكل واحدة كفارة: إبراهيم النخعي، والزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وبه قال سفيان الثوري، وأصحاب الرأي، وكذلك قال الشافعي، وقد كان يقول إذ هو بالعراق كما روي عن عمر بن الخطاب.
قال أبو بكر: وقد احتج بعض من يوجب لكل واحدة كفارة بأنه لو طلقهن معا للزم كل واحدة تطليقة قال: وكذلك يجب أن يكفر عن كل واحدة كفارة، وكذلك لو قذفهن معا لوجب أن يلاعن كل واحدة وكذلك الإيلاء، واحتج بعض من خالفه بقول عمر، وقال: ليس في الباب أعلى من قوله، وفرق بين الطلاق واللعان والإيلاء والظهار، وقال: كل واحد من ذلك أصل في نفسه، له أحكام سوى أحكام غيره، والظهار إنما هو دين لله على المسلم، وسائر ما ذكرناه حقوق الأزواج وغير [جائز] أن يخلط بين الأصول بعضها ببعض.
قال أبو بكر: وإنما اختلفوا إذا قال في لفظة واحدة: أنتن علي كظهر أمي، لا ما إذا قال لهذه: أنت علي كظهر أمي ثم قال للأخرى: أنت علي كظهر أمي، فعليه لكل واحدة كفارة.
ذكر الظهار بكل ذات محرم واختلاف أهل العلم فيه
اختلف أهل العلم في الظهار بذوات المحارم غير الأم.
فقال أكثر أهل العلم: كل امرأة حرمت على الرجل بنسب مثل البنات، والأخوات، والعمات، والخالات، ومن كان بمنزلتهن فهن كالأم في الظهار.
وقال كثير منهم كذلك في كل امرأة حرمت بالصهر مثل أم امرأته وابنتها وامرأة أبيه، وامرأة ابنه. فمن كان يقول أن الظهار من كل محرم: الحسن البصري، وجابر بن زيد، والشعبي، والنخعي، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، وكذلك قال مالك في الظهار من ذوات المحارم من النسب والرضاعة، وهذا قول الأوزاعي، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وقال الشافعي إذ هو بالعراق في الظهار بما سوى الأم قولان:
أحدهما: أن لا يلزم الظهار إلا بما قال الله – يعني الأم.
والآخر: أن يلزم الظهار من ذوات المحرم من النسب والرضاع بما قال بمصر.
وإذا قال: أنت علي كظهر أختي، أو كظهر امرأة محرمة عليه من نسب أو رضاع قامت في ذلك مقام الأم، فإن ما يحرم من الرضاع من أمه يحرم عليه منها، وأما الرضاع فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب”. فلم يجز أن يفرق بينهما ثم قال: فإن قال: أنت علي كظهر أختي من الرضاعة، فإن كانت قد ولدت قبل أن ترضعه أمها فقد كانت قبل أن يكون الرضاع حلالا له، ولا يكون مظاهرا بها وليست مثل الأخت من النسب التي لم تكن قط حلالا له.
وإن كانت أمها قد أرضعته قبل أن تلدها فهذه لم تكن قط حلالا له في حين.
وإن قال: أنت علي كظهر امرأة أبي أو امرأة ابني، أو امرأة رجل سماه، أو امرأة له لاعنها أو طلقها ثلاثا لم يكن ظهارا من قبل أن هؤلاء قد كن وهن يحللن له.
وقالت طائفة: لا يكون الظهار إلا من أم أو جدة. هذا قول قتادة، وروي عن الشعبي أنه قال في الظهار: الأم وحدها. وحكى أبو ثور عن الشافعي أنه قال: لا يكون الظهار إلا من أم.
قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول، لأن الله لما ذكر الأم، والأم لا تحل بنكاح ولا ملك يمين، وكل امرأة تحرم على الأبد كتحريم الأم فحكم المظاهر بها كحكم الأم لا فرق بينهما.
ذكر الظهار بالأب أو بالأجنبي
اختلف أهل العلم في الرجل يقول لامرأته: أنت علي كظهر أبي أو ابني.
فقالت طائفة: لا يكون ذلك ظهارا. كذلك قال الشافعي.
وفيه قول ثان قاله جابر بن زيد قال: لو أن رجلا قال: هي علي كظهر رجل كان ظهارا، وقال [ابن القاسم صاحب] مالك: إذا قال: أنت علي كظهر أبي أنه مظاهر، وكذلك قال أحمد، وكذلك قال إذا قال: أنت علي كظهر رجل.
ذكر الظهار ببعض الجسد سوى الظهر
قال جابر بن زيد: إذا قال الرجل لامرأته: أنت علي كبطن أمي، قال: البطن والظهر في هذا سواء، وروي هذا القول عن الحسن، وكان سفيان الثوري يقول: إذا قال: أنت علي مثل شعر أمي أو بطن أمي أو مثل رجل أمي فهو ظهار.
وقال الأوزاعي: إن قال: أنت علي كظهر أمي أو كفخذها، قال: هو ظهار.
وقال الشافعي: إذا قال: فرجك أو رأسك أو بدنك أو ظهرك أو جلدك أو يدك أو رجلك علي كظهر أمي كان ظهارا، وكذلك لو قال: أنت أو يدك علي كظهر أمي أو كبدن أمي، أو كيدها أو كرجلها، كان هذا ظهارا، لأن التلذذ بكل أمه محرم عليه كتحريم التلذذ بظهرها.
وقال النعمان: إذا قال: أنت علي كظهر أمي أو كفرج أمي ولا نية له فهو مظاهر. وقال ابن القاسم صاحب مالك: إذا قال: أنت علي كرأس أمي أو كفخذ أمي أو كقدم أمي، قال: أراه مظاهرا. وذكر أبو عبيد حديث جابر بن زيد ثم قال: وهذا قول سفيان، وعليه أهل الرأي من أهل العراق يرون كل ما كان من العورة بمنزلة الظهر. قال: ولا أعلمه إلا قول مالك، وأهل الحجاز. وقال أبو عبيد: لا أعلم الظهار يكون إلا بكل ما لا يحل للرجل أن يراه من أمه، وهو عندنا أصل التظاهر، وكل شيء من العورة فهو بمنزلة الظهر، وما لا يجب على الأمهات ستره من أبنائهن فلا يكون به عندنا ظهارا، وذلك مثل الوجه والرأس واليد والفم.
وقال أصحاب الرأي:
إذا قال: أنت علي كظهر أمي أو كبطنها فهو مظاهر، وكذلك إذا قال: كفرجها أو كيدها أو كجسدها، ولو قال: كيدها أو كرجلها فليس بشيء، وإن قال: كفخذها فهو مظاهر، ولو قال: جنبك أو ظهرك أو شعرك علي كظهر أمي كان باطلا لا يقع به الظهار.
ذكر قول الرجل لزوجته: أنت علي أو عندي مثل أمي
كان الشافعي يقول: وإن قال رجل لامرأته: أنت علي أو عندي كأمي، أو أنت مثل أمي، أو عدل أمي وأراد الكرامة فلا ظهار. وإن أراد ظهارا فهو ظهار، وإن قال: كابنة لي فليس بظهار.
وقال أبو بكر: إذا قال: أنت كأمي وأبي فإن هذا على رضى وكلام يدور بينهما وليس في غضب.
وقال أبو ثور: إذا قال: أنت كأمي فإن كان هذا على رضى فقال: أردت الكرامة والمنزلة، كان القول قوله مع يمينه، وإن كان في غضب فهو ظهار ولا يقبل قوله في الحكم، وهو يدين فيما بينه وبين الله، وقال أحمد: إن قال: أنت كأمي إن فعلت كذا ففعله لزمته كفارة الظهار.
قال إسحاق: ليس في ذلك كفارة إلا أن ينوي الظهار، وقال النعمان: إذا قال الرجل لامرأته: أنت علي مثل أمي، فإن نوى ظهارا فهو ظهار، وإن نوى طلاقا فهو طلاق، وفي كتاب محمد بن الحسن: ولو قال لها: أنت علي كأمي كان لهذا الكلام وجهان، فإن عنى الظهار فهو مظاهر، وإن عنى المنزلة والكرامة فليس بظهار، وإن لم تكن له نية في تحريم أو غيره فليس بشيء. وهو قول أبي حنيفة.
