[1ج/ رقم (450)] فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي.
وأحمد بن علي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد ومحمد سيفي وسلطان الحمادي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند [1ج/ رقم (450)]:
مسند سلمة بن نفيل السكوني رضي الله عنه
(450) – قال الإمام النسائي رحمه الله (ج (6) ص (214)):
أخْبَرَنا أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الواحِدِ، قالَ: حَدَّثَنا مَرْوانُ وهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ، قالَ: حَدَّثَنا خالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ صالِحِ بْنِ صَبِيحٍ المُرِّيُّ، قالَ: حَدَّثَنا إبْراهِيمُ بْنُ أبِي عَبْلَةَ، عَنْ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُرَشِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ الكِنْدِيِّ، قالَ: كُنْتُ جالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ?، فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أذالَ ((1)) النّاسُ الخَيْلَ، ووَضَعُوا السِّلاحَ، وقالُوا: لا جِهادَ قَدْ وضَعَتِ الحَرْبُ أوْزارَها، فَأقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ? بِوَجْهِهِ، وقالَ: «كَذَبُوا الآنَ، الآنَ جاءَ القِتالُ، ولا يَزالُ مِن أُمَّتِي أُمَّةٌ يُقاتِلُونَ عَلى الحَقِّ، ويُزِيغُ اللّهُ لَهُمْ قُلُوبَ أقْوامٍ، ويَرْزُقُهُمْ مِنهُمْ حَتّى تَقُومَ السّاعَةُ، وحَتّى يَاتِيَ وعْدُ الله والخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَواصِيها الخَيْرُ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، وهُوَ يُوحى إلَيَّ أنِّي مَقْبُوضٌ غَيْرَ مُلَبَّثٍ، وأنْتُمْ تَتَّبِعُونِي أفْنادًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ، وعُقْرُ دارِ المُؤْمِنِينَ الشّامُ».
هذا حديث حسنٌ.
* قال الإمام البزار رحمه الله (ج (9) ص (150)): حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ، قالَ: نا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قالَ: نا عَبْدُ اللهِ بْنُ سالِمٍ، قالَ: نا إبْراهِيمُ بْنُ سُلَيْمانَ الأفْطَسُ، قالَ: حَدَّثَنِي الوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ: قالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللهِ، بُوهِيَ بِالخَيْلِ وأُلْقِيَ السِّلاحُ، وزَعَمُوا أنْ لا قِتالَ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ?: «كَذَبُوا، الآنَ حانَ القِتالُ، لا تَزالُ مِن أُمَّتِي أُمَّةٌ قائِمَةٌ عَلى الحَقِّ ظاهِرَةٌ» وقالَ وهُوَ مُوَلِّي ظَهْره إلى اليَمَنِ: «إنِّي أجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِن هاهُنا، ولَقَدْ أُوحِيَ إلَيَّ أنِّي كَفُوفٌ غَيْرُ مُلَبَّثٍ، ولْيَتْبَعُنِّي أفْنادًا، والخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَواصِيها الخَيْرُ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، وأهْلُها مُعانُونَ عَلَيْها».
قال الإمام البزار: وهذا الحديث لا نعلم أحدًا يرويه بهذه الألفاظ إلا سلمة بن نُفَيْلٍ، وهذا أحسن طريقًا يروى في ذلك عن سلمة، ورجاله رجال معروفون من أهل الشام مشهورون، إلا إبراهيم بن سليمان الأفْطَسَ.
قلت: وإبراهيم بن سليمان الأفْطَسُ، قال الحافظ في «التقريب»: ثقة ثبت، إلا أنه يرسل.
والحديث صحيحٌ.
_ _ _ _ _
في حاشية الصحيح المسند: ((1)) وفي «الكبرى»: إنَّ الخَيْلَ قَدْ أُذِيلَتْ. كما في «تحفة الأشراف»، ومعناه: سيبت.
===================
الحديث سيكون من وجوه:
الوجه الأول:
الرواية الأولى أورده النسائي رحمه الله في السنن، (27) – كتاب الخيل، باب: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة – كما في بعض النسخ -، ((3561)).
والرواية الملحقة: أورده أبو بكر البزار (ت (292)) رحمه الله في مسنده البحر الزخار،، مسند سلمة بن نفيل رضي الله عنه، ((3702)).
والوادعي رحمه الله جعله في جامعه:
(2) – كتاب الإيمان، (32) – الإيمان بالقدر، ((396)).
و (13) – كتاب الجهاد والغزوات، (14) – الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة، ((1961)).
وفيه أيضًا: (58) – اقتناء الخيل وإكرامها، ((2015)).
و (15) – كتاب دلائل النبوة، (72) – إخباره ? بوقوع بعض الفتن، ((2376)).
وفيه أيضًا: (76) – إخباره ? بالطائفة المنصورة، ((2383)).
