2148 إلى 2154 تحضير سنن أبي داود:
جمع أحمد بن علي وعبدالله المشجري وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد ومحمد سيفي
_______
بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ
(2148) – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ؟ فَقَالَ: «اصْرِفْ بَصَرَكَ»
[حكم الألباني]: صحيح
(2149) – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ الْإِيَادِيِّ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: «يَا عَلِيُّ لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ»
[حكم الألباني]: حسن
(2150) – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، لِتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا»
[حكم الألباني]: صحيح
(2151) – حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى امْرَأَةً فَدَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّهُ يُضْمِرُ مَا فِي نَفْسِهِ»
[حكم الألباني]: صحيح
(2152) – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ صلى الله عليه وسلم (247) صلى الله عليه وسلم الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَيُكَذِّبُهُ».
[حكم الألباني]: صحيح
(2153) – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لِكُلِّ ابْنِ آدَمَ حَظُّهُ مِنَ الزِّنَا» بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: «وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ فَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ فَزِنَاهُمَا الْمَشْيُ، وَالْفَمُ يَزْنِي فَزِنَاهُ الْقُبَلُ».
[حكم الألباني]: حسن م دون جملة الفم
(2154) – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: «وَالْأُذُنُ زِنَاهَا الِاسْتِمَاعُ»
[حكم الألباني]: حسن صحيح
_______
*الجامع لعلوم الإمام أحمد – الأدب والزهد (20) / (30) — أحمد بن حنبل (ت (241)) *
(13) – حكم نظر الفجأة
قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: رجل تاب وقال: لو ضرب ظهري بالسياط ما دخلت في معصية، غير أنه لا يدع النظر؟
فقال: أي توبة هذِه؟! قال جرير: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة، فأمرني أن أصرف بصري ((1)).
«الورع» ((366))
قال المروذي: أخبرني أبو عبد اللَّه مناولة: عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظْرَةِ الفَجْأَةِ؟ فَقال: «اصْرِفْ بَصَرَكَ».
وعن عتبة بن غزوان الرَّقاشي قال: قال لي أبو موسى الأشعري: ما لي أرى عينيك نافرةً؟
فقلت: إني التفت التفاتةً، فإذا جارية منكشفة لبعض الحبش، فلحظتها لحظةً، فصككتها صكة إِلى ما ترى.
فقال له أبو موسى: استغفر ربك؛ فإنك قد ظلمتَ عينيك، لك أول نظرة، وعليك ما بعدها ((2)).
«الورع» ((377) – (378))
قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا هاشم، حدثنا ابن المبارك، عن الحسن، كانوا يقولون: ابن آدم، النظرة الأولى تعذر فيها، فما بال الآخرة!!
«الزهد» ص (345)
(14) – لا تنظر المرأة إلى الرجل كما لا ينظر الرجل إلى المرأة
قال ابن هانئ: سألت أبا عبد اللَّه عن حديث نبهان، عن أم سلمة، دخل ابن أم مكتوم فأشار النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلنا: إنه أعمى، قال: «أفعمياوان أنتما لا تبصرانه».
قلت: هذا لا ينبغي للمرأة أن تنظر إلى الرجل، كما أن الرجل لا ينبغي له أن ينظر إلى المرأة؟
قال: نعم.
«مسائل ابن هانئ» ((1838))، ((1994))
نقل بكر بن محمد عن أبيه قال: ذكر له -أي للإمام أحمد- حديث أم سلمة: «إذا كان لمكاتب إحداكن ما يؤدي، فاحتجبن ((1)) منه»، فقال: هذا لأزواج النبي خاصة.
«الروايتين والوجهين» (2) / (77)
قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: كان حديث نبهان لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصةً ((1))، وحديث فاطمة ((2)) لسائر الناس؟
قال: نعم.
«الروايتين والوجهين» (2) / (77)، «المغني» (9) / (507)، «الفروع» (5) / (154)
*الجامع لعلوم الإمام أحمد – الأدب والزهد (20) / (39) — أحمد بن حنبل (ت (241)) باب آداب النظر صلى الله عليه وسلم (22) – ينظر من أراد شراء الأمة إليها*
(19) – لا ينظر إلى الغلام الأمرد
قال الخلال: أخبرني العباس بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم قال: حدثني عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل، قال: سمعت إبراهيم النيسابوري، قال: سمعت يحي بن معين -بمصر- يقول: ما طمع غلام أمرد بصحبتي قط، ولا لأحمد بن حنبل.
«أحكام النساء» ((3))
قال الخلال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: سمعت الأعين، يقول: قدم علينا إنسان من أصحابنا من خُراسان، ومعه غلام ابن أختٍ له وضيء -أو قال: جميل- فمضينا إلى أبي عبد اللَّه، فسلَّم عليه وحدَّثه، فلما قام خلا بالرجل، فقال له: من هذا الغلام؟ قال: ابن أختي، قال: أحبُّ إذا جئتني لا يكون معك، والذي أرى لك أن لا يمشي معك في الطريق.
«أحكام النساء» ((4))
قال الجنيد بْنُ مُحَمَّدٍ: جاءَ رَجُل إلَى أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ مَعَهُ غُلامٌ أَمْرَدُ حَسَنُ الوَجْهِ، فَقال لَهُ: مَنْ هذا الفَتَى؟ فَقال الرَّجُلُ: ابني، فَقال: لا تَجِئْ بِهِ مَعَك مَرَّةً أُخْرى، فَلامَهُ بَعْضُ أَصْحابِهِ فِي ذَلِكَ.
فقال أحمد: عَلَى هذا رَأَيْنا أَشْياخَنا، وَبِهِ أَخْبَرُونا عَنْ أَسْلافِهِمْ.
«مجموع الفتاوى» (15) / (376)
(20) – النظر إلى المملوكة
قال المروذي: قلت لأبي عبد اللَّه: الرجل ينظر إلى المملوكة؟
قال: إذا خاف الفتنة لم ينظر، كم نظرة قد ألقت في قلب صاحبها البلابل.
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة؟ فقال: «اصْرِفْ بَصَرَكَ» ((1))؛ قال اللَّه تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ} [غافر: (19)]
«الورع» ((367))
*معالم السنن (3) / (222) — الخطابي (ت (388)) *
ومن باب ما يؤمر به من غض البصر
قال أبو داود: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري قال أخبرنا شريك، عَن أبي
ربيعة الإيادي عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب صلى الله عليه وسلم لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليس لك الآخرة.
قال الشيخ النظرة الأولى إنما تكون له لا عليه إذا كانت فجأة من غير قصد أو تعمد وليس له أن يكرر النظر ثانية ولا له أن يتعمده بدءا كان أو عودا.
قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير، قال: حَدَّثنا سفيان، قال: حَدَّثنا يونس بن عبيد عن عمرو بن سعيد، عَن أبي زرعة عن جرير، قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فقال اصرف بصرك.
قال الشيخ ويروى اطرق بصرك حدثنا ابن الأعرابي، قال: حَدَّثنا علي بن عبد العزيز، قال: حَدَّثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن عمر بن سعيد، عَن أبي زرعة عن جرير، قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فقال اطرق بصرك.
قال الشيخ الأطراق أن يقبل ببصره إلى صدره والصرف أن يقبله إلى الشق الآخر أو الناحية الأخرى.
قال أبو داود: حدثنا مسدد، قال: حَدَّثنا أبو عَوانة عن الأعمش، عَن أبي وائل، عَن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تباشر المرأة المرأة لتنعتها لزوجها كأنما ينظر إليها.
قال الشيخ فيه دلالة على أن الحيوان قد يضبط بالصفة ضبط حصر وإحالة واستدلوا به على جواز السلم في الحيوان.
قال أبو داود: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حَدَّثنا أبو ثور عن معمر قال أخبرنا طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق تمنّى وتشتهي والفرج يصدق ذلك ويكذبه.
قال الشيخ قوله اشبه باللمم يريد بذلك ما عفا الله عنه من صغائر الذنوب وهو معنى قوله تعالى {الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلاّ اللمم} [الشورى: (37)] وهو ما يلم به الإنسان من صغائر الذنوب التي لا يكاد يسلم منها إلاّ من عصمه الله تعالى وحفظه وإنما سمي النظر زنا والقول زنا لأنهما مقدمتان للزنا فإن البصر رائد واللسان خاطب والفرج مصدق للزنا ومحقق له بالفعل.
وفي قوله والفرج يصدق ذلك ويكذبه مستدل لمن جعل المتلوط زانيًا يجلد أو يرجم كسائر الزناة وذلك أنه قد واقع الفرج بفرجه وهو صورة الزنا حقيقة.
