275 رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة.
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة.
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
وناصر الكعبي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري في كتاب الغسل من صحيحه:
17 – باب: إذا ذَكَرَ في المسجد أنه جنب يخرج كما هو ولا يتيمم.
275 – حدثنا عبد الله بن محمد؛ قال: حدثنا عثمان بن عمر؛ قال: أخبرنا يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: أقيمت الصلاة، وعدلت الصفوف قياما، فخرج إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب؛ فقال لنا: مكانكم. ثم رجع فاغتسل ثم خرج إلينا ورأسه يقطر، فكبر فصلينا معه.
تابعه عبد الأعلى عن معمر عن الزهري. ورواه الأوزاعي عن الزهري.
فوائد الباب:
1 – قوله: (باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج كما هو ولا يتيمم).
قال ابن بطال:”من التابعين من يقول: إن الجنب إذا نسي، (فدخل المسجد فذكر أنه جنب يتيمم، وكذلك يخرج)، وهو قول الثوري، وإسحاق، وهذا الحديث يرد قولهم”. كما في شرحه لصحيح البخاري.
تنبيه ذكر ابن الملقن هذه الفائدة لكن فيه: (يتيمم ثم يخرج) بدل (وكذلك … )
ونقله العيني والكرماني عن ابن بطال وفيه: (يتيمم ويخرج)
2 – “ومثله من كانَ نائماً فاحتلم في المسجد، فإنه يخرج منه ليغتسل، ولا يلزمه أن يتيمم للخروج”. قاله الحافظ ابن رجب في الفتح، وأضاف قائلا: “نص عليه الإمام أحمد في رواية حرب كما نص على نحو ترجمة البخاري”.
3 – حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي من طريق الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.
4 – باب هل يخرج من المسجد لعلة. قاله البخاري.
5 – باب إذا قال الإمام: مكانكم حتى أرجع انتظروه. قاله البخاري.
6 – فيه: أنه قد تكون بين الإقامة والصلاة مهلة بمقدار اغتساله – عليه السلام – وانصرافه. قاله ابن الملقن في التوضيح.
7 – فيه: جواز انتظار الإمام قياما. قاله ابن الملقن في التوضيح.
8 – يستفاد من رواية الإيماء والإشارة؛ أن الإمام إذا طرأ له ما يمنعه من التمادي استخلف بالإشارة لا بالكلام. قاله ابن الملقن في التوضيح.
9 – الظاهر أنه لو وقعت إقامة أخرى لنقلت، وحينئذ يحتج به من يرى أن التفريق بين الإقامة والصلاة لا يقطع الإقامة وإن طال. قاله ابن الملقن في التوضيح.
10 – فيه: جواز النسيان في العبادات على الأنبياء. قاله ابن الملقن.
11 – فيه: طهارة الماء المستعمل؛ لأنه خرج ورأسه يقطر. قاله ابن الملقن.
12 – فيه: أنه لا حياء في أمر الدين، وسبيل من غُلِب أن يأتي بعذر موهم كأن يمسك بأنفه ليوهم أنه رعف. قاله الحافظ ابن حجر في الفتح.
13 – جواز تأخير الجنب الغسل عن وقت الحدث. قاله الحافظ في فتح الباري.
14 – وجواز الكلام بين الإقامة والصلاة. قاله الحافظ ابن حجر في الفتح.
15 – قوله: (أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف)، وعند البخاري 640 من طريق الأوزاعي: “فسوى الناس صفوفهم”.
فيه: تعديل الصفوف، وهو إجماع. قاله ابن الملقن في التوضيح.
16 – قوله: (فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب). وعند مسلم 605 من طريق ابن وهب: “قبل أن يكبر”، وعند البخاري 639 من طريق صالح بن كيسان: “انتظرنا أن يكبر”، فيه دليل على أنه انصرف قبل أن يدخل في الصلاة. قاله الحافظ ابن حجر في الفتح.
17 – عن الحسن، عن أبي بكرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «دخل في صلاة الفجر، فأومأ بيده أن مكانكم، ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم». أخرجه أبو داود في سننه 233 والإمام أحمد في مسنده 20420 و 20426 و20459 وابن خزيمة في صحيحه 1629 والطحاوي في شرح مشكل الآثار 2/ 87 وابن حبان في صحيحه 2235 من طرق عن حماد بن سلمة عن زياد الأعلم عن الحسن به، وعند ابن حبان: “كبر في صلاة الفجر”. قال ابن حبان في قوله: “فصلى بهم”. أراد يبدأ بتكبير محدث لا أنه رجع فبنى على صلاته. انتهى.
وقال ابن عبد البر في التمهيد: ” لا يجوز عند أحد من العلماء أن يبني على ما صنع وهو غير طاهر”.
18 – إنَّ مَعْنَى قَوْلِ أَنَسٍ وَأَبِي بَكْرَةَ في حَدِيثِهِمَا: “ثُمَّ دخل في الصَّلاَةِ”؛ على مَعْنَى قُرْبِ دُخُولِهِ فيها، لاَ على حَقِيقَةِ دُخُولِهِ فيها. فَهَذَا جَائِزٌ في اللُّغَةِ. قاله الطحاوي في شرح مشكل الآثار.
19 – واختلف في الجمع بين هذه الروايات، فقيل: أراد بقوله: (كبر): أراد أن يكبر، عملا بالرواية السالفة: وانتظرنا تكبيره. وقيل: إنهما قضيتا، أبداه القرطبي احتمالا، وقال النووي: إنه الأظهر. وأبداه ابن حبان في “صحيحه” فقال بعد أن أخرج الروايتين من حديث أبي هريرة وحديث أبي بكرة: هذان فعلان في موضعين متباينين، خرج -صلى الله عليه وسلم- مرة فكبر، ثم ذكر أنه جنب، فانصرف فاغتسل، ثم جاء فاستأنف بهم الصلاة، وجاء مرة أخرى: فلما وقف ليكبر ذكر أنه جنب قبل أن يكبر، فذهب فاغتسل، ثم رجع فأقام بهم الصلاة، من غير أن يكون بين الخبرين تضاد ولا تهاتر.
ذكر ابن حجر حديث أبي بكرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل في صلاة الفجر فكبر ثم أومأ إليهم؛ ثم قال: ولِمالِكٍ مِن طَرِيقِ عَطاءِ بْنِ يَسارٍ مُرْسَلًا: “أنَّهُ – صلى الله عليه وسلم – كَبَّرَ فِي صَلاةٍ مِنَ الصَّلَواتِ ثُمَّ أشارَ بِيَدِهِ أنِ امْكُثُوا”. ويُمْكِنُ الجَمْعُ بَيْنَهُما بِحَمْلِ قَوْلِهِ: (كَبَّرَ) عَلى أرادَ أنْ يُكَبِّرَ أوْ بِأنَّهُما واقِعَتانِ. أبْداهُ عِياضٌ والقُرْطُبِيُّ احْتِمالًا. وقالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ الأظْهر. وجزم بِهِ ابن حِبّانَ كَعادَتِهِ. فَإنْ ثَبَتَ وإلّا فَما فِي الصَّحِيح أصح، ودَعوى ابن بَطّالٍ أنَّ الشّافِعِيَّ احْتَجَّ بِحَدِيثِ عَطاءٍ عَلى جَوازِ تَكْبِيرِ المَامُومِ قَبْلَ تَكْبِيرِ الإمامِ. قالَ: فَناقَضَ أصْلَهُ فاحْتَجَّ بِالمُرْسَلِ وتُعُقِّب بِأنَّ الشّافِعِيَّ لا يَرُدُّ المَراسِيلَ مُطْلَقًا بَلْ يَحْتَجُّ مِنها بِما يَعْتَضِدُ، والأمْرُ هُنا كَذَلِكَ لِحَدِيثِ أبِي بَكْرَةَ الَّذِي ذَكَرْناهُ.
20 – عن ابن عمر؛ قال: “كنت غلاما شابا عزبا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وكنت أبيت في المسجد”. متفق عليه.
21 – عن جابر؛ قال: «كان أحدنا يمر في المسجد وهو جنب مجتازا».
22 – أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 1560، وابن خزيمة في صحيحه 1331 وابن المنذر في الأوسط كلهم من طريق هشيم، أخبرنا أبو الزبير، عن جابر به. فيه عنعنة أبي الزبير وهو مدلس.
23 – عن أبي عبيدة بن عبد الله، عن ابن مسعود، أنه كان يرخص للجنب أن يمر في المسجد مجتازا، ولا أعلمه إلا قال: {ولا جنبا إلا عابري سبيل}. أخرجه عبد الرزاق في المصنف 1613 – ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط- عن معمر، عن عبد الكريم الجزري، عن أبي عبيدة بن عبد الله به أبو عبيدة لم يسمع من أبيه.
24 – عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار قال: «يمر الجنب في المسجد»، قلت لعمرو: من أين تأخذ ذلك؟ قال: من قول: {ولا جنبا إلا عابري سبيل} [النساء: 43] مسافرين لا يجدون ماءا. أخرجه عبد الرزاق في المصنف 1614.
25 – عن مجاهد مثله. في قوله: {ولا جنبا إلا عابري سبيل} [النساء: 43] قال: «مسافرين لا يجدون ماء» أخرجه عبد الرزاق في المصنف 1615 عن معمر عن مجاهد به.
26 – لا نعلم حجة تمنع الجنب من دخول المسجد. قاله ابن المنذر في الأوسط.
27 – قال ابن رجب: “وقد استدل البخاري بهذا الحديث على أن من ذكر في المسجد أنه جنب؛ فإنه يخرج منه ليغتسل، ولا يلزمه التيمم لمشيه للخروج.
ومثله من كانَ نائماً فاحتلم في المسجد، فإنه يخرج منه ليغتسل، ولا يلزمه أن يتيمم للخروج. وقد نص على هذه الصور أحمد في رواية حرب.
واستدل طائفة بأن الصحابة كانوا ينامون في المسجد – يعني: أنه لم يكن يخلو من احتلام بعضهم فيهِ -، ولم ينقل عن أحمد منهم أنه تيمم، ولا أمر النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أحداً منهم بذلك، مع علمه بنومهم، وأنه لا يكاد يخلو من محتلم منهم فيهِ.
وقد كانَ ابن عمر شاباً عزباً، ينام في المسجد على عهد رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وأصل هذه المسألة: أن الجنب: هل يباح لهُ المرور في المسجد من غير تيمم، أم لا؟ وفي المسألة قولان:
أحدهما – وهو قول الأكثرين -: إنه يباح لهُ ذَلِكَ، وهو قول أكثر السلف ومالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وغيرهم.
وقد تأول طائفة من الصحابة قول الله – عز وجل -: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43]، بأن المراد: النهي عن قربان موضع الصَّلاة – وهو المسجد – في حال الجنابة، إلا أن يكون عابر سبيل، وهو المجتاز به من غير لبث فيهِ، وقد روي ذَلِكَ عن ابن مسعود وابن عباس وأنس – رضي الله عنهم -.
وروى ابن أبي شيبة بإسناده، عن العوام، أن علياً كانَ يمر في المسجد، وهو جنب.
وبإسناده، عن جابر، قالَ: كانَ أحدنا يمشي في المسجد وهو جنب مجتازاً.
وخرجه – أيضاً – سعيد بن منصور وابن خزيمة في ((صحيحه)).
وعن زيد بن أسلم، قالَ: كانَ أصحاب رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يمشون في المسجد، وهم جنب. خرجه ابن المنذر وغيره.
ولا يجوز العبور إلا لحاجة، في أصح الوجهين لأصحابنا، وهو قول أكثر
السلف، منهم: عكرمة ومسروق والنخعي.
وقرب الطريق حاجة، في أحد الوجهين لأصحابنا، وهو قول الحسن.
وفي الآخر: ليس بحاجة، وهو وجه للشافعية، والصحيح – عندهم -:
أنه يجوز المرور لحاجة وغيرها.
والقول الثاني: لا يجوز للجنب المرور في المسجد، فإن اضطر إليه تيمم، وهو قول الثوري وأبي حنيفة وإسحاق ورواية عن مالك.
وقد روي، عن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أنه قالَ: (لا أحل المسجد لحائض ولا جنب).
خرجه أبو داود من حديث عائشة، وابن ماجه من حديث أم سلمة وفي إسنادهما
ضعف.
وعلى تقدير صحة ذَلِكَ، فهوَ محمول على اللبث في المسجد؛ جمعاً بين
الدليلين.
وأهل هذه المقالة؛ منهم من قالَ: إذا ذكر في المسجد أنه جنب أو احتلم في المسجد، فإنه يتيمم لخروجه، كما قاله بعض الحنفية.
وحديث أبي هريرة الذي خرجه البخاري هنا حجة عليهِ.
[فتح الباري لابن رجب (1/ 319)].
28 – قال ابن بطال: ” …. وحجة الذين رخصوا فى ذلك؛ قوله تعالى: (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَاّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُوا) [النساء: 43]. وأن المراد مكان الصلاة، فتقديره: لا تقربوا مكان الصلاة جنبًا إلا عابرى سبيل، قالوا: وقد سمى المسجد باسم الصلاة في قوله تعالى: (لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ) [الحج: 40].
وحجة الذين منعوا الجنب من دخول المسجد: أن المراد بالآية نفس الصلاة وحملها على مكان الصلاة مجاز، على أنا نحمله على عمومه؛ فنقول: لا تقربوا الصلاة ولا مكانها على هذه الحال إلا أن تكونوا مسافرين فتيمموا واقربوا ذلك، وصلوا، ونكون بهذا أسعد منكم لأن فيه تعظيمًا لحرمة المسجد، ويمكن أن يستدل من هذه الآية بقول الثوري، وإسحاق، وذلك أن المسافر إذا عدم الماء منع دخول المسجد والصلاة فيه إلا بالتيمم وذلك لضرورة، وأنه لا يقدر على ماء، فكذلك الذي يجنب في المسجد، في القياس، لا يخرج إلا بعد التيمم، لأنه مضطر لا ماء معه، فأشبه المسافر العابر سبيل المذكور في الآية لولا ما يعارضه من حديث أبي هريرة المفسر لمعنى الآية، لجواز خروجه من المسجد دون تيمم، ولا قياس لأحد مع مجئ السنن، وإنما يُفزع إلى القياس عند عدمها، والله الموفق.
[شرح صحيح البخارى لابن بطال (1/ 389)].
29 – عن هشام بن عروة، عن أبيه، «أن عمر بن الخطاب، صلى بالناس وهو جنب فأعاد، ولم يبلغنا أن الناس أعادوا». أخرجه عبد الرزاق في المصنف 3648 عن معمر عن هشام به.
30 – عن سالم «أن ابن عمر صلى بأصحابه صلاة العصر وهو على غير وضوء، فأعاد، ولم يعد أصحابه». أخرجه عبد الرزاق في المصنف 3650 عن معمر عن الزهري عن سالم به.
31 – قوله: (حدثنا عثمان بن عمر) تابعه عبد الله بن وهب كما عند مسلم 605.
32 – قوله: (أخبرنا يونس) تابعه معمر كما علقه البخاري هنا ووصله أبو داود 235، تابعه الأوزاعي كما علقه البخاري هنا ووصله البخاري في موضع آخر 640 ومسلم 605 وأبو داود 235، تابعه صالح بن كيسان كما عند البخاري 639 تابعه الزبيد كما عند أبي داود 235.
33 – قوله: (عن الزهري) وعند مسلم 605 من طريق الأوزاعي: ” حدثنا الزهري”.
34 – قوله: (عن أبي سلمة) وعند مسلم 605 من طريق ابن وهب: “أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف”.
35 – قوله: (عن أبي هريرة) وعند مسلم 605 من طريق ابن وهب: ” سمع أبا هريرة، يقول”.