وأما في قول أبي يوسف فهو تحريم إذا لم يكن له نية. وفي قول محمد: هو ظهار إذا لم يكن له نية.
ذكر قول الرجل لزوجته: أنت علي حرام كأمي
اختلف أهل العلم في الرجل يقول لزوجته: أنت علي حرام كأمي.
فذكر ابن القاسم أنه مظاهر في قول مالك. وقال النعمان: إن أراد طلاقا فهو طلاق، وإن نوى ظهارا فهو ظهار، وكذلك قال محمد بن الحسن، وقال محمد بن الحسن: فإن لم يرد واحدا منهما فهو ظهار. وكان أبو ثور يقول: عليه كفارة يمين، ولا يكون بهذا القول مظاهرا ولا مطلقا.
قال أبو بكر:
فإن قال: أنت علي حرام كظهر أمي. ففي قول الشافعي إن أراد الطلاق فهو طلاق، وإن لم يرد طلاقا فهو مظاهر، وقال أبو ثور: هو ظهار، وكذلك قال النعمان، وقال: لا يكون إلا ظهار، وقال يعقوب، ومحمد: إن أراد طلاقا فهو طلاق.
ذكر ظهار المرأة من الزوج
اختلف أهل العلم في ظهار المرأة من الزوج.
فقالت طائفة: ليس ذلك بشيء.
كذلك قال الحسن البصري.
وقال مالك بن أنس، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وحكي هذا القول عن ربيعة، ويحيى بن سعيد، وأبي الزناد، وسفيان الثوري، والنعمان.
وقال النخعي: إن قالت ذلك بعدما تزوج فليس بشيء، وحكي عن القاسم، وسالم أنهما قالا في الرجل يخطب المرأة فتظاهر منه ثم تريد نكاحه فقالا: ليس عليها شيء.
وفيه قول ثان: وهو أنها إذا تظاهرت من زوجها فهو ظهار. روي هذا القول عن الحسن البصري، والنخعي، وقال الزهري: إذا قالت لزوجها هو عليها كأبيها. قال: قد قالت منكرا من القول وزورا أرى أن تكفر بعتق رقبة أو بصوم شهرين متتابعين، أو تطعم ستين مسكينا، ولا يحول هذا بين زوجها وبينها أن يطأها.
وقال أحمد بن حنبل: أحوط أن تكفر إذا تظاهرت من زوجها.
وفيه قول ثالث: وهو أن المرأة ليس عليها ظهار من زوجها إلا أن تقول امرأة: إن تزوجت فلانا فهو علي كظهر أبي، فإن ذلك ظهار، هذا قول الأوزاعي.
وقالت طائفة: إذا قالت: هو عليها كأبيها فإن ذلك يمين وليس بظهار حرمت ما أحل الله لها هكذا قال عطاء.
قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول، لأن الله أثبت الظهار للرجال، ولم يجعل للنساء ظهارا فلا يجوز إيجاب كفارة بغير حجة، ولما كان المطلق والمولي الزوج دون المرأة، كان كذلك الظهار إليه دونها، وإنما خاطب الله الرجال دون النساء كما خاطبهم بالطلاق دونهن فقال: جل ذكره -: {والذين يظاهرون من نسائهم}، وقال: {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} فأخرج النساء من الأمرين جميعا.
ذكر الظهار من الإماء
اختلف أهل العلم في الرجل يقول لأمته: أنت علي كظهر أمي.
فقالت طائفة: في الظهار من الأمة كفارة تامة.
كذلك قال مجاهد، والنخعي، وعكرمة، والشعبي، وعمرو بن دينار، والحسن، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار.
وقال طاوس في الرجل يظاهر من أمته: يكفر كفارة الحر إن أراد أن يطأها، وهكذا قال الزهري، وقتادة، وقال الحكم: الظهار من الأمة مثل ظهار الحرة، وهذا قول سفيان الثوري، ومالك بن أنس.
وقد روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: الظهار من الأمة مثل الظهار من الحرة.
وقالت طائفة: لا ظهار إلا من الزوجة. كذلك قال الشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، والنعمان، وأصحابه، وقد روينا عن مجاهد، والشعبي رواية توافق هذا القول خلاف القول الذي حكيناه عنهما.
وقد روي عن الحسن البصري قول ثالث خلاف القول الذي ذكرناه عنه قال: [لا] كفارة عليه إذا كان لا يطأها قبل ذلك، فإن كان يطأها فعليه الكفارة.
وفيه قول رابع: وهو أنه إن كان يطأها فهو مظاهر، وإن كان لا يطأها فليس بمظاهر، وفيه كفارة يمين. هكذا قال الأوزاعي.
وقال أحمد: يكفر عن يمينه.
وفيه قول خامس: قاله عطاء بن أبي رباح قال: أما أنا فكنت مكفرا بشطر كفارة الحرة كما عدتها بشطر عدة الحرة.
ذكر اختلاف أهل العلم في معنى قوله: {ثم يعودون لما قالوا}
اختلف أهل العلم في معنى قوله: {ثم يعودون لما قالوا}.
فقالت طائفة: إذا وطئها فقد عاد لما قال. قال طاوس: الوطء إذا تكلم بالظهار، والمنكر والزور فحنث عليه كفارة. وقال الزهري، وقتادة في قوله: {يعودون لما قالوا} قالا: يعود لمسها، وقال الحسن: الغشيان في الفرج.
وفيه قول ثان: وهو أن يجمع على إصابتها وإمساكها، فإن أجمع على ذلك فقد وجب عليه كفارة، وإن طلقها ولم يجمع بعد تظاهره منها على إمساكها ووطئها فلا كفارة عليه، وإن هو تزوجها بعد ذلك لم يمسها حتى يكفر كفارة المتظاهر قبل أن يصيبها. هذا قول مالك بن أنس.
وقال أحمد: إنما الكفارة لمن أراد أن يعود إليها، وكذلك قال إسحاق. وقد قال أحمد: إذا أراد أن يغشى كفر، وحكي هذا القول عن النعمان.
وقد روي عن طاوس قول ثالث وهو: أن الظهار إذا خرج من لسانه فقد وجبت. وقال سفيان الثوري: إذا جعل امرأته عليه كظهر أمه فقد تكلم بالمنكر والزور، وقد وجبت عليه الكفارة.
وفيه قول رابع قاله الشافعي قال: إذا أتت عليه مدة بعد القول بالظهار لم يحرمها بالطلاق الذي يحرم به، ولا شيئا يكون له مخرج من أن تحرم عليه به وجبت عليه كفارة الظهار، ولا أعلم له معنى أولى به من هذا.
وفيه قول خامس قاله بعض أهل الكلام وهو: أن يعود بتظاهر ثان فيجب عليه بقوله لها ثانيا: أنت علي كظهر أمي الكفارة.
ذكر الخبر الدال على أن المتظاهر من زوجته مرة واحدة يكون متظاهرا، وإن لم يعد بتظاهر ثان
7738 – حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو عبيد، حدثنا يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن سليمان بن يسار، عن سلمة بن صخر الأنصاري، قال: كنت امرءا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري فلما دخل رمضان تظهرت من امرأتي مخافة إن أصبت منها في ليل فلا أقدر أن أنزع حتى يدركني الصبح، فبينما هي ذات ليلة تحدثني إذ تكشف لي منها شيء فوثبت عليها، فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري وقلت: انظلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فليخبرني، فقالوا: لا، والله لا نفعل، نخشى أن ينزل فينا قرآنا أو يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا مقالة يبقى علينا عارها، ولكن اصنع أنت ما بدا لك، قال: فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبري فقال: “أنت بذلك”، قلت: أنا بذاك قال: “أنت بذلك”. قلت أنا بذاك. قال: “أنت بذاك”. قلت أنا بذاك. وهأنذا فامض في حكم الله فإني صابر محتسب، فقال: “أعتق رقبة” فضربت صفحة عنقي وقلت: والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها، قال: “فصم شهرين متتابعين”، فقلت: يا رسول الله ما أصابني الذي أصابني إلا في الصوم، قال: “أطعم ستين مسكينا”، قلت: والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشا ما لنا عيشا، فقال: “انطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فمره فليدفعها إليك فأطعم عنك وسقا ستين مسكينا واستعن بسائرها على عيالك”، قال: فأتيت قومي فقلت: وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي، ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة والبركة، أمر لي بصدقتكم فادفعوها إلي، قال: فدفعوها إليه.
