7 – عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند:
شرح نورس الهاشمي
مسند أحمد
1143 عن عمر بن علي أن عليا كان يسير حتى إذا غربت الشمس وأظلم، نزل فصلى المغرب، ثم صلى العشاء على إثرها ثم يقول هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع.
رواه عبد الله بن أحمد قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن جده أن عليا فذكره
إسناده حسن
فيه عبد الله بن محمد قال ابن المديني وسط
محمد بن عمر بن علي لا تعرف حاله قاله ابن القطان في بيان الوهم والايهام 4/ 267
قال أبوصالح:
ملاحظة: ابن القطان يقصد أنه حسن الحديث وقد صرح بعد ذلك مباشرة بالتحسين
الجواب سيف: الحديث على شرط الذيل على الصحيح المسند
فقال الدارقطني؛ وذكر هذا الإسناد: كلهم ثقات (سؤالات البرقاني)
وهنا تنبيه: أخطأ بعض الباحثين فضعف هذا السند بأن رواية محمد بن عمر بن علي روايته عن جده مرسله فظن أنه يرويه عن علي بن أبي طالب؛ ولم ينتبه أنه يرويه عن أبيه أن عليا ‘ فظن أن إسم عن (جده) راجعه لعلي بن أبي طالب ‘ وليس كذلك
_-_-_-_-_-_-_-
الجمع بين الصلاتين في السفر
الحديث يدل على جواز الجمع بين الصلاتين جمع تقديم في السفر اذا جد به السير، وكذلك يجوز أن يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء جمع تأخير.
جاء عن أنس قال: كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل …
و جاء ايضا فيما رواه أبو داود عن معاذ بن جبل: أن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان في غزوة تبوك، إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر، فيصلّيهما جميعًا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلّى الظهر والعصر جميعًا … الحديث.
قال العباد: أورد أبو داود حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك كان إذا زاغت الشمس -يعني: زالت الشمس- قبل أن يرتحل فإنه يصلى الظهر والعصر في أول وقت الظهر جمع تقديم، ثم يرتحل، وإذا كان جاداً به السير، وجاء وقت الظهر وهو سائر، فإنه يؤخر الظهر حتى يجيء وقت العصر، بحيث يكون مواصلاً للسير، فيؤخر الصلاة إلى وقت العصر فيجمع بين الظهر والعصر، يعني أنه يجمع جمع تقديم وجمع تأخير، وهنا فيه جمع التقديم وجمع التأخير؛ لأنه إن كان نازلاً قبل أن تزيغ الشمس، وجاء وقت الزوال فإنه يصلي الظهر والعصر ثم يرتحل، وإذا كان سائراً قبل الزوال قبل أن تزيغ الشمس استمر على سيره وأخر الظهر حتى جاء وقت العصر فنزل وصلاهما جميعاً. وكذلك المغرب والعشاء، فإذا كان نازلاً قبل غروب الشمس وغربت الشمس وهو نازل صلى المغرب والعشاء ومشى، وإن كان سائراً قبل المغرب وجاء وقت الغروب واصل السير حتى يدخل وقت العشاء، مثلما مر في حديث ابن عمر السابق أنه كان سائراً فجاء وقت المغرب وواصل حتى غاب الشفق ونزل وصلى، وحكى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. وحديث معاذ هذا يدل على الجمع بين الظهر والعصر تقديماً وتأخيراً، وكذلك بين المغرب والعشاء تقديماً وتأخيراً، وهذا في حال كونه سائراً.
قال الزرقاني على شرح الموطأ (1/ 418 – 419): وفي مسلم عن جابر أنه جمع بين الظهر والعصر بعرفة في وقت الظهر ولو لم يرد من فعله إلا هذا لكان أدل دليل على جواز جمع التقديم في السفر وإلى جواز الجمع في السفر وإن لم يجد به السير ذهب كثير من الصحابة والتابعين والثوري ومالك في رواية مشهورة والشافعي وأحمد وإسحاق وأشهب وقال الليث ومالك في المدونة يختص بمن جد به السير وقيل يختص بالسائر دون النازل وهو قول ابن حبيب وقيل بمن له عذر وقيل يجوز التأخير لا التقديم
وروي عن مالك وأحمد واختاره ابن حزم وقال قوم لا يجوز الجمع مطلقا إلا بعرفة ومزدلفة وهو قول الحسن والنخعي وأبي حنيفة وصاحبيه وقول النووي أنهما خالفاه رده عليه السروجي في شرح الهداية وهو أعرف بمذهبه وأجابوا عن الأحاديث بأنه جمع صوري وتقدم رده قال إمام الحرمين ثبت في الجمع أحاديث نصوص لا يتطرق إليها تأويل ودليله من حيث المعنى الاستنباط من الجمع بعرفة ومزدلفة فإن سببه احتياج الحاج إليه لاشتغالهم بمناسكهم وهذا المعنى موجود في كل الأسفار ولم تتقيد الرخص كالقصر والفطر بالنسك إلى أن قال ولا يخفى على منصف أن الجمع أرفق من القصر فإن القائم إلى الصلاة لا يشق عليه ركعتان يضمهما إلى ركعتيه ورفق الجمع بمن جد به السير
(مالك أنه بلغه عن علي) زين العابدين (بن حسين) بن علي بن أبي طالب (أنه كان يقول كان رسول الله إذا أراد أن يسير يومه جمع بين الظهر والعصر) جمع تقديم إن سار بعد الزوال وتأخير إن سار قبله
(وإذا أراد أن يسير ليله جمع بين المغرب والعشاء) قال ابن عبد البر هذا حديث يتصل من رواية مالك من حديث معاذ بن جبل وابن عمر معناه وهو عند جماعة من أصحابه مسند. انتهى
وفي الحديث دليل لما ذهب إليه الشافعي وغيره من جواز الجمع الحقيقي تقديماً وتأخيراً. قال ابن حجر
رواه أبوداود والترمذي المكي: إنه حديث صحيح، وإنه جملة الأحاديث التي هي نص لا يحتمل تأويلاً في جواز جمعي التقديم والتأخير-انتهى. مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح
جواز الجمع اذا كان نازلا
واختلفوا في حكم جمع الصلاة للمقيم في بلد إقامة يقصر فيها الصلاة على قولين:
1 – فذهب الإمام مالك والقاضي من الحنابلة وابن القيم -وظاهر كلام ابن تيمية-: إلى أن الجمع لا يجوز إلا لمن جد به السير (المدونة 1/ 205, المبدع 2/ 125, الوابل الصيب ص 14, مجموع الفتاوى 20/ 360, 22/ 290) لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين المغرب والعشاء إذا جد به السير” (البخاري 1055, مسلم 703)
2 – وذهب الشافعية والحنابلة -وهو إحدى الروايات عن الإمام مالك- إلى أنه يباح الجمع في كل سفر يقصر فيه، سواء كان جاداً في سفره أم نازلاً بحيث لا تنقطع عنه أحكام السفر. (مغني المحتاج 1/ 529, كشاف القناع 2/ 5, البيان والتحصيل 18/ 110) لحديث حديث معاذ بن جبل «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء [فأخَّر الصلاة يومًا ثم خرج فصلَّى الظهر والعصر جميعًا، ثم دخل، ثم خرج فصلَّى المغرب والعشاء جميعًا]» أخرجه مسلم (706)
قال ابن قدامة: “وإن أحب أن يجمع بين الصلاتين في وقت الأولى منهما، جاز، نازلاً كان، أو سائرًا، أو مقيمًا في بلد إقامةً لا تمنع القصر. وهذا قول عطاء، وجمهور علماء المدينة، والشافعي، وإسحاق، وابن المنذر” (المغني 2/ 201)
قال ابن بطال: فجاء فى هذا الحديث ما يقطع الالتباس فى أن للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر إذا واغت الشمس، نازلا كان أو سائرا، جد به السير أو لم يجد، على خلاف ما تأوله أبو حنيفة، وهى حجة على من أجاز الجمع، وإن لم يجد به السير، وقد تقدم ذلك. شرح صحيح البخاري (3/ 100).
قال ابن مفلح- وهو يتكلم عن الجمع بين الصلاتين-: (لا فرق بين أن يكون نازلاً، أو سائراً في جمع التقديم، أو التأخير. وقال القاضي: لا يجوز إلا لسائر). المبدع 2/ 117، وانظر: كشاف القناع 2/ 3.
قال ابن قدامة: “في هذا الحديث أوضح الدلائل، وأقوى الحجج، في الرد على من قال: لا يجمع بين الصلاتين إلا إذا جدّ به السير؛ لأنه كان يجمع وهو نازل غير سائر، ماكث في خبائه، يخرج فيصلي الصلاتين جميعًا، ثم ينصرف إلى خبائه …. والأخذ بهذا الحديث متعين؛ لثبوته وكونه صريحًا في الحكم، ولا معارض له، ولأن الجمع رخصة من رخص السفر، فلم يختص بحالة السير، كالقصر والمسح، ولكن الأفضل التأخير، لأنه أخذ بالاحتياط، وخروج من خلاف القائلين بالجمع، وعمل بالأحاديث كلها” (المغني 2/ 202)
(ثم دخل) إلى رحله (ثم خرج) منه، قال في المنهل: مقتضاه أنه – صلى الله عليه وسلم – كان غير سائر، لأن الغالب استعمال الدخول إلى الخباء، أو المنزل، وكذا الخروج حال الإقامة، فمعنى قوله: “فكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء” أنه يجمع بينهما سائرًا. ومعنى قوله: “فأخر الصلاة يومًا” الخ: أنه جمع بينهما يومًا في حالة النزول، يدل على هذا لفظ “ثم دخل، ثم خرج”. قال ابن عبد البر: هذا أوضح دليل على رد قول من قال: لا يجمع إلا من جَدَّ به السير. اهـ. المنهل جـ 7 ص 60. منقول من شرح المجتبى (7/ 455).
قال العثيمين: والصحيح أن الجمع للمسافر جائز لكنه في حق السائر مستحب وفي حق النازل جائز غير مستحب إن جمع فلا بأس، وإن ترك فهو أفضل. شرح الممتع (4/ 390).
والراجح من أقوال أهل العلم هو القول الثاني لما دلت عليه الأدلة الصحيحة الصريحة، والله اعلم.
قلت سيف:
تنبيه: حديث عن أنس قال: كان رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل … انكره أبوداود، وراجع تفصيل الطرق تحقيق المسند 21/ 209
فكل ما ورد في جمع التقديم معل إلا الجمع في عرفة. وهو كافي للدلالة على جمع التقديم.
أما استدلال صاحبنا نورس بحديث علي بن ابي طالب على جمع التقديم قد لا يوافق عليه حيث حيث ورد بلفظ (وأظلم) المهم يكفي الجمع بعرفة للدلالة على جمع التقديم.