: 3 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-”——”——-”
الصحيح المسند
3 – قال الامام الترمذي: حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود أخبرنا شعبة عن عاصم قال سمعت زر ابن حبيش يحدث عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له إن الله أمرني أن أقرأ عليك فقرأ عليه (لم يكن الذين كفروا من أهـل الكتاب) فقرأ فيها إن ذات الدين عند الله الحنيفية المسلمة لا اليهودية ولا النصرانية من يعمل خيرا فلن يكفره وقرأ عليه ولو أن لابن آدم واديا من مال لابتغى إليه ثانيا ولو كان له ثانيا لابتغى إليه ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب.
————————–
أخرجه الحديث البخاري 3809 ومسلم 799
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي: ” إن الله أمرني أن أقرأ عليك {لم يكن الذين كفروا من أهـل الكتاب} [البينة: 1]
قال: وسماني؟ قال: «نعم» فبكى.
قوله: “أن أقرا عليك” قال السندي: أي: كقراءة الشيخ على تلميذه لا كقراءة التلميذ على شيخه.
“وسماني؟ ” قاله طلبا للتحقيق، لاحتمال أن الله يأمره بالقراءة على واحد من أمته من غير تعيين.
“فبكى” فرحا بذلك، وفيه تفضيل لأبي في القراءة على غيره، ولذلك جاء: “أقرؤكم أبي”.اهـ
قال النووي في شرح مسلم (6/ 86):
وفي الحديث فوائد كثيرة منها استحباب قراءة القرآن على الحذاق فيه وأهـل العلم به والفضل وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه ومنها المنقبة الشريفة لأبي بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم عليه ولا يعلم أحد من الناس شاركه في هـذا ومنها منقبة أخرى له بذكر الله تعالى له ونصه عليه في هـذه المنزلة الرفيعة ومنها البكاء للسرور والفرح مما يبشر الإنسان به ويعطاه من معالي الأمور وأما قوله آلله سماني لك فيه أنهـ يجوز أن يكون الله تعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على رجل من أمته ولم ينص على أبي فأراد أبي أن يتحقق هـل نص عليه أو قال على رجل فيؤخذ منه الاستثبات في المحتملات واختلفوا في الحكمة في قراءته صلى الله عليه وسلم على أبي والمختار أن سببها أن تستن الأمة بذلك في القراءة على أهـل الإتقان والفضل ويتعلموا آداب القراءة ولا يأنف أحد من ذلك وقيل للتنبيه على جلالة أبي وأهـليته لأخذ القرآن عنه وكان بعده ص رأسا وإماما في إقراء القرآن وهـو أجل ناشرته أو من أجلهم ويتضمن معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأما تخصيص هـذه السورة فلأنها وجيزة جامعة لقواعد كثيرة من أصول الدين وفروعه ومهماته والإخلاص وتطهير القلوب وكان الوقت يقتضي الاختصار والله أعلم أ. هـ
قال القرطبي تعجب أبي من ذلك لأن تسمية الله له ونصه عليه ليقرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم تشريف عظيم فلذلك بكى إما فرحا وإما خشوعا قال أبو عبيد المراد بالعرض على أبي ليتعلم أبي منه القراءة ويتثبت فيها وليكون عرض القرآن سنة وللتنبيه على فضيلة أبي بن كعب وتقدمه في حفظ القرآن وليس المراد أن يستذكر منه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا بذلك العرض ويؤخذ من هـذا الحديث مشروعية التواضع في أخذ الانسان العلم من أهـله وإن كان دونه وقال القرطبي خص هـذه السورة بالذكر لما اشتملت عليه من التوحيد والرسالة والإخلاص والصحف والكتب المنزلة على الأنبياء وذكر الصلاة والزكاة والمعاد وبيان أهـل الجنة والنار مع وجازتها. “فتح الباري لابن حجر ” (7/ 127)
قال المباركفوري في ” تحفة الاحوذي ” (6/ 519):
وفي رواية لا يسد جوف بن آدم (إلا التراب) معناه لا يزال حريصا على الدنيا حتى يموت ويمتلىء جوفه من تراب قبره وهـذا الحديث يخرج على حكم غالب بني آدم في الحرص على الدنيا (ويتوب الله على من تاب) أي أن الله يقبل التوبة من الحريص كما يقبلها من غيره
قيل وفيها إشارة إلى ذم الاستكثار من جمع المال وتمني ذلك والحرص عليه للإشارة إلى أن الذي يترك ذلك يطلق عليه أنه تاب ويحتمل أن يكون تاب بالمعنى اللغوي وهـو مطلق الرجوع أي رجع عن ذلك الفعل والتمني
وقال الطيبي يمكن أن يكون معناه أن بني آدم مجبولون على حب المال والسعي في طلبه وأن لا يشبع منه إلا من عصمه الله ووفقه لإزالة هـذه الجبلة عن نفسه وقليل ما هـم
فوضع قوله ويتوب الله على من تاب موضعه إشعارا بأن هـذه الجبلة المركوزة مذمومة جارية مجرى الذنب وأن إزالتها ممكنة بتوفيق الله وتسديده وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى ومن يوق شح نفسه فأولئك هـم المفلحون.اهـ
قال الحافظ في ” الفتح ” (11/ 255):
كأنه قيل ولا يشبع من خلق من التراب إلا بالتراب ويحتمل أن تكون الحكمة في ذكر التراب دون غيره أن المرء لا ينقضي طمعه حتى يموت فإذا مات كان من شأنه أن يدفن فإذا دفن صب عليه التراب فملأ جوفه وفاه وعينيه ولم يبق منه موضع يحتاج إلى تراب غيره وأما النسبة إلى الفم فلكونه الطريق إلى الوصول للجوف قوله في الطريق الثانية لابن عباس ويتوب الله على من تاب أي أن الله يقبل التوبة من الحريص كما يقبلها من غيره.
وقال عند حديث عن أنس، عن أبي، قال: ” كنا نرى هـذا من القرآن، حتى نزلت: {ألهاكم التكاثر} رواه البخاري 6440:
ووجه ظنهم أن الحديث المذكور من القرآن ما تضمنه من ذم الحرص على الاستكثار من جمع المال والتقريع بالموت الذي يقطع ذلك ولا بد لكل أحد منه فلما نزلت هـذه السورة وتضمنت معنى ذلك مع الزيادة عليه علموا أن الأول من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد شرحه بعضهم على أنه كان قرآنا ونسخت تلاوته لما نزلت ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر فاستمرت تلاوتها فكانت ناسخة لتلاوة ذلك وأما الحكم فيه والمعنى فلم ينسخ إذ نسخ التلاوة لا يستلزم المعارضة بين الناسخ والمنسوخ كنسخ الحكم والأول أولى وليس ذلك من النسخ في شيء. اهـ