قال أبو بكر:
احتج لهذا الخبر بعض أصحابنا وقال: ألا تراه قد أوجب عليه كفارة الظهار بأن تظاهر منها مرة، وليس في هذا الخبر ولا في شيء من الأخبار أنه تظاهر منها مرتين فدل ذلك على إبطال قول من قال: لا يكون متظاهرا حتى يعود فيتظاهر مرة ثانيا، وقد احتج بهذا الخبر من قال إن للإمام أن يأمر بضم الصدقات على صنف واحد، لأنه قال: أطعم وسقا ستين مسكينا واستعن بسائرها على عيالك، وفي الآية دليل وهو قوله: {الذين يظاهرون منكم من نسائهم} دلالة على أن الظهار يكون من كل زوجة حرة وأمة، ذمية ومسلمة، صغيرة وكبيرة، لأن الله – جل وعز – عم النساء ولم يحض امرأة دون امرأة.
ذكر الظهار يحدث بعد الطلاق
اختلف أهل العلم في المظاهر يطلق زوجته وتنقضي عدتها ثم ينكحها.
فقالت طائفة: إذا نكحها عاد عليه الظهار.
هذا قول عطاء، والزهري، والنخعي.
وقال مالك: إن تزوجها بعد ذلك لم يمسها حتى يكفر كفارة الظهار من قبل أن يمسها، وحكي هذا القول عن الأوزاعي، وبه قال أبو عبيد.
وفيه قول ثان: وهو أنها إذا بانت منه سقط عنه الظهار. روي هذا القول عن الحسن وقتادة. وكان الشافعي يقول: إذا أتبع التظاهر طلاقا لم يكن عليه بعد الطلاق كفارة، لأنه أتبعها الطلاق مكانها، فإن راجعها في العدة فعليه الكفارة، ولو انقضت العدة ثم نكحها لم يكن عليه كفارة.
ذكر الظهار إلى أجل معلوم
اختلف أهل العلم في الرجل يظاهر من زوجته شهرا أو يوما أو ما أشبه ذلك.
فقالت طائفة: إذا بر المظاهر لم يكفر. كذلك قال عطاء وقتادة.
وقال حماد بن أبي سليمان: إن قال: أنت علي كظهر أمي إن قربتك الليلة قال: ليس عليه ظهار، وقال سفيان الثوري: إذا ظاهر فسمى يوما أو شهرا فمضى ذلك الوقت فلا ظهار عليه ولا كفارة.
وقال الشافعي: إذا ظاهر من امرأته يوما فإن أراد أن يقربها في ذلك اليوم كفر كفارة الظهار وإن لم يقربها فيه فلا كفارة للظهار عليه.
قال أبو بكر: هذا القول لا يشبه مذاهب الشافعي، لأن من قوله المعروف عنه – وقد ذكرته قبل -: إذا أتت على المظاهر مدة بعد القول بالظهار لم يحرمها بالطلاق الذي يحرم به أو بغير الطلاق مما يحرم فقد وجب عليه الكفارة، وممن قال: إذا بر المظاهر لم يكفر: أحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور.
وفيه قول ثان: وهو أن المظاهر يكفر وإن بر. هذا قول طاوس، وابن أبي ليلى، والزهري.
وحكي عن مالك، والليث بن سعد أنهما قالا: إذا قال: امرأتي علي كظهر أمي إلى الليل أن عليه الكفارة وإن لم يطأها ذلك اليوم.
وفيه قول ثالث: قاله أبو عبيد وزعم أنه مذهب يجمع القولين جميعا وهو إلى الخروج منهما وإحداث قول ثالث أقرب منه إلى أن يكون قائلا بهما، قال أبو عبيد: إن كان هذا المظاهر أجمع على غشيان امرأته قبل انقضاء الوقت لزمته الكفارة من ساعته، فإن لم يكن كذلك ولكنه كان مجمعا على ترك مسيسها حتى مضى الوقت كله فلا موضع للكفارة هاهنا.
وكان الشافعي يقول: إذا قال: إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي فدخلت الدار كان مظاهرا حين دخلت، وهكذا قال أبو ثور إذا قال: إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي فدخل الدار وهو ذاكر لقوله كان مظاهرا. وكذلك قال أصحاب الرأي، غير أنهم لم يذكروا: وهو ذاكر لقوله.
ذكر الظهار قبل النكاح
اختلف أهل العلم في الظهار قبل النكاح.
فقالت طائفة: إذا نكحها وهو مظاهر منها قبل أن ينكحها فعليه كفارة الظهار. كذلك قال سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعروة بن الزبير، وعطاء، وروي ذلك عن عمر، وليس بثابت عنه.
وممن قال هذا القول: مالك بن أنس، وأحمد، وإسحاق.
وفيه قول ثان: وهو أن ذلك ليس بشيء. هكذا قال ابن عباس، وبه قال الثوري، والشافعي، والنعمان، وقد روي ذلك عن الحسن، وابن المسيب خلاف القول الأول. وبهذا نقول، وليس يثبت حديث عمر، وحديث ابن عباس ثابت.
7739 – حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه كان لا يرى الظهار قبل النكاح شيئا، ولا الطلاق قبل النكاح شيئا.
ذكر الكفارة قبل الغشيان في الظهار
اختلف أهل العلم في المظاهر يطأ زوجته التي ظاهر منها قبل أن يكفر.
فقالت طائفة: يستغفر الله ويكفر كفارة واحدة. وكذلك قال عطاء، والنخعي، والحسن، وجابر بن زيد، وأبو مجلز، وعبيد الله بن أذينة، وبه قال مالك، والثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وفيه قول ثان: وهو أن عليه كفارتين. روي هذا القول عن عمرو بن العاص، وقبيصة بن ذؤيب، وسعيد بن جبير، وبه قال الزهري، وقتادة.
7740 – حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا أبو الربيع، حدثنا حماد، حدثنا عبد الرحمن السراج قال: سمعت رجاء بن حيوة يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في رجل ظاهر ثم غشي قبل أن يكفر قال: عليه كفارتان.
7741 – وحدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن بكر، حدثنا سعيد، عن قتادة، وعن مطر، وعن رجاء بن حيوة، عن قبيصة بن ذؤيب أن عمرو بن العاص قال: عليه كفارتان.
قال أبو بكر:
وبالقول الأول نقول، وذلك للحديث الذي.
7742 – حدثناه إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن ابن صخر – إنما هو سلمة بن صخر – أنه تظاهر من امرأته فوقع عليها قبل أن يكفر فأمره النبي عليه السلام بكفارة واحدة.
قال أبو بكر:
[فالكفارة] الواحدة واجبة بالكتاب وليس مع من أوجب كفارة أخرى حجة، والفرائض لا تجب إلا بحجة.
ذكر مباشرة المظاهر زوجته التي ظاهر منها
اختلف أهل العلم في قبلة المظاهر زوجته ومباشرتها.
فقالت طائفة: لا بأس أن يقبل ويباشر ويصيبها دون الفرج.
هذا قول الحسن البصري.
وقال عطاء، وعمرو بن دينار، والزهري، وقتادة في قوله: {من قبل أن يتماسا} أنه الرقاع نفسه.
وكان سفيان الثوري يقول في المظاهر: لا بأس أن يقبل ويباشر ويأتيها في غير الفرج ما لم يكفر إنما نهي عن الجماع.
وقال أحمد، وإسحاق في القبلة والمباشرة: نرجو أن لا يكون به بأس، ورخص في القبلة والمباشرة الوليد بن مسلم.
وفيه قول ثان: وهو أن ليس للمظاهر أن يقبل ولا يتلذذ منها بشيء.
هذا قول الزهري.
وقال الأوزاعي: يصلح للمظاهر من امرأته ما يصلح للمحرم، وقال مالك: لا يقبل ولا يباشر ولا يلمس ولا ينظر إلى شعرها حتى يكفر، وكان النخعي يكره أن يقبل المظاهر أو يباشر.
وقال أصحاب الرأي: لا يقبل ولا يباشر، وبه قال أبو عبيد.
قال أبو بكر: القبلة والمباشرة غير جائز أن تحرم على المظاهر بغير حجة، وقوله في حديث ابن عباس: لا يقربها حتى يفعل ما أنزل الله، كقول الله {ولا تقربوهن حتى يطهرن}، وقد أجمعوا على أن القبلة والمباشرة غير محرمة على زوج الحائض.
7743 – حدثنا عبد الرحمن بن يوسف، حدثنا أبو عمار، حدثنا الفضل بن موسى، عن معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم قد ظاهر من امرأته فوقع عليها، فقال: يا رسول الله، إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها من قبل أن أكفر، فقال: “وما حملك على ذلك يرحمك الله؟ ” قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر، قال: “فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله”.
ذكر الكفارة بالإطعام من قبل المسيس واختلاف العلماء فيه
اختلف أهل العلم في المظاهر لا يجد الرقبة ولا يستطيع الصوم وأراد الإطعام.
فقالت طائفة: لا يطأ حتى يطعم. كذلك قال عطاء، والزهري، وقتادة، والشافعي.
وقال أصحاب الرأي: وإذا أطعم بعض الطعام ثم جامع أطعم ما بقي وأجزأه، لأنه ليس فيه {قبل أن يتماسا}.
وقال أبو ثور: ولا بأس أن يجامع وهو معسر قبل الإطعام، لأنه لم يذكر فيه {قبل أن يتماسا}، والله أعلم.
ذكر ظهار العبد
أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن ظهار العبد مثل ظهار الحر.
واختلفوا فيما يجب عليه إذا ظاهر من الكفارة.
فقالت طائفة: يكفر بالصوم.
هذا قول مكحول، قال: يصوم شهرين ولا يعتق إلا بإذن مولاه.
وقال الزهري: صيام العبد في الظهار شهران.
وكذلك قال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا يجزئه في قول الشافعي – آخر قوليه – إلا الصيام. وهو قول أصحاب الرأي.
وقال أبو ثور: يعتق إن أعطاه سيده فإن لم يفعل صام، فإن لم يقدر وأعطاه السيد أطعم، وحكي ذلك عن الشافعي.
ذكر وفاة المرأة التي تظاهر منها زوجها قبل الكفارة
اختلف أهل العلم في الرجل يظاهر من زوجته ثم يموت أو تموت ولم يكفر.
فقالت طائفة: يتوارثان ولا [يكفر] كذلك قال عطاء، والحسن، والنخعي، وبه قال الأوزاعي إذا لم يكن وطئها بعد الظهار، وحكى أبو عبيد هذا القول عن مالك، وسفيان الثوري.
وفيه قول ثان: وهو أن يكفر ويرث. هكذا قال الشعبي، والزهري، وقتادة، وروي ذلك عن الحسن.
والكفارة لازمة للزوج على مذهب الشافعي إذا أمسكها بعد الظهار ولم يحرمها على نفسه ساعة ظاهر. وقد حكي عن عثمان البتي أنه قال: إن ماتت قبل أن يكفر لم يصل إلى ميراثها حتى يكفر، وكان أبو عبيد يقول: يرث على كل حال وإن كان اعتزم بقلبه على أن يقربها ثم ماتت فالكفارة لازمة له.
ذكر مسائل من باب الظهار
كان مالك بن أنس يقول: الظهار على كل حر وعبد من المسلمين في كل زوجة حرة كانت أو أمة، مسلمة أو نصرانية أو يهودية. وهكذا قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي إلا في الرتقاء فإن أبا ثور قال: إذا كانت المرأة رقتاء وكان المسيس هو الجماع فلا يلزمه الظهار، وفي قول الشافعي وأصحاب الرأي: الظهار عليه في الرتقاء، وكان مالك يقول: إذا ظاهر من امرأته [أمة] ثم اشتراها فالظهار له لازم. وكذلك قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وكذلك نقول.
وكان الشافعي يقول: لا يلزم غير البالغ الظهار، ولا المعتوه، ولا المغلوب على عقله بغير سكر. وكذلك قال أبو ثور، وأصحاب الرأي. وكذلك نقول.
وقالوا جميعا لمن يجن ويفيق: إذا آلى أو ظاهر في حال إفاقته فالظهار لازم له.
وكان الشافعي يلزم السكران ظهاره كما يلزمه الطلاق.
وكذلك قال أصحاب الرأي، وذكر ابن القاسم أن ذلك معنى قول مالك.
وقال أبو ثور في السكران لا يعقل يميز بين الأشياء: لا يلزمه الظهار، كالمجنون.
وفي مذهب الشافعي، وأبي ثور، وابن القاسم صاحب مالك: لا [يلزم] المكره الظهار. وفي قول أصحاب الرأي: يلزمه الظهار.
قال أبو بكر: لا يلزمه ذلك.
وكان الشافعي يقول: إذا تظاهر الأخرس وهو يعقل السنة أو الكتاب لزمه الظهار. وكذلك قال أبو ثور، وقال أصحاب الرأي كذلك إذا كان ذلك في كتاب وينوي به الظهار، وذلك منه يعرف.
وكان الشافعي يقول: إذا ظاهر من زوجته ثم قال لأخرى: أشركتك معها، فعليه فيها مثل الذي عليه في التي تظاهر منها.
وحكى أبو ثور ذلك عن النعمان.
وإذا قال الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي إن شاء الله فليس بظهار وكذلك إن قال: أنت علي كظهر أمي إن شاء فلان فليس بظهار حتى يعلم أن فلانا قد [شاء] في قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.
[الأوسط لابن المنذر 9/ 373]
قال الخطابي:
ومن باب في الظهار
قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء المعني قالا: حَدَّثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو عن عطاء قال ابن العلاء بن علقمة بن عياش عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر؛ قال ابن العلاء البياضي كنت امرأً أصيب من النساء …..
قال الشيخ قوله أنت بذاك يا سلمة معناه أنت الملم طاك والمرتكب له، وقوله بتنا وحِشين معناه بتنا مقفرين لا طعام لنا يقال رجل وحش وقوم أوحاش قال الشاعر:
وإن بات وحشاً ليلة لم يضق بها … ذراعاً ولم يصبح لها وهو خاشع
ويقال لصاحب الدواء توحش أي احتم.
وفيه دليل على أن الظهار الموقت ظهار كالمطق منه وهو إذا ظاهر من امرأته إلى مدة ثم أصابها قبل أنقضاء تلك المدة.
واختلفوا فيه إذا بر فلم يحنث، فقال مالك بن أنس وابن أبي ليلى إذا قال لامرأته أنت عليّ كظهر أمي إلى الليل لزمته الكفارة وإن لم يقربها.
وقال أكثر أهل العلم لا شيء عليه إذا لم يقربها وللشافعي في الظهار الموقت قولان أحدهما أنه ليس بظهار. وفيه دليل على أن معنى العود لما قال في الظهار ليس بأن يكرر اللفظ فيظاهر منها مرتين كما ذهب إليه بعض أهل الظاهر.
وفيه حجة لمن ذهب إلى جواز أن يضع الرجل صدقته في صنف واحد من الأصناف الستة ولا يفرقها على السهام.
وفي قوله أعتق رقبة دليل على أنه إذا أعتق رقبة ما كانت من صغير أوكبير أعور كان أو أعرج فإنها تجزيه إلاّ ما منع دليل الاجماع منه وهو الزمن الذي لا حراك به.
