2706 فتح ذي النعم بالبدر الأتم شرح صحيح مسلم
شارك محمد البلوشي، وطارق أبو تيسير وعبدالملك وعبدالله المشجري وأحمد بن علي وعبدالحميد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
————–‘——–‘
(15) – بابُ: التَّعَوُّذِ مِنَ العَجْزِ والكَسَلِ وغَيْرِهِ
(50) – ((2706)) حَدَّثَنا يَحْيى بْنُ أيُّوبَ، حَدَّثَنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قالَ: وأخْبَرَنا سُلَيْمانُ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنا أنَسُ بْنُ مالِكٍ، قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ?، يَقُولُ: «اللهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ، والكَسَلِ، والجُبْنِ، والهَرَمِ، والبُخْلِ، وأعُوذُ بِكَ مِن عَذابِ القَبْرِ، ومِن فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ»،
(50) – وحَدَّثَنا أبُو كامِلٍ، حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ح وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأعْلى، حَدَّثَنا مُعْتَمِرٌ، كِلاهُما عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ?، بِمِثْلِهِ غَيْرَ أنَّ يَزِيدَ لَيْسَ فِي حَدِيثِهِ قَوْلُهُ: «ومِن فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ»،
(51) – ((2706)) حَدَّثَنا أبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، أخْبَرَنا ابْنُ مُبارَكٍ، عَنْ سُلَيْمانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ?، أنَّهُ تَعَوَّذَ مِن أشْياءَ ذَكَرَها والبُخْلِ.
(52) – ((2706)) حَدَّثَنا أبُو بَكْرِ بْنُ نافِعٍ العَبْدِيُّ، حَدَّثَنا بَهْزُ بْنُ أسَدٍ العَمِّيُّ، حَدَّثَنا هارُونُ الأعْوَرُ، حَدَّثَنا شُعَيْبُ بْنُ الحَبْحابِ، عَنْ أنَسٍ، قالَ: كانَ النَّبِيُّ ?، يَدْعُو بِهَؤُلاءِ الدَّعَواتِ: «اللهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، والكَسَلِ، وأرْذَلِ العُمُرِ، وعَذابِ القَبْرِ، وفِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ».
==========
أولاً: شرح الحديث، وبيان مفرداته:
– (قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ? يَقُولُ: “اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ)، بفتح العين المهملة، وسكون الجيم: سَلْب القوّة، وتخلّف التوفيق؛
إذ صفة العبد العجز، وإنما يقوى بقوة يُحْدثها الله فيه، فكأنه استعاذ به أن يَكِله إلى أوصافه، فإن كل من رُدّ إليها فقد خُذل،
(والكسل) هو التثاقل، والتراخي مما ينبغي مع القدرة، أو هو عدمُ انبعاث النفس لفعل الخير،
والعاجز معذور، والكسلان لا، ومع ذلك هو حالة رؤية، ولو مع عُذر، فلذا تعوّذ منه، قاله المناوي [«فيض القدير» (2) / (122)].
(والجُبْنِ) بضمّ، فسكون: الخَوَر عن تعاطي الحرب خوفًا على المُهْجة، وإمساك النفس، والضنّ بها عن إتيان واجب الحقّ.
(والهَرَمِ) -بفتحتين-: كِبَر السن المؤدي إلى تساقط القُوى، وأما سوء الكِبَر فما يورثه كِبَر السن من ذهاب العقل، والتخبط في الرأي
(والبُخْلِ) -بضمّ، فسكون، أو بفتحتين-: مَنع السائل المحتاج عما يفضل عن الحاجة.
(وأعُوذُ بِكَ مِن عَذابِ القَبْرِ) تقدّم تفسيره في الحديث الماضي، (ومِن فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ»)
قال النوويّ: واختلفوا في المراد بفتنة الموت،
فقيل: فتنة القبر، وقيل: يَحْتَمِل أن يراد به: الفتنة عند الاحتضار،
قال: وأما الجمع بين فتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال، وعذاب القبر، فهو من باب ذِكر الخاصّ بعد العامّ، ونظائره كثيرة. انتهى.
وقال ابن دقيق العيد في «شرح العمدة»: ولا يكون هذا متكررًا مع قوله: «من عذاب القبر»؛ لأن العذاب مرتَّب على الفتنة، والسبب غير المسبَّب، ولا يقال: إن المقصود زوال عذاب القبر؛ لأن الفتنة نفسها أمر عظيم، وهو شديد يستعاذ بالله من سوئه. انتهى.
قال وليّ الدين رحمهُ الله وقرر أن الفتنة تأتي بمعنى العذاب: والأولى حمل الفتنة على الامتحان والاختبار؛ ليحصل التغاير، لا سيما، وقد ذكروا أن هذا هو أصل مدلول الفتنة، والله أعلم. انتهى.
وقال في «الفتح»: أصل الفتنة: الامتحان والاختبار، واستُعملت في الشرع في اختبار كشف ما يُكره، ويقال: فتنتُ الذهب إذا اختبرته بالنار؛ لتنظر جودته، وفي الغفلة عن المطلوب، كقوله: {أنَّما أمْوالُكُمْ وأوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [الأنفال (28)]
وتُستعمل في الإكراه على الرجوع عن الدِّين، كقوله تعالى: {إنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ} [البروج (10)]، واستُعملت أيضًا في الضلال، والإثم، والكفر، والعذاب، والفضيحة، وُيعرف المراد حيثما ورَدَ بالسياق والقرائن. انتهى [«الفتح» (14) / (405)، «كتاب الدعوات» رقم ((6367))]،
والله تعالى أعلم.
وحديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
[(6850)]
وقوله: (تَعَوَّذَ مِن أشْياءَ، ذَكَرَها)؛ أي: ذكر تلك الأشياء النبيّ ? في دعائه، ويَحْتَمِل أن يكون المعنى: ذكرها أنس -رضي الله عنه- في حديثه، والظاهر أن تلك الأشياء هي المذكورة في الرواية السابقة، ويَحْتَمِل أن تكون غيرها، والله تعالى أعلم.
وقال الإمام مسلم رحمه الله:
[(6852)] ( … ) وقوله: (وأرْذَلِ العُمُرِ) قال المجد رحمهُ اللهُ: الرَّذْلُ والرُّذال، والرَّذِيل، والأرْذَل: الدُّون الخسيس، أو الرديء من كل شيء، جَمْعه أرْذال … وأرذل العمر: أسوأه. انتهى [«القاموس المحيط» (1) / (1299)].
وقال في «العمدة»: عن عكرمة: من قرأ القرآن لم يُرَدّ إلى أرذل العمر انتهى [«عمدة القاري» (19) / (18)].
وقال في موضع آخر: وأرذل العمر هو الخَرَف؛ يعني: يعود كهيئته الأُولى في أوان الطفولية، ضعيف البِنية، سَخيف العقل، قليل الفهم، ويقال:
أرذل العمر: أردؤه، وهو حالة الهَرَم، والضعف عن أداء الفرائض، وعن خدمة
نفسه فيما يتنظف فيه، فيكون كَلًّا على أهله، ثقيلًا بينهم، يتمنّون موته، فإن لم
يكن له أهل، فالمصيبة أعظم. انتهى [«عمدة القاري» (14) / (119)].
والحديث متّفقٌ عليه. [البحر المحيط الثجاج، بتصرف يسير].