466 , 467 فتح الملك بنفحات المسك شرح صحيح البخاري.
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وسلطان الحمادي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة.
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري في كتاب الصلاة من صحيحه:
80 – بَابُ الْخَوْخَةِ وَالْمَمَرِّ فِي الْمَسْجِدِ
- [466] حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: “إِنَّ الله خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ الله ” فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ – إِنْ يَكُنِ الله خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ الله؟! فَكَانَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- هُوَ الْعَبْدَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، قَالَ: “يَا أَبَا بَكْرٍ، لَا تَبْكِ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابُ أَبِي بَكْرٍ”.
- [467] حدثنا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبٌ رَاسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: “إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلكِنْ خُلَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ، سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ”
————–
فوائد الباب:
1 – قوله: (باب الخوخة والممر في المسجد) أي جواز فعل مثل ذلك عمل خوخة وممر إلى المسجد.2 – حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-. أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
3 – حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-. أخرجه البخاري والنسائي في السنن الكبرى.
4 – وفي الباب عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وأبي المعلى -رضي الله عنه-.5 – قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين: “الخَوْخَةُ: مفترق بين بيتين أو دارين لم ينصب عليهما باب، بلغة أهل الحجاز”. انتهى، وقال الخطابي في أعلام الحديث: “بويب صغير”، وقال ابن الأثير في جامع الأصول: هو “منفذ يكون بين منزلين يجعل عليه باب”.
6 – قوله: (بين الدنيا) وعند البخاري 3904 ومسلم 2382 من طريق مالك: “بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء”. وعند ابن حبان في صحيحه 6593 من طريق أنيس بن أبي يحيى عن أبيه: “إن عبدا عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة”.
7 – قال الخطابي في أعلام الحديث: قوله: (أمنَّ عليَّ في نفسه وماله) معناه: أبذل لنفسه وأعطى لماله، والمن: العطاء من غير استثابة، ومنه قول الله عز وجل: {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب} وقال: {ولا تمنن تستكثر} قيل معناه: لا تعط لتأخذ أكثر مما أعطيت، ولم يرد بقوله: أمن الناس، معنى المنة. فإن المنة تفسد الصنيعة، وليس لأحد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منة، بل له المنة على جميع الأمة -صلى الله عليه وسلم.
8 – قوله: (خطب النبي -صلى الله عليه وسلم) وعند البخاري 3904 ومسلم 2382 والترمذي 3660 من طريق مالك – وهو في الموطأ رواية محمد بن الحسن الشيباني-: “جلس على المنبر”. وعند ابن حبان في صحيحه 6593 من طريق أنيس بن أبي يحيى: أخبرنا عن أبيه: “خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي مات فيه وهو معصوب الرأس، فاتبعته حتى قام على المنبر”.
9 – وفي حديث ابن عباس ثاني حديثي الباب (خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي مات فيه عاصب رأسه بخرقة فقعد على المنبر).
10 – هذه الخطبة التي خطبها النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا اليوم كانت أخر خطبة خطبها على المنبر. قاله الحافظ ابن رجب في فتح الباري.
11 – قوله: (إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله) لفظ العبودية من أشرف الألقاب إذا صرفها لله سبحانه وتعالى وحده، ألا ترى إلى قوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا). فذكره في هذا المقام الرفيع بهذا الوصف.
12 – قوله: (فبكى أبو بكر -رضي الله عنه) زاد البخاري 3904 ومسلم 2382 من طريق مالك “وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا”. وعند ابن حبان في صحيحه 6593 من طريق أنيس بن أبي يحيى عن أبيه” فقال: بأبي وأمي، بل نفديك بأموالنا وأنفسنا وأولادنا”.
13 – وهذا من الفهم في العلم الذي يخص الله به من شاء من عباده. قاله الحافظ بن رجب في فتح الباري.
14 – قوله: (ولكن خلة الإسلام أفضل)، إنما أشار بها إلى أخوة الدين وإلى معنى الاختصاص فيها. قاله الخطابي في أعلام الحديث.
15 – وأما قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا)) يدل على أن مقام الخلة أفضل من مقام المحبة؛ فإنه -صلى الله عليه وسلم- كان يحب أبا بكر وقد نفى عنه الخلة، والله تعالى يحب أنبياءه ورسله كلهم، ولم يخص بالخلة غير محمد وإبراهيم -صلى الله عليهما-. قاله ابن رجب.
