[1ج/ رقم (415)] فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، وعبد الحميد البلوشي، ومحمد البلوشي وأحمد بن علي وسلطان الحمادي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند [1ج/ رقم (415)]:
قال الإمام أحمد رحمه الله (ج (3) ص (18)):
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ ? غَرَزَ بَيْنَ يَدَيْهِ غَرْزًا، ثُمَّ غَرَزَ إِلَى جَنْبِهِ آخَرَ، ثُمَّ غَرَزَ الثَّالِثَ فَأَبْعَدَهُ، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «هَذَا الْإِنْسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ، وَهَذَا أَمَلُهُ يَتَعَاطَى الْأَمَلَ وَالْأَجَلُ، يَخْتَلِجُهُ دُونَ ذَلِكَ».
هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح، إلا علي بن علي الرفاعي، وقد وثَّقه ابن معين وأبو زرعة كما في «تهذيب التهذيب».
===================
الحديث سيكون من وجوه:
الوجه الأول:
أورد الحديث الإمام أحمد رحمه الله في المسند،، ((11132)).
والوادعي رحمه الله جعله في جامعه:
(5) – كتاب الجنائز، (2) – الأمل والأجل، ((1147)).
و (20) – كتاب الزهد، (10) – قصر الأمل يساعد على الزهد في الدنيا، ((2888)).
والحديث في الصحيحة (3428) وروي مرسلا وهو صحيح على الوجهين. ويشهد للمرفوع حديث ابن مسعود أخرجه البخاري (6417)
وحسنه صاحب أنيس الساري
وقال محققو المسند – ط: الرسالة -:
إسناده جيد، علي بن علي: هو ابن نجاد بن رفاعة الرفاعي، وثقه ابن معين، وأبو زرعة، ووكيع، والنسائي، وابن عمار، وقال أحمد: لم يكن به بأس، حديثه صالح، وقال أبو حاتم: ليس بحديثه بأس، ولا يحتج به، وقال الحافظ في» التقريب «: لا بأس به، رُمي بالقدر، وكان عابدًا، وأفرط فيه ابن حبان فقال في» المجروحين «(2) / (112): كان ممن يخطاء كثيرًا على قلة روايته، وينفرد عن الإثبات بما لا يشبه حديث الثقات، لا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد. روى له البخاري في» الأدب المفرد «، و» أصحاب السنن «. وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. عبد الملك بن عمرو: هو أبو عامر العقدي، وأبو المتوكل: هو علي بن
داود -ويقال: ابن دؤاد- الناجي.
وأخرجه الرامهرمزي في» الأمثال «((74))، وأبو نعيم في» الحلية «(6) / (311)، والبغوي في» شرح السنة «((4091)) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن علي بن علي، بهذا الإسناد. وقال أبو نعيم في» الحلية «: غريب من حديث أبي المتوكل، لم يروه -فيما أعلم- إلا ابن علي الرفاعي، ورواه عن علي الكبار، منهم وكيع بن الجراح وطبقته.
وأخرجه ابن المبارك في» الزهد «((254)) عن علي بن علي، عن أبي المتوكل، مرسلًا.
وأورده الهيثمي في» مجمع الزوائد «(10) / (255)، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير علي بن علي الرفاعي، وهو ثقة.
وقد سلفت أحاديث الباب في مسند عبد الله بن مسعود في الرواية ((3652)).
قال السندي: قوله:» وهذا أجله «، أي: الذي في جنبه.
قوله:» يختلجه «، أي: الأجل، أي: يجتذبه.
قوله:» دون ذلك”، أي: دون الأمل”. انتهى.
والثاني: شرح وبيان الحديث
“ان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحسَنَ النَّاسِ تَعليمًا، وكان يُعلِّمُ أصحابَه مِن المواقفِ التي تَمُرُّ عليهم، ويَضرِبُ لهم فيها الأمثالَ؛ ليُوضِّحَ لهمْ طَريقَ الهِدايةِ، وليُرشِدَهم إلى ما يُصلِحُهم في الدُّنيا والآخرةِ”.
(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ) رضي الله عنه، (أَنَّ النَّبِيَّ ? غَرَزَ بَيْنَ يَدَيْهِ غَرْزًا، ثُمَّ غَرَزَ إِلَى جَنْبِهِ آخَرَ، ثُمَّ غَرَزَ الثَّالِثَ فَأَبْعَدَهُ، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «هَذَا الْإِنْسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ) أي: الذي في جنبه، (وَهَذَا أَمَلُهُ يَتَعَاطَى الْأَمَلَ وَالْأَجَلُ) يريد الغرز البعيد، (يَخْتَلِجُهُ) أي: الأجل، أي: يجتذبه. (دُونَ ذَلِكَ») أي: دون الأمل، ومعناه: أن الانسان يشغل نفسه بالأمل البعيد في المستقبل وينسى الموت القريب منه فما يشعر إلا وقد اخترمته المنية.
أورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح غير علي بن علي الرفاعي وهو ثقة. [الفتح الرباني، (19/ 249)، وتعليق تحقيق المسند].
وفي صحيح البخاري (6417)، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: خَطَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا، وخَطَّ خَطًّا في الوَسَطِ خَارِجًا منه، وخَطَّ خُطَطًا صِغَارًا إلى هذا الذي في الوَسَطِ مِن جَانِبِهِ الذي في الوَسَطِ، وقَالَ: ((هذا الإنْسَانُ، وهذا أجَلُهُ مُحِيطٌ به – أوْ: قدْ أحَاطَ به – وهذا الذي هو خَارِجٌ أمَلُهُ، وهذِه الخُطَطُ الصِّغَارُ الأعْرَاضُ، فإنْ أخْطَأَهُ هذا نَهَشَهُ هذا، وإنْ أخْطَأَهُ هذا نَهَشَهُ هذا)).
” والحاصلُ أنَّ الإنسانَ يَتعاطَى الأملَ، ولكِنَّ الأجَلَ ينزِعُه ويَخطَفُه قبْلَ أن يحقِّقَ أمَلَه”.
والثالث: ملحقات:
(المسألة الأولى): في ذَمِّ طُوْلِ الأَمَلِ وَالحَثِّ عَلَى تَقْصِيْرِهِ
إن من أضر الأشياء على الإنسان طول الأمل، ومعنى ذلك: استشعار طول البقاء في الدنيا، حتى يغلب على القلب فيأخذ في العمل بمقتضاه.
شِعْرًا: … تَأَهَّبْ لِلَّذِي لا بُدَّ مِنْهُ … فَإِنَّ الْمَوْتَ مِيعَادُ الْعِبَادِ
يَسُرَّكَ أَنْ تَكُونَ رَفِيقَ قَوْمٍ … لَهُمْ زَادٌ وَأَنْتَ بِغَيْرِ زَادِ
آخر: … فَمَا تَزَوَّدَ مِمَّا كَانَ يَجْمَعُه … سِوَى حَنُوطٍ غَدَاةَ الْبَيْنِ فِي خِرَقِ
وَغَيْرَ نَفْخَةِ أَعْوَادٍ تُشَبُّ لَهُ … وَقَلَّ ذَلِكَ مِنْ زَادٍ لِمُنْطَلِقِ
وينسى أنه مهدد بالموت في كل لحظة ولابد من ذلك، كل ما هو آت قريب، فتأهب لساعة وداعك من الدنيا وخروجك منها.
شِعْرًا: … (أُؤَمِّلُ أَنْ أَحْيَا وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ … تَمُرُّ بِيَ الْمَوْتَى تَهُزُّ نُعُوشُهَا)
(وَهَلْ أَنَا إِلا مِثْلَهُمْ غَيْرَ أَنَّ لِي … بَقَايَا لَيَالٍ فِي الزَّمَانِ أَعِيشُهَا)
آخر: … يَا أَيُّهَا الْبَانِي النَّاسِي مَنِيَّتَهُ … لا تَامَمَنَّ فَإِنَّ الْمَوْتَ مَكْتُوبُ
عَلَى الْخَلائِقِ إِنْ سُرُّورا وَإِنْ حَزَنُوا … فَالْمَوْتُ حَتْفٌ لِذِي الآمَالِ مَنْصُوبُ
لا تَبْنِيَنَّ دِيَارًا لَسْتَ تَسْكُنُهَا … وَرَاجِعِ النُّسْكَ كَيْمَا يُغْفَر الْحُوبُ
قال بعض السلف: “من طال أمله ساء عمله”، وذلك أن طول الأمل يحمل الإنسان على الحرص على الدنيا والتشمير لها لعمارتها وطلبها حتى يقطع وقته ليله ونهاره في التفكير في جمعها وإصلاحها والسعي لها مرة بقلبه، ومرة بالعمل، فيصير قلبه وجسمه مستغرقين في طلبها.
