1317 – مصحح ((1)) تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة، والسلف الصالح، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
(جمع وتأليف سيف بن دورة الكعبي)
وممن تعاون سيف بن غدير النعيمي وأحمد بن علي
وراجعه سيف بن غدير النعيمي وحسين البلوشي وعبدالله البلوشي أبوعيسى
_._._. _._._. _._._. _._._. _.
1317 – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة)
هذا حديث حسن
الحديث أخرجه الترمذي وقال: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وأخرجه ابن ماجة
_._._._._._._._._._._.
من صحح الحديث ومن ضعفه:
الحديث صححه كل من سيأتي النقل عنهم
قال باحث: ضعفه ابن حزم وابن الوزير لكن ابن الوزير صححه في كتابه “الروض الباسم في الذَّبِّ عن سُنة أبي القاسم” عندما تكلم في فصل خاص عن الصحابة الذين طعن فيهم الشيعة و منهم معاوية رضي رضي الله عنه فسرد ما له من أحاديث و منها هذا الحديث!
و بيّن الشيخ صالح المقبلي اليمني معنى الحديث، و تكلم عليه بكلام مطوّل رد فيه استشكال ابن الوزير معنى الحديث – حين ضعفه أولاً – و وجهه التوجيه الصحيح. و قد نقل كلامه الإمام الألباني -رحمه الله- كاملاً في السلسلة عند الكلام عن الحديث المذكور
هذا كله مع العلم أن مطاعن ابن حزم وابن الوزير كانت في زيادة «كلها في النار إلا واحدة»، وليس في أصل الحديث. فقد روى ابن حزم حديث: «ستفترق أمتي على بضعٍ وسبعين فرقة، أعظمها فرقة قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحرمون الحلال ويحللون الحرام». و احتج به في المحلى (1\ 62) -وهو لا يحتج إلا بصحيح كما اشترط ذلك في مقدمة المحلى-
والحديث قال عنه ابن تيمية: (هو حديث صحيح مشهور) وفي رواية معاوية بن أبي سفيان (هي الجماعة)
#شبهه في أن الحديث فيه الحكم بالنار لعامة المسلمين والرد عليها:
قال ابن تيمية: ثُمَّ قُلْت لَهُمْ: وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ خَالَفَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الِاعْتِقَادِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَالِكًا فَإِنَّ الْمُنَازِعَ قَدْ يَكُونُ مُجْتَهِدًا مُخْطِئًا يَغْفِرُ اللَّهُ خَطَأَهُ وَقَدْ لَا يَكُونُ بَلَغَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا تَقُومُ بِهِ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَقَدْ يَكُونُ لَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ، وَإِذَا كَانَتْ أَلْفَاظُ الْوَعِيدِ الْمُتَنَاوَلَةُ لَهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهَا الْمُتَأَوِّلُ وَالْقَانِتُ وَذُو الْحَسَنَاتِ الْمَاحِيَةِ وَالْمَغْفُورُ لَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ: فَهَذَا أَوْلَى، بَلْ مُوجِبُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ نَجَا فِي هَذَا الِاعْتِقَادِ وَمَنْ اعْتَقَدَ ضِدَّهُ فَقَدْ يَكُونُ نَاجِيًا وَقَدْ لَا يَكُونُ نَاجِيًا كَمَا يُقَالُ مَنْ صَمَتَ نَجَا. ”
قال الإمام القرطبي في تفسيره (12\ 130):
لم يُرِد بالفرق المذمومة: المختلفين في فروع الفقه من أبواب الحلال والحرام، وإنما قصد بالذم: من خالف أهل الحق في أصول التوحيد وفي تقدير الخير والشر، وفي شروط النبوة والرسالة وفي موالاة الصحابة، وما جرى مجرى هذه الأبواب. لأن المختلفين فيها قد كفَّر بعضهم بعضاً، بخلاف النوع الأول، فإنهم اختلفوا فيه من غير تكفير ولا تفسيق للمخالف فيه. فيرجع تأويل الحديث في افتراق الأمة إلى هذا النوع من الاختلاف».
-فالمراد بالأمة في الحديث أمة الاجابة المسلمين، لا أمة الدعوة فافتراق الأمة هو بالبدع التي لا تخرجهم من الاسلام
وقرر ذلك العثيمين في شرح السفارينية (94 – 95)
-وقال العباد: حديث افتراق الأمة حديث صحيح، والمراد بالفرق فيه الإسلامية وهم من أمة الإجابة، ولكن ما عدا الفرقة الناجية منحرفون عن الجادة، وإذا شاء الله أن يعذبه، عُذِّب في النار، ثم أخرج وأدخل الجنة، وإذا شاء الله عفا ولم يدخله النار، مثل أصحاب المعاصي.
وقال الشيخ الألباني: لا يعني الرسول صلى الله عليه وسلم أنها كلها تخلد في النار، أو أنها كلها لا تدخل الجنة، هذا كلام مطلق، ربنا يحاسب كل فرقة من هذه الفرق الضالة المخالفة لما كان عليه السلف الصالح، بحسب واقعها …
#إشكال في الحديث والجواب عنه:
-والحديث لا يدل على أَن هذه الأُمة أَشر من غيرها من الأُمم، بل فيه بيان أَن ما يوجد من الافتراق في تلك الأمم يوجد في هذه الأُمة مثله في الافتراق وأكثر.
