573 الى 577 تحضير سنن الترمذي
جمع أحمد بن علي وعبدالله المشجري وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد ومحمد سيفي وسلطان الحمادي
_______
بَابٌ فِي السَّجْدَةِ فِي: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: (1)]، وَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: (1)]
(573) – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «سَجَدْنَا مَعَ (463) رَسُولِ اللَّهِ فِي اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ، وَإِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ»
[حكم الألباني]: صحيح
(574) – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ مِثْلَهُ، حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ: يَرَوْنَ السُّجُودَ فِي: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ وَفِي الحَدِيثِ أَرْبَعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ،
[حكم الألباني]: صحيح
بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّجْدَةِ فِي النَّجْمِ
(575) – حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ البَزَّازُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ فِيهَا – يَعْنِي النَّجْمَ – وَالمُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَالجِنُّ وَالإِنْسُ» (465) وَفِي البَابِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ: «حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»، «وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ: يَرَوْنَ السُّجُودَ فِي سُورَةِ النَّجْمِ «،» وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ وَغَيْرِهِمْ: لَيْسَ فِي المُفَصَّلِ سَجْدَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَالقَوْلُ الأَوَّلُ أَصَحُّ، وَبِهِ يَقُولُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ»
[حكم الألباني]: صحيح
بَابُ مَا جَاءَ مَنْ لَمْ يَسْجُدْ فِيهِ
(576) – حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: «قَرَاتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ النَّجْمَ، فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا»: «حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» وَتَأَوَّلَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ هَذَا الحَدِيثَ، فَقَالَ: إِنَّمَا تَرَكَ النَّبِيُّ السُّجُودَ لِأَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حِينَ قَرَأَ، فَلَمْ يَسْجُدْ لَمْ يَسْجُدِ النَّبِيُّ ، وَقَالُوا: السَّجْدَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا، فَلَمْ يُرَخِّصُوا فِي تَرْكِهَا، وَقَالُوا: إِنْ سَمِعَ الرَّجُلُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَإِذَا تَوَضَّأَ سَجَدَ، (467) وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ، وَأَهْلِ الكُوفَةِ، وَبِهِ يَقُولُ إِسْحَاقُ «،» وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ فِيهَا، وَالتَمَسَ فَضْلَهَا، وَرَخَّصُوا فِي تَرْكِهَا إِنْ أَرَادَ ذَلِكَ، وَاحْتَجُّوا بِالحَدِيثِ المَرْفُوعِ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ النَّجْمَ، فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا، فَقَالُوا: لَوْ كَانَتِ السَّجْدَةُ وَاجِبَةً لَمْ يَتْرُكِ النَّبِيُّ زَيْدًا حَتَّى كَانَ يَسْجُدَ، وَيَسْجُدَ النَّبِيُّ «،» وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عُمَرَ أَنَّهُ قَرَأَ سَجْدَةً عَلَى المِنْبَرِ، فَنَزَلَ فَسَجَدَ، ثُمَّ قَرَأَهَا فِي الجُمُعَةِ الثَّانِيَةَ، فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ، فَقَالَ: إِنَّهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ، فَلَمْ يَسْجُدْ، وَلَمْ يَسْجُدُوا، (468) فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى هَذَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ ”
[حكم الألباني]: صحيح
بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّجْدَةِ فِي ص
(577) – حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَسْجُدُ فِي ص»، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «وَلَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ»: (470) «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ وَغَيْرِهِمْ فِي هَذَا، فَرَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَسْجُدَ فِيهَا، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ، وَابْنِ المُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهَا تَوْبَةُ نَبِيٍّ، وَلَمْ يَرَوْا السُّجُودَ فِيهَا»
[حكم الألباني]: صحيح
______________
قال الطحاوي:
بَابُ الْمُفَصَّلِ هَلْ فِيهِ سُجُودٌ أَمْ لَا
2070 – حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «عَرَضَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم النَّجْمُ فَلَمْ يَسْجُدْ أَحَدٌ مِنَّا»
2071 – حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْجِيزِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو زُرْعَةَ، قَالَ: أنا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: أنا أَبُو صَخْرٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
2072 – حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، ح.
2073 – وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ قَوْمٌ فَقَلَّدُوهُ، فَلَمْ يَرَوْا فِي النَّجْمِ سَجْدَةً. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، فَقَالُوا: بَلْ فِيهَا سَجْدَةٌ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُ لَا سُجُودَ فِيهَا، لِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَرْكُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم السُّجُودَ فِيهَا حِينَئِذٍ ; لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَلَمْ يَسْجُدْ لِذَلِكَ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَرَكَهُ لِأَنَّهُ كَانَ فِي وَقْتٍ لَا يَحِلُّ فِيهِ السُّجُودُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَرْكُهُ، لِأَنَّ الْحُكْمَ كَانَ عِنْدَهُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ، أَنَّ مَنْ شَاءَ سَجَدَ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَرَكَهُ، لِأَنَّهُ لَا سُجُودَ فِيهَا. فَلَمَّا احْتَمَلَ تَرْكُهُ لِلسُّجُودِ كُلَّ مَعْنَى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي، لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَدِيثُ بِمَعْنًى مِنْهَا، أَوْلَى مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا بِدَلَالَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ. وَلَكِنَّا نَحْتَاجُ إِلَى أَنْ نُفَتِّشَ مَا بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْأَحَادِيثِ لِنَلْتَمِسَ حُكْمَ هَذِهِ السُّورَةِ، هَلْ فِيهَا سُجُودٌ أَوْ لَا سُجُودَ فِيهَا. فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ
2074 – فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا وَهْبٌ ح
2075 – وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَا: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ” أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ وَالنَّجْمِ فَسَجَدَ فِيهَا، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا سَجَدَ، إِلَّا شَيْخٌ كَبِيرٌ، أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَقَالَ: هَذَا يَكْفِينِي. قَالَ عَبْدُ اللهِ: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ، قُتِلَ كَافِرًا ”
2076 …..
2081 – حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: ثنا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ وَدَاعَةَ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ النَّجْمَ بِمَكَّةَ، فَسَجَدَ، فَلَمْ أَسْجُدْ مَعَهُ لِأَنِّي كُنْتُ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ، فَلَنْ أَدَعَهَا أَبَدًا» فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ تَحْقِيقُ السُّجُودِ فِيهَا، وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرْنَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ فِيهَا سَجْدَةٌ فَهَذِهِ أَوْلَى، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْجَدَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ سُجُودٍ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ السُّجُودُ فِي مَوْضِعِهِ، لِعَارِضٍ مِنَ الْعَوَارِضِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً أَيْضًا تَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا سُجُودَ فِيهَا
2082 – فَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ اللِّهْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَأَلَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ: ” هَلْ فِي الْمُفَصَّلِ سَجْدَةٌ؟ قَالَ: لَا ”
قَالَ: فَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَدْ قَرَأَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ كُلَّهُ، فَلَوْ كَانَ فِي الْمُفَصَّلِ سُجُودٌ إِذًا لَعَلَّمَهُ سُجُودَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ، لِمَا أَتَى عَلَيْهِ فِي تِلَاوَتِهِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي هَذَا عِنْدَنَا لِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ ذَلِكَ فِيهِ، لِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ.
وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ إِلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَإِلَى أَنَّ التَّالِيَ لَا يَضُرُّهُ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ
فَمِمَّا رُوِيَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ
2083 – مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ. ح
2084 – وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَرَأَ السَّجْدَةَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَنَزَلَ فَسَجَدَ، وَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ قَرَأَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، فَتَهَيَّئُوا لِلسُّجُودِ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «عَلَى رِسْلِكُمْ إِنَّ اللهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ، فَقَرَأَهَا وَلَمْ يَسْجُدْ، وَمَنَعَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا»
2085 – حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: مَرَّ سَلْمَانُ بِقَوْمٍ قَدْ قَرَءُوا بِالسَّجْدَةِ، فَقِيلَ: أَلَا تَسْجُدُ؟ فَقَالَ: «إِنَّا لَمْ نَقْصِدْ لَهَا»
2086 – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: لَقَدْ قَرَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ السَّجْدَةَ، وَأَنَا شَاهِدٌ، فَلَمْ يَسْجُدْ. فَقَامَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فَسَجَدَ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ إِذْ قَرَاتُ السَّجْدَةَ؟ فَقَالَ: «إِذَا كُنْتُ فِي صَلَاةٍ سَجَدْتُ، وَإِذَا لَمْ أَكُنْ فِي صَلَاةٍ فَإِنِّي لَا أَسْجُدُ»
فَهَؤُلَاءِ الْجِلَّةُ لَمْ يَرَوْهَا وَاجِبَةً. وَهَذَا هُوَ النَّظَرُ عِنْدَنَا، لِأَنَّا رَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا قَرَأَهَا وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، أَوْمَأَ بِهَا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهَا عَلَى الْأَرْضِ، فَكَانَتْ هَذِهِ صِفَةَ التَّطَوُّعِ، لَا صِفَةَ الْفَرْضِ، لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يُصَلَّى إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ، وَالتَّطَوُّعُ يُصَلَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ. وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ رضي الله عنهم يَذْهَبُونَ فِي السُّجُودِ إِلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَيَقُولُونَ: هِيَ وَاجِبَةٌ فَثَبَتَ بِهَا وَصْفُنَا أَنَّ مَا ذَكَرُوا عَنْ أُبَيٍّ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنْ لَا سُجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَانَ فِي السُّجُودِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَسَلْمَانَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، فَتَرَكَ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ لِذَلِكَ. وَلَعَلَّهُ أَيْضًا لَمْ يَسْجُدْ فِي تِلَاوَةِ مَا فِيهِ سُجُودٌ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ الْمُفَصَّلِ. وَقَدْ خَالَفَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
2087 – حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا وَهْبٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه قَالَ: «إِنَّ عَزَائِمَ السُّجُودِ الم تَنْزِيلُ وَحم وَالنَّجْمِ وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ»
2088 – حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
2089 – حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: ” صَلَّى بِنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه الْفَجْرَ بِمَكَّةَ، فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِ النَّجْمِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ: إِذَا زُلْزِلَتْ ”
… فَهَؤُلَاءِ قَدْ خَالَفُوا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ: لَا سُجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ
2105 – وَقَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: أنا شَرِيكٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: ” أَيَّ قِرَاءَةٍ تَقْرَأُ؟. قُلْتُ: الْقِرَاءَةَ الْأُولَى قِرَاءَةَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ، فَقَالَ: هِيَ الْقِرَاءَةُ الْآخِرَةُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي كُلِّ عَامٍ، قَالَ: أُرَاهُ، قَالَ: فِي كُلِّ شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، عَرَضَهُ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ، فَشَهِدَ عَبْدُ اللهِ مَا نُسِخَ وَمَا بُدِّلَ ”
فَهَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه حَضَرَ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ، فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَعَلِمَ مَا نُسِخَ وَمَا بُدِّلَ. فَإِنْ كَانَ فِي قِرَاءَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ أُبَيًّا قَدْ عَلِمَ مَا فِيهِ مِنَ السُّجُودِ مِنَ الْقُرْآنِ، حَتَّى صَارَ قَوْلُهُ: «لَا سُجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ» دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ كَذَلِكَ، كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ حُضُورَ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قِرَاءَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ مَا فِيهِ السُّجُودُ مِنَ الْقُرْآنِ، فَصَارَ قَوْلُهُ: «إِنَّ الْمُفَصَّلَ مِنَ السُّجُودِ» مَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُ حُجَّةٌ. وَقَالَ قَوْمٌ: قَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِي الْمُفَصَّلِ بِمَكَّةَ، فَلَمَّا هَاجَرَ، تَرَكَ ذَلِكَ. وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مِنْ طَرِيقٍ ضَعِيفٍ، لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ، وَرَوَوْا عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ: «إِنَّهُ لَا سُجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ»
2106 – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: ثنا الْخَصِيبُ قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: «أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ، فَلَمْ يُعِدْ عَلَيْهِ فِي الْمُفَصَّلِ شَيْئًا»
وَهَذَا عِنْدَنَا لَوْ ثَبَتَ، لَكَانَ فَاسِدًا، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَدْ رَوَيْنَا عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ سَجَدَ فِي النَّجْمِ وَأَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا ذَلِكَ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ. وَإِسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَلِقَاؤُهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَقَدْ رَوَيْنَا ذَلِكَ عَنْهُ فِي مَوَاضِعِهِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى فَسَادِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ تِلْكَ الْمَقَالَةِ. وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ أَيْضًا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِسُجُودِهِ فِي الْمُفَصَّلِ
2107 – فَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: ” سَجَدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ سَجْدَتَيْنِ ”
2108 …..
