: (1229) فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ومحمد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الشيخ مقبل الوادعي في الصحيح المسند (ج2/ رقم 1229):
مسند أبي سَلْمى رضي الله عنه
(1229) – قال الإمام أحمد بن عمرو بن أبي عاصم في كتاب «السنة» (ص (263)): ثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، ثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الله بن العلاء، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قالا: ثنا أبو سلام الأسود، قال: حدثني أبو سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «بخ بخ، خمس ما أثقلهن في الميزان: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، والولد الصالح يتوفى للمرء فيحتسبه».
هذا حديث صحيحٌ.
* وقد أخرجه ابن سعد (ج (7) ص (433)) فقال: أخبرنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عبد الله بن العلاء بن زبر قالا: حدثنا أبو سلام الأسود قال: سمعت أبا سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم -قال ابن جابر في حديثه: ولقيته في مسجد الكوفة- يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: «بخ بخ لخمس ما أثقلهن في الميزان: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه».
[ص (280)] طريق أخرى إلى أبي سلام:
* قال الإمام أحمد رحمه الله (ج (3) ص (443)): حدثنا عفان حدثنا أبان حدثنا يحيى بن أبي كثير عن زيد عن أبي سلام عن مولى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «بخ بخ، خمس ما أثقلهن في الميزان لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله والولد الصالح يتوفى فيحتسبه والده» وقال «بخ بخ لخمس من لقي الله مستيقنًا بهن دخل الجنة يؤمن بالله واليوم الآخر وبالجنة والنار والبعث بعد الموت والحساب».
يحيى بن أبي كثير مدلس ولم يصرح بالتحديث، فنحن نتوقف في الزيادة وهي من بعد قوله: «فيحتسبه والده».
الحاشية:
((1)) في الأصل: عبد الله بن عبد الأعلى. والصواب ما أثبتناه، كما ستراه في «طبقات ابن سعد».
((2)) هو ممطور الحبشي.
((3)) عن عبد الله. والصواب: وعبد الله.
===================
الحديث سيكون من وجوه:
الوادعي رحمه الله جعله في الجامع:
2 – كتاب الإيمان، (51) – الإيمان بالميزان، ((609)).
5 – كتاب الجنائز، (7) – فضل الصبر على الأمراض والآلام والمصائب، ((1165)).
9 – كتاب الدعوات والأذكار، (84) – فضل التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، (1661).
32 – كتاب الأدب، (5) – احتساب الوالد ولده، ((3495)).
قال محققو المسند [ط: الرسالة] في الحاشية، تحت حديث رقم ((15662)):
“حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، والمولى الذي لم يسمَّ هو أبو سلمى راعي رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، كما سيأتي في التخريج، وزيد: هو ابن سلاَّم بن أبي سلام الحبشي، وأبو سلاَّم: هو ممطور الحبشي.
وأورده بتمامه الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1) / (49)، وقال: رواه أحمد، ورجاله ثقات، وأورده كذلك (10) / (88)، وقال: والصحابي الذي لم يسمَّ هو ثوبان إن شاء الله.
قلنا: وقد أخطأ في ذلك الهيثمي، والصحيح أنه أبو سلمى راعي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كما سيأتي، وحديث ثوبان أخرجه البزار ((3072)) (زوائد) عن العباس ابن عبد العظيم الباشاني، عن زيد بن يحيى بن عبيد أبي عبد الله الدمشقي، عن عبد الله بن العلاء بن زبر، عن أبي سلام، عن ثوبان، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فذكر القسم الأول من الحديث. وقال البزار: وإسناده حسن. قلنا: العباس بن عبد العظيم الباشاني شيخ البزار لم نقع له على ترجمة، وقد تحرف الإسناد في المطبوع إلى: حدثنا العباس بن عبد العظيم الباشاني، حدثنا عبيد الله الدمشقي، حدثنا عبد الله بن العلاء، عن العلاء بن زبر، عن أبي سلام.
وأورده الهيثمي في «المجمع» (10) / (88)، وقال: رواه البزار، وحَسَّن إسناده، إلا أن شيخه العباس بن عبد العظيم الباشاني لم أعرفه.
قلنا: وأبو سلام لم يسمع من ثوبان فيما ذكر ابن معين وابن المديني وأحمد، وتوقف أبو حاتم في ذلك.
