2730 فتح ذي النعم بالبدر الأتم شرح صحيح مسلم
شارك محمد البلوشي، وطارق أبو تيسير وعبدالملك وعبدالله المشجري وأحمد بن علي وعبدالحميد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
(21) – بابُ: دُعاءِ الكَرْبِ
(83) – ((2730)) حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، وابْنُ بَشّارٍ، وعُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ – واللَّفْظُ لِابْنِ سَعِيدٍ – قالُوا: حَدَّثَنا مُعاذُ بْنُ هِشامٍ، حَدَّثَنِي أبِي، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أبِي العالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، أنَّ نَبِيَّ اللهِ ? كانَ يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ: «لا إلَهَ إلّا اللهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلّا اللهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلّا اللهُ رَبُّ السَّماواتِ ورَبُّ الأرْضِ ورَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ»،
(83) – حَدَّثَنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا وكِيعٌ، عَنْ هِشامٍ، بِهَذا الإسْنادِ، وحَدِيثُ مُعاذِ بْنِ هِشامٍ أتَمُّ،
(83) – وحَدَّثَنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ العَبْدِيُّ، حَدَّثَنا سَعِيدُ بْنُ أبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتادَةَ، أنَّ أبا العالِيَةِ الرِّياحِيَّ، حَدَّثَهُمْ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ رَسُولَ اللهِ ?، كانَ يَدْعُو بِهِنَّ ويَقُولُهُنَّ عِنْدَ الكَرْبِ، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مُعاذِ بْنِ هِشامٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ قَتادَةَ، غَيْرَ أنَّهُ قالَ: «رَبُّ السَّماواتِ والأرْضِ»،
(83) – وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حاتِمٍ، حَدَّثَنا بَهْزٌ، حَدَّثَنا حَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحارِثِ، عَنْ أبِي العالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ النَّبِيَّ ? كانَ، إذا حَزَبَهُ أمْرٌ، قالَ: فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مُعاذٍ، عَنْ أبِيهِ وزادَ مَعَهُنَّ: «لا إلَهَ إلّا اللهُ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ».
______________
أولاً: شرح الحديث، وبيان مفرداته:
بيان المفردات:
«الكَرْب» بفتح الكاف، وسكون الراء، بعدها موحّدة: هو ما يَدهَم المرء، مما يأخذ بنفسه، فيغمّه، ويحزُنه [«الفتح» (14) / (356)]، ويقال: كربه الأمر كربًا، من باب
نصر: شقّ عليه، فهو مكروب؛ أي: مهموم، والكُربة بالضمّ اسم منه، والجمع: كُرُب، مثلُ غُرْفة وغُرَفٍ [«المصباح المنير» (2) / (529)].
وقال الراغب: الكرب: الغمّ الشديد، والكُرْبة: الغُمّة، وأصل ذلك من كَرْب الأرض، وهو قَلْبها بالحفر، والغمّ يُثير النفس إثارة ذلك، قال: أو من الكَرْب، وهو عَقْدٌ غَليظ في رَشا الدلو، وقد يوصف الغمّ بأنه عُقدة على القلب. انتهى [«مفردات ألفاظ القرآن» ص (706)].
[(6897)] ((2730)) – شرح الحديث:
(عَنْ أبِي العالِيَةِ) وفي الرواية التالية: «أنَّ أبا العالِيَةِ الرِّياحِيَّ حَدَّثَهُمْ»، فصرّح قتادة بالتحديث، فزالت عنه تهمة التدليس؛ لأنه مدلّس.
[تنبيه]: قال في «الفتح»: أبو العالية هو الرياحي- بتحتانية، ثم مهملة- واسمه رُفيع، وقد رواه قتادة عنه بالعنعنة، وهو مدلّس، وقد ذكر أبو داود في «السنن» في «كتاب الطهارة» عقب حديث أبي خالد الدالاني عن قتادة، عن أبي العالية: قال شعبة: إنما سمع قتادة عن أبي العالية أربعة أحاديث: حديث يونس بن متّى، وحديث ابن عمر في الصلاة، وحديث: «القضاةُ ثلاثة»،
وحديث ابن عباس: «شَهِد عندي رجال مَرْضيّون».
وروى ابن أبي حاتم في «المراسيل» بسنده عن يحيى القطان، عن شعبة، قال: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا ثلاثة أحاديث، فذكرها بنحوه، ولم يذكر حديث ابن عمر، وكأن البخاريّ لم يعتبر بهذا الحصر؛ لأن شعبة ما كان يحدّث من أحد من المدلِّسين إلا بما يكون ذلك المدلس قد سمعه من شيخه، وقد حدّث شعبة بهذا الحديث عن قتادة، وهذا هو السر في إيراده- أي: البخاريّ- له معلقًا في آخر الترجمة، من رواية شعبة، وأخرج مسلم الحديث من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة: أن أبا العالية حدّثهم، وهذا صريح في سماعه له منه، وأخرج البخاريّ أيضًا من رواية قتادة، عن أبي العالية، غير هذا، وهو حديث رؤية موسى وغيره ليلة أسري به، وأخرجه مسلم أيضًا. انتهى [» الفتح” (14) / (356) – (357)].