فَهَذَا أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَدْ تَوَاتَرَتْ عَنْهُ الرِّوَايَاتُ أَنَّهُ سَجَدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ. وَإِسْلَامُهُ إِنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَا هَاجَرَ لَمْ يَسْجُدْ فِي الْمُفَصَّلِ؟ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سُجُودِ الْمُفَصَّلِ أَيْضًا
2120 – مَا حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْجِيزِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَسْوَدِ، قَالَ: ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ الْكِنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُنَيْنٍ الْيَحْصُبِيِّ،: أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ سَجَدَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَفِي اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِيهِمَا»
فَهَذِهِ الْآثَارُ قَدْ تَوَاتَرَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالسُّجُودِ فِي الْمُفَصَّلِ فَبِهَا نَقُولُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى. وَأَمَّا النَّظَرُ فِي ذَلِكَ، عَلَى غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا السُّجُودَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ، هُوَ عَشْرُ سَجَدَاتٍ. مِنْهُنَّ فِي الْأَعْرَافِ وَمَوْضِعُ السُّجُودِ فِيهَا مِنْهَا قَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: 206]، وَمِنْهُنَّ الرَّعْدُ وَمَوْضِعُ السُّجُودِ عِنْدَ قَوْلِهِ عز وجل: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}، وَمِنْهُنَّ النَّحْلُ وَمَوْضِعُ السُّجُودِ مِنْهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ} إِلَى قَوْلِهِ {يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50] وَمِنْهُنَّ فِي سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَوْضِعُ السُّجُودِ مِنْهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} [الإسراء: 107] إِلَى قَوْلِهِ {خُشُوعًا} [الإسراء: 109]، وَمِنْهُنَّ سُورَةُ مَرْيَمَ وَمَوْضِعُ السُّجُودِ مِنْهَا عِنْدَ قَوْلِهِ: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58] وَمِنْهُنَّ سُورَةُ الْحَجِّ فِيهَا سَجْدَةٌ فِي أَوَّلِهَا عِنْدَ قَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
وَمِنْهُنَّ سُورَةُ الْفُرْقَانِ وَمَوْضِعُ السُّجُودِ مِنْهَا عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ} [الفرقان: 60] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. وَمِنْهُنَّ سُورَةُ النَّمْلِ فِيهَا سَجْدَةٌ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ} [النمل: 25] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. وَمِنْهُنَّ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ فِيهَا سَجْدَةٌ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ} [السجدة: 15] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. وَمِنْهُنَّ حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَمَوْضِعُ السُّجُودِ مِنْهَا، فِيهِ اخْتِلَافٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَوْضِعُهُ {تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَوْضِعُهُ {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38]، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى: يَذْهَبُونَ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ الْأَخِيرِ. وَاخْتَلَفَ الْمُتَقَدِّمُونَ فِي ذَلِكَ …
[شرح معاني الآثار 1/ 352]
قال ابن القيم:
في هديه في سجود القرآن
كان صلى الله عليه وسلم إذا مرَّ بالسجدة كبّر وسجد. وربما قال في سجوده: «سجد وجهي للذي خلقه وشقَّ سمعه وبصره بحوله وقوته». وربما قال: «اللهمَّ احطُطْ عنِّي بها وزرًا، واكتب لي بها أجرًا، واجعلها لي عندك ذُخرًا، وتقبَّلْها منِّي كما تقبَّلتَها من عبدك داود». ذكرهما أهل «السنن».
ولم ينقَل عنه أنه كان يكبِّر للرفع من هذا السجود، ولذلك لم يذكره الخِرَقي ومتقدِّمو الأصحاب. ولا نُقِل عنه فيه تشهُّد ولا سلام البتة. وأنكر أحمد والشافعي السلام فيه، فالمنصوص عن الشافعي: أنه لا تشهُّد فيه ولا تسليم. وقال أحمد: أما التسليم فلا أدري ما هو. وهذا هو الصواب الذي لا ينبغي غيره.
وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه سجد في (الم تنزيل) وفي (ص) وفي (النجم) وفي (إذا السماء انشقت) وفي (اقرأ باسم ربك الذي خلق).
وذكر أبو داود عن عمرو بن العاص أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمسَ عشرةَ سجدةً، منها ثلاث في المفصَّل، وفي سورة الحج سجدتين.
وأما حديث أبي الدرداء: «سجدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدةً ليس فيها من المفصَّل شيء: (الأعراف) و (الرعد) و (النحل) و (بني إسرائيل) و (مريم) و (الحج) و (سجدة الفرقان) و (النمل) و (السجدة) و (ص) و (سجدة الحواميم)»، فقال أبو داود: روي عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدةً، وإسناده واه.
وأما حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «لم يسجد في المفصَّل منذ تحوَّل إلى المدينة»، رواه أبو داود فهو حديث ضعيف. في إسناده أبو قدامة الحارث بن عبيد، لا يحتَجُّ بحديثه. قال الإمام أحمد: أبو قدامة مضطرب الحديث. وقال يحيى بن معين: ضعيف. وقال النسائي: صدوق، عنده مناكير. وقال أبو حاتم البُسْتي: كان شيخًا صالحًا ممن كثُر وهمه. وعلَّله ابن القطان بمطر الوراق وقال: كان يشبه في سوء الحفظ محمدَ بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعِيب على مسلم إخراج حديثه. انتهى كلامه
ولا عيب على مسلم في إخراج حديثه، لأنه ينتقي من أحاديث هذا الضَّرب ما يعلم أنه حفِظه، كما يطرح من أحاديث الثقة ما يعلم أنه غلِط فيه. فيغلط في هذا المقام من استدرك عليه إخراجَ جميع حديث ذلك الثقة، ومن ضعَّف جميع حديث ذلك السيئ الحفظ. فالأُولى: طريقة الحاكم وأمثاله، والثانية: طريقة ابن حزم وأشكاله، وطريقة مسلم هي طريقة أئمة هذا الشأن. والله المستعان.
وقد صحَّ عن أبي هريرة أنه سجد مع النبي صلى الله عليه وسلم في (اقرأ باسم ربك) وفي (إذا السماء انشقت)، وهو إنما أسلم بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ بستِّ سنين أو سبع. فلو تعارض الحديثان من كلِّ وجه وتقاوما في الصحة لتعيَّن تقديمُ حديث أبي هريرة، لأنه مُثبِت، معه زيادةُ علم خفيت على ابن عباس؛ فكيف وحديث أبي هريرة في غاية الصحة متفق على صحته، وحديث ابن عباس فيه من الضعف ما فيه؟ والله الموفِّق
[زاد المعاد ط عطاءات العلم 1/ 440]
قال الإتيوبي:
ذهب جمهور أهل العلم إلى أن سجود التلاوة سنة، وليس بواجب، وممن قال بهذا عمر بن الخطاب، وسلمان الفارسي، وعمران
ابن حصين، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وداود، وغيرهم رضي الله عنهم.
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن سجود التلاوة واجب على القارئ، والمستمع، واحتج له بقوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} [الإنشقاق: 20، 21]، وبقول تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62]، وبالأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد للتلاوة، وقياسًا على سجود الصلاة.
واحتح الأولون بالأحاديث الصحيحة
منها: حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَالنَّجْمِ} [النجم: 1] فلم يسجد فيها. متفق عليه.
ومنها: ما احتج به الشافعي رحمه الله تعالى في هذه المسألة، وهو حديث الأعرابي: “خمس صلوات في اليوم والليلة”، قال: هل علي غيرها؟ قال: “لا، إلا أن تطوع”. متفق عليه.
