128 مختلف الحديث:
شارك عبدالله البلوشي أبو عيسى
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–
كيف التوفيق بين حديث أبي كبشة الأنماري رضي الله عنهـ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه – قال ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر أو كلمة نحوهـا وأحدثكم حديثا فاحفظوه:
إنما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهـما سواء وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما يخبط في ماله بغير علم ولا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقا فهذا بأخبث المنازل وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فوزرهـما سواء.
رواه أحمد والترمذي واللفظ له وقال حديث حسن صحيح.
قلت سيف بن دوره: أعله مقبل في أحاديث معلة بضعف يونس بن خباب. وورد من طريق سالم بن أبي الجعد عن أبي كبشة وبين الشيخ مقبل أنه لم يسمع منه أحاديث معلة 423
وورد لبعضه شاهد من حديث أبي هريرة في مسلم 2590 مرفوعا (ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله).
مع حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ. قَالَ: ” كَيْفَ ذَاكَ؟ “. قَالَ: صَلَّوْا كَمَا صَلَّيْنَا، وَجَاهَدُوا كَمَا جَاهَدْنَا، وَأَنْفَقُوا مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، وَلَيْسَتْ لَنَا أَمْوَالٌ. قَالَ: ” أَفَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَمْرٍ تُدْرِكُونَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكُمْ، وَلَا يَاتِي أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتُمْ بِهِ إِلَّا مَنْ جَاءَ بِمِثْلِهِ؟ تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا، وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا “.
أخرجه مسلم (1006)
وفي رواية أن الأغنياء فعلوا مثلهم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
فالحديث الأول أي حديث أبي كبشة فيه أن لهم أجر النية
أما حديث أبي هريرة فليس فيه أن لهم أجر النية بل قال لهم (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)
=====
قال ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين:
4 – وعن أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري – رضي الله عنهما – قال: كنا مع النبي صلي الله عليه وسلم في غزاة فقال: ((إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم؛ حبسهم المرض)) وفي رواية: ((إلا شركوكم في الأجر)) رواه مسلم.
ورواه البخاري عن أنس – رضي الله عنه – قال: ((رجعنا من غزوة تبوك مع النبي صلي الله عليه وسلم فقال: ((إن أقواماً بالمدينة خلفنا، ما سلكنا عبا، ولا واديا إلا وهم معنا، حبسهم العذر))
[الشَّرْحُ]
قوله: ((في غزاة)) أي في غزوة.
فمعني الحديث أن الإنسان إذا نوي العمل الصالح، ولكنه حبسه عنه حابس فإنه يكتب له أجر ما نوي.
أما إذا كان يعلمه في حال العذر؛ أي: لما كان قادراً كان يعلمه، ثم عجز عنه فيما بعد؛ فإنه يكتب له أجر العمل كاملاً، لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ((إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً)). فالمتمني للخير، الحريص عليه؛ إن كان من عادته أنه كان يعلمه، ولكنه حبسه عنه حابس، كتب له أجره كاملاً.
فمثلاً: إذا كان الإنسان من عادته أن يصلي مع الجماعة في المسجد، ولكنه حبسه حابس، كنوم أو مرض، أو ما أشبهه فإنه يكتب له أجر المصلي مع الجماعة تماماً من غير نقص.
وكذلك إذا كان الإنسان من عادته أن يصلي تطوعاً، ولكنه منعه منه مانع، ولم يتمكن منه؛ فإنه يكتب له أجره كاملاً، وكذلك إن كان من عادته أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، ثم عجز عن ذلك، ومنعه مانع، فإنه يكتب له الأجر كاملاً.
وغيره من الأمثلة الكثيرة.
أما إذا كان ليس من عادته أن يفعله؛ فإنه يكتب له أجر النية فقط، دون أجر العمل.
ودليل ذلك: أن فقراء الصحابة رضي الله عنهم قالوا: يا رسول الله سبقنا أهل الدثور بالدرجات العلي، والنعيم المقيم _ يعني: أن أهل الأموال سبقوهم بالصدقة والعتق- فقال النبي صلي الله عليه وسلم: ((أفلا أخبركم بشي إذا فعلتموه أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد إلا من عمل مثل ما عملتم!! فقال: تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين)) ففعلوا، فعلم الأغنياء بذلك؛ ففعلوا مثلما فعلوا، فجاء الفقراء إلي الرسول صلي الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا؛ ففعلوا مثله، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: ((ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)) والله ذو الفضل العظيم. ولم يقل لهم: إنكم أدركتم أجر عملهم، ولكن لا شك أن لهم أجر نية العمل.
ولهذا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام فيمن آتاه الله مالاً؛ فجعل ينفقه في سبل الخير، وكان رجل فقير يقول: لو أن لي مال فلان لعملت مثل عمل فلان، قال النبي صلي الله عليه وسلم: ((فهو بنيته النبي صلي الله عليه وسلم فأجرهما سواء)).
أي سواء في اجر النية، أما العمل فإنه لا يكتب له أجره إلا إن كان من عادته أن يعمله.
*وفي هذا الحديث: إشارة إلي من يخرج في سبيل الله، في الغزو، والجهاد في سبيل الله، فإن له أجر ممشاه، ولهذا قال النبي صلي الله عليه وسلم: ((ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا ولا شعبا إلا وهم معكم)).
ويدل لهذا قوله تعالي: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (التوبة: 120/ 121).
ونظير هذا: أن الرجل إذا توضأ في بيته فأسبغ الوضوء، ثم خرج إلي المسجد؛ لا
يخرجه إلا الصلاة؛ فإنه لا يخطو خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة.
وهذا من فضل الله – عز وجل – أن تكون وسائل العمل فيها هذا الأجر الذي بينه
الرسول صلي الله عليه وسلم. والله الموفق. اهـ.
_____________
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح:
فائدة زاد أبو هريرة في هذا الحديث ما يدل على أن المراد بالحسد المذكور هنا الغبطة كما ذكرناه ولفظه فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل أورده المصنف في فضائل القرآن وعند الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري بفتح الهمزة وإسكان النون أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكر حديثا طويلا فيه استواء العامل في المال بالحق والمتمني في الأجر ولفظه وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت مثل ما يعمل فلان فأجرهما سواء وذكر في ضدهما أنهما في الوزر سواء.
وقال فيه حديث حسن صحيح وإطلاق كونهما سواء يرد على الخطابي في جزمه بأن الحديث يدل على أن الغني إذا قام بشروط المال كان أفضل من الفقير نعم يكون أفضل بالنسبة إلى من أعرض ولم يتمن لكن الأفضلية المستفادة منه هي بالنسبة إلى هذه الخصلة فقط لا مطلقا وسيكون لنا عودة إلى البحث في هذه المسألة في حديث الطاعم الشاكر كالصائم الصابر حيث ذكره المؤلف في كتاب الأطعمة إن شاء الله تعالى.
وقال في موضع آخر:
قال ابن بطال: عن المهلب في هذا الحديث فضل الغني نصًا لا تأويلًا إذا استوت أعمال الغني والفقير فيما افترض الله عليهما فللغني حينئذ فضل عمل البر من الصدقة ونحوها مما لا سبيل للفقير إليه قال: ورأيت بعض المتكلمين ذهب إلى أن هذا الفضل يخص الفقراء دون غيرهم أي الفضل المترتب على الذكر المذكور وغفل عن قوله في نفس الحديث: إلا من صنع مثل ما صنعتم فجعل الفضل لقائله كائنًا من كان وقال القرطبي: تأول بعضهم قوله: ذلك فضل الله يؤتيه بأن قال الإشارة راجعة إلى الثواب المترتب على العمل الذي يحصل به التفضيل عند الله فكأنه قال ذاك الثواب الذي أخبرتكم به لا يستحقه أحد بحسب الذكر ولا بحسب الصدقة وإنما هو بفضل الله قال وهذا التأويل فيه بعد ولكن اضطره إليه ما يعارضه وتعقب بأن الجمع بينه وبين ما يعارضه ممكن من غير احتياج إلى التعسف وقال بن دقيق العيد: ظاهر الحديث القريب من النص أنه فضل الغني وبعض الناس تأوله بتأويل مستكره كأنه يشير إلى ما تقدم قال: والذي يقتضيه النظر أنهما إن تساويا وفضلت العبادة المالية أنه يكون الغني أفضل وهذا لا شك فيه وإنما النظر إذا تساويا وانفرد كل منهما بمصلحة ما هو فيه أيهما أفضل إن فسر الفضل بزيادة الثواب فالقياس يقتضي أن المصالح المتعدية أفضل من القاصرة فيترجح الغني وإن فسر بالأشرف بالنسبة إلى صفات النفس فالذي يحصل لها من التطهير بسبب الفقر أشرف فيترجح الفقر ومن ثم ذهب جمهور الصوفية إلى ترجيح الفقير الصابر وقال القرطبي للعلماء في هذه المسألة خمسة أقوال: ثالثها الأفضل الكفاف رابعها: يختلف باختلاف الأشخاص خامسها: التوقف وقال الكرماني: قضية الحديث أن شكوى الفقر تبقى بحالها وأجاب بأن مقصودهم كان تحصيل الدرجات العلا والنعيم المقيم لهم أيضًا لا نفي الزيادة عن أهل الدثور مطلقًا اه