(عَنِ ابْنِ عَبّاسِ) – رضي الله عنهما – (أنَّ نَبِيَّ اللهِ – ? – كانَ يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ) وفي الرواية الآتية، من رواية سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة: «كان يدعو بهنّ، ويقولهنّ عند الكرب»، وفي رواية يوسف بن عبد الله بن الحارث، عن أبي الحارث،
عن أبي العالية: «كان إذا حَزَبه أمر» وهو بفتح الحاء المهملة، والزاي، وبالموحّدة؛ أي: هَجَم عليه، أو غلبه، وفي حديث عليّ عند النسائيّ،
وصححه الحاكم: «لقَّنني رسول الله – ? – هؤلاء الكلمات، وأمرني إن نزل بي
كرب، أو شدّة أن أقولها: سبحان الله رب العرش العظيم». أخرجه أحمد (726) وقال محققو المسند:
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عجلان، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. يونس: هو ابن محمد المؤدب، وليث: هو ابن سعد. وهو في الأحاديث المختارة
وأخرجه أيضا النسائي وفيه أن عبدالله بن جعفر كان يُلَقِّنُها المَيِّتَ يعني من أَلَم به الموت
(10391) – أخْبَرَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قالَ: حَدَّثَنا يَعْقُوبُ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الهادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أنَّهُ قالَ: لَقّانِي رَسُولُ اللهِ ? هَؤُلاءِ الكَلِماتِ، وأمَرَنِي إنْ نَزَلَ بِي كَرْبٌ أوْ شِدَّةٌ أنْ أقُولَها: «لا إلَهَ إلّا اللهُ الكَرِيمُ الحَلِيمُ، سُبْحانَهُ، تَبارَكَ اللهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمُ، الحَمْدُ لِلَّهِ رَبُّ العالَمِينَ» فَكانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ يُلَقِّنُها المَيِّتَ، ويَنْفُثُ بِها عَلى المَوْعُوكِ، ويُعَلِّمُها المُغْتَرِبَةَ مِن بَناتِهِ
يحتمل أنه على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند
وذكر الدارقطني الخلاف في رفعه ووقفه ولم يرجح العلل (311)
(1997) – وسألتُ أبِي عَنْ حديثٍ رَواهُ يَحْيى بن يَمانٍ؛
قال: حدَّثنا … ..
مِسْعَرٌ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ حَسَنِ بْنِ حسنٍ، عن عبد الله بْنِ جَعْفَرٍ؛ قالَ: لمّا جَهَّز ابنتَهُ إلى الحَجّاجِ قال
وورد عن عبدالله بن جعفر لمَّا جهز ابنته للحجاج قال لها: إنّ رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) أمَرَنِي إذا أصابَنِي هَمٌّ أوْ غَمٌّ أنْ أدعوَ بِهَذا الدعاءِ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ الحَليِمُ الكَرِيمُ … ؟
قالَ أبِي: هَذا خطأٌ؛ روى غيرُ واحدٍ عَنْ مِسْعَرٍ لا يُوَصِّلُونَهُ. انتهى
وربما يقصد ابوحاتم الاختلاف على مسعر
قال محققو علل ابن أبي حاتم:
وقد ورد الحديث مرفوعًا من طرق أخرى عن عبد الله بن جعفر، عن علي ح، فانظرها إن شئت في «مسند أحمد» ((1) / (91) و (94) و (206) رقم (701) و (726) و (1762))، و «سنن ابن ماجه» ((1446))، و «سنن النسائي الكبرى» ((10463) – (10473)).
(«لا إلَهَ إلّا اللهُ العَظِيمُ) الذي لا يَعْظُم عليه شيء، (الحَلِيمُ) الذي يؤخّر العقوبة مع القدرة، (لا إلَهَ إلّا اللهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلّا اللهُ رَبُّ السَّمَواتِ، ورَبُّ الأرْضِ، ورَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ») وهكذا في رواية للبخاريّ، وفي رواية له: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم»، وفي رواية مسلم الآتية قال في أوله: «لا إله إلا الله رب العرش الكريم» بدل: «العظيم الحليم»، ووقع جميع ما تضمَّنته هاتان الروايتان في رواية وهيب بن خالد، لكن قال: «العليم الحليم» باللام بدل الظاء المعجمة.
ووقع في حديث عليّ – رضي الله عنه – بلفظ: «لا إله إلا الله الكريم العظيم، سبحان الله، تبارك الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين»، وفي لفظ: «الحليم الكريم» في الأول، وفي لفظ: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العليّ العظيم، لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحليم الكريم»، وفي لفظ: «لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحانه تبارك وتعالى، رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين»، أخرجها كلّها النسائيّ -.
[تنبيه]: قوله: «رب العرش العظيم» نقل ابن التين عن الداوديّ أنه رواه
برفع «العظيم»، وكذا برفع «الكريم» في قوله: «رب العرش الكريم» على أنّهما نعتان للرب، والذي ثبت في رواية الجمهور بالجرِّ على أنه نعت للعرش، وكذا قرأ الجمهور في قوله تعالى: {رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ} [النمل (26)]، و {رَبُّ العَرْشِ
الكَرِيمِ} [المؤمنون (116)] بالرفع
[تنبيه آخر]: قال العلماء: الحليم: الذي يؤخر العقوبة مع القدرة، والعظيم: الذي لا شيء يعظم عليه، والكريم: المعطي فضلًا، والله تعالى أعلم.
وحديث ابن عبّاس – رضي الله عنهما – هذا متّفقٌ عليه.
ثانيًا: فوائد الحديث:
1 – (منها): بيان استحباب هذا الذكر عند الكرب.
2 – (ومنها): ما قاله في «العمدة»: اشتَمَل هذا الذكر على التوحيد الذي هو أصل التنزيهات المسمّاة بالأوصاف الجلالية، وعلى العظمة التي تدلّ على القدرة العظيمة؛ …. ووجه تخصيص الذكر بالحليم؛ لأن كرب المؤمن غالبًا إنما هو على نوع تقصير في الطاعات، أو غفلة في الحالات، وهذا يُشعر برجاء العفو المقلِّل للحزن. انتهى [«عمدة القاري» (22) / (302) – (303)].
3 – (ومنها): ما قاله الطبريّ –رحمه الله-: معنى قول ابن عباس- يعني: في
الرواية التالية-: «يدعو بهنّ»، وإنما هو تهليل وتعظيم، يَحْتَمِل أمرين:
أحدهما: أن المراد: تقديم ذلك قبيل الدعاء، كما ورد من طريق يوسف بن عبد الله بن الحارث المذكورة، وفي آخره: «ثم يدعو»، وكذا هو عند أبي عوانة في «مستخرجه» من هذا الوجه، وعند عبد بن حميد من هذا الوجه: «كان إذا حزبه أمر قال»، فذكر الذكر المأثور، وزاد: «ثم دعا»، وفي «الأدب المفرد» من طريق عبد الله بن الحارث: «سمعت ابن عباس» فذكره، وزاد في آخره: «اللَّهُمَّ اصرف عني شرّه».
قال الطبريّ: ويؤيد هذا ما رَوى الأعمش، عن إبراهيم: قال: كان يقال: إذا بدأ الرجل بالثناء قبل الدعاء استجيب، وإذا بدأ بالدعاء قبل الثّناء، كان على الرجاء.
ثانيهما: ما أجاب به ابن عيينة فيما حدّثنا حسين بن حسن المروزيّ، قال: سألت ابن عيينة عن الحديث الذي فيه: «أكثر ما كان يدعو به النَّبيّ – ? –
بعرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له … » الحديث، فقال سفيان: هو ذِكر،
وليس فيه دعاء، ولكن قال النبي – ? – عن ربه -تعالى-: «من شَغَله ذِكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أُعطي السائلين» [حديث ضعيف].
قال: وقال أمية بن أبي الصلت في مدح عبد الله بن جُدعان [من الطويل]:
أأذْكُرُ حاجَتِي أمْ قَدْ كَفانِي … حَياؤُكَ [وُيروى «حِباؤك» بالموحدة، وكذا قوله: «الحِباء» آخر البيت، والحِباء: العطاء] إنَّ شِيمَتَكَ الحَياءُ
إذا أثْنى عَلَيْكَ المَرْءُ يَوْمًا … كَفاهُ مِن تَعَرُّضِكَ الثَّناءُ
قال سفيان: فهذا مخلوق حين نُسب إلى الكرم اكتَفى بالثناء عن السؤال،
فكيف بالخالق.
قال الحافظ: ويؤيد الاحتمال الثاني حديث سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه –
رفعه: «دعوة ذي النون إذ دعا، وهو في بطن الحوت، لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين، فإنه لم يَدع بها رجل مسلم في شيء قطّ، إلا استجاب الله تعالى له»، أخرجه التِّرمذيّ، والنسائيّ، والحاكم، وفي لفظ للحاكم: «فقال رجل: أكانت ليونس خاصّةً أم للمؤمنين عامّةً؟ فقال رسول الله – ? -: ألا تسمع إلى قول الله تعالى: {وكَذَلِكَ نُنْجِي المُؤْمِنِينَ} [الأنبياء (88)]». انتهى.
حديث دعوة ذي النون هو في الصحيح المسند
وقال القرطبيّ –رحمه الله-: قال الطبريّ: كان السلف يَدْعون بهذا الدعاء، ويسمُّونه دعاء الكرب.
[فإنّ قيل]: كيف يسمّى هذا دعاء، وليس فيه من معنى الدعاء شي، وإنّما هو تعظيم لله تعالى، وثناء عليه؟
[فالجواب]: إن هذا يسمّى دعاء لوجهين:
فذكر نحو ما سبق …. [«المفهم» (7) / (56) – (57)] “. [البحر المحيط الثجاج]
قال الراجحي:
سماه دعاء وإن كان ذكرا وثناء؛ لأن الذاكر والمثني على الله داع في المعنى؛ لأنه يطلب الثواب، والسائل داع لفظا
توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (7/ 561)
فائدة:
يقول ابن القيم رحمه الله عن دعوة ذي النُّون عليه السلام: «فإنّ فيها من كمال التوحيد والتَّنْزيه للرَّبِّ تعالى واعتراف العبد بظلمه وذنبه ما هو من أبلغ أدوية الكرب والهمِّ والغمِّ، وأبلغِ الوسائل إلى الله سبحانه في قضاء الحوائج، فإنّ التوحيدَ والتَّنْزيهَ يتضمَّنان إثباتَ كلِّ كمال لله، وسَلبَ كلِّ نقصٍ وعَيب وتمثيل عنه، والاعترافَ بالظلم يتضمَّن إيمانَ العبد بالشَّرع والثواب والعقاب، ويوجب انكسارَه ورجوعه إلى الله، واستقالته عثرته، والاعتراف بعبوديته وافتقاره إلى ربِّه، فها هنا أربعةُ أمور قد وقع التوسُّل بها: التوحيد والتَّنْزيه والعبوديةُ والاعتراف» (1) اهـ. [زاد المعاد ((2) / (208))]
[فائدة]: قال ابن بطال –رحمه الله-: حدّثني أبو بكر الرازيّ، قال: كنت بأصبهان عند أبي نعيم، أكتب الحديث، وهناك شيخ يقال له: أبو بكر بن عليّ، عليه مدار الفتيا، فسُعي به عند السلطان، فسُجن، فرأيت النَّبيّ – ? – في المنام،
وجبريل عن يمينه، يحرك شفتيه بالتسبيح، لا يفتر، فقال لي النَّبيّ – ? -: قل لأبي بكر بن عليّ يدعو بدعاء الكرب الذي في «صحيح البخاريّ» حتى يفرّج الله عنه،
قال: فأصبحت، فأخبرته، فدعا به، فلم يكن إلا قليلًا حتى أخرج. انتهى.
وأخرج ابن أبي الدنيا في «كتاب الفرج بعد الشدة» له من طريق عبد الملك بن عمير، قال: كتب الوليد بن عبد الملك إلى عثمان بن حيان.
انظر الحسن بن الحسن، فاجلده مائة جلدة، وأوقفه للناس، قال: فبعث إليه،
فجيء به، فقام إليه عليّ بن الحسين، فقال: يا ابن عمّ تكلم بكلمات الفرج،
يفرّج الله عنك، فذكر حديث عليّ باللفظ الثاني، فقالها، فرَفع إليه عثمان رأسه، فقال: أرى وجه رجل كُذب عليه، خَلُّوا سبيله، فسأكتب إلى أمير المؤمنين بعذره، فأطلق.
وأخرج النسائيّ، والطبريّ من طريق الحسن بن الحسن بن عليّ، قال: لَمّا زوج عبد الله بن جعفر ابنته، قال لها: إن نزل بك أمر، فاستقبليه، بأن تقولي: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، قال الحسن: فأرسل إليّ الحجاجُ، فقلتهنّ، فقال: والله لقد أرسلت إليكَ، وأنا أريد أن أقتلك، فلأنتَ اليوم أحبّ إلي من كذا وكذا، وزاد في لفظ: فَسَلْ حاجتك.
[تنبيه]: ومما ورد من دعوات الكرب ما أخرجه أصحاب السنن، إلا التِّرمذيّ، عن أسماء بنت عميس – ? – قالت: قال لي رسول الله – ? -: «ألا أعلّمك كلمات تقوليهن عند الكرب: الله الله ربي، لا أشرك به شيئًا».
وأخرج الطبريّ من طريق أبي الجوزاء، عن ابن عباس – رضي الله عنه – مثله.
ولأبي داود، وصححه ابن حبان، عن أبي بكرة، رفعه: «دعوات المكروب: اللَّهُمَّ رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت» [«الفتح» (14) / (358) – (360)، «كتاب الدعوات» رقم ((6345))]، ذكر هذا كلّه في «الفتح»، والله تعالى أعلم.
قال الشيخ عبد الرزاق العباد في فقه الأدعية والأذكار، ص (3/ 182 وما بعدها): “حديث أسماء بنت عُميس رضي الله عنها، حيث أرشدها النَّبِيُّ ? أن تَفزَع في الكَرْب أو عند الكرب إلى التوحيد، الذي ما دُفعت عن العبد الشدائد ولا زالت عنه الكُرُبات بمثله، وقد شدَّ صلوات الله وسلامه عليه انتباهها لهذا الأمر وشَوَقَّها إلى معرفته، وهيَّأ نفسَها لتَلَقِّيه؛ بأن طَرَح عليها استفهامًا مُشَوِّقًا «ألاَ أعلِّمُكِ كلمات تقولينَهنَّ عند الكَرب أو في الكرب»، وما من ريب أنّ نفسَها قد تاقت لمعرفة هؤلاء الكلمات، فأرشدها ? أن تقول: «اللهُ اللهُ ربِّي لا أُشرك به شيئًا»، وهي كلمةُ إخلاص وتوحيد.
وقوله: «اللهُ اللهُ» هو بالرَّفع فيهما، على أنّ الأوَّلَ مبتدأ والثاني تأكيد لفظي له، إشارةً إلى عِظَم المقام وأهمية الأمر، وخبر المبتدأ هو قوله: «ربِّي»،
والمعنى أنّ إلَهي الذي أعبدُه وأخصُّه بجميع أنواع العبادة من خوف ورجاء وذلٍّ وخضوع وخشوع وانكسار وغير ذلك، هو ربِّي الذي ربّانِي بنعمته، وأوجدنِي من العدَم، وتفضَّل علي بصنوف العطايا والمنَن.
وقوله: «لا أشركُ به شيئًا» أي لا أتَّخذ معه شريكًا في العبادة كائنًا مَن كان، فقوله: «شيئًا» نكرَةٌ في سياق النفي تفيدُ العموم.
وعلى كلٍّ فهذه الكلمة العظيمة اشتملت على تحقيق التوحيد برُكنَيْه النفي والإثبات؛ نفيُ العبودية عن كلِّ مَن سوى الله، وإثباتها له وحده، وفي الحديث دليلٌ على أنّ التوحيدَ هو المفزَع في الكرب، وأعظمُ أسباب زوال الهموم وذهاب الغُمُوم. [و] حديث أبي بَكرة عن النَّبِيّ ? «دعواتُ المكروب اللَّهمَّ رحمتَك أرجو، فلا تَكلْنِي إلى نفسي طَرْفَة عَين، وأصلح لي شأني كلَّه لا إله إلاَّ أنت» وهو كلُّه توحيد لله، والتجاءٌ إليه واعتصامٌ به.
وقوله: «اللَّهمَّ رحمتَك أرجو» في تأخير الفعل دَلالةٌ على الاختصاص، أي: نخصُّك برجاء الرحمة منك، فلا نرجوها من أحد سواك.
وقوله: «فلا تَكلْنِي إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كلَّه» فيه شدَّةُ افتقار العبد إلى الله، وأنّه لا غنى له عن ربِّه ومولاه طرفة عين في كلِّ شأن من شؤونه، ولهذا قال: «وأصلح لي شأني كلَّه» أي: في كلِّ جزئية من جزئياته وكلِّ جانب من جوانبه، ثم ختم هذ الدعاءَ المبارك بكلمة التوحيد لا إله إلاَّ الله.”. انتهى، بتصرف يسير.
[(6898)] ( … ) -[تنبيه]: أعلّ الدارقطنيّ – رحمه الله – رواية حمّاد بن سلمة هذه بأن مهديّ بن ميمون خالفه بالإرسال، ودونك نصّه:
وأخرج مسلم حديث حمّاد بن سلمة عن يوسف بن عبد الله بن الحارث،
عن أبي العالية، عن ابن عبّاس: «كان يدعو عند الكرب»، وقد خالفه مهديّ بن
ميمون عن يوسف، فأرسله. انتهى.
وهذا الذي ذكره الدارقطنيّ أشار إليه النسائيّ قبله في «السنن الكبرى»، فقال بعد أن أخرج رواية حماد بن سلمة التي ذكرتها في التنبيه الماضي ما نصّه: خالفه مهديّ بن ميمون، ثم ساق روايته، فقال: ((10490)) – أخبرنا محمد بن حاتم، قال: أخبرنا حِبّان، قال: أخبرنا عبد الله، عن مهديّ بن ميمون، قال: حدّثنا يوسف بن عبد الله بن الحارث، قال: قال لي أبو العالية: ألا أعلِّمك دعاءً، أُنبئت أن النَّبيّ – ? – كان إذا نزلت به شدّة دعا به: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات، ورب الأرض، رب العرش الكريم».
انتهى [«السنن الكبرى» للنسائي — (6) / (168)].
قال الإتيوبي عفا الله عنه: والحديث صحيح ثابت من طرق صحيحة [راجع ما كتبه الشيخ ربيع بن هادي حفظه الله في كتابه: «بين» الإمامين «، ص (403) – (406)، فقد أجاد في البحث].
“وجميعُ هذه الكلمات الواردة في هذه الأحاديث كلماتُ إيمان وتوحيد وإخلاص لله عزوجل، وبُعد عن الشِّرك كلِّه كبيره وصغيره، وفي هذا أبيَنُ دلالة على أنّ أعظمَ علاج للكرب هو تجديدُ الإيمان وترديدُ كلمة التوحيد لا إله إلاَّ الله، فإنّه ما زالَت عن العبد شدَّةٌ، ولا ارتفع عنه هَمٌّ وكَرْبٌ بمثل توحيد الله وإخلاص الدِّين له، وتحقيقِ العبادة التي خُلق العبدُ لأجلها وأُوجِدَ لتحقيقها؛ فإنّ القلبَ عندما يُعمَرُ بالتوحيد والإخلاص، ويُشغَل بهذا الأمر العظيم الذي هو أعظم الأمور وأجلُّها على الإطلاق، تذهبُ عنه الكُرُبات، وتزولُ عنه الشدائدُ والغمومُ، ويَسعَدُ غايةَ السعادة.
قال ابن القيم رحمه الله: “التوحيدُ مفزَعُ أعدائه وأوليائه، فأمّا أعداؤه فيُنجيهم من كُرَب الدنيا وشدائدها: {فَإذا رَكِبُوا فِي الفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمّا نَجّاهُمْ إلى البَرِّ إذا هُمْ يُشْرِكُونَ} (2)، وأمّا أولياؤه فيُنجيهم من كربات الدنيا والآخرة وشدائدها، ولذلك فزع إليه يونس عليه السلام فنجّاه اللهُ من تلك الظلمات، وفزع إليه أتباعُ الرُّسل فنجوا به ممّا عُذِّب به المشركون في الدنيا وما أُعدَّ لهم في الآخرة، ولمّا فزع إليه فرعون عند مُعاينة الهلاك وإدراك الغرق لَم ينفعه؛ لأنّ الإيمانَ عند المعاينة لا يُقبل، هذه سُنَّة الله في عباده، فما دُفعت شدائدُ الدنيا بمثل التوحيد، ولذلك كان دعاءُ الكرب بالتوحيد، ودعوةُ ذي النون التي ما دعا بها مكروب إلاَّ فَرَّجَ الله كُرَبَه بالتوحيد، فلا يُلقي في الكرب العظام إلاَّ الشِّركُ، ولا ينجي منها إلاَّ التوحيد، فهو مَفزَعُ الخليقة ومَلجَؤُها وحِصنُها وغايتُها، وبالله التوفيق» (1) اهـ.
وقد مر معنا أحاديثُ دالَّة على هذا المعنى، أوَّلُها: حديث ابن عباس رضي الله عنهما وكلُّه توحيدٌ وتمجيدٌ لله عزوجل، وترديدٌ لكلمة التوحيد لا إله إلاَّ الله، مقرونة بما يدلُّ على عظمة الله وجلاله وكماله وربوبيَّته للسَّموات والأرض وللعرش العظيم، فقد انتظمت هؤلاء الكلمات أنواعَ التوحيد الثلاثة: توحيد الربويبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، فإذا قالها المسلم مُتَأمِّلًا لمعانيها متفَكِّرًا في دلالاتها سكن قلبُه، واطمأنت نفسُه، وزال عنه كَرْبُه وشدَّتُه، وهُديَ إلى صراط مستقيم”. انتهى. [قاله الشيخ عبد الرزاق العباد في فقه الأدعية والأذكار، ص (3/ 180 وما بعدها)].
ثالثًا: ملحقات:
(المسألة الأولى): تعريف الكرب
أولاً: الكرب لغة وسبق أكثره:
الكرب مأخوذ من مادة (ك ر ب) التي تدل على شدة وقوة، يقال: مفاصل مكربة، أي شديدة قوية … ومن الباب: الكرب وهو الضم الشديد، والكريبة الشديدة من الشدائد [المقاييس (5/ 174)].
وجعل الراغب أصل المادة من كرب الأرض وهو قلبها بالحفر فقال: الكرب: الغم الشديد قال الله تعالى: فنجيناه وأهله من الكرب العظيم (الأنبياء/ 76) والكربة كالغمة وأصل ذلك من كرب الأرض وهو قلبها بالحفر، فالغم يثير النفس إثارة ذلك [المفردات (428)].
ويقول القرطبي في قوله تعالى: ونجيناه وأهله من الكرب العظيم (الصافات/ 76) والكرب: الغم الشديد [القرطبي (11/ 306)].
وقال ابن منظور: الكرب: الحزن والغم الذي يأخذ بالنفس، وجمعه كروب، يقال: كربه الأمر، والغم يكربه كربا: اشتد عليه، فهو مكروب، وكريب،
والاسم: الكربة. وإنه لمكروب النفس، وأمر كارب.
واكترب لذلك: اغتم. والكرائب: الشدائد، الواحدة كريبة.
وفي الحديث: «كان إذا أتاه الوحي كرب له» أي أصابه الكرب، فهو مكروب، والذي كربه كارب [لسان العرب (1/ 711 – 712)].
ثانيًا: الكرب اصطلاحا:
قال النووي: الكرب: هو الغم الذي يأخذ بالنفس [صحيح مسلم بشرح النووي (2/ 238)].
وقال المناوي: الكرب: هو الغم والضيق، وأصله من التغطية [التوقيف (281)].
وقال الكفوي: الكرب: هو الغم الذي يأخذ بالنفس [الكليات (114)]، والكربة: الحزن الذي يذيب القلب، أي يحيره ويخرجه عن أعمال الأعضاء، وربما أهلك النفس، وهي (الكربة) أشد من الحزن والغم [المرجع السابق (722)].
فرع:
الفرق بين الحزن والكرب:
قال أبو هلال العسكري: الفرق بين الحزن والكرب: أن الحزن تكاثف الغم وغلظه، مأخوذ من الأرض الحزن وهو ما غلظ منها وصلب، والكرب تكاثف الغم مع ضيق الصدر. ولهذا يقال لليوم الحار:
يوم كرب أي كرب من فيه، وكرب الرجل إذا غمه وضيق صدره [الفروق اللغوية (262)].
(المسألة الثانية): وجه النهى عن الكرب:
إذا كان الكرب يمثل أقصى درجات الغم، وهذا أمر قد لا يكون فيه دخل للإنسان فإن المطلوب من المسلم عند حدوث الكرب أن يسأل الله تعالى أن يفرج كربه حتى لا يستمريء الحزن ويعتاد عليه مما يضعف قواه، وعلى المسلمين أيضا أن يمدوا يد العون للمكروب، حتى يرجع إلى سابق عهده هاشا باشا منشرح الصدر مستقبلا للحياة بما يرضاه الله له من عمل جاد، ونفس راضية مطمئنة.
إن مجتمعا تسود فيه روح الأنانية ويترك المكروب نفسه أو يتركه إخوانه فريسة لهذه الحالة التي تنتابه رغما عنه، هو مجتمع مفكك لا تعاون فيه على البر والتقوى، من هنا كانت دعوة الإسلام صريحة للتخلص من هذا الداء العضال الذي يفقد الفرد قدرته على العمل والإنتاج ويفقد المجتمع تماسكه وقوته.
[للاستزادة: انظر صفات: الحزن- القنوط- الوهن- اليأس- الضعف- القلق- العبوس- التطير.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: تفريج الكربات التوكل- طلاقة الوجه- الفرح- البشاشة- التفاؤل- الرضا- السكينة- الطمأنينة].
(المسألة الثالثة): النصوص الواردة في الكرب
أولاً: الآيات الواردة في «الكرب»
1 – قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين (63)
قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون (64) [الأنعام: 63 – 64 مكية]
2 – ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم (76)
ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين (77) [الأنبياء: 76 – 77 مكية]
3 – ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون (75)
ونجيناه وأهله من الكرب العظيم (76)
وجعلنا ذريته هم الباقين (77)
وتركنا عليه في الآخرين (78)
سلام على نوح في العالمين (79)
إنا كذلك نجزي المحسنين (80)
إنه من عبادنا المؤمنين (81) [الصافات: 75 – 81 مكية]
4 – ولقد مننا على موسى وهارون (114)
ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم (115)
ونصرناهم فكانوا هم الغالبين (116)
وآتيناهما الكتاب المستبين (117)
وهديناهما الصراط المستقيم (118)
وتركنا عليهما في الآخرين (119)
سلام على موسى وهارون (120)
إنا كذلك نجزي المحسنين (121)
إنهما من عبادنا المؤمنين (122) [الصافات: 114 – 122 مكية]
ثانيًا: الأحاديث الواردة في ذم (الكرب)
1 – * (عن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب، أو في الكرب، الله الله ربي لا أشرك به شيئا») [أبو داود (1525) واللفظ له، وابن ماجة (3882)، وأحمد (6/ 369)، والألباني (1/ 284)، وقال: صحيح].
2 – * (عن عبد الله بن أبي قتادة، أن أبا قتادة طلب غريما له فتوارى عنه، ثم وجده، فقال: إني معسر. فقال: آلله؟. قال: آلله [فقال: آلله. قال آلله:
قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سره أن ينجيه الله من كرب [كرب: جمع كربة وهي الغم الذي يأخذ بالنفس] يوم القيامة، فلينفس [فلينفس: أي يمد ويؤخر المطالبة، وقيل: معناه يفرج عنه] عن معسر، أو يضع عنه») [مسلم (1563)].
فائدة:
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في (جامع العلوم والحكم)، ص (3/ 1005وما بعدها):
وقوله: «كُربة من كُرَبِ يوم القيامة»، ولم يقل: «من كُرب الدُّنيا والآخرة» كما قيل في التَّيسير والسَّتر، وقد قيل في مناسبة ذلك: إنّ الكُرَبَ هي الشَّدائدُ العظيمة، وليس كلّ أحد يحصُلُ له ذلك في الدُّنيا، بخلاف الإعسار والعورات المحتاجة إلى الستر، فإنّ أحدًا لا يكادُ يخلو في الدُّنيا من ذلك، ولو بتعسُّر بعض الحاجات المهمَّة. وقيل: لأنّ كُرَبَ الدُّنيا بالنِّسبة إلى كُرَب الآخرة كلا شيءٍ، فادَّخر الله جزاءَ تنفيسِ الكُرَبِ عندَه، لينفِّسَ به كُرَب الآخرة، ويدلُّ على ذلك قولُ النَّبيِّ – ? -: «يجمع الله الأوَّلين والآخرين في صعيدٍ واحدٍ، فيسمَعُهُم الدّاعي، وينفُذُهُم البصر، وتدنو الشَّمسُ منهم، فيبلُغُ النّاسُ من الغمِّ والكرب ما لا يُطيقون ولا يحتملون، فيقول الناسُ بعضُهم لبعض: ألا ترونَ ما قد بلغكُم؟ ألا تنظرون من يشفعُ لكم إلى ربِّكم؟»، وذكر حديثَ الشفاعة، خرّجاه بمعناه من حديث أبي هريرة.
وخرَّجا من حديث عائشة عنِ النَّبيِّ – ? -، قال: «تُحشرون حُفاةً عُراةً غُرْلًا»، …..