ومنها: “أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ يوم الجمعة على المنبر سورة النحل، حتى إذا جاء السجدة نزل، فسجد، وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة، قرأها، حتى إذا جاء السجدة، قال: يا أيها الناس إنما نمر بالسجود، فمن سجد، فقد أصاب، ومن لم يسجد، فلا إثم عليه، ولم يسجد عمر”. وفي رواية قال: “إن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء”. أخرجهما البخاري رحمه الله تعالى في “صحيحه”.
قال النووي رحمه الله: وهذا القول من عمر رضي الله عنه في هذا الموطن، والمجمع العظيم دليل ظاهر في إجماعهم على أنه ليس
بواجب، ولأن الأصل عدم الوجوب حتى يثبت صحيح صريح في الأمر به، ولا معارض له، ولا يوجد هنا.
وأما الجواب عن الآية التي احتجوا بها، فهي إنما وردت في ذم الكفار في تركهم السجود استكبارًا، وجحودًا، وأما المراد بالسجود في الآية الثانية سجود الصلاة، والأحاديث التي احتجوا بها محمولة على الاستحباب، جمعًا بين الأدلة. والله تعالى أعلم. انتهى من “مجموع النووي” رحمه الله مختصرًا.
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن مذهب الجمهور وهو عدم الوجوب هو الراجح، لقوة دليله، كما ذكر آنفًا. والله تعالى أعلم.
المسألة الرابعة: في اختلاف العلماء في عدد سجود القرآن:
قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: اختلف أهل العلم في عدد سجود القرآن، فروينا عن ابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم أنهما كانا يعدان سجود القرآن، فقالا: الأعراف، والرعد، والنحل، وبني إسرائيل، ومريم، والحج أولها، والفرقان، وطس، وآلم تنزيل، وص، وحم السجدة، إحدى عشرة سجدة. وروينا عن ابن عباس رواية أخرى أنه عدها عشرًا، وأسقط السجود في ص.
وقد اختلف عن ابن عمر في السجدة الثانية من سورة الحج.
وقالت طائفة: سجود القرآن أربع عشرة سجدة، في الحج منها سجدتان، وفي المفصل ثلاثة، وليس في ص منها شيء. هكذا قال
الشافعي، وقال أبو ثور كقول الشافعي في العدد، غير أنه أثبت السجود في ص، وأسقط السجود من سووة النجم، خالف الشافعي في هاتين السجدتين وقال إسحاق في سجود القرآن: خمس عشرة: الأعراف، والرعد، والنحل، وبنو إسرائيل، ومريم، وفي الحج سجدتان مباركتان، وفي
الفرقان، والنمل، وألم تنزيل السجدة، وفي ص، وفي حم السجدة، وفي النجم، وفي إذا السماء انشقت، واقرأ باسم ربك الذي خلق.
وقال أصحاب الرأي كما قال إسحاق، إلا في السجود في الحج، فإنهم قالوا: فيها سجدة واحدة، وقولهم كقوله في سائر سجود القرآن. انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله تعالى. وبالله تعالى التوفيق.
فائدة: قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: واعلم: أنه يشترط لجواز سجودة التلاوة، وصحته شروط صلاة النفل من الطهارة عن
الحدث، والنجس، وستر العورة، واستقبال القبلة، ولا يجوز السجود حتى يتم قراءة السجدة. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: مسألة اشتراط الطهارة في سجود التلاوة فيها خلاف، فقد صح عن ابن عمر رضي الله عنهما، وغيره عدم
اشتراط ذلك، وهو ظاهر مذهب البخاري، فإنه ترجم [باب سجود المسلمين مع المشركين، والمشرك نجس ليس له وضوء].
قال: وكان ابن عمر رضي الله عنهما يسجد على غير وضوء. انتهى.
وروى ابن أبي شيبة من طريق عبيد بن الحسن، عن رجل زعم أنه كنفسه، عن سعيد بن جبير، قال: كان ابن عمر ينزل عن راحلته،
فيهريق الماء، ثم يركب، فيقرأ السجدة، فيسجد، وما يتوضأ.
وأما ما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن الليث، عن نافع، عن ابن عمر، قال. لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر، فيجمع بينهما -كما قال الحافظ- بأنه أراد بقوله طاهر الطهارة الكبرى، أو الثاني على حالة الاختيار، والأول على الضرورة.
ووافق ابن عمرَ على جواز السجدة بلا وضوء الشعبيُّ، أخرجه ابن أبي شيبة عنه بسند صحيح، وأخرج أيضًا عن أبي عبد الرحمن السُّلَمِيّ أنه كان يقرأ بالسجدة، ثم يسجد، وهو على غير وضوء إلى غير القبلة، وهو يمشي يومئ إيماء. قاله في “الفتح”.
وقال العلامة الشوكاني رحمه الله تعالى: ليس في أحاديث سجود التلاوة ما يدل على اعتبار أن يكون الساجد متوضئًا، وقد كان يسجد معه صلى الله عليه وسلم من حضر تلاوته، ولم ينقل أنه أمر أحدًا منهم بالوضوء، ويبعد أن يكونوا جميعًا متوضئين، وأيضًا قد كان يسجد معه المشركون، كما تقدم، وهم أنجاس، لا يصح وضوؤهم. انتهى.
قال الجامع: عندي الأولى أن لا يسجد على غير وضوء، وأما إيجاب الوضوء فمحل توقف. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه
المرجع والمآب.
فائدة أخرى: قال النووي رحمه الله تعالى: يجوز عندنا سجود التلاوة في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها؛ لأنها ذات سبب، ولا
يكره عندنا ذوات الأسباب، وفي المسألة خلاف مشهور انتهى.
وقال الشوكاني رحمه الله تعالى: روي عن بعض الصحابة أنه يكره سجود التلاوة في الأوقات المكروهة، والظاهر عدم الكراهة، لأن
السجود المذكور ليس بصلاة، والأحاديث الواردة في النهي خاصة بالصلاة. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله الشوكاني رحمه الله تعالى حسن جِدًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
“إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب”
____
فالنبي قال لهم: (إنها توبة نبي، وإنني رأيتكم تشزنتم للسجود فنزل وسجد)، فهذا يدل على ما دل عليه الحديث الذي قبله، وأنها ليست من عزائم السجود، ولكن السجود فيها سنة، وثابت عن رسول الله ، وأنه يُسجد فيها، وأنها إذا تركت في بعض الأحيان فلا بأس بذلك؛ لأنها ليست واجبة، وكذلك سجدات القرآن كلها ليست بواجبة، من سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، كما جاء ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
فالحديث أيضًا يدل على ما دل عليه الحديث السابق من أن (ص) فيها سجدة، وأن الإنسان يشرع له أن يسجد فيها عندما يأتي إليها، وإن لم يسجد فلا حرج عليه ولا بأس بذلك.
شرح سنن أبي داود للعباد (171) / (5)
واتفق العلماء على تحريم سجود الشكر في الصلاة فإن سجد فيها بطلت صلاته بلا خلاف، ولو قرأ آية سجدة ليسجد بها للشكر ففي جواز السجود وجهان أصحهما يحرم وتبطل به صلاته وهما كالوجهين فيمن قصد المسجد في وقت النهي ليصلي التحية لا لغرض آخر والله أعلم.
فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب (7) / (664)
مسائل:
(1) حكم قضاء سجدة التلاوة
السؤال
إذا قرأت آية السجدة ولم أتمكن من السجود وذلك لعذر، فهل أقضيها بعد ذلك؟
الجواب
لا، ما تقضى، وإنما تستحب عند قراءة السجدة.
شرح سنن أبي داود للعباد (171) / (28)
(2) حكم سجود التلاوة عند الاستماع إلى المذياع
السؤال
ما حكم سجود التلاوة إذا سمع آية السجدة من الإذاعة أو المسجل فهل تجوز السجدة؟
الجواب
ليس للإنسان أن يسجد؛ لأن السامع تبعًا للقارئ، والقارئ إذا كان عند الإنسان وسجد يسجد معه، وأما إذا لم يكن عنده وكان بعيدًا مثل الإذاعة وسجد فلا يسجد معه.
شرح سنن أبي داود للعباد (170) / (24)
(3) حكم سجود التلاوة لمن يقرأ القرآن في السيارة
السؤال
كيف يسجد سجود التلاوة من مر على آية سجدة وهو يقرأ القرآن في السيارة؟
الجواب
سجود التلاوة -كما هو معلوم- ليس بواجب، وإنما هو مستحب، فمن فعله -كما جاء في الأثر عن عمر – فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه، ويبدو أن الذي لا يسجد على الأرض لا يفعل ذلك؛ لأن هذا قد يشغله عن قيادة السيارة، فإن خفض الرأس في السجود لا يناسب من يقود السيارة.
شرح سنن أبي داود للعباد (105) / (34)
(4) حكم من ركع والإمام ساجد سجود التلاوة لعدم العلم بذلك
والدتي تصلي التراويح مع الإمام، فالإمام قرأ آية فيها سجود، والوالدة لا تراه لأنها تكون في الخلوة فهي تركع لأنها تظن أنه ركع ولا تدري إلا إذا قام الإمام قال: الله أكبر، فماذا تفعل؟
تستمر معه ولا تسجد؛ لأن هذا سجود تلاوة وليس داخل الصلاة، لكن إذا كانت ترى النساء التي حولها فعليها أن تسجد.
لقاء الباب المفتوح (189) / (13) —
(5) (192) – حكم صلاة من ركع عند سجود إمامه للتلاوة
س: رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى المستمعات من مكة، تقول: أنا فتاة صليت صلاة الفجر في جماعة في المسجد، وأثناء قراءة الإمام السورة التي عقب الفاتحة كبر وسجد سجود التلاوة، وأنا لم أكن أعلم أنه سجد لسجود التلاوة، فركعت حتى النساء اللاتي بجواري ركعن، ثم كبر الإمام وبدأ يكمل السورة، ثم ركع فركعت معه مرة ثانية، وبعض النساء سجدن. فما حكم تلك الصلاة بالنسبة لي، وبالنسبة للنساء أمثالي ((1))
ج: الحكم في هذا أن النساء اللاتي ركعن معه بعدما ركع صلاتهن صحيحة، فركوعهن الأول صدر عن جهل فلا يضر، وصلاتهن صحيحة، وركوعهن الأول الذي ركعنه وهو للتلاوة لا يضر من أجل الجهل، أما اللاتي لم يركعن، بل سجدن ثم استمررن في الصلاة، ولم يركعن معه ولم يأتين بركعة بعد السلام فعليهن قضاء تلك الصلاة، عليهن قضاؤها الآن بالنية عن تلك الصلاة؛ لأنهن أخللن بركعة من الصلاة، وطال الفصل فعليهن أن يأتين بالصلاة كاملة، يقضينها كاملة، والله ولي التوفيق.
فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (12) / (369)
(6) حكم التكبير عند الرفع من سجود التلاوة
السؤال
لو سجد الإمام وهو يقرأ آية سجدة فهل يكبر ويتم القراءة أم يواصل القراءة مباشرة بدون تكبير؟
الجواب
إذا كان في الصلاة فإنه يكبر في الخفض وفي الرفع، الإمام والمأموم في ذلك سواء، وهذا إذا كان داخل الصلاة؛ لأن النبي كان يكبر في كل خفض ورفع، وأما إذا كان خارج الصلاة فإنه يكبر إذا سجد سجدة التلاوة، ويرفع بدون تكبير ولا تسليم، وقد صح هذا عن عمر في البخاري ، والجمهور على أن سجدة التلاوة صلاة، فيكبر عند الخفض وعند الرفع، ويسلم عن يمينه وعن يساره، والصواب: أنها ليست صلاة وإنما هي خضوع لله، فلا تحتاج إلى تكبير عند الرفع ولا إلى سلام.
فتاوى منوعة – الراجحي (20) / (47)
(7) هل يجب على المرأة أن تغطي شعرها عند سجود التلاوة
فأجاب رحمه الله تعالى: الاحتياط أن تغطي شعرها وأن تغطي كل ما يلزم تغطيته في صلاة النفل لأن سجود التلاوة صلاة عند كثير من أهل العلم وهي في حكم صلاة النفل فكل ما يستر في صلاة النفل فإنه يستر في سجود التلاوة ويرى بعض العلماء أن سجدة التلاوة ليس لها حكم الصلاة وبناء على هذا القول لا بأس أن تسجد وهي مكشوفة الرأس لكن الاحتياط ألا تسجد إلا وقد سترت جميع ما تستره في صلاة النفل.
***
فتاوى نور على الدرب للعثيمين (8) / (2)
(8) حكم سجود التلاوة في غير موضعه
إمام في صلاة العشاء قرأ قوله تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: (113)] فسجد يا شيخ سجود تلاوة، ظنًا منه أنها محل سجدة، فما حكمه؟
هذا صلاته صحيحة؛ لأنه جاهل، فليُعلَّم ويقال: الحمد الله، المصحف الآن فيه بيان مواضع السجود احفظها.
السائل: المشكلة أنه من طلبة العلم يا شيخ، أي: أنه في جامعة من الجامعات الشيخ: والله من طلبة العلم كل إنسان عالم بكل شيء، ما أكثر ما يفوت الإنسان من العلم، لكن بلِّغه وقل له: إن هذا ليس محل سجود، وإنما السجود توقيفي، لو قلنا: إذا قرأت قول الله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: (98) – (99)] لقلنا: يسجد، مثل: {كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: (19)] لكنه لا يسجد في (وكن من الساجدين).
