11 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——‘——-”
11 الصحيح المسند
أخرج النسائي في عمل اليوم والليلة عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمعتموه يدعو بدعوى الجاهلية فأعضوه بِهَنِ أبيه ولا تكنوا.
وفي رواية عن عتي بن ضمرة قال شهدته يوما يعني أبي بن كعب وإذا رجل يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضَّه بأير أبيه ولم يكنِّه فكأن القوم استنكروا ذلك منه فقال: لا تلوموني فإن نبيَّ الله عزوجل قال لنا: من رأيتموه يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا.
وفي رواية قالوا: ما كنت فحَّاشا قال: إنا أُمِرْنَا بذلك.
——–‘——–‘——–‘
والحديث صححه الألباني كما في السلسلة الصحيحة ” (2/ 488)
وخسنه أيضا: شعيب الأرناؤوط، ومن معه في التعليق على المسند (21233)،
قوله (بعزاء الجاهـلية):
أي: بنسبها والانتماء إليها.
قوله (فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا)
أي: قولوا له: اعضض بهن أبيك أو بذكره، وصرحوا بلفظ الذكر ولا تكنوا عنه بالهن تنكيرا وزجرا.
وابن جرير في تهذيب الآثار ذكر الحديث وقال:
والتعزي بعزاء الجاهـلية: هـو أن ينادي من ركب بظلم: يال بني فلان كما قال الشاعر:
(فلما التقت فرساننا ورجالهم … دعوا: يا لكعب {واعتزينا بعامر).
وابن تيمية في مجموع الفتاوى ذكر الحديث وقال:
ومعنى قوله: {من تعزى بعزاء الجاهـلية}
يعني يعتزي بعزواتهم وهـي الانتساب إليهم في الدعوة مثل قوله: يا لقيس يا ليمن ويا لهلال ويا لأسد فمن تعصب لأهـل بلدته أو مذهـبه أو طريقته أو قرابته أو لأصدقائه دون غيرهـم كانت فيه شعبة من الجاهـلية حتى يكون المؤمنون كما أمرهـم الله تعالى معتصمين بحبله وكتابه وسنة رسوله.
فإن كتابهم واحد ودينهم واحد ونبيهم واحد وربهم إله واحد إله إلا هـو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون. قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}
{واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون}
{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هـم المفلحون}
{ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهـم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم}
{يوم تبيض وجوه وتسود وجوه}
قال ابن عباس رضي الله عنهما تبيض وجوه أهـل السنة والجماعة وتسود وجوه أهـل الفرقة والبدعة. فالله؛ الله. عليكم بالجماعة والائتلاف على طاعة الله ورسوله والجهاد في سبيله؛ يجمع الله قلوبكم ويكفر عنكم سيئاتكم ويحصل لكم خير الدنيا والآخرة.
أعاننا الله وإياكم على طاعته وعبادته وصرف عنا وعنكم سبيل معصيته وآتانا وإياكم في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ووقانا عذاب النار وجعلنا وإياكم ممن رضي الله عنه وأعد له جنات النعيم إنه على كل شيء قدير وهـو حسبنا ونعم الوكيل. والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
*قال الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان:*
ومن هدي القرآن للتي هي أقوم هديه إلى أن الرابطة التي يجب أن يعتقد أنها هي التي تربط بين أفراد المجتمع، وأن ينادى بالارتباط بها دون غيرها إنما هي دين الإسلام. لأنه هو الذي يربط بين أفراد المجتمع حتى يصير بقوة تلك الرابطة جميع المجتمع الإسلامي كأنه جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. فربط الإسلام لك بأخيك كربط يدك بمعصمك، ورجلك، بساقك. كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن مثل المؤمنين في تراحمهم وتعاطفهم وتوادهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). ولذلك يكثر في القرآن العظيم إطلاق النفس وإرادة الأخ تنبيها على أن رابطة الإسلام تجعل أخا المسلم كنفسه. كقوله تعالى: * (ولا تخرجون أنفسكم من دياركم) *، أي لا تخرجون إخوانكم، وقوله: * (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا) * أي بإخوانهم على أصح التفسيرين، وقوله: * (ولا تلمزوا أنفسكم) *، أي إخوانكم على أصح التفسيرين، وقوله: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم) *، أي لا يأكل أحدكم مال أخيه، إلى غير ذلك من الآيات. ولذلك ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
ومن الآيات الدالة على أن الرابطة الحقيقية هي الدين، وأن تلك الرابطة تتلاشى معها جميع الروابط النسبية والعصبية: قوله تعالى * (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الا خر يوآدون من حآد الله ورسوله ولو كانوا ءابآءهم أو أبنآءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) * إذ لا رابطة نسبية أقرب من رابطة الآباء والأبناء والإخوان والعشائر. وقوله: * (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أوليآء بعض) *، وقوله: * (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم) * وقوله: * (فأصبحتم بنعمته إخوانا) *، إلى غير ذلك من الآيات.
فهذه الآيات وأمثالها تدل على أن النداء برابطة أخرى غير الإسلام كالعصبية المعروفة بالقومية لا يجوز، ولا شك أنه ممنوع بإجماع المسلمين.
ومن أصرح الأدلة في ذلك: ما رواه البخاري في صحيحه قال: باب قوله تعالى: * (يقولون لئن رجعنآ إلى المدينة ليخرجن الا عز منها الا ذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولاكن المنافقين لا يعلمون) * حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان قال: حفظناه من عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار. فقال الأنصاري: يا للأنصارا! وقال المهاجري: يا للمهاجرينا! فسمعها الله رسوله قال: (ما هذا)؟ فقالوا: كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوها فإنها منتنة) الحديث. فقول هذا الأنصاري: يا للأنصار، وهذا المهاجري: يا للمهاجرين هو النداء بالقومية العصبية بعينه، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوها فإنها منتنة) يقتضي وجوب ترك النداء بها. لأن قوله (دعوها) أمر صريح بتركها، والأمر المطلق يقتضي الوجوب على التحقيق كما تقرر في الأصول. لأن الله يقول: * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) *، ويقول لإبليس: * (ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) * فدل على أن مخالفة الأمر معصية. وقال تعالى عن نبيه موسى في خطابه لأخيه: * (أفعصيت أمرى) * فأطلق اسم المعصية على مخالفة الأمر: وقال تعالى: * (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) * فدلت الآية على أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم مانع من الاختيار، موجب للامتثال. لا سيما وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر بالترك بقوله: (فإنها منتنة) وحسبك بالنتن موجبا للتباعد لدلالته على الخبث البالغ.
فدل هذا الحديث الصحيح على أن النداء برابطة القومية مخالف لما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، وأن فاعله يتعاطى المنتن، ولا شك أن المنتن خبيث، والله تعالى يقول: * (الخبيثات للخبيثين) *، ويقول: * (ويحرم عليهم الخبائث) * وحديث جابر هذا الذي قدمناه عن البخاري أخرجه أيضا مسلم في صحيحه
وقد عرفت وجه لدلالة هذا الحديث على التحريم، مع أن في بعض رواياته الثابتة في الصحيح التصريح بأن دعوى الرجل: (يا لبني فلان) من دعوى الجاهلية. وإذا صح بذلك
أنها من دعوى الجاهلية فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية). وفي رواية في الصحيح: (ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية)، وذلك صريح في أن من دعا تلك الدعوى ليس منا، وهو دليل واضح على التحريم الشديد. ومما يدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (من تعزى عليكم بعزاءالجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا) هذا حديث صحيح، …. فانظر كيف سمى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك النداء (عزاء الجاهلية) وأمر أن يقال للداعي به (اعضض على هن أبيك) أي فرجه، وأن يصرح له بذلك ولا يعبر عنه بالكتابة. فهذا يدل على شدة قبح هذا النداء، وشدة بغض النبي صلى الله عليه وسلم له.
واعلم أن رؤساء الدعاة إلى نحو هذه القومية العربية: أبو جهل، وأبو لهب، والوليد بن المغيرة، ونظراؤهم من رؤساء الكفرة.
وقد بين تعالى تعصبهم لقوميتهم في آيات كثيرة. كقوله: * (قالوا حسبنا ما وجدنا عليه ءاباءنا) *، وقوله: * (قالوا بل نتبع مآ ألفينا عليه ءابآءنا) *، وأمثال ذلك من الآيات.
واعلم أنه لا خلاف بين العلماء كما ذكرنا آنفا في منع النداء برابطة غير الإسلام. كالقوميات والعصبيات النسبية، ولا سيما إذا كان النداء بالقومية يقصد من ورائه القضاء على رابطة الإسلام وإزالتها بالكلية. فإن النداء بها حينئذ معناه الحقيقي: أنه نداء إلى التخلي عن دين الإسلام، ورفض الرابطة السماوية رفضا باتا، على أن يعتاض من ذلك روابط عصبية قومية، مدارها على أن هذا من العرب، وهذا منهم أيضا مثلا. فالعروبة لا يمكن أن تكون خلفا من الإسلام. واستبدالها به صفقة خاسرة. فهي كما قال الراجز: ورفض الرابطة السماوية رفضا باتا، على أن يعتاض من ذلك روابط عصبية قومية، مدارها على أن هذا من العرب، وهذا منهم أيضا مثلا. فالعروبة لا يمكن أن تكون خلفا من الإسلام. واستبدالها به صفقة خاسرة. فهي كما قال الراجز:
* بدلت بالجمة رأسا أزعرا * وبالثنايا الواضحات الدردرا *
وقد علم في التاريخ حال العرب قبل الإسلام وحالهم بعده كما لا يخفى.
وقد بين الله جل وعلا في محكم كتابه: أن الحكمة في جعله بني آدم شعوبا وقبائل هي التعارف فيما بينهم. وليست هي أن يتعصب كل شعب على غيره، وكل قبيلة على غيرها. قال جل وعلا: * (ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبآئل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) * فاللام في قوله * (لتعارفوا) * لام التعليل، والأصل لتتعارفوا، وقد حذفت إحدى التاءين. فالتعارف هو العلة المشتملة على الحكمة لقوله: * (وجعلناكم شعوبا وقبآئل) * ونحن حين نصرح بمنع النداء بالروابط العصبية والأواصر النسبية، ونقيم الأدلة على منع ذلك لا ننكر أن المسلم ربما انتفع بروابط نسبية لا تمت إلى الإسلام بصلة. كما نفع الله نبيه صلى الله عليه وسلم بعمه أبي طالب. وقد بين الله جل وعلا أن عطف ذلك العم الكافر على نبيه صلى الله عليه وسلم من منن الله عليه. قال تعالى: * (ألم يجدك يتيما فآوى) * أي آواك بأن ضمك إلى عمك أبي طالب.
ومن آثار هذه العصبية النسبية قول أبي طالب فيه صلى الله عليه وسلم::
* والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا * كما قدمنا في سورة هود.
وقد نفع الله بتلك العصبية النسبية شعيبا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام كما قال تعالى عن قومه: * (قالوا ياشعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك) *.
وقد نفع الله بها نبيه صالحا أيضا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام. كما أشار تعالى لذلك بقوله: * (قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنامهلك أهله وإنا لصادقون) * فقد دلت الآية على أنهم يخافون من أولياء صالح، ولذلك لم يفكروا أن يفعلوا به سوءا إلا ليلا خفية. وقد عزموا أنهم إن فعلوا به ذلك أنكروا وحلفوا لأوليائه أنهم ما حضروا ما وقع بصالح خوفا منهم. ولما كان لوط عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لا عصبة له في قومه ظهر فيه أثر ذلك حتى قال: * (لو أن لى بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد) * وقد قدمنا هذا مستوفى في (سورة هود).
فيلزم الناظر في هذه المسألة أن يفرق بين الأمرين، ويعلم أن النداء بروابط القوميات لا يجوز على كل حال، ولا سيما إذا كان القصد بذلك القضاء على رابطة الإسلام، وإزالتها بالكلية بدعوى أنه لا يساير التطور الجديد، أو أنه جمود وتأخر عن مسايرة ركب الحضارة. نعوذ بالله من طمس البصيرة. وأن منع النداء بروابط القوميات لا ينافي أنه ربما انتفع المسلم بنصرة قريبه الكافر بسبب العواطف النسبية والأواصر العصبية التي لا تمت إلى الإسلام بصلة، كما وقع من أبي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر) ولكن تلك القرابات النسبية لا يجوز أن تجعل هي الرابطة بين المجتمع. لأنها تشمل المسلم والكافر، ومعلوم أن المسلم عدو الكافر، كما قال تعالى: * (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الا خر يوآدون من حآد الله ورسوله) *، كما تقدم.
والحاصل أن الرابطة الحقيقية التي تجمع المفترق وتؤلف المختلف هي رابطة (لا إله إلا الله) ألا ترى أن هذه الرابطة التي تجعل المجتمع الإسلامي كله كأنه جسد واحد، وتجعله كالبنيان يشد بعضه بعضا، عطفت قلوب حملة العرش ومن حوله من الملائكة على بني آدم في الأرض مع ما بينهم من الاختلاف. قال تعالى: * (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين ءامنوا ربنا وسعت كل شاء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التى وعدتهم ومن صلح من ءابآئهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم) *. فقد أشار تعالى إلى أن الرابطة التي ربطت بين حملة العرش ومن حوله، وبين بني آدم في الأرض حتى دعوا الله لهم هذا الدعاء الصالح العظيم، إنما هي الإيمان بالله جل وعلا. لأنه قال عن الملائكة: * (ويؤمنون به) * فوصفهم بالإيمان. وقال عن بني آدم في استغفار الملائكة لهم * (ويستغفرون للذين ءامنوا) * فوصفهم أيضا بالإيمان. فدل ذلك على أن الرابطة بينهم هي الإيمان وهو أعظم رابطة.
ومما يوضح لك أن الرابطة الحقيقية هي دين الإسلام قوله تعالى في أبي لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم: * (سيصلى نارا ذات لهب) * ويقابل ذلك بمالسلمان الفارسي من الفضل والمكانة عند النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيه: (سلمان منا أهل البيت) رواه الطبراني والحاكم في المستدرك، وجعل عليه صاحب الجامع الصغير علامة الصحة. وضعفه الحافظ الذهبي. وقال الهيتمي فيه، عند الطبراني كثير بن عبد الله المزني ضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات. وقد أجاد من قال: أنه قال فيه: (سلمان منا أهل البيت) رواه الطبراني والحاكم في المستدرك، وجعل عليه صاحب الجامع الصغير علامة الصحة. وضعفه الحافظ الذهبي. وقال الهيتمي فيه، عند الطبراني كثير بن عبد الله المزني ضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات. وقد أجاد من قال:
* لقد رفع الإسلام سلمان فارس * وقد وضع الكفر الشريف أبا لهب * وقد أجمع العلماء: على أن الرجل إن مات وليس له من القرباء إلا ابن كافر، أن إرثه يكون للمسلمين بأخوة الإسلام، ولا يكون لولده لصلبه الذي هو كافر، والميراث دليل القرابة. فدل ذلك على أن الأخوة الدينية أقرب من النبوة النسبية.
وبالجملة، فلا خلاف بين المسلمين أن الرابطة التي تربط أفراد أهل الأرض بعضهم ببعض، وتربط بين أهل الأرض والسماء، هي رابطة (لا إله إلا الله) فلا يجوز البتة النداء برابطة غيرها. ومن والى الكفار بالروابط النسبية محبة لهم، ورغبة فيهم يدخل في قوله تعالى * (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) *، وقوله تعالى: * (إلا تفعلوه تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير) * والعلم عند الله تعالى. انتهى