قوله – ? -: «ومن يسَّر على مُعسِرٍ، يسَّرَ الله عليه في الدُّنيا والآخرة». هذا أيضًا يدلُّ على أنّ الإعسار قد يحصُل في الآخرة، وقد وصف الله يومَ القيامة بأنّه يومٌ عسير وأنّه على الكافرين غيرُ يسير، فدلَّ على أنّه يسير على غيرهم، وقال:
{وكانَ يَوْمًا عَلى الكافِرِينَ عَسِيرًا} ((4)) ” انتهى.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
“فإن قال قائل: لماذا لم يذكر الدنيا في الأول: «مَن نَفّسَ عَنْ مُؤمِن كُربَةً مِن كُرَبِ الدُنيا نَفّسَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِن كُرَبِ يَوم القيامَةِ» فقط؟
قلنا: الفرق ظاهر، لأن من نفس الكربة أزالها فقط، لكن الميسر على المعسر فيه زيادة عمل وهو التيسير، وفرق بين من يرفع الضرر ومن يحدث الخير.
فالميسر محدث للخير وجالب للتيسير، والمفرج للكربة رافع للكربة فقط، هذا والله أعلم وجه كون الأول لا يجازى إلا في الآخرة، والثاني يجازى في الدنيا والآخرة”. [شرح الأربعين النووية للعثيمين، ص (360)].
3 – * (عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم») [البخاري- الفتح 11 (6346)، مسلم (2730) متفق عليه].
4 – * (عن طلحة بن عبيد الله: أن عمر رآه كئيبا فقال: مالك يا أبا محمد كئيبا؟ لعله ساءتك إمرة ابن عمك؟ يعني أبا بكر، قال: لا، وأثنى على أبي بكر رضي الله عنه- ولكني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا فرج الله عنه كربته وأشرق لونه»، فما منعني أن أسأله عنها إلا القدرة عليها حتى مات، فقال له عمر- رضي الله عنه-:
إني لأعلمها، فقال له طلحة: وما هي؟، فقال له عمر رضي الله عنه-: هل تعلم كلمة هي أعظم من كلمة أمر بها عمه: لا إله إلا الله؟ فقال طلحة: هي والله هي) [أحمد (1/ 161)، وقال الشيخ أحمد شاكر (2/ 360): إسناده صحيح برقم (1386)].
جعلناه على الشرط
5 – * (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:
إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرقي يقول: «امسح البأس رب الناس بيدك الشفاء لا يكشف الكرب إلا أنت») [البخاري- الفتح 10 (5744)، مسلم (2191)، وأحمد (6/ 50) واللفظ له].
6 – * (عن أبي بكرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت») [أبو داود (5090) وقال الألباني (3/ 959): حسن (الكلم الطيب (121) صحيح الكلم الطيب ص (49)].
7 – * (عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل بي كرب أن أقول:
«لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله وتبارك الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين») [أحمد (1/ 91)، وقال الشيخ أحمد شاكر (2/ 87): إسناده صحيح برقم (701)].
8 – * (عن أبي بكرة- رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلمات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين. أصلح لي شأني كله») [الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 137)، وقال: رواه الطبراني وإسناده حسن].
9 – * (عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا غلام أو يا غليم. ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن؟» فقلت:
بلى. فقال: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، قد جف القلم بما هو كائن، فلو أن الخلق كلهم جميعا، أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه، وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه، واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا») [أحمد (1/ 307) واللفظ له، والترمذي (2518) مختصرا، وقال محقق جامع الأصول (11/ 685، 686)، وهو حديث صحيح وكذا قال الشيخ أحمد شاكر (4/ 233، (2763)، 4/ 270، 4/ 286) رقم (2669)].
11 – * (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: لما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من كرب الموت ما وجد، قالت فاطمة: واكرب أبتاه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا كرب على أبيك بعد اليوم، إنه قد حضر من أبيك ما ليس بتارك منه أحدا، الموافاة يوم القيامة») [ابن ماجة (1629) واللفظ له، أحمد (3/ 141) من رواية أبي النضر البغدادي عن المبارك بن فضالة عن ثابت، في الزوائد: في إسناده عبد الله بن الزبير الباهلي، أبو الزبير، ويقال: أبو معبد المصري، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: مجهول، وقال الدارقطني: صالح، وباقي رجاله علي شرط الشيخين].
12 – * (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أصاب أحدا هم ولا حزن قط فقال: اللهم إني عبدك، وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي. إلا أذهب الله- عز وجل- همه وأبدله مكان حزنه فرحا».
قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات.
قال: «أجل، ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن») [أحمد في المسند، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 136)، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار إلا أنه قال: وذهاب غمي مكان همي، والطبراني ورجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح غير أبي سلمة الجهني وقد وثقه ابن حبان].
13 – * (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة، فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة») [البخاري- الفتح 5 (2442) واللفظ له، مسلم (2580)].
14 – * (عن ابن عمر- رضي الله عنهما. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أراد أن تستجاب دعوته وأن تكشف كربته، فليفرج عن معسر») [أحمد (2/ 23) والهيثمي (4/ 133) وقال: رواه أحمد وأبو يعلى ورجال أحمد ثقات واللفظ لهما].
15 – * (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله- عز وجل- فيمن عنده، ومن بطأ به عمله، لم يسرع به نسبه») [مسلم (2699)].
16 – عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: «يا أيها الناس اذكروا الله اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه»، قال أبي: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: «ما شئت». قال: قلت: الربع، قال: «ما شئت فإن زدت فهو خير لك»، قلت: النصف، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قال: قلت: فالثلثين، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قلت: أجعل لك صلاتي كلها قال: «إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك»: «هذا حديث حسن»
[حكم الألباني]: حسن
سنن الترمذي (4/ 636 ت شاكر)
17 – 1822 – (3) [صحيح] وعن ابن مسعود رضي الله عنه؛ أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:
“ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال:
(اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استاثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي).
إلا أذهب الله عز وجل همه، وأبدله مكان حزنه فرحا”.
قالوا: يا رسول الله! ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال:
“أجل! ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن”.
