989 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة هاشم السوري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———
الصحيح المسند 989
عن ابن عمر قال: لما ولي عمر بن الخطاب خطب الناس، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اذن لنا في المتعة ثلاثا، ثم حرمها، والله لا أعلم أحدا يتمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة، إلا أن يأتيني بأربعة يشهدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلها بعد إذ حرمها.
———————
تعريف زواج المتعة
ويسمى أيضاً الزواج المؤقت. ويعرف كذلك بنكاح الإيجار
قال الشيخ علي القاري في (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح) ج 3 ص 422: ” المتعة أن تقول لامرأة: أتمتع بك كذا مدة بكذا من المال “.
وقال ابن عبد البر في الكافي ج 2 ص 533: ” ونكاح المتعة باطل مفسوخ وهو أن يتزوج الرجل المرأة بشيء مسمى إلى أجل معلوم يومًا أو شهرًا أو مدة من الزمان معلومة على أن الزوجية تنقضي بانقضاء الأجل “.
فهذا بحث لفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز عن متعة النساء اختصرت منه مواضع:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ثبوتاً لا شك فيه، الإذن في نكاح المتعة، ثم تحريمه تحريماً مؤبداً إلى يوم القيامة، وحكي إجماع من سوى الشيعة على ذلك، وما يشبه الإجماع من أئمة العلم، نذكر منهم من يلي:
1. أبو عبيد: قال: (المسلمون اليوم مجمعون على أن متعة النساء قد نسخت بالتحريم، نسخها الكتاب والسنة، وهذا قول أهل العلم جميعاً؛ من أهل الحجاز والشام والعراق من أصحاب الأثر والرأي، وأنه لا رخصة فيها لمضطر، ولا لغيره)
2. الإمام / أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل المعروف: بأبي جعفر النحّاس، نص في كتابه الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ص: 105، على اجتماع من تقوم به الحجة، على أن المتعة حرام بكتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول الخلفاء الراشدين المهديين.
وتوقيف علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابن عباس، وقوله: (إنك رجل تائه، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرم المتعة)، قال: (ولا اختلاف بين العلماء في صحة الإسناد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وصحة طريقه وروايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريم المتعة)، وسنذكر ذلك بإسناده في موضعه. ا هـ.
3. الطحاوي قال في (شرح معاني الآثار) ج3، ص: 27، بعد روايته نهي عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن متعة النساء، قال: (فهذا عمر رضى الله عنه قد نهى عن متعة النساء بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكر ذلك عليه منهم منكر، وفي هذا دليل على متابعتهم له على ما نهى عنه من ذلك، وفي إجماعهم على النهي في ذلك دليل على نسخها وحجة). اهـ.
4. البغوي قال في (شرح السنة) ج9، ص: 100: “اتفق العلماء على تحريم نكاح المتعة، وهو كالإجماع بين المسلمين، وروي عن ابن عباس شيء من الرخصة للمضطر إليه بطول الغربة، ثم رجع عنه حيث بلغه النهي”. ا هـ.
- الحافظ أبو بكر محمد بن موسى الحازمي، قال في (الناسخ والمنسوخ من الآثار) ص: 138: بعد ما روى من طريق الشافعي أنه قال: أنبأنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم، قال: سمعت ابن مسعود يقول: (كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء، فأردنا أن نختصي، فنهانا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رخص لنا أن ننكح المرأة إلى أجل بالشيء)، قال بعد أن رواه، وقال: ” هذا طريق حسن صحيح. وهذا الحكم كان مباحاً مشروعاً في صدر الإسلام، وإنما أباحه النبي صلى الله عليه وسلم لهم؛ للسببب الذي ذكره ابن مسعود، وإنما كان ذلك يكون في أسفارهم، ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أباحه لهم وهم في بيوتهم، ولهذا نهاهم عنه غير مرة، ثم أباحه لهم في أوقات مختلفة، حتى حرمه عليهم في آخر أيامه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وكان تحريم تأبيد لا تأقيت، فلم يبق اليوم في ذلك خلاف بين فقهاء الأمصار وأئمة الأمة، إلا شيئاً ذهب إليه بعض الشيعة، ويروى – أيضاً – عن ابن جريج جوازه” ا هـ.
6. الإمام محمد بن علي الشوكاني قال في كتابه (السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار): ” اعلم أن النكاح الذي جاءت به هذه الشريعة، هو النكاح الذي يعقده الأولياء للنساء، وقد بالغ الشارع في ذلك، حتى حكم بأن النكاح الواقع بغير ولي باطل، وكرر ثلاثاً، ثم النكاح الذي جاءت به هذه الشريعة هو النكاح الذي أوجب الشارع، فيه إشهاد الشهود؛ لما ثبت ذلك بالأحاديث، ثم النكاح الذي شرعه الشارع هو النكاح الذي يحصل به التوارث، ويثبت به النسب، ويترتب عليه الطلاق والعدة.