والذي يظهر أن مقصودهم إنما كان طلب المساواة ويظهر أن الجواب وقع قبل أن يعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن متمني الشيء يكون شريكًا لفاعله في الأجر كما سبق في كتاب العلم في الكلام على حديث بن مسعود الذي أوله لا حسد إلا في اثنتين فإن في رواية الترمذي من وجه آخر التصريح بأن المنفق والمتمني إذا كان صادق النية في الأجر سواء وكذا قوله صلى الله عليه وسلم من سن سنةً حسنةً فله أجرها وأجر من يعمل بها من غير أن ينقص من أجره شيء فإن الفقراء في هذه القصة كانوا السبب في تعلم الأغنياء الذكر المذكور فإذا استووا معهم في قوله امتاز الفقراء بأجر السبب مضافًا إلى التمني فلعل ذلك يقاوم التقرب بالمال وتبقى المقايسة بين صبر الفقير على شظف العيش وشكر الغني على التنعم بالمال ومن ثم وقع التردد في تفضيل أحدهما على الآخر وسيكون لنا عودة إلى ذلك في الكلام على حديث الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر في كتاب الأطعمة إن شاء الله تعالى وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم أن العالم إذا سئل عن مسألة يقع فيها الخلاف أن يجيب بما يلحق به المفضول درجة الفاضل ولا يجيب بنفس الفاضل لئلا يقع الخلاف كذا قال بن بطال وكأنه أخذه من كونه صلى الله عليه وسلم أجاب بقوله ألا أدلكم على أمر تساوونهم فيه وعدل عن قوله نعم هم أفضل منكم بذلك وفيه التوسعة في الغبطة وقد تقدم تفسيرها في كتاب العلم والفرق بينها وبين الحسد المذموم وفيه المسابقة إلى الأعمال المحصلة للدرجات العالية لمبادرة الأغنياء إلى العمل بما بلغهم ولم ينكر عليهم صلى الله عليه وسلم فيؤخذ منه أن قوله إلا من عمل عام للفقراء والأغنياء خلافًا لمن أوله بغير ذلك وفيه أن العمل السهل قد يدرك به صاحبه فضل العمل الشاق وفيه فضل الذكر عقب الصلوات واستدل به البخاري على فضل الدعاء عقيب الصلاة كما سيأتي في الدعوات لأنه في معناها ولأنها أوقات فاضلة يرتجى فيها إجابة الدعاء وفيه أن العمل
القاصر قد يساوي المتعدي خلافًا لمن قال إن المتعدي أفضل مطلقًا نبه على ذلك الشيخ عز الدين بن عبد السلام.
وقال رحمه الله في موضع آخر:
قال بن التين الطاعم هو الحسن الحال في المطعم وقال بن بطال هذا من تفضل الله على عباده أن جعل للطاعم إذا شكر ربه على ما أنعم به عليه ثواب الصائم الصابر وقال الكرماني التشبيه هنا في أصل الثواب لا في الكمية ولا الكيفية والتشبيه لا يستلزم المماثلة من جميع الأوجه وقال الطيبي ربما توهم متوهم أن ثواب الشكر يقصر عن ثواب الصبر فأزيل توهمه أو وجه الشبه اشتراكهما في حبس النفس فالصابر يحبس نفسه على طاعة المنعم والشاكر يحبس نفسه على محبته اه وفي الحديث الحث على شكر الله على جميع نعمه إذ لا يختص ذلك بالأكل وفيه رفع الاختلاف المشهور في الغني الشاكر والفقير الصابر وأنهما سواء كذا قيل ومساق الحديث يقتضي تفضيل الفقير الصابر لأن الأصل أن المشبه به أعلى درجةً من المشبه والتحقيق عند أهل الحذق أن لا يجاب في ذلك بجواب كلي بل يختلف الحال باختلاف الأشخاص والأحوال نعم عند الاستواء من كل جهة وفرض رفع العوارض بأسرها فالفقير أسلم عاقبةً في الدار الآخرة ولا ينبغي أن يعدل بالسلامة شيء والله أعلم وسيكون لنا عودة إلى الكلام على هذه المسألة في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى