146 لطائف التفسير والمعاني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
لطيفة:
استعمال الكلمات التي ظاهرها التوافق في المعنى بدقة:
قال السعدي:
وتأمل هذا المعنى في آية المواريث، وتعليقه سبحانه التوارث فيها بلفظ الزوجة دون المرأة؛ كما في قوله تعالى: {ولكم نصف ما ترك أزواجكم} إيذاناً بأن هذا التوارث إنما وقع بالزوجية المقتضية للتشاكل والتناسب، والمؤمن والكافر لا تشاكل بينهما، ولا تناسب، فلا يقع بينهما التوارث. [تفسير السعدي]
قال ابن القيم:
فصل
وأما الأزواج فجمع زوج. وقد يقال الزوجة. والأول أفصح. وبها جاء القرآن. قال تعالى لآدم: اسْكُنْ أنْتَ وزَوْجُكَ الجَنَّةَ وقال تعالى في حق زكريا: (21): (90) وأصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ.
ومن الثاني: قول ابن عباس في عائشة رضي الله عنها: «إنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة». وقال الفرزدق:
وإن الذي يبغي ليفسد زوجتي … كساع إلى أسد الشّرى يستبينها
وقد جمع على زوجات. وهذا إنما هو جمع زوجة، وإلا فجمع زوج أزواج قال تعالى: (36): (56) هُمْ وأزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلى الأرائِكِ مُتَّكِؤُنَ وقال تعالى: (43): (7) أنْتُمْ وأزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ وقد وقع في القرآن الإخبار عن أهل الإيمان بلفظ الزوج مفردا وجمعا. كما تقدم وقال تعالى: (33): (6) النَّبِيُّ أوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِن أنْفُسِهِمْ وأزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وقال تعالى: (33): (28) يا أيُّها النَّبِيُّ قُلْ لِأزْواجِكَ والإخبار عن أهل الشرك لفظ «المرأة» قال تعالى: تَبَّتْ يَدا أبِي لَهَبٍ وتَبَّ- إلى قوله- وامْرَأتُهُ حَمّالَةَ الحَطَبِ فِي جِيدِها وقال تعالى في فرعون: (66): (10) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأتَ فِرْعَوْنَ فلما كان هو المشرك وهي مؤمنة لم يسمها زوجا لها. وقال تعالى: (66): (11) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأتَ نُوحٍ وامْرَأتَ لُوطٍ فلما
كانتا مشركتين أوقع عليهما اسم «المرأة» وقال في حق آدم اسْكُنْ أنْتَ وزَوْجُكَ الجَنَّةَ وقال للنبي صلى الله عليه وسلم (33): (50) إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ وقال في حق المؤمنين: (2): (25) ولَهُمْ فِيها أزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ.
قالت طائفة، منهم السهيلي وغيره: إنما لم يقل في حق هؤلاء «الأزواج». لأنهن لسن بأزواج لرجالهن في الآخرة. ولأن التزويج حلية شرعية، وهو من أمر الدين، فجرد الكافرة منه، كما جرد منه امرأة نوح وامرأة لوط.
ثم أورد السهيلي على نفسه قول زكريا: (19): (5) وكانَتِ امْرَأتِي عاقِرًا وقوله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: (51): (29) فَأقْبَلَتِ امْرَأتُهُ فِي صَرَّةٍ.
وأجاب: بأن ذكر المرأة أليق في هذه المواضع، لأنه في سياق ذكر الحمل والولادة. فذكر المرأة أولى به. لأن الصفة- التي هي الأنوثة- هي المقتضية للحمل والوضع، لا من حيث كانت زوجا.
قلت: ولو قيل: إن السر في ذكر المؤمنين ونسائهم بلفظ «الأزواج» أن هذا اللفظ مشعر بالمشاكلة والمجانسة والاقتران، كما هو المفهوم من لفظه:
لكان أولى. فإن «الزوجين» هما الشيئان المتشابهان المتشاكلان، والمتساويان. ومنه قوله تعالى: (37): (22) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وأزْواجَهُمْ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «أزواجهم: أشباههم ونظراؤهم» وقاله الإمام أحمد أيضا، ومنه قوله تعالى: (81)
(7) وإذا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ أي قرن بين كل شكل وشكله في النعيم والعذاب. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هذه الآية: «الصالح مع الصالح في الجنة، والفاجر مع الفاجر في النار» وقاله الحسن وقتادة والأكثرون وقيل:
زوجت أنفس المؤمنين بالحور العين، وأنفس الكافرين بالشياطين. وهو راجع إلى القول الأول. وقال تعالى: (6): (143) ثَمانِيَةَ أزْواجٍ ثم
(134)
فسرها بقوله: مِنَ الضَّانِ اثْنَيْنِ، ومِنَ المَعْزِ اثْنَيْنِ ومِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ ومِنَ الإبِلِ اثْنَيْنِ فجعل الزوجين هما الفردان من نوع واحد. ومنه قولهم «زوجا خف، وزوجا حمام» ونحوه. ولا ريب ان الله سبحانه قطع المشابهة والمشاكلة بين الكفار والمؤمنين قال تعالى: (59): (20) لا يَسْتَوِي أصْحابُ النّارِ وأصْحابُ الجَنَّةِ وقال تعالى: في حق مؤمن أهل الكتاب وكافرهم (3): (113) لَيْسُوا سَواءً، مِن أهْلِ الكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ- الآية وقطع سبحانه المقارنة بينهما في أحكام الدنيا، فلا يتوارثان ولا يتناكحان، ولا يتولى أحدهما صاحبه. فكما انقطعت الصلة بينهما في المعنى انقطعت في الإسم.
فأضاف فيهما «المرأة» بلفظ الأنوثة المجرد، دون لفظ المشاكلة والمشابهة.
فتأمل هذا المعنى تجده أشد مطابقة لألفاظ القرآن ومعانيه. ولهذا وقع على المسلمة امرأة الكافر، وعلى الكافرة امرأة المؤمن: لفظ «المرأة» دون لفظ «الزوجة» تحقيقا لهذا المعنى، والله أعلم.
وهذا أولى من قول من قال: إنما سمى صاحبة أبي لهب امرأته، ولم يقل لها «زوجته» لأن أنكحة الكفار لا يثيب لها حكم الصحة، بخلاف أنكحة أهل الإسلام.
فإن هذا باطل بإطلاق اسم «المرأة» على امرأة نوح وامرأة لوط، مع صحة ذلك النكاح.
وتأمل هذا المعنى في آية المواريث، وتعليقه سبحانه التوارث فيها بلفظ «الزوجة» دون «المرأة» كما في قوله تعالى: (4): (12) ولَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أزْواجُكُمْ إيذانا بأن هذا التوارث إنما وقع بالزوجية المقتضية للتشاكل والتناسب، والمؤمن والكافر لا تشاكل بينهما ولا تناسب. فلا يقع بينهما التوارث. وأسرار مفردات القرآن ومركباته فوق عقول العالمين.
(التفسير القيم)