27 – بَابُ كَرَاهَةِ التَّدَاوِي بِاللَّدُودِ
85 – (2213) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَدَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ، فَأَشَارَ أَنْ لَا تَلُدُّونِي، فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: «لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا لُدَّ، غَيْرُ الْعَبَّاسِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ»
——————–
روايات:
في البخاري: (لا يبقى أحد في البيت إلا لدَّ وأنا أنظر … )
المفردات:
اللدود: هو الدواء الذي يصب في أحد جانبي فم المريض ويسقاه أو يدخل هناك بأصبع وغيرها. ويحنك به.
أما الذي يصب في الحلق فيسمى الوجور، والذي يصب في الأنف يسمى السعوط.
الفوائد:
– فيه أن الإشارة المفهمة كصريح العبارة في نحو هذه المسألة.
– تعزير المتعدي بنحو من فعله الذي تعدى به. إلا أن يكون فعلاً محرماً، كأن يكون اعتدى عليه بأن سقاه خمرا، فلا يجوز عقوبته بذلك.
– ورد في مسند أحمد وفي المنتخب من مسند عبد بن حميد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت له: «يا ابن أختي، لقد رأيت من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه العباس أمرا عجبا، كانت تأخذه الخاصرة فتشتد به جدا فكنا نقول: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرق كذا، ثم أخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الخاصرة من ذلك، فاشتدت عليه حتى أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخفنا عليه وفزع الناس، وظنوا أن به ذات الجنب، فلددناه ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفاق فعرف أن قد لددناه، ووجد اللدود، فقال: أظننتم أن الله عز وجل سلطها علي؟ ما كان الله عز وجل ليسلطها علي، لا يبقى أحد إلا لد إلا عمي» فرأيتهم يلدونهم رجلا رجلا. قال: تقول: ومن في البيت يومئذ – تذكر فضلهم – فلدوا أجمعين، ثم بلغنا اللدود أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فلددنا والله امرأة امرأة، حتى بلغ اللدود امرأة منا فقالت: والله إني صائمة، قالوا: بئس ما ظننت أنا نتركك، وقد أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلدوها، والله يا ابن أختي وإنها لصائمة) وإسناده حسن ففيه احترام العم وكبير السن. وراجع الصحيحة 3339.
أما حديث (مات النبي صلى الله عليه وسلم من ذات الجنب) فضعيف (الضعيفة 6626).
– استدل الطحاوي ببعض ألفاظه التي وقع فيها استثناء العباس رضي الله عنه بعد القسم، على خطأ مذهب شريح حيث أنه لا يرى الاستثناء بعد الطلاق فإذا قال رجل لامرأته: أنت طالق إذا دخلت بيت فلان، فإنه يوقعه ولو لم تدخل، واستدل عليه كذلك بقوله تعالى (إنا منجوك وأهلك إلا أمرأتك) (شرح مشكل الآثار).
– فيه أن من أشار بالفعل ورضي به فهو كفاعله.
– قال الخطابي فيه حجة من رأى أن في اللطمة ونحوها من الإيلام والضرب؛ القصاص على جهة التحري، وإن لم يوقف على حده؛ لأن اللدود يتعذر ضبطه. قال ابن القيم: وفيه عدة أحاديث فيتعين القول به.
– زعم بعض الرافضة أن هذا اللدود كان به سم أرادت حفصة وعائشة وأبويهما قتل النبي صلى الله عليه وسلم به. وهذا باطل من عدة وجوه:
* لا دليل على ذلك.
* ثم كيف عائشة تروي قصة القتل.
*وكيف هم يستدلون بروايتها وهي عندهم قاتله.
* وكيف لم يوح رب العزة لنبيه بأن اللدود مسموم، كما أوحى له بسم اليهود للشاة.
* والمشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم مات بأثر السم الذي وضعته اليهودية وسبق تقرير أن الله حفظه سنين من أثر هذا سم اليهودية.
* قرر ابن حجر أن هذا ليس قصاصا إنما عقوبة؛ فمن باشر فظاهر، ومن لم يباشر فلتركهم نهيهم.
قلت: لكن بوب البخاري على الحديث؛ باب القصاص بين الرجال والنساء في الجراحات. فيمكن أن نقول؛ أنه كان قصاص في حق من باشر، وتأديب في حق من لم يباشر.
* التأويل البعيد لا يعذر به صاحبه. وفيه بحث (راجع فتح الباري)
* ذكر ابن القيم: أن ذات الجنب نوعان: حقيقي وغير حقيقي.
فالحقيقي، ورم يعرض في نواحي الجنب في الغشاء المستبطن للأضلاع.
وغير الحقيقي: ألم يشبهه يعرض في نواحي الجنب عن رياح غليظة … ثم توسع ابن القيم في الكلام عليهما.
وحدثني أحد الأطباء: أنه محتمل أن المقصود بذات الجنب؛ الالتهاب الذي يصيب السائل الذي بين الغشاءين اللذان يحيطان بالرئة.
-إنما نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم لا لعدم جواز التداوي، لكن لأن هذا النوع لا يلائم مرضه، واللدود ينفع لذات الجنب كما سيأتي. والنبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه ذات الجنب.
وذكر لي بعض الأفاضل أن في الحديث:
– بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم
– وتأديب الزوجة.
تنبيه: ورد من حديث أسماء وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار وقال: (لا أرى هذا إلا من قبل نسوة قدمن من ههنا وأشار للحبشة … ) لكن أعله أبو زرعة وأبو حاتم بالإرسال.