وفيه حجة لأبي حنيفة في أن خمس عشرة صاعاً لا يجزاء عن الكفارة في الظهار، غير أنه قال يجزيه ثلاثون صاعاً من البر لكل مسكين نصف صاع.
[معالم السنن 3/ 250]
قال ابن قدامة:
كتابُ الظِّهار
الظِّهارُ: مُشْتَقٌّ مِنَ الظَّهْرِ، وإنَّما خَصُّوا الظَّهْرَ بذلك مِن بين سائِر الأعضاءِ؛ لأنَّ كلَّ مركوبٍ يُسَمَّى ظَهْرًا، لحصولِ الرُّكُوبِ على ظهرِه فى الأغْلَبِ، فشَبَّهُوا الزَّوجةَ بذلك. وهو مُحَرَّمٌ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} (1). ومعناه أَنَّ الزَّوجةَ ليست كالأُمِّ فى التَّحريمِ. قال اللَّهُ تعالى: {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} (1). وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِى تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} (2). والأَصْلُ فى الظِّهارِ الكِتابُ والسُّنَّةُ؛ أمَّا الكتابُ فقولُه تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} (1). والآيَةُ الَّتى بَعْدَها. وأمَّا السُّنَّةُ، فَرَوَى أبو داوُدَ (3)، بإسنادِه عن خُوَيْلَةَ بنتِ مَالِكٍ بنِ ثَعْلَبَةَ، قالت: ظاهَرَ (4) منِّى أوسُ بنُ الصَّامِتِ، …
فصل: وكلُّ زَوْجٍ صحَّ طلاقُه صحَّ ظِهارُه، وهو البالِغُ العاقِلُ، سواءٌ كان مسلمًا أو كافرًا، حرًّا أو عبدًا. قال أبو بكرٍ: وظِهارُ السَّكْرانِ مَبْنِىٌّ على طلاقِه. قال القاضى: وكذلك ظِهارُ الصَّبِىِّ مَبْنِىٌّ على طَلاقِه. والصَّحيحُ أَنَّ ظِهارَ الصَّبِىِّ غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّها يَمينٌ موجبةٌ للكفَّارةِ، فلم تَنْعَقِدْ منه، كاليمينِ باللَّهِ تعالى، ولأنَّ الكفَّارةَ وَجَبَتْ لما فيه من قَوْلِ المُنْكَرِ والزُّورِ، وذلك مرفوعٌ عن الصَّبِىِّ؛ لكَوْنِ القلمِ مرفوعًا عنه. وقد قيل: لا يَصِحُّ ظِهارُ العَبْدِ؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى قال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (14). والعبدُ لا يَمْلِكُ الرِّقابَ. ولَنا، عُمومُ الآيةِ، ولأنَّه يَصِحُّ طلاقُه، فَصَحَّ ظِهارُه، كالحُرِّ. فأمَّا إيجابُ الرَّقبةِ، فإنَّما هو على مَنْ يَجِدُها، ولا يَبْقَى الظِّهارُ فى حقِّ مَنْ لا يَجِدُها، كالمُعْسِرِ، فَرْضُه الصِّيامُ. ويَصِحُّ ظِهارُ الذِّمِّىِّ. وبه قال الشَّافِعِىُّ، وقال مالِكٌ، وأبو حَنِيفَةَ: لا يَصِحُّ منه؛ لأنَّ الكفَّارَةَ لا تَصِحُّ منه، وهى الرَّافِعَةُ للتَّحْريمِ، فلا يصحُّ منه التَّحرِيمُ، ودليلُ أَنَّ الكفَّارَةَ لا تصحُّ منه، أنَّها عبادةٌ تفتقرُ إلى النِّيَّةِ، فلا تصِحُّ منه، كسائِرِ العباداتِ. ولَنا، أَنَّ مَنْ صحَّ طلاقُه صحَّ ظهارُه، كالمسلمِ. فأمَّا ما ذكَرُوه فيَبْطُلُ بكفَّارَةِ الصَّيْدِ إذا قَتَلَه فى الحَرَمِ، وكذلك الحَدُّ يُقامُ عليه. ولا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّكْفِيرَ لا يصِحُّ منه؛ فإنَّه يصحُّ منه العِتْقُ والإِطْعامُ، وإنَّما لا يصِحُّ منه الصَّوْمُ (15)، فلا تمتنعُ صحَّةُ الظِّهارِ بامتناعِ بعضِ أنواعِ الكفَّارةِ، كما فى حقِّ العَبْدِ. والنِّيَّةُ إنَّما تُعْتَبَرُ لتَعْيِين الفِعْلِ للكفَّارةِ، فلا يَمْتَنِعُ ذلك فى حقِّ الكافِرِ، كالنِّيَّةِ فى كِناياتِ الطَّلاقِ.
ومَنْ يُخْنَقُ (16) فى الأحْيانِ، يصحُّ ظهارُه فى إفاقَتِه، كما يصحُّ طَلاقُه فيه.
فصل: ومَنْ لا يَصِحُّ طلاقُه لا يصحُّ ظهارُه، كالطِّفْلِ، والزَّائلِ العَقْلِ بجُنونٍ، أو إغماءٍ، أو نَوْمٍ، أو غيرِه. لا نَعْلَمُ فى هذا خِلافًا. وبه قال الشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ. ولا يصحُّ ظهارُ المُكْرَهِ. وبه قال الشَّافِعِىُّ، وأبُو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال أبو يوسفَ: يصحُّ ظهارُه. والخلافُ فى ذلك مَبْنِىٌّ على الخلافِ فى صِحَّةِ طلاقِه. وقد مَضَى ذلك (17).
فصل: ويصِحُّ الظِّهار من كُلِّ زوجةٍ، كبيرَةً كانتْ أو صغيرةً، مسلمةً كانتْ أو ذِمِّيَّةً، مُمْكِنًا وَطْؤُها أو غيرَ مُمْكِنٍ. وبه قال مالكٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال أبو ثَوْرٍ: لا يصحُّ الظِّهارُ مِنَ الَّتِى لا يُمْكِنُ وَطْؤُها؛ لأنَّه لا يمْكِنُ وَطْؤُها، والظِّهارُ لتَحْريمِ وَطْئِها. ولَنا، عُمُومُ الآيَةِ، ولأنَّها زوجةٌ يصِحُّ طلاقُها (18)، فَصَحَّ الظِّهارُ منها، كغيرِها ….
الفصل الثالث: أنَّه إذا قال: أنتِ علىَّ حرامٌ. فإنْ نَوَى به الظِّهارَ، فهو ظهارٌ، فى قول عامَّتِهم. وبه يقول أبو حَنِيفَةَ، والشَّافِعِىُّ. وإِنْ نَوَى به الطَّلاقَ، فقد ذكرناه فى باب الطَّلاقِ (19)، وإن أطْلَقَ ففيه روايتان؛ إحْداهما، هو ظهارٌ. ذكره الْخِرَقِىُّ فى مَوْضِعٍ آخرَ. ونصَّ عليه أحمدُ، فى رواية جماعةٍ مِن أصحابِه. وذكرَه إبراهيمُ الحَرْبِىُّ، عن عثمانَ، وابنِ عَبَّاسٍ، وأبى قِلَابةَ، وسعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، ومَيْمُونَ بنِ مِهْرانَ، والْبَتِّىِّ، أنَّهم قالوا: الحرامُ ظهارٌ. وروى عن أحمدَ ما يدُلُّ على أَنَّ التَّحْرِيمَ يَمِينٌ. ورُوِىَ عن ابنِ عبَّاسٍ، أنَّه قال: إنَّ التَّحرِيمَ يمينٌ فى كتابِ اللَّهِ عز وجل، قال اللَّهُ عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} ثم قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (20). وأكثرُ الفقهاءِ على أَنَّ التَّحريمَ إذا لم يَنْوِ به الظِّهارَ، ليس بظهارٍ. وهو قولُ مالِكٍ، وأبى حَنِيفَةَ، والشَّافِعِىِّ. ووَجْهُ ذلك الآيةُ المذكورةُ، وأنَّ التَّحريمَ يتنوَّعُ، منه ما هو بظهارٍ وبطلاقٍ وبحيضٍ وبإحْرامٍ (21) وصيامٍ، فلا يكونُ التَّحْريمُ صَرِيحًا فى واحدٍ منها، ولا ينْصَرِفُ إليه بغيرِ نِيَّةٍ (22)، كما لا ينْصرِفُ إلى تَحْريمِ الطَّلاقِ. ووَجْهُ الأَوَّلِ، أنَّه تحريمٌ أوْقَعَه فى امرأتِه، فكان بإطْلاقِه ظهارًا، كتَشْبِيهها بظهرِ أُمِّه. وقولُهم: إنَّ التَّحْرِيمَ يَتَنَوَّعُ.
قُلْنا: إلَّا أَنَّ تلك الأنْواعَ مُنْتفِيَةٌ، ولا يَحْصُلُ بقولِه منها إلَّا الطَّلاقُ، وهذا أوْلَى منه؛ لأنَّ الطَّلاقَ تَبِينُ به المرأةُ، وهذا يُحَرِّمُها مع بقاءِ الزَّوْجِيَّةِ، فكان أدْنَى التَّحْريمَيْنِ، فكان أوْلَى فأمَّا إنْ قال ذلك لمُحَرَّمَةٍ عليه بحَيْضٍ أو نَحْوِه، وقَصَدَ الظِّهارَ، فهو ظهارٌ، وإِنْ قَصَدَ أنَّها مُحَرَّمةٌ عليه بذلك السَّبَبِ، فلا شَاءَ فيه. وإن أطلقَ، فليس بظهارٍ؛ لأنّه يَحْتَمِلُ الخبرَ عن حالِها، ويحْتَمِلُ إنشاءَ التَّحريمِ فيها بالظِّهارِ، فلا يَتَعَيَّنُ أحدُهما بغيرِ تَعْيِينٍ ….
فصل: وإِنْ قال: أنتِ طالقٌ كظهرِ أُمِّى. طَلُقَتْ، وسقط قولُه (24): كظهرِ أُمِّى. لأنَّه أتَى بصَرِيحِ الطَّلاقِ أوَّلًا، وجَعَلَ قولَه: كظهرِ أُمِّى. صفةً له. فإنْ نَوَى بقولِه: كظهرِ أمِّى. تأكيدَ الطَّلاقِ، لم يكُنْ ظِهارًا، كما لو أَطْلَقَ، وإِنْ نَوَى به الظِّهارَ، وكان الطَّلاقُ بائِنًا، فهو كالظِّهارِ من الأجْنَبِيَّةِ؛ لأنَّه أَتَى به بعدَ بَيْنُونَتِها بالطَّلاقِ. وإن كان رَجْعيًّا، كان ظهارًا صحيحًا. ذكره القاضى. وهو مذهبُ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه أَتَى بلفظِ الظِّهارِ فى مَن هى زَوْجَةٌ. وإِنْ نَوَى بقولِه: أنتِ طالقٌ. الظهارَ، لم يكُنْ ظِهارًا؛ لأنَّه نَوَى الظِّهارَ بصَرِيحِ الطَّلاقِ. وإِنْ قال: أنتِ علىَّ كظهرِ أُمِّى طالقٌ. وقع الظِّهارُ والطَّلاقُ معًا، سَواءٌ كان الطَّلاق بائِنًا، أو رَجْعِيًّا؛ لأنَّ الظِّهارَ سَبَقَ الطَّلاقَ.
فصل: فإنْ قال: أنتِ علىَّ حرامٌ. ونَوَى الطَّلاقَ والظِّهارَ معًا، كان ظهارًا، ولم يكُنْ طلاقًا؛ لأنَّ اللَّفظَ الواحِدَ لا يكونُ ظِهارًا وطلاقًا، والظِّهارُ أوْلَى بهذا اللَّفْظِ، فيَنْصَرِفُ إليه. وقال بعضُ أصحابِ الشَّافِعىِّ: يقالُ له (25): اخْترْ أيَّهما شِئْتَ. وقال بَعْضُهم: إنْ قال: أردْتُ الطَّلاقَ والظِّهارَ. كان طلاقًا؛ لأنَّه بَدَأ به. وإِنْ قال: أردْتُ الظِّهارَ والطَّلاقَ، كان ظهارًا؛ لأنَّه بَدَأَ به، فيكونُ ذلك اختيارًا له، ويَلْزَمُه ما بَدَأَ به. ولنا، أنَّه أَتَى بلَفْظَةِ الحرامِ يَنْوِى بها الظِّهارَ، فكانت ظهارًا، كما لو انْفَردَ الظِّهارُ بِنِيَّتِه، ولا يكونُ طلاقًا؛ لأنَّه زاحَمَتْ نِيَّتُه نِيَّةَ الظِّهارِ، وتَعَذَّرَ الجَمْعُ (26)، والظِّهارُ أَوْلَى بهذه اللَّفْظةِ؛ لأنَّ معناهما واحِدٌ، وهو التَّحْرِيمُ، فيجبُ أن يُغَلَّبَ ما هو الأَوْلَى، أمَّا الطَّلاقُ فإنَّ معناه الإِطْلاقُ، وهو حَلُّ قيدِ النِّكاحِ، وإنَّما التَّحْريمُ حُكْمٌ له فى بعضِ أحْوالِه، وقد يَنْفَكُّ عنه؛ فإنَّ الرَّجْعِيَّةَ مُطَلَّقةٌ مُباحةٌ. وأمَّا التَّخْيِيرُ فلا يَصِحُّ؛ لأنَّ هذه اللَّفْظةَ قد ثَبَتَ حكمُها حين لَفَظَ بها؛ لكَوْنِه أهلًا والمحلِّ قابلًا، ولهذا لو حَكَمْنا بأنَّه طلاقٌ، لَكانتْ عِدَّتُها من حين أوْقَعَ الطَّلاقَ، وليس إليه (27) رَفْعُ حُكْمٍ ثَبَتَ فى المحلِّ باخْتيارِه (28)، وإبْدالُه بإرادتِه، والقولُ الآخَرُ مَبْنِىٌّ على أَنَّ له الاختيارَ. وهو فاسِدٌ على ما ذكرْنا. ثمَّ إنَّ الاعتبارَ بجميعِ لفظِه، لا بما بَدَأ به، ولذلك لو قال: طَلَّقْتُ هذه أو هذه. لم يَلْزَمْ طلاقُ الأُولَى ….
فصل: فإن قال: أنا مُظاهِرٌ، أو عَلَىَّ الظِّهارُ، أو علىَّ الحرامُ، أو الحرامُ لى لازِمٌ. ولا نِيَّةَ له، لم يَلْزَمْه شاءٌ؛ لأنَّه ليس بصَريحٍ فى الظِّهارِ، ولا نَوَى به الظِّهارَ. وإِنْ نَوَى به (32) الظِّهارَ، أو اقْتَرَنَتْ به قرينةٌ (35) تدلُّ على إرادتِه الظِّهارَ، مِثْلَ أَنْ يُعَلِّقَه على شَرْطٍ، فيقولَ: علىَّ الحرامُ إنْ كلَّمْتُكِ. احْتَمَلَ أَنْ يكونَ ظِهارًا؛ لأنَّه أحَدُ نَوْعَىْ تحْريمِ الزَّوْجةِ، فَصَحَّ بالكِنايةِ مع النِّيَّة، كالطَّلاقِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يَثْبُتَ به الظِّهارُ؛ لأنَّ الشَّرْعَ إنَّما وَرَدَ به بصَرِيحِ لَفْظِه، وهذا ليس بصرِيحٍ فيه، ولأنَّه يمينٌ مُوجِبَةٌ للكفَّارةِ، فلم يَثْبُتْ حُكْمُه بغيرِ الصَّريحِ، كاليمينِ باللَّهِ تعالَى.
فصل: يُكْرَهُ أَنْ يُسَمِّىَ الرَّجُلُ امرأتَه بِمَنْ تَحْرُمُ عليه، كأُمِّه، أو أُخْتِه، أو بِنْتِه؛ لما رَوَى أبو دَاوُدَ (36)، بإسْنادِه عن أبى تَمِيمَةَ الهُجَيْمِىِّ، أَنَّ رَجُلًا قال لامرأتِه: يا أُخَيَّةُ. فقال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “أُخْتُكَ هِىَ! “. فَكَرِهَ ذلك، ونَهَى عنه. ولأنَّه لَفْظٌ يُشْبِهُ لَفْظَ الظِّهارِ. ولا تَحْرُمُ بهذا، ولا يَثْبُتُ حُكْمُ الظِّهارِ؛ فإنَّ النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم لم يقُلْ له: حَرُمَتْ عليك. ولأنَّ هذا اللَّفْظَ ليس بصَرِيحٍ فى الظِّهار ولا نَوَاه به (37)، فلا يَثْبُتُ التَّحْريمُ. وفى الحديثِ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ إبراهيمَ عليه السلام أَرْسَلَ إليه جَبَّارٌ، فَسَأَلَه عنها -يَعْنِى عنْ سَارَةَ- فَقَالَ: إنَّها أُخْتِى (38). وَلَمْ يَعُدَّ ذلك ظِهارًا.
الفصلُ الخامِسُ: أَنَّ المُظاهِرَ يَحْرُمُ عليه وَطْءُ امرأتِه قبلَ أَنْ يُكَفِّرَ. وليس فى ذلك اختلافٌ إذا كانت الكفَّارةُ عِتْقًا أو صَوْمًا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (39). وقَوْلِه سُبْحانَه: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (39) وأكثرُ أهلِ العلمِ على أَنَّ التَّكْفِيرَ بالإِطْعامِ مِثْلُ ذلك، وأنَّه يَحْرُمُ وَطْؤُها قبل التَّكْفِيرِ؛ منهم عطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأصحابُ الرَّأْىِ. وذَهَبَ أبو ثورٍ إلى إباحةِ الجِماعِ قبل التَّكْفِيرِ بالإِطعامِ. وعن أحمدَ ما يَقْتَضِى ذلك؛ لأنَّ اللَّهَ تعالى لم يمْنَعِ المَسِيسَ قَبْلَه، كما فى العِتْقِ والصِّيامِ. ولَنا، ما رَوَى عِكْرِمَةُ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا أتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللَّه، إنِّى تَظاهَرْتُ من امرأتِى، فَوَقَعْتُ عليها قبلَ أَنْ أُكَفِّرَ. فقال: “ما حَمَلَكَ عَلَى ذلِكَ، يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ ” قال: رأيتُ خُلْخَالَهَا فى ضَوْءِ القَمَرِ. قال: “فَلَا تَقْرَبْها حتَّى تَفْعَلَ مَا أمَرَكَ (40) اللَّهُ”. رَواه أبو داوُدَ، والتِّرْمِذِىُّ (41)، وقال: حديثٌ حَسَنٌ. ولأنَّه مُظاهِرٌ لم يُكَفِّرْ، فَحَرُمَ عليه جِماعُها، كما لو كانت كفَّارَتُه العِتْقَ أو الصِّيامَ، وتَرْكُ النَّصِّ عليها لا يَمْنَعُ قِياسَها على المَنْصُوصِ الذى فى مَعْناها.
فصل: فأمَّا التَّلَذُّذَ بما دونَ الجِماعِ (42)، مِنَ القُبْلَةِ، واللَّمْسِ، والمُباشَرَةِ فيما دُونَ الفَرْجِ، ففيه رِوَايَتَانِ؛ إحْداهما، يَحْرُمُ. وهو اختيارُ أبى بكرٍ. وهو قَوْلُ الزُّهْرِىِّ، ومالِكٍ، والأَوْزَاعِىِّ، وأبى عُبَيْدٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. ورُوِىَ ذلك عن النَّخَعِىِّ، وهو أَحَدُ قَوْلَىِ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ ما حَرَّمَ الوَطءَ من القولِ حَرَّمَ دَواعِيَه، كالطَّلاقِ والإِحْرامِ والثَّانِيَةُ، لا يَحْرُمُ. قال أحمدُ: أرْجُو أَنْ لا يكونَ به بَأْسٌ. وهو قَوْلُ الثَّوْرِىِّ، وإسْحاقَ، وأبى حَنِيفَةَ. وحُكِىَ عن مالِكٍ. وهو القولُ الثَّانِى للشَّافِعِىِّ؛ لأنَّه وَطْءٌ يَتَعَلَّقُ بتَحْريمِه مالٌ، فلم يَتَجاوَزْه التَّحْريمُ، كوَطْءِ الحائِضِ ….
فصل: ويصحُّ تَعْلِيقُ الظِّهارِ بالشُّرُوطِ، نحو أَنْ يقولَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، فأنتِ علىَّ كظَهْرِ أُمِّى، [وإِنْ شاءَ زَيْدٌ، فأنتِ علىَّ كظهرِ أمِّى] (58). فَمَتَى شاءَ زيدٌ أو دَخَلَتِ الدَّارَ، صارَ مُظَاهِرًا، وإلَّا فلا. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأصحابُ الرَّأْىِ؛ لأنَّه يَمِينٌ، فجازَ تَعْلِيقُه على شَرْطٍ كالإِيلاءِ، ولأنَّ أصْلَ الظِّهارِ أنَّه كان طَلاقًا، والطَّلاقُ يصحُّ تعليقُه بالشَّرْطِ (59)، فكذلك الظِّهارُ، ولأنَّه قَوْلٌ تَحْرُمُ به الزَّوجةُ، فَصَحَّ تعليقُه على شَرْطٍ كالطَّلاقِ. ولو قال لامرأتِه: إن تظاهَرْتُ مِن امرأتِى الأُخْرَى، فأنتِ علىَّ كظهرِ أُمِّى. ثمَّ تَظاهَرَ مِن الأُخْرَى، صارَ مُظاهِرًا منهما جميعًا. وإِنْ قال: إنْ تَظاهَرْتُ مِن فلانة الأجْنبِيَّةِ، فأنتِ علىَّ كظهرِ أُمِّى. ثمَّ قال للأجْنبيَّةِ: أنتِ علىَّ كظهرِ أمِّى. صارَ مُظاهرًا من امرأتِه، عندَ مَنْ يَرَى الظِّهارَ مِن الأجْنَبيَّةِ، ومَنْ لا فَلا. وسَنَذْكُرُ ذلك [فى مَوْضِعِه] (60)، إن شاءَ اللَّهُ تعالى.
