تتمة شرح صحيح مسلم باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته
مسائل تتعلَّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): قال الحافظ: هذا الحديث اشتهر عن الأعمش
بالسند المذكور هنا، قال علي ابن المديني في «كتاب العلل»: كنا نَظُنُّ أن
الأعمش تفرَّد به حتى وجدناه من رواية سلمة بن كهيل، عن زيد بن وهب.
قال الحافظ: ….. ، ورواه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – مع ابن مسعود جماعة من الصحابة مُطَوَّلًا
ومختصرًا،
قال الحافظ: وكنت خرّجته في جزء من طرق نحو الأربعين نفسًا عن الأعمش،
فغاب عني الآن، ولو أمعنت التتبع لزادوا على ذلك. انتهى [راجع: «الفتح» (11) / (583)].
[المسألة الثالثة]: في فوائده:
* ومن فوائد حديث ابن مسعود التي سبقت في شرح سابق للصحيح المسند 922:
1. عظم منزلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قلوب أصحابه؛ حيث يمدحونه بعبارات الثناء التي تدل على التعظيم والمحبة “الصادق المصدوق”.
2. فقه ابن مسعود رضي الله عنه؛ لأنه أتى بجملة تناسب الحديث فقال: “الصادق المصدوق”؛ ذلك أن مضمون الحديث غيبي؛ لا يُرى ولا يعلم إلا عن طريق الوحي.
3. من المستحسن أن تؤكد الأخبار، ولا سيما التي يحتاج الناس إليها، بأي نوع من أنواع التأكيدات.
4. بيان كيفية خلق الآدمي، وما يتعلق ببدن الإنسان، وتكوينه في بطن أمه.
5. … أن هناك ملائكة موكلين بالأجنة في بطون الإناث.
6. الإشارة إلى علم المبدأ والمعاد، وأن من خلقك من عدم قادر أن يعيدك
7. إثبات القدر كما هو مذهب أهل السنة، وأن جميع ما يقع هو بقضاء الله عز وجل وتقديره، وهذا يشمل: خيرها وشرها، نافعها وضارها.
8. الإشارة إلى أن القدر سر من أسرار الله عز وجل وقد ضرب دونه الأستار، واختص عز وجل به، وحجبه عن العالم، فلا يعلمه ملك ولا نبي مرسل، والواجب علينا أن نقف حيث حد لنا فلا نتجاوزه.
9. إثبات العلم لله عز وجل.
10. … أن الأعمال بالخواتيم.
11. … السعيد من سعد بقضاء الله عز وجل، والشقي من شقي بقضائه عز وجل.
12. … الحث على القناعة، والزجر على الحرص الشديد.
13. … أن الرزق قد سبق تقديره، وإنما شرع الاكتساب؛ لأنه من جملة الأسباب التي اقتضتها الحكمة في دار الدنيا.
14. … إثبات الكلام لله، وأنه صفة من صفاته.
- … لا ينبغي لأحد أن يغتر بظاهر الحال لجهالة العاقبة، ومن هنا شرع الدعاء بالثبات على الدين، وحسن الخاتمة؛ فيجب سؤال الله الثبات؛ حتى لا يزيغ القلب عن الهدى؛ ومنه حديث ((اللهم مصرف القلوب، صرف قلوبنا على طاعتك))؛ رواه مسلم
16. … أن التوبة تهدم ما قبلها.
17. … عدم الاغترار بصور الأعمال.
18. … عظمة المولى عز وجل وقدرته، وكيف أنه يخلق من النطفة علقة، ومنها مضغة، ومنها بشرًا سويًّا.
19. … رحمته عز وجل وحفظه؛ حيث إنه يحفظ تلك النطفة إلى أن تكون خلقًا آخر.
20. … الحديث علاج للكِبر؛ لأن الإنسان كان أوله نطفة
21. … الحث على شكر العبد لربه على نعمه
22. … تربية الإنسان على التفكر في نفسه.
23. … وجوب التسليم للأمور الغيبية التي ثبت فيها النص.
24. … سعة علم الله عز وجل ومنه هذه الأربع.
25. … بعث الراحة والطمأنينة، وخاصة في الرزق
26. … الشجاعة؛ لأن الأجل محدود.
27. … الحث على بر الوالدين خاصة الأم
28. … طاعة الملائكة لربهم.