فالمهم أنك تقول له: محل السجود -والحمد الله- مبين على هوامش المصاحف فارجع إليه، وقيده في ورقة حتى لا تنسى.
السائل: هل يسجد سجود سهو؟ الشيخ: لا.
الآن قد مضت من زمان.
السائل: ما فهمت؟ الشيخ: أقول: مضت ليس ممكن أن يسجد الآن، متى هم صلوا؟ مداخلة: يقصد إذا تكرر.
الشيخ: إذا تكرر يسجد للسهو عن زيادة.
لقاء الباب المفتوح (226) / (52)
(9) (201) – بيان ما يقال في سجود التلاوة
س: يقول السائل من اليمن: أرجو من سماحة الشيخ أن يحدثنا عن سجود التلاوة وسجود السهو ما هو الدعاء الذي يقال في كلا السجودين؟ ((1))
ج: سجود التلاوة وسجود الشكر يقال فيهما ما يقال في سجود الصلاة يقال فيها: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، اللهم اغفر لي. يدعو فيهما كما يدعو في سجود الصلاة، يدعو في سجود السهو وفي سجود الشكر وفي سجود التلاوة لأن الحكم واحد، الله جل وعلا قال {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} ((2)) والنبي كان يدعو في سجوده ويقول : «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء ((1))» ويقول : «فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ((2))» فهذا يعم جميع أنواع السجود، وكان يقول في سجوده: «سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى ((3))» ويقول أيضا في الركوع والسجود: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي ((4))» ويقول فيهما: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح ((5))» فالمشروع في سجود التلاوة وسجود الشكر مثل المشروع في سجود الصلاة.
وفي سجود التلاوة والشكر لا يلزم الوضوء، أما سجود الصلاة والسهو فهو جزء من الصلاة لا بد من الطهارة، أما سجود التلاوة فهو سجود مستقل إذا كان خارج الصلاة جاز أن يسجد على غير طهارة على الصحيح، وهكذا سجود الشكر لأنهما يحدثان بأسباب قد تقع والإنسان على غير طهارة، قد تأتي نعمة يبشر بها وهو على غير طهارة، قد يقرأ القرآن وهو على غير طهارة من غير مصحف، فإذا مر بآية السجود أو جاءه ما يبشره بالخير وسجد لله شكرا كل هذا طيب، في الحديث: «كان النبي إذا جاءه أمر يسره خر ساجدا لله ((1))» ولما جاء إلى الصديق خبر قتل مسيلمة خر ساجدا لله.
فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (10) / (448) – (450)
(10) (قَوْلُهُ أَيْ أَكْثَرِهَا إلَخْ) هَذَا خِلَافُ الصَّحِيحِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي نُورِ الْإِيضَاحِ. فَفِي السِّرَاجِ: وَهَلْ تَجِبُ السَّجْدَةُ بِشَرْطِ قِرَاءَةِ جَمِيعِ الْآيَةِ أَمْ بَعْضِهَا؟ فِيهِ اخْتِلَافٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ حَرْفَ السَّجْدَةِ وَقَبْلَهُ كَلِمَةً أَوْ بَعْدَهُ كَلِمَةً وَجَبَ السُّجُودُ وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ لَا يَجِبُ إلَّا أَنْ يَقْرَأَ أَكْثَرَ آيَةِ السَّجْدَةِ مَعَ حَرْفِ السَّجْدَةِ؛ وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ كُلَّهَا إلَّا الْحَرْفَ الَّذِي فِي آخِرِهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ اهـ لَكِنَّ قَوْلَهُ: وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَةِ الْآيَةِ بِتَمَامِهَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُتُونِ وَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ سِيَاقُ الْكَلَامِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إلَّا الْحَرْفَ إلَخْ الْكَلِمَةُ الَّتِي فِيهَا مَادَّةُ السُّجُودِ وَإِطْلَاقُ الْحَرْفِ عَلَى الْكَلِمَةِ شَائِعٌ فِي عُرْفِ الْقُرَّاءِ.
حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي (2) / (103)
(11) (210) – حكم سجود التلاوة للحائض
س: هل يجوز للمرأة الحائض أن تسجد سجود التلاوة؟ ((1))
ج: الصواب لا حرج أن تقرأ القرآن حفظا وتسجد، هذا هو الصواب، وليس قراءة من المصحف، لكن عن ظهر قلب؛ لأنها ليست مثل الجنب، الجنابة مدتها قصيرة، تغتسل وتقرأ، لا يقرأ الجنب، ولكن الحائض والنفساء مدتهما طويلة، والصواب أن لهما أن تقرآ عن ظهر قلب، فإذا مرتا بالسجدة تسجدا؛ لأن السجدة ليست صلاة في التلاوة، ليست صلاة، وإنما هي خضوع لله مثل الذكر.
فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (10) / (462)
(12) [فَائِدَةٌ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ] (1)
وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ حُكْمَ الْوُضُوءِ حُكْمُ مَا تَوَضَّأَ لَهُ مِنْ نَافِلَةٍ أَوْ سُنَّةٍ وَأَمَّا سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ فَإِنْ أَدْخَلْنَاهُمَا فِي مُسَمَّى الصَّلَاةِ فَقَدْ تَنَاوَلَهَا لَفْظُ الْحَدِيثِ وَإِنْ لَمْ نَدْخُلْهُمَا فِي مُسَمَّى الصَّلَاةِ فَقَدْ جَعَلَ الْعُلَمَاءُ حُكْمَهُمَا كَحُكْمِ الصَّلَاةِ فِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ، وَذَكَرَ الْقَفَّالُ فِي مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا شُعْبَةٌ مِنْ الصَّلَاةِ وَرُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا حَتَّى إنَّ الصَّلَاةَ تُسَمَّى سُجُودًا، فَقَدْ رُوِيَ فِي الْخَبَرِ «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَسْجُدَ سَجْدَتَيْنِ» أَيْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ.
وَحَكَى النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِيهِمَا وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ بِإِسْنَادٍ فِيهِ جَهَالَةٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَنْزِلُ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَيُهْرِيقُ الْمَاءَ ثُمَّ يَرْكَبُ فَيَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَيَسْجُدُ وَمَا تَوَضَّأَ وَعَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ قَالَ يَسْجُدُ حَيَّتْ كَانَ وَجْهُهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَرَوَيْنَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي الْحَائِضِ تَسْمَعُ السَّجْدَةَ أَنَّهَا تُومِئُ بِرَاسِهَا وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ وَتَقُولُ اللَّهُمَّ لَك سَجَدْت (الثَّالِثَةُ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَهِيَ مِنْ شَرَائِطِ الْأَدَاءِ لَا مِنْ شَرْطِ الْوُجُوبِ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَفِيمَا نَقَلَهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ نَظَرٌ.
طرح التثريب في شرح التقريب (2) / (215)
(13) السؤال الثامن من الفتوى رقم ((7044))
س (8): هل تجوز سجدة التلاوة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها مثل وقت طلوع الشمس؟
ج (8): نعم يجوز سجود التلاوة في أوقات النهي عن الصلاة، على الصحيح من قولي العلماء، لأنه ليس له حكم الصلاة، ولو فرضنا أن له حكم الصلاة جاز فعله في وقت النهي؛ لأنه من ذوات الأسباب، كصلاة الكسوف وركعتي الطواف لمن طاف في في
وقت النهي.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … نائب الرئيس … الرئيس
عبد الله بن قعود … عبد الرزاق عفيفي … عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى (7) / (266)
(14) المرأة والصبي يقرآن السجدة فيسمعها الرجل
قال حرب: سمعت إسحاق يقول: إذا قرأت المرأة السجدة فسمعها الرجل فلا يسجد لسجودها، ولكن ليقرأها هو ثم يسجد.
قال: وكذلك إذا سمعتها من صبي لم يعقل فاقرأها أنت واسجد.
فإن كان غلام قد راهق الحلم فسمعتها منه فاسجد بسجوده؛ فإن سجدت بسجود المرأة والصبي الذي لم يراهق الحلم أجزأ عنك السجدة إن شاء اللَّه تعالى.
«مسائل حرب/ مخطوط» ((1689))
الجامع لعلوم الإمام أحمد – الفقه (21) / (161)
(15) صَحَّ أن النبي كان يُكَبِّر في كل خفض ورفع، فهل يُسْتَدل بهذا الحديث على التكبير عند سجود التلاوة في الصلاة؟
السؤال: يقول السائل: صَحَّ أن النبي كان يُكَبِّر في كل خفض ورفع، فهل يُسْتَدل بهذا الحديث على التكبير عند سجود التلاوة في الصلاة؟
الجواب: لا؛ لأنه يقصد في كل خفض ورفع في الصلوات المعتادة، وليس من العادة فيها تلاوة آية السجدة إلا نادرًا، فالنادر لا حكم له.
ولذلك وقد جاء في أحاديث عديدة أن الرسول كان يقرأ آية السجدة في الصلاة، وكان يسجد لها، ولم يأتِ في حديث ما ولو ضعيف السند أن الرسول حينما سجد سجدة التلاوة في الصلاة كبَّر وسجد، فلا يدخل التكبير في سجدة التلاوة في الصلاة ضمن هذا الحديث الصحيح.
(الهدى والنور / (190) / (36): (17): (00))
جامع تراث العلامة الألباني في الفقه
(16) إذا كبر الإمام في سجدة التلاوة هل يكبر المأموم أو يسجد بدون تكبير؟
السائل: إذا الإمام كبر في سجدة التلاوة المأموم يكبر ولا يسجد بدون تكبير؟
الشيخ: طبعًا، نحن رأينا في الموضوع ذكرناه أكثر من مرة، وخلاصته: أنه لم يَرِد عن النبي أنه كَبَّر فلا يكبر، ولكن ورد عن ابن مسعود أنه كان يُكَبِّر، وبذلك فلا نشدد في هذه المسألة، لكن السنة أحق أن تُتَّبع، فإذا كبر الإمام نحن ما نتابعه ليه؟ لأنه ليست من الأمور الظاهرة التي يعتبر مخالفة للإمام، كما نقول نحن في كثير من المسائل، كوضع اليدين أو التورك أو والافتراش أو ما شابه ذلك، هنا الإمام يتابع، أما التكبير الذي يُشْرَع منه إنما يقرأه المصلي سرًا وهنا ما تظهر الموافقة أو المخالفة كما هو الشأن هناك ولذلك نقول: نحن نبقى على السنة ولا نتابعهم.
(الهدى والنور/ (266) / (37): (08): (00))
جامع تراث العلامة الألباني في الفقه
(17) قرأ الإمام آية سجدة ثم ركع أما المأمومون فسجدوا
السائل: إمام قرأ في الجهرية بسورة اقرأ فلما وصل إلى السجدة ركع وهووا ساجدين.
الشيخ: أي نعم، طيب بعدين.
السائل: فما حكم صلاة المأمومين؟ وما رأيكم في هذا الإمام؟
الشيخ: هذا الإمام لا أستطيع أن أقول فيه شيئًا؛ لما رواه الإمام البخاري في صحيحه أن عمر بن الخطاب خطب يومًا خطبة الجمعة وتلى فيها آية السجدة، فنزل وسجد وسجد الناس معه، ثم في جمعة آخرى تلى آية السجدة فتهيأ الناس للسجود، كما فعلوا في الجمعة السابقة فقال عمر رضي الله تعالى عنه: «إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء»، ولم يسجد لها، فأخذنا من هذا الأثر الصحيح وعلى مجمع من الصحابة وبإعلان أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه، أن سجدة التلاوة ليست واجبةً، وإنما هي سنة فهو تركها بيانًا لهذا الحكم الشرعي، أي أنه لا يجب على من تلى آية السجدة أن يسجد لها كلما تلاها، وإنما الأفضل أن يسجد كما فعل النبي ، ولكن قد يكون الأفضل بالنسبة لبعض الناس الذين هم في موضع
القدوة واقتداء الناس بهم؛ أن يترك ما هو سنة فعله بيانًا لحكم الشرع، أقول إذا عرفنا هذا فهذا الإمام من الممكن أن يكون لم يسجد لتلك الآية التي يشرع لها السجود بيانًا لحكم الشرع، هذا مقتضى حسن الظن به، أما الذين هووا ساجدين، فإن كانوا تداركوا خطأهم وقاموا وشاركوا الإمام في ركوعه؛ فصلاتهم صحيحة، وإلا فعليهم إعادتها، وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
(فتاوى جدة-موقع أهل الحديث والأثر- (26))
جامع تراث العلامة الألباني في الفقه
____
ليسَ في القُرآنِ أكثرُ مِن خَمسَ عَشرةَ سَجدةً.
نقل ابن حزم الإجماعَ على ذلك: قال ابن حزم: “وَاتَّفَقُوا انه لَيْسَ فِي الْقُرْآن أَكثر من خمس عشرَة سَجْدَة
وَاتَّفَقُوا مِنْهَا على عشر وَاخْتلفُوا فِي الَّتِي فِي ص وَفِي الْآخِرَة الَّتِي فِي الْحَج وَفِي
الثَّلَاث اللواتي فِي الْمفصل وَاتَّفَقُوا على أَن الَّتِي فِي حم والم من عزائمها” (مراتب الاجماع)
مسالة: السُّجود في المُفصَّل (النجم، والانشقاق، والعلق)
من مواضِع السُّجود: قوله تعالى: فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا [النجم: 62]، وقوله تعالى: فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ [الانشقاق: 20 – 21]، وقوله تعالى: كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق: 19]، وهذا مذهبُ الجمهور: الحنفيَّة، والشَّافعيَّة، والحنابلة، ورِواية عن مالك، وقولُ طائفةٍ من السَّلف، واختاره ابنُ حزم. (موقع الدرر السنية)
قال/ مالك في المدونة: وهي في: المص، والرعد، والنحل، وبني إسرائيل، ومريم، والحد، والسجدة أولها، والفرقان، والهدهد، والم تنزيل، وص، وحم تنزيل فصلت، والسجدة في (إن كُنتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ) في قولنا، وقاله /الليث، ونافع أبي نعيم القارئ. (الجامع لمسائل المدونة)
وقال مالكٌ، في روايَةٍ، والشافعيُّ في قولٍ: عَزَائمُ السُّجودِ إحْدَى عشرَةَ [سَجْدَةً، ليس منها شيءٌ من المُفَصَّلِ] ((4)). قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ: هذا قولُ ابْنِ عمرَ، وابنِ عباسٍ، وسعيدِ بن المُسَيَّبِ، وابْنِ جُبَيْر، والحسنِ، وعِكْرمةَ، ومُجاهدٍ، وعَطاءٍ، وطاوُس، ومالكٍ، وطَائِفَةٍ مِنْ أهلِ المَدِينَةِ؛ لأنَّ أبا الدَّرْدَاءِ قالَ: سجدتُ مع النَّبِيِّ إحْدَى عشرة ليس فيها مِن المُفَصَّلِ شيءٌ. رَوَاهُ ابنُ ماجَه ((5)). وَرَوَى ابْنُ عبَّاسٍ: أنَّ النَّبِىَّ لمْ يَسْجُدْ في شيءٍ مِن المُفَصَّلِ مُنْذُ تحَوَّلَ إلى المدِينَةِ. رَوَاه أبو داوُد (المغني لابن قدامة)
مسألة قصة الغرانيق:
قال ابن كثير: “قَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ هَاهُنَا قِصَّةَ الْغَرَانِيقِ «(1)»، وَمَا كَانَ مِنْ رُجُوعِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُهَاجِرَةِ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ قَدْ أَسْلَمُوا، وَلَكِنَّهَا مِنْ طُرُقٍ كُلُّهَا مُرْسَلَةٌ، وَلَمْ أَرَهَا مُسْنَدَةً مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ’ (تفسير اين كثير)
وراجع نصب المنجنيق لنسف قصة الغرانيق للألباني
حُكي الإجماع على سنية سجدة التلاوة للتالي والمستمع:
وممن نقله قال النوويُّ: (أمَّا حُكم المسألة؛ فسُجودُ التلاوة سُنَّةٌ للقارئ والمستمِع، بلا خلاف) ((المجموع)) (4/ 58). وقال ابن قُدامة: (ويُسَنُّ السجُّود للتالي والمستمِع، لا نعلم في هذا خِلافًا) ((المغني)) (1/ 446).
قال ابنُ رشد: (ثبَت أنَّ عمر بن الخطاب قرأ السجدة يومَ الجُمعة، فنزل وسجَد وسجَد الناس معه، فلمَّا كان في الجمعة الثانية وقرأها تهيَّأ الناس للسُّجود، فقال: على رِسلكم! إنَّ الله لم يكتبْها علينا إلَّا أن نشاء، قالوا: وهذا بمحضر الصَّحابة، فلم يُنقل عن أحدٍ منهم خلافٌ، وهم أفهمُ بمغزَى الشرع، وهذا إنما يحتجُّ به مَن يرى قولَ الصَّحابيِّ إذا لم يكُن له مخالِفٌ حُجَّةً) ((بداية المجتهد)) (1/ 222).
____
سجدة الأعراف: حديثها مرفوعًا عن أبي الدرداء ضعيف، وموقفًا على ابن عمر وابن عباس، صحيح. رواه عبد الرازق، وأجمع العلماء على السجود فيها، كما في تفسير ابن كثير.
(2) – سجدة الرعد: حديثها موقفًا على ابن عمر وابن عباس، صحيح في عبد الرازق.
(3) – سجدة النحل: حديثها موقفًا على عمر بن الخطاب، صحيح في البخاري، سجد فيها وهو يخطب الناس على المنبر، وفي الجمعة الثانية لم يسجد، وقال: (من سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه). وعلى ابن عمر وابن عباس، صحيح في عبد الرازق.
(4) – سجدة الإسراء: حديثها موقفًا على ابن عمر وابن عباس، صحيح في عبد الرازق.
(5) – سجدة مريم: حديثها موقفًا عليهما في عبد الرازق، ونقل ابن كثير الإجماع فيها.
(6) – (7) سجدتا الحج: حديث السجدة الأولى موقفًا على ابن عمر وابن عباس، صحيح في عبد الرازق. وحديث السجدتين مرفوعًا عن عمرو بن العاص فيه ضعف، لكن له شاهد من حديث عقبة بن عامر وخالد بن معدان، وموقوفًا على عمر وابنه عبد الله وأبي الدرداء وأبي موسى الأشعري، صحيح، وقال إسحاق: أدركت الناس منذ سبعين سنة يسجدون في الحج سجدتين.
(8) – سجدة الفرقان: حديثها موقوفًا على ابن عمر وابن عباس، صحيح في عبد الرازق.
(9) – سجدة النمل: حديثها موقوفًا على ابن عمر وابن عباس، صحيح في عبد الرازق.
(10) – سجدة الم تنزيل: حديثها موقوفًا على ابن عمر وابن عباس، صحيح في عبد الرازق، وعن أبي هريرة (أن النبي كان يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر الم تنزيل السجدة إلخ) صحيح في البخاري. قال في «الفتح»: ولم أر في شيء من الطرق التصريح أنه سجد إلا في كتاب الشريعة وذكره وقال: في إسناده من ينظر في حاله، قال: وللطبراني في الصغير من حديث عليّ فذكره مرفوعًا وقال: لكن في إسناده ضعف اهـ.
(11) – سجدة ص: حديثها مرفوعًا، صحيح في البخاري.
(12) – سجدة فصلت: حديثها موقوفًا على ابن عمر وابن عباس، صحيح في عبد الرازق.
(13) – سجدة النجم: حديثها مرفوعًا، صحيح في البخاري.
(14) – سجدة الانشقاق: حديثها مرفوعًا، صحيح في مسلم.
(15) – سجدة العلق: حديثها مرفوعًا، صحيح في مسلم.
فائدة:
ذكر الموفق [ابن قدامة] في «الكافي» ((1) / (206)) أن مواضع السجدات ثابتة بالإجماع إلا سجدات المُفَصَّل [من سورة ق إلى آخر القرآن] والثانية من الحج اهـ.
وقد عرفت أدلة ذلك.
تم بقلم محمد الصالح العثيمين في (3) / (8) / (1404) هـ.