*قوت المغتذي على جامع الترمذي (2) / (698) — الجلال السيوطي (ت (911)) *
(769) -[(2776)] «عن نَظْرَةِ الفُجأةِ» هي أن يقع النظر إلى الأجنبيهَ من غير قصد بغتة.
*شرح السيوطي على مسلم (5) / (187) — الجلال السيوطي (ت (911)) جزء (5) صلى الله عليه وسلم [(2161)] *
[(2159)] نظرة الْفجأَة بِضَم الْفَاء وَفتح الْجِيم وبالمد وَيُقَال بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الْجِيم وَالْقصر هِيَ البغتة وَمعنى نظرة الْفجأَة أَن يَقع بَصَره على الْأَجْنَبِيَّة من غير قصد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ فِي أول ذَلِك وَيجب عَلَيْهِ أَن يصرف بَصَره فِي الْحَال.
====
قال النووي:
ومعنى ” نظر الفجأة “: أن يقع بصره على الأجنبية من غير قصد فلا إثم عليه في أول ذلك ويجب عليه أن يصرف بصره في الحال فإن صرف في الحال فلا إثم عليه، وإن استدام النظر أثم لهذا الحديث فإنه صلى الله عليه وسلم أمره بأن يصرف بصره مع قوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم …
ويجب على الرجال غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض صحيح شرعي وهو حالة الشهادة والمداواة وإرادة خطبتها أو شراء الجارية أو المعاملة بالبيع والشراء وغيرهما ونحو ذلك وإنما يباح في جميع هذا قدر الحاجة دون ما زاد والله أعلم.
” شرح مسلم ” (14/ 139).
===
أحكام النظر والخلوة والاختلاط
السؤال الثاني من الفتوى رقم ((4671))
س (2): هل يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة الأجنبية أكثر من نظر الفجأة؟ وإذا كان لا يجوز فهل يجوز للطلاب الرجال أن يحضروا محاضرة تلقيها امرأة متبرجة أو تلبس ملابس لصيقة على جسمها بحجة التعليم؟
ج (2): لا يجوز له النظر إليها أكثر من نظر الفجأة، إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك، كما في حالة الإنقاذ من غرق، أو حريق، أو هدم أو نحو ذلك، أو في حالة كشف طبي، أو علاج مرض إذا لم يتيسر أن يقوم بذلك من النساء. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … عضو … نائب الرئيس … الرئيس
عبد الله بن قعود … عبد الله بن غديان … عبد الرزاق عفيفي … عبد العزيز بن عبد الله بن باز
*****
الفتوى رقم ((4177))
س: ذنوبي كثرت، وسببها النظر إلى عورات النساء، وأنا أعلم حرمتها، وذلك من خلال شاشة التليفزيون، وفي بيتنا (4) تلفزيونات – (4) شياطين- ويترتب على هذه النظرات معصيةأخرى هي نكاح الوسادة.
ج: الواجب عليك التوبة والاستغفار، فإن الله جل وعلا يغفر الذنوب جميعا، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا} ((1)) وقال تعالى: {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} ((2)) وقال تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} ((3)) وللتوبة من حقوق الله شروط، هي: الاعتراف بالذنب، والندم على فعله، والعزم على ألا يعود إليه. ومن حقوق الخلق تشترط هذه الثلاثة وشرط رابع، وهو: رد الحق إلى صاحبه ما أمكن. وعليك الإكثار من تلاوة القرآن وتدبره، والعمل به، والدعوة إلى الله سبحانه، ومحاولة اجتناب الفتن، والمغريات بالمعاصي ما استطعت إلى ذلك سبيلا، والجأ إلى الله أن يحفظك من الوقوع في المعاصي، وأن ييسر لك سبيل الزواج، ويجعل لكالعفة والحصانة والغنى. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … عضو … نائب الرئيس
عبد الله بن قعود … عبد الله بن غديان … عبد الرزاق عفيفي
فتاوى اللجنة الدائمة – 1 — اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (معاصر)
====
سنن أبي داود
بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ
2148 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ؟ فَقَالَ: «اصْرِفْ بَصَرَكَ»
[حكم الألباني]: صحيح
2149 – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ الْإِيَادِيِّ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: «يَا عَلِيُّ لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ»
[حكم الألباني]: حسن
2150 – حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، لِتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا»
[حكم الألباني]: صحيح
2151 – حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى امْرَأَةً فَدَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّهُ يُضْمِرُ مَا فِي نَفْسِهِ»
[حكم الألباني]: صحيح
2152 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَيُكَذِّبُهُ».
[حكم الألباني]: صحيح
2153 – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لِكُلِّ ابْنِ آدَمَ حَظُّهُ مِنَ الزِّنَا» بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: «وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ فَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ فَزِنَاهُمَا الْمَشْيُ، وَالْفَمُ يَزْنِي فَزِنَاهُ الْقُبَلُ».
[حكم الألباني]: حسن م دون جملة الفم
2154 – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: «وَالْأُذُنُ زِنَاهَا الِاسْتِمَاعُ»
[حكم الألباني]: حسن صحيح
=====
قال الخطابي:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليس لك الآخرة.
قال الشيخ النظرة الأولى إنما تكون له لا عليه إذا كانت فجأة من غير قصد أو تعمد وليس له أن يكرر النظر ثانية ….
قال أبو الحسن بن القطان ت 628 هـ:
فصل
وغضُّ البصر ليس من التروك المقصودة في نفسها، التي تتضمَّن معاني مقصودة كالصَّوم الذي يفيد كسر النَّفس، وكفَّها عن دواعي شهواتها، بل إنَّما يكون غضُّ البصر طاعةً، من حيث هو ترك معصية. وإذا عَزَّ (1) منظور إليه، حرم الشرع النظر إليه أو كرهه، كالكوز (2) الذي به، تارك لشرب الخمر (أو للزنى) (3) مثلًا، ليس باعتباره أنه كان أو يكون طاعة، بل باعتبار كونه تركاً للمعصية.
فإذاً تحتاج هذه التروك -وغضُّ البصر منها- في كونها طاعة، إلى قصد ترك المحرم منها (4) والتقرب إلى الله سبحانه …..
قال ابن رسلان:
قوله: “اصرف بصرك” لم يرد به نظرة الفجأة كما هو ظاهر اللفظ، وإنما يصرف بصره عن النظرة التي بعدها التي تقع تحت اكتساب الآدمي، فكأنه يقول: إذا نظرت إلى ما لا يجوز بغتة بغير قصد، فاصرف بصرك عن الدوام، وعن النظرة الثانية.
(وليست لك) النظرة (الثانية) أي: ليس لك أن تعود إلى النظرة الثانية ….
قال أبو الحسن القابسي: هذا من أبين ما تحمى به الذرائع (2). فإنه نهى أن تضاجع المرأة المرأة، وبين لما نهاها عن ذلك، وأخبر أن ذلك ينتهي إلى أن تصف لزوجها المرأة بأمارات منها وصفات …. فإنه سبب إلى معرفة نعتها (كأنما) لفظ البخاري: “كأنه” (1) (ينظر إليها) استدلوا به على جواز السلم في الحيوان إذا وصف وصفًا تامًّا، وقد يستدل به على أنه يصح البيع بالصفة التي تقوم مقام النظر كما في الحديث: “كأنه ينظر إليها” كما يصح في السلم، قال ابن قدامة: وهو قول أكثر أهل العلم. وعن أحمد: لا يصح حتى يراه (2). كما هو الجديد من مذهب الشافعي (3)
[شرح سنن أبي داود لابن رسلان 9/ 488]
قال الشنقيطي:
وقد قال البخاري رحمه الله: وقال سعيد بن أبي الحسن للحسن: إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورؤوسهن، قال: اصرف بصرك عنهن. بقول الله عز وجل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} قال قتادة: عما لا يحل لهم {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} خائنة الأعين النظر إلى ما نهى عنه. اهـ محل الغرض منه بلفظه.
وبه تعلم أن قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ} فيه الوعيد لمن يخون بعينه بالنظر إلى ما لا يحل له، وهذا الذي دلت عليه الآيتان من الزجر عن النظر إلى ما لا يحل جاء موضحًا في أحاديث كثيرة.
منها ما ثبت في الصحيح، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه … : فإذا أبيتم إلَّا المجلس فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر” انتهى هذا لفظ البخاري في صحيحه.
ومنها ما ثبت في الصحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: “أردف النبي صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس … الحديث.
ومحل الشاهد منه: أنه صلى الله عليه وسلم صرف وجه الفضل عن النظر إليها، فدل ذلك على أن نظره إليها لا يجوز. واستدلال من يرى أن للمرأة الكشف عن وجهها بحضرة الرجال الأجانب بكشف الخثعمية وجهها في هذا الحديث، سيأتي إن شاء الله الجواب عنه في الكلام على مسألة الحجاب في سورة الأحزاب.