#ما اختص به حديث الافتراق عن بقية النصوص التي ذكرت الإفتراق:
قال باحث:
أما قوله: (على ثلاثٍ وسبعين فرقة) فهذا التحديد للعدد هو الذي اختص به هذا الحديث، وهو علم كلي أي: أنه لا يستطيع أحدٌ لا من السلف ولا من الخلف أن يحدد هذه الفرق الثلاث والسبعين، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: “إنه لم يكن من طريقة السلف الجزم بتعيين هذه الفرق، وإن عينوا أصولها كقولهم: أصول البدع أربع: المرجئة، والقدرية، والجهمية، والشيعة، أو ما إلى ذلك من جمل السلف” (شرح حديث الافتراق) معاصر
تنبيه: الباحث اختصر كلام ابن تيمية
قال ابن تيمية:
وأمّا تَعْيِينُ هَذِهِ الفِرَقِ فَقَدْ صَنَّفَ النّاسُ فِيهِمْ مُصَنَّفاتٍ وذَكَرُوهُمْ فِي كُتُبِ المَقالاتِ؛ لَكِنَّ الجَزْمَ بِأنَّ هَذِهِ الفِرْقَةَ المَوْصُوفَةَ … هِيَ إحْدى الثِّنْتَيْنِ والسَّبْعِينَ لا بُدَّ لَهُ مِن دَلِيلٍ فَإنَّ اللَّهَ حَرَّمَ القَوْلَ بِلا عِلْمٍ عُمُومًا؛ وحَرَّمَ القَوْلَ عَلَيْهِ بِلا عِلْمٍ خُصُوصًا …….. (3) – (346)
وأمّا تَعْيِينُ الفِرَقِ الهالِكَةِ فَأقْدَمُ مَن بَلَغَنا أنَّهُ تَكَلَّمَ فِي تَضْلِيلِهِمْ يُوسُفُ بْنُ أسْباطٍ ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المُبارَكِ وهُما – إمامانِ جَلِيلانِ مِن أجِلّاءِ أئِمَّةِ المُسْلِمِينَ قالا: أُصُولُ البِدَعِ أرْبَعَةٌ: الرَّوافِضُ والخَوارِجُ والقَدَرِيَّةُ والمُرْجِئَةُ. فَقِيلَ لِابْنِ المُبارَكِ: والجَهْمِيَّة؟ فَأجابَ: بِأنَّ أُولَئِكَ لَيْسُوا مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ. (3) – (350) مجموع الفتاوى
#فقه الحديث:
قال الشيخ الفوزان: الموجود الآن من فروع الفرق وتشعبها كثير، ولكن ثلاث وسبعين فرقة هذه أصولها، والناجية هم الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى وهم على ذلك».
أما من يتقربون إلى أضرحتهم وقبورهم إذا كانوا أمواتًا بأنواع القربات، يرجون منهم المدد والشفاعة وإن كانوا أحياءً فإنهم ينقادون لأوامرهم المخالفة للسنة هذا كثير في الطرق الصوفية اليوم. انتهي باختصار
-قالت اللجنة الدائمة:
وصفها بأنها هي التي تسير في عقيدتها وقولها وعملها وأخلاقها على ما كان عليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم، فتنهج نهج الكتاب والسنة في كل ما تأتي وما تذر، وتلزم طريق جماعة المسلمين وهم الصحابة رضي الله عنهم حيث لم يكن لهم متبوع إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فكل من اتبع الكتاب والسنة قولية أو عملية وما أجمعت عليه الأمة ولم تستهوه الظنون الكاذبة ولا الأهواء المضلة والتأويلات الباطلة التي تأباها اللغة العربية – التي هي لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها نزل القرآن الكريم – وتردها أصول الشريعة الإسلامية، كل من كان كذلك فهو من الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة.
ثالثا: أما من اتخذ إلهه هواه وعارض الكتاب والسنة الصحيحة برأيه أو رأي إمامه وقول متبوعه حمية له وعصبية، أو تأول نصوص الكتاب والسنة بما تأباه اللغة العربية وترده أصول الشريعة الإسلامية فشذ بذلك عن الجماعة فهو من الفرق الثنتين والسبعين التي ذكر الرسول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم بأنها جميعها في النار، إذاً فأمارة هذه الفرق التي بها تعرف: مفارقة الكتاب والسنة والإجماع بلا تأويل يتفق مع لغة القرآن وأصول الشريعة ويعذر به صاحبه فيما أخطأ فيه.
خامسا: والحكومة السعودية تسمح لطوائف المسلمين المختلفة بزيارة بيت الله الحرام دون التنقيب عما خفي من عقائدهم عملا بالظاهر دون التنقيب عما في البواطن، والله يتولى السرائر، فإذا وضح لها كفر شخص أو طائفة معينة كالقاديانية مثلاً، وثبت ذلك لدى العلماء المحققين من الدول الإسلامية فلا يسعها إلا أن تمنع من ثبت كفره وردته من أداء الحج والعمرة حماية لبيت الله الحرام.
#أول فرقة وبدأ التفرق:
وأول من فارق الجماعة في عهد الصحابة رضي الله عنهم الخوارج قاتلهم علي رضي الله عنه بالنهروان والقدرية في أيام ابن عمر وابن عباس، وأكثر الصحابة موجودون، ومن دعاتهم معبد الجهني، وغيلان القدري الذي قتله هشام بن عبد الملك، وكذلك الغلاة في علي الذين خدَّ لهم علي الأخاديد وحرقهم بالنار، ومنهم المختار بن أبي عبيد الذي قتله مصعب بن الزبير ادعى النبوة وتبعه خلق، ثم ظهر فتنة الجهيمة.
#تحديد صفة الفرقة الناجية:
قال باحث: تحديد الفرقة الناجية في هذا الحديث اختلفت فيه أقوال العلماء، فقد ذكر فيها الإمام الشاطبي في كتاب الاعتصام خمسة أقوال، عزاها إلى قائليها، إلا قولاً واحداً لم يعزُه، وهي:
1 – السواد الأعظم: قال: فعلى هذا القول يدخل في الجماعة مجتهدو الأمة، وعلماؤها، وأهل الشريعة العاملون بها، ومن سواهم داخلون في حكمهم، لأنهم تابعون لهم ومقتدون بهم.
2 – أئمة العلماء المجتهدين: والمقصود بهم العلماء الأعلام من أئمة الهدى المتبعين للكتاب والسنة، قال الشاطبي: (فمن خرج على علماء الأمة مات ميتة جاهلية)
3 – الصحابة على الخصوص: قال الشاطبي: (فعلى هذا القول فلفظ الجماعة مطابق للرواية الأخرى، في قوله عليه الصلاة والسلام: “ما أنا عليه وأصحابي” فكأنه راجع إلى ما قالوه، وما سنوه، واجتهدوا فيه حجة على الإطلاق.)
4 – جماعة أهل الإسلام
وهذا القول مشكل جداً لأن أهل الإسلام أنفسهم ينقسمون إلى فرق، والمقصود تحديد الفرقة الناجية.
ولذلك لم يذكره ابن حجر عن الطبري، وذكر الأقوال الأربعة الأخرى، فإسقاط هذا القول أولى، لاسيما وأن الشاطبي لم يذكر قائله.
5 – أنها جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير وجب على بقية الأمة لزومه.
فالمقصود بالجماعة الناجية أمران:
الأول: جماعة العقيدة والمنهج، وذلك بأن يلتزم المسلم ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته
الثاني: الجماعة -بالمعنى الخاص- وذلك بلزوم جماعة المسلمين التي لها إمام موافق للشرع.
وقد نحا الإمام الخطابي منحى آخر قريباً من هذا في كتاب العزلة فقال: الفُرقة فرقتان: فرقة الآراء والأديان، وفرقة الأشخاص والأبدان، والجماعة جماعتان، جماعة هي الأئمة والأمراء، وجماعة هي العامة والدهماء. ا. هـ
#هل كل فرقة مذمومة:
ذكر المباركفوري في شرحه على سنن الترمذي ضابط الداخلين في هذه الفرق، والخارجين منها، فقال: (قال العلقمي: قال: شيخنا: ألف الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي، في شرح هذا الحديث كتاباً قال فيه: قد علم أصحاب المقالات أنه صلى الله عليه وسلم لم يُرد بالفرق المذمومة المختلفين في فروع الفقه، من أبواب الحلال والحرام، وإنما قصد بالذم من خالف أهل الحق في أصول التوحيد، وفي تقدير الخير والشر، وفي شروط النبوة والرسالة، وفي موالاة الصحابة، وما جرى مجرى هذه الأبواب، لأن المختلفين فيها قد كفر بعضهم بعضاً، بخلاف النوع الأول، فإنهم اختلفوا فيه من غير تكفير ولا تقسيم للمخالف فيه، فيرجع تأويل الحديث في افتراق الأمة إلى هذا النوع من الخلاف.
انظر تحفة الأحوذي.
والله أعلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ” والنزاع فى الأحكام قد يكون رحمة إذا لم يفض الى شر عظيم من خفاء الحكم و لهذا صنف رجل كتابا سماه (كتاب الاختلاف) فقال أحمد سمه (كتاب السعة)
و ان الحق في نفس الأمر واحد
و قد يكون من رحمة الله ببعض الناس خفاؤه
لما في ظهوره من الشدة عليه و يكون من باب قوله تعالى {لا تسألوا عن أشياء إن نبد لكم تسؤكم}
و هكذا ما يوجد فى الأسواق من الطعام و الثياب قد يكون فى نفس الأمر مغصوبا فإذا لم يعلم الإنسان بذلك كان كله له حلالا لا إثم عليه فيه بحال بخلاف ما إذا علم
فخفاء العلم بما يوجب الشدة قد يكون رحمة كما أن خفاء العلم بما يوجب الرخصة قد يكون عقوبة كما أن رفع الشك قد يكون رحمة و قد يكون عقوبة “!! مجموع الفتاوى، الجزء 14، صفحة 159
في المدخل للبيهقي عن القاسم بن محمد عن قوله: اختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رحمة لعباد الله،
وفيه أيضا عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقول: ما سرني لو أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا، لأنهم لو لم يختلفوا، لم تكن رخصة،
وفيه أيضا عن يحيى بن سعيد أنه قال: أهل العلم أهل توسعة، وما برح المفتون يختلفون، فيحلل هذا ويحرم هذا، فلا يعيب هذا على هذا،
قال عبدالله الفارسي: هذا في الأمور الإجتهادية التي يسوغ فيها الإجتهاد وليست في الأمور التي وضح فيها النص صحة ودلالة!!! انتهى من بحث لبعض الأخوة
تنبيه: وليس في الحديث تعزيز للفرقة .. بل فيه إخبار من الرسول صلى الله عليه وسلم بما سيحصل من الافتراق وليس من ذلك الخلاف بين أهل المذاهب الفقهية كالخلاف بين أهل المذاهب الأربعة.
والله أعلم.
تنبيه آخر: هذا الحديث قريب من حديث العرباض بن سارية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أوصيكم بالسمع والطاعة فانه من يعش منكم بعدى، فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من يعدى، ” الى غير ذلك من الآيات والأحاديث.
تنبيه ثالث: نقل الشيخ عبدالرزاق عفيفي: عن الشهرستاني بعد أن بين أصولاً من خالفها عدَّ فرقة قال:
كبار الفرق الإسلامية أربع هي:
القدرية – الصفاتية – الخوارج – الشيعة
ثم يتركب بعضها مع بعض، ويتشعب عن كل فرقة أصناف، فتصل الى ثلاث وسبعين فرقة
#لفظ باطل:
-قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الحديث الذي في كتب السنن والمساند عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه أنه قال: “ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار”. وروي عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: “هي الجماعة”. وفي حديث آخر: “هي من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي”. وضعفه ابن حزم. لكن رواه الحاكم في “صحيحه”، وقد رواه أبو داود، والترمذي، وغيرهم. قال: وأيضا لفظ (الزندقة) لا يوجد في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، كما لا يوجد في القرآن، وأما الزنديق الذي تكلم الفقهاء في توبته -قبولا وردا- فالمراد به عندهم: المنافق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر. انتهى
قلت: وقد ذكر الحديثَ الحافظُ ابنُ الجوزي في الموضوعات”، وذكر أنه روي من حديث أنس، ولفظه: “تفترق أمتي على سبعين -أو إحدى وسبعين- فرقة، كلهم في الجنة إلا فرقة واحدة”. قالوا: يا رسول اللَّه من هم؟ قال: “الزنادقة، وهم القدرية”. أخرجه العقيلي، وابن عدي، ورواه الطبراني أيضا. قال أنس: كنا نُراهم القدرية.
أما بالنسبة للجماعات الإسلامية: فالمعيار الذي تقاس عليه هو اتباعها لمنهج السلف الصالح في الأصول والعقائد؛ يقول الشاطبي – رحمه الله – في الاعتصام: “وذلك أن هذه الفرق إنما تصير فرقا بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين وقاعدة من قواعد الشريعة، لا في جزء من الجزئيات؛ إذ الجزء والفرع الشاذ لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعا، وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية”، ثم قال: “ومجرى القاعدة الكلية: كثرة الجزئيات؛ فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة، عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة”.
-يدخل في التحزب من يتخذ الانتساب للجماعة ذريعة إلى التحزب والتعصب للأسماء والشعارات، أو رفض الحق وإنكاره حين يأتي من خارج جماعته، أو امتحان الناس بهذه الأسماء، أو عقد الولاء والبراء عليها.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في “مجموع الفتاوى”: “بل الأسماء التي يسوغ التسمي بها؛ مثل انتساب الناس إلى إمام؛ كالحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، … فلا يجوز لأحدٍ أن يمتحن الناس بها، ولا يوالي بهذه الأسماء، ولا يعادي عليها، بل أكرم الخلق عند الله أتقاهم من أي طائفةٍ كان، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:103]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام:159]؛
-ذكر ابن عثيمين: الأصول التي كان أهل السنة وسطًا فيها بين فرق الأمة
هي خمسة:
الأول: أسماء الله وصفاته. أهل السنة وسط فيها بين أهل التعطيل وأهل التمثيل.
الثاني: القضاء والقدر الذي عبر عنه المؤلف بأفعال الله فأهل السنة وسط فيه بين الجبرية والقدرية.
الثالث: الوعيد بالعذاب فأهل السنة وسط فيه بين الوعيدية وبين المرجئة.
الرابع: أسماء الإيمان والدين: فأهل السنة وسط فيه بين المرجئة من جهة وبين المعتزلة والحرورية.
الخامس: أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأهل السنة وسط. انتهى باختصار
قال ابن تيمية في وصف أهل الحديث: وما تنازع فيه الناس من مسائل الصفات والقدر والوعيد والأسماء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك يردونه إلى الله ورسوله ويفسرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل التفرق والاختلاف فما كان من معانيها موافقا للكتاب والسنة أثبتوه وما كان منها مخالفا للكتاب والسنة أبطلوه ولا يتبعون الظن وما تهوى الأنفس فإن إتباع الظن جهل وإتباع هوى النفس بغير هدى من الله ظلم وجماع الشر الجهل والظلم” (مجموع الفتاوى 3/ 347).
#بعض الفرق المعاصرة وأغلبها إن لم نقل كلها عندها بيعات مبتدعة:
قال الفوزان:
البيعة لا تكون إلا لولي أمر المسلمين، وهذه البيعات المتعددة مبتدعة.
-قال عبد المحسن العباد-حفظه الله-
لما سئل عن جماعتي التبليغ والإخوان المسلمين قال -حفظه الله-:
قال: هذه الفرق المختلفة الجديدة؛ أخطاؤها كبيرة وعظيمة، فيحذر منها ويحرص على اتباع الجماعة الذين هم أهل السنة والجماعة، والذين هم على منهج سلف الأمة، … ومن أوضح ما في ذلك أن الولاء والبراء عندهم إنما يكون لمن دخل معهم ومن كان معهم.
فمثلاً جماعة الإخوان من دخل معهم فهو صاحبهم يوالونه، حتى الرافضي الذي هو يبغض الصحابة ولا يأخذ بالحق الذي جاء عن الصحابة إذا دخل معهم في جماعتهم فهو صاحبهم ويعتبر واحداً
كيف التعامل مع المعاندين من أهل البدع:
-قال نافع بينما نحن عند عبدالله بن بن عمر جاءه إنسان فقال: إن فلانًا يقرأ عليك السلام لرجل من أهل الشام، فقال ابن عمر أنه قد بلغني أنه قد أحدث حدثًا فإن كان كذلك فلا تقرأ عليه مني السلام “شرح أصول اعتقاد أهل السنة” (3/ 701).
قال أبومحمد البغوي في “شرح السنة” (1/ 244): وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراق هذه الأمة وظهور الأهواء والبدع وحكم النجاة لمن اتبع سنته وسنة أصحابه رضي الله عنهم فعلى المرء المسلم إذا رأى رجلاً يتعاطى شيئًا من الأهواء والبدع معتقدًا أو يتهاون بشيء من السنن أن يهجره ويتبرأ منه ويتركه حيًا وميتًا فلا يسلم عليه ولا يجيبه إذا ابتدأ إلى أن يترك بدعته ويراجع الحق. اهـ
#من هي الفرقة الناجية:
أجابت اللجنة الدائمة في جواب لها:
السلفية نسبة إلى السلف، السلف هم صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وأئمة الهدى من أهل القرون الثلاثة الأولى رضي الله عنهم الذي شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخير في قوله: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته». رواه الإمام أحمد في مسنده والبخاري ومسلم.
-تنبيه: ولي أمر المسلمين إذا جعل جماعة لخدمة علم الحديث، … ، وأخرى للإنتاج صناعة وزراعة وتجارة … الخ. فهذا من ضرورات الحياة.
وألفت مؤلفات في خصائص أهل الحديث:
– فأهل الحديث: هم أخص الناس به صلى الله عليه وسلم وأكثرهم تمسكاً بهديه. “أحقّ الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية أهل الحديث والسنة الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ” (مجموع الفتاوى 3/ 347). قال الإمام أحمد: عن الطائفة المنصورة: “إن لم يكن هم أصحاب الحديث فما أدري من هم! ”
قال شيخ الإسلام (رحمه الله): “ونحن لا نعني بأهل الحديث المقتصرين على سماعه، أو كتابته أو روايته، بل نعني بهم: كل من كان أحق بحفظه ومعرفته وفهمه ظاهراً وباطناً، واتباعه باطناً وظاهراً” (مجموع الفتاوى4/ 95). و “أهل الحديث هم السلف من القرون الثلاثة ومن سلك سبيلهم من الخلف” (مجموع الفتاوى6/ 355).
– وأهل الحديث هم أهل السنة والجماعة فالحديث هو السنة والجماعة هي الحق ومن كان متبعاً للحديث فهو على الحق.
– وأهل الحديث فيهم العالم والفقيه والخطيب والداعية الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، جعلهم الله: “أركان الشريعة، وهدم بهم كل بدعة شنيعة، فهم أمناء الله في خليقته، والواسطة بين النبي وأمته، … ” (شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي ص4).
– تنبيه: قال العلامة المجاهد ابن كثير: [البداية والنهاية باب افتراق الأمم ج 10 ص24]: ” و قد ادعى كل قوم في إمامهم أنه المراد بهذا الحديث، والظاهر والله أعلم أنه يعم حملة العلم العاملين به من كل طائفة، ممن عمله مأخوذ عن الشارع أو ممن هو موافق من كل طائفة، و كل صنف من أصناف العلماء، من مفسرين ومحدثين وقراء وفقهاء ونحاة ولغويين إلى غير ذلك من أصناف العلوم النافعة والله أعلم”
– ومما يميز أهل الحديث عن غيرهم ثباتهم على مبادئهم عند المحن والفتن (مجموع الفتاوى 4/ 51).
– وهم أكثر الناس حباً للاتفاق وأكثرهم بغضاً للافتراق (مجموع الفتاوى 4/ 50 – 51).
– وأهل الحديث يتميزون بوحدة منهجهم واتفاق كلمتهم وقلة اختلافهم “ومما يدل على أن أهل الحديث هم على الحق: أنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم، قديمهم وحديثهم، … وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة ” (الانتصار لأصحاب الحديث للسمعاني ص45).
وشيخ الإسلام ابن تيمية حين ذكر في أول العقيدة الواسطية ما يفيد هذا حيث قال: أما بعد فهذا اعتقاد الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة إلى يوم القيامة، فقوله: إلى قيام الساعة تنبيه للأمة في زمنه، وهو تنبيه لنا في هذه الأيام مقتضاه أن الحق واحد باق، لا يتغير ولا يتبدل.
– وأهل الحديث ليسوا بمعصومين، فقد يقعوا في المعاصي والآثام، (درء تعارض العقل والنقل 7/ 462)، (الاستقامة1/ 150).
-هل يجوز الإنتساب للسلفية:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
((لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا)). الفتاوى 4/ 149
– قال الإمام الذهبي رحمه الله.
قال: “. . . فالسَّلَفي مستفاد مع السَّلفي ـ بفتحتين ـ وهو من كان على مذهب السلف ” السير (21/ 6) (عند ترجمته لأبي طاهر السِّلفي)
– قال الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز – رحمه الله-
سئل- رحمه الله -: ما تقول فيمن تسمى بالسلفي والأثري، هل هي تزكية؟
فأجاب سماحته: (إذا كان صادقاً أنه أثري أو أنه سلفي لا بأس، مثل ما كان السلف يقول: فلان سلفي، فلان أثري، تزكية لا بد منها، تزكية واجبة).
وسئل أيضا عن الفرقة الناجية فقال: (هم السلفيون وكل من مشى على طريقة السلف الصالح)
– الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى ” فأهل السنة والجماعة هم السلف معتقداً حتى المتأخر إلى يوم القيامة إذا كان على طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنه سلفي “.
شرح العقيدة الواسطية (1/ 45) (التحفة المهدية ص 26).
– وفي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
السلف هم أهل السنة والجماعة المتبعون لمحمد صلى الله عليه وسلم من الصحابة رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم إلى يوم القيامة، ولما سئل صلى الله عن الفرقة الناجية قال: “هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي. . . .”.
-وانظر كتاب وهو من الرسائل الجامعيه اسم الكتاب: اسس منهج السلف في الدعوة الى الله إعداد فواز السحيمي
الإمام الذهبي وصَف جمعاً من علماء السنة بالسَّلفي لسلامة معتقدهم.
1 – قال الإمام الحافظ الذهبي رحمه الله (13/ 183) في ترجمة يعقوب الفسَوي: (وما علمت يعقوبَ الفسوي إلا سلفيًّا).
2 – قال في ترجمة الدارقطني (16/ 457): (وصح عن الدارقطني أنه قال: “لم يدخلِ الرجلُ أبداً في علم الكلامِ ولا الجدالِ ولا خاضَ في ذلك بل كان سلفيًّا).
3 – قال في ترجمةِ ابن هُبيرة (20/ 426): (وكان يَعرف المذهبَ والعربيةَ والعَروضَ سلفيًّا أثريًّا).
4 – وقال في ابن المجد الحنبليِّ (23/ 118): (وكان ثقةً ثبتاً ذكيًّا سلفيًّا تقيًّا)
-وهذا الحديث علامة من علامات النبوة، حيث أخبر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر غيبي.
وقد شرح شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الحديث في مجموع الفتاوى (3\ 345 – 358)
وأفادني سيف بن غدير بأن هناك بحث لمعاصر لم أقف عليه عنوانه (المباحث العقدية في حديث افتراق الأمة)
تتمه: بعد أن كتبت الأسطر السابقة أرسل لي حمد الكعبي بعض الفوائد من رسالة بعنوان:
المباحث العقدية في حديث افتراق الأمم
أحمد سردار محمد
وقد يكون هناك بعض التكرار لبعض الفوائد، لكن لا بأس؛ لأنها مختصرة ومرتبة، قال الباحث:
الخاتمة:
زبدة البحث وخلاصته وأبرز نتائج مادته:
1 – أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراق اليهود والنصارى وهذه الأمة إلى عدد معين من الفرق، وقد عُرف ذلك عند أهل العلم بـ (حديث الافتراق) و (حديث افتراق الأمة) و (حديث افتراق الأمم).
2 – روى حديث الافتراق عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة عشر صحابياً، وهو حديث صحيح بلا ريب، وقد تتابع أهل العلم – عبر عصور الأمة الإسلامية وتاريخها – على الاعتماد عليه والاحتجاج به.
3 – حديث الافتراق معجزة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم العلمية:
* حيث أخبر عن أمور ماضية (تفرُّق اليهود والنصارى) دون أن يكون له في ذلك سابق علم أو قراءة أو اطلاع.
* وأخبر عن أمر مستقبل (تفرُّق أمته، ووجود فِرقة ناجية منصورة إلى قيام الساعة)، فوقع الأمر كما أخبر به.
4 – لقي هذا الحديث من علماء المسلمين في مختلف العلوم والفنون – ولاسيما المصنفين في الفرق والاعتقاد – اهتماماً كبيراً وعناية فائقة.
5 – تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة على النهي عن الافتراق وأسبابه، والتحذير منه ومن عواقبه.
6 – الافتراق المحرم أربعة أنواع:
الأول: مفارقة دين الإسلام – الذي أوجب الله على جميع البشر اتباعه، ولا يقبل من أحد سواه -؛ وذلك بعدم الدخول فيه أصلاً، أو تركه إلى أديان الكفر وملل الباطل.
الثاني: تفريق الدين؛ وذلك بالإيمان ببعضه والكفر ببعضه الآخر، أو العمل ببعضه وترك العمل ببعضه الآخر.
الثالث: مفارقة الحق الذي جاء به الأنبياء، والتزم به جماعة أتباعهم.
الرابع: التفرق في صفوف المؤمنين أهل الإسلام إلى شِيَع وأحزاب وطوائف.
7 – المراد من الافتراق في الحديث: هو الخروج عن السنة والجماعة في أصل أو أكثر من أصول الدين الاعتقادية منها أو العملية، أو المتعلقة بالمصالح العظمى للأمة.
وأهل الافتراق: هم الفرق المفترقة عن طريق السنة والجماعة، المفارِقة لأئمة المسلمين وجماعتهم، السالكة لغير سبيل السنة وأهلها، المباينة لنهج السلف الصالح.
8 – بين الافتراق والابتداع تلازم، فالافتراق لا يكون إلا بابتداع؛ ما لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والابتداع مفارقة لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وبين أهل الافتراق (الفرق الاثنتين والسبعين) وأهل الابتداع عموم وخصوص مطلق؛ فكل من كان من أهل الافتراق فهو من أهل الابتداع، وليس كل من كان من أهل الافتراق فهو من أهل الابتداع، وليس كل من كان من أهل الابتداع يكون من أهل الافتراق.
9 – الاختلاف في مسائل الاجتهاد ليس مذموماً، وأهله ليسوا من أهل الافتراق؛ إلا إذا اقترن به الهوى وأدى إلى الافتراق.
10 – للافتراق آثار وخيمة، وعواقب سيئة عظيمة على الفرد والمجتمع، في الحال والمستقبل والمآل.
11 – دلت أدلة الكتاب والسنة على أن الافتراق حتم مقدَّر على بني آدم منذ وقوع الشرك في بني آدم حتى قيام الساعة، ويدخل في ذلك – كما هو ظاهر – هذه الأمة المحمدية، لكن هذا الافتراق أراده الله كوناً وقدراً، لا ديناً وشرعاً، فالافتراق – وإن قدَّره الله – فلابد أن يقع؛ وهو أمر حرمه الله ونهى عنه، وحذر منه وذم أهله.
12 – أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن افتراق اليهود كان على إحدى وسبعين فرقة، وأن افتراق النصارى كان على اثنتين وسبعين فرقة، وأن افتراق هذه الأمة سيكون على ثلاث وسبعين فرقة، وهذا العدد المذكور في الحديث للتحديد.
13 – اليهود والنصارى كان فيهم فرقة ناجية، كما أن هذه الأمة فيها فرقة ناجية.
14 – المعنى بـ (الأمة) في حديث الافتراق هو أمة الإجابة، على ذلك اتفق علماء الإسلام وأئمته.
15 – الأصل أن الافتراق في هذه الأمة المحمدية شامل لجميع عصورها، لكن دلت الأدلة على أنه يستثنى من ذلك زمانان:
الأول: زمن حياته صلى الله عليه وسلم.
الثاني: زمن نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان – بعد انتصار المسلمين على الدجال، وهلاك يأجوج ومأجوج، وعدم بقاء دين إلا الإسلام – حتى وفاة عيسى ووفاة جميع أهل الإسلام.
16 – أول افتراق في الأمة المحمدية وقع في آخر عصر الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم بخروج فرقة الخوارج عن جماعة المسلمين في خلافة علي رضي الله عنه.
17 – للحكم على طائفة ما بأنها من الفرق الاثنتين والسبعين لابد من مراعاة ضوابط معينة، وهذا في غير ما نص عليه أئمة أهل السنة والجماعة من أنه من الفرق الاثنتين والسبعين، فإن ما نصوا على أنه من الفرق الاثنتين والسبعين يسلم لهم فيه؛ فهم شهداء الله في الأرض.
18 – الموقف الصحيح من حكم النبي صلى الله عليه وسلم على الفرق الاثنتين والسبعين بأنها في النار يتمثل في أمرين:
الأول: أن الفرق الاثنتين والسبعين – في الجملة – لا يزالون من أهل الإسلام، ولم يخرجوا منه إلى الكفر:
* فمن كان مندسّاً فيهم من أهل النفاق والزندقة أو أخرجته بدعته إلى الكفر فهؤلاء – في الحقيقة – ليسوا من الثنتين والسبعين فرقة إلا ظاهراً؛ لأنهم ليسوا من الأمة المحمدية.
* ومن كان من أهل البدع ولم تخرجه بدعته إلى الكفر: فيعامل بما يعامل به مبتدعة المسلمين.
الثاني: أن هذا النص لا يقتضي الحكم على تلك الفرق جميعاً بالخلود في النار، وإنما يتعامل معه كما يتعامل مع غيره من نصوص الوعيد:
* فلا تجوز الشهادة على معين من الفرق أو المنتسبين إليها – فضلاً عن الفرق الثنتين والسبعين كلها – بالنار.
* وأهل تلك الفرق – في الآخرة – تحت مشيئة الله؛ فمن شاء عفا عنه وأدخله الجنة، ومن شاء عذبه وأدخله النار ثم أخرجه منها إلى الجنة.
19 – الموقف الصحيح إزاء الافتراق هو:
أولاً: الإيمان الجازم بأن ما دلت عليه الأدلة من وقوع الافتراق كائن لا محالة؛ مع اشتمال ذلك الإيمان على ثلاثة أمور:
أ- الرضا بالافتراق من حيث هو فعل لله سبحانه؛ فإن الله يفعل في ملكه ما يشاء، وهو اللطيف الخبير، العليم الحكيم.
ب- عدم الرضى به من حيث هو فعل للعبد، بل يجب النهي عنه، والاجتهاد في دفعه.
ج- عدم الاغتمام بكثرة أهل الضلال وقلة السالكين طريق الحق، والوحشة وضيق الصدر من ذلك، وربما ممالأة أهل الباطل ومداهنتهم؛ بل يجب الثبات على الحق، وتوطين النفس على الصبر والتوكل، وحمد الله على سلوك الصراط المستقيم.
ثانياً: الحرص على معرفة منهج الفرقة الناجية، والتمسك به.
ثالثاً: مفارقة المذاهب الباطلة والمناهج المخترعة والفرق المبتدعة، والحذر الشديد من مخالطتها وتكثير سوادها والتأثر فأفكارها وبِدَعها، والتحذير منها بذكر بدعها وأوصافها؛ بل بذكر أعيانها – إن اقتضى الأمر -، وهذا – في حقيقته – دعوة إلى الاجتماع لا إلى الفرقة؛ لأنه عودة بالناس إلى الجماعة الأولى التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
رابعاً: بذل الجهد واستفراغ الوسع في دعوة الناس إلى نبذ الفرقة والاختلاف، وإلى الاجتماع والائتلاف؛ على أن يكون ذلك وفق ما بيَّنه الله ورسوله من القواعد والضوابط؛ فليس كل اجتماع يكون محموداً أو مطلوباً، وليس كل افتراق يكون مذموماً أو مكروهاً.
20 – دل قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الافتراق: (إلا واحدة) على أن الحق واحد لا يتعدد.
21 – القول الراجح في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (الجماعة) ما يشمل أمرين:
أ- جماعة العقيدة والمنهج؛ بأن يمتثل المسلم ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وأئمة الهدى في الدين والمعتقد.
ب- جماعة المسلمين التي لها إمام شرعي، فيجب لزومها، وعدم الخروج عليها.
فإذا اجتمع الأمران فذلك من أعظم النعم، وإن لم يتحقق الأمر الثاني في بعض الأزمنة أو الأمكنة فيجب لزوم الجماعة بالمعنى الأول.
22 – ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم من الإيمان والعقيدة والقول والعمل والفهم لكتاب الله وسنة رسوله؛ فهو حجة على من بعدهم، يجب عليهم الاقتداء به، ويحرم عليهم مخالفته والخروج عنه، دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع والعقل.
