478 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: أحمد بن علي وعبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——
478 – قال الإمام النسائي في “عمل اليوم والليلة” (ص 182): أخبرنا الحسين بن بشر بطرسوس كتبنا عنه، قال: حدثنا محمد بن حمير، قال: حدثنا محمد بن زياد، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت».
هذا حديث حسنٌ.
…………………………………
بوب عليه مقبل في الجامع:
باب الأذكار عقب الصلوات، وباب فضل آية الكرسي
ترجمة الراوي:
هو أبو أمامة، إياس بن ثعلبة الحارثي الأنصاري الخزرجي، مشهور بكنيته، مختلف في اسمه، والصحيح ما ذكر، على ما قرره ابن عبد البر، وذكر أنه لم يشهد بدرًا، لأن أمه قد مرضت، فرده النبي ?، فلما رجع النبي ? وجدها قد ماتت، فصلى عليها، وإذا أُطلق أبو أمامة فالمراد به هذا، وإن أريد الباهلي قُيِّد به، كما صنع الحافظ هنا حيث أطلق، وفي ثالث أحاديث كتاب «الطهارة» حيث قيده.
الوجه الثاني: في تخريجه:
فقد أخرجه النسائي في «الكبرى» ((9) / (44)) وعزاه المنذري في «الترغيب» ((2) / (453)) إلى ابن حبان في كتاب «الصلاة» المفرد، ولم يخرجه في «صحيحه» وهو من طريق محمد بن حِمْيَر، حدثني محمد بن زياد الألهاني، قال: (سمعت أبا أمامة يقول: … ) فذكره.
والحديث تفرد به النسائي من بين أصحاب الكتب الستة، ولم يذكره في «الصغرى» ومحمد بن حمير: وثقه ابن معين، وقال النسائي والدارقطني: (لا بأس به)، وقال أبو حاتم: (يكتب حديثه، ولا يحتج به)، وقال يعقوب بن سفيان: (ليس بالقوي).
والحديث مروي عن محمد بن حمير من عدة طرق، وله شواهد ذكرها الألباني، وقد صححه المنذري، وابن عبد الهادي، وابن القيم، وابن كثير، والألباني، وضعفه ابن تيمية، وعبد الرحمن المعلمي، ولعلَّ من ضعفه نظر إلى تفرد محمد بن حمير به، وأن شواهده معلولة.
وقد ذكر ابن الجوزي هذا الحديث في «الموضوعات» فأخطأ خطأ فاحشًا، ولذا انتقده العلماء كابن حجر، وابن عبد الهادي.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» ((8) / (114)) من طريق محمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن حمير به، وزاد: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: (1)] وهي زيادة منكرة تفرد بها محمد بن إبراهيم الحمصي – كما ذكر الطبراني – وهو متهم، كما يستفاد من «الكامل» لابن عدي، و «المقتنى» للذهبي، وغيرهما. وأما قول المنذري: (وإسناده بهذه الزيادة جيد)، وكذا قول الهيثمي فهو مردود، لما تقدم.
**منحة العلام في شرح بلوغ المرام (3) / (197) — عبد الله بن صالح الفوزان
كتاب الصلاة?باب صفة الصلاة?فضل آية الكرسي بعد المكتوبة**
قال ابن القيم في زاد المعاد: وهذا الحديث من الناس من يصححه، ويقول: الحسين بن بشر قد قال فيه النسائي: لا بأس به. وفي موضع آخر: ثقة. وأما المحمدان، فاحتج بهما البخاري في “صحيحه” قالوا: فالحديث على رسمه، ومنهم من يقول: هو موضوع، وأدخله أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه في الموضوعات، وتعلق على محمد بن حمير، وأن أبا حاتم الرازي قال: لا يحتج به، وقال يعقوب بن سفيان: ليس بقوي، وأنكر ذلك عليه بعض الحفاظ، ووثقوا محمدا، وقال: هو أجل من أن يكون له حديث موضوع، وقد احتج به أجل من صنف في الحديث الصحيح، وهو البخاري، ووثقه أشد الناس مقالة في الرجال يحيى بن معين، وقد رواه الطبراني في “معجمه” أيضا من حديث عبد الله بن حسن عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم («من قرأ آية الكرسي في دبر الصلاة المكتوبة، كان في ذمة الله إلى الصلاة الأخرى»). وقد روي هذا الحديث من حديث أبي أمامة، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، والمغيرة بن شعبة، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وفيها كلها ضعف، ولكن إذا انضم بعضها إلى بعض مع تباين طرقها واختلاف مخارجها، دلت على أن الحديث له أصل وليس بموضوع.
وبلغني عن شيخنا أبي العباس ابن تيمية قدس الله روحه أنه قال: ما تركتها عقيب كل صلاة.
قال بعض أهل العلم: واختصت آية الكرسى بذلك لما اشتملت عليه من أصول الأسماء والصفات الالهية والوحدانية والحياة والقيومية والعلم والملك والقدرة والارادة، وقل هو اللَّه أحد متمحضة لذكر صفات اللَّه تعالى.
قال ابن كثير:
هَذِهِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ ولها شأن عظيم، وَقَدْ صَحَّ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهَا أَفْضَلُ آيَةٍ فِي كِتَابِ الله. وقال الإمام أحمد: عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ: «أَيُّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَعْظَمُ؟» قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَرَدَّدَهَا مِرَارًا، ثُمَّ قال: آية الكرسي قال: «ليهنك العلم يا أَبَا الْمُنْذِرِ! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ لَهَا لساناً وشفتين، تقدس الملك عن ساق العرش».
* ما حكم قراءة آية الكرسي بعد الصلاة المفروضة؟
مستحب.
لقوله (من قرأ آية الكرسي دبر … ).
* لماذا قلنا إن المراد بالدبر هنا ما بعد السلام؟
لأن ما قبل السلام ليس محلًا للقرآن، وإنما محله القيام، فهذه قرينة على أن المراد ما بعد السلام.
* اذكر بعض المواطن التي تقرأ فيها آية الكرسي؟
تقرأ في ثلاثة مواطن:
أولًا: بعد الفريضة.
لحديث الباب.
ثانيًا: عند النوم.
لقوله ? ( … اقرأ آية الكرسي قبل النوم فإنه لا يزال عليك من الله حافظًا).
ثالثًا: في أذكار الصباح والمساء.
* اذكر ما يقرأ أيضًا بعد الصلاة؟
يقرأ بالمعوذتين.
لحديث عقبة بن عامر (أمرني رسول الله ? أن أقرأ بالمعوذتين دبر كل صلاة). رواه أبو داود وحسنه الألباني.
* ما المراد بالمعوذات في حديث عقبة؟
اختلف العلماء هل يدخل معها سورة الإخلاص أم لا على قولين:
قيل: المراد بالمعوذات: الإخلاص والفلق والناس.
وهذا قول الأكثر.
لأن المعوذات في الشرع إذا أطلقت فإنها تنصرف إلى المعوذات مع سورة الإخلاص كما في حديث عائشة الذي فيه أن النبي ? كان ينفث على نفسه قبل أن ينام بالمعوذات، وفي الرواية الأخرى قالت: ينفث على نفسه بـ (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس).
وقيل: لا يشرع قراءة سورة الإخلاص بعد الصلاة.
لأن حديث عقبة جاء في رواية (بالمعوذتين).
واختاره ابن حبان، وابن المنذر.
والصحيح الأول.
*شرح بلوغ المرام – اللهيميد (1) / (642) — سليمان بن محمد اللهيميد (معاصر)
كتاب الصلاة?باب صفة الصلاة?حديث (321) ?*
ما حكم قراءة آية الكرسي بعد الصلاة المفروضة؟
وكذا يشرع قراءة المعوذتين {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: (1)]، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: (1)]، لحديث عقبة بن عامر ? قال: (أمرني رسول الله ? أن أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة).
قال العيني: (والحكمة في هذا أن الشيطان – عليه اللعنة – لم يزل يوسوس به وهو في الصلاة، وما قدر على قطعه عن الصلاة، ثم لما فرغ يقبل إليه إقبالًا كليًا حتى يرفعه في معصميه، فأمر عند ذلك أن يستعيذ بالمعوذات من الشيطان حتى لا يظفر عليه، ولا يتمكن منه)، و (المعوِّذات) بالكسر جمع معوِّذة بصيغة اسم الفاعل، أي: محصنة، ونسبة التحصين إليها مجاز، والمراد: سورة الفلق وسورة الناس، – كما مرَّ – فالمراد بالجمع ما فوق الواحد، أو جمعهما باعتبار أن ما يستعاذ منه كثير فيهما، أو باعتبار آيات السورتين وأما على رواية الترمذي: (بالمعوذتين) فلا إشكال، والله تعالى أعلم.
قال الشيخ عبد الكريم الخضير: «لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت» العائق من دخوله الجنة أن يموت، فإذا مات دخل الجنة، هل يدخل الجنة مباشرة أو يمكث في قبره في البرزخ قبل دخول الجنة؟ لكن يأتيه من مقدمات الدخول في قبره ما يستحق أن يسمى دخولًا، فيفسح له في قبره مد بصره، يكون قبره عليه روضة من رياض الجنة، نسأل الله من فضله.
مقدمات الدخول لا يقول قائل: إنه يدخل الجنة مجرد أن يموت، ولا يمر بالبرزخ لا، هناك حياة برزخية مكانها القبر، بين الحياة الدنيا وبين الآخرة، فهنا سمى مقدمة الدخول دخول، كما أن مقدمات الفتح فتح، فصلح الحديبية باعتباره مقدمة للفتح -لفتح مكة- سمي فتحًا، ونزلت فيه سورة الفتح، وهنا مقدمة الدخول وهو هذه الحياة البرزخية التي ينعم فيها هذا الذي واظب على آية الكرسي ينعم فيها في قبره، والمواظبة على آية الكرسي دبر كل صلاة سبب، سبب من أسباب دخول الجنة، والسبب قد تترتب عليه آثاره فيحصل المسبب، وقد يتخلف الأثر لوجود مانع، قد يكون عند الشخص ما يمنعه من دخول الجنة، ما يستحق به دخول النار إما مؤبدًا إن كان عنده ما يخرجه من الدين بالكلية، أو مؤقتًا إن كان عنده شيء من الكبائر.
فقراءة آية الكرسي والمحافظة عليها، والمداومة عليها سبب كغيرها من الأسباب، فلا نتكل على مثل هذا، ولذا جاء: «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له -إلى آخره- دخل الجنة من أي أبوابها الثمانية شاء» ثم قال في الحديث: «ولا تغتروا» يعني ما نغتر بمثل هذه النصوص، نترك الواجبات، ونقترف الكبائر والمحرمات لا، هذه أسباب، ومعلومٌ أن السبب قد ترتب عليه آثاره إذا انتفت الموانع، وقد لا تترتب عليه الآثار إذا وجدت الموانع، قد يلبس المرء من الثياب خمسة ثياب، ستة، عشرة، وفروة وبشت ويدخله البرد لأنه سبب، فليس السبب موجبًا ولا مستقلًا بحصول المسبب، لكن علينا أن نعمل بمثل هذه الأمور التي جاء الحث عليها من قبل الشارع، لكن لا نغتر فنعتمد عليها. (شرح بلوغ المرام)