قال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة، رقم ((1935)):
“أخرجه النسائي ((2) / (217) – (218)) وابن حبان ((1617)) وأحمد ((4) / (104)) …. من طريق عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير بن
نفير عن سلمة بن نفيل الكندي قال: «كنت جالسا عند رسول الله صلى الله
عليه وسلم … » الحديث.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. ورواه البزار في «مسنده» ((1689))
دون قوله: «يضرب بعضكم … » إلخ. وزاد بعد قوله: « … يوم القيامة».
«وأهلها معانون عليها». وقال: «لا نعلم رواه بهذا اللفظ إلا سلمة بن
نفيل وهذا أحسن إسناد يروى في ذلك، ورجاله شاميون مشهورون إلا إبراهيم بن
سليمان الأفطس».
قلت: وهو ثبت كما قال دحيم. ورواه عنه الطبراني أيضا ((6358)).
(أذال) أي أهان. وقيل: أراد أنهم وضعوا أداة الحرب عنها وأرسلوها. كما
في «النهاية».
(يزيغ) أي يميل، في «النهاية»: «في حديث الدعاء:» لا تزغ قلبي «أي
لا تمله عن الإيمان. يقال: زاغ عن الطريق يزيغ إذا عدل عنه» “. انتهى.
والثاني: شرح وبيان الحديث
قال النسائي رحمه الله: ” (27) – (كتاب الخيل) “، و «الخيل»: الفرسان. وفي «المحكم»: جماعة الأفراس، لا واحد له من لفظه. قال أبو عبيدة: واحدها خائل؛ لأنه يختال في مشيته. قال ابن سيده: وليس هذا بمعروف. وفي «التنزيل العزيز»: {وأجلب عليهم بخيلك ورجلك}، أي بفرسانك، ورجالتك. قاله في «اللسان».
وفي «المصباح»: الخيل: معروف، وهي مؤنثة، ولا واحد لها من لفظها، والجمع خيول، قال بعضهم: وتطلق الخيل على العراب، وعلى البراذين، وعلى الفرسان، وسميت خيلا؛ لاختيالها، وهو إعجابها بنفسها مرحا، ومنه خيلاء وهو الكبر، والإعجاب انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب. قاله الإتيوبي رحمه الله. [ذخيرة العقبى (29/ 352)].
شرح الحديث
(عن سلمة بن نفيل الكندي) – رضي الله تعالى عنه -، أنه (قال: كنت جالسا عند رسول الله ?، فقال رجل: يا رسول الله، أذال الناس الخيل) -بالذال المعجمة- أي: أهانوها، يقال: ذال الشيء يذيل، من باب باع: هان، وأذلته أنا: أهنته، ولم أحسن القيام به. وإذالة الخيل: امتهانها بالعمل، والحمل عليها. أفاده في «اللسان».
والمراد هنا: أنهم أهانوها، واستخفوا بها، بقلة الرغبة فيها.
وقيل: أراد أنهم وضعوا أداة الحرب عنها، وأرسلوها، (ووضعوا السلاح)، أي: تركوه، ولم يستعملوه في قتال العدو، (وقالوا: لا جهاد، قد وضعت الحرب أوزارها) -بفتح الهمزة- جمع وزر -بكسر الواو، وسكون الزاي-: الثقل، ومنه وزير الملك؛ لأنه يتحمل عنه الأثقال: أي: انقضى أمر الحرب، وخفت أثقالها، فلم يبق قتال.
وقيل: في معنى قوله تعالى: {حتى تضع الحرب أوزارها}، أي: إلى أن يضع الأعداء المحاربون أوزارهم، وهو سلاحهم بالهزيمة، أو الموادعة …
أفاده القرطبي رحمه الله. [«الجامع لأحكام القرآن» (16) / (229)].
(فأقبل رسول الله ? بوجهه) حتى يكون خطابه مواجهة؛ لأنه المؤثر في نفوس المخاطبين، (وقال:» كذبوا) بتخفيف الذال المعجمة (الآن الآن) منصوب على الظرفية، ثم يحتمل: أن يكون الأول متعلقا بما قبله، أي: كذبوا الآن، أي: في الوقت الذي تحدثوا فيه بأنه لا جهاد.
ويحتمل: أن يكون الثاني تأكيدا للأول، والعامل فيهما قوله (جاء القتال)، أي: شرع الله تعالى القتال الآن، فكيف يرفع عنهم سريعا. أو المعنى: بل الآن اشتد القتال، فإنهم قبل ذلك كانوا في أرضهم، واليوم جاء وقت الخروج إلى الأراضي البعيدة.
(ولا يزال) بالتحتانية، وفي نسخة: «تزال» بالفوقانية (من أمتي، أمة يقاتلون على الحق)، أي: لأجل إظهار الحق، (ويزيغ الله) بضم أوله، من الإزاغة، وهو الإمالة، والغالب استعماله في الميل عن الحق إلى الباطل، (لهم قلوب أقوام، ويرزقهم منهم) قال السندي: والمراد يميل الله تعالى لهم، أي: لأجل قتالهم، وسعادتهم قلوب أقوام عن الإيمان إلى الكفر؛ ليقاتلوهم، ويأخذوا مالهم.
