150 … لطائف التفسير والمعاني
جمع سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–
لطائف التفسير: بين القرآن خطر التمحل في الباطل والإصرار عليه أعظم بيان وذكر أن هؤلاء المنغمسين في الكفر والنفاق لا تنفع معهم حجة.
قال تعالى
(لايَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيم) سورة الجاثية
يسمع هذا الكافر آيات الله في القرآن تقرأ عليه، ثم يستمرّ على ما كان عليه من الكفر والمعاصي؛ متعاليًا في نفسه عن اتباع الحق، كأنه لم يسمع تلك الآيات المقروءة عليه، فأخبره – أيها الرسول – بما يسوؤه في آخرته، وهو عذاب موجع ينتظره فيها (المختصر في التفسير)
قال تعالى (لاوَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيم) سورة الواقعة
قال السعدي:
{وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ} أي: وكانوا يفعلون الذنوب الكبار ولا يتوبون منها، ولا يندمون عليها، بل يصرون على ما يسخط مولاهم، فقدموا عليه بأوزار كثيرة [غير مغفورة].
وقال تعالى (لاوَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا) سورة نوح
قال البقاعي:
مخالفة لا أقبح منها ظاهراً بتعطيل الأسماع والأبصار، وباطناً بالإصرار والاستكبار
زوجة لوط:
فزوجة لوط عليه الصلاة والسلام متمحلة في الباطل حيث استمرت على كفرها مع أنها بلغت من السن مبلغ فقد وصفت في القرآن أنها عجوز في عدة مواضع
قال تعالى
(كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ لا إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ لا إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينلا لا فَاتَّقُوالا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ لا وَمَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ لا أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ لا وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَ الاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ لا قَالُوالا لَىلان لَّمْ تَنتَهِ يَالُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ لا قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ لا رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ لا فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ لا إِلَّا عَجُوزلاا فِي الْغَابِرِينَ لا ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ لا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرلاا فَسَا ءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ لا إِنَّ فِي ذَ الالِكَ لَآيَةلا وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ لا وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
[سورة الشعراء 160 – 175]
وقال تعالى
(وَإِنَّ لُوطلاا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ لا إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ لا إِلَّا عَجُوزلاا فِي الْغَابِرِينَ لا ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ لا وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ لا وَبِالَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)
[سورة الصافات 133 – 138]
قال القرطبي:
وقال الزجاج: ” من الغابرين ” أي من الغائبين عن النجاة وقيل: لطول عمرها.
قال النحاس: وأبو عبيدة يذهب إلى أن المعنى من المعمرين ; أي إنها قد هرمت
وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} [آل عمران: 90]،
وقال ابن تيمية: (قال الأكثرون … لن تقبل توبتهم حين يحضرهم الموت … ، قلت: وذلك لأن التائب راجع عن الكفر، ومن لم يتب فإنه مستمر يزداد كفراً بعد كفر، فقوله ثم ازدادوا بمنْزلة قول القائل: ثم أصروا على الكفر، واستمروا على الكفر، وداموا على الكفر، فهم كفروا بعد إسلامهم، ثم زاد كفرهم ما نقص، فهؤلاء لا تقبل توبتهم، وهي التوبة عند حضور الموت؛ لأن من تاب قبل حضور الموت فقد تاب من قريب، ورجع عن كفره، فلم يزدد بل نقص، بخلاف المصر إلى حين المعاينة، فما بقي له زمان يقع لنقص كفره فضلاً عن هدمه) [((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (16/ 29)].
وفرعون: قال الله عزوجل فيه: (قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا)
قال البغوي:
قال ابن عباس: علمه فرعون ولكنه عاند قال الله تعالى: ” وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ” (النمل – 14).
وقال تعالى:
– {إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نارًا كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُودًا غَيْرَها … } الآية.
بعد أن عدد الله جرائم أهل الكتاب وأحوالهم المقتضية للتعجيب، وهددهم عليها بالسعير – أتبع ذلك بيان جزاءَ الكفار على وجه العموم: الشاملين لأهل الكتاب وغيرهم. فقال:
{إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا … }:
والمعنى: إنّ الَّذِينَ جحدوا آياتنا الدالَّةَ على ألوهيتنا، والمنزلة على أنبيائنا عليهم الصلاة والسلام، وفي مقدمتها القرآن الكريم: الذي هو آخر الكتب وأوفاها، وأوضحها دلالة.
{سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نارًا}:
أي سوف ندخلهم نارا هائلة يوم القيامة.
{كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ}:
أي كلما احترقت جلودهم، وتعطلت عن الإحساس بِالألم.
{بَدَّلْناهُمْ جُلُودًا غَيْرَها}:
أي جلودا جديدة أخرى؛ ليستمر عذابهم، ويدوم لهم بها، وذوقهم لها؛ لأنهم كانوا مصرين على الكفر، إلى ما لا يتناهى.
فحكم الله تعالى عليهم بالعذاب الشديد الذي لا يتناهى. {جَزاءً وِفاقًا} النبأ، الآية: (26).