ومنها ما ثبت في الصحيحين، وغيرهما: من أن نظر العين إلى ما لا يحل لها تكون به زانية، فقد ثبت في الصحيح عن ابن عباس أنه قال: ما رأيت شيئًا أشبه باللمم …. “. اهـ. هذا لفظ البخاري. والحديث متفق عليه، وفي بعض رواياته زيادة على ما ذكرنا هنا.
ومحل الشاهد منه قوله صلى الله عليه وسلم: فزنى العين النظر، فإطلاق اسم الزنى على نظر العين إلى ما لا يحل دليل واضح على تحريمه والتحذير منه. والأحاديث بمثل هذا كثيرة معلومة.
ومعلوم أن النظر سبب الزنى فإن من أكثر من النظر إلى جمال امرأة مثلًا قد يتمكن بسببه حبها من قلبه تمكنًا يكون سبب هلاكه، والعياذ باللَّه، فالنظر بريد الزنى …
وقد ذكر ابن الجوزي رحمه الله في كتابه ذم الهوى فصولًا جيدة نافعة أوضح فيها الآفات التي يسببها النظر وحذر فيها منه، وذكر كثيرًا من أشعار الشعراء، والحكم النثرية في ذلك، وكله معلوم. والعلم عند الله تعالى
[أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن 6/ 212 ط عطاءات العلم]
قال العباد:
وغض الأبصار مطلوب من الرجال والنساء، وقد جاء ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:30] ثم قال في الآية التي بعدها: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور:31] فغض البصر مطلوب، فالرجال يغضون الأبصار عن النساء، والنساء يغضضن الأبصار عن الرجال.
وأورد أبو داود حديث جرير رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فقال: (اصرف بصرك)، ومعناه أن الإنسان إذا وقع بصره على امرأة فجأة من غير اختيار فإنه لا يواصل ويستمر، وإنما عليه أن يصرف بصره ذلك الذي حصل اتفاقاً من غير قصد، وهو معذور فيه، وأما إذا أمعن النظر وداوم واستمر فإن هذا يكون مؤاخذاً عليه ومنهياً عنه.
وذكر النظر في كتاب النكاح لعله لكون النظر منه ما هو مشروع، وهو النظر إلى المخطوبة ومنه ما هو غير مشروع
[شرح سنن أبي داود للعباد 247/ 3 بترقيم الشاملة آليا]
قال الإتيوبي:
(المسألة الثانية): في فوائده:
وفي حديث محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن فاطمة رضي الله عنها: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لها: انتقلي إلى بيت ابن أم مكتوم، فإنه رجل، قد ذهب بصره، فإن وضعت شيئًا من ثيابك لم ير شيئًا
وفي هذا الحديث دليل على جواز نظر المرأة الرجل الأعمى، وكونها معه، وإن لم تكن ذات محرم منه، في دار واحدة، وبيت واحد، وفي ذلك ما يَرُدّ حديث نبهان- مولى أم سلمة- عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: … فقلنا: يا رسول الله أليس بأعمى، ولا يبصرنا؟ قال: “أَفَعَمْيَاوَانِ أنتما”.
ففي هذا الحديث نهيه عن نظرهما إلى ابن أم مكتوم، وفي حديث فاطمة إباحة نظرها إليه، ويشهد لحديث نبهان هذا ظاهر قول الله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31]، كما قال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30]، ويشهد لذلك من طريق الغَيْرة أن نظرها إليه كنظره إليها، وقد قال بعض الأعراب: لأن ينظر إلى وليّتي عشرة رجال خير من أن تنظر هي إلى رجل واحد.
ومن قال بحديث فاطمة احتَجَّ بصحة إسناده، وأنه لا مطعن لأحد من أهل العلم بالحديث فيه، وقال: إن نبهان -مولى أم سلمة- ليس ممن يُحتجّ بحديثه، وزعم أنه لم يرو إلا حديثين منكرين: أحدهما هذا، والآخر عن أم سلمة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في المكاتَب: “إذا كان عنده ما يؤدي به كتابته احتجبت منه سيدته”. انتهى كلام ابن عبد البرّ رحمه الله.
قال الجامع عفا الله عنه: حديث مولى أم سلمة رضي الله عنها المذكور ضعيف، فلا يعارض خديث فاطمة بنت قيس المذكور المتّفق عليه، وعلى تقدير صحّته فأمهات المؤمنين لسن كسائر النساء، يشدّد في حقِّهن ما يشدّد في غيرهنّ، والله تعالى أعلم
[البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج 35/ 466]
=====
قال ابن القيم في الداء والدواء:
مَنَافِعُ غَضِّ الْبَصَرِ
غَضُّ الْبَصَرِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّ النَّظْرَةَ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ، وَمَنْ أَطْلَقَ لَحَظَاتِهِ دَامَتْ حَسَرَاتُهُ، وَفِي غَضِّ الْبَصَرِ عِدَّةُ مَنَافِعَ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ امْتِثَالٌ لِأَمْرِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ غَايَةُ سَعَادَةِ الْعَبْدِ فِي مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ، فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فِي دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ أَنْفَعُ مِنَ امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ، وَمَا شَقِيَ مَنْ شَقِيَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا بِتَضْيِيعِ أَوَامِرِهِ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ أَثَرِ السَّهْمِ الْمَسْمُومِ – الَّذِي لَعَلَّ فِيهِ هَلَاكَهُ – إِلَى قَلْبِهِ.
الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ يُورِثُ الْقَلْبَ أُنْسًا بِاللَّهِ وَجَمْعِيَّةً عَلَيْهِ، فَإِنَّ إِطْلَاقَ الْبَصَرِ يُفَرِّقُ الْقَلْبَ وَيُشَتِّتُهُ، وَيُبْعِدُهُ عَنِ اللَّهِ، وَلَيْسَ عَلَى الْقَلْبِ شَيْءٌ أَضَرُّ مِنْ إِطْلَاقِ الْبَصَرِ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْوَحْشَةَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ.
الرَّابِعَةُ: أَنَّهُ يُقَوِّي الْقَلْبَ وَيُفْرِحُهُ، كَمَا أَنَّ إِطْلَاقَ الْبَصَرِ يُضْعِفُهُ وَيُحْزِنُهُ.
الْخَامِسَةُ: أَنَّهُ يُكْسِبُ الْقَلْبَ نُورًا، كَمَا أَنَّ إِطْلَاقَهُ يُلْبِسُهُ ظُلْمَةً، وَلِهَذَا ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ آيَةَ النُّورِ عُقَيْبَ الْأَمْرِ بِغَضِّ الْبَصَرِ، فَقَالَ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [سُورَةُ النُّورِ: (30)].
ثُمَّ قَالَ إِثْرَ ذَلِكَ: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} [سُورَةُ النُّورِ: (35)].
أَيْ مَثَلُ نُورِهِ فِي قَلْبِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ الَّذِي امْتَثَلَ أَوَامِرَهُ وَاجْتَنَبَ نَوَاهِيَهُ، وَإِذَا اسْتَنَارَ الْقَلْبُ أَقْبَلَتْ وُفُودُ الْخَيْرَاتِ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا أَظْلَمَ أَقْبَلَتْ سَحَائِبُ الْبَلَاءِ وَالشَّرِّ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَمَا شِئْتَ مِنْ بِدَعٍ وَضَلَالَةٍ، وَاتِّبَاعِ هَوًى، وَاجْتِنَابِ هُدًى، وَإِعْرَاضٍ عَنْ أَسْبَابِ السَّعَادَةِ، وَاشْتِغَالٍ بِأَسْبَابِ الشَّقَاوَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكْشِفُهُ لَهُ النُّورُ الَّذِي فِي الْقَلْبِ، فَإِذَا نَفَذَ ذَلِكَ النُّورُ بَقِيَ صَاحِبُهُ كَالْأَعْمَى الَّذِي يَجُوسُ فِي حَنَادِسِ الظَّلَامِ.
السَّادِسَةُ: أَنَّهُ يُورِثُ فِرَاسَةً صَادِقَةً يُمَيَّزُ بِهَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالصَّادِقِ وَالْكَاذِبِ، وَكَانَ شُجَاعٌ الْكِرْمَانِيُّ يَقُولُ: مَنْ عَمَّرَ ظَاهِرَهُ بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَبَاطِنَهُ بِدَوَامِ الْمُرَاقَبَةِ، وَغَضَّ بَصَرَهُ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَكَفَّ نَفْسَهُ عَنِ الشُّبَهَاتِ، وَاغْتَذَى بِالْحَلَالِ، لَمْ تُخْطِئْ لَهُ فِرَاسَةٌ وَكَانَ شُجَاعًا لَا تُخْطِئُ لَهُ فِرَاسَةٌ.
وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يَجْزِي الْعَبْدَ عَلَى عَمَلِهِ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ لِلَّهِ شَيْئًا عَوَّضَهُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ، فَإِذَا غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، عَوَّضَهُ اللَّهُ بِأَنْ يُطْلِقَ نُورَ بَصِيرَتِهِ، عِوَضًا عَنْ حَبْسِ بَصَرِهِ لِلَّهِ، وَيَفْتَحُ عَلَيْهِ بَابَ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ، وَالْمَعْرِفَةِ وَالْفِرَاسَةِ الصَّادِقَةِ الْمُصِيبَةِ الَّتِي إِنَّمَا تُنَالُ بِبَصِيرَةٍ، فَقَالَ تَعَالَى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [سُورَةُ الْحِجْرِ: (27)].
فَوَصَفَهُمْ بِالسَّكْرَةِ الَّتِي هِيَ فَسَادُ الْعَقْلِ، وَالْعَمَهِ الَّذِي هُوَ فَسَادُ الْبَصِيرَةِ، فَالتَّعَلُّقُ بِالصُّوَرِ يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْلِ، وَعَمَهَ الْبَصِيرَةِ، وَسُكْرَ الْقَلْبِ، كَمَا قَالَ الْقَائِلٌ:
سَكْرَانُ سُكْرُ هَوًى وَسُكْرُ مُدَامَةٍ … وَمَتَّى إِفَاقَةُ مَنْ بِهِ سُكْرَانِ
وَقَالَ الْآخَرُ:
قَالُوا جُنِنْتَ بِمَنْ تَهْوَى فَقُلْتُ لَهُمْ … الْعِشْقُ أَعْظَمُ مِمَّا بِالْمَجَانِينِ
الْعِشْقُ لَا يَسْتَفِيقُ الدَّهْرَ صَاحِبُهُ … وَإِنَّمَا يُصْرَعُ الْمَجْنُونُ فِي الْحِينِ
السَّابِعَةُ: أَنَّهُ يُورِثُ الْقَلْبَ ثَبَاتًا وَشَجَاعَةً وَقُوَّةً، فَجَمَعَ اللَّهُ لَهُ بَيْنَ سُلْطَانِ النُّصْرَةِ وَالْحُجَّةِ، وَسُلْطَانُ الْقُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ، كَمَا فِي الْأَثَرِ: «الَّذِي يُخَالِفُ هَوَاهُ، يَفِرُّ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ».
وَضِدُّ هَذَا تَجِدُ فِي الْمُتَّبِعِ لِهَوَاهُ – مِنْ ذُلِّ النَّفْسِ وَوَضَاعَتِهَا وَمَهَانَتِهَا وَخِسَّتِهَا وَحَقَارَتِهَا – مَا جَعَلَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِيمَنْ حَصَاهُ.
كَمَا قَالَ الْحَسَنُ: «إِنَّهُمْ وَإِنْ طَقْطَقَتْ بِهِمُ الْبِغَالُ، وَهَمْلَجَتْ بِهِمُ الْبَرَاذِينُ، إِنَّ ذُلَّ الْمَعْصِيَةِ فِي رِقَابِهِمْ، أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُذِلَّ مَنْ عَصَاهُ».
وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْعِزَّ قَرِينَ طَاعَتِهِ، وَالذُّلَّ قَرِينَ مَعْصِيَتِهِ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ: (8)].
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: (139)].
وَالْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ، وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [سُورَةُ فَاطِرٍ: (10)].
أَيْ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلْيَطْلُبْهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَذِكْرِهِ مِنَ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ.
وَفِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ: «إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ» وَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ وَالَاهُ فِيمَا أَطَاعَهُ فِيهِ، وَلَهُ مِنَ الْعِزِّ بِحَسَبِ طَاعَتِهِ، وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَادَاهُ فِيمَا عَصَاهُ فِيهِ، وَلَهُ مِنَ الذُّلِّ بِحَسَبِ مَعْصِيَتِهِ.
الثَّامِنُ: أَنَّهُ يُسْدَلُ عَلَى الشَّيْطَانِ مَدْخَلُهُ مِنَ الْقَلْبِ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَعَ النَّظْرَةِ وَيَنْفُذُ مَعَهَا إِلَى الْقَلْبِ أَسْرَعَ مِنْ نُفُوذِ الْهَوَاءِ فِي الْمَكَانِ الْخَالِي، فَيُمَثِّلُ لَهُ صُورَةَ الْمَنْظُورِ إِلَيْهِ وَيُزَيِّنُهَا، وَيَجْعَلُهَا صَنَمًا يَعْكُفُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ ثُمَّ يَعِدُهُ وَيُمَنِّيهِ، وَيُوقِدُ عَلَى الْقَلْبِ نَارَ الشَّهْوَةِ، وَيُلْقِي عَلَيْهَا حَطَبَ الْمَعَاصِي الَّتِي لَمْ يَكُنْ يُتَوَصَّلُ إِلَيْهَا بِدُونِ تِلْكَ الصُّورَةِ، فَيَصِيرُ الْقَلْبُ فِي اللَّهَبِ.
فَمِنْ ذَلِكَ اللَّهَبِ تِلْكَ الْأَنْفَاسُ الَّتِي يَجِدُ فِيهَا وَهَجَ النَّارِ، وَتِلْكَ الزَّفَرَاتُ وَالْحَرْقَاتُ، فَإِنَّ الْقَلْبَ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِ النِّيرَانُ بِكُلِّ جَانِبٍ، فَهُوَ فِي وَسَطِهَا كَالشَّاةِ فِي وَسَطِ التَّنُّورِ، وَلِهَذَا كَانَتْ عُقُوبَةُ أَصْحَابِ الشَّهَوَاتِ لِلصُّوَرِ الْمُحَرَّمَةِ: أَنْ جُعِلَ لَهُمْ فِي الْبَرْزَخِ تَنُّورٌ مِنَ النَّارِ، وَأُودِعَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِيهِ إِلَى يَوْمِ حَشْرِ أَجْسَادِهِمْ، كَمَا أَرَاهَا اللَّهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ.
التَّاسِعَةُ: أَنَّهُ يُفَرِّغُ الْقَلْبَ لِلْفِكْرَةِ فِي مَصَالِحِهِ وَالِاشْتِغَالِ بِهَا، وَإِطْلَاقُ الْبَصَرِ يُنْسِيهِ ذَلِكَ وَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَيَنْفَرِطُ عَلَيْهِ أَمْرُهُ وَيَقَعُ فِي اتِّبَاعِ هَوَاهُ وَفِي الْغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [سُورَةُ الْكَهْفِ: (28)].
وَإِطْلَاقُ النَّظَرِ يُوجِبُ هَذِهِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ بِحَسَبِهِ.
الْعَاشِرَةُ: أَنَّ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْقَلْبِ مَنْفَذًا وَطَرِيقًا يُوجِبُ انْتِقَالَ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ، وَأَنْ يَصْلُحَ بِصَلَاحِهِ، وَيَفْسُدَ بِفَسَادِهِ، فَإِذَا فَسَدَ الْقَلْبُ؛ فَسَدَ النَّظَرُ، وَإِذَا فَسَدَ النَّظَرُ؛ فَسَدَ الْقَلْبُ، وَكَذَلِكَ فِي جَانِبِ الصَّلَاحِ، فَإِذَا خَرِبَتِ الْعَيْنُ وَفَسَدَتْ؛ خَرِبَ الْقَلْبُ وَفَسَدَ، وَصَارَ كَالْمَزْبَلَةِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ النَّجَاسَاتِ وَالْقَاذُورَاتِ وَالْأَوْسَاخِ، فَلَا يَصْلُحُ لِسُكْنَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَمَحَبَّتِهِ وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ، وَالْأُنْسِ بِهِ وَالسُّرُورِ بِقُرْبِهِ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَسْكُنُ فِيهِ أَضْدَادُ ذَلِكَ.
الداء والدواء = الجواب الكافي – ط دار المعرفة (1) / (178) – (180)
[فَصْلٌ مَدْخَلُ الْمَعَاصِي النَّظْرَةُ]
فَصْلٌ
مَدْخَلُ الْمَعَاصِي
وَأَكْثَرُ مَا تَدْخُلُ الْمَعَاصِي عَلَى الْعَبْدِ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ الْأَرْبَعَةِ، فَنَذْكُرُ فِي كُلِّ بَابٍ مِنْهَا فَصْلًا يَلِيقُ بِهِ.
النَّظْرَةُ
فَأَمَّا اللَّحَظَاتُ: فَهِيَ رَائِدُ الشَّهْوَةِ وَرَسُولُهَا، وَحِفْظُهَا أَصْلُ حِفْظِ الْفَرْجِ، فَمَنْ أَطْلَقَ بَصَرَهُ أَوْرَدَ نَفْسَهُ مَوَارِدَ الْمُهْلِكَاتِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّمَا لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْأُخْرَى».
وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم : «النَّظْرَةُ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ، فَمَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ لِلَّهِ، أَوْرَثَ اللَّهُ قَلْبَهُ حَلَاوَةً إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ» هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ.
وَقَالَ: «غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ»، وَقَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَجَالِسُنَا مَا لَنَا بُدٌّ مِنْهَا، قَالَ: فَإِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ فَاعِلِينَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ، قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الْأَذَى وَرَدُّ السَّلَامِ».
وَالنَّظَرُ أَصْلُ عَامَّةِ الْحَوَادِثِ الَّتِي تُصِيبُ الْإِنْسَانَ، فَالنَّظْرَةُ تُوَلِّدُ خَطْرَةً، ثُمَّ تُوَلِّدُ الْخَطْرَةُ فِكْرَةً، ثُمَّ تُوَلِّدُ الْفِكْرَةُ شَهْوَةً، ثُمَّ تُوَلِّدُ الشَّهْوَةُ إِرَادَةً، ثُمَّ تَقْوَى فَتَصِيرُ عَزِيمَةً جَازِمَةً، فَيَقَعُ الْفِعْلُ وَلَا بُدَّ، مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ، وَفِي هَذَا قِيلَ: الصَّبْرُ عَلَى غَضِّ الْبَصَرِ أَيْسَرُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى أَلَمِ مَا بَعْدَهُ.
قَالَ الشَّاعِرُ:
كُلُّ الْحَوَادِثِ مَبْدَاهَا مِنَ النَّظَرِ … وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ
كَمْ نَظْرَةٌ بَلَغَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا … كَمَبْلَغِ السَّهْمِ بَيْنَ الْقَوْسِ وَالْوَتَرِ
وَالْعَبْدُ مَا دَامَ ذَا طَرْفٍ يُقَلِّبُهُ … فِي أَعْيُنِ الْعِينِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْخَطَرِ
يَسُرُّ مُقْلَتَهُ مَا ضَرَّ مُهْجَتَهُ … لَا مَرْحَبًا بِسُرُورٍ عَادَ بِالضَّرَرِ
وَمِنْ آفَاتِ النَّظَرِ: أَنَّهُ يُورِثُ الْحَسَرَاتِ وَالزَّفَرَاتِ وَالْحَرَقَاتِ، فَيَرَى الْعَبْدُ مَا لَيْسَ قَادِرًا عَلَيْهِ وَلَا صَابِرًا عَنْهُ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْعَذَابِ، أَنْ تَرَى مَا لَا صَبْرَ لَكَ عَنْ بَعْضِهِ، وَلَا قُدْرَةَ عَلَى بَعْضِهِ.
قَالَ الشَّاعِرُ:
وَكُنْتُ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدًا … لِقَلْبِكَ يَوْمًا أَتْعَبَتْكَ الْمَنَاظِرُ
رَأَيْتَ الَّذِي لَا كُلُّهُ أَنْتَ قَادِرٌ … عَلَيْهِ وَلَا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابِرُ
وَهَذَا الْبَيْتُ يَحْتَاجُ إِلَى شَرْحٍ، وَمُرَادُهُ: أَنَّكَ تَرَى مَا لَا تَصْبِرُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: «لَا كُلُّهُ أَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ» نَفْيٌ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْكُلِّ الَّذِي لَا يَنْتَفِي إِلَّا بِنَفْيِ الْقُدْرَةِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ.
وَكَمْ مَنْ أَرْسَلَ لَحَظَاتِهِ فَمَا قَلَعَتْ إِلَّا وَهُوَ يَتَشَحَّطُ بَيْنَهُنَّ قَتِيلًا، كَمَا قِيلَ:
يَا نَاظِرًا مَا أَقْلَعَتْ لَحَظَاتُهُ … حَتَّى تَشَحَّطَ بَيْنَهُنَّ قَتِيلَا
وَلِي مِنْ أَبْيَاتٍ:
مَلَّ السَّلَامَةَ فَاغْتَدَتْ لَحَظَاتُهُ … وَقْفًا عَلَى طَلَلٍ يَظُنُّ جَمِيلًا
مَا زَالَ يُتْبِعُ إِثْرَهُ لَحَظَاتِهِ … حَتَّى تَشَحَّطَ بَيْنَهُنَّ قَتِيلًا
وَمِنَ الْعَجَبِ: أَنَّ لَحْظَةَ النَّاظِرِ سَهْمٌ لَا يَصِلُ إِلَى الْمَنْظُورِ إِلَيْهِ حَتَّى يَتَبَوَّأَ مَكَانًا مِنْ قَلْبِ النَّاظِرِ، وَلِي مِنْ قَصِيدَةٍ:
يَا رَامِيًا بِسِهَامِ اللَّحْظِ مُجْتَهِدًا … أَنْتَ الْقَتِيلُ بِمَا تَرْمِي فَلَا تُصِبِ
يَا بَاعِثَ الطَّرْفِ يَرْتَادُ الشِّفَاءَ لَهُ … احْبِسْ رَسُولَكَ لَا يَاتِيكَ بِالْعَطَبِ
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ النَّظْرَةَ تَجْرَحُ الْقَلْبَ جُرْحًا، فَيَتْبَعُهَا جُرْحٌ عَلَى جُرْحٍ، ثُمَّ لَا يَمْنَعُهُ أَلَمُ الْجِرَاحَةِ مِنِ اسْتِدْعَاءِ تَكْرَارِهَا، وَلِي أَيْضًا فِي هَذَا الْمَعْنَى:
مَا زِلْتَ تُتْبِعُ نَظْرَةً فِي نَظْرَةٍ … فِي إِثْرِ كُلِّ مَلِيحَةٍ وَمَلِيحِ
وَتَظُنُّ ذَاكَ دَوَاءَ جُرْحِكَ وَهُوَ فِي الْ … تَحْقِيقِ تَجْرِيحٌ عَلَى تَجْرِيحِ
فَذَبَحْتَ طَرْفَكَ بِاللِّحَاظِ وَبِالْبُكَا … فَالْقَلْبُ مِنْكَ ذَبِيحٌ أَيُّ ذَبِيحِ
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ حَبْسَ اللَّحَظَاتِ أَيْسَرُ مِنْ دَوَامِ الْحَسَرَاتِ.
الداء والدواء = الجواب الكافي – ط دار المعرفة (1) / (152) – (154)
===
قال ابن تيمية:
وفي الحديث الذي في المسند وغيره: {النظر سهم مسموم من سهام إبليس} وفيه: {من نظر إلى محاسن امرأة ثم غض بصره عنها أورث الله قلبه حلاوة عبادة يجدها إلى يوم القيامة} – أو كما قال – ولهذا يقال: إن غض البصر عن الصورة التي نهي عن النظر إليها – كالمرأة والأمرد الحسن – يورث ذلك ثلاث فوائد جليلة القدر:
إحداها: حلاوة الإيمان ولذته التي هي أحلى وأطيب مما تركه لله فإن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه والنفس تحب النظر إلى هذه الصور ….. ويوسف مع عزوبته ومراودتها له واستعانتها عليه بالنسوة وعقوبتها له بالحبس على العفة: عصمه الله بإخلاصه لله؛ تحقيقا لقوله: {لأغوينهم أجمعين} {إلا عبادك منهم المخلصين} قال تعالى: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين} والغي هو اتباع الهوى. وهذا الباب من أعظم أبواب اتباع الهوى. ومن أمر بعشق الصور من المتفلسفة كابن سينا وذويه أو من الفرس كما يذكر عن بعضهم؛ أو من جهال المتصوفة: فإنهم أهل ضلال وغي فهم مع مشاركة اليهود في الغي والنصارى في الضلال زادوا على الأمتين في ذلك؛ فإن هذا وإن ظن أن فيه منفعة للعاشق كتطليق نفسه وتهذيب أخلاقه وللمعشوق من الشفاء في مصالحه وتعليمه وتأديبه وغير ذلك: فمضرة ذلك أضعاف منفعته. وأين إثم ذلك من منفعته؟ وإنما هذا كما يقال: إن في الزنا منفعة لكل منهما بما يحصل له من التلذذ والسرور ويحصل لها من الجعل وغير ذلك وكما يقال: إن في شرب الخمر منافع بدنية ونفسية. وقد قال في الخمر والميسر: {قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما} وهذا قبل التحريم دع ما قاله عند التحريم وبعده. وباب التعلق بالصور هو من جنس الفواحش وباطنه من باطن الفواحش وهو من باطن الإثم قال تعالى: {وذروا ظاهر الإثم وباطنه} وقال تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} وقد قال: {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون}.