وإذا عرفت هذا، فالمتعة ليست بنكاح شرعي، وإنما هي رخصة للمسافر مع الضرورة، ولا خلاف في هذا، ثم لا خلاف في ثبوت الحديث المتضمن للنهي عنها إلى يوم القيامة، وليس بعد هذا شيء، ولا تصلح معارضته بشيء مما زعموه.
وما ذكروه من أنه استمتع بعض الصحابة بعد موته صلى الله عليه وسلم فليس هذا ببدع، فقد يخفى الحكم على بعض الصحابة؛ ولهذا صرح عمر بالنهي عن ذلك، وأسنده إلى نهيه صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن بعض الصحابة تمتع، فالحجة إنما هي فيما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا فيما فعله فرد أو أفراد من الصحابة.
وأما المراوغة بأن التحليل قطعي، والتحريم ظني فذلك مدفوع بأن استمرار ذلك القطعي ظني بلا خلاف، والنسخ إنما هو للاستمرار، لا لنفي ما قد وقع، فإنه لا يقول عاقل بأنه ينسخ ما قد فرغ من فعله، ثم قد أجمع المسلمون على التحريم، ولم يبق على الجواز إلا الرافضة، وليسوا ممن يحتاج إلى دفع أقوالهم، ولا هم ممن يقدح في الإجماع، فإنهم في غالب ما هم عليه مخالفون للكتاب والسنة وإجماع المسلمين، قال ابن المنذر: (أجمع العلماء على تحريمها إلا الروافض)، وقال ابن بطال: (وأجمعوا الآن على أنه متى وقع – يعني المتعة – أُبطل، سواء كان قبل الدخول أو بعده)،وقال الخطابي: (تحريم المتعة كالإجماع، إلا عند بعض الشيعة) اهـ
قلت سيف ويضاف لذلك:
قال ابن العربي: وقد كان ابن عباس يقول بجوازها، ثم ثبت رجوعه عنها، فانعقد الإجماع على تحريمها، فإذا فعلها أحد رجم في مشهور المذهب [الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1405هـ/ 1985م، (5/ 132، 133).].
وقال الجصاص: وقد دللنا على ثبوت الحظر بعد الإباحة من ظاهر الكتاب والسنة وإجماع السلف … ولا خلاف فيها بين الصدر الأول على ما بينا وقد اتفق فقهاء الأمصار مع ذلك على تحريمها ولا يختلفون [الجصاص في تفسيره 2/ 153].
وقال المازري: انعقد الإجماع على تحريمه ولم يخالف فيه إلا طائفة من المستبدعة وتعلقوا بالأحاديث الواردة في ذلك وقد ذكرنا أنها منسوخة فلا دلالة لهم فيها. [المعلم 2/ 131]
ونقل الحافظ ابن حجر العسقلاني كلام جماعة من أهل العلم في نسخ نكاح المتعة فمن ذلك ما قاله [ابن المنذر: جاء عن الأوائل الرخصة فيها ولا أعلم اليوم أحداً يجيزها إلا بعض الرافضة ولا معنى لقول يخالف كتاب الله وسنة رسوله. وقال القاضي عياض: ثم وقع الإجماع من جميع العلماء على تحريمها إلا الروافض. وقال الخطابي: تحريم المتعة كالإجماع إلا عن بعض الشيعة ولا يصح على قاعدتهم في الرجوع في المختلفات إلى علي وآل بيته فقد صح عن علي أنها نسخت. ونقل البيهقي عن جعفر بن محمد أنه سئل عن المتعة فقال: هي الزنا بعينه. وقال القرطبي: الروايات كلها متفقة على أن زمن إباحة المتعة لم يطل وأنه حرم ثم أجمع السلف والخلف على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه من الروافض] فتح الباري 9/ 216 – 217.
وقال الإمام القرطبي: (الروايات كلها متفقة على أن زمن إباحة المتعة لم يطل وأنه حرم، ثم أجمع السلف والخلف على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه من الروافض). أهـ.
وقال القاضي عياض: ” .. ووقع الإجماع بعد ذلك على تحريمها من جميع العلماء إلا الروافض [انظر صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 181].و (انظر فتح الباري 9/ 173).
وقال القرطبي: ” أجمع السلف و الخلف على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه من الروافض [انظر فتح الباري 9/ 78 – 79].
