3 – بَابُ حُكْمِ إِطْلَاقِ لَفْظَةِ الْعَبْدِ، وَالْأَمَةِ، وَالْمَوْلَى، وَالسَّيِّدِ
13 – (2249) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللهِ، وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ اللهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ غُلَامِي وَجَارِيَتِي وَفَتَايَ وَفَتَاتِي»
14 – (2249) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي، فَكُلُّكُمْ عَبِيدُ اللهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: فَتَايَ، وَلَا يَقُلِ الْعَبْدُ: رَبِّي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: سَيِّدِي ”
14 – (2249) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَفِي حَدِيثِهِمَا وَلَا يَقُلِ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ مَوْلَايَ وَزَادَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ فَإِنَّ مَوْلَاكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ
15 – (2249) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمُ اسْقِ رَبَّكَ، أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ، وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ رَبِّي، وَلْيَقُلْ سَيِّدِي مَوْلَايَ، وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ عَبْدِي أَمَتِي، وَلْيَقُلْ فَتَايَ فَتَاتِي غُلَامِي»
————————
الفوائد:
– فيه تحقيق التوحيد حتى في الألفاظ، والنهي عن هذه الإطلاقات حسماً لمادة الشرك بين الخالق والمخلوق، وهذا من أحسن مقاصد الشريعة؛ لما فيه من تعظيم الرب تعالى وبُعْدِه عن مشابهة المخلوقين.
-الألفاظ المذكورة إطلاقها مكروه، والنهي الوارد على سبيل الكراهة والتنزيه؛ لقول الله عزوجل عن يوسف عليه السلام (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) وقوله (ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ).
وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( … أن تلد الأمة ربها).
وبوب البخاري؛ باب كراهية التطاول على الرقيق وقول عبدي وأمتي.
قال الحافظ: أي وكراهية ذلك من غير تحريم، ولذلك استشهد للجواز بقوله تعالى: (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) وبغيرها من الآيات والأحاديث الدالة على الجواز ثم أردفها بالحديث الوارد في النهي عن ذلك، واتفق العلماء على أن النهي الوارد في ذلك للتنزيه حتى أهل الظاهر إلا ما سنذكره عن ابن بطال في لفظ الرب. انتهى
قال بعض مشايخنا: هو على سبيل الكراهة أيضا، والكراهة فيه أشد. ولِيُعْلَم أن الحكم قد يصل إلى التحريم إذا صاحََبَه الاحتقار والأذية للمملوك المسلم، أو صاحَبَه الاختيال والتعاظم من السيد.
وحمله بعض أهل العلم على الإكثار من الاستعمال (راجع شرح النووي)
– اعتبر القاضي عياض لفظة (ولا يقل العبد لسيده: مولاي … ) خطأ وأن الأصوب حذفها، نقله عنه النووي مقراً له، وممن حكم بشذوذها وضعفها القرطبي وابن حجر والألباني كما في الصحيحة تحت حديث 803.
وصححها ابن عساكر كما في معجمه، والراجح ضعفها، وإيراد مسلم لها إشارة منه لنكارتها على قول من يقول بأنَّ مسلماً يشير إلى الألفاظ المنكرة، خاصة أنه أورد بعدها رواية تدل على الجواز وهي قوله صلى الله عليه وسلم (وليقل سيدي، مولاي).
قال بعض الأفاضل: كلمة مولى استعملها السلف للتعريف مثل (نافع مولى ابن عمر). انتهى باختصار
قلت: لا بأس بهذا التوجيه على فرض صحتها
– ذكر بعض العلماء أن هذا النهي مختص بالتعبيد والربوبية للمكلفين أما إضافة الربوبية إلى غير المكلفين فلا بأس؛ لأن حقيقة العبودية لا تتصور فيها مثل: رب الدار، ورب المال، بل المقصود إضافة ملك.
قلت: كذلك لا يُتصوَّر فيها الاحتقار.
ومنه حديث الضالة فورد في الإبل ( … دعها حتى يلقاها ربها) وحديث ( … حتى يُهِمَّ ربَّ المال من يقبل صدقته). – ولا يعارض هذا الحديث، حديث (السيد الله) لأن الوارد هنا (سيدي) بالإضافة والتقييد ومنه (قوموا إلى سيدكم فأنزلوه) ثم النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا قال له بعض الوفود: أنت سيدنا فقال: السيد الله تبارك وتعالى، قلنا: وأفضلنا فضلاً وأعظمنا طولاً فقال: قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان.) أخرجه أبو داود، وهو في الصحيح المسند 585، أراد أن لا يقعوا في المبالغة، وإلا ثبت أنه قال: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر).