ويحتمل: على بعد أن المراد يميل الله تعالى قلوب أقوام إليهم؛ ليعينوهم على القتال، ويرزق الله تعالى أولئك الأقوام المعينين من هؤلاء الأمة بسبب إحسان هؤلاء إلى أولئك.
فالمراد بالأمة: الرؤساء، وبالأقوام: الأتباع، وعلى الأول المراد بالأمة: المجاهدون من المؤمنين، وبالأقوام: الكفرة. والله تعالى أعلم.
(حتى تقوم الساعة) المراد أن تاتي علاماتها «الكبرى»، وذلك طلوع الشمس من مغربها، وذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها، لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا، والريح الطيبة التي يبعثها الله تعالى في آخر الزمان، تقبض روح كل مؤمن، ويبقى شرار الناس، فيتهارجون تهارج الحمر [“أي: يجامع رجالهم نساءهم علانية مثل الحمار” قاله الإتيوبي رحمه الله في حاشية ذخيرة العقبى.]، فعليهم تقوم الساعة، كما في الحديث الطويل في «صحيح مسلم» في خبر الدجال، من «كتاب الفتن».
(وحتى يأتي وعد الله) أي: ما وعده من قيام الساعة، فيكون العطف على سابقه، من عطف المؤكد على المؤكد.
(والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) جاء تفسير الخير في حديث آخر عند البخاري، وغيره من حديث عروة البارقي رضي الله عنه: أن النبي ? قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والمغنم». وقوله: «الأجر والمغنم» بدل من «الخير»، أو خبر مبتدإ محذوف، أي: هو الأجر والمغنم. ووقع عند مسلم من رواية جرير، عن حصين، قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: «الأجر والمغنم».
والمراد بالخيل هنا: ما يتخذ للغزو، بأن يقاتل عليه، أو يرتبط لأجل ذلك؛ لقوله في الحديث الآتي: «الخيل ثلاثة … » الحديث، فقد روى أحمد من حديث أسماء بنت يزيد – رضي الله تعالى عنها -، مرفوعا: «الخيل في نواصيها الخير معقود إلى يوم القيامة، فمن ربطها عدة في سبيل الله، وأنفق عليها احتسابا، كان شبعها، وجوعها، وريها، وظمؤها، وأرواثها، وأبوالها فلاحا في موازينه يوم القيامة … » الحديث.
قال الطيبي: يحتمل أن يكون الخير الذي فسر “بالأجر والمغنم” استعارة لظهوره، وملازمته. وخص “الناصية” لرفعة قدرها، وكأنه شبهه لظهوره بشيء محسوس معقود على مكان مرتفع، فنسب الخير إلى لازم المشبه به، وذكر الناصية تجريدا للاستعارة.
والمراد بالناصية هنا الشعر المسترسل على الجبهة. قاله الخطابي وغيره. قالوا: ويحتمل: أن يكون كنى بالناصية عن جميع ذات الفرس، كما يقال: فلان مبارك الناصية. ويبعده لفظ الحديث، فقد روى مسلم من حديث جرير رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله ? يلوي ناصية فرسه بأصبعه، ويقول … » فذكر الحديث. فيحتمل أن تكون الناصية خصت بذلك؛ لكونها المقدم منها، إشارة إلى أن الفضل في الإقدام بها على العدو، دون المؤخر؛ لما فيه من الإشارة إلى الإدبار. ذكره في «الفتح». [«فتح» (6) / (143) – (144)].
(وهو يوحى إلي أني مقبوض) يحتمل أن يكون «هو» ضمير راجعا إلى الله تعالى، و «يوحي» -بكسر الحاء المهملة مبنيا للفاعل-: أي: يوحي الله تعالى إلي بأني سأموت قريبا. ويحتمل: أن يكون ضمير الشأن، و «يوحى» مبنييا للمفعول: أي: الشأن أنه يوحى إلي كوني ميتا عن قريب. والله تعالى أعلم.
(غير ملبث) برفع «غير» صفة لـ «مقبوض»، و «ملبث» اسم مفعول من لبثه غيره، أو من لبثه بالتشديد، أي: غير مؤخر في الدنيا، بل أنتقل للدار الآخرة. (وأنتم تتبعوني) أي: تكونون بعدي، فإن التابع يكون بعد المتبوع، أو تلحقون بي بالموت. (أفنادا) -بفتح الهمزة- جمع فند -بكسر الفاء، وسكون النون، بعدها دال مهملة- كحمل وأحمال. قال ابن الأثير: أي: جماعات متفرقين، قوما بعد قوم، واحدهم فند. والفند: الطائفة من الليل. ويقال: هو فند على حدة: أي: فئة. انتهى [«النهاية» (3) / (475)].