تتمت كلام ابن باز:
وعبارات أئمة العلم التي تنحو هذا المنحى – في حكاية إجماع من سوى الشيعة، أو ما يشبه الإجماع – كثيرة، لكن بعد إعطائنا الموضوع ما يستحق من الدراسة، وجدنا مع المجيزين لمتعة النساء من الأمور ما لابد من عرضه، والإجابة عليه، فنقول، وبالله التوفيق:
تعلق المجيزون لمتعة النساء بما يلي والرد عليها:
أما الاستدلال بقول الله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً الآية، على إباحة نكاح المتعة , فقد أجيب عنها بأمور:
أحدها: ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في الجزء الثاني من (منهاج السنة) ص: 155، 156, ونصه: ” أما متعة النساء المتنازع فيها، فليس في الآية نص صريح بحلها – المتعة – فإنه قال تعالى: وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ … الآية، فقوله: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ متناول لكل من دخل بها، أما من لم يدخل بها فإنها لا تستحق إلا نصفه، وهذا كقوله تعالى: وَكَيْفَ تَاخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا، فجعل الإفضاء مع العقد موجب لاستقرار الصداق، فبين ذلك أنه ليس لتخصيص النكاح المؤقت بإعطاء الأجر فيه دون النكاح المؤبد معنى، بل إعطاء الصداق كاملاً في المؤبد أولى، فلابد أن تدل الآية على المؤبد؛ إما بطريق التخصيص، وإما بطريق العموم، يدل على ذلك أنه ذكر بعد هذا نكاح: الإماء، فعلم أن ما ذكر في نكاح الحرائر مطلقاً.
قال: فإن قيل: ففي قراءة طائفة من السلف: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) قيل: أولاً: ليست هذه القراءة متواترة، وغايتها أن تكون كأخبار الآحاد، ونَحْنُ لا ننكر أن المتعة أحلت في أول الإسلام، لكن الكلام في دلالة القرآن على ذلك.
الثاني: أن يقال: إن كان هذا الحرف نزل، فلا ريب أنه ليس ثابتاً من القراءة المشهورة، فيكون منسوخاً، ويكون لما كانت المتعة مباحة، فلما حرمت نسخ هذا الحرف. أو يكون الأمر بالإيتاء في الوقت؛ تنبيهاً على الإيتاء في النكاح المطلق.
وغاية ما يقال: أنهما قراءتان، وكلاهما حق، والأمر بالإيتاء في الاستمتاع إلى أجل واجب إذا كان ذلك حلالاً، وإنما يكون ذلك إذا كان الاستمتاع إلى أجل مسمى حلالاً، وهذا كان في أول الإسلام، فليس في الآية ما يدل على أن الاستمتاع بها إلى أجل مسمى حلال؛ فإنه لم يقل وأحل لكم أن تستمتعوا بهن إلى أجل مسمى، بل قال: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ، فهذا يتناول ما وقع من الاستمتاع – سواء كان حلالاً أم وطئ شبهة -؛ ولهذا يجب المهر في النكاح الفاسد بالسنة والاتفاق، … وأما الاستمتاع المحرم فلم تتناوله الآية، فإنه لو استمتع بالمرأة من غير عقد مع مطاوعتها لكان زنا، ولا مهر فيه، وإن كانت مستكرهة ففيه نزاع مشهور” اهـ.
وهذا الجواب الذي أجاب به شيخ الإسلام ابن تيمية هنا؛ من عدم دلالة آية: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ على إباحة متعة النساء، رواه الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري في تفسيره (جامع البيان عن تأويل القرآن) عن ابن عباس والحسن ومجاهد وابن زيد، وجزم بأنه الأولى بالصواب.
ثم ذكر ابن جرير القول: بأن المراد بالآية متعة النساء، وتعقبه بقوله: (وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، تأويل من تأوله: فما نكحتموه منهن فجامعتموه فآتوهن أجورهن؛ لقيام الحجة بتحريم الله متعة النساء على غير وجه النكاح الصحيح، أو الملك الصحيح على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.)
ثم قال ابن جرير: ” حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، قال: حدثني الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (استمتعوا من هذه النساء))، والاستمتاع عندئذ يومئذ: التزويج)
وقد دلنا على أن المتعة على غير النكاح الصحيح حرام من غير هذا الموضع، من كتبنا بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، وأضاف ابن جرير إلى ذلك رواية ما روي عن أُبي بن كعب وابن عباس رضي الله عنهما من قراءتها: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) وعلق عليه بقوله: أما ما روي عن أبي بن كعب وابن عباس من قراءتها: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى)، فقراءة بخلاف ما جاءت به مصاحف المسلمين، وغير جائز لأحد أن يلحق في كتاب الله تعالى شيئاً لم يأت به الخبر القاطع العذر عمن لا يجوز خلافه. اهـ.
كما ذكر ابن جرير ضمن أقوال المفسرين في قول الله تعالى: وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ، ذكر قول السدي: معناها: ولا جناح عليكم أيها الناس فيما تراضيتم أنتم والنساء اللواتي استمتعتم بهن إلى أجل مسمى، إذا انقضى الأجل الذي أجلتموه بينكم وبينهن في الