38 – بَابُ اسْتِحْبَابِ قَتْلِ الْوَزَغِ
142 – (2237) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، – قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرُونَ – حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَرَهَا بِقَتْلِ الْأَوْزَاغِ» وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَمَرَ
143 – (2237) وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اسْتَأْمَرَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قَتْلِ الْوِزْغَانِ «فَأَمَرَ بِقَتْلِهَا» وَأُمُّ شَرِيكٍ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ اتَّفَقَ لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي خَلَفٍ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَحَدِيثُ ابْنِ وَهْبٍ قَرِيبٌ مِنْهُ
144 – (2238) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا»
145 – (2239) وحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لِلْوَزَغِ الْفُوَيْسِقُ» زَادَ حَرْمَلَةُ: قَالَتْ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ
146 – (2240) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، لِدُونِ الْأُولَى، وَإِنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّالِثَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، لِدُونِ الثَّانِيَةِ»
147 – (2240) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ زَكَرِيَّاءَ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ كُلُّهُمْ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى حَدِيثِ خَالِدٍ، عَنْ سُهَيْلٍ إِلَّا جَرِيرًا وَحْدَهُ، فَإِنَّ فِي حَدِيثِهِ «مَنْ قَتَلَ وَزَغًا فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ دُونَ ذَلِكَ، وَفِي الثَّالِثَةِ دُونَ ذَلِكَ»
147 – وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ سُهَيْلٍ، حَدَّثَتْنِي أُخْتِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ سَبْعِينَ حَسَنَةً»
————————–
الفوائد:
– أم شريك يقال: اسمها غزية، وقيل: غزيلة، يقال: هي عامرية قرشية، ويقال: أنصارية، ويقال: دوسية.
-قال النووي: قال أهل اللغة: الوزغ وسامّ أبرص جنس. فسامّ أبرص هو كباره، واتفقوا على أن الوزغ من الحشرات المؤذيات وجمعه أوزاغ ووزغان وأمر النبي صلى الله عليه و سلم بقتله وحث عليه ورغب فيه لكونه من المؤذيات.
وأما سبب تكثير الثواب في قتله بأول ضربة ثم ما يليها، فالمقصود به الحث على المبادرة بقتله والاعتناء به، وتحريض قاتله على أن يقتله بأول ضربة فإنه اذا أراد أن يضربه ضربات ربما انفلت وفات قتله. انتهى
– هذا الحديث مستثنى من الأحاديث التي تدل على أن الأجر علي قدر المشقة؛ لأن المطلوب هنا الحرص على قتلها. كما سبق ذكره
– قال النووي: وأما تسميته فويسقا فنظيره الفواسق الخمس التي تقتل في الحل والحرم وأصل الفسق الخروج وهذه المذكورات خرجت عن خلق معظم الحشرات. ونحوها بزيادة الضرر والأذى.
وأما تقييد الحسنات في الضربة الاولى بمائة وفى رواية بسبعين فجوابه من أوجه سبقت في صلاة الجماعة تزيد بخمس وعشرين درجة وفى روايات بسبع وعشرين:
أحدها: أن هذا مفهوم للعدد ولا يعمل به عند الأصوليين غيرهم فذكر سبعين لا يمنع المائة فلا معارضة بينهما.
الثاني: لعله أخبرنا بسبعين ثم تصدق الله تعالى بالزيادة فأعلم بها النبي صلى الله عليه وسلم حين أوحى إليه بعد ذلك … إلى آخر كلامه
– ورد من حديث سائبة عن عائشة في قتل الوزغ؛ وأنه لم تكن دابة إلا تطفئ النار عن إبراهيم صلى الله عليه وسلم غير الوزغ كانت تنفخ عليه فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله.
قلت: والسائبة مجهولة، ثم هو مخالف لما في الصحيحين أن عائشة قالت: لم أسمعه أمر بقتله.
المهم ثبت في البخاري 3359 في حديث أم شريك (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ، وقال: كان ينفخ على ابراهيم عليه السلام) وفي البخاري 3306 عن عائشة وفيه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للوزغ: (الفويسق)، ولم أسمعه أمر بقتله، وزعم سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله) لكن ذكر ابن حجر أن قائل: (وزعم) يحتمل أن يكون عروة أو عائشة أو هو الزهري، وذكر أن الدارقطني رواها في غرائب مالك عن الزهري عن سعد، وقال: والاحتمال الأخير أرجح، وقد أخرج مسلم والنسائي وابن ماجه وابن حبان من طريق ابن وهب وليس عندهم حديث سعد،. ثم ذكر أنَّ مسلماً وغيره أخرجوه من طريق معمر عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه مرفوعا، وقال: وكأن الزهري وصله لمعمر وأرسله ليونس.
لكن الدارقطني رجح الرواية التي فيها الانقطاع وكلامه أقوى. حيث ذكر أنَّ معمرا روي عنه أيضا رواية ً موافقةٌ للجمهور (راجع علل الدارقطني 4/ 340).
– في الحديث الرد على من كره قتلها.
– فائدة: الوزغ من الحيوانات النجسة التي لها نفس سائلة كالفأرة.
– يحرم أكل الوزغ؛ لأنه من الحشرات المستخبثة ثم هو ضار، ونقل ابن عبدالبر الإجماع على تحريمه. فيدخل في قوله تعالى: (ويحرم عليهم الخبائث) مع أنَّ مالكاً يرى أن الخبائث هي المحرمات دون المتقذرات فحلل الحيات والعقارب والخنافس وغيرها خلافا للشافعي فيرى الخبائث لفظا عاما في المحرمات بالشرع وفي المتقذرات.
المهم كما أسلفنا هم متفقون على تحريم الوزغ.
– الضب يختلف عن الوزغ في الشكل والحكم فهو من المباحات، وأكل على مائدة النبي صلى الله عليه وسلم، إنما عافه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ليس من عادة قومه أكله، وفيه حديث.
– فيه دليل أن قول النبي صلى الله عليه وسلم (خمس يقتلن في الحل والحرم … ) أنه ليس على سبيل الحصر، إنما ذكرت لعظم أذاها، لذا ذكر البخاري حديث عائشة (الوزغ فويسق) في باب ما يقتل المحرم من الدواب، خلافا لمالك في رواية عنه حيث ذهب إلى أن المحرم لا يقتل الوزغ ولا القرد ولا الخنزير ولا الحية الصغيرة (التمهيد) والمنع من قتل الوزغ عند مالك إنما في حال الإحرام أما في حال الإحلال فيجوز قتله ولو في الحرم (شرح الزرقاني).
ورجح العباد قول من قال: بجواز قتله للمحرم.
– الوحرة من أنواع الوزغان نص عليه صاحب شرح الفجر الساطع على الصحيح الجامع، في قصة ملاعنة عويمر العجلاني.
– فيه إشارة إلى عدم التواكل في التخلص مما هو ضار. والجد والحرص والنشاط في تحصيل الخير ودفع الشر.
– قاعدة؛ أن ما عرف أن أذاه أكثر من نفعه يقتل ولو لم يرد النص فيه، فالوزغ له منافع منها أكله البعوض والذباب والحشرات الضارة لكن لمَّا كان ضرره أكثر من نفعه، أمرنا بقتله.
– من محاسن الإسلام أنه فرق في التعامل مع الحيوانات فنهانا عن قتل النحلة والنملة والهدهد والصرد، وأمرنا بقتل الفواسق الخمس والوزغ.
– يبقى الأمر بقتل الوزغ على عمومه حتى في المساجد بل حتى في الحرم والإحرام كما أسلفنا.
– لا يشرع التعذيب بالنار وفيه حديث، ولو كان مشروعا لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم.
– لا يجوز أن يستخدم الوزغ والحيات كدواء (قرره العباد)
– لا يؤذن الوزغ ثلاثا، إنما ذلك خاص بحيات البيوت.
– الأجر مترتب على قتله من أول ضربه أما رشه بالماء حتى يتوقف عن الحركة ثم قتله، فالذي يظهر أنه لا يتحصل على الأجر الكامل. (قرره الشيخ عبدالمحسن العباد) وبعض المشايخ قال: اقتله بالمبيدات أو بآلة والأجر عند الله.
– لا نعلم في روايات صحيحة أنَّ لقاتله أجراً أكثر من مئة حسنة، وكذلك لا يصح أن في الضربة الثانية خمسين حسنه. ولم نقف على رواية أنه يستحب قتله باليد مع أن بعض العوام يتناقلون أن أجره كمن صافح نبياً، إنما يقتل بالعصا أو بالنعل لأنه نجس كما سبق
– يسمى الوزغ عند الناس؛ السحلية، والحلكة، والبرص أو البرصي أو البعرصي أو أم بريص، والتكة، والضاطور، وأم عيينه، وطيطار، البَعْمَة
وبعضهم فرق بين السحلية والحلكة والوزغ، ونقل عن عطاء أنه كره قتل العظاءة أو العظاية وهي السحلية، وزعموا أنها كانت تمج الماء على ابراهيم عليه الصلاة والسلام، أشار إليه ابن قتيبة (منقول)
– في دفع المضار والشرور عن النفس وعن المسلمين أجور، كما في جلب الخير والمصالح.
– نقل ابن مفلح أن الأمر في قتل الوزغ على سبيل الاستحباب، بينما ذكر بعض العلماء المعاصرين أنه على سبيل الوجوب.
– حديث أم شريك ذكره البخاري في كتاب بدء الخلق، باب خير مال المرء المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال. فما هي المناسبة؟ قال ابن حجر: سقطت هذه الترجمة من رواية النسفي، ولم يذكرها الإسماعيلي أيضا، وهو اللائق بالحال؛ لأن الأحاديث التي تلي حديث أبي سعيد ليس فيها ما يتعلق بالغنم إلا حديث أبي هريرة. انتهى
قلت: فتصبح الأحاديث مرتبطة بالباب الذي قبلها باب قول الله تعالى (وبث فيها من كل دابة)
– الوزغ يلاحق ولو بعدة ضربات، والحية من باب أولى أن لا يكتفى في قتلها بضربة واحدة، لكن كيف نوجه حديث (كفاك الحية ضربة بالسوط أصبتها أم أخطأتها)؟ نقل الأخ أحمد عن الألباني في الصحيحة 676 أنه قال: قال البيهقي:
” و هذا إن صح، فإنما أراد – و الله أعلم – وقوع الكفاية بها في الإتيان بالمأمور، فقد أمر صلى الله عليه وسلم بقتلها، و أراد – و الله أعلم – إذا امتنعت بنفسها عند الخطأ و لم يرد به المنع من الزيادة على ضربة واحدة “. والحديث لم يتكلم عليه المناوي بشيء، فكأنه لم يقف على سنده. انتهى
قلت: الحديث أنكره أبو حاتم، وقال: ليس لهذا الكلام أصل. ثم ذكر بعض الآثار عن بعض التابعين أنهم عملوا به، فكأنه يقصد أن أصل الحديث هذه الآثار، ولم يصح مرفوعا.
وذكر الدارقطني أنه غريب حتى في طبقة إسماعيل بن مسلمة بن قعنب.