[فتح الباري ((3) / (381))، وانظر: القول المفيد ((1) / (425))].
16 – قوله في حديث ابن عباس: (فحمد الله وأثنى عليه؛ ثم قال) أظنها خطبة الحاجة المشهورة.
17 – و (أبو قحافة) بضم القاف وخفة المهملة عثمان بن عامر التيمي أسلم يوم الفتح، وعاش إلى خلافة عمر، وله سبع وتسعون سنة، وليس في الصحابة من في نسله ثلاثة بطون صحابيون إلا هو. قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
18 – في أمره -صلى الله عليه وسلم- بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد غير باب أبي بكر اختصاص شديد لأبي بكر -رضي الله عنه-، وفيه دلالة على أنه قد أفرده في ذلك بأمر لا يشارك فيه، وأولى ما يصرف إليه التأويل فيه الخلافة، وقد أكد الدلالة عليها بأمره إياه بالإمامة في الصلاة التي لها بني المسجد، ولأجلها يدخل إليه من أبوابه. قاله الخطابي في أعلام الحديث.
19 – لا أعلم دليلا في إثبات القياس والرد على نفاته أقوى من إجماع الصحابة على استخلاف أبي بكر مستدلين في ذلك باستخلاف النبي -صلى الله عليه وسلم- إياه في أعظم أمور الدين، وهو الصلاة وإقامته فيها مقام نفسه، فقاسوا عليها سائر أمور الدين. قاله الخطابي في أعلم الحديث.
20 – قال المهلب: فيه التعريض بالعلم للناس، وإن قل فهماؤه، خشية أن يدخل عليهم مساءة أو حزن. وفيه: أنه لا يستحق أحد العلم حقيقة إلا من فهم، والحافظ لا يبلغ درجة الفهم، وإنما يقال للحافظ عالم بالنص لا بالمعنى والتأويل؛ ألا ترى أن أبا سعيد جعل لأبي بكر مزية بفهمه، أوجب له بها العلم حقيقة وإن كان قد أوجب العلم للجماعة. نقله ابن بطال في شرح صحيح البخاري.
21 – وفيه: أن أبا بكر أعلم الصحابة؛ لأن أبا سعيد شهد له بذلك بحضرة جماعتهم، ولم ينكر ذلك عليه أحد، ويدل على صحة ذلك مقامه بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- ووقت ارتداد العرب على بديهة منه دون أن يطيش له جنان، أو يختلج له لسان، وشدة نفسه وثبات قدمه. قاله ابن بطال في شرحه.
22 – باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر. قاله ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله البخاري في مناقب أبي بكر الصديق من صحيحه.
23 – ذكر البيان بأن أبا بكر -رضي الله عنه- كان من أمنِّ الناس على المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بصحبته. قاله ابن حبان في صحيحه.
24 – وفيه: الحض على اختيار ما عند الله والزهد في الدنيا والإعلام بمن اختار ذلك من الصالحين. قاله ابن بطال في شرحه.
25 – وفيه: أن على السلطان شكر من أحسن صحبته ومعونته بنفسه وماله، والاعتراف له بالمنة، واختصاصه بالفضيلة التى لم يُشارك فيها، كما اختص هو أبا بكر بما لم يخص به غيره، وذلك أنه جعل بابه فى المسجد؛ ليخلفه فى الإمامة ليخرج من بيته إلى المسجد، كما كان الرسول يخرج، ومنع الناس كلهم من ذلك دليل على خلافة أبى بكر بعد الرسول، ودليل على أن المرشح للخلافة يُخصُّ بكرامة تدل على ترشحه. قاله ابن بطال في شرحه.
26 – باب في مرضه ووفاته -صلى الله عليه وسلم-. قاله البغوي في شرح السنة.
27 – وفيه: دليل أن الخليل فوق الصديق والأخ. قاله ابن بطال في شرحه.
28 – وفيه: استئلاف النفوس بقوله: (ولكن أخوة الإسلام أفضل)، فاستألفهم بأن حرمة الخلة بمعنى شامل لهم عنده. قاله ابن بطال في شرحه.
29 – حديث سد الأبواب في المسجد إلا باب علي له روايات لا تخلو أسانيدها من مقال، وردها ليس مبنياً على دعوى التعارض فحسب كما يُحاول أن يصوره بعض الناس، وإنما يقوم بالأساس على المطاعن في رواتها لسوء حفظهم أو عدم ضبطهم أو تهمتهم. وقد تصدى الحافظ ابن حجر في «القول المسدد» وفي «الفتح» للدفاع عن بعض تلك الروايات، لكن كما قال المعلمي -رحمه الله تعالى- في تعليقه على «الفوائد المجموعة» للشوكاني:
«وفي كلامه تسمح، والحق أنه لا تسلم رواية منها عن وهن!».
وقد أجاد الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- في الكلام على هذه المسألة، فانظر ذلك مبسوطاً في «الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب» (ص 487 وما بعدها)، فسيفيدك إن شاء الله تعالى.
وضعف محققو المسند الحديث كذلك، ونقلوا كلام ابن تيمية في إنكاره.
30 – قوله: «لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر، إن أمنّ الناس عليَّ في صحبته وذات يده أبو بكر» وهذا الحديث فيه ثلاث خصائص لم يشرك أبا بكر فيها غيره:
[الأولى]: قوله ?: «إن أمنّ الناس علينا في صحبته وذات يده أبو بكر» بيّن فيه أنه ليس لأحد من الصحابة عليه من حق في صحبته وماله مثل ما لأبي بكر.
الثانية: قوله: «لا تبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر»، وهذا تخصيص له دون سائر الصحابة. وقد أراد بعض الكذابين أن يروي لعلي رضي الله عنه مثل ذلك، لكن الصحيح والثابت لا يعارض بالضعيف الموضوع.
الثالثة: قوله: «لو كنت متخذا خليلا من أهل الأرض لاتخذت أبا بكر خليلا» فإنه نص في أنه لا أحد من البشر يستحق الخلة لو كانت ممكنة إلا أبا بكر، ولو كان غيره أفضل منه لكان أحق بها لو كانت واقعة.
وكذلك أمره لأبي بكر أن يصلي بالناس مدة مرضه من خصائصه التي لم يشركه فيها أحد. ولم يأمر النبي ? أمته أن تصلي خلف أحد في حياته بحضرته إلا خلف أبي بكر.
وكذلك تأميره له من المدينة على الحج ليقيم السنة ويمحو أثر الجاهلية، فإن هذا من خصائصه.
وكذلك قوله في الحديث الصحيح: «ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه الناس من بعدي» ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر»
وأمثال هذه الأحاديث كثيرة تبين أنه لم يكن في الصحابة من يساويه.
[رسالة في فضل الخلفاء الراشدين (1) / (30) — ابن تيمية (ت (728))].
31 – قوله في حديث أبي سعيد: (عبيد بن حنين عن بسر بن سعيد).
اعلم أنه وقع في بعض النسخ أبو النضر عن عبيد بن حنين عن أبي سعيد، وفي بعضها أبو النضر عن عبيد عن بسر عن أبي سعيد بالجمع بينهما بواو العطف، وهذا الرابع خطأ لأن عبيداً لم يرو عن بسر. قال الغساني في كتابه التقييد: إن البخاري حكم بخطئه على ما نقل عنه الفربري. وقال فيه أيضاً: لعل فليحاً كان يحدث به مرة عن عبيد ومرة عن بسر ومرة عنهما وكل صواب. قاله الكرماني، وقال ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح: “وقال ابن السكن عن الفربري: قال محمد بن إسماعيل: هكذا رواه محمد بن سنان، عن فليح، وهو خطا، وإنما هو -عن عبيد وعن بسر- يعني: بواو العطف وكذا خرجه مسلم، عن سعيد بن منصور عن فليح به، قال: جميعا: عن أبي سعيد، ورواه عن فليح كرواية سعيد يونس بن محمد عند ابن أبي شيبة ….. يجوز أن يكون -فليح- حدث به مرة، عن عبيد، ومرة عن بسر، ومرة جمعهما”.انتهى
32 – قوله: (حدثنا محمد بن سنان) تابعه سعيد بن منصور؛ حدثنا فليح بن سليمان عن سالم أبي النضر عن عبيد بن حنين وبسر بن سعيد أخرجه مسلم 2382.
33 – قوله: (حدثنا فليح) تابعه مالك عن أبي النضر عن عبيد بن حنين وحده عن أبي سعيد به كما عند البخاري 3904 ومسلم 2382.