وأكد الله هذا الوعيد بقوله:
{إنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزًا حَكِيمًا}:
أي هو – في ذاته – قوي: لا يعجزه شيء، ولا يستعصى عليه أمر، حكيم في أفعاله. ومن حكمته: تعذيب العاصي على قدر ذنبه.
التفسير الوسيط – مجمع البحوث (2) / (832)
وقال تعالى
وإلى مَدْيَنَ أخاهُمْ شُعَيْبًا قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِن إلهٍ غَيْرُهُ ولا تَنْقُصُوا المِكْيالَ والمِيزانَ إنِّي أراكُمْ بِخَيْرٍ وإنِّي أخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ((84)) ويا قَوْمِ أوْفُوا المِكْيالَ والمِيزانَ بِالقِسْطِ ولا تَبْخَسُوا النّاسَ أشْياءَهُمْ ولا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ ((85)) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وما أنا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ((86)) سورة هود
قال محيى الدين درويش:
البلاغة:
(1) – التكرار:
فقد وقع التكرار في هذه القصة من ثلاثة أوجه لأنه قال ولا تنقصوا المكيال والميزان وهذا عين الاول وليس فيه إلا التعبير تبخسوا الناس أشياءهم والفائدة فيه أن القول لما كانوا مصرين على ذلك العمل القبيح احتيج في المنع منه الى المبالغة في التأكيد، والتكرير يفيد شدة الاهتمام بالشيء وقد نهوا أولا عن القبيح الذي كانوا عليه من نقص المكيال والميزان ثم ورد الأمر بالإيفاء مصرحا بلفظه ليكون أهيج عليه وأدعى الى الترغيب فيه.
وقال تعالى:
ولَئِنْ أتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وما أنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ولَئِنِ اتَّبَعْتَ أهْواءَهُمْ مِن بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ العِلْمِ إنَّكَ إذًا لَمِنَ الظّالِمِينَ ((145))
قال بعض المفسرين:
وقالَ آخَرُونَ: بَلِ المُرادُ جَمِيعُ أهْلِ الكِتابِ مِنَ اليَهُودِ والنَّصارى، واحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِأنَّ قَوْلَهُ: الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ صِيغَةُ عُمُومٍ فَيَتَناوَلُ الكُلَّ، ثُمَّ أجابُوا عَنِ الحُجَّةِ الأُولى أنَّ صاحِبَ الشُّبْهَةِ صاحِبُ هَوًى فِي الحَقِيقَةِ، لِأنَّهُ ما تَمَّمَ النَّظَرَ والِاسْتِدْلالَ فَإنَّهُ لَوْ أتى بِتَمامِ النَّظَرِ والِاسْتِدْلالِ لَوَصَلَ إلى الحَقِّ، فَحَيْثُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ عَلِمْنا أنَّهُ تَرَكَ النَّظَرَ التّامَّ بِمُجَرَّدِ الهَوى، وأجابُوا عَنِ الحُجَّةِ الثّانِيَةِ بِأنَّهُ لَيْسَ يَمْتَنِعُ أنْ يُرادَ فِي الآيَةِ الأُولى بَعْضُهُمْ، وفِي الآيَةِ الثّانِيَةِ كُلُّهُمْ، وأجابُوا عَنِ الحُجَّةِ الثّالِثَةِ أنَّ العُلَماءَ لَمّا كانُوا مُصِرِّينَ عَلى الشُّبُهاتِ، والعَوامَّ كانُوا مُصِرِّينَ عَلى اتِّباعِ أُولَئِكَ العُلَماءِ كانَ/ الإصْرارُ حاصِلًا فِي الكُلِّ، وأجابُوا عَنِ الحُجَّةِ الرّابِعَةِ بِأنَّهُ تَعالى أخْبَرَ عَنْهُمْ أنَّهُمْ بِكُلِّيَّتِهِمْ لا يُؤْمِنُونَ، وقَوْلُنا: كُلُّ اليَهُودِ لا يُؤْمِنُونَ مُغايِرٌ لِقَوْلِنا إنَّ أحَدًا مِنهُمْ لا يُؤْمِنُ
وقال تعالى:
: {لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمانِكُمْ إن نَّعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِّنْكُمْ}
قال الشنقيطي كما في العذب النمير:
{إن نَّعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِّنْكُمْ} تابَتْ إلى اللَّهِ وأنابَتْ إليه ورجعت عن النفاقِ إلى الإيمانِ الخالصِ والتوبةِ النصوحِ {نُعَذِّبْ طائِفَةً} أخرى لم يتوبوا بل كانوا مُصِرِّينَ على النفاقِ والاستهزاءِ باللَّهِ وآياتِه ورسولِه بسبب أنهم {كانُوا مُجْرِمِينَ}
وكل المكذبين لأنبيائهم في القرآن كانوا مصرين على باطلهم سواء كانوا جماعات وأفرادا. حتى من قتل من كفار قريش عادوا المسلمين أشد المعاداة. وجمع تمحلهم يطول إنما ذكرنا بعضهم للتحذير من هذه الطريقة الوخيمة.
……………………