176 جامع الأجوبة الفقهية ص 209
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
وشارك عبدالله المشجري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–
باب المسح على الخفين
مسألة 4: المسح على اللفائف
– معنى اللفائف:
اللفائف، واحدتها لفافة، وهي ما يلف بها الرِّجل من خِرَقٍ وغيرها.
انظر: المطلع على ألفاظ المقنع (ص: 37)، لسان العرب (9/ 319)، مختار الصحاح (ص: 612)
– اختلف الفقهاء في حكم المسح على اللفائف على قولين أثنين:
الأول: أنه لا يجوز المسح عليها وهو مذهب الأئمة الأربعة، أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد.
القول الثاني: أنه يجوز المسح عليها، وهو وجه في مذهب أحمد، وحكاه بعضهم رواية، واختار هذا القول شيخ الاسلام ابن تيمية وكذلك رجحه ابن عثيمين.
انظر: بدائع الصنائع (1/ 10)، مواهب الجليل (1/ 319)، المجموع (1/ 530)، المغني (1/ 182)، الإنصاف (1/ 182 – 183)، الفتاوى الكبرى (1/ 319).
– واستدل من منع المسح على اللفائف بأدلة منها:
الدليل الأول:
الإجماع بأنه لا يجوز المسح على اللفائف.
وممن نقل الإجماع من المالكية المواق في التاج والإكليل (1/ 467)، قال: ” لا خلاف أنه لا يجزئ المسح على الخرق إذا لف بها رجليه “. انتهى
وقال ابن قدامة في المغني (1/ 182) في منع المسح على اللفائف: “لا نعلم في ذلك خلافا”. انتهى
الدليل الثاني:
أن المسح ورد على الخف، وهذه اللفائف لا تسمى خفا، ولا هي في معناه.
وأجيب:
بأن الأشياء ليست بمسمياتها، بل بمعانيها، ولا فرق بين اللفائف والجوارب والخفاف في تدفئة الرجل، ومشقة النزع، بل قد يكون نزعها أشق من الخف والجورب.
الدليل الثالث:
قالوا: إن اللفائف لا تثبت بنفسها، وإنما تثبت بشدها، ومن شروط المسح على الخفين أن يثبت بنفسه، لا بشده.
– أدلة القول الثاني وهو جواز المسح على اللفائف:
الدليل الأول:
عن ثوبان، قال: بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سرية، فأصابهم البرد، فلما قدموا على النبي – صلى الله عليه وسلم – شكوا إليه ما أصابهم من البرد، فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين. رواه أحمد في المسند (5/ 277)
وجه الاستدلال:
التساخين: كل ما يسخن به القدم من خف وجورب ونحوهما، من الخرق واللفائف التي تسخن الرجل، فإنه مما لا شك فيه أن هذه اللفائف تسخن القدم، فهي داخلة في عموم اللفظ.
الدليل الثاني:
كل دليل استدل به على جواز المسح على الجورب يصلح أن يكون دليلا على جواز المسح على اللفائف؛ لأن الجورب في القاموس: هي لفافة الرجل، لكن العرف خص اللفافة بما ليس بمخيط، والجورب بما هو مخيط، ومعلوم أن وجود الخيط وعدمه ليس مؤثرا في الحكم.
الدليل الثالث:
أن اللفائف أولى بالجواز من الخفاف والجوارب؛ لأن نزعها أشق؛ ولأن من يلبسها غالبا لا يملك ثمن الجوارب والخفاف، فيكون محتاجا إليها، وهو أولى بالمراعاة من الغني.
– نقل أقوال أهل العلم في المسألة:
– قال أبي الخطاب في الهداية (ص: 15):
“ولا يجوز المسح على اللفائف، وإن كان تحتها نعل؛ لأنها لا تثبت بنفسها” اهـ.
– قال ابن قدامة في المغني (1/ 182):
“لا يجوز المسح على اللفائف والخرق، نص عليه أحمد، وقيل: إن أهل الجبل يلفون على أرجلهم لفائف إلى نصف الساق؟ قال: لا يجزئه المسح على ذلك إلا أن يكون جوربا؛ وذلك أن اللفافة لا تثبت بنفسها، وإنما تثبت بشدها، ولا نعلم في هذا خلافا”. انتهى
– قال النووي في المجموع (1/ 530):
“لو لف على رجله قطعة من أدم، واستوثق شده بالرباط، وكان قويا يمكن متابعة المشي عليه، لم يجز المسح عليه؛ لأنه لا يسمى خفا، ولا هو في معناه”. اهـ.
– قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (1/ 319):
” والصواب أن يمسح على اللفائف، وهي بالمسح أولى من الخف والجورب؛ فإن تلك اللفائف إنما تستعمل للحاجة في العادة، وفي نزعها ضرر، إما إصابة بالبرد، وإما التأذي بالحفاء، وإما التأذي بالجرح، فإذا جاز المسح على الخفين والجوربين، فعلى اللفائف بطريق الأولى. ومن ادعى في ذلك إجماعا فليس معه إلا عدم العلم، ولا يمكنه أن ينقل المنع عن عشرة من العلماء المشهورين، فضلا عن الإجماع، والنزاع في ذلك معروف في مذهب أحمد وغيره. انتهى
وقال في خلال فتوى له: معلوم أن البلاد الباردة يحتاج فيها من يمسح التساخين والعصائب وهي العمائم ما لا يحتاج إليه في أرض الحجاز، فأهل الشام والروم ونحو هذه البلاد أحق بالرخصة في هذا، وهذا من أهل الحجاز، ثم قال: فإن منعوا من المسح عليها ضيقوا تضييقا يظهر خلافه للشريعة بلا حجة معهم أصلا. اهـ.
ونقله الأثيوبي في ذخيرة العقبى وأيده. ونقل في الحاشية أن القاسمي أيضا أيد جواز المسح على اللفائف.
– وقال الشيخ ابن عثيمين في تعليقه على الكافي (1/ 107):
“المذهب أن اللفائف لا يمسح عليها والصحيح أنه يمسح عليها بل هي أولى من الجورب لأن الجورب أسهل منها نزعا وأسهل منها شدا واللفائف أصعب تحتاج إلى معاناة في شدها وكذلك في حلها وكان الصحابة رضي الله عنهم يستعملون هذا فيذكر أن غزوة ذات الرقاع إنما سميت بذلك لأنهم كانوا يتخذون اللفائف على أرجلهم من حر الشمس”. انتهى
والله أعلم.
تنبيه:
ادعى أصحاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي أن المسح على اللفائف مذهب للمالكية وهو خطأ. حيث قالوا:
الخلاف في المسألة: خالف المالكية، والحنابلة في وجه عندهم؛ قالوا: بأن المسح على اللفائف مجزئ.
وعزوا ذلك لمواهب الجليل 1/ 319
وعزوا ذلك كذلك لحاشية الصاوي 1/ 155
وانما الوارد في هذين الكتابين: إذا كانت لفافة ثم لبس عليها الخف.
ففي مواهب الجليل:
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَلْبَسَ خُفًّا عَلَى خُفٍّ، أَوْ جَوْرَبًا مُجَلَّدًا عَلَى خُفٍّ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَا لَوْ لَبِسَ جَوْرَبًا تَحْتَ الْخُفِّ، أَوْ لَفَّ عَلَى رِجْلَيْهِ، أَوْ أَحَدِهِمَا لَفَائِفَ ثُمَّ لَبِسَ عَلَيْهَا الْخُفُّ
مواهب الجليل 1/ 319
وفي حاشية الصاوي:
قوله: لمواهب الجليل 1/ 319
[من شمع أو خرقة]
: أي إذا كان على أعه إن كان أسفله، ف يبطل المسح لما سيأتي أنه يستحب مسح اسفل، وإنما يندب إزالته ليباشره المسح. و تضر اللفائف التي توضع على القدم ويلبس الخف فوقها. واستثنى العلماء المهماز الذي يكون في أعلى الخف، فإنه حائل و يمنع المسح لمن شأنه ركوب الدواب في السفر.
حاشية الصاوي على الشرح الصغير 155/ 1