وليس بين أئمة الدين نزاع في أن هذا ليس بمستحب كما أنه ليس بواجب فمن جعله ممدوحا وأثنى عليه فقد خرج من إجماع المسلمين؛ بل واليهود والنصارى؛ بل وعما عليه عقلاء بني آدم من جميع الأمم وهو ممن اتبع هواه بغير هدى من الله {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين} وقد قال تعالى: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى} {فإن الجنة هي المأوى} وقال تعالى {ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب} …
وأما الفائدة الثانية في غض البصر فهو: أنه يورث نور القلب والفراسة قال تعالى عن قوم لوط: {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} فالتعلق في الصور يوجب فساد العقل وعمى البصيرة وسكر القلب بل جنونه …
والفائدة الثالثة: قوة القلب وثباته وشجاعته فيجعل الله له سلطان النصرة مع سلطان الحجة. وفي الأثر: ” الذي يخالف هواه يفرق الشيطان من ظله ” ولهذا يوجد في المتبع لهواه من الذل – ذل النفس وضعفها ومهانتها – ما جعله الله لمن عصاه فإن الله جعل العزة لمن أطاعه والذلة لمن عصاه …
[مجموع الفتاوى 21/ 252]
___
قال ابن الجوزي رحمه الله:
الْبَابُ الْحَادِي عَشَرَ فِي الأَمْرِ بِغَضِّ الْبَصَرِ
اعْلَمْ وَفَّقَكَ اللَّهُ أَنَّ الْبَصَرَ صَاحِبُ خَبَرِ الْقَلْبِ يَنْقُلُ إِلَيْهِ أَخْبَارَ الْمُبْصَرَاتِ وَيَنْقُشُ فِيهِ صُوَرَهَا فَيَجُولُ فِيهَا الْفِكْرُ فَيَشْغَلُهُ ذَلِكَ عَنِ الْفِكْرِ فِيمَا يَنْفَعُهُ مِنْ أَمْرِ الآخِرَةِ
وَلَمَّا كَانَ إِطْلاقُ الْبَصَرِ سَبَبًا لِوُقُوعِ الْهَوَى فِي الْقَلْبِ أَمَرَكَ الشَّرْعُ بِغَضِّ الْبَصَرِ عَمَّا يُخَافُ عَوَاقِبَهُ فَإِذَا تَعَرَّضْتَ بِالتَّخْلِيطِ وَقَدْ أُمِرْتَ بِالْحَمِيَّةِ فَوَقَعْتَ إِذًا فِي أَذًى فَلِمَ تُضَجُّ مِنْ أَلِيمِ الأَلَمِ
قَالَ اللَّهُ عز وجل قُلْ للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ثُمَّ أَشَارَ إِلَى مُسَبِّبِ هَذَا السَّبَب وَنبهَ على مَا يَئُول إِلَيْهِ هَذَا الشَّرُّ بِقَوْلِهِ وَيَحْفَظُوا فروجهم ويحفظن فروجهن
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَنْبَأَنَا يُونُسُ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظْرَةِ الْفُجَاءَةِ فَقَالَ اصْرِفْ بَصَرَكَ
انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ فَرَوَاهُ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ وَهُوَ ابْنُ عُبَيْدٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الطُّوسِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ السَّمَرْقَنْدِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بن الْبَنَّا وَأَبُو الْفضل ابْن الْعَالِمَةِ وَأَبُو الْحَسَنِ الْخَيَّاطُ قَالُوا أَنْبَأَنَا ابْنُ النَّقُّورِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حُبَابَةَ وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ قَالُوا أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّرِيفِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِنَانِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا طَالُوتُ بْنُ عَبَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا فَضَالُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ اكْفَلُوا لِي بِسِتٍّ أَكْفُلُ لَكُمْ بِالْجَنَّةِ إِذَا حَدَّثَ أَحَدُكُمْ فَلا يَكْذِبْ وَإِذَا اؤْتُمِنَ فَلا يَخُنْ وَإِذَا وَعَدَ فَلا يُخْلِفْ وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَخِيهِ الْفَضْلِ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنَى فَبَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ إِذْ عَرَضَ لَهُ أَعْرَابِيٌّ مُرْدِفَ ابْنَةٍ لَهُ جَمِيلَةٍ وَكَانَ يُسَايِرُهُ قَالَ فَكُنْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهَا فَنَظَرَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَلَبَ وَجْهِي عَنْ وَجْهِهَا ثُمَّ أَعَدْتُ النَّظَرَ فَقَلَبَ وَجْهِي عَنْ وَجْهِهَا حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثًا
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشِّيرَازِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبِْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ بَكْرٍ الْوَرَثَانِيُّ قَالَ حَدثنَا أَبُو الْأَزْهَر الميافارقيني قَالَ سَمِعْتُ فَتْحَ بْنَ شَخْرَفَ يَقُولُ قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ ابْن خُبَيْقٍ يَا خُرَاسَانِيُّ إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعٌ لَا غَيْرَ عَيْنُكَ وَلِسَانُكَ وَقَلْبُكَ وَهَوَاكَ فَانْظُرْ عَيْنَكَ لَا تَنْظُرُ بِهَا إِلَى مَا لَا يَحِلُّ وَانْظُرْ لِسَانَكَ لَا تَقُلْ بِهِ شَيْئًا يَعْلَمُ اللَّهُ خِلافَهُ مِنْ قَلْبِكَ وَانْظُرْ قَلْبَكَ لَا يَكُونُ فِيهِ غِلٌّ وَلا حِقْدٌ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَانْظُرْ هَوَاكَ لَا تَهْوَ شَيْئًا مِنَ الشَّرِّ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيكَ هَذِهِ الأَرْبَعُ خِصَالٍ فَاجْعَلِ الرَّمَادَ عَلَى رَاسِكَ فَقَدْ شَقِيتَ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَل قَالَ حَدثنَا هرون ابْن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ قَالَ دَاوُدُ نَبِيُّ اللَّهِ عليه السلام مَعَاشِرَ الأَتْقِيَاءِ تَعَالَوْا أُعَلِّمْكُمْ خَشْيَةَ اللَّهِ عز وجل
أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْكُمْ أَحَبَّ أَنْ يَحْيَا وَيَرَى الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ فَلْيَحْفَظْ عَيْنَيْهِ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى السُّوءِ وَلِسَانَهُ أَنْ يَنْطِقَ بِالإِفْكِ عَيْنُ اللَّهِ إِلَى الصِّدِّيقِينَ وَهُوَ سَمِيعٌ لَهُمْ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشِّيرَازِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبِْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الْفَرْغَانِيُّ يَقُولُ سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ يَقُولُ سَمِعْتُ السُّرِّيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ مَعْرُوفًا الْكَرْخِيَّ يَقُولُ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَلَوْ عَنْ شَاةٍ أُنْثَى
أَخْبَرَنَا الْمُحَمَّدَانِ ابْنُ نَاصِرٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالا أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عِصْمَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ذِي النِّونِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ فَتَى حَسَنٌ يُمْلِي عَلَيْهِ شَيْئًا فَمَرَّتِ امْرَأَةٌ ذَاتُ حُسْنٍ وَجَمَالٍ وَخُلُقٍ فَجَعَلَ الْفَتَى يُسَارِقُ النَّظَرَ إِلَيْهَا فَفَطِنَ ذُو النُّونِ فَلَوَى عُنُقَ الْفَتَى وَأَنْشَأَ يَقُولُ
دَعِ الْمَصُوغَاتِ مِنْ مَاءٍ وَمِنْ طِينِ … وَاشْغِلْ هَوَاكَ بِحُورٍ خُرَّدٍ عِينِ
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْخَلَدِيُّ قَالَ سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ يَقُولُ اصْرِفْ هَمَّكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِيَّاكَ أَنْ تَنْظُرَ بِالْعَيْنِ الَّتِي بِهَا تُشَاهِدُ اللَّهَ عز وجل إِلَى غَيْرِ اللَّهِ عز وجل فَتَسْقُطَ مِنْ عَيْنِ اللَّهِ عز وجل
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ ابْن عَلِيٍّ الْخَيَّاطُ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بن جَعْفَر ابْن مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَجُلٌ تَابَ وَقَالَ لَوْ ضُرِبَ ظَهْرِي بِالسِّيَاطِ مَا دَخَلْتُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلا أَنَّهُ لَا يَدَعُ النَّظَرَ فَقَالَ أَيُّ تَوْبَةٍ هَذِهِ
قَالَ جَرِيرٌ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظْرَةِ الْفُجَاءَةِ فَقَالَ اصْرِفْ بَصَرَكَ
الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي ذَمِّ فُضُولِ النَّظَرِ