وقال بعض الأفاضل: قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى له صورتان:
الصورة الاولى: أن يقع بصيغة النداء مثل يا عبدي، يا أمتي، فهذا ? يجوز للنهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم ” يقل أحدكم عبدي وأمتي”
الصورة الثانية: أن يكون بصيغة الخبر وهذا على قسمين:
القسم الاول: إن قاله بغيبة العبد، أو الامة فلا بأس فيه
القسم الثاني إن قاله في حضرة العبد أو الامة، فإن ترتب عليه مفسدة تتعلق بالعبد أو السيد منع وإلا فلا.
وقال لان القائل لا يقصد العبودية التي هي الذل … وإلى هذا التفصيل أشار ” صاحب” (تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد) في باب يقول عبدي وأمتي، وذكره صاحب فتح الباري عن مالك. انتهي
-ومرة الشيخ ابن عثيمين ذكر تفصيل بحسب الضمائر: القسم الأول: أن تكون الإضافة إلى ضمير المخاطب، مثل: أطعم ربك، وضيء ربك، فيكره ذلك للنهي عنه، لأن فيه محذورين:
، لأن الرب، يطعم ولا يُطعم، و يشعر العبد أو الأمة بالذل،
القسم الثاني: أن تكون الإضافة إلى ضمير الغائب، لا بأس به، كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أشراط الساعة: (أن تلد الأمة ربها) والصحيح عدم الفارق بين البهيمة والمكلف، لأن البهيمة تعبد الله عبادة خاصة، …
وذكر قسمين آخرين
مجموع الفتاوى_ ابن عثيمين رحمه الله
– حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فإذا نهى عن شيء فتح لهم ما يباح، وبه يسهل على الناس ترك الممنوع، وبه يعرف أن في الدين الإسلامي سعة.
-بيان أن الأمر يأتي للإباحة (وليقل سيدي).
– يجوز إطلاق الولي والمولى، لكن يجب الحذر مما يقصده بعض فرق الضلال في معنى الولي، وراجع كتاب الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
– ورد في بعض الأناجيل أن الله عز وجل يقول في حق عيسى (هذا فتاي) فهذا تكذيب للنصارى في اتخاذهم عيسى رباًّ. (منقول)
– عدم استعمال الألفاظ التي هي حمالة وجوه، ومنه قوله تعالى (لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا)، ومنه لا يجوز استخدام المصطلحات التي هي شعارات للكفرة وأهل الضلال؛ كالديموقراطية والقومية والاشتراكية … ، وإن زينوا معانيها فالحذر الحذر.
– الإسلام يحترم الأسرى.
-الإسلام يحث على الأدب في الكلام، وهذا من محاسنه ومنه (والشر ليس إليك).
– استعمال الألفاظ على المعنى الأغلب؛ ف (فتاي وفتاتي) الأصل في معناها الشاب والشابة أو القوي أو القوية، واستعملت في الخدم بناءً على الغالب أو باعتبار ما كان. (عون المعبود) يقصد ولو كان الخادمُ كبيراً في السن؛ يقال له: فتاي.
– جواز إطلاق العبد على مالكه سيدي، والسيادة يرجع معناها إلى الرياسة، وهي من السؤدد الذي هو علو المنزلة. وسياسة من تحت يده الذي هو حسن التدبير، وبوب البخاري في الأدب المفرد؛ باب هل يقول: سيدي، وذكر هذا الحديث، وحديث (السيد الله) وسبق توجيهه.
– مراعاة شعور المملوك، بل سمَّاهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم إخوة فقال: (إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم … ). وقد كرمهم الإسلام، حتى صار بعضهم مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم قواداً لجيوش الإسلام.
-فيه معنى قوله تعالى ( …. لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا)
– الحث على التواضع.
– جواز الإعانة في الوضوء، قال بعض الأفاضل: ومنه حديث المغيرة.
– الشريعة جاءت بسد الذرائع مع ذكر البدائل، قال ابن حجر: فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يؤدي المعنى مع السلامة من التعاظم، فإن الفتى والغلام ليس دالاً على محض الملك كدلالة العبد، فقد كثر استعمال الفتى في الحر، وكذلك الغلام والجارية.