1656 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——-‘——-
——-‘——-‘——-
أخرج أبوداود عن امرأة من بني عبد الأشهل قالت: قلت: يا رسول الله إن لنا طريقا إلى المسجد منتنه فكيف نفعل اذا مطرنا؟ قال: أليس بعدها طريق هي أطيب منها؟ قالت: قلت: بلى. قال: فهذه بهذه.
——–‘———
أخرج أبوداود
383 – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ إِنِّى امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِى وَأَمْشِى فِى الْمَكَانِ الْقَذِرِ. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ».
قال الألباني: صحيح.
قلت سيف:
قال العقيلي، وذكر حديث أم ولد لإبراهيم: وهذا إسناد صالح جيد. وقال محقق الدراري ط الآثار: يشهد له حديث امرأة من بني عبدالاشهل. وحديثها في الصحيح المسند 1656
قال المباركفوري:
(عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ) وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَأَبِي دَاوُدَ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ الزُّرْقَانِيُّ اسْمُهَا حُمَيْدَةُ تَابِعِيَّةٌ صَغِيرَةٌ مَقْبُولَةٌ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ حُمَيْدَةُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ يُقَالُ هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَوْفٍ (أُطِيلُ) مِنَ الْإِطَالَةِ (ذَيْلِ) الذَّيْلُ بِفَتْحِ الذَّالِ هُوَ طَرَفُ الثَّوْبِ الَّذِي يَلِي الْأَرْضَ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهَا (فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ) بِكَسْرِ الذَّالِ أَيْ فِي مَكَانٍ ذِي قَذَرٍ أَيْ فِي الْمَكَانِ النَّجِسِ (يُطَهِّرُهُ) أَيِ الذَّيْلَ (مَا بَعْدَهُ) فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ فَاعِلُ يُطَهِّرُ أَيْ مَكَانُ الَّذِي بَعْدَ الْمَكَانِ الْقَذِرِ بِزَوَالِ مَا يَتَشَبَّثُ بِالذَّيْلِ مِنَ الْقَذَرِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا جُرَّ عَلَى مَا كَانَ يَابِسًا لَا يَعْلَقُ بِالثَّوْبِ مِنْهُ شَيْءٌ فَأَمَّا إِذَا جُرَّ عَلَى رَطْبٍ فَلَا يُطَهِّرُهُ إِلَّا بِالْغَسْلِ
وَقَالَ أَحْمَدُ لَيْسَ مَعْنَاهُ إِذَا أَصَابَهُ بَوْلٌ ثُمَّ مَرَّ بَعْدَهُ عَلَى الْأَرْضِ أَنَّهَا تُطَهِّرُهُ وَلَكِنَّهُ يَمُرُّ بِالْمَكَانِ فَيُقَذِّرُهُ ثُمَّ يَمُرُّ بِمَكَانٍ أَطْيَبَ مِنْهُ فَيَكُونُ هَذَا بِذَاكَ لَا عَلَى أَنَّهُ يُصِيبُهُ مِنْهُ شَيْءٌ
وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ إِنَّ الْأَرْضَ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَإِنَّمَا هُوَ أَنْ يَطَأَ الْأَرْضَ الْقَذِرَةَ ثُمَّ يَطَأَ الْأَرْضَ الْيَابِسَةَ النَّظِيفَةَ فَإِنَّ بَعْضَهَا يُطَهِّرُ بَعْضًا فَأَمَّا النَّجَاسَةُ مِثْلُ الْبَوْلِ وَنَحْوِهِ يُصِيبُ الثَّوْبَ أَوْ بَعْضَ الْجَسَدِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُطَهِّرُهُ إِلَّا الْغَسْلُ قَالَ وَهَذَا إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ انْتَهَى كَلَامُهُ
قَالَ الزُّرْقَانِيُّ وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى حَمْلِ الْقَذَرِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى النَّجَاسَةِ وَلَوْ رَطْبَةً وَقَالُوا يُطَهِّرُهُ الْأَرْضُ الْيَابِسَةُ لِأَنَّ الذَّيْلَ لِلْمَرْأَةِ كَالْخُفِّ وَالنَّعْلِ لِلرَّجُلِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رواية بن مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُرِيدُ الْمَسْجِدَ فَنَطَأُ الطَّرِيقَةَ النَّجِسَةَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَرْضُ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا لَكِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ انْتَهَى
وَقَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ وَلِيُّ اللَّهِ الْمُحَدِّثُ الدَّهْلَوِيُّ فِي الْمُسَوَّى شَرْحِ الْمُوَطَّأِ تَحْتَ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ إِنْ أَصَابَ الذَّيْلَ نَجَاسَةُ الطَّرِيقِ ثُمَّ مَرَّ بِمَكَانٍ آخَرَ وَاخْتَلَطَ بِهِ طِينُ الطَّرِيقِ وَغُبَارُ الْأَرْضِ وَتُرَابُ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَيَبِسَتِ النَّجَاسَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ فَيَطْهُرُ الذَّيْلُ النَّجِسُ بِالتَّنَاثُرِ أَوِ الْفَرْكِ وَذَلِكَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عِنْدَ الشَّارِعِ بِسَبَبِ الْحَرَجِ وَالضِّيقِ كَمَا أَنَّ غَسْلَ الْعُضْوِ وَالثَّوْبِ مِنْ دَمِ الْجِرَاحَةِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَكَمَا أَنَّ النَّجَاسَةَ الرَّطْبَةَ الَّتِي أَصَابَتِ الْخُفَّ تَزُولُ بِالدَّلْكِ
وَيَطْهُرُ الْخُفُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ بِسَبَبِ الْحَرَجِ وَكَمَا أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَنْقَعَ الْوَاقِعَ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ وَقَعَ فِيهِ النَّجَاسَةُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِسَبَبِ الْحَرَجِ وَإِنِّي لَا أَجِدُ الْفَرْقَ بَيْنَ الثَّوْبِ الَّذِي أَصَابَهُ دَمُ الْجِرَاحَةِ وَالثَّوْبِ الَّذِي أَصَابَهُ الْمَاءُ الْمُسْتَنْقَعُ وَبَيْنَ الذَّيْلِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ نَجَاسَةٌ رَطْبَةٌ ثُمَّ اخْتَلَطَ بِهِ غُبَارُ الْأَرْضِ وَتُرَابُهَا وَطِينُ الطَّرِيقِ فَتَنَاثَرَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ أَوْ زَالَتْ بِالْفَرْكِ فَإِنَّ حُكْمَهَا وَاحِدٌ
وَمَا قَالَ الْبَغَوِيُّ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّجَاسَةِ الْيَابِسَةِ الَّتِي أَصَابَتِ الثَّوْبَ ثُمَّ تَنَاثَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالذَّيْلِ فِي الْمَشْيِ فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ تَكُونُ رَطْبَةً فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ مَعْلُومٌ بِالْقَطْعِ فِي عَادَةِ النَّاسِ فَإِخْرَاجُ الشَّيْءِ الَّذِي تَحَقَّقَ وُجُودُهُ قَطْعًا أَوْ غَالِبًا عَنْ حَالَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ بَعِيدٌ وَأَمَّا طِينُ الشَّارِعِ يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ فَفِيهِ نَوْعٌ مِنَ التَّوَسُّعِ فِي الْكَلَامِ لِأَنَّ الْمَقَامَ يَقْتَضِي أَنْ يُقَالَ هُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ أَوْ لَا بَاسَ بِهِ لَكِنْ عَدَلَ عَنْهُ بِإِسْنَادِ التَّطْهِيرِ إِلَى شَيْءٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُطَهِّرًا لِلنَّجَاسَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَهَذَا أَبْلَغُ مِنَ الْأَوَّلِ انْتَهَى
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي مُوَطَّئِهِ بَعْدَ رِوَايَةِ حَدِيثِ الْبَابِ مَا لَفْظُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا بَاسَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَقْ بِالذَّيْلِ قَذَرٌ فَيَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ الْكَبِيرِ الْمِثْقَالِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُصَلِّيَنَّ فِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ انْتَهَى
قُلْتُ أَقْرَبُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدِي قَوْلُ الشَّيْخِ الْأَجَلِّ الشَّاهْ وَلِيُّ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَحَدِيثُ الْبَابِ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ في الموطأ وأحمد والدارمي وَأَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ وَرَوَاهُ الشافعي وبن أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا وَفِي الْبَابِ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَنَا طَرِيقًا إِلَى الْمَسْجِدِ مُنْتِنَةٌ فَكَيْفَ نَفْعَلُ إِذَا مُطِرْنَا قَالَتْ فَقَالَ أَلَيْسَ بَعْدَهَا طَرِيقٌ هِيَ أَطْيَبُ مِنْهَا قُلْتُ بَلَى قَالَ فَهَذِهِ بِهَذِهِ
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ وَالْمَرْأَةُ مِنْ بَنِي عبد الأشهل هذه صحابية
ذكره بن الْأَثِيرِ فِي أُسْدِ الْغَابَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ جَهَالَةَ اسْمِ الصَّحَابِيِّ لَا تَضُرُّ انْتَهَى النقل من تحفة الأحوذي
قَوْلُهُ (ولا نتوضأ من الموطاء) قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُعِيدُونَ الْوُضُوءَ
لِلْأَذَى إِذَا أَصَابَ أَرْجُلَهُمْ لَا أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَغْسِلُونَ أَرْجُلَهُمْ وَلَا يُنَظِّفُونَهَا مِنَ الْأَذَى إِذَا أَصَابَهَا انْتَهَى
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ الْوُضُوءُ عَلَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ التَّنْظِيفُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَغْسِلُونَ أَرْجُلَهُمْ مِنَ الطِّينِ وَنَحْوِهَا وَيَمْشُونَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الطَّهَارَةُ انْتَهَى
وَحَمَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى النَّجَاسَةِ الْيَابِسَةِ وَأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَغْسِلُونَ الرِّجْلَ مِنْ وَطْءِ النَّجَاسَةِ الْيَابِسَةِ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ فِي المعرفة باب النجاسة اليابسة بطؤها بِرِجْلِهِ أَوْ يَجُرُّ عَلَيْهَا ثَوْبَهُ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ هَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ وأخرجه بن مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
* في منتقى الأخبار لابن تيمية الجد::
باب ما جاء في أسفل النعل تصيبه النجاسة
1 – عن أبي هريرة: (أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور) وفي لفظ (إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب).
رواهما أبو داود.
قلت سيف: حديث أبي هريرة حكمنا عليه في تخريج سنن أبي داود بالضعف
2 – وعن أبي سعيد: (أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: إذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما فإن رأى خبثًا فليمسحه بالأرض ثم ليصل فيهما).
رواه أحمد وأبو داود.
وهو في الصحيح المسند 413
قال الشوكاني في نيل الأوطار:
الظاهر أنه لا فرق بين أنواع النجاسات بل كل ما علق بالنعل مما يطلق عليه اسم الأذى فطهوره مسحه بالتراب. قال ابن رسلان في شرح السنن: الأذى في اللغة هو المستقذر طاهرًا كان أو نجسًا انتهى.
ويدل على التعميم ما في الرواية الأخرى حيث قال: فإن رأى خبثًا فإنه لكل مستخبث ولا فرق بين النعل وإلخف للتنصيص على كل واحد منهما في حديثي الباب ويلحق بهما كل ما يقوم مقامهما لعدم الفارق.
قوله: (ثم ليصل فيهما) سيأتي الكلام على الصلاة في النعلين في باب مستقل من كتاب الصلاة إن شاء اللَّه.
*وفي كتاب “التَّحبير لإيضَاح مَعَاني التَّيسير” للصنعاني -رحمه الله-:*
قال ابن الأثير: الفرع الثالث: في النجاسة تكون في الطريق، ثم قال: (وعن أم سلمة – رضي الله عنها -) وهو الحديث السادس.
– وعن أم سلمة – رضي الله عنها -: أَنَّهَا قالَتْ لها امْرَأَةٌ إِنِّي أُطِيلُ ذَيْلِي …..
وفي حديث أبي هريرة: “إذا وطئ الأذى بخفَّيه فطهورهما التراب”.
فهذه الأحاديث متعاضدة على تطهير التراب لذيل المرأة وللنعال، وتأويل الشافعي في أنه في غير البول، كأنه يريد أنّ هذه عامة, فتخص بأحاديث نجاسة البول، وأنه لا يطهره إلاّ الماء.
:الحديث السابع:
حديث (ابن عباس – رضي الله عنهما -).
– وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: “إذَا مَرَّ ثَوْبُكَ، أَوْ وَطِئْتَ قَذَراً رطباً فَاغْسِلْهُ, وَإِنْ كاَنَ يَابِساً فَلاَ عَلَيْكَ”. أخرجه رزين.
“قال: إذا مرّ ثوبك” أي: على قذر كما يدل.
“أو وطئت قذراً رطباً فاغسله” ظاهره تعيين الماء، ولا يكفي التراب.
“وإن كان يابساً” أي: القذر.
“فلا عليك” أي: لا يجب (11) عليك غسله، وهذا موقوف.
قوله: “أخرجه رزين” كما مرَّ مراراً.
قلت سيف: قال محقق جامع الأصول: هذا من زيادات رزين لم اهتد إليه
_________
وفي الموطأ
[باب ما لا يجب منه الوضوء] وذكر مالك حديث أم سلمة
قال الزرقاني؛
– باب ما لا يجب منه الوضوء
كأنه أراد بالوضوء ما هو أعم من الشرعي واللغوي بدليل الحديث المبدوء به.
(«فقالت: إني امرأة أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر») بذال معجمة (قالت أم سلمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” «يطهره ما بعده») قال ابن عبد البر: وغيره: قال مالك: معناه في القشب اليابس والقذر الجاف الذي لا يلصق منه بالثوب شيء وإنما يعلق به فيزول المتعلق بما بعده، لا أن النجاسة يطهرها غير الماء. اهـ.
وعن مالك أيضًا إنما هو أن يطأ الأرض القذرة ثم يطأ اليابسة النظيفة فإن بعضها يطهر بعضًا.
وأما النجاسة مثل البول ونحوه يصيب الثوب أو بعض الجسد فلا يطهره إلا الغسل، قال: وهذا إجماع الأمة.
وقال الشافعي: هذا إنما هو فيما جر على ما كان يابسًا لا يعلق بالثوب منه شيء، فأما إذا جر على رطب فلا يطهر إلا بالغسل، وقال أحمد: ليس معناه إذا أصابه بول ثم مر بعده على الأرض أنها تطهره ولكنه يمر بالمكان فيقذره ثم يمر بمكان أطيب منه فيكون هذا بذاك لا على أنه لا يصيبه منه شيء.
وذهب بعض العلماء إلى حمل القذر في الحديث على النجاسة ولو رطبة وقالوا: يطهر بالأرض اليابسة لأن الذيل للمرأة كالخف والنعل للرجل.
ويؤيده ما في ابن ماجه عن أبي هريرة «قيل: يا رسول الله إنا نريد المسجد فنطأ الطريق النجسة فقال – صلى الله عليه وسلم -: ” الأرض يطهر بعضها بعضًا» ” لكنه حديث ضعيف كما قاله البيهقي وغيره.
وحديث مالك رواه أبو داود عن عبد الله بن مسلمة والترمذي عن قتيبة وابن ماجه عن هشام بن عمار ثلاثتهم عن مالك، وله شاهد عند أبي داود وابن ماجه عن امرأة من بني عبد الأشهل
قال بعض الباحثين الشرعيين:
الشريعة مبنية على التيسير ورفع الحرج، كما قال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج/78، وقال تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة/185.
ومن قواعد الفقه المعتبرة: أن المشقة تجلب التيسير، وأنه كلما ضاق الأمر اتسع.
ومن الأمثلة التي أدخلها العلماء تحت هذه القاعدة: العفو عن طين الشارع مع احتمال تنجسه، بل العفو عن اليسير الذي تيقنت نجاسته؛ لعموم البلوى، وعسر التحرز منه، لأن الطرق يكثر فيها وجود النجاسات.
قال السيوطي رحمه الله في “الأشباه والنظائر” ص 76: ” القاعدة الثالثة المشقة: تجلب التيسير، وذكر الأدلة. …
إلى أن قال: ” واعلم أن أسباب التخفيف في العبادات وغيرها سبعة … السادس: العسر وعموم البلوى. كالصلاة مع النجاسة المعفو عنها , كدم القروح والدمامل والبراغيث , والقيح والصديد , وقليل دم الأجنبي، وطين الشارع ” انتهى.
وقال الزركشي رحمه الله: ” إذا ضاق الأمر اتسع … ومن فروع هذه القاعدة: لو عم ثوبه دم البراغيث عفي عنه عند الأكثرين، وطين الشارع المتيقن نجاسته يعفى عما يتعذر الاحتراز منه غالبا ” انتهى من “المنثور في القواعد” (1/ 120).
وقد نص الشافعية والحنابلة على العفو عن يسير طين النجاسة المتيقنة.
قال في “مطالب أولي النهى” (1/ 237): ” (و) يعفى أيضا عن (يسير طين شارع تحققت نجاسته) لعسر التحرز منه , ومثله تراب , قال في ” الفروع “: وإن هبت ريح فأصاب شيئا رطبا غبار نجس من طريق أو غيره فهو داخل في المسألة ” انتهى.
وفي “الموسوعة الفقهية” (30/ 171): ” يرى الشافعية والحنابلة: العفو عن يسير طين الشارع النجس لعسر تجنبه , قال الزركشي تعليقا على مذهب الشافعية في الموضوع: وقضية إطلاقهم العفو عنه، ولو اختلط بنجاسة كلب أو نحوه، وهو المتجه لا سيما في موضع يكثر فيه الكلاب ; لأن الشوارع معدن النجاسات. ومذهب الحنفية قريب من مذهب الشافعية والحنابلة إذ قالوا: إن طين الشوارع الذي فيه نجاسة عفو، إلا إذا علم عين النجاسة , والاحتياط في الصلاة غسله. ويقول المالكية: الأحوال أربعة: الأولى والثانية: كون الطين أكثر من النجاسة أو مساويا لها تحقيقا أو ظنا: ولا إشكال في العفو فيهما , والثالثة: غلبة النجاسة على الطين تحقيقا أو ظنا , وهو معفو عنه على ظاهر المدونة , ويجب غسله على ما مشى عليه الدردير تبعا لابن أبي زيد، والرابعة: أن تكون عينها قائمة، وهي لا عفو فيها اتفاقا ” انتهى.
وعلى هذا: فلو تيقن النجاسة، ولم تمر بعدها في طريق طاهر، فإنه يعفى عن ذلك إذا كان يسيرا.
وينبغي أن تجنب النجاسة ما أمكن، ولو برفع الثياب قليلا. وما أصاب بعد ذلك فهو عفو إن شاء الله.
الخلاصة:
الأصل في طين الشوارع أنه طاهر ليس بنجس، ويعفى عن اليسير منه الذي تيقنت نجاسته؛ لعموم البلوى، وعسر التحرز منه.
ينظر لتفصيل ذلك وبيانه جواب السؤال رقم: (173495).
إذا وطئت المرأة على المكان القذر فأصاب ثيابها شيء منه، فإنه يطهره ما بعده، ولو كان ذلك في الوحل والمطر، لما روى الترمذي (143) عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَتْ: قُلْتُ لِأُمِّ سَلَمَةَ ….. “.
وعَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ
ثوب المرأة:
سئل علماء اللجنة الدائمة:
المرأة الألمانية المسلمة عندما تلبس الثوب إلى ما تحت الكعبين تصادف مشكلة البلل، نتيجة للأمطار طول العام، فهل يجوز لها أن تلبس ثوبا فوق الكعبين وتلبس تحته حذاء برقبة طويلة أو جورب سميك؟
فأجابوا: ” إذا كان الواقع كما ذكرت: جاز لها أن تلبس ثوبا غير شفاف، ولا ضيق يحدد أعضاءها، ويستر جسدها إلى الكعبين، وتلبس مع ذلك في رجليها ما ذكرت من الحذاء أو الجورب السميك ” انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة” (17/ 95).