[1ج/ رقم (248)] فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ومحمد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند [1ج/ رقم (248)]:
قال أبو داود رحمه الله (ج (13) ص (36)): حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قالَ أخبرَنا أبِي قالَ حَدَّثَنِي إبْراهِيمُ بْنُ طَهْمانَ عَنْ مُوسى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ، قالَ: «أُذِنَ لِي أنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِن مَلائِكَةِ اللهِ تَعالى مِن حَمَلَةِ العَرْشِ إنَّ ما بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إلى عاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِمِائَةِ عامٍ».
هذا حديث حسنٌ على شرط البخاري.
وأخرجه إبراهيم بن طهمان في «مشيخته» (ص (72)).
فارتقى الحديث إلى الصحة، والحمد لله.
===================
الحديث سيكون من وجوه:
الأول:
ورد من حديث أبي هريرة (أذن لي أن أحدث عن ملك قد مرقت رجلاه الأرض السابعة .. ) وفي رواية وفي رواية (إن الله أذن لي أن أحدث عن ديك …… ) الحديث، في التعليق على الصحيح المسند ((1436)).
وذكرنا هناك في شرحنا على حديث أبي هريرة
تنبيه: حديث أبي هريرة أعله الدارقطني في العلل 1475 فذكر رواية إسحاق بن منصور السلولي عن إسرائيل عن معاوية بن إسحاق عن المقبري عن أبي هريرة. وغيره يرويه عن إسرائيل عن إبراهيم أبي إسحاق وهو إبراهيم بن الفضل مديني ضعيف.
والثابت من حديث جابر أخرجه أبوداود وهو في الصحيح المسند 248 مرفوعا أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام.
وجمع من صحح حديث أبي هريرة أنه ملك في صورة ديك
بينما ذهب المناوي إلى أنه ملك اسمه ديك.
أورد الحديث الإمام أبو داود في سننه، (39) – كِتاب السُّنَّةِ، بابٌ فِي الجَهْمِيَّةِ، ((4727)).
“وهذا الحديث يثبت كونه سبحانه وتعالى فوق عرشِه، والجَهميَّةُ يُنكِرونه”.
والوادعي رحمه الله جعله في جامعه:
(2) – كتاب الإيمان، (33) – الإيمان بالملائكة، ((451)).
(34) – كتاب التوحيد، (107) – العرش، ((4659)).
قال الألباني: صحيح، المشكاة ((5728))، الطحاوية ((249)) // ((298)) //، الصحيحة ((151)).
وقال الأرنؤوط وأخر ط: الرسالة: ” إسناده جيد، كما قال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (8) / (239)، وصححه الحافظ ابن حجر في «الفتح» (8) / (665)، والسيوطي في «الدر المنثور» (7) / (274).
وهو في «مشيخة ابن طهمان» ص (72).
وأخرجه ابن أبي حاتم كما عند ابن كثير في «تفسيره» (8) / (239)، والطبراني في. «الأوسط» ((1709)) و ((4421))، وأبو الشيخ في «العظمة» ((476))، والبيهقي في «الأسماء والصفات» ص (398)، والخطيب في تاريخ بغداد «(10) / (194) – (195) من طرق عن أحمد بن حفص، بهذا الإسناد.
وجاء في رواية ابن أبي حاتم:» مخفق الطير سبع مئة عام «، وعند الطبراني في روايته الأولى:» مسيرة أربع مئة عام «، وفي الثانية:» مسيرة سبعين عامًا «، وعند أبي الشيخ:» مسيرة خمس مئة عام أو قال: خمسين عاما «، وعند الخطيب:» مسيرة خمس مئة عام أو سبع منة عام «.
وأخرجه أبو نعيم في» الحلية «(3) / (158) من طريق محمَّد بن عجلان، عن محمَّد، عن جابر وابن عباس، رفعاه، قال:» أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش رجلاه في الأرض السابعة السفلى على قرنه العرش، ومن شحمة أذنه إلى عاتقه بخفقان الطير مسيرة مئة عام”. وقال أبو نعيم: غريب من حديث محمَّد عن ابن عباس لم نكتبه إلا من حديث جعفر عن ابن عجلان، وحديث جابر قد رواه عن محمَّد غيره. “. انتهى.
والثاني: شرح وبيان الحديث
((أذن لي أن أحدث))
” (أذن لي) الرسول ? إذا قال: أذن لي، فالآذن له هو الله، كما أنه إذا قال: أمرت ونهيت، فالآمر والناهي هو الله، وأما الصحابة إذا قالوا: أمرنا بكذا ونهينا عن كذا، فالآمر والناهي لهم رسول الله ?”. [شرح سنن أبي داود للعباد].
(أن أحدث)، أي: أصحابي.
(عَنْ مَلَكٍ) أيْ: [عن صفته وشأنه]، (مِن مَلائِكَةِ اللَّهِ) “أيْ: المُعَظَّمِينَ لِقَوْلِهِ (مِن حَمَلَةِ العَرْشِ)، فَإنَّهُمْ أقْوى مِن غَيْرِهِمْ (مَسِيرَةُ سَبْعَمِائَةِ عامٍ). يَعْنِي: فَقِسِ الباقِي عَلى هَذا النِّظامِ (رَواهُ أبُو داوُدَ). وكَذا الضِّياءُ”. [مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (9/ 3664)].
“أي: فإذا كان ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه سبعمائة عام، فكيف ببقية جسمه؟
وقد ذكر هذا الحديث في هذا الباب؛ لأنه يتعلق بإثبات العرش، والله تعالى فوق العرش”. [شرح سنن أبي داود للعباد].”
والثالث: مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): الإيمان بالملائكة
لغة:
مَلائِكَتِهِ قال ابن الأثير: جمع مَلأكٍ في الأصل، ثم حُذفت همزته؛ لكثرة الاستعمال، فقيل: مَلَكٌ، وقد تحذف الهاء، فيقال: ملائك، وقيل: أصله مَالَكٌ بتقديم الهمزة، من الألوكة، وهي الرسالة، ثم قدّمت الهمزة، وجُمع. انتهى [«النهاية» (4) / (359)].
ومعنى (الإيمان بالملائكة):
هو التصديق بوجودهم، وأنهم كما وصفهم الله تعالى: {عِبادٌ مُكْرَمُونَ ((26)) لا يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وهُمْ بِأمْرِهِ يَعْمَلُونَ ((27))} [الأنبياء (26)، (27)]، {لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أمَرَهُمْ ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ} [التحريم (6)]، و {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ والنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ ((20))} [الأنبياء (20)]، وأنهم سفراء الله بينه وبين رسله، والمتصرّفون كما أذن لهم في خَلْقه.
وقَدَّم الملائكة على الكتب والرسل – في بعض النصوص -، نظرًا للترتيب الواقع؛ لأنه – سُبْحانَهُ وتَعالى – أرسل الملك بالكتاب إلى الرسول، وليس فيه مُتَمَسَّك لمن فَضَّل الملك على الرسول. قاله في «الفتح».
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “بدأ بالملائكة قبل الرسل والكتب؛ لأنهم عالم غيبي، أما الرسل والكتب فعالم محسوس، فالملائكة لا يظهرون بالحس إلا بإذن الله عزّ وجل”. [شرح الأربعين النووية للعثيمين ص (40)].
قال الإتيوبي عفا الله عنه: مسألة تفضيل الملك على البشر، أو العكس طويلة الذيل، قليلة النيل، قد استوفيت بحثها في «شرح النسائي»، وسيأتي هنا أيضًا في المحل المناسب له – إن شاء الله تعالى -. [البحر المحيط الثجاج].
وقال أيضًا: “الملائكة: عالم غيبي مخلوقون، عابدون لله تعالى، وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، خلقهم الله تعالى من نور، ومنحهم الأنقياد التام لأمره، والقوة على تنفيذه؛ قال الله تعالى: {ومَن عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ ولا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ والنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ} [سورة الأنبياء، الآيتين: (19) – (20)].
وهم عدد كثير لا يحصيهم إلا الله تعالى، وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه في قصة المعراج أن النبي ? رفع له البيت المعمور في السماء يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودا إليه آخر ما عليهم”. [أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة. ومسلم، كتاب الإيمان، باب: الإسراء برسول الله ? وفرض الصلوات]. [شرح ثلاثة الأصول للعثيمين ص (90 – 94)].
وقال الشيخ ابن عثيمين: نؤمن بأنهم عالم غيبي لا يشاهدون، وقد يشاهدون، إنما الأصل أنهم عالم غيبي، مخلوقون من نور، مكلفون بما كلفهم الله به من العبادات، وهم خاضعون لله عز وجل أتم الخضوع، {لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أمَرَهُمْ ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ} [التحريم (6)].
كذلك نؤمن بأسماء من علمنا بأسمائهم، ونؤمن بوظائف من علمنا بوظائفهم، ويجب علينا أن نؤمن بذلك على ما عُلمنا.
وهم أجساد، بدليل قوله تعالى: {جاعِلِ المَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أجْنِحَةٍ} [فاطر، (1)]، ورأى النبي ? جبريل على صورته التي خلق عليها له ستمائة جناح قد سد الأفق ((1))،خلافًا لمن قال: إنهم أرواح. [شرح العقيدة الواسطية للعثيمين (1/ 59 – 64)، وقد ذكر تفصيبل الإيمان بالملائكة فليراجع].
