165 جامع الأجوبة الفقهية ص 200
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——-‘——-
——-‘——-‘——-
——-‘——-‘——-
باب المسح على الخفين
مسألة: مسح الخف بخرقة أو غسله.
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على أقول، وهذا الخلاف يشبه خلافهم في مسح الرأس بخرقة أو غسله بدل المسح، قال شيخ الاسلام ابن تيمية في شرح العمدة (ص: 276): “وإن مسح بخرقة أو بأصبع واحدة، أو غسل بدلا عن المسح فهو كما ذكرنا في مسح الرأس”. انتهى
قلت (ناصر الريسي) وقد بحثنا في المسألة رقم (100) مسألة: مسح الرأس بخرقة مبلولة، وقلنا هناك بعد أن ذكرنا خلاف الفقهاء في المسألة أنه ينبغي التفريق بين من لا يستطيع أن يمسح بيده لمرض أو غيره فهذا يجزئه أن يمسح بخرقة مبلولة، وأما من يستطيع أن يمسح بيده فهذا وضوئه صحيح لأنه أتى بما أمر به من مسح ولكن يفوته أجر الاقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
كذلك المسألة التي تليها برقم (101) مسألة: غسل الرأس بدل المسح، فقد ذكرنا الخلاف وادلة القائلين بكل قول فليراجع هناك.
وهنا ننقل ما نقله أهل العلم من الخلاف في المسألة:
– قال صاحب المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة (1/ 41):
“عند الشافعي يجزئه مسح القليل من أعلى الخف، سواء كان بيده أو ببعضها أو بخشبة أو بخرقة. وعند أبي حنيفة لا يجزئه إلا أن يمسح قدر ثلاث أصابع بثلاث أصابع، حتى لو مسح قدر ثلاث أصابع بأصبع واحد لم يجزئه عنده. وعند زفر إذا مسح قدر ثلاث أصابع بأصبع واحد أجزأه. وعند أحمد لا يجزئه إلا أن يمسح أكثر القدم. وعند إسحاق يمسح بكفيه إلا أن يكون بإحدى يديه علة فيجزئه أن يمسح بما أمكنه منها للضرورة.
مسألة: عند الشافعي لا يجزئه إلا المسح حتى لو أصاب الخف بلل مطر أو نضح عليه الماء لا يجزئه. وعند أصحابه في قيام غسل الخف مكان مسحه وجهان، وعند الأوزاعي والثوري يجزئه بلل المطر ونضح الماء. وعند إسحاق إن نوى بذلك المسح أجزأه وإلا فلا. وعند أبي حنيفة وأهل الرأي إذا فاض الماء وأصاب ظاهر الخف أجزأه”. انتهى
– قال في البحر الرائق (1/ 182): ” ولو أصاب موضع المسح ماءً أو مطر قدر ثلاث أصابع جاز وكذا لو مشى في حشيش مبتل بالمطر ” انتهى.
– قال في مراقي الفلاح (ص: 79):
وفرض المسح قدر ثلاث أصابع من أصغر أصابع اليد هو الأصح لأنها آلة المسح والثلاث أكثرها وبه وردت السنة فإن ابتل قدرها ولو بخرقة أو صب جاز والأصبع يذكر ويؤنث. انتهى
– قال الإمام النووي في روضة الطالبين (1/ 130):
“ويجزئ غسل الخف عن مسحه على الصحيح، لكن يكره … قلت: قال أصحابنا: لا تتعين اليد للمسح، بل يجوز بخرقة وخشبة وغيرهما. ولو وضع يده المبتلة ولم يمرها، أو قطر الماء عليه، أجزأه على الصحيح كما تقدم في الرأس. والله أعلم”. انتهى
– وجاء في التعليقة للقاضي حسين (1/ 529):
“وعندنا: لا يختص المسح باليد حتى لو مسح بخرقة، أو خشبة جاز، وكذا لو غسل الخف بدل المسح، أو وضع اليد المبتلة عليه ولم يمرها عليه أو قطر الماء عليه، وسال جاز على قول الأصحاب، وعند الشيخ القفال لا يجوز، كما ذكرنا في مسح الرأس”. انتهى
– العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (1/ 210)
وقد اختلف أصحاب الشَّافعي في أنَّ غسل الرأس يقوم مقامه مسحه؟ الصحيح من أوجه ثلاثة: التفرقة فيما بينهما؛ فيجري في الرأس، ولا يجري في الخف، والله أعلم.
– وجاء في البيان في مذهب الإمام الشافعي (1/ 165)
“وكيفما أتى بالمسح على الخف، أجزأه، سواء كان بيده، أو ببعضها، أو بخشبة، أو بخرقة. وسواء مسح قليلا أو كثيرًا فإنه يجزئه. وقال أبو حنيفة: (لا يجزئه، إلا أن يمسح قدر ثلاث أصابع بثلاث أصابع)، فقدر الممسوح وعين الممسوح به، حتى إن عنده: لو مسح قدر ثلاث أصابع بأصبع واحدة لم يجزئه.
وقال زفر: إذا مسح قدر ثلاث أصابع بأصبع واحدة أجزأه، وقال أحمد: (لا يجزئه، إلا أن يمسح أكثر القدم).
دليلنا: ما روي: أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: «يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن، والمقيم يومًا وليلة»، ولم يفرق.
فإن أصاب الخف بلل المطر، أو نضح عليه الماء، قال الشيخ أبو نصر: فليس للشافعي فيه نص، والذي يجيء على مذهبه: أنه لا يجزئه عن المسح، وقال الثوري، والأوزاعي: يجزئه ذلك عن المسح. وقال إسحاق: إن نوى به المسح، أجزأه. وقال أهل الرأي: إذا خاض الماء، وأصاب ظاهر الخف، أجزأه. واحتج الشيخ أبو نصر: بأن ما فرضه المسح لم يجز فيه الغسل، كمسح الرأس.
وعندي: أنها على وجهين، كما ذكر أصحابنا فيمن غسل رأسه مكان المسح”. انتهى
– قال ابن قدامة في الشرح الكبير (1/ 166):
“فان مسح بخرقة أو خشبة احتمل الاجزاء لحصول المسح، واحتمل المنع لان النبي صلى الله عليه وسلم مسح بيده، فان غسل الخف لم يجزه وهذا قول مالك واختيار القاضي، قال ابن المنذر وهو أقيس لانه أمر بالمسح فلم يفعله فلم يجزه كما لو طرح التراب على وجهه ويديه في التيمم لكن إن أمر يديه على الخفين في حال الغسل أو بعده أجزأه لوجود المسح.
وقال ابن حامد يجزئه وهو قول الثوري وأصحاب الرأي لانه أبلغ من المسح والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم أولى”. انتهى
– وقد استدل الجمهور على جواز غسل الخف مع الكراهة:
– أن الغسل خلاف المشروع، وأن المشروع هو المسح فقط.
– ولأنه قد يدخل في الاعتداء بالطهور، وأقل أحواله أن يكون مكروهاً.
– وأما من قال بعدم الأجزى فقد استدلوا بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. متفق عليه
قالوا: أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – إنما أمر بالمسح، فلما لم يفعله لم يجزه.
– وأما من قال بأنه يجزئ إذا مر بيده بعد غسل الخف فقال إن المطلوب هو المسح، وقد حصل بإمرار اليد على الخفين.
انظر: المغني (1/ 335)، الإنصاف (1/ 185)، البدر التمام شرح بلوغ المرام (1/ 255)
والله أعلم.