وحينئذ ينسى نفسه والسعي لها بما يعود إلى صلاحها، وكان ينبغي له المبادرة والاجتهاد والتشمير في طلبه الآخرة التي هي دار الإقامة والبقاء،
وأما الدنيا فهي دار الزوال والانتقال وعن قريب يرتحل منها إلى الآخرة ويخلف الدنيا وراءه.
فهل من العقل أن يعتني الإنسان بالمنزل الذي سينتقل منه قريبا ويهمل المنزل سيرتحل إليه قريبًا ويمكث فيه طويلًا.
شِعْرًا: … الْمَرْءُ بَعْدَ الْمَوْتِ أُحْدُوثَةٌ … يَفْنَى وَيَبْقَى مِنْهُ آثَارُهُ
فَأَحْسَنُ الْحَالاتِ حَالُ امْرِئٍ … تَطِيبُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَخْبَارُهُ
آخر: … وَمَا الْعُمْرُ وَالأَيَّامُ وَسَائِطًا … جُعِلْنَ لِمَا يُرْضِي الإِلَهَ وَسَائِلا
آخر: … وَتَأَكُلنَا أَيَّامُنَا فَكَأَنَّمَا … تَمُرُّ بِنَا السَّاعَاتُ وَهِيَ أُسُودُ
آخر: … أَتَبْنِي بِنَاءَ الْخَالِدِينَ وَإِنَّمَا … مَقَامُكَ فِيهَا لَوْ عَرَفْتَ قَلِيلُ
لَقَدْ كَانَ فِي ظِلِّ الأَرَاكِ كِفَايَةٌ … لِمَنْ كَانَ يَوْمًا يَقْتَفِيهِ رَحِيلُ
[موارد الظمآن لدروس الزمان، (3/ 110 – 115)].
(المسألة الثانية): لطول الأمل سببان الجهل وحب الدنيا
وقد ذكر العلماء أن طول الأمل له سببان:
أحدهما: الجهل. والآخر: حب الدنيا.
أما حب الدنيا فهو إنه إذا أنس بها وبشهواتها وعلائقها ثقل على قلبه مفارقتها، فامتنع قلبه من الفكر في الموت الذي هو سبب مفارقتها، وكل من كره شيئا دفعه عن نفسه والإنسان مشغول بالأماني الباطلة التي توافق مراده.
شِعْرًا: … وَالْمَرْءُ يُبْلِيهِ فِي الدُّنْيَا وَيُخْلِقُهُ … حِرْصٌ طَوِيلٌ وَعُمْرٌ فِيهِ تَقْصِيرُ
يُطَوِّقُ النَّحْرَ بِالآمَالِ كَاذِبَةً … وَلَهْذَمُ الْمَوْتِ دُونَ الطَّوْق مَطْرُورُ
جَذْلانَ يَبْسِمُ فِي أَشْرَاكِ مِيتَتِهِ … إِنْ أَفْلَتَ النَّابُ أَرْدَتْهُ الأَظَافِيرُ
وإنما يوافق مراده البقاء في الدنيا، فلا يزال يتوهمه ويقدره في: نفسه ويقدر توابعه وما يحتاج إليه من مالٍ وأهلٍ ودارٍ وأصدقاء ودواب ومركوب، وسائر أسباب الدنيا فيصير قلبه عاكفًا على هذا الفكر، فيلهوا عن ذكر هاذم اللذات الموت.
شِعْرًا: … إِذَا طَالَ عُمْرُ الْمَرْءِ فِي غَيْرِ طَاعَةٍ … لِخَالِقِهِ فَهُوَ الَّذِي مَا لَهُ عَقْلُ
آخر: … وَمَنْ عَرَفَ الأَيَّامَ مَعْرِفَتِي بِهَا … وَبِالْوَقْتِ أَمْضَى وَقْتَهُ فِي الْعِبَادَةِ
وَأَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ الإِلَهِ حَقِيقَةً … وَشُكْرٍ لَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَة
آخر: … إِنَّ الْعِبَادَةَ لِلإِلَهِ حَقِيقَةً … تَكْسُوا الرِّجَالَ مَهَابَةً وَجَمَالا
وَهِيَ السَّبِيلُ لِمَنْ أَرَادَ نَجَاتَهُ … يَوْمَ الْحِسَابِ إِذْ رَأَى الأَهْوَلا
آخر: … كَيْفَ أَرْجُو مِن الْمَنَايَا خَلاصًا … وَأَرَى كُلَّ مَنْ صَحبتُ دَفِينَا
فَأَرَى النَّاسَ يُنْقِلُونَ سِرَاعًا … كُلَّ يَوْمٍ إِلَيْهِمْ مَرَّدَ فِينَا
قَدْ أَصَابَتْهُمْ سِهَامُ الْمَنَايَا … وَسَتَرْمِي السِّهَامُ لا بُدَّ فِينَا
آخر: … سِتُّ بُلِيتُ بِهَا وَالْمُسْتَعَاذُ بِهِ … مِنْ شَرِّهَا مِنْ إِلَيْهِ الْخَلْقُ تَبْتَهِلُ
نَفْسِي وَإِبْلِيسُ وَالدُّنْيَا الَّتِي فَتَنَتْ … مِنْ قَبْلَنَا وَالْهَوْى وَالْحِرْصُ وَالأَمَلُ
إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ يَا مَوْلايَ وَاقِيَةٌ … مِنْ شَرِّهَا فَلَقَدْ أَعْيَتْ بِنَا الْحِيَلُ
فإن خطر في بعض الأحوال ذكر الموت والضرورة إلى الاستعداد والتهيؤ له وسوَّف ووعد نفسه، وقال: ما مضى إلا قليل إلى أن تكبر، ثم تتوب وتقبل على الطاعة، فلا يزال يمني ويسوف من الشباب إلى الكهولة إلى الشيخوخة أو إلى رجوعٍ من السفر أو إلى فراغه من تدبير شؤنه أو شئون أولاده أو بناته أو زواجهم أو انتهاء شغله في عماراته أو فلله أو دكاكينه أو بستانه أو تكميل دراسته أو نحو ذلك من الأماني الباطلة التي يتلذذ بذكرها ولا تجدي شيئا لكنه يرتاح لها.
فلا يزال يمني نفسه بما يوافق هواها ولا يزال يغالط نفسه في الحقائق ويتوهم البقاء في الدنيا إلى أن يتقرر ذلك عنده ويظن أن الحياة قد صفت له، وينسى قوله تعالى: {حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ}.
شِعْرًا: … أُفٍّ مِنَ الدُّنْيَا وَأَسْبَابِهَا … كَأَنَّهَا لِلْحُزْنِ مَخْلُوقَهْ
هُمُومُهَا مَا تَنْقَضِي سَاعَةً … عَنْ مَلِكٍ فِيهَا وَلا سُوقَهْ
آخر:
إِنَّمَا الدُّنْيَا بَلاءٌ … لَيْسَ فِي الدُّنْيَا ثُبُوتْ
إِنَّمَا الدُّنْيَا كَبَيْتْ … نَسَجَتْهُ الْعَنْكَبُوتْ
كُلَّ مَنْ فِيهَا لَعَمْرِي … عَنْ قَرِيبٍ سَيَمُوتْ
إِنَّمَا يَكْفِيكَ مِنْهَا … أَيُّهَا الرَّاغِبُ قُوتْ
آخر: … لا تُعْطِ عَيْنَكَ إِلا غَفْوَةَ الْحَذَرِ … وَاسْهَرْ لِنَيْلِ عُلُومِ الدِّينِ تَغْتَنِمِ
وَلا تَكُنْ في طِلابِ الْعِلْمِ مُعْتَمِدًا … إِلا عَلَى مُوجِدِ الأَشْيَاءَ مِنَ الْعَدَمِ
آخر: … تَصْفُو الْحَيَاةَ لِجَاهِلٍ أَوْ غَافِلٍ … عَمَّا مَضَى مِنْهَا وَمَا يُتَوَقَّعُ
وَلِمَنْ يُغَالِطُ فِي الْحَقَائِقِ نَفْسَهُ … وَيَسُومُهَا طَلَبُ الْمُحَالِ فَتَطْمَعُ
آخر: … ضَيَّعْتَ وَقْتَكَ فَانْقَضَى فِي غَفْلَةٍ … وَطَوَيْتَ فِي طَلَبِ الْخَوَادِعِ أَدْهُرَا
أَفْهِمْتَ عَنِ الزَّمَانِ جَوَابَهُ … فَلَقَدْ أَبَانَ لَكَ الْعِظَاتِ وَكَرَّرَا
عَايَنْتَ مَا مَلأَ الصُّدُورَ مَخَافَةً … وَكَفَاكَ مَا عَايَنْتَهُ مَنْ أَخْبَرَا
وأصل هذه الأماني كلها: حب الدنيا والأنس بها، والغفلة عن الآخرة. الثاني: الجهل. حيث يستعبد الموت مع الصحة والشباب ولا يدري المسكين أن الشيوخ في البلدان أقل بكثير من الشباب، وليس ذلك إلا كثرة الموت في الشبان والصبيان أكثر، ولو سألت أحد الشيوخ الطاعنين في السن عن من مات من الشبان الذين يعرفهم لعد لك مئات.