23 – ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته هو الميزان الذي يوزن به الأفراد والجماعات، والفرق والطوائف، والأفكار والعقائد، والأقوال والأعمال – مما له تعلق بالدين -؛ فمن كان متبعاً لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو الذي رجح به الميزان، ومن كان على خلاف ذلك نقص ميزانه بقدر مخالفته.
24 – للفرقة الواحدة أسماء ثابتة محمودة، لا يسوغ لأحد إنكارها أو محاولة الطعن فيها، لا من حيث ثبوتها، ولا من حيث حقيقتها، وهي: الجماعة، الفرقة الناجية، الطائفة المنصورة، أهل السنة – أو أهل السنة والجماعة -، أهل الحديث والأثر، السلفيون.
25 – وصف الفرقة الناجية – من هذه الأمة – بأنها (ناجية) وصف شرعي ثابت من منطوق كلام النبي صلى الله عليه وسلم ومفهومه ولازمه.
26 – الفرقة الناجية والطائفة المنصورة اسمان للفرقة الواحدة، لا فرق بينهما ولا اختلاف، ولا تباين ولا تغاير، ولا عموم ولا خصوص؛ بل يعبَّر بأحدهما عن الآخر، ويفسَّر أحدهما بما يفسر به الآخر، ويجمع بينهما للدلالة على مسمى واحد، على ذلك اتفق علماء الإسلام في جميع عصوره وقرونه، والقول بخلاف ذلك لا دليل عليه من نقل ولا أثر، ولا قول عالم معتبر، ولا لغة.
27 – أهل السنة والجماعة هم: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان.
28 – اتفق أئمة الإسلام، والعلماء الأعلام، على أن أهل الحديث والأثر هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة.
والمراد بـ (أهل الحديث والأثر): من كان أحق بحفظ الحديث (الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم) والأثر (الوارد عن القرون الثلاثة المفضلة) ومعرفتهما وفهمهما باطناً وظاهراً، واتباعهما باطناً وظاهراً.
29 – الانتساب إلى السلف الصالح – فيقال: السلفي – انتساب صحيح لغة ومعنى؛ بل هو محمود ومقبول عند أهل العلم.
ومن التزم بالسلفية (ما كان عليه السلف) ظاهراً وباطناً فهو من الفرقة الناجية والطائفة المنصورة.
30 – ما كان عليه الصحابة حجة على من بعدهم، يجب عليهم اتباعه والاقتداء به، وكذلك ما كان عليه أئمة الهدى في القرون الثلاثة الفاضلة، والخروج عن ذلك أو مخالفته هو من باب الإحداث والابتداع.
31 – ما كان عليه السلف في القرون الثلاثة الفاضلة فيه كمال العلم والحكمة والسلامة.
32 – يتميز منهج الفرقة الواحدة الناجية تجاه المُوافِق والمخالف بكمال العدل والإنصاف:
* فالولاء والبراء إنما يكونان وفق كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم على وفق ما فهمه الصحابة وتابعهم عليه أئمة الهدى.
* والمبتدع يختلف التعامل معه بحسب غلظ بدعته وخِفَّتها.
(9) / (12) / (2021) (11): (32) ص – سيف بن دورة الكعبي: وقالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ المُطَّلِبِ أيْضًا:
[البحر الوافر]
أرِقْتُ فَبِتُّ لَيْلِيَ كالسَّلِيبِ لِوَجْدٍ فِي الجَوانِحِ ذِي دَبِيبِ
فَشَيَّبَنِي وما شابَتْ لِداتِي فَأمْسى الرَّاسُ مِنِّي كالعَسِيبِ
لِفَقْدِ المُصْطَفى بِالنُّورِ حَقًّا رَسُولِ اللَّهِ ما لَكَ مِن ضَرِيبِ
كَرِيمِ الخِيمِ أرْوَعِ مَضْرَحِيٍّ طَوِيلِ الباعِ مُنْتَجَبٍ نَجِيبِ
ثَمالِ المُعْدَمِينِ وكُلِّ جارٍ، ومَاوى كُلِّ مُضْطَهَدٍ غَرِيبِ
فَإمّا تُمْسِ فِي جَدَثٍ مُقِيمًا فَقِدْمًا عِشْتَ ذا كَرَمٍ وطِيبِ
وكُنْتَ مُوَفَّقًا فِي كُلِّ أمْرٍ وفِيما نابَ مِن حَدَثِ الخُطُوبِ وقالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ المُطَّلِبِ:
عَيْنُ جُودِي بِدَمْعَةٍ تَسْكابِ لِلنَّبِيِّ المُطَهَّرِ الأوّابِ
وانْدُبِي المُصْطَفى فَعُمِّيَ وخُصِّي بِدُمُوعٍ غَزِيرَةِ الأسْرابِ
عَيْنِ مَن تَنْدُبِينَ بَعْدَ نَبِيٍّ خَصَّهُ اللَّهُ رَبُّنا بِالكِتابِ
فاتِحٍ خاتَمٍ رَحِيمٍ رَءُوفٍ صادِقِ القِيلِ طَيِّبِ الأثْوابِ
مُشْفِقٍ ناصِحٍ شَفِيقٍ عَلَيْنا رَحْمَةً مِن إلَهِنا الوَهّابِ
رَحْمَةُ اللَّهِ والسَّلامُ عَلَيْهِ وجَزاهُ المَلِيكُ حُسْنَ الثَّوابِ
الطبقات الكبرى ط دار صادر (2) / (329) — ابن سعد (ت (230)