فصل: فإنْ قال: أنتِ علىَّ كظهرِ أُمِّى، إنْ شاءَ اللَّهُ. لم يَنْعَقِدْ ظِهارُه. نصَّ عليه أحمدُ، فقال: إذا قال لامرأتِه: عليه كظَهْرِ أُمِّه إنْ شاءَ اللَّهُ، فليس عليه شاءٌ، هى (61) يَمِينٌ. وإذا قال: ما أحَلَّ اللَّهُ علىَّ حرامٌ، إنْ شاء اللَّهُ. وله أهلٌ، هى يمينٌ، ليس عليه شاءٌ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ولا نعلمُ عن غيرِهم خِلافَهم؛ وذلك لأنَّها يَمِينٌ مُكَفَّرَةٌ، فصحَّ الاستثناءُ فيها، كاليَمِينِ باللَّهِ تعالى، أو كَتَحْرِيمِ مالِه. وقد قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: “مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فقالَ: إنْ شاءَ اللَّهُ. فلا حِنْثَ عليه”. رواه التِّرْمِذِىُّ (62)، وقال: حديثٌ حسنٌ غريبٌ. وفى لفظٍ: “مَنْ حَلَفَ فاسْتَثْنَى، فإنْ شاءَ فَعَلَ، وإن شاءَ رَجَعَ غَيْرَ حِنْثٍ”. رواه الإمامُ أحمدُ، وأبو دَاوُدَ، والنَّسائِىُّ (63). وإن قال: أنتِ علىَّ حرامٌ، وَوَاللَّهِ لا أُكَلِّمُكِ إنْ شاءَ اللَّهُ. عادَ الاستِثْناءُ إليْهِما، فى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ؛ لأنَّ الاسْتِثْناءَ إذا تَعَقَّبَ جُمَلًا، عادَ إلى جَمِيعِها، إلَّا أَنْ يَنْوِىَ الاستثناءَ فى بَعْضِها، فيعودَ إليه وحدَه. وإِنْ قال: أنتِ علىَّ حرامٌ إذا شاءَ اللَّهُ، أو إلَّا ما شاءَ اللَّهُ، أو إلى أَنْ يشاءَ اللَّهُ، أو ما شاءَ اللَّهُ. فكُلُّه استثناءٌ يَرْفَعُ حُكْمَ الظِّهارِ. وإن قال: إن شاءَ اللَّهَ فأنتِ حرامٌ. فهو استثناءٌ يَرْفَعُ حُكْمَ الظِّهارِ؛ لأنَّ الشَّرطَ إذا تَقَدَّمَ يُجَابُ بالفاءِ. وإن قال: إن شاءَ اللَّهُ أنتِ حرامٌ. فهو استثناءٌ؛ لأنَّ الفاءَ مُقَدَّرَةٌ. وإن قال: إن شاء اللَّهُ فأنتِ حرامٌ. صحَّ أيضًا، والفاءُ زائِدَةٌ. وإن قال: أنتِ حرامٌ إنْ شاءَ اللَّهُ، وشاءَ زَيْدٌ.
فشاءَ زَيدٌ، لم يَصِرْ مُظاهِرًا (64)؛ لأنَّه عَلَّقَه على مَشِيئَتَيْنِ، فلا يَحْصُلُ بإحْداهما (65).
– مسألة؛ قال: (فَإِنْ مَاتَ، أَوْ مَاتَتْ، أَوْ طَلَّقَهَا، لَمْ تَلْزَمْهُ الكَفَّارَةُ. فَإِنْ عَادَ فَتَزَوَّجَها، لَمْ يَطَاهَا حَتَّى يُكَفِّرَ؛ لِأنَّ الحِنْثَ بِالعَوْدِ، وَهُوَ الوَطْءُ؛ لأنَّ اللَّهَ عز وجل أوْجَبَ الكَفَّارَةَ عَلَى المُظَاهِرِ قَبْلَ الحِنْثِ) ….
– مسألة؛ قال: (وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَىَّ حَرَامٌ. وأَرَادَ فِى تِلْكَ الحالِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَىْءٌ وإِنْ تَزَوَّجَها؛ لأَنَّه صَادِقٌ. وإِنْ أَرَادَ فِى كُلِّ حَالٍ، لَمْ يَطَاهَا إِنْ تَزَوَّجَهَا حَتَّى يَأْتِىَ بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ) …
1313 – مسألة؛ قال: (وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِه، وَهِىَ أَمَةٌ، فَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى مَلَكَهَا، انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَلَمْ يَطَاهَا حَتَّى يُكَفِّرَ) …
– مسألة؛ قال: (وَلَوْ تَظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسَائِه بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَكَثَرُ مِنْ كَفَّارَةٍ (1)) …
فصل: إذا ظاهَرَ مِن امرأةٍ، ثم قال لأُخْرَى (11): أشْرَكْتُكِ مَعَها، أو أنتِ شَرِيكَتُها، أو كَهِىَ. ونَوَى المُظاهَرَةَ من الثَّانيةِ، صارَ مُظاهِرًا منها. بغيرِ خلافٍ عَلِمْناه. وبه يقولُ مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. وإِنْ أطْلَقَ، صارَ مُظاهِرًا أيضًا، إذا كان عَقِيبَ مُظاهَرَتِه مِن الأولَى. ذكرَه أبو بكرٍ. وبه قالَ مالِكٌ. قال أبو الخطَّابِ: ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يكونَ مُظاهِرًا. وبه قال الشَّافِعِىُّ؛ لأنَّه ليس بِصَريح فى الظِّهَارِ، ولا نَوَى به الظِّهَارَ، فلم يَكُنْ ظِهارًا، كما لو قال ذلك قبل أَنْ يُظاهِرَ مِن الأُولَى، ولأنَّه يَحْتَمِلُ أنَّها شَرِيكَتُها فى دينِها، أو فى الخُصُومَةِ، أو فى النِّكاحِ، أو سُوءِ الخُلُقِ، فلم تُخصَّصْ (12) بالظِّهارِ إلَّا بالنِّيَّةِ، كسائِرِ الكِناياتِ. ولَنا، أن الشِرْكَةَ والتَّشْبِيهَ لابُدَّ أَنْ يَكونَ فى شاءٍ، فوَجَبَ تَعْلِيقُه بالمذْكُورِ معه، كجَوابِ السُّؤَالِ فيما إذا قيلَ له (13): ألكَ امرأةٌ؟ فقال: قد طَلَّقْتُها. وكالعَطف مع المَعْطُوفِ عليه، والصِّفَةِ مع المَوْصُوفِ. وقَوْلُهم: إنَّه كِنايةٌ لم يَنْوِ بها الظِّهارَ. قُلْنا: قد وُجِدَ دليلُ النِّيَّةِ، فيكْتَفَى بها. وقولُهم: إنَّه يَحْتَمِلُ. قُلْنا: ما ذَكَرْنا من القَرِينَةِ يُزِيلُ الاحْتِمالَ. وإن بَقِىَ احتمالٌ مّا، كان مَرْجُوحًا، فلا يُلْتَفَتُ إليه، كالاحتمالِ فى اللَّفْظِ الصَّرِيحِ.
1315 – مسألة؛ قال: (وَالكَفَّارَةُ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ سَالِمَةٍ مِنَ العُيُوبِ المُضِرَّةِ بِالعَمَلِ) …
فصل: ويُجْزِئُ عِتْقُ الجانِى والْمَرهُونِ، وعِتْقُ المُفْلِس عَبْدَه، إذا قُلْنا بصِحَّةِ عِتْقِهم، وعِتْقُ المُدَبَّرِ، والخَصِىِّ (18)، ووَلَدِ الزِّنَى؛ لكَمالِ العِتْقِ فيهم.
فصل: ولا يُجْزِئُ عِتْقُ المَغْصُوبِ؛ لأنَّه لا يَقْدِرُ على تَمْكِينِه مِن مَنافِعِه، ولا غائِبٍ غَيْبَةً مُنْقَطِعة لا يُعْلَمُ خَبَرُه؛ لأنَّه لا يُعْلَمُ حياتُه، فلا يُعْلَمُ صِحَّةُ عِتْقِه. وإِنْ لم يَنْقَطِعْ خَبَرُه، أجْزَأَ عِتْقُه؛ لأنَّه عِتْقٌ صَحِيحٌ. ولا يُجْزِئُ عِتْقُ الحَمْلِ؛ لأنَّه لم تَثْبُتْ له أحكامُ الدُّنْيا، ولذلك لم تَجِبْ فِطْرَتُه، ولا يُتَيَفنُ أيضًا وُجُودُه، وحَياتُه، ولا عِتْقُ أمِّ الوَلَدِ؛ لأنَّ عِتْقَها مُسْتَحَقٌّ بِسَبَبٍ غيرِ الكفَّارةِ، والمِلْكُ فيها غيرُ كامِلٍ، ولهذا لا يجوزُ بَيْعُها. وقال طَاوُسٌ، والبَتِّىُّ: يُجْزِئُ عِتْقُها؛ لأنَّه عِتْقٌ صَحِيحٌ. ولا يجزئُ عِتْقُ مُكاتَبٍ أدَّى مِن كِتابَتِه شَيْئًا. وسَنَذْكُرُ هذا فى الكفَّاراتِ، إنْ شاءَ اللَّه تعالى ….
[المغني لابن قدامة 11/ 54]