شِعْرًا: … لَيْسَ بِالسِّنِّ تَسْتَحَقُّ الْمَنَايَا … كَمْ نَجَا بَازَلٌ وَعُوجِلَ بَكْرُ
وَعَوَانٌ حَازَتْ حُلِّيَّ كِعَاب … فَاجَأَتْهَا مِن الْحَوَادِثِ بِكْرُ
آخر: … لا تَغْتَرَّ بِشَبَابٍ نَاعِمٍ خَطِلٍ … فَكَمْ تَقَدَّمَ قَبْلَ الشِّيب شُبَّانُ
آخر: … وَلَقَدْ سَلَوْتَ عَن الشَّبَابِ كَمَا سَلا … غَيْرِي وَلَكِنْ لِلْحَبِيبِ تَذَكُّرُ
آخر: … يُعَمَّرُ وَاحِدٌ فَيَغُرُّ أَلْفًا … وَيُنْسَى مَنْ يَمُوتُ مِنَ الشَّبَابِ
وأيضًا: لا يدري أن الموت وإن لم يكن يأتي فجأة غالبا لكن المرض لا يستعبد إتيانه فجأة؛ لأن الوهم لا يعرف إلا ما يألفه، فالإنسان ألف موت غيره ولم يرى موت نفسه أصلًا، فلذلك يستعبد إلا أن العاقل يعرف أن الأجل محدود قد فرغ منه والإنسان يسير إليه في كل لحظة كما قيل:
شِعْرًا: … نَسِيرُ إِلَى الآجَالِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ … وَأَيَّامُنَا تُطْوَى وَهُنَّ مَرَاحِلُ
تَبْنِي الْمَنَازِلَ أَعْمَارٌ مُهَدَّمَة … مِنَ الزَّمَانِ بِأَنْفَاسٍ وَسَاعَاتِ
وَمَا نَفْسُ إِلا يُبَاعِدُ مَوْلِدًا … وَيُدْنِي الْمَنَايَا لِلنُّفُوسِ فَتَقْرُبُ
[موارد الظمآن لدروس الزمان، (3/ 110 – 115)].
(المسألة الثالثة): الجهل الذي هو سبب لطول الأمل له علاج بإذن الله
إذا عرفت ذلك فعلاج الجهل: الفكر الصافي من القلب الحاضر وسماع الحكمة البالغة من الكتاب والسنة والقلوب الطاهرة، وأما حب الدنيا فالعلاج في إخراجه من القلب شديد في غاية الصعوبة والمشقة، وهذا هو الداء العضال الذي اعجز الأولين والآخرين.
ولهذا من مداخل الشيطان إلى قلب ابن آدم: حب التزين من الأثاث والثياب والمسكن والمركوب، فإن الشيطان إذا رأى ذلك الذي هو بالحقيقة حب الدنيا غاليًا على قلب الإنسان باض فيه وفرخ فلا يزال الخبيث يزين له ويدعوه إلى عمارة المسكن وتزويقه وتوسيعه وتنظيمه ويدعوه إلى التزين بالثياب والمركوب ويستسخره ويستعمره طول عمره، فإذا أوقعه وورطه في ذلك فقد استغنى أن يعود إليه.
ثانيًا:
أن بعض ذلك يجره إلى بعض الآخر بالقوة، فلا يزال يؤيده من شيء إلى آخر بالتدريج إلى أن يذهب عمره فرطا ويساق إلى أجله فيموت وهو في سبيل الشيطان وإتباع الهوى والنفس الأمارة بالسوء، ويخشى من سوء العاقبة بالكفر نعوذ بالله من ذلك.
شِعْرًا: … الْقَلْبُ مُحْتَرِقٌ وَالدَّمْعُ مُسْتَبِقٌ … وَالْكَرْبُ مُجْتَمِعٌ وَالصَّبْرُ مُفْتَرِقُ
كَيْفَ الْفِرَارُ عَلَى مَنْ لا فِرَارَ لَهُ … مِمَّا جَنَاهُ الْهَوَى وَالشَّوْقُ وَالْقَلَقُ
يَا رَبِّ إِنْ كَانَ شَيْءٌ لِي بِهِ فَرَحٌ … فَامْنُنْ عَليَّ بِهِ مَا دَامَ بِي رَمَقُ
آخر: … يَا خَاطِبَ الدُّنْيَا عَلَى نَفْسِهَا … إِنَّ لَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ خَلِيلُ
مَا اقْتَلَ الدُّنْيَا لِخُطَّابِهَا … تَقْتلُهمْ قِدْمًا قَتِيلًا قَتِيلُ
تَسْتَنْكِحُ الْبَعْلَ وَقَدْ وَطِئَتْ … فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ بَدِيلُ
إِنِّي لَمُغْتَرُّ وَإِنَّ الْبَلا يَعْمَلُ … فِي جِسْمِي قَلِيلًا قَلِيلُ
تَزَوَّدُوا لِلْمَوْتِ زَادًا فَقَدْ … نَادَى مُنَادِيهِ الرَّحِيلَ الرَّحِيلُ
آخر: … إِنِّي بُلِيتُ بِأَرْبَعٍ مَا سُلِّطُوا … إِلا لأَجْلِ شَقَاوَتِي وَعَنَائِي
إِبلَيْسَ وَالدُّنْيَا وَنَفْسِي وَالْهَوَى … كَيْفَ الْخَلاصُ وَكُلُّهُمْ أَعْدَائِي
إِبْلِيس يَسْلُكُ فِي طَرِيقِ مَهَالِكِي … وَالنَّفْسُ تَامُرُنِي بِكُلِّ بَلائِي
وَأَرَى الْهَوَى تَدْعُو إِلَيْهِ خَوَاطِرِي … فِي ظُلْمَةَ الشُّبُهَاتِ وَالآرَائِي
وَزَخَارِفُ الدُّنْيَا تَقُولُ أَمَا تَرَى … حُسْنِي وَفَخْرَ مَلابِسِي وَبَهَائِي
آخر: … أَلا أَيُّهَا الَّلاهِي وَقَدْ شَابَ رَاسُهُ … أَلمَّا يَزِعْكَ الشَّيْبُ وَالشَّيْبُ وَازِعُ
أَتَصْبُ وَقَدْ نَاهَزْتَ خَمْسِينَ حِجَّةً … كَأَنَّكَ غِرٌ أَوْ كَأَنَّكَ يَافِعُ
حَذَارِ مِنَ الأَيَّامِ لا تَامَنَنَّهَا … فَتَخْدَعُكَ الأَيَّامُ وَهِيَ خَوَادِعُ
أَتَأْمَنُ خَيْلًا لا تَزَالُ مُغِيرَةً … لَهَا كُلَّ يَوْمٍ فِي أُنَاسٍ وَقَائِعُ
وَتَأْمَلُ طُولُ الْعُمْرِ عِنْدَ نَفَاذِهِ … وَبِالرَّأْسِ وَسْمٌ لِلْمَنِيَّةِ لامِعُ
يُرْجي الْفَتَى وَالْمَوْتُ دُونَ رَجَائِهِ … وَيَسْرِي لَهُ سَارِي الرَّدَى وَهُوَ هَاجِعُ
تَرَحَّلْ مِنْ الدُّنْيَا بِزَادٍ مِن التُّقَى … فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِمَا أَنْتَ صَانِعُ
ولا علاج لحب الدنيا إلا: الإيمان بالله واليوم الآخر، وبما فيه من عظيم العقاب وجزيل الثواب، ومهما حصل له اليقين بذلك ارتحل عن قلبه حب الدنيا فرأى حقارتها ونفاسة الآخرة، ورأى أن الدنيا ليست بأهل أن يلتفت إليها أو ترمق بعين المحبة خلافًا للسواد الأعظم المنهمكين فيها.
شِعْرًا: … إِذَا مُوجِدُ الأَشْيَاءِ يَسَّرَ لِلْفَتَى … ثَمَانَ خِصَالٍ قَلَّمَا تَتَيَسَّرُ
كَفَافٌ يَصُونُ الْحُرَّ عَنْ بَذْلِ وَجْهِهِ … فَيُضْحِي وَيُمْسِي وَهُوَ حُرٌّ مُوَقَّرُ
وَمَكْتَبَةٌ تَحْوِي تَعْلِيمَ دِينَنَا … وَمَسْجِدُ طِينٍ بِالْقَدِيمِ يُذَكِّرُ
وَمَفْرُوشُهُ الْحَصْبَا كَمَا كَانَ أَوَّلًا … أَوِ الرَّمْلِ وَلا فُرْشٌ بِهَا نَتَفَكَّرُ
وَرَابِعُهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ … يُنَادِي لِخَمْسٍ فِي الْمَسَاجِدِ يَجْهَرُ
وَخَامِسُهَا عَزَّتْ وَقَلَّ وُجُودُهَا … صَدِيقٌ عَلَى الأَيَّامِ لا يَتَغَيَّرُ
وَبَيْتٌ خَلِيٌ مِنْ شُرُورٍ تَنَوَّعَتْ … لَهَا عِنْدَ أَصْحَابِ الرَّذِيلَةِ مَظْهَرُ
وَجِيرَانُهُ أَصْحَابُ دِينِ وَغَيْرَةٍ … إِذَا اسْتُنْصِرُوا لِلدِّينِ هَبُّوا وَشَمَّرُوا
مَجَالِسُهُمْ فِيمَا يَحُثُّ عَلَى التُّقَى … وَرُؤْيَتُهُمْ بِالتَّابِعِينَ تُذَكِّرُ
وَثَامِنُهَا قَوَّامَةُ اللَّيْلِ دَابُهَا … تُصَلِّي وَتَتْلُو لِلْكِتَابِ وَتَذْكُرُ
تُسَلِّي عَنِ الدُّنْيَا وَمَنْ وُلِّعُوا بِهَا … وَتَخْدِمُهُ طُولَ النَّهَارِ وَتَشْكُرُ
فَهَذَا الَّذِي قَدْ نَالَ ملْكًا بِلا أَذَى … وَلَمْ يَعْدُهُ عِزٌّ وَمَجْدٌ وَمَفْخَرُ
فعن الحارث بن مالك الأنصاري انه مر برسول الله ? فقال له كيف أصبحت يا حارث قال أصبحت مؤمنًا حقًا، قال: «انظر ما تقول فأن لكل شيء حقيقة فما حقيقة إيمانك فقال عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري وكأني انظر إلى عرش ربي بارزًا وكأني انظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها كأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها، فقال «يا حارث عرفت فالزم». ثلاثا.
نسأل الله أن يرينا الدنيا كما أراها الصالحين، قال الشاعر:
إِذَا امْتَحَنَ الدُّنْيَا لَبِيبٌ تَكَشَّفَتْ … لَهُ عَنْ عَدُوٍّ فِي ثِيَابِ صَدِيقِ
آخر: … يَا خَاطِبَ الدُّنْيَا إِلَى نَفْسِهِ … تَنَحَّ عَنْ خِطْبَتِهَا تَسْلَمِ
إِنَّ الَّتِي تَخْطِبُ غَدَّارَةٌ … قَرِيبَةُ الْعِرْسِ مِنَ الْمَآتِمِ
آخر: … مَا أَحْسَنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالَهَا … إِذَا أَطَاعَ اللهَ مَنْ نَالَهَا
مَنْ لَمْ يُطِيعِ اللهِ فِي صَرْفِهَا … عَرَّضَ لِلإِدْبَارِ إِقْبَالِهَا
آخر: … يُسِيءُ امْرُئٌ مِنَّا فَيُبْغَضُ دَائِمًا … وَدُنْيَاكَ مَا زَالَتْ تُسِيءُ وَتُومَقُ
أَسَرَّ هَوَاهَا الشَّيْخُ وَالْكَهْلُ وَالْفَتَى … بِجَهْلٍ فَمِنْ كُلِّ النَّوَاظِرِ تُرْمُقُ
وَمَا هِيَ أَهْلٌ أَنْ يُؤَهَّلَ مِثْلُهَا … لِوُدٍّ وَلَكِنَّ ابْنَ آدَمَ أَحْمَقُ
قال بعضهم: العجب ممن يغتر بالدنيا وإنما هي عقوبة ذنب.
قال الأصمعي: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول كنت أدور في ضيعت لي فسمعت من يقول:
وَإِنَّ امْرأَ دُنْيَاهُ أَكْبَرُ هَمِّهِ … لِمُسْتَمْسِكَ مِنْهَا بِحَبْلِ غُرُورِ
فجعلته نقش خاتمي.
وقال علي بن أبى طالب: الدنيا والآخرة كالمشرق والمغرب، إذا قربت من أحدهما بعدت عن الآخر.
قيل لزاهد: أي خلق الله أصغر؟ قال الدنيا؛ لأنها لا تعدل عند الله جناح بعوضة، فقال السائل: ومن عظم هذا الجناح كان أصغر منه.
وقال بعضهم: كان السلف يحرصون على حفظ أوقاتهم، أشد من حرص أهل الدنيا على دنياهم. قال بعضهم:
الْوَقْتَ أَنْفَسُ مَا عُنِيتَ بِحِفْظِهِ … وَأَرَاهُ أَسْهَلُ مَا عَلَيْكَ يَضِيعُ
وقال علي بن الحسين السجاد الدنيا سبات والآخرة يقظة.
قال آخر: ما آثر الدنيا على الآخرة حكيم ولا عصي الله كريم.
شِعْرًا: … فَيَا رَبَّ ذَنْبِي قَدْ تَعَاظَمَ جُرْمِهِ … وَأَنْتَ بِمَا أَشْكُوهُ يَا رَبِّ عَالِمُ
وَأَنْتَ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ مُهَيْمِنٌ … حَلِيمٌ كَرِيمٌ وَاسِعُ الْعَفْوِ رَاحِمُ
وقال آخر:
اتخذوا الدنيا مرضعًا والآخرة أما ألم تروا إلى الصبي إذا ترعرع وعقل رمى بنفسه على أمه.
وقال آخر:
أيامك ثلاثة: يومك الذي ولدت فيه، ويوم نزولك قبرك، ويوم خروجك إلى ربك، فيا له من يوم قصير خبئ له يومان طويلان.
شِعْرًا: … حَيَاتُكَ رَاسُ الْمَالِ وَالدِّينُ رِبْحُهُ … وَأَخْلاقُ أَشْرَافٍ بِهِنَّ تَصَدَّرُ
وَمَوْسِمُكَ الأَيَّام فَلْتَكُ حَازِمًا … وَإِلا فَذُو التَّفْرِيطِ لا شَكَّ يَخْسَرُ
وَمَنْ ضَيَّعَ التَّوْحِيدَ ضَاعَتْ حَيَاتُهُ … وَعَاشَ بِجَهْل غَارِقٍ لَيْسَ يُعْذَرُ
[موارد الظمآن لدروس الزمان، (3/ 110 – 115)].
تنبيه الحكم على حديث يا حارثة عرفت فالزم
[10106] أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل الماسرجسي، حدثنا أبو عثمان عمرو ابن عبد الله البصري، حدثنا الحسن بن عبد الصمد القهندزي، حدثنا أبو الصلت الهروي، أخبرنا يوسف بن عطية، حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يومًا، فاستقبله شاب من الأنصار يقال له: حارثة بن النعمان، فقال له: كيف أصبحت يا حارثة؟ قال: أصبحت مؤمنا حقًّا قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “انظر ما تقول، فإن لكل حق حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟ ” قال: فقال: عزفت نفسي عن الدنيا، فأسهرت ليلي، وأظمأت نهاري، وكأني انظر إلى عرش ربي بارزا، وكأني انظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني انظر إلى أهل النار كيف يتعادون فيها، قال: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “أبصرت فالزم- مرتين- عبد نور الله الإيمان في قلبه” قال: فنودي يوما في الخيل يا خيل الله اركبي، فكان أول فارس ركب وأول فارس استشهد، فجاءت أمه
_________
[10106] إسناده: ضعيف.
• أبو الصلت الهروي هو عبد السلام بن صالح بن سليمان مولى قريش، صدوق له مناكير.