وأخرج الشطر الأول منه كذلك ابن سعد في «الطبقات» (6) / (58) و (7) / (433)، والنسائي في «الكبرى» ((9995)) – وفي «عمل اليوم والليلة» ((167)) -، وابن أبي عاصم في «السنة» ((781))، وفي «الآحاد والمثاني» ((470))، والدولابي في «الكنى» (1) / (36)، وابن حبان ((833))، والطبراني في «الكبير» (22) / ((873))، والحاكم (1) / (511) – (512) من طريق الوليد بن مسلم، حدثني عبد الرحمن بن يزيد
ابن جابر وعبد الله بن العلاء بن زبر، حدثنا أبو سلام، حدثني أبو سلمى راعي رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال المزي في «تحفة الأشراف» (9) / (220): وكأن حديث الوليد بن مسلم أشبه بالصواب، والله أعلم.
قلنا: وقد صرح الوليد بن مسلم بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرج الشطر الأول منه كذلك الطبراني في «الأوسط» ((5148)) من طريق النضر بن محمد الحرشي، عن عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن سفينة. وقال: لا يروى هذا الحديث عن سفينة إلا بهذا الإسناد، وتفرد به النضر بن محمد.
قلنا: ويحيى بن أبي كثير لم يسمع من أبي سلام، بينهما زيد بن سلام.
وروى الشطر الأول كذلك ابن أبي شيبة (10) / (295) من حديث أبي الدرداء.
وسيأتي بنحوه (5) / (366)، وسيكرر برقم (4) / (237) سندًا ومتنًا. انتهى.
سبق ذكر ما يتعلق بمن مات له من الولد، وبيان تفصيل ذلك في عدة مواضع:
– رياح المسك العطرة على صحيح البخاري، بابُ: فَضْلِ مَن ماتَ لَهُ ولَدٌ فاحْتَسَبَ؛ وقالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: {وبَشِّرِ الصّابِرِينَ} [البقرة (155)].
و ((2632)) فتح ذي النعم بالبدر الأتم شرح صحيح مسلم.
– و التعليق على الصحيح المسند رقم 1081
وأيضا تم بحث مسألة الميزان في الأجوبة المفيدة في مسائل العقيدة: الميزان. ((12)).
مسائل:
الأول: شرح الحديث:
قال السندي:
قوله: (بخ بخ)، يقال عند المدح والرضا بالشيء، ويكرر للمبالغة، مبنية على السكون فإن وصلت جررت ونوّنت، وربما شددت.
قوله: (يتوفى)، على بناء المفعول، والتقييد بالصالح لعظم المصيبة بموته، وفيه أن الأجر لا يتوقف على أن يموت صغيرًا.
قوله: (بالجنة والنار): هما واحد من الخمس”. انتهى.
الثاني: مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
أولا:
(المسألة الأولى):
قال الحافظ النووي رحمه الله تعالى في رياض الصالحين: «باب: فضل مَن مات لَهُ أولاد صغار.
(1) / (952) – عن أنسٍ قالَ: قال رَسولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: ما مِن مُسلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ثلاثَةٌ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ إلّا أدخلَهُ اللَّهُ الجنَّةَ بِفَضْل رَحْمَتِهِ إيّاهُمْ متفقٌ عَلَيْهِ.
(2) / (953) – وعن أبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ؟: لا يَمُوتُ لأِحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ ثَلاثةٌ مِنَ الوَلَدِ لا تمَسُّهُ النّارُ إلّا تَحِلَّةَ القَسَم متفقٌ عليه.
(1) / (954) – وعن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: جاءَتِ امرأةٌ إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم فَقالَتْ: … . متفقٌ عَلَيْهِ.». انتهى.
“يقول الله تعالى {وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} [البقرة ((155)) – ((157))] وكلما عظمت المصيبة عظم الصبر المطلوب لها وكلما عظم الصبر والاحتساب كلما عظم الأجر ومن أعظم المصائب موت الأطفال وبخاصة في بداية الحياة الزوجية في الوقت الذي يتشوف فيه الوالدان إلى الأولاد وفي الوقت الذي يكون الأولاد فيه هم سعادة الأبوين … ». [فتح المنعم].
وقد بوب في صحيح مسلم: «(47)» – (بابُ فَضْلِ مَن يَمُوتُ لَهُ ولَدٌ، فَيَحْتَسِبُهُ).
(المسألة الثانية):
قال القرطبيّ رحمه الله: «الولد»: يقال على الذكر والأنثى، أي: التكليف، والحنث: الإثم، وإنما خصّه بهذا الحدّ؛ لأنّ الصغير حبّه أشدّ، والشفقة عليه أعظم، وقيّده بالاحتساب؛
لِما قرّرناه غير مرة أن الأجور على المصائب لا تحصل إلا بالصبر، والاحتساب.
وإنما خصّ الولد بثلاثة؛ لأنّ الثلاثة أوّل مراتب الكثرة، فتعظم المصائب، فتكثر الأجور، فأمّا إذا زاد على الثلاثة فقد يَخِفّ أمر المصيبة الزائدة؛ لأنها كأنها صارت عادة ودَيْدنًا
ويحْتَمِل أن يقال: إنما لم يَذْكر ما بعد الثلاثة؛ لأنّه من باب الأحرى والأولى؛ إذ من المعلوم أن من كَثُرت مصائبه كثر ثوابه، فاكتفي بذلك عن ذِكره، والله تعالى أعلم [«المفهم» ((6)) / ((638)) – ((639))].
(المسألة الثالثة):
قال ابن حجر رحمه الله:
وقوله:» وقول الله عزوجل: {وبَشِّرِ الصّابِرِينَ} [البقرة ((155))] «وأراد بذلك الآية التي في البقرة، وقد وُصف فيها الصابرون بقوله تعالى: {الَّذِينَ إذا أصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إنّا لِلَّهِ وإنّا إلَيْهِ راجِعُونَ «(156)»} [البقرة ((156))]
فكأن البخاريّ أراد تقييد ما أُطلق في الحديث بهذه الآية الدالة على ترك القلق، والجزع، ولفظُ المصيبة في الآية، وإن كان عامًّا، لكنه يتناول المصيبة بالولد، فهو من أفراده. انتهى [«الفتح» ((3)) / ((690)) – ((692))].
(المسألة الرابعة):
قال القرطبيّ رحمه الله:
وقد استَشكَل بعض الناس قوله -؟ -: «لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد، إلا كانوا لها حجابًا من النار»، ثم لمّا سئل عن اثنين، قال: «واثنين».
ووجْهه: أنه إذا كان حُكْمُ الاثنين حكمَ الثلاثة، فلا فائدة لذِكر الثلاثة أوّلًا، وهذا إنما يصدر عمن يعتقد أن دلالة المفهوم نصّ كدلالة المنطوق … ،
ثم إن الرافع لهذا الإشكال أن يقال: إن الثواب على الأعمال إنما يُعلَم بالوحي، فيكون الله تعالى قد أوحى إلى نبيّه -صلى الله عليه وسلم- بذلك في الثلاثة، ثم إنه لَمّا سئل عن الاثنين أوحى الله إليه في الاثنين بمثل ما أوحى إليه بالثلاثة،
ولو سئل عن الواحد لأجاب بمثل ذلك، كما قد دلّت عليه الأحاديث المذكورة في ذلك.
ويَحْتَمِل أن يقال: إن ذلك بحَسَب شدّة وجْد الوالدة، وقوّة صبرها، فقد لا يَبْعد أن تكون مَن فقدت واحدًا، أو اثنين أشدّ ممن فقدت ثلاثة، أو مساوية لها، فتُلحق بها في درجتها، والله تعالى أعلم. [«المفهم» ((6)) / ((639))].
(المسألة الخامسة):
وقال القرطبيّ رحمه الله:
“في هذا الحديث ما يدلّ على أن صغار أولاد المؤمنين في الجنة، وهو قول أكثر أهل العلم، وهو الذي تدلّ عليه أخبار صحيحة كثيرة؛ وظاهر قوله تعالى: {والَّذِينَ آمَنُوا واتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإيمانٍ ألْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} الآية [الطور ((21))]،
وقد أنكر بعض العلماء الخلاف فيهم، وهذا فيما عدا أولاد الأنبياء، فإنّه قد تقرّر الإجماع على أنهم في الجنة، حكاه أبو عبد الله المازريّ، وإنما الخلاف في أولاد المشركين على ما يأتي إن شاء الله تعالى. انتهى [«المفهم» ((6)) / ((642))].
وقال المناويّ: فيه أن أطفال المسلمين في الجنة، وهو إجماع من يُعْتَدّ به، ولا عبرة بخلاف المجبّرة، ولا حجة لهم في خبر: «الشقيّ من شَقِي في بطن أمه»؛ لأنه عامّ مخصوص، بل الجمهور على أن أطفال الكفار فيها. انتهى [«فيض القدير» ((4)) / ((194))].