رواه أحمد والبزار وأبو يعلى، وابن حبان في “صحيحه”، والحاكم؛ كلهم عن أبي سلمة الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود. وقال الحاكم:
“صحيح على شرط مسلم إن سلم من إرسال عبد الرحمن عن أبيه”.
(قال الحافظ): “لم يسلم (1)، وأبو سلمة الجهني يأتي ذكره”
صحيح الترغيب والترهيب (2/ 361)
الأحاديث الواردة في ذم (الكرب) معنى انظر صفة (تفريج الكربات)
(المسألة الرابعة): من الآثار الواردة في ذم (الكرب)
1 – * (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت:
«أسلمت امرأة سوداء لبعض العرب، وكان لها حفش [حفش: بيت صغير ذليل] في المسجد، قالت: فكانت تأتينا فتحدث عندنا، فإذا فرغت من حديثها قالت:
ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا … ألا إنه من بلدة الكفر نجاني
فلما أكثرت، قالت لها عائشة: وما يوم الوشاح؟. قالت: خرجت جويرية لبعض أهلي وعليها وشاح من أدم، فسقط منها، فانحطت عليه الحديا وهي تحسبه لحما، فأخذت، فاتهموني به، فعذبوني، حتى بلغ من أمري أنهم طلبوا في قبلي، فبينا هم حولي وأنا في كربي إذ أقبلت الحديا حتى وازت برءوسنا، ثم ألقته فأخذوه، فقلت لهم: هذا الذي اتهمتموني به وأنا منه بريئة) [البخاري- الفتح 7 (3835)].
2 – * (عن عبد الله بن الزبير- رضي الله عنهما- قال: لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني … قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بني إن عجزت عن شاء منه فاستعن عليه مولاى، قال: فو الله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال:
الله، قال: فو الله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه، فيقضيه. فقتل الزبير- رضي الله عنه- ولم يدع دينارا ولا درهما، إلا أرضين منها الغابة، وإحدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر … إلى آخر الحديث) [البخاري- الفتح 6 (3129)].
سبق ذكر شيء من ذلك عند ذكر ما نقله ابن بطال رحمه الله
3 – * (قال الشاعر:
يا فارج الكرب مسدولا عساكره … كما يفرج غم الظلمة الفلق) [محيط المحيط (681)].
4 – * (وقال أبو ذؤيب الهذلي:
فإني صبرت النفس بعد ابن عنبس … وقد لج من ماء الشئون لجوج
ليحسب جلدا أو ليخبر شامت … وللشر بعد القارعات فروج) [لسان العرب (فرج) (ص 3370)].
5 – * (وقال الراجز:
يا فارج الهم وكشاف الكرب) [لسان العرب (فرج) (ص 3370)].
(المسألة الخامسة): من مضار (الكرب)
(1) دليل ضعف الدين وقلة اليقين.
(2) يورث المرض من دون جدوى.
(3) اتباع للشيطان وإغضاب للرحمن.
(4) دليل عدم الرضا بالقدر.
(المسألة السادسة): من فوائد (تفريج الكربات
(1) الفرج الأعظم يأتي من الله- عز وجل- فهو ينجي كل مكروب يستغيثه في الدنيا والآخرة.
(2) النبي صلى الله عليه وسلم علم أصحابه أدعية يقولها ذو الكرب فيفرج عنه.
(3) سبب لتفريج كربات القيامة وأهوالها.
(4) الإيمان والطاعة وبر الوالدين والإحسان والابتعاد عما حرم الله من أعظم أسباب تفريج الكربات واستجابة الدعوات.
(5) من أعظم أسبابه التزام آدابه من الأذكار والأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(6) سبب لنيل القرب من الله والمحبة من الناس.
(7) دليل حب الخير للآخرين.
[نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، الكرب، (11/ 5431 – 5437)، بتصرف يسير].
وقد سئل فضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله عن توضيح الأدعية التي كان النبي ? يرددها إذا حزبه أمر؟
فأجاب رحمه الله بقوله:
“بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فقد ثبت عنه ? أنه كان إذا حزبه أمر، يقول: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم هذا دعاء الكرب، ويدعو بعد ذلك بما يهمه، وكان يستعين بالصبر والصلاة، إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وصلى ما تيسر عليه الصلاة والسلام عملاً بقول الله جل وعلا: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45].
فالسنة للمؤمن إذا حزبه أمر أن يفزع إلى الصلاة والدعاء، وهذا الذكر: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم ثم يدعو مع ذلك بما يسر الله له، ويبدأ الدعاء بالحمد، ويختم بالصلاة على النبي ?، هذا من أسباب الإجابة. نعم.”. [دعاء الكرب، نور على الدرب].
وسئل فضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله، عن صلاة لتفريج الهم، ونصه: “يقول هذا السائل في سؤاله: هل هناك صلاة لتفريج الهم، وتكون بركعتين، ثم يدعو الإنسان بدعاء: اللهم فارج الهم، وكاشف الغم أجب دعوتي، أو أجب دعوة المضطرين إذا دعاك؟ “.
فأجاب رحمه الله:
“لا أعلم في هذا شيئًا خاصًا، صلاة خاصة، لكن مثلما قال الله -جل وعلا-: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45] فإذا استعان بالصلاة، صلى، وسأل ربه في سجوده، وفي جلسته للسلام بعد التحيات؛ فهذا طيب، من أسباب الخير.
الله -جل وعلا- أمر بالاستعانة بالصبر والصلاة، والنبي ? كان إذا حزبه أمر؛ فزع إلى الصلاة، فإذا صلى الإنسان ركعتين، الضحى، أو في الليل، ودعا ربه في سجوده، وفي ما قبل السلام، إذا فرغ من التحيات، أو بعد الصلاة؛ رفع يديه، ودعا، هذا كله من أسباب الخير، ومن أسباب التوفيق. نعم.”.
[هل توجد صلاة لتفريج الهم؟، نور على الدرب للإمام ابن باز رحمه الله].