• يوسف بن عطية هو ابن ثابت الصفار البصري، متروك.
• ثابت هو ابن أسلم البناني.
والحديث أخرجه ابن نصر في “الصلاة” (77/ 2) كما أفاده الألباني بطريق يوسف بن عطية به.
وأخرجه ابن الأثير في “أسد الغابة” (1/ 425 – 426) في ترجمة حارثة بن سراقة، من طريق عبد الله بن محمد البغوي عن عبد الله بن عون عن يوسف بن عطية به.
كما أخرجه في ترجمة الحارث بن مالك (1/ 414) بطريق يوسف بن عطية عن قتادة وثابت عن أنس مختصرا. وأخرجه البزار في “مسنده” (1/ 26 – كشف) عن أحمد بن محمد الليثي عن يوسف بن عطية بذكر الشطر الأول منه.
وذكره الحافظ ابن حجر في “الإصابة” (1/ 289) وقال: ورواه البيهقي في الشعب من طريق يوسف بن عطية الصفار وهو ضعيف جدًّا عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي الحارث يومًا فقال … فذكره مطولًا، قال البيهقي: هذا منكر وقد خبط فيه يوسف فقال مرة: الحارث، وقال مرة: حارثة.
وللحديث متابعات وشواهد ذكرها كلها الألباني في “الصحيحة” (رقم 1811) فراجعه
[شعب الإيمان 13/ 158 ط الرشد]
يقصد فقرة من فقراته وهو:
1811 – (صحيح)
[يا أم حارثة! إنها ليست بجنة واحدة ولكنها جنان كثيرة وإن حارثة لفي افضلها أو قال: في أعلى الفردوس]. (صحيح). عن أنس ين مالك: أن حارثة بن سراقة خرج نظارا فأتاه سهم فقتله فقالت أمه: يا رسول الله! قد عرفت موضع حارثة مني فإن كان في الجنة صبرت وإلا رأيت ما اصنع! قال: فذكره
الصحيحة
وفي المجروحين لابن حبان:
• أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ الْمِصْرِي من أهل الأيلة كَذَّاب دجال من الدجاجلة
يضع الْحَدِيث عَن الثِّقَات وضعا كتب عَنْهُ أَصْحَابنا كَانَ قَدْ مَات قبل دُخُول الأيلة لَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهِ بِحَال وَرَوَى عَنْ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ حَارِثَةُ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا حَارِثَةُ قَالَ أَصْبَحْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مُؤْمِنًا حَقًّا قَالَ يَا حَارِثَةُ إِنَّ لِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً فَمَا حَقِيقَةُ إِيمَانِكَ قَالَ عَزَفَتْ نَفْسِي عَن الدُّنْيَا فَأَسْهَرْتُ لَيْلِي وامظات نَهَارِي وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَبِّي عز وجل عَلَى عَرْشِهِ بَارِزًا وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ يَتنعَّمُونَ وَأَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ يُعَذَّبُونَ فَقَالَ لَهُ يَا حَارِثَةُ عَرَفْتَ فَالْزَمْ ثُمَّ قَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَبْدٍ قَدْ نَوَّرَ الإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى حَارِثَةَ وَرَوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَشَّارٍ عَن بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ قولا الا بِعَمَل ولايقبل قولا وَعَملا الا بنية ولايقبل قَوْلا وَعَمَلا وَنِيَّةً إِلا بِمَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَخْبَرَنَا بِالْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَلَدِيُّ بِالْبَصْرَةِ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ الْمِصْرِيُّ وَالْحَدِيثُ الأَخِيرُ هُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ فَقَلَبَهُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ فَجَعَلَ لَهُ إِسْنَادًا وَالْحَدِيثُ الأَوَّلُ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ الثَّوْرِيِّ
عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لحارثة؛ مَا حَدَّثَ بِهَذَا سَلَمَةُ بْنُ كهيل قطّ ولا ابو سَلمَة ولا ابو هُرَيْرَة
[المجروحين لابن حبان 1/ 149]
وقال البزار:
[23] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ اللَّيْثيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَطيَّةُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنْسٍ: “أَنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ حَارِثَةُ، فِي بَعْضِ سِكَكِ المَدِينَة …. “.
قَالَ البَزَّارُ: تَفَرَّدَ بِهِ يُوسُفُ وَهُوَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ
[مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند أحمد 1/ 75]
قال الهيثمفخ. دي في مجمع الزوائد (1/ 57).: رواه البزار وفيه يوسف بن عطية لا يحتج به
(المسألة الرابعة): الناس متفاوتون في طول الأمل تفاوتا كثيرا، وتقصير الأمل دليل على كمال العقل
أن الناس متفاوتون في طول الأمل تفاوتًا كثيرًا: فمنهم من يأمل البقاء إلى زمان الهرم، ومنهم من لا ينقطع أمله بحال، ٍ ومنهم من هو قصير لأمل، وكلما نقص الأمل جاد العمل؛ لأنه يقدر قرب الموت فيستعد استعداد ميت فروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: إنما يهلك اثنتان الهوى وطول الأمل فأما الهوى فيصد عن الحق.
وإما طول الأمل فينسي الآخرة، وروي عنه أيضًا أنه قال: من ارتقب الموت سارع إلى الخير وصدق رضى الله عنه، فلو أن غائبين عنك تعتقد أن أحدهما لمجيئه احتمال قوي في ليلتك أو في يومك والآخر يتأخر بعده بشهر أو شهرين للذي تخشى أن يفاجئك قدومه سريعًا، ولاسيما إن كان قد أوصاك بوصية نفذتها قبل أن يصل، فيلحقك ملامة أو عقوبة وتهيئ له مع ذلك ما تقدر عليه من تحف وما ترى أنه يناسب ويهواه.
شِعْرًا: … تَأَهَّبْ لِلَّذِي وَلا بُدَّ مِنْهُ … فَإِنَّ الْمَوْتَ مِيعَادُ الْعِبَادِ
يَسُرُّكَ أَنْ تَكُون رَفِيقَ قَوْمٍ … لَهُمْ زَادُ وَأَنْتَ بِغَيْرِ زَادِ
[موارد الظمآن لدروس الزمان، (3/ 110 – 115)].
(المسألة الخامسة): أن تقصير الأمل دليل على كمال العقل، فسبيل العاقل تقصير آماله في الدنيا والتقرب إلى الله جل وعلا بصالح الأعمال.
قَصِّرْ الآمَالَ فِي الدُّنْيَا تَفُزْ … فَدَلِيل الْعَقْلِ تَقْصِيرُ الأَمَلْ
ومعنى تقصير الأمل: استشعار قرب الموت ولهذا قال بعضهم: قصر الأمل سبب للزهد؛ لأن من قصر أمله زهد، ويتولد من طول الأمل الكسل عن الطاعة والتسويف بالتوبة، والرغبة في الدنيا، والنسيان للآخرة، والتساهل بتأخير قضاء الديون، والقسوة في القلب.
شِعْرًا: … تُخَبِّرُنِي الآمَالَ أَنِّي مُعَمَّرٌ … وَأَنَّ الَّذِي أَخْشَاهُ عَنِّي مُؤَخَّرُ
فَكَيْفَ وَمَرُ الأَرْبَعِينَ قَضِيَّةَ … عَليَّ بِحُكْمٍ قَاطِعٍ لا يُغَيَّرُ
إِذَا الْمَرْءُ جَازَ الأَرْبَعِينَ فَإِنَّهُ … أَسِيرٌ لأَسْبَابِ الْمَنَايَا وَمَعْبِرُ
وقيل: من قصر أمله قل همه وتنور قلبه، لأنه إذا استحضر الموت اجتهد في الطاعة ورضي بالقليل.
وقال ابن الجوزي: الأمل مذمومٌ إلا للعلماء، فلولا ما جعل الله فيهم من الأمل لما ألفوا ولا صنفوا.
وفي الأمل سر لطيف جعله الله لولاه لما تهنأ أحد بعيش ولا طابت نفسه أن يشرع بعمل من أعمال الدنيا. قال ?: «إنما الأمل رحمة من الله لأمتي ولولا الأمل ما أرضعت أم ولدها ولا غرس غارسٌ شجرًا». رواه الخطيب.
عن أنس رض الله عنه
الحكم على الحديث: في ضعيف الجامع:
4855 – إنّما الأَمَلُ رَحْمَةٌ مِنَ الله لأُمَّتِي لوْلا الأَمَلُ مَا أرْضَعَتْ أمٌّ وَلَداً وَلَا غَرَسَ غارس شجرا
(خط) عن أنس.
[حكم الألباني]
(موضوع)
والمذموم من الأمل:
الاسترسال فيه وعدم الاستعداد لأمر الآخرة، فمن سلم من ذلك لم يكلف بإزالته.
وورد في ذم الاسترسال في الأمل حديث أنس رفعه «أربعة من الشقاء جمود العين وقسوة القلب، وطول الأمل، والحرص على الدنيا» رواه البزار.
الحكم عليه: ضعيف الألباني
1770 [حكم الألباني]
(ضعيف) انظر حديث رقم: 758 في ضعيف الجامع
وقال في ضعيف الترغيب 1063 – ضعيف
وروى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: «أخوف ما أخاف عليكم اثنان طول الأمل وإتباع الهوى، فإن طول الأمل ينسي الآخرة وإتباع الهوى يصد عن الحق».
وروي عن النبي ? أنه قال: «صلاح هذه الأمة بالزهد واليقين، وهلاك آخرها بالبخل وطول الأمل»، الصحيحة (3427)
وقيل: أن طول الأمل حجاب على القلب يمنعه من رؤية قرب الموت ومشاهدته ووقر في الأذن يمنع من سماع وجبته ودوي وقعته وبقدر ما يرفع لك من الحجاب ترى وبقدر ما تخفف عن أذنيك من الوقر تستمع.
فانظر رحمك الله نظر من رفع الحجاب وفتح له الباب واستمع سماع من أزيل وقره وخوطب سره وبادر قبل أن يبادر بك وينزل عليك وينفذ حكم الله فيك فتطوى صحيفة عملك ويختم على ما في يديك.
ويقال لك أجن ما غرست ولأحصد ما زرعت واقرأ كتابك الذي كتبت كفي بنفسك اليوم عليك حسيبا وبربك رقيبا،
وعلم أن الأمل: يكسل عن العمل ويورث التراخي والتواني، ويعقبه التشاغل والتقاعس، ويخلد إلى الأرض ويميل إلى الهوى.
وذا أمر قد شوهد بالعيان فلا يحتاج إلى بيان، ولا يطالب صاحبه ببرهان، كما أن قصر الأمل يبعث على الجد والاجتهاد في العمل، ويحمل على المبادرة، ويحث على المسابقة قال:
سأضرب لك في ذلك مثلًا، مثل ملك من الملوك كتب إلى رجل يقول له: افعل كذا وكذا، وانظر كذا وكذا، وأصلح كذا وكذا، وانتظر رسولي فلانًا فإني سأبعثه إليك ليأتيني بك.
وإياك ثم إياك أن يأتيك إلا وقد فرغت من أشغالك وتخلصت من أعمالك، ونظرت في زادك، وأخذت ما تحتاج إليه في سفرك.
وإلا أحللت بك عقابي وأنزلت عليك سخطي، وأمرته يأتني بك مغلولة يداك مقيدة بجلاك، مشمتًا بك أعداك، مسحوبًا على وجهك إلى دار خزي وهوان وما أعددته لمن عصاني.
وإن وجدك قد فرغت من أعمالك وقضيت جميع أشغالك أتى بك مكرمًا مرفعًا مرفهًا إلى دار رضواني وكرامتي وما أعددته لمن امتثل أمري وعمل بطاعتي.
واحذر أن (0) يخدعك فلان أو فلانة عن امتثال أمري والاشتغال بعملي وكتب إلى رجل آخر بمثل ذلك الكتاب.
فأما الرجل الأول فقال هذا كتاب الملك يأمرني فيه بكذا وكذا، وذكر لي رسوله يأتيني ليحملني إليه وأنا لا أمضي إليه حتى يأتيني رسوله، ولعل رسوله لا يأتيني إلا إلى خمسين سنة فأنا على مهلة.
وسأنظر فيما أمرني به، ولم يقع الكتاب منه بذلك الموقع، ولم ينزله من نفسه بتلك المنزلة، وقال: والله لقد أتى كتابه إلى خلق كثير بمثل ما أتاني، ولم يأتهم رسوله إلا بعد السنين الكثيرة، والمدد الطويلة، وأنا واحد منهم.
ولعل رسوله يتأخر عني كما تأخر عنهم، وجعل الغالب على ظنه أن الرسول لا يأتيه إلا إلى خمسين سنة كما ظن، أو أكثر أو إلى المدة التي جعل لنفسه بزعمه.
ثم أقبل على إشغال نفسه مما لا يحتاج إليه ومما كان غنيًا عنه وترك أوامر الملك والشغل الذي كلفه النظر. فيها والاشتغال به.
فكلما دخلت عليه سنة قال: أنا مشغول في هذه السنة وسأنظر في السنة المقبلة والمسافة أمامي طويلة والمهل بعيد.
وهكذا كلما دخلت عليه سنة قال: أنا مشغول، وسأنظر في الأخرى أو سأنظر في أمري فبينما هو على ذلك من تسويفه، واغتراره، إذ جاءه رسول الملك فكسر بابه وهتك حجابه وحصل معه في قعر بيته.
وقال له: أجب الملك. فقال: والله لقد جاءني كتابه يأمرني فيه بأعمال
أعملها وأشغال أنظر له فيها، وما قضيت منها شغلًا، ولا عملت فيها حتى الآن شيئًا.
فقال الرسول له: ويلك وما الذي أبطأك عنها وما الذي حبسك عن الاشتغال بها والنظر فيها. فقال: لم أكن أظن أنك تأتيني في هذا الوقت.
فقال له: ويلك ومن أين كان لك هذا الظن ومن أخبرك به ومن أعلمك بأني لا آتيك إلا في الوقت الذي تظن. قال: ظننت وطمعت وسولت لي نفسي وخدعني الشيطان وغرني.
فقال له: ألم يحذرك الملك في كتابه منهما وأمرك ألا تسمع لهما، قال: بلى والله لقد فعل ولقد جاءني هذا في كتابه ولكنني خدعت فانخدعت وفتنت فافتتنت وارتبت في وقت مجيئك فتربصت.
فقال له: ويلك غرك الغرور وخدعك المخادع أجب الملك لا أم لك، قال: أنشدك إلا تركتني حتى أنظر فيما أمرني به، أو في بعضه أو فيما تيسر منه حتى لا أقدم عليه في جملة المفرطين وعصابة المقصرين.
وهذا مال قد كنت جمعته لنفسي، وأعددته لمؤونة زماني، فاتركني حتى آخذ منه زادًا أتزوده ودابة أركبها، فإن الطريق شاقة، والمفازة صعبة، والعقبة كؤود، والمنزل ليس فيه ماء.
قال: أتركك حتى أكون عاصيًا مثلك ثم دفعه دفعةً ألقاه على وجهه ثم جمع يديه إلى عنقه وانطلق به يجره من خلفه خزيان ندمان جوعان عطشان، وهو ينشد بلسان الحال:
لا كَحُزْنِي إِذَا لَقِيتُ حَزِينَا … جَلَّ خَطْبِي فَدَيْتُكم أَنْ يَهُونَا
ضَاقَ صَدْرِي عَنْ بَعْضِهِ وَاحْتِمَالِي … فَاسْلُكُوا بِي حَيْثُ أَلْقَى الْمَنُونَا
مَا تُرِيدُ الْعُدَاةُ مِنِّي وَإِنِّي … لَبِحَالٍ يَرِقُّ لِي الْمَغْبِضُونَا
زَفَرَاتٌ هَتَكْنَ حُجْبَ فُؤَادِي … وَهُمُومٌ قَطَعْنَ مِنِّي الْوَتِينَا
خُنْتُ عَهْدَ الْمَلِيكِ قَوْلًا وَفِعْلا … وَاتَّخَذْتُ الْخِلافَ شَرْعًا وَدِينَا
غَرَسَت فِي الْحَيَاةِ كَفِي شَرًا … فَاجْتَنَيْتُ الْعِقَابِ مِنْهُ فُنُونَا
لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ وَأَيْنَ لِمِثْلِي … ظَالِمٌ نَفْسَهُ بِأَنْ لا يَكُونَا
يَا خَلِيلِي وَلا خَلِيلَ لِي الْيَوْ … مَ سِوَى حَسْرَةٍ تُدِيمُ الأَنِينَا
رَبَحَ الرَّابِحُونَ وَانْقَضَتِ السُّو … قُ وَخَلَى بِغَبْنِهِ الْمَغْبُونَا
فَابْكِينِي إِنْ يَكُنْ بُكَاكَ مُفِيدًا … أَوْ فَدَعْنِي وَعُصْبَةً يَبْكُونَا
[موارد الظمآن لدروس الزمان، (3/ 110 – 115)].ذ
وقد لخص المناوي رحمه الله الكلام السابق في شرحه فيض القدير (4) / (229)، فقال:
“? (229) ? (5112) – (صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين) إذ بهما يصير العبد شاكرا لله خالصا له متواضعأ مفوضا مسلما فيتولى ويتولاه الله، (ويهلك) الذي وقفت عليه في أصول صحيحة وهلاك وهو الملائم لقوله صلاح (آخرها بالبخل والأمل)؛ وذلك لا يظهر إلا من فقد اليقين ساء ظنهم بربهم، فبخلوا وتلذذوا بشهوات الدنيا فحثوا أنفسهم بطول الأمل {وما يعدهم الشيطان إلا غرورا}، والمراد غلبة البخل والأمل في آخر الزمان يكون من الأسباب المؤدية للهلاك، بكثرة الجمع والحرص وحب الاستئثار بالمال المؤدي إلى الفتن والحروب والقتل وغير ذلك ذكره بعضهم.
وقال الطيبي: أراد باليقين تيقن أن الله هو الرزاق المتكفل للأرزاق {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} فمن تيقن هذه في الدنيا لم يبخل؛ لأن البخيل إنما يمسك المال لطول الأمل وعدم التيقن.
قال الأصمعي: تلوت على أعرابي {والذاريات} فلما بلغت {وفي السماء رزقكم} قال: حسبك وقام إلى ناقته فنحرها ووزعها على من أقبل وأدبر وعمد إلى سيفه فكسره وولى فلقيته بالطواف قد نحل جسمه واصفر لونه فسلم علي واستقرأني السورة فلما بلغت {وفي السماء رزقكم} صاح وقال: قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم غير هذا فقرأت {فورب السماء والأرض إنه لحق} فصاح وقال: سبحان الله من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف؟ قالها ثلاثا فخرجت معها روحه.
قال الحكماء: الجاهل يعتمد على الأمل، والعاقل يعتمد على العمل.
وقال بعضهم: الأمل كالسراب غر من رآه وخاب من رجاه.
قيل: إن قصر الأمل حقيقة الزهد وليس كذلك بل هو سبب؛ لأن من قصر أمله زهد ويتولد من طول الأمل الكسل عن الطاعة والتسويف بالتوبة والرغبة في الدنيا ونسيان الآخرة وقسوة القلب؛ لأن رقته وصفاء نمائه يقع بتذكر الموت والقبر والثواب والعقاب وأحوال القيامة، ومن قصر أمله قل همه وتنور قلبه؛ لأنه إذا استحضر الموت اجتهد في الطاعة ورضي بما قل. وقال ابن الجوزي: الأمل مذموم إلا للعلماء فلولاه ما صنفوا”. انتهى.
تنبيه: قصة الأصمعي مع الأعرابي قال محقق تفسير الثعلبي: [2860] الحكم على الإسناد:
فيه من لم أجده، وشيخ المصنف كذبه الحاكم.
التخريج:
انظر: “الكشاف” للزمخشري 4/ 400، “التوابين” لابن قدامة المقدسيّ (ص 279)، “الجامع لأحكام القرآن” للقرطبي 17/ 42
[تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن ط دار التفسير 24/ 540]
مجموعة محققين
وذكره البيهقي في شعب الإيمان:
[1276] وفيما أنبأني أبو عبد الله الحافظ رحمه الله إجازة، حدثنا أبو الحسن محمد بن محمد ابن الحسن الكارزي، حدثنا أبو رجاء محمد بن أحمد القاضي، قال سمعت أبا الفضل العباس بن الفرج الرياشي يقول سمعت عبد الملك بن قريب الأصمعي يقول: أقبلت ذات يوم من مسجد الجامع بالبصرة فبينا أنا في بعض سككها إذ أقبل أعرابي جلف جاف على قعود له ….
[شعب الإيمان 2/ 480 ط الرشد]
قال المحقق:
[1276] أبو رجاء محمد بن أحمد القاضي، لم أعرفه.
• أبو الفضل، العباس بن الفرج الرياشي، البصري، النحوي (م 257 هـ). شيخ الأدب، العلامة، الحافظ، راوي الأصمعى.
سمع من طائفة كثيرة. وكان من بحور العلم، حافظ للشعر واللغة كثير الرواية عن الأصمعي. وهو من رجال التهذيب.
وراجع ترجمته في “مراتب النحويين” (75 – 76)، “نزهة الألباء” (199)، “طبقات النحوبن واللغوبين” (97 – 99)، “تاريخ بغداد” (12/ 138 – 140)، “نزهة الألباء” (262 – 264)، “إنباه الرواة” (2/ 367 – 374)، “وفيات الأعيان” (3/ 27 – 28)، “السير” (12/ 372 – 375)، “شذرات” (2/ 136)
(المسألة السادسة): فصل: الأشياء التي تجتنى بها ثمرة الفكرة
قال ابن القيم (ت (751)) في مدارج السالكين (2/ 80) في تعليقه على “منزل التذكر”، فقال:
“فصل: (وإنَّما تُجتنى ثمرة الفكرة بثلاثة أشياء: بقصر الأمل، والتّأمُّل في القرآن، وقلَّة الخلطة والتمنِّي والتعلُّق بغير الله والشِّبع والمنام).
يعني: أنَّ في منزل التذكُّر تُجتنى ثمرة الفكرة؛ لأنه أعلى منها، وكلُّ مقامٍ تجتنى ثمرته في الذي هو أعلى منه، ولاسيَّما على ما قرَّره في خطبة كتابه: كلُّ مقامٍ يصحِّح ما قبله.
ثمَّ ذكر أن هذه الثمرة تجتنى بثلاثة أشياء، أحدها: قصر الأمل، والثاني: تدبُّر القرآن، والثّالث: تجنُّب مفسدات القلب الخمسة.
فأمَّا (قصر الأمل) فهو العلم بقرب الرحيل وسرعة انقضاء مدَّة الحياة، وهو من أنفع الأمور للقلب، فإنّه يبعثه على معافصة الأيام، وانتهاز الفرص التي تمرُّ مرَّ السّحاب، ومبادرة طيِّ صحائف الأعمال، ويثير ساكن عزماته إلى دار البقاء، ويحثُّه على قضاء جهاز سفره وتدارك الفارط، ويزهِّده في الدُّنيا ويرغِّبه في الآخرة، فيقوم بقلبه إذا داوم مطالعةَ قصر الأمل شاهدٌ من شواهد اليقين يُريه فناء الدُّنيا وسرعةَ انقضائها وقلَّة ما بقي منها، وأنها قد ترحَّلت مدبرةً، ولم يبق منها إلا صبابةٌ كصبابة الإناء يتصابُّها صاحبها، وأنها لم يبق منها إلا كما بقي من يومٍ صارت شمسه على رؤوس الجبال؛ ويريه بقاء الآخرة ودوامها، وأنها قد ترحَّلت مقبلةً، وقد جاء أشراطها وأعلامها، وأنه مِن لقائها كمسافرٍ خرج صاحب له يتلقَّاه، وكلٌّ منهما يسير إلى الآخر، فيوشك أن يلتقيا سريعًا.
ويكفي في قصر الأمل: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ((205)) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ ((206)) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء: (205) – (207)]، وقولُه تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ ((1)) كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} [يونس: (45)]، وقولُه: {((45)) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ} [النازعات: (46)]، وقولُه: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ ((112)) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ ((113)) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [المؤمنون: (112) – (114)]، وقولُه: {يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ((35))} [الأحقاف: (35)]، وقولُه تعالى: {يَوْمَ نَنفُخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا ((102)) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا ((103)) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا} [طه: (102) – (104)].
وخطب النبيُّ ? يومًا أصحابه والشمس على رؤوس الجبال، فقال: «إنَّه لم يبق من الدُّنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه» [أخرجه أحمد ((11143)) والترمذي ((2191)) والحاكم ((4) / (506)) من حديث أبي سعيد الخدري. قال الترمذي: «حديث حسن». وفي إسناده علي بن زيد بن جُدعان، فيه لين، ولكنه توبع، والحديث صحيح بمجموع متابعاته وشواهده. انظر: «مسند أحمد» ((6173)) و «أنيس الساري» ((1341))].
ومرَّ رسول الله ? ببعض أصحابه، وهم يعالجون خُصًّا لهم قد وَهَى وهم يصلحونه، فقال «ما هذا؟» قالوا: خُصٌّ لنا قد وهى فنحن نعالجه، فقال: «ما أرى الأمر إلَّا أعجلَ من هذا» [أخرجه أحمد ((6502)) وأبو داود ((5236)) والترمذي ((2335)) والبخاري في «الأدب المفرد» ((456)) وابن حبان ((2997)) من حديث عبد الله بن عمرو. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
والخُصُّ: البيت من القصب، وجمعه: خُصوص وأخصاص. سُمِّي بذلك لما فيه من الخَصاص، وهي الفُرَج].
وقصر الأمل بناؤه على أمرين: تيقُّن زوال الدُّنيا ومفارقتها، وتيقُّن لقاء الآخرة وبقائها ودوامها، ثمّ يقايس بين الأمرين ويؤثر أولاهما بالإيثار”. انتهى المقصود.
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم:
عن ابن عمر، قال: أخذ النبيُّ ? ببعض جسدي، فقال: «اعبدِ الله كأنَّك تراه، وكُنْ في الدُّنيا كأنَّك غريبٌ، أو عابرُ سبيل» ((1)).
وهذا الحديث أصلٌ في قِصَر الأمل في الدُّنيا، وأن المؤمنَ لا ينبغي له أن يتَّخذ الدُّنيا وطنًا ومسكنًا، فيطمئنّ فيها، ولكن ينبغي أن يكونَ فيها كأنَّه على جناح سفر: يُهيِّئُ جهازَه للرحيل.
وقد اتَّفقت على ذلك وصايا الأنبياء وأتباعِهم، قال تعالى حاكيًا عن مؤمن آل فرعون أنَّه قال: {يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر: (39)].
وكان النبيُّ ? يقول: «ما لي ولِلدُّنيا إنَّما مَثَلي ومَثَلُ الدُّنيا كمثل راكِبٍ قالَ في ظِلِّ شجرةٍ ثم راحَ وتركها))
ومن وصايا المسيح لأصحابه أنَّه قال لهم: اعبُروها ولا تَعمُرُوها، ورُوي عنه أنه قال: من ذا الذي يبني على موجِ البحر دارًا، تلكُمُ الدُّنيا، فلا تتَّخذوها قرارًا.
ودخل رجلٌ على أبي ذرٍّ، فجعل يُقلِّب بصره في بيته، فقال: يا أبا ذرٍّ، أين متاعُكم؟ قال: إنَّ لنا بيتًا نوجه إليه، قال: إنَّه لا بُدَّ لك من مَتاع ما دمت هاهنا، قال: إنَّ صاحب المنزل لا يدعُنا فيه. ودخلوا على بعض الصالحين، فقلبوا بصرهم في بيته، فقالوا له: إنَّا نرى بيتَك بيتَ رجلٍ مرتحلٍ، فقال: أمرتحلٌ؟ لا، ولكن أُطْرَدُ طردًا.
وكان عليُّ بنُ أبي طالب ? يقول: إنَّ الدُّنيا قدِ ارتحلت مدبرةً، وإن الآخرة قدِ ارتحلت مقبلةً، ولكُلٍّ منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدُّنيا، فإن اليومَ عملٌ ولا حساب، وغدًا حسابٌ ولا عمل.
قال بعضُ الحكماء: عجبتُ ممَّنِ الدُّنيا موليةٌ عنه، والآخرة مقبلةٌ إليه يشتغلُ بالمدبرة، ويُعرِض عن المقبلة.
وقال عُمرُ بنُ عبد العزيز في خطبته: إنَّ الدُّنيا ليست بدارِ قرارِكُم، كتب الله عليها الفناء، وكتب على أهلها منها الظَّعَن، فكم من عامرٍ موثَّق عن قليلٍ يَخْرَبُ، وكم من مقيمٍ مُغتَبطٍ عما قليل يَظعَنُ، فأحسنوا – رحمكم الله – منها الرِّحلة بأحسن ما بحضرتكم مِن النقلة، وتزوَّدوا فإن خيرَ الزَّاد التقوى.
جامع العلوم والحكم لابن رجب
والرابع: فوائد الحديث
1 – (منها): “التَّعليمُ بما تُدرِكُه الأبصارُ؛ ليكون أَدْعى إلى تعليمِ السامِعين في سرعة؛ ليُدرك ذلِك مَن سَمِعه بسَمعِه وبصَرِه.
2 – (ومنها): التَّنبيهُ على أنَّ الأجَلَ مَقسومٌ مَعلومٌ لا يَتجاوَزه مُتجاوِزٌ.
3 – (ومنها): أنَّ الأجَلَ لا يَعلَمُه أحدٌ إلَّا اللهُ سُبحانَه وتعالَى، وأنَّه غُيِّب عن الآدميِّين؛ ولذلك تَجاوزتْه الآمالُ، وبعَّدتْه الأطماعُ.
4 – (ومنها): أنَّ الدُّنيا مدارُها على طُولِ الأملِ، وهو الذي يُثمِرُ التَّسويفَ بأعمالِ الخيرِ، والصَّبرَ على أعمالِ الشَّرِّ؛ فعلى العاقِلِ أن يحتاطَ لنَفْسِه. [الدرر].
5 – (ومنها): “ذكر الموت أعظم واعظٍ للإنسان، وأكبر مذكِّر له عن طول الأمل، والاغترار بالحياة، والركون إليها.
6 – (ومنها): لا ينبغي للإنسان أن يغفل عن ذكر الموت، الذي هو أعظم واعظ؛ فإن ذكره الموت يحثه على الطاعات، والاستعداد لما بعده.
7 – (ومنها): جاء في بعض الأحاديث: «لا تذكرونه في كثيرٍ إلاَّ قلَّله، ولا قليل إلاَّ كثَّره»، ففي كثرة ذكر الموت قصر الأمل وانتظار الأجل.
8 – (ومنها): الإنسان في هذه الحياة الدنيا: إما أن يكون في ضيق أو سعة، نعمة أو نقمة، فهو محتاج إلى ذكر الموت في كلا الحالتين، فإنَّ ذكره في نعمة لم يغفل، وإن ذكره في نقمة لم يجزع.
وسئل ابن مسعود رضي الله عنه أي الناس أكيس؟ فقال: أكثرهم للموت ذكرًا، وأحسنهم لما بعده استعدادًا، أولئك الأكياس.
9 – (ومنها): قال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى-: الدنيا سريعة الفناء، قريبة الانقضاء، تعِدُ بالبقاء ثم تخلف في الوفاء، وتنظر إليها فتراها ساكنة مستقرة، وهي سائرة سيرًا عنيفًا، ومرتحلة ارتحالًا سريعًا، ولكن الناظر قد لا يحس بحركتها فيطمئن إليها، وإنما يحس عند انقضائها.
10 – (ومنها): قال شيخ الإسلام: لا يستحب للمسلم أن يخط قبره قبل أن يموت؛ فإنَّ النَّبيَّ ? لم يفعل ذلك هو ولا أصحابه، والعبد لا يدري متى يموت، ولا أين يموت.
وإذا كان مقصود العبد الاستعداد للموت، فهذا يكون بالعمل الصالح، فيسن الإكثار من ذكره، والاستعداد له، والتوبة قبل نزوله”. [توضيح الأحكام من بلوغ المرام، (3/ 134)].
11 – الدنيا مهما طال عمرك دار أحزان قال الإمام البخاري:
إنْ عِشتَ تُفجعُ في الأحبةِ كُلِّهم
وبقاءُ نفْسِك لا أبا لكَ أَفجَعُ!
12 – الكفار يودون لو يعمرون ألف سنة
لكن عذابهم شديد عند مفارقة ما جمعوا بالموت
قال الامام ابن أبي زمنين في تفسيره:
{سنعذبهم مرتين}
أما إحداهـما: فبالزكاة أن تؤخذ منهم كرهـا، وأما ا?خرى: فبعذاب القبر {ثم يردون إلى عذاب عظيم}
أي: جهنم.
ذكر القرطبي والبغوي من ضمن الاقوال:
وقال ابن زيد: ا?ولى المصائب في ا?موال وا?و?د في الدنيا، وا?خرى عذاب ا?خرة.
تنبيه: سبق في (94 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند) ذكر ما يتعلق بالحديث.
انظر: شرح الحافظ ابن رجب رحمه الله للحديث رقم الأربعون في شرحه الموسوم: جامع العلوم والحكم، (2/ 376 – 392). فقد أتى كما هي عادته رحمه الله بفقه والنصوص والآثار في ذلك.
وانظر النصوص الواردة في الباب: (4) – باب ما جاء في طول أمل الإنسان، من “الجامع الكامل” (12/ 201 – 203).