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَاكِمُ وَيَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الْمُدِيرُ قَالُوا أَنْبَأَنَا ابْنُ النَّقُورِ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حُبَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَا عَلِيُّ إِنَّ لَكَ فِي الْجَنَّةِ كَنْزًا وَإِنَّكَ ذُو قَرْنَيْهَا فَلا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ سَلَمَةُ يَرْوِي عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بُخَيْتٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ ذُرَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُرَيْكٍ عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ
النَّظْرَةَ فَإِنَّمَا لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ وُعُمَرُ بْنُ ظَفْرٍ قَالا أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَاقِلَّاوِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الْعَلاءِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أبونصر أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النِّيَازِكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْخَيْرِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الأَجْلَحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ قَالَ دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ وَمَعَهُ قَوْمٌ وَفِي الْبَيْتِ امْرَأَةٌ فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَوِ انْفَقَأَتْ عَيْنُكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمْدَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ كُلَيْبٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِدَاوُدَ الطَّائِيِّ لَوْ أَمَرْتَ بِمَا فِي سَقْفِ الْبَيْتِ مِنْ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ فَنُظِّفَ
فَقَالَ لَهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ فُضُولَ النَّظَرِ
ثُمَّ قَالَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ نُبِّئْتُ أَنَّ مُجَاهِدًا كَانَتْ فِي دَارِهِ عُلِّيَّةٌ ثَلاثِينَ سَنَةً لَمْ يَشْعُرْ بِهَا
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الزَّيْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنِ الْمَدَائِنِي عَنْ أَشْيَاخِهِ قَالَ طَلَبَ دَاوُدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بَعْضُ أُمَرَاءِ الْبَصْرَةِ فَلَجَأَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَكَانَ مَنْزِلُهُ أَقْصَى الْبَصْرَةِ وَكَانَ الرَّجُلُ غَيُورًا فَأَنْزَلَهُ مَنْزِلَهُ وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا زَرْقَاءُ وَكَانَتْ جَمِيلَةٌ فَخَرَجَ الرَّجُلُ فِي حَاجَةٍ وَأَوْصَاهَا أَنْ تُلْطِفَهُ وَتَخْدُمَهُ فَلَمَّا قدم الرجل قَالَ لَهُ كَيْفَ رَأَيْتَ الزَّرْقَاءَ وَكَيْفَ كَانَ لُطْفُهَا بِكَ قَالَ مَنِ الزَّرْقَاءُ قَالَ أُمُّ مَنْزِلِكَ قَالَ مَا أَدْرِي أَزَرْقَاءُ هِيَ أَمْ كَحْلاءُ فَأَتَاهَا زَوْجُهَا فَتَنَاوَلَهَا وَقَالَ أَوْصَيْتُكِ بِدَاوُدَ أَنْ تُلْطِفِيهِ وَتَخْدُمِيهِ فَلَمْ تَفْعَلِي قَالَتْ أَوْصَيْتِنِي بَرَجُلٍ أَعْمَى وَاللَّهِ مَا رَفَعَ طَرْفَهُ إِلَيَّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْن نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزَّرَّادُ قَالَ خَرَجَ حَسَّانُ إِلَى الْعِيدِ فَقِيلَ لَهُ لَمَّا رَجَعَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا رَأَيْنَا عِيدًا أَكْثَرَ نِسَاءً مِنْهُ قَالَ مَا لَقِيَتْنِي امْرَأَةٌ حَتَّى
رَجَعْتُ قَالَ الدَّوْرَقِيُّ وَحَدَّثَنِي غَسَّانُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْخٌ لَنَا يُقَالُ لَهُ أَبُو حَكِيمٍ قَالَ خَرَجَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ يَوْمَ الْعِيدِ فَلَمَّا رَجَعَ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ كَمْ مِنَ امْرَأَةٍ حَسَنَة قد نظرت الْيَوْم فَلم أكثرت قل وَيْحَكِ مَا نَظَرَتُ إِلا فِي إِبْهَامِي مُنْذُ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدَكِ حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْكِ
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ إِذْنًا قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيلٍ الْعَنْزِيُّ عَنْ أَبِي جَابِرٍ الضَبِّيُّ قَالَ قَدِمَتْ بَنُو كِلابٍ الْبَصْرَةَ فَأَتَيْتُهُمْ فَإِذَا عُجُوزٌ مَعَهَا صَبِيَّةٌ لَمْ أَرَ أَجْمَلَ مِنْهَا وَأَنَا إِذْ ذَاكَ غُلامٌ فَجَعَلْتُ أُدِيمُ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَفَطِنَتِ الْعَجُوزُ لِنَظَرِي فَقَالَتْ لِي يَا بُنَيَّ مَا أَحْوَجَكَ إِلَى مَا يَكُفُّ بَصَرَكَ أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الشَّاعِرِ
وَمَنْ يَتَّبِعْ عَيْنَيْهِ فِي النَّاسِ لَا يَزَلْ … يَرَى حَاجَةً مَمْنُوعَةً لَا يَنَالُهَا
قَالَ فَانْصَرَفْتُ وَاللَّهِ لَمْ أَحِرْ جَوَابًا وَفِي قَلْبِي مِثْلَ النَّارِ
وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَخلق الْإِنْسَان ضَعِيفا قَالَ الْمَرْأَةُ تَمُرُّ بِالرَّجُلِ فَلا يَمْلِكُ نَفْسَهُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا وَلا يَنْتَفِعُ بِهَا فَأَيُّ شَيْءٍ أَضْعَفُ مِنْ هَذَا
وَأَنْشَدَ مِسْكِينٌ الدَّارَمِيُّ
مَا ضُرَّ لِي جَارٌ أُجَاوِرُهُ … أَنْ لَا يَكُونَ لِبَابِهِ سِتْرُ
أَعْمَى إِذَا مَا جَارَتِي خَرَجَتْ … حَتَّى يُوَارِيَ جَارَتِي الْخِدْرُ
وَتَصُمُّ عَمَّا بَيْنَهُمْ أُذُنِي … حَتَّى يَصِيرَ كَأَنَّهُ وَقْرُ
وَكَانَ فِي عَصْرِنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَحْشَوَيْهِ الْحَرْبِيُّ لَا يَمْشِي إِلا وَعَلَى رَاسِهِ طَرْحَةٌ لِيَكُفَّ بِذَلِكَ بَصَرَهُ عَنِ الانْطِلاقِ
وَدَخَلَ دَار اخت لَهُ فَرَأى لاجة امْرَأَةٍ فَقَالَ نَحُّوا تِلْكَ الَّلالِجَةَ كي لَا أَنْظُرُ إِلَيْهَا
الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ شَرِّ النَّظَرِ
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْعَيْنَانُ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ جَمِيعًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُصَينِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ الْحَنَفِيُّ عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ عَنِ الأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْقَاضِي قَالَ أَنبأَنَا عَليّ ابْن حَسَّانٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُطَيَّنٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الحَرَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ الْفَزَارِيِّ عَنْ أَبِي شُعْبَةَ أَوْ شَيْبَةَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَا عَلِيُّ اتَّقِ النَّظْرَةَ بَعْدَ النَّظْرَةِ فَإِنَّهَا سَهْمٌ مَسْمُومٌ يُورِثُ الشَّهْوَةَ فِي الْقَلْبِ
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُبَارَكٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلالُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ التَّمَارُ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الله ابْن عَلِيٍّ الْخَلالُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْخَلالُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِد ابْن مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ كَانَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ يَقُولُ النَّظَرُ يَزْرَعُ فِي الْقَلْبِ الشَّهْوَةُ وَكَفَى بِهَا خَطِيئَةٌ