ثانيًا:
(المسألة الأولى):
أ. الأدلة من الكتاب على إثبات الميزان:
قال الله عز وجل: {ونَضَعُ المَوازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيامَةِ} «
قال تعالى: {فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ماهي نار حامية}
وقال تعالى: {والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه} الأعراف: (8)
ب. الأدلة من السنة على إثبات الميزان:
(1) _ في الصحيحين عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال:» كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم «
(2) _ وقال عن ساقي عبد الله بن مسعود:» لهما في الميزان أثقل من أحد «
أخرجه أحمد (3991) وهو في الصحيح المسند (837)
(3) – روى الترمذي في «سننه» عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:» إن الله سيخلص رجلًا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر له تسعة وتسعين سجلًا، كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: ألك عذر؟ فيقول: لا يا رب.
فيقول الله تعالى: بلى، إن لك عندنا حسنة، فإنه لا ظلم اليوم، فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول: فإنك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم الله شيء ” صححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (135) وصححه الشيخ مقبل في الصحيح المسند برقم: (787)
تواتر أحاديث الميزان:
قال السفاريني رحمه الله:
وأما السنة فبلغت مبلغ التواتر وسنذكر طرفا منها قريبا (لوائح الأنوار: (2) / (179))
الإجماع على إثبات الميزان:
قال الرازيان رحمهما الله:
أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا ومصرا وشاما فكان من مذهبهم أن الإيمان قول وعمل … والميزان الذي له كفتان يوزن فيه أعمال العباد حسنها وسيئها حق اهـ (عقيدة الرازيين: (84))
قال ابن بطة العكبري:
ثم الإيمان بالموازين كما قال الله تبارك وتعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} وقال عبد الله بن مسعود: يؤتى بالناس إلى الميزان فيتجادلون عنده أشد الجدال سنن الترمذي
قلت سيف: قال أحمد بن حنبل: الأعمش لم يسمع من شمر بن عطية. المراسيل لابن أبي حاتم نقله عنه أصحاب المسند المعلل
وعن النواس قال سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: ( … يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك والميزان بيد الرحمن عزوجل يخفضه ويرفعه)
أخرجه أحمد (4) / (182) وهو في الصحيح المسند (1180). وأخرجه الآجري في الشريعة الإيمان بالميزان وفيه (الميزان بيد الرحمن يرفع أقواما ويخفض آخرين إلى يوم القيامة)
فمن شك في ذلك أو كذب به فقد أعظم الإلحاد
وقد اتفق أهل العلم بالأخبار والعلماء والزهاد والعباد في جميع الأمصار: أن الإيمان بذلك واجب لازم (الشرح والإبانة: (169))
(المسألة الثانية) ماذا يوزن في الميزان:
دلت الأدلة من الكتاب والسنة على أن هناك أمور توزن وهي كالتالي:
(1) _ الأعمال نفسها توزن:
عن أبي الدرداء عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:» إن أثقل شيء يوضع في ميزان العبد يوم القيامة خلق حسن «. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح
وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (876)
و هو في الصحيح المسند (1037)
(2) _ أن الذي يوزن هو العامل نفسه:
فقد دلَّت النصوص على أن العباد يوزنون في يوم القيامة، فيثقلون في الميزان أو يخفون بمقدار إيمانهم، لا بضخامة أجسامهم، وكثرة ما عليهم من لحم ودهن ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:» إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة، وقال: اقرؤوا: (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيامَةِ وزْنًا) [الكهف (105)] «
ويؤتى بالرجل النحيف الضعيف دقيق الساقين فإذا به يزن الجبال، روى أحمد في مسنده، عن زر بن حبيش عن ابن مسعود، أنه كان رقيق الساقين، فجعلت الريح تلقيه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:» مم تضحكون؟ «قالوا: يا نبي الله من رقة ساقيه».
قال: «والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أحد».
(3) _ أن صحائف الأعمال توزن:
فقد روى الترمذي في «سننه» عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «إن الله سيخلص رجلًا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر له تسعة وتسعين سجلًا، كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: ألك عذر؟ فيقول: لا يا رب. فيقول الله تعالى: بلى، إن لك عندنا حسنة، فإنه لا ظلم اليوم، فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول: فإنك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم الله شيء»
(المسألة الرابعة) بعض الأعمال التي تكون عظيمة في الميزان:
(1) _ عن أبي الدرداء عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «إن أثقل شيء يوضع في ميزان العبد يوم القيامة خلق حسن، وإن الله يبغض الفاحش البذيء». رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح
(2) _ وفي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم»
(3) _ وفي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن (أو تملأ). ما بين السماء والأرض.