(يضرب بعضكم رقاب بعض) جملة في محل نصب لـ «أفنادا» (وعقر دار المؤمنين الشام). قال ابن الأثير: بضم العين، وفتحها: أي: أصلها، وموضعها، كأنه أشار إلى وقت الفتن، أي: تكون الشام يومئذ أمنا منها، وأهل الإسلام بها أسلم انتهى [«النهاية» (3) / (271)]. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
وحديث سلمة بن نفيل – رضي الله تعالى عنه – هذا صحيح.
[ذخيرة العقبى في شرح المجتبى، (29/ 352 – 357)]. وانظر: تحفة الأحوذي فيما يتعلق بأبواب الخيل.
والثالث: المسائل والأحكام:
(المسألة الأولى): خلاصة فقه الباب
1) الرد على اعتقاد انتهاء الجهاد:
يفهم من الأحاديث أن الجهاد لا ينتهي مع مرور الزمن، بل هو مستمر حتى قيام الساعة. يعزز الحديثان هذه الفكرة بوضوح، حيث يردان على الذين يزعمون انتهاء الجهاد بعد فترة معينة.
وانظر نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (9/ 4145) وما بعدها عن: التخلف (القعود) عن الجهاد، وما ورد من النصوص الشرعية والآثار في ذم ذلك، ومضاره.
2) وجود الطائفة الباقية على الحق:
يؤكد الحديثان على وجود مجموعة من المسلمين على الحق حتى آخر الزمان، وأنهم سيستمرون في قتال الباطل وحماية الحق.
[انظر]: عن الطائفة المنصورة:
– فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين (2/ 1317) مصحح ((1)).
– وفي فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند (ج2/ رقم 1079) تم ذكر ما يتعلق بالطائفة المنصورة، وعن فضائل ومناقب الشام.
3) الخير في الخيل:
يشير الحديث إلى أن الخيل ستظل رمزاً للخير، ولها مكانة خاصة في الجهاد حتى يوم القيامة.
وانظر فيما جاء عن الخيل: فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند (114).
4) الشام كموطن للمؤمنين:
يشير النص إلى أن الشام ستكون عقر دار المؤمنين، وهو ما يعزز من أهمية الشام في سياق الفتن والأحداث المستقبلية.
[انظر]: التعليق على الصحيح المسند (ج2/ رقم 1079) تم ذكر ما يتعلق بالطائفة المنصورة، وعن فضائل ومناقب الشام.
وانظر: عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند ((151)).
وسيأتي في الفوائد ذكر شيء فما يتعلق بهذه الأمور.
(المسألة الثانية): الرد على بعض الإشكالات والشبهات:
1) الإشكال حول انتهاء الجهاد:
الرد على الإشكال حول انتهاء الجهاد يكون بالتأكيد على أن الأحاديث توضح بجلاء استمرار الجهاد طالما أن هناك طائفة على الحق.
وهذا يرد على الفهم الخاطئ بخصوص انتهاء الجهاد بعد فترة معينة.
2) الطعن في صحة الأحاديث:
قد يثار الطعن في صحة الأحاديث بناءً على سلسلة الإسناد أو بعض الرواة. ولكن الأحاديث قد بين أهل العلم ما يرد على ذلك.
(المسألة الثانية): فيما يتعلق بالطائف المنصورة
1) مناظرة عبد الله بن عمرو وعقبة بن عامر في هذا الحديث:
وقد جرت مناظرة بين عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وبين عقبة بن عامر رضي الله عنه في حديث: «لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس»، والتوفيق بينه وبين الحديث الوارد في الطائفة المنصورة. أخرجها الإمام مسلم في صحيحه [وقد أشار إلى هذه المناظرة الحافظ في الفتح ((13) / (77)) وعزاها للحاكم، وفاته في هذا الموضع أنها في صحيح مسلم، لكنه ذكرها بعد ذلك في الفتح ((13) / (294)) وعزاها لمسلم] عن عبد الرحمن بن شماسة المهري، قال: كنت عند مسلمة بن مخلد رضي الله عنه، وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، فقال عبد الله: «لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، هم شر من أهل الجاهلية، لا يدعون الله بشيء إلا رده عليهم»، فبينما هم على ذلك أقبل عقبة بن عامر رضي الله عنه، فقال له مسلمة: يا عقبة، اسمع ما يقول عبد الله، فقال عقبة: هو أعلم، وأما أنا فسمعت رسول الله ?، يقول: «لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوهم، لا يضرهم من خالفهم، حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك»، فقال عبد الله رضي الله عنه: أجل، «ثم يبعث الله ريحا كريح المسك مسها مس الحرير، فلا تترك نفسا في قلبه مثقال حبة من الإيمان إلا قبضته، ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة» [صحيح مسلم ((1924)) ووهم الحاكم فاستدركه ((8409)) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه].
2) ذكر حديث الطائفة المنصورة وبيان عدم معارضته للحديث السابق:
وحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه المذكور حديث متواتر النقل عن النبي ?، فقد رواه جماعة من الصحابة غير عقبة رضي الله عنه أجمعين، ومنهم:
((1)) المغيرة بن شعبة رضي الله عنه وحديثه رواه الشيخان في صحيحيهما عنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ? يقول: «لن يزال قوم من أمتي ظاهرين على الناس، حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون» [صحيح البخاري ((3640)، (7311)، (7459)) وصحيح مسلم ((1921)) واللفظ له].