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الْحَافِظُ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَتِيقِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا عُمَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْمشاب قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ الْفَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ الْبَزَّازُ قَالَ حَدَّثَنَا الْفضل ابْن مُوسَى الْبَصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ قَالَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ إِيَّاكُمْ وَالنَّظْرَةَ فَإِنَّهَا تَزْرَعُ فِي الْقَلْبِ الشَّهْوَةَ وَكَفَى بِهَا لِصَاحِبِهَا
فِتْنَةً قَالَ سُفْيَانُ وَكَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ يَغُضُّ بَصَرَهُ فَمَرَّ بِهِ نِسْوَةٌ فَأَطْرَقَ حَتَّى ظَنَّ النِّسْوَةُ أَنَّهُ أَعْمَى فَتَعَوَّذْنَ بِاللَّهِ مِنَ الْعَمَى
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ بُخَيْتٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ نَظْرَةٍ فَإِنَّ لِلْشَيْطَانِ فِيهَا مَطْمَعًا
قَالَ هَنَّادٌ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَمْعَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الشَّيْطَانُ مِنَ الرَّجُلِ فِي ثَلاثَةِ مَنَازِلَ فِي بَصَرِهِ وَقَلْبِهِ وَذِكْرِهِ وَهُوَ مِنَ الْمَرْأَةِ فِي ثَلاثَةِ مَنَازِلَ فِي بَصَرِهَا وَقَلْبِهَا وَعَجُزِهَا
قَالَ هَنَّادٌ وَحَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ قَالَ الرَّجُلُ يَكُونُ فِي الْقَوْمِ فَتَمُرُّ بهُمُ الْمَرْأَةُ فَيُرِيَهُمْ أَنَّهُ يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْهَا فَإِنْ رَأَى مِنْهُمْ غَفْلَةً نَظَرَ إِلَيْهَا فَإِنْ خَافَ أَنْ يَفْطُنُوا إِلَيْهِ غَضَّ بَصَرَهُ وَقَدِ اطَّلَعَ اللَّهُ عز وجل مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ يَوَدُّ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى عَوْرَتِهَا
قَالَ هَنَّادٌ وَحَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ كُلُّ نَظْرَةٍ يَهْوَاهَا الْقَلْبُ فَلا خَيْرَ فِيهَا
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ حَبْلَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ سِنَانَ قَالَ قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ مَا أُحِبُّ أَنِّي بَصِيرٌ إِنِّي أَذْكُرُ أَنِّي نَظَرْتُ نَظْرَةً وَأَنَا شَابٌّ
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهبِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ مَالِكٍ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ سُلَيْمَانَ قَالَ لابْنِهِ يَا بُنَيَّ امْشِ وَرَاءَ الأَسَدِ وَالأَسْوَدِ وَلا تَمْشِ وَرَاءَ امْرَأَةٍ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ نَبْهَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ دُومَا قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الذَّارِعُ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُؤَدِّبُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍقَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعِيزَارِ قَالَ قَالَ الْحَسَنُ مَنْ أَطْلَقَ طَرْفَهُ طَالَ أَسَفُهُ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْدٍ عَنِ الْعَلَاء بن زِيَاد قَالَ لاتتبع بَصَرَكَ رِدَاءَ امْرَأَةٍ فَإِنَّ النَّظْرَةَ تَجْعَلُ فِي الْقَلْبِ شَهْوَةً
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ يُوسُفَ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَّاطُ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْخُتُلِّيُّ قَالَ أَنبأَنَا أَحْمد ابْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَرْوَزِيُّ قَالَ قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى الْمَمْلُوكَةِ قَالَ إِذَا خَافَ الْفِتْنَةَ لَا يَنْظُرُ كَمْ نَظْرَةٍ قَدْ أَلْقَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا الْبَلابِلَ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّوْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَطَاءٍ الرُّوذَبَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِي قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ ذُو النُّونِ اللَّحَظَاتُ تُورِثُ الْحَسَرَاتِ أَوَّلُهَا أَسَفٌ وَآخِرُهَا تَلَفٌ فَمَنْ تَابَعَ طَرْفَهُ تَابَعَ حَتْفَهُ
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ نَبْهَانَ قَالَ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ دَوْمَا قَالَ أَنْبَأَنَا الذَّارِعُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ أَوَّلُ الْعِشْقِ النَّظَرُ وَأَوَّلُ الْحَرِيقِ الشَّرَرُ
قَالَ الذَّارِعُ وَحَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَنْبَأَنَا مَهْدِيُّ بْنُ سَابِقٍ قَالَ اجْتَمَعَ عِنْدَ الإِسْكَنْدَرِ نَفَرٌ مِنَ الْفَلاسِفَةِ فَذَكَرُوا يَوْمًا تُولَدُ الْمَحَبَّةُ مِنَ النَّظَرِ فَقَالَ أَحَدُهُمُ النَّظَرُ أَوَّلُهُ أَسَفٌ وَآخِرُهُ تَلَفٌ
وَقَالَ آخَرُ مَنْ طَاوَعَ طَرْفَهُ تَابَعَ حَتْفَهُ
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ أَنْبَأَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمَرْزُبَانِ إِذْنًا قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن عَليّ ابْن بِشْرٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ بَيَّنَّا رَجُلٌ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ إِذْ بَصَرَ بِامْرَأَةٍ ذَاتِ جَمَالٍ وَقَوَامٍ فَأَفْتَنَتْهُ وَشَغَلَتْ قَلْبَهُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الْحُبَّ يَعْرِضُ لِي … عِنْدَ الطَّوَافِ بِبَيْتِ اللَّهِ ذِي السُّتَرِ
حَتَّى ابْتُلِيتُ فَصَارَ الْقَلْبُ مُخْتَبِلا … مِنْ حُبِّ جَارِيَةٍ حوراء كَالْقَمَرِ
ياليتني لَمْ أَكُنْ عَايَنْتُ صُورَتَهَا … لِلَّهِ مَاذَا تَوَّخَانِي بِهِ بَصَرِي
فَاحْذَرْ يَا أَخِي وَفَّقَكَ اللَّهُ مِنْ شَرِّ النَّظَرِ فَكَمْ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ عَابِدٍ وَفَسَخَ عَزْمَ زَاهِدٍ وَسَتَرَى فِي غُضُونِ هَذَا الْكِتَابِ مَا تَعْتَبِرُ بِهِ مِنْ قِصَصٍ مِنْ فِتْنَةِ النَّظَرِ فَاتَّعِظْ بِذَلِكَ وَتَلَّمَحْ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم النَّظَرُ سَهْمٌ مَسْمُومٌ لأَنَّ السَّهْمَ يَسْرِي إِلَى الْقَلْبِ فَيَعْمَلَ فِي الْبَاطِنِ قَبْلَ أَنْ يُرَى عَمَلَهُ فِي الظَّاهِرِ فَاحْذَرْ مِنَ النَّظَرِ فَإِنَّهُ سَبَبُ الآفَاتِ إِلا أَنَّ عِلاجَهُ فِي بِدَايَتِهِ قَرِيبٌ فَإِذَا كُرِّرَ تَمَكَّنَ الشَّرُّ فَصَعُبَ عِلاجُهُ
وَأَضْرِبُ لَكَ فِي ذَلِكَ مَثَلا إِذَا رَأَيْتَ فَرَسًا قَدْ مَالَتْ بِرَاكِبِهَا إِلَى دَرْبٍ ضَيِّقٍ فَدَخَلَتْ فِيهِ بِبَعْضِ بَدَنِهَا وَلِضِيقِ الْمَكَانِ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَدُورَ فِيهِ فَصِيحَ بِهِ ارْجِعْهَا عَاجِلا قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ دُخُولُهَا فَإِنْ قَبِلَ وَرَدَّهَا خُطْوَةً إِلَى وَرَاءِهَا سَهُلَ الأَمْرُ وَإِنْ تَوَانَى حَتَّى وَلِجَتْ ثُمَّ قَامَ يَجْذِبُهَا بِذَنَبِهَا طَالَ تَعَبُهُ وَرُبَّمَا لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ وَكَذَلِكَ النَّظْرَةُ إِذَا أَثَّرَتْ فِي الْقَلْبِ فَإِنْ عَجِلَ الْحَازِمُ بِغَضِّهَا وَحَسِمَ الْمَادَةَ مِنْ أَوَّلِهَا سَهُلَ عِلاجُهُ وَإِنْ كَرَّرَ النَّظَرَ نَقَّبَ عَنْ مَحَاسِنِ الصُّورَةِ وَنَقَلَهَا إِلَى قَلْبٍ مُتَفَرِّغٍ فَنَقَشَهَا فِيهِ فَكُلَمَا تَوَاصَلَتِ النَّظَرَاتُ كَانَتْ كَالْمِيَاهِ تُسْقَى بِهَا الشَّجْرَةُ فَلا تَزَالُ تَنْمِي فَيَفْسِدُ الْقَلْبُ وَيُعْرِضُ عَنِ الْفِكْرِ فِيمَا أُمِرَ بِهِ وَيَخْرُجُ بِصَاحِبِهِ إِلَى الْمِحَنِ وَيُوجِبُ ارْتِكَابَ الْمَحْظُورَاتِ وَيُلْقِي فِي التَّلَفِ
وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الْهَلاكِ أَنَّ النَّاظِرَ أَوَّلَ نَظْرَةٍ الْتَذَّ بِهَا فَكَرَّرَهَا يَطْلُبُ الالْتِذَاذَ بِالنَّظَرِ مُسْتَهِينًا بِذَلِكَ فَأَعْقَبَهُ مَا اسْتَهَانَ بِهِ التَّلَفُ وَلَوْ أَنَّهُ غَضَّ عِنْدَ أَوَّلِ نَظْرَةٍ لَسَلِمَ فِي بَاقِي عُمْرِهِ
[ذم الهوى ص82]