29. … الحديث يزرع المحاسبة والعناية بأمور النفس الباطنة؛ ولذلك قال ابن رجب رحمه الله: “دسائس السوء الخفية توجب سوء الخاتمة”.
30. … فيه دليل على أن للشخص إرادة واختياراً
31. … أحكام الدنيا معلقة بالأعمال الظاهرة دون الدخول في النيات، فمن كان ظاهره الإسلام حكم له به.
32. … حكمة الله ونفاذ أمره عز وجل
33. … إثبات الكتابة العمرية، والتقدير العمري.
34. … من كان سعيدًا فإن الله يسهل له الأسباب، وإن كان شقيًّا؛ فإنه محروم ولو بذل الأسباب.
35. … إثبات صفة الخلق واسم الخالق.
36. … الرد على المعتزلة الذين يقولون: إن المقتول قطع عليه أجله
37. … أنه إنما ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر.
38. … أن الله عز وجل يعلم الجزئيات، وفي هذا رد على المعتزلة وغيرهم ممن يخالفون في هذا.
39. … معرفة المولود ذكرًا أو أنثى، راجع لله تعالى - … جواز القسم على الخبر الصادق تأكيدًا.
41. … الحث على الاستعاذة من سوء الخاتمة، وقد عمل به جمع وجم غفير من السلف، وأئمة الخلف.
42. … الصحابي أعلم بتفسير ما سمع.
43. … أقل ما يتبين فيه خلق الولد، إحدى وثمانون يومًا كما في رأي الشافعية والحنابلة.
44. … لا ينبغي للإنسان أن يقطع الرجاء
45. … أن الروح حادثة، وليست بقديمة
46. … حسن التوكل على الله عز وجل، وملء القلب إيمانًا بخشيته ومراقبته عز وجل.
47. … لا يجوز إقامة الحد والقصاص على الحامل من أجل هذه النطفة، ولا يؤخر الواجب إلا لشيء محترم لا يجوز انتهاكه.
48. … أن الجنين قبل أربعة أشهر لا يحكم بأنه إنسان حي، وبناء على ذلك لو سقط قبل تمام أربعة أشهر، فإنه لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه؛ لأنه لم يكن إنسانًا بعد.
49. … أن الطور الثالث هي المضغة، وهذه المضغة قد تكون مخلقة أو غير مخلقة بنص القرآن، كما قال الله عز وجل: {ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5].
50. … أن نهاية بني آدم أحد أمرين: إما الشقاء وإما السعادة، قال الله عز وجل: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ}
51. … أن كل من مات على شيء حكم له به من خير أو شر، إلا أن أصحاب المعاصي غير الكفر تحت المشيئة، كما هو متقرر ومعلوم.(المسألة الرابعة): هذا الحديث يعارضه ما أخرجه الشيخان من حديث
أبي هريرة -رضي الله عنه – مرفوعًا: «لن يُدخِل أحدًا منكم عمَلُهُ الجنةَ، قالوا: ولا أنت يا
رسول الله، قال: ولا أنا إلا أن يتغمَّدني الله بفضل ورحمته … » الحديث.
وأجاب ابن بطال رحمه الله عن ذلك بأن تُحمل الآية- أي: وكذا حديث
الباب- على أن الجنة تُنال المنازل فيها بالأعمال، فإن درجات الجنة متفاوتة
بحسب تفاوت الأعمال، وأن يُحمَل الحديث المذكور على دخول الجنة،
والخلود فيها.
ثم أورد على هذا الجواب قوله تعالى: {سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِما
كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل (32)]، فصَرّح بأن دخول الجنة أيضًا بالأعمال.
وأجاب بأنه لفظ مُجمَل بيّنه الحديث، والتقدير: ادخلوا منازل الجنة
وقصورها بما كنتم تعملون، وليس المراد بذلك أصل الدخول.
ثم قال: ويجوز أن يكون الحديث مُفَسِّرًا للآية، والتقدير: ادخلوها بما
كنتم تعملون مع رحمة الله لكم، وتفضّله عليكم؛ لأن اقتسام منازل الجنة
برحمته، وكذا أصل دخول الجنة هو برحمته، حيث ألهم العاملين ما نالوا به
ذلك، ولا يخلو شيء من مجازاته لعباده من رحمته وفضله، وقد تفضّل عليهم
ابتداء بإيجادهم، ثم برزقهم، ثم بتعليمهم.
وقال القاضي عياض رحمه الله: طريق الجمع أن الحديث فسّر ما أُجمل في
الآية. فذَكر نحوًا من كلام ابن بطال الأخير، وأن من رحمة الله توفيقَهُ للعمل،
وهدايته للطاعة، وكل ذلك لم يستحقه العامل بعمله، وإنما هو بفضل الله وبرحمته.
وقال ابن الجوزي رحمه الله: يتحصل عن ذلك أربعة أجوبة:
(الأول): أن التوفيق للعمل من رحمة الله، ولولا رحمة الله السابقة ما
حصل الإيمان، ولا الطاعة التي يحصل بها النجاة.
(الثاني): أن منافع العبد لسيده، فعمله مُستَحَقٌّ لمولاه، فمهما أنعم عليه
من الجزاء فهو من فضله.
(الثالث): جاء في بعض الأحاديث أن نفس دخول الجنة برحمة الله،
واقتسام الدرجات بالأعمال.
(الرابع): أن أعمال الطاعات كانت في زمن يسير، والثواب لا يَنْفَد،
فالإنعام الذي لا ينفد في جزاء ما ينفد بالفضل، لا بمقابلة الأعمال.
انتهى [راجع:» الفتح «(11) / (357) – (359)، كتاب» الرقاق «رقم الحديث ((6464))].
—-
حديث علي رضي الله عنه:؛
قوله (أمّا أهْلُ السَّعادَةِ فَيُيَسَّرُونَ) بصيغة المبنيّ للمجهول؛ أي: يُسهَّلون،
ويهيّئون (لِعَمَلِ أهْلِ السَّعادَةِ، وأمّا أهْلُ الشَّقاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أهْلِ الشَّقاوَةِ»)
قال في «الفتح»: وحاصل السؤال: ألّا نترك مشقة العمل، فإنا سنصير إلى ما
قُدّر علينا، وحاصل الجواب: لا مشقة؛ لأنّ كلّ أحد ميسَّر لِما خُلق له، وهو
يسير على من يسّره الله، قال الطيبيّ: الجواب من الأسلوب الحكيم، مَنَعهم
عن ترك العمل، وأمَرَهم بالتزام ما يجب على العبد، من العبودية، وزَجَرهم عن التصرف في الأمور المغيبة، فلا يجعلوا العبادة وتَرْكها سببًا مستقلًّا لدخول
الجَنَّة والنار، بل هي علامات فقط. انتهى [«الفتح» (15) / (218)، كتاب «القدر» رقم ((6605))].
وقال أبو عبد الله القرطبيّ – رحمه الله – في «تفسيره»: قوله تعالى: {فَأمّا مَن أعْطى واتَّقى ((5))}: قال ابن مسعود: يعني: أبا بكر – رضي الله عنه -، وقاله عامة المفسرين،
وعن ابن عباس في قوله تعالى: {فَأمّا مَن أعْطى}؛ أي: بذل، {واتَّقى}؛
أي: محارم الله التي نهى عنها.
{وصَدَّقَ بِالحُسْنى ((6))}؛ أي: بالخلَف من الله تعالى على عطائه، وفي
«صحيح مسلم» عن أبي هريرة قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «ما من يوم يصبح
العباد فيه، إلّا وملَكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللَّهُمَّ أعط منفقًا خلفًا، ويقول
الآخر: اللَّهُمَّ أعط ممسكًا تلفًا».
وقال أهل التفسير: {فَأمّا مَن أعْطى} المعسرين ……. انتهى المقصود
من كلام القرطبيّ – رحمه الله -[«تفسير القرطبيّ» (20) / (82) – (85)]، والله تعالى أعلم.
(المسألة الأولى): حديث عليّ – رضي الله عنه – هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في فوائده:
(1) – (ومنها): ما قاله أبو عمر – رحمه الله -: قد أكثر الناس من تخريج الآثار في
هذا الباب، وأكثر المتكلمون من الكلام فيه، وأهل السُّنَّة مجتمعون على الإيمان بهذه الآثار، واعتقادها، وترك المجادلة فيها، وبالله العصمة
والتوفيق [«التمهيد لابن عبد البرّ» (6) / (12)].
(2) – (ومنها): بيان وجوب الإيمان بالقدر.
(3) – (ومنها): جوازُ القعود عند القبور، والتحدث عندها بالعلم
والموعظة، وقال المهلب: نَكْتُهُ الأرض بالمِخْصرة هي عادة لمن يتفكر في شيء
يستحضر معانيه، فيحتمل أن يكون ذلك تفكرًا منه – صلى الله عليه وسلم – في أمر الآخرة بقرينة
حضور الجنازة.
(4) – (ومنها): أن هذا الحديث أصل لأهل السُّنَّة في أن السعادة والشقاء
بتقدير الله عزوجل.
(5) – (ومنها): أن فيه رَدًّا على الجبرية؛ لأنّ التيسير ضد الجبر؛ لأنّ
الجبر لا يكون إلّا عن كُره، ولا يأتي الإنسان الشيء بطريق التيسير إلّا كاره
له.
(6) – (ومنها): أن أفعال العباد، وإن صدرت عنهم، لكنها قد سبق علم الله
بوقوعها بتقديره، ففيها بطلان قول القدرية صريحًا.
(7) – (ومنها): أنه استُدِلَّ به على إمكان معرفة الشقي من السعيد في
الدنيا، كمن اشتَهَر له لسان صدق وعكسه؛ لأنّ العمل أمارة على الجزاء على
ظاهر هذا الخبر.
ورُدَّ بما تقدم في حديث ابن مسعود – رضي الله عنه-، وأن هذا العمل الظاهر قد
ينقلب لعكسه على وفق ما قُدِّرَ.
والحق أن العمل علامةٌ وأمارةٌ، فيُحكم بظاهر الأمر، وأمرُ الباطن إلى الله
تعالى.
وقال الخطابيّ في «معالم السنن»: …
أمرهم بالعمل ليكون أمارة في الحال العاجلة لِما يصيرون إليه في الحال
الآجلة، فمن تيسّر له العمل الصالح كان مأمولًا له الفوز، ومن تيسّر له العمل
الخبيث كان مخوفًا عليه الهلاك.
وهذه أمارات من جهة العلم الظاهر، وليست بموجبات، فإن الله – عزوجل –
طَوى علم الغيب عن خَلْقه، وحجبهم عن دَرْكه، كما أخفى عنهم أمر الساعة،
فلا يَعلَم أحد متى إبّانُ قيامها، ثم أخبر على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم – بعض أماراتها
وأشراطها، فقال: «من أشراط الساعة أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة
العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان»، ومنها كيت وكيت. انتهى كلام
الخطابيّ ببعض تصرّف [راجع: «معالم السنن» (8) / (62) – (63)].
وقال غيره: وجه الانفصال عن شبهة القدرية أن الله أمرنا بالعمل،
فوجب علينا الامتثال، وغيّب عنّا المقاديرَ لقيام الحجة، ونَصَبَ الأعمالَ علامةً
على ما سبق في مشيئته، فمن عَدَلَ عنه ضَلَّ وتاه؛ لأنّ القدر سر من أسرار الله،
لا يَطَّلِع عليه إلّا هو، فإذا أدخل أهل الجَنَّة، كشف لهم عنه حينئذ [راجع: «الفتح» (11) / (606)]. والله أعلم.
(8) – (ومنها): ما قاله القرطبيّ – رحمه -: قال العلماء: ثبت بهذه الآية وبقوله: {ومِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة (3)]، وقوله: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ والنَّهارِ سِرًّا وعَلانِيَةً} [البقرة (274)]- إلى غير ذلك من الآياتِ – أن الجود من مكارم الأخلاق، والبخل من أرذلها. …. انتهى [«تفسير القرطبيّ» (20) / (82) – (85)]، والله تعالى أعلم.
قوله (وجفّت به أقلام)
الكتبة في اللوح المحفوظ، وفي صحف الملائكة المكتوبة في البطن، بل قد
نصّ على هذا في حديث عمران بن حصين – رضي الله عنه – المذكور بعد هذا
والأحاديث في هذا الباب كثيرة صحيحة، يفيد مجموعها العلم القطعيّ،
واليقين الحقيقيّ الاضطراريّ بإبطال مذاهب القدرية، لكنهم كابروا في ذلك
كلّه، وردّوه، وتأوّلوا ذلك تأويلًا فاسدًا، وموّهوه للأصول التي ارتكبوها من
التحسين، والتقبيح، والتعديل، والتجويز، والقول بتأثير القدرة الحادثه على
جهة الاستقلال، وقد تكلّم أئمة أهل السُّنَّة معهم في هذه الأصول، وبيّنوا
فسادها في كتبهم. انتهى كلام القرطبيّ – رحمه الله -[«المفهم» (6) / (660) – (661)]، وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم.
حديث عمران:
وقد ترجم ابن حبان بحديث الباب: «ما يجب على المرء من التشمير في
الطاعات، وإن جرى قبلها ما يَكره الله من المحظورات» [«الفتح» (15) / (215)، كتاب «القدر» رقم ((6596))]، والله تعالى أعلم.
___
ما حكم الدم الذي ينزل من امرأة أسقطت جنينها؟
* سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: امرأة أسقطت جنيناً وهي في الشهر الثاني من الحمل. ما حكم الصلاة والصيام في هذه الحالة؟
الجواب:
هذه المرأة تصوم وتصلي, ويأتيها زوجها; لأن هذا الدم ليس نفاساً ولا حيضاً, وإنما يسمى عند العلماء: دم فساد وذلك أن النفاس لا يثبت إلا بعد أن يتبين في الجنين خلق الإنسان, وأثناء الشهرين لا يمكن أن يتبين فيه خلق الإنسان.
السائل: إلى كم شهر يتبين الخلق تقريباً؟
الشيخ: غالباً يتبين في ثلاثة أشهر.
المصدر: سلسلة لقاءات الباب المفتوح > لقاء الباب المفتوح [110]
* ينظر شرح الصحيح المسند 1041 عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فرغ الله إلى كل عبد من خمس من أجله ورزقه وأثره وشقي أم سعيد.
وحديث 1042 عن أبي الدرداء … قالوا: يا رسول الله، أرأيت ما نعمل أمر قد فرغ منه، أم أمر تستأنفه؟ قال:” بل أمر قد فرغ منه ” قالوا فكيف بالعمل يا رسول الله؟ قال: كل امرئ مهيأ لما خلق له.
* ينظر شرح الصحيح المسند 1585 عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة وإنه لمكتوب في الكتاب من أهل النار فإذا كان قبل موته تحول فعمل بعمل أهل النار فمات فدخل النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار وإنه لمكتوب في الكتاب من أهل الجنة فإذا كان قبل موته تحول فعمل بعمل أهل الجنة فمات فدخلها. هذا حديث صحيح.
وقيل فيه: سبق بمعناه في الصحيح المسند برقم (779) و (922)
أما حديث 779 عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَفِي يَدِهِ كِتَابَانِ فَقَالَ «أَتَدْرُونَ مَا هَذَانِ الْكِتَابَانِ؟» فَقُلْنَا لَا يَا رَسُولَ اللهِ إِلَّا أَنْ تُخْبِرَنَا فَقَالَ لِلَّذِي فِي يَدِهِ الْيُمْنَى «هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِيهِ أَسْمَاءُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ ثُمَّ أُجْمِلَ عَلَى آخِرِهِمْ فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُمْ أَبَدًا» ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي فِي شِمَالِهِ «هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِيهِ أَسْمَاءُ أَهْلِ النَّارِ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ ثُمَّ أُجْمِلَ عَلَى آخِرِهِمْ فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُمْ أَبَدًا» فَقَالَ أَصْحَابُهُ فَفِيمَ الْعَمَلُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ كَانَ أَمْرٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ فَقَالَ «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا فَإِنَّ صَاحِبَ الْجَنَّةِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ وَإِنَّ صَاحِبَ النَّارِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيْهِ فَنَبَذَهُمَا ثُمَّ قَالَ «فَرَغَ رَبُّكُمْ مِنْ الْعِبَادِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ».
وأما حديث 922 عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْعُرْسَ -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْبُرْهَةَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ تُعْرَضُ لَهُ الْجَادَّةُ مِنْ جَوَادِّ الْجَنَّةِ، فَيَعْمَلُ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ لِمَا كُتِبَ [لَهُ]، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُرْهَةَ مِنْ دَهْرِهِ، ثُمَّ تُعْرَضُ لَهُ الْجَادَّةُ مِنْ جَوَادِّ أَهْلِ النَّارِ، فَيَعْمَلُ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ لِمَا كُتِبَ عَلَيْهِ».