194 رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري في كتاب الوضوء من صحيحه:
باب صب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه على المغمى عليه
194 – حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة عن محمد بن المنكدر قال سمعت جابرا يقول جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا مريض لا أعقل فتوضأ وصب علي من وضوئه فعقلت فقلت يا رسول الله لمن الميراث إنما يرثني كلالة فنزلت آية الفرائض
——————–
فوائد الباب:
1 – قوله (باب صب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه على المغمى عليه) وترجم عليه النسائي فقال “الِانْتِفَاعِ بِفَضْلِ الْوَضُوءِ”.
2 – حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخرجه الستة البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
3 – قوله (جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا مريض) وعند البخاري 4577 من طريق ابن جريج ” عادني النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في بني سلمة ماشيين”. فيه منقبة للصديق في مرافقته رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله (ماشيين) وعند البخاري 5664 من طريق الثوري ” ليس براكب بغل ولا برذون”. وفيه تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه.
4 – قوله (وأنا مريض لا أعقل) زاد البخاري 4577 من طريق ابن جريج ” لا أعقل شيئا” وعند البخاري 5651 و6723 و7309 ومسلم 1616 وأبي داود 2886 والترمذي 2097 وابن ماجه 2728 من طريق ابن عيينة ” أغمي علي” وكذا عند مسلم 1616 من طريق الثوري وهي ألصق بالترجمة هنا
5 – قوله (فتوضأ وصب علي من وضوئه) فيه دليل على طهور الماء الذي توضأ به، لأنه لو كان نجسا لم يصبه عليه قاله المهلب ونقله ابن بطال في شرح صحيح البخاري، وقد يستدل به أيضا من يرى الوضوء به جائزا. قاله الخطابي في أعلام الحديث.
6 – وقد أمر النبي، (صلى الله عليه وسلم)، الذي عَانَ سهلا أن يتوضأ له، ويغسل داخلة إزاره ويصبه عليه، ولو كان نجسا لم يأمر سهلا أن يغتسل منه، بل رجاء بركته، وأن يحمل عنه شر العين.
وفيه: رقية الصالحين للماء، ومباشرتهم إياه. قاله ابن بطال في شرحه.
تعقيب على كلام ابن بطال حيث يفهم من كلامه تعميم البركة الجسدية للصالحين. والصحيح أنها خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: عن حكم النفث في الماء؟
فأجاب فضيلته بقوله: النفث في الماء على قسمين:
القسم الأول: أن يراد بهذا النفث التبرُّك بريق النافث فهذا لا شك أنه حرام ونوع من الشرك، لأن ريق الإنسان ليس سببًا للبركة والشفاء ولا أحد يُتبرَّك بآثاره إلا محمد ?، لأن كل من أثبت لشيء سببًا غير شرعي ولا حسي فإنه قد أتى نوعًا من الشرك، لأنه جعل نفسه مسببًا مع الله، وثبوت الأسباب لمسبباتها إنما يتلقى من قبل الشرع
القسم الثاني: أن ينفث الإنسان بريق تلا فيه القرآن الكريم مثل أن يقرأ الفاتحة والفاتحة رقية وهي من أعظم ما يرقى به المريض فيقرأ الفاتحة وينفث في الماء فإن هذا لا بأس به وقد فعله بعض السلف وهو مجرب ونافع بإذن الله وقد كان النبي ? ينفث في يديه عند نومه ب {قل هو الله أحد}، و {قل أعوذ برب الفلق}، و {قل أعوذ برب الناس} فيمسح بهما وجهه وما استطاع من جسده صلوات الله وسلامه عليه، والله الموفق.
فتوى أخرى لابن عثيمين: لكن قد يقول قائل هذا يشكل مع ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ? كان يقول في الرقية: «بسم الله، تربة أرضنا بريقة بعضنا يُشفى سقيمنا بإذن ربنا».
الجواب: ذكر بعض العلماء أن هذا مخصوص برسول الله ?، وبأرض المدينة فقط وعلى هذا فلا إشكال.
ولكن رأي الجمهور أن هذا ليس خاصًّا برسول الله ?، ولا بأرض المدينة، بل هو عام في كل راق، وفي كل أرض، ولكنه ليس من باب التبرك بالريق المجردة، بل هو ريق مصحوب برقية وتربة للاستشفاء وليس لمجرد التبرك.
وجوابنا في الفتوى السابقة هو التبرك المحض بالريق وعليه فلا إشكال لاختلاف الصورتين. انتهى
تنبيه: قول الشيخ ابن عثيمين أن التبرك بالآثار من الشرك يقصد الشرك الأصغر.
ففي فتوى صوتية للشيخ قال التبرك بدعاء الصالحين إذا علمنا صلاحهم وأمن عليهم من الفتنة فلا بأس به أما التبرك بآثارهم فهذا حرام وهو من البدع.
قال باحث: التبرك المبتدع:
هو التبرك بما لم يرد دليل شرعي يدل على جواز التبرك به، معتقداً أن الله جعل فيه بركة، أو التبرك بالشيء الذي ورد التبرك به في غير ما ورد في الشرع التبرك به فيه.
وهذا بلا شك محرم؛ لأن فيه إحداث عبادة لا دليل عليها من كتاب أو سنة، ولأنه جعل ما ليس بسبب سبباً، فهو من الشرك الأصغر؛ ولأنه يؤدي إلى الوقوع في الشرك الأكبر
أنواع التبرك البدعي
النوع الأول: التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته
الذي بقي من التبرك بعد وفاته أمران فقط هما:
1 – الإيمان به وطاعته واتباعه.
2 – التبرك بآثاره الحسية المنفصلة منه صلى الله عليه وسلم …
ومن أنواع التبرك المحرم بالصالحين:
أ) التمسح بهم, ولبس ثيابهم, أو الشرب بعد شربهم طلباً للبركة.
ب) تقبيل قبورهم، والتمسح بها، وأخذ ترابها طلباً للبركة، وقد حكى جمع من أهل العلم إجماع العلماء على أن هذا كله منهي عنه، وذكر بعض علماء الشافعية والحنفية أن هذه الأفعال من عادات النصارى، وذكروا أن استلام القبور تبركاً كبيرة من كبائر الذنوب.
ج) عبادة الله عند قبورهم تبركاً بها، معتقداً فضل التعبد لله تعالى عندها، وأن ذلك سبب لقبول هذه العبادة، وسبب لاستجابة الدعاء.
قال شيخ الإسلام مبيناً حكم تقبيل الجمادات: (ليس في الدنيا من الجمادات ما يشرع تقبيلها إلا الحجر الأسود، وقد ثبت في الصحيحين أن عمر رضي الله عنه قال: (والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) ..
وقال في موضع آخر مبيناً سبب كراهة العلماء للتمسح بقبر النبي صلى الله عليه وسلم أو تقبيله، قال رحمه الله: (لأنهم علموا ما قصده النبي صلى الله عليه وسلم من حسم مادة الشرك، وتحقيق التوحيد، وإخلاص الدين لله رب العالمين)
7 – “ذكر الخبر الدال على أن الماء المستعمل المؤدى به الفرض مرة طاهر جائز أن يؤدى به الفرض أخرى” قاله ابن حبان في صحيحه ثم ذكر الحديث.
8 – قال ابن حبان في صحيحه ” في صب المصطفى صلى الله عليه وسلم وضوءه على جابر بيان واضح بأن الماء المتوضأ به طاهر ليس له أن يتيمم لأنه واجد الماء الطاهر وإنما أباح الله عز وجل التيمم عند عدم الماء الطاهر وكيف التيمم لواجد الماء الطاهر؟!
9 – وفي الحديث دليل على أن بركة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلّم تزيل كل علة قاله الكرماني في الكواكب الدراري قلت بإذن الله تعالى.
10 – “فيه عيادة الأكابر الأصاغر وإن كان المريض غير مدرك لذلك”، قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
11 – فيه: استحباب العيادة، قاله ابن الملقن.
12 – فيه استحباب المشي لها قاله ابن الملقن.
13 – فيه: جواز الوصية للمريض وإن بلغ هذا الحد وفارقه عقله في بعض الأحيان، إذا كان عاقلا عند الوصية. قاله ابن الملقن.
14 – فيه: أنه لا يقضى بالاجتهاد مادام يجد سبيلا إلى النص. قاله ابن الملقن. وذلك لما جاء عند البخاري 5651 من طريق سفيان ” كيف أقضي في مالي فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية الميراث”. وقد ترجم عليه البخاري بقوله ” باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل مما لم ينزل عليه الوحي فيقول لا أدري أو لم يجب حتى ينزل عليه الوحي ولم يقل برأي ولا بقياس لقوله تعالى {بما أراك الله} وقال ابن مسعود سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح فسكت حتى نزلت الآية”
15 – قال ابن العثيمين في التعليق على البخاري:
فيستفاد من هذا أن ينبغي أن يصب على المغمى عليه ماء من أجل أن يصحو , وهذا أمر مستعمل صب الماء من أجل أن يصحو , كما أنه يصب على المريض بالحمى يصب عليه الماء من أجل أن يبرد كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحمى: (إنها من فيح جهنم فأبردوها بالماء).
16 – قوله (وصب عليّ من وضوئه) وعند البخاري 4577 من طريق ابن جريج ” فتوضأ منه ثم رش علي” وعند البخاري 6743 من طريق عبد الله – هو ابن المبارك- عن شعبة ” فتوضأ ثم نضح علي من وضوئه” وعند أبي داود 2887 من طريق أبي الزبير عن جابر ” فنفخ في وجهي”.
17 – قوله (إنما يرثني كلالة) فإن الكلالة هاهنا الأخوات وكان لجابر إذ ذاك سبع أخوات قاله الخطابي في أعلام الحديث.
18 – قوله (فقلت يا رسول الله لمن الميراث إنما يرثني كلالة) وعند البخاري 4577 من طريق ابن جريج ” فقلت ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله” وزاد عند البخاري 5651 من طريق سفيان ” كيف أقضي في مالي فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية الميراث”.
19 – قوله (لمن الميراث إنما يرثني كلالة فنزلت آية الفرائض) وعند البخاري 4577 ومسلم 1616 من طريق ابن جريج ” فنزلت {يوصيكم الله في أولادكم} ” وعند مسلم 1616 من طريق سفيان بن عيينة ” حتى نزلت آية الميراث (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة). وكذا عند الترمذي 2096 من طريق عمرو بن أبي قيس ” فنزلت: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} [النساء: 11] الآية “، وعند مسلم 1616 من طريق بهز حدثنا شعبة فنزلت آية الميراث فقلت – أي قال شعبة- لمحمد بن المنكدر! < يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة >! قال هكذا أنزلت وعند أبي داود 2887 من طريق أبي الزبير فكان جابر يقول: ” أنزلت هذه الآية فيَّ: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} [النساء: 176] ” ورجح البيهقي في السنن الصغير الآية الثانية في الحديث ” يفتيكم في الكلالة” وكذا الحافظ ابن كثير في تفسيره
20 – قوله (حدثنا أبو الوليد) هو الطيالسي تابعه غندر كما عند البخاري 5676 تابعه عبد الله -هو ابن المبارك – كما عند البخاري 6743. تابعه بهز كما عند مسلم 1616 تابعه النضر بن شميل كما عند مسلم 1616 تابعه أبو عامر العقدي كما عند مسلم 1616 تابعه وهب ابن جرير كما عند مسلم 1616
21 – قوله (حدثنا شعبة) تابعه سفيان هو الثوري كما عند البخاري 5651 و5664 ومسلم 1616 وابن ماجه 3096 والنسائي في السنن الكبرى 7459 تابعه ابن جريج كما عند البخاري 4577 ومسلم 1616 تابعه سفيان – هو ابن عيينة- كما عند البخاري 7309 ومسلم 1616 وأبي داود 2886 والترمذي 2097 و3015 والنسائي في السنن الصغرى 138 وابن ماجه 2728 تابعه عمرو بن أبي قيس كما عند الترمذي 2096
22 – قوله (عن محمد بن المنكدر) تابعه أبو الزبير كما عند أبي داود 2887.
23 – إسناد حديث الباب رباعي