“إذا المطلوب منا في باب الإيمان بالملائكةِ أن نؤمن بالملائكة (إجمالًا) فيما أُجمل فيها، و (تفصيلًا) فيما فُصل، سواءٌ في الأسماء أو الأعداد أو الأوصاف أو الوظائف. [شرح الدروس المهمة لعامة الأمة لشيخ عبد الرزاق العباد، ص (67)].
وقد يتحول الملك بأمر الله تعالى إلى هيئة رجل، كما حصل (لجبريل) حين أرسله تعالى إلى-مريم- فتمثل لها بشرًا سويًا، وحين جاء إلى النبي ? وهو جالس في أصحابه جاءه بصفة لا يُرى عَلَيْهِ أثَرُ السَّفَرِ، ولا يَعْرِفُهُ أحد من الصحابة، فَجَلَسَ إلى النَّبِيِّ ? فَأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ، ووَضَعَ كَفَّيْهِ عَلى فخذيه، وسأل النبي ? عن الإسلام، والإيمان والإحسان، والساعة، وأماراتها، فأجابه النبي ? فانطلق. ثم قال النبي ?: «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم». رواه مسلم.
وكذلك الملائكة الذين أرسلهم الله تعالى إلى إبراهيم، ولوط كانوا في صورة رجال.
فهم خلق عظيم، ولهم أوصافٌ عظيمة تدلُّ على هذه المخلوقات، وقوتها، وكِبَرِ أجسامِها.
“فالإيمان بما علمنا من أعمالهم [ووظائفهم] التي يقومون بها بأمر الله تعالى، كتسبيحه، والتعبد له ليلًا ونهارًا بدون ملل ولا فتور، وقد يكون لبعضهم أعمال خاصة:
مثل: جبريل الأمين على وحي الله تعالى يرسله به إلى الأنبياء والرسل.
ومثل: ميكائيل الموكل بالقطر أي بالمطر والنبات.
ومثل: إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور عند قيام الساعة وبعث الخلق.
* هؤلاء الثلاثة كان النبي ? يذكرهم عندما يستفتح صلاة الليل فيقول: ((اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرائِيلَ ومِيكائِيلَ وإسْرافِيلَ … ))، والحكمة من هذا: أن كل واحد منهم موكل بحياة: فجبريل موكل بالوحي وهو حياة القلوب كما قال عزّ وجل: (وكَذَلِكَ أوْحَيْنا إلَيْكَ رُوحًا مِن أمْرِنا) (الشورى: الآية (52))
وميكائيل موكل بالقطر والنبات وهو حياة الأرض، وإسرافيل موكل بالنفخ في الصور وهو حياة الناس الحياة الأبدية.
والمناسبة ظاهرة، لأنك إذا قمت من النوم فقد بعثت من موت كما قال تعالى: (وهُوَ الَّذِي يَتَوَفّاكُمْ بِاللَّيْلِ ويَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ) (الأنعام: الآية (60))) وقال عزّ وجل: (اللَّهُ يَتَوَفّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِها والَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْها المَوْتَ ويُرْسِلُ الأُخْرى إلى أجَلٍ مُسَمّى) (الزمر: الآية (42))
إذا كان القيام من الليل بعثًا وهؤلاء الملائكة الثلاثة الكرام كلهم موكلون بحياة، صارت المناسبة واضحة.
ومثل: ملك الموت الموكل بقبض الأرواح عند الموت.
ومثل: مالك وهو خازن النار.
ومثل: الملائكة الموكلين بالأجنة في الأرحام إذا تم للإنسان أربعة أشهر في بطن أمه، بعث الله إليه ملكًا وأمره بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد.
ومثل: الملائكة الموكلين بحفظ أعمال بني آدم وكتابتها لكل شخص، ملكان: أحدهما عن اليمين، والثاني عن الشمال.
وظائفهم أن يكتبوا أعمال العباد، قال الله عزّ وجل: (ولَقَدْ خَلَقْنا الأِنْسانَ ونَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ونَحْنُ أقْرَبُ إلَيْهِ مِن حَبْلِ الوَرِيدِ * إذْ يَتَلَقّى المُتَلَقِّيانِ عَنِ اليَمِينِ وعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ*ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (ق: (16) – (18)) فهؤلاء موكلون بكتابة أعمال بني آدم، وقال الله عزّ وجل أيضًا في آية أخرى: (كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ*وإنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كراما كاتبين) (الأنفطار: (9) – (11)) يكتبون كل قول يقوله الإنسان، وظاهر الآية الكريمة أنهم يكتبون ما للإنسان وما عليه وما ليس له ولا عليه، وجه كون هذا هو الظاهر: أن قوله عزّ وجل: (مِن قَوْلٍ) نكرة في سياق النفي مؤكّدة بـ: (من) فتفيد العموم، لكن ما ليس له ولا عليه لا يحاسب عليه وإنما يقال إنه فاته خير كثير.
وذُكر أن رجلًا دخل على الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله- فقيه المحدّثين ومحدث الفقهاء وإمام أهل السنة، دخل عليه وهو يئن من الوجع، فقال له: يا أبا عبد الله تئنّ وقد قال طاوس: إن الملك يكتب حتى أنين المريض، فأمسك الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – عن الأنين، وهذا من تعظيم آثار السلف عند السلف.
ومثل: الملائكة الموكلين بسؤال إذا وضع في قبره يأتيه ملكان يسألانه عن ربه، ودينه، ونبيه. [شرح الأربعين النووية للعثيمين ص (40 – 43)، وشرح ثلاثة الأصول للعثيمين ص (90 – 94)].
[وأعدادُ الملائكة إجمالا، نؤمن بأنَّ عددهم لا يحصيه إلا الذي خلقهم؛ {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}، وتفصيلًا نؤمن بالأعداد المتعلقةِ بالملائكة على التفصيل كما وردت]. [الدروس المهمة].
[تنويه]: قد سبق ذكر تفاصيل الإيمان بالملائكة الكرام عليهم السلام في التعليق على الصحيح المسند ((1418))، والتعليق على أصول الإيمان.
(المسألة الثالثة): ثمرات الإيمان بالملائكة:
الإيمان بالملائكة يثمر ثمرات جليلة منها:
1) العلم بعظمة الله تعالى، وقوته، وسلطانه، فإن عظمة المخلوق من عظمة الخالق.
2) شكر الله تعالى على عنايته ببني آدم، حيث وكل من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم، وكتابة أعمالهم، وغير ذلك من مصالحهم.
3) محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى على الوجه الأكمل، واستغفارهم للمؤمنين .. [شرح ثلاثة الأصول للعثيمين ص (90 – 94)، بتصرف].
فأزدياد الشعور بعظمة الله، واستشعار رحمته، إذ وكل الملائكة بالدعاء للمؤمنين والاستغفار لهم.
4) التحرز عما أمكن من المعاصي، حين يتذكر أنهم يسجلون عليه كل ما يقوله ويفعله.
5) الإقدام والشجاعة في الجهاد، حين يتصور أنهم يؤيدون المجاهدين، بأمر رب العالمين.
6) العمل للجنة ليكون ممن يسلمون عليه.
7) البعد عن أسباب دخول النار لئلا يكون ممن يوبخونه.
ومن ثمراته الاجمالية:
8) التشبه بهم في لزوم الطاعة، واجتناب العصيان.
(المسألة الرابعة): الرد على من أنكر كون الملائكة أجسام:
وقد أنكر قوم من الزائغين كون الملائكة أجسامًا، وقالوا إنهم عبارة عن قوى الخير الكامنة في المخلوقات، وهذا تكذيب لكتاب الله تعالى، وسنة رسوله ? وإجماع المسلمين.
قال الله تعالى: {الحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ والأرْضِ جاعِلِ المَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أجْنِحَةٍ مَثْنى وثُلاثَ ورُباعَ} [سورة الفاطر، الآية: (1)].
وقال: {ولَوْ تَرى إذْ يَتَوَفّى الَّذِينَ كَفَرُوا المَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدْبارَهُمْ} [سورة الأنفال، الآية: (50)].
وقال: {ولَوْ تَرى إذِ الظّالِمُونَ فِي غَمَراتِ المَوْتِ والمَلائِكَةُ باسِطُو أيْدِيهِمْ أخْرِجُوا أنْفُسَكُمُ} [سورة الأنعام، الآية: (93)].
وقال: {حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ماذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الحَقَّ وهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ} [سورة سبأ، الآية: (23)].
وقال في أهل الجنة: {والمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِن كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبى الدّارِ} [سورة الرعد، الآيتين: (23) – (24)].
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ? قال: «إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانًا فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء،، إن الله يحب فلانأ فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض». [أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة. ومسلم، كتاب البر والصلة، باب: إذا أحب الله عبدًا حببه إلى عباده].
وفيه أيضًا عنه قال: قال النبي ? «إذا كان يوم الجمعة على كل باب من أبواب المساجد الملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر».
وهذه النصوص صريحة في أن الملائكة أجسام لا قوى معنوية، كما قال الزائغون وعلى مقتضى هذه النصوص أجمع المسلمون. [شرح ثلاثة الأصول للعثيمين ص (90 – 94)].
[تنبيه]:
للفائدة: العرش وما روي فيه، المؤلف: أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة العبسي (المتوفى: (297) هـ).