369 جامع الأجوبة الفقهية ص 404
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–
بلوغ المرام
حديث رقم
137 – و 138 –
مسألة: متى يحل للرجل إتيان إمرأته الحائض إذا انقطع دمها؟
إذا انقطع دم المرأة الحائض فهل يجوز للرجل أن يأتيها قبل الغسل، أم لا يجوز حتى تغتسل؟
للعلماء في هذه المسألة قولين:
القول الأول: أنه يحرم إتيانها إذا إنقطع الدم قبل أن تغتسل وهذا مذهب جمهور أهل العلم.
القول الثاني: قالوا: يجوز أن يطأها بعد الوضوء، بدون تفريق بين أقل الحيض وأكثره. وهذا قول طاوس، وعطاء، ومجاهد. وقال الظاهرية، وابن حزم بقولهم، وزادوا الجواز بعد غسل الفرج.
القول الثالث: يجوز الوطء قبل الغسل إذا انقطاع الدم بعد أكثر أيام الحيض، وهذا مذهب الحنفية.
صلى الله عليه وسلم – أدلة الجمهور على التحريم قبل الغسل:
الدليل الأول:
قول اللَّه تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}.
• وجه الدلالة: الآية تدل من وجهين:
الأول: قوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} يعني: إذا اغتسلن، هكذا فسره ابن عباس.
الثاني: أن اللَّه تعالى قال في الآية: {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} فأثنى عليهم بالتطهّر، فيدل على أنه فِعْلٌ منهم أثنى عليهم به، وفعلهم هو الاغتسال دون انقطاع الدم؛ إذ أن انقطاع الدم ليس فعلًا لهم، فشرط لإباحة الوطء شرطين: انقطاع الدم، والاغتسال، فلا يباح إلا بهما.
الدليل الثاني:
قوله تعالى: {ولا تقربوهن حتى يطهرن} معناه حتى ينقطع دمهن، فإذا تطهرن (معناه): فإذا اغتسلن.
الدليل الثالث:
قالوا: ولأنها ممنوعة من الصلاة لحدث الحيض، فلم يبح وطؤها كما لو انقطع لأقل الحيض.
صلى الله عليه وسلم – أدلة من قال بالجواز:
قوله تعالى: {ولا تقربوهن حتى يطهرن} غاية، وما بعد الغاية يخالف ما قبلها وإلا لم تكن غاية، وقد وجدت الغاية إذ هي انقطاع دمها – على قراءة التخفيف – فيحل وطؤها، لأن النهي انتهت غايته.
واحتجوا أيضاً: بأن المنع في قوله: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ} في الحائض، والتي انقطع دمها ليست حائضًا، فوجب التفريق في الحكم.
صلى الله عليه وسلم – قال ابن المنذر في الأوسط” (2/ 214): “وإذا بطلت الروايات التي رويت عن عطاء، وطاوس، ومجاهد، كان المنع من وطء من قد طهرت من المحيض، ولما تطهر بالماء؛ كالإجماع من أهل العلم، إلا ما قد ذكرناه من منع ذلك، ولا نجد أحدا ممن قد يعد قوله خلافًا قابلهم، إلا بعض من أدركنا من أهل زماننا، ممن لا أن يقابل عوام أهل العلم به”. انتهى
صلى الله عليه وسلم – جاء في رؤوس المسائل للزمخشري (ص: 128)
المرأة إذا انقطع دمها لأكثر الحيض يحل للزوج وطئها عندنا، وعند الشافعي: لا يحل ما لم تتطهر بالماء.
دليلنا في المسألة: وهو أنا أجمعنا على أن المرأة إذا انقطع دمها يلزمها الصوم، فوجب أن لا يمنع الوطء، كما إذا كان بعد الغسل. واحتج الشافعي، بقول الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} والطهارة لا تحصل إلا بالاغتسال. انتهى
صلى الله عليه وسلم – قال الشافعي رحمه الله تعالى في أحكام القرآن (1/ 53): “وكان مبينًا في قول الله عز وجل: {حتى يطهرن} أنهن حيّض في غير حال الطهارة وقضى الله على الجنب: أن لا يقرب الصلاة حتى يغتسل، فكان مبينًا: أن لا مدة لطهارة الجنب إلا الغسل، ولا مدة لطهارة الحائض إلا ذهاب الحيض ثم الغسل، لقول الله عز وجل: {حتى يطهرن} وذلك انقضاء الحيض: {فإذا تطهرن} يعني بالغسل، لأن السنة دلت على أن طهارة الحائض الغسل”. انتهى
صلى الله عليه وسلم – قال ابن قدامة في المغني (1/ 245):
وطء الحائض قبل الغسل حرام، وإن انقطع دمها في قول أكثر أهل العلم قال ابنالمنذر: هذا كالإجماع منهم. وقال أحمد بن محمد المروذي: لا أعلم في هذا خلافا. وقال أبو حنيفة: إن انقطع الدم لأكثر الحيض، حل وطؤها، وإن انقطع لدون ذلك، لم يبح حتى تغتسل، أو تتيمم، أو يمضي عليها وقت صلاة؛ لأن وجوب الغسل لا يمنع من الوطء بالجنابة. انتهى
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (1/ 483):
فإن قيل: هل يجوز الجماع؟
فالجواب: لا، والدليل على هذا قوله تعالى: {ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله}.
فإن قيل: المرأة إذا كان عليها جنابة جاز أن تجامع قبل الغسل فكذلك هذه أيضا؟.
فالجواب: أن هذا قياس في مقابلة النص، فلا يعتبر.
فإن قيل: المراد بقوله: «تطهرن» أي: غسلن أثر الدم؟.
الجواب: أن هذا قال به بعض العلماء كابن حزم رحمه الله، ولكن نقول: إن المراد بالتطهر هو التطهر من الحدث، وهذا لا يكون إلا بالاغتسال، والدليل على ذلك قوله تعالى: {وإن كنتم جنبا فاطهروا}، وقال تعالى: {ولكن يريد ليطهركم}. انتهى
والله أعلم …