((2)) وروياه أيضا من حديث معاوية رضي الله عنه أنه قال على المنبر سمعت رسول الله ? يقول: «لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس»، وفي رواية: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، ولا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم، إلى يوم القيامة» [صحيح البخاري ((3116)، (7460)) وصحيح مسلم ((1037))].
ورواه مسلم أيضا من حديث: ثوبان وجابر بن سمرة وجابر بن عبد الله وعقبة بن عامر وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
((3)) فأما حديث ثوبان رضي الله عنه فلفظه: قال: قال رسول الله ?: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك» [صحيح مسلم ((1920))].
((4)) وأما حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه فقوله: عن النبي ? أنه قال: «لن يبرح هذا الدين قائما، يقاتل عليه عصابة من المسلمين، حتى تقوم الساعة» [المرجع السابق ((1922))].
((5)) وأما حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فلفظه: سمعت رسول الله ? يقول: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة» [المرجع السابق ((1923))].
((6)) وأما حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقوله: قال رسول الله ?: «لا يزال أهل الغرب [قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ((4) / (446)): قال الإمام أحمد: وأهل الغرب هم أهل الشام. وذلك أن النبي ? كان مقيما بالمدينة فما يغرب عنها فهو غربه وما يشرق عنها فهو شرقه … إلخ.]. ظاهرين على الحق، حتى تقوم الساعة» [المرجع السابق ((1925))].
وجاء الحديث في غير الصحيحين أيضا:
((7)) فرواه النسائي وأحمد عن سلمة بن نفيل الكندي رضي الله عنه، قال: كنت جالسا عند رسول الله ? فقال رجل: يا رسول الله، أذال الناس الخيل …. وعقر دار المؤمنين الشام» [سنن النسائي ((3561)) ومسند أحمد ((16965)). وصححه الألباني في الصحيحة ((1935))].
((8)) ورواه الترمذي وابن ماجه وأحمد عن معاوية بن قرة بن إياس عن أبيه رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله ? «لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة». [سنن الترمذي ت شاكر ((2192)) وسنن ابن ماجه ((6)) ومسند أحمد ((15596)). وزاد الترمذي وأحمد في أوله: «إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم … ». قال الترمذي: قال محمد بن إسماعيل -يعني البخاري-: قال علي بن المديني: هم أصحاب الحديث ا. هـ وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح ا. هـ وصححه الألباني في الصحيحة ((403)) والجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين ((1))].
((9)) ورواه ابن ماجه وأحمد بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ?: قال: «لا تزال طائفة من أمتي قوامة على أمر الله، لا يضرها من خالفها» هذا لفظ ابن ماجه؛ ولفظ أحمد: «لا يزال لهذا الأمر -أو على هذا الأمر-عصابة على الحق، ولا يضرهم خلاف من خالفهم، حتى يأتيهم أمر الله» [سنن ابن ماجه ((7)) ومسند أحمد ((8274)). وحسنه الألباني في الصحيحة ((1962))].
((10)) وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ?: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال» رواه أبو داود وأحمد وله في رواية: « … حتى يأتي أمر الله، وينزل عيسى ابن مريم». [سنن أبي داود ((2484))، ومسند أحمد ((19851)، (19895)، (19920)). وصححه الحاكم في المستدرك على الصحيحين ((2392)، (8391)) على شرط مسلم. ووافقه العلامة الألباني في الصحيحة ((1959))، وشيخنا الوادعي في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين. قلت: الحديث من رواية حماد بن سلمة عن قتادة عن مطرف عن عمران. والحافظ في التهذيب يقول: قال الحاكم: لم يخرج مسلم لحماد بن سلمة فى الأصول إلا من حديثه عن ثابت، وقد خرج له فى الشواهد عن طائفة ا. هـ وعلى هذا فلا يقال إنه على شرط مسلم وانظر: التعليق على حديث أبي هريرة رضي الله عنه في مبحث تتابع العلامات المتقدم].
((11)) وعن أبي عنبة الخولاني رضي الله عنه وكان قد صلى القبلتين، مع رسول الله ? قال: سمعت رسول الله ? يقول: «لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم في طاعته» رواه ابن ماجه وأحمد وصححه ابن حبان [سنن ابن ماجه ((8)) ومسند أحمد ((17787)). وصحيح ابن حبان ((326))، وحسنه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة ((2442))].
قلت: وأحق الناس بوصف الطائفة المنصورة المذكورة في هذه الأحاديث هم أهل الحديث كما نص على هذا أئمة السلف.
[قال الإمام عبد الله بن المبارك: هم عندي أصحاب الحديث. [رواه أبو طاهر السلفي في المشيخة البغدادية (ص: (23)) والخطيب في شرف أصحاب الحديث (ص: (26)) عن أبي بكر بن أبي داود، قال: حدثنا أبي، عن سعيد بن يعقوب الطالقاني، أو غيره، عن ابن المبارك به. وسنده صحيح لولا الشك عن الطالقاني]. وقال الإمام أحمد: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم. [رواه الحاكم في المعرفة – ومن طريقه العلائي في إثارة الفوائد ((1) / (82)) – وصحح إسناده الحافظ في الفتح. وأخرجه أيضا الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (ص (25) و (27)) من طريقين عن الإمام أحمد، وهو مشهور عن الإمام أحمد ذكره غير واحد من العلماء والشراح عنه]. وروي عن الحافظ الثقة -شيخ الإمام أحمد-؛ يزيد بن هارون الواسطي المخرج له في الكتب السنة: مثله. [رواه عنه -بسند ضعيف-، الرامهرمزي في المحدث الفاصل ت أبو زيد» ((25))، والخطيب في شرف أصحاب الحديث (ص: (26)) وأبو القاسم قوام السنة في كتاب الحجة ((1) / (263) عند الحديث رقم (99)). وانظر فتح الباري ((13) / (293))]، وقال إمام أهل عصره في الحديث والعلل علي ابن المديني -شيخ البخاري-: هم أصحاب الحديث ا. هـ[رواه الترمذي عن البخاري عنه. انظر: سنن الترمذي ((4) / (485) / عقب حديث رقم (2192))]. وقال الإمام البخاري: في صحيحه ((9) / (101))، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: باب قول النبي ?: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق» يقاتلون: وهم أهل العلم]. وفي رواية عنه قال: هم أهل الحديث. [أسنده عنه قوام السنة في الحجة في بيان المحجة ((1) / (263))] وفي رواية أخرى عنه: وعنه أيضا: أنهم المعنيون بقوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} [كما في خلق أفعال العباد (ص (60))]؛ وقال الحافظ الثقة أحمد بن سنان الواسطي (ت: (259) هـ): هم أهل العلم وأصحاب الآثار ا.
هـ[رواه الخطيب في شرف أصحاب الحديث (ص: (27)) وأبو القاسم في الحجة ((1) / (263)) بسند صحيح عنه]؛ وكل هذه التفاسير صحيحة فهي متفقة على أن المراد بهذه الطائفة: هم أهل العلم بالحديث والسنة. وهم كما قال ابن رجب: من حفظ الحديث وعلمه وعمل به، لا من اقتصر على طلبه «[فضائل الشام» مجموع رسائل ابن رجب ((3) / (220))]. وقال الحافظ أبو عبد الله الحاكم: -لما نقل تفسير الإمام أحمد المتقدم-: (وفي مثل هذا قيل: من أمر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحق فلقد أحسن أحمد بن حنبل في تفسير هذا الخبر أن الطائفة المنصورة التي يرفع الخذلان عنهم إلى قيام الساعة هم أصحاب الحديث، ومن أحق بهذا التأويل من قوم سلكوا محجة الصالحين، واتبعوا آثار السلف من الماضين ودمغوا أهل البدع والمخالفين بسنن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله أجمعين … إلخ) [«معرفة علوم الحديث» (ص (2))]].
وهذه الأحاديث لا تعارض ما تقدم من قوله ?: «لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس».
قال القاضي عياض رحمه الله: ….. وأن أولئك يموتون بين يديها، فلا تقوم حينئذ إلا على شرار الخلق، ومن لا يؤمن بالله ا. هـ[«إكمال المعلم بفوائد مسلم» ((6) / (349)) وانظر: «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» ((3) / (764))، «فتح الباري لابن حجر» ((13) / (77)، (294))].
وهذا الأخير هو الذي ارتضاه الحافظ فقال: هذا أولى ما يتمسك به في الجمع بين الحديثين المذكورين ا. هـ. [فتح الباري ((13) / (294))].
ويتأكد هذا الجمع بما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح الإمام مسلم أيضا- أن النبي ? قال: «لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى» قالت: فقلت: يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ((33))} [التوبة] أن ذلك تاما قال: «إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ثم يبعث الله ريحا طيبة، فتوفى كل من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم» [صحيح مسلم ((2907))].
وفي الصحيحين [صحيح البخاري ((7116)) وصحيح مسلم ((2906))] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ?: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس، حول ذي الخلصة» وكانت صنما تعبدها دوس في الجاهلية بتبالة. [ينظر: «أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعا ودراسة» (ص (571)) للدكتور سليمان الدبيخي]. [ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان، لغازي بن سالم أفلح، (6/ 17 – 23)، بتصرف يسير].
والرابع: خلاصة فقه وفوائد الباب:
1 – (منها): ما ترجم له النسائي رحمه الله تعالى، وهو بيان فضل الخيل.
2 – (منها): بيان استحباب رباط الخيل، واقتنائها للغزو، وقتال أعداء الله تعالى.
3 – (ومنها): أن الجهاد قائم إلى قيام الساعة، والمراد قربها، وهو وقت مجيئ العلامات «الكبرى» كما مر بيانه آنفا، ففيه بشرى ببقاء الإسلام، وأهله إلى يوم القيامة؛ لأن من لازم بقاء الجهاد بقاء المجاهدين، وهم المسلمون.
وقد وردت أحاديث كثيرة بمعناه:
[فمنها]: حديث المغيرة رضي الله عنه، مرفوعا: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين، حتى يأتيهم أمر الله، وهم ظاهرون». متفق عليه.
[ومنها]: «حديث معاوية رضي الله عنه، مرفوعا:» لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس «.
[ومنها]: حديث ثوبان رضي الله عنه، مرفوعا:» لا تزال طائفة من أمتي، ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله، وهم كذلك». أخرجه مسلم.
[ومنها]: حديث جابر رضي الله عنه، مرفوعا: «لا تزال طائفة من أمتي، يقاتلون على الحق، ظاهرين إلى يوم القيامة، فينزل عيسى بن مريم عليه السلام، فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمير، تكرمة الله لهذه الأمة». أخرجه مسلم.
[ومنها]: حديث عمران بن حصين – رضي الله تعالى عنهما -، مرفوعا: «لا تزال طائفة من أمتي، يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال». أخرجه أحمد، وأبو داود، وصححه الحاكم.
[ومنها]: حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه، مرفوعا: «لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على الحق، لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة، وهم على ذلك». أخرجه مسلم.
[ومنها]: حديثه أيضا مرفوعا: «لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله، قاهرين لعدوهم، لا يضرهم من خالفهم، حتى تاتيهم الساعة، هم على ذلك». أخرجه مسلم. وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة في هذا المعنى. والله تعالى أعلم.
4 – (ومنها): بيان أن فضلها، وخيرها، والجهاد عليها باق إلى يوم القيامة، قال ابن عبد البر رحمه الله: وقد استدل جماعة من العلماء بأن الجهاد ماض إلى يوم القيامة، تحت راية كل بر وفاجر من الأئمة بهذا الحديث؛ لأنه قال فيه: «إلى يوم القيامة»، ولا وجه لذلك إلا الجهاد في سبيل الله تعالى. انتهى [التمهيد، لابن عبد البر (14) / (97)].
وقال البخاري رحمه الله في «صحيحه»: «باب الجهاد ماض مع البر والفاجر»؛ لقول النبي ?: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة»، قال في «الفتح»: سبقه إلى الاستدلال بهذا: الإمام أحمد؛ لأنه ? ذكر بقاء الخير في نواصي الخيل إلى يوم القيامة، وفسره بالأجر والمغنم، والمغنم المقترن بالأجر إنما يكون من الخيل بالجهاد، ولم يقيد ذلك بما إذا كان الإمام عادلا، فدل على أن لا فرق في حصول هذا الفضل بين أن يكون الغزو مع الإمام العادل، أو الجائر.
قال: وفي الحديث: الترغيب في الغزو على الخيل، وفيه أيضا: بشرى ببقاء الإسلام وأهله إلى يوم القيامة؛ لأن من لازم بقاء الجهاد بقاء المجاهدين، وهم المسلمون، وهو مثل الحديث الآخر: «لا تزال طائفة من أمتي، يقاتلون على الحق. . .» الحديث.
قال: واستنبط منه الخطابي إثبات سهم للفرس، يستحقه الفارس من أجله، قال الحافظ: فإن أراد السهم الزائد للفارس على الراجل، فلا نزاع فيه، وإن أراد أن للفرس سهمين غير سهم راكبه، فهو محل النزاع، ولا دلالة من الحديث عليه. انتهى [«الفتح» (7) / (122) – (123)، كتاب «الجهاد» رقم ((2852))].
5 – (ومنها): ما قاله الخطابي رحمه الله: وفيه إشارة إلى أن المال الذي يكتسب باتخاذ الخيل من خير وجوه الأموال، وأطيبها، والعرب تسمي المال خيرا.
6 – (ومنها): أن فيه إشارة إلى تفضيل الخيل على غيرها من الدواب؛ لأنه لم يأت عنه ? في شيء غيرها مثل هذا القول، وقد أخرج النسائي عن أنس بن مالك رحم الله: «لم يكن شيء أحب إلى رسول الله ? من الخيل»، قال ابن عبد البر رحمه الله: في هذا الحديث الحض على اكتساب الخيل، وتفضيلها على سائر الدواب؛ لأنه ? لم يأت عنه في غيرها مثل هذا القول، وبذلك تعظيم منه لشأنها، وحض على اكتسابها، وندب إلى ارتباطها في سبيل الله، عدة للقاء العدو، إذ هي أقوى الآلات في جهاده، فهذه الخيل المعدة للجهاد هي التي في نواصيها الخير، وأما إذا كانت معدة للفتن، وقتل المسلمين، وسلبهم، وتفريق جمعهم، وتشريدهم عن أوطانهم، فتلك خيل الشيطان، وأربابها حزبه، وفي مثلها – والله أعلم – ورد أن اكتسابها وزر على صاحبها؛ لأنه قد جاء عنه أنها قد تكون وزرا لمن لم يرتبطها، ويجاهد عليها، وكان قد اتخذها فخرا، ومناوأة للمسلمين، وأذى لهم، وعونا عليهم، قال: وإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أن ندبه إلى اكتسابها من أجل جهاد العدو عليها، والله أعلم. انتهى [«التمهيد» لابن عبد البر (14) / (96) – (97)].
7 – (ومنها): أنه استدل به على أن الذي ورد فيها من الشؤم [حديث: «إنما الشؤم في ثلاثة» سيأتي البحث فيه مستوفى في كتاب «السلام» – إن شاء الله تعالى -] على غير ظاهره، لكن يحتمل أن يكون المراد هنا: جنس الخيل؛ أي: أنها بصدد أن يكون فيها الخير، فأما من ارتبطها لعمل غير صالح فحصول الوزر لطريان ذلك الأمر العارض، قاله في «الفتح» [«الفتح» (7) / (119)، كتاب «الجهاد» رقم ((2849))].
وقال النووي رحمه الله: وأما الحديث الآخر: الشؤم قد يكون في الفرس فالمراد به: غير الخيل المعدة للغزو ونحوه، أو أن الخير والشؤم يجتمعان فيها، فإنه فسر الخير بالأجر والمغنم، ولا يمتنع مع هذا أن يكون الفرس مما يتشاءم به. انتهى [«شرح النووي» (13) / (16) – (17)]، والله تعالى أعلم.
8 – (ومنها): أن فيه علما من أعلام النبوة، حيث إنه ? حدث بما سيكون بعده في أمته، من قتال بعضهم بعضا.
9 – (ومنها): ما قال عياض: في قوله ?: «الخيل معقود في نواصيها الخير» مع وجيز لفظه من البلاغة، والعذوبة ما لا مزيد عليه في الحسن، مع الجناس السهل الذي بين الخيل والخير.
10 – (ومنها): أن فيه تفضيل الخيل على غيرها من الدواب؛ لأنه لم يأت عنه ? في شيء غيرها مثل هذا القول. قاله ابن عبد البر. وسيأتي للنسائي – (2) / (3591) – حديث أنس رضي الله عنه: «لم يكن شيء أحب إلى رسول الله ? بعد النساء من الخيل».
11 – (ومنها): أن فيه إشارة إلى أن المال الذي يكتسب باتخاذ الخيل من خير وجوه الأموال، وأطيبها، والعرب تسمي المال خيرا. كما قيل في قوله تعالى: {إن ترك خيرا الوصية}. قاله الخطابي.
12 – (ومنها): أن الإمام البخاري رحمه الله تعالى استدل في «صحيحه» بقوله ?: «الخيل مقعود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة» أن الجهاد ماض مع البر والفاجر.
وقد سبقه إلى هذا الاستدلال الإمام أحمد رحمه الله تعالى، ووجه ذلك: أنه ? ذكر بقاء الخير في نواصي الخيل إلى يوم القيامة، وفسره بالأجر والمغنم، والمغنم المقترن بالأجر إنما يكون من الخيل بالجهاد، ولم يقيد ذلك بما إذا كان الإمام عادلا، فدل على أن لا فرق في حصول هذا الفضل بين أن يكون الغزو مع الإمام العادل أو الجائر. أفاده في «الفتح» [«فتح» (6) / (144)].
13 – (ومنها): أن الخطابي -رحمه الله تعالى- استنبط منه إثبات سهم للفرس، يستحقه الفارس من أجله. قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: فإن أراد السهم الزائد للفارس على الراجل، فلا نزاع فيه، وإن أراد أن للفرس سهمين، غير سهم راكبه، فهو محل النزاع، ولا دلالة من الحديث عليه. انتهى [«فتح» (6) / (144) – (145)]. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل. [ذخيرة العقبى في شرح المجتبى، (29/ 357 – 359)].
14 – (ومنها): “الشام له مكانة خاصة كعقر دار المؤمنين، مما يعكس أهمية هذه المنطقة في نصوص السنة النبوية”.
15 – قاله الخطّابيّ. (ومنها): أن الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- استدلّ في «صحيحه» بقوله ?: «الخيل مقعود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة» أن الجهاد ماضٍ مع البرّ والفاجر. وقد سبقه إلى هذا الاستدلال الإمام أحمد -رحمه اللَّه تعالى-، ووجه ذلك أنه ? ذكر بقاء الخير في نواصي الخيل إلى يوم القيامة، وفسّره بالأجر والمغنم، والمغنمُ المقترنُ بالأجر إنما يكون من الخيل بالجهاد، ولم يقيّد ذلك بما إذا كان الإمام عادلًا، فدلّ على أن لا فرق في حصول هذا الفضل بين أن يكون الغزو مع الإمام العادل، أو الجائر.
من شرح الأتيوبي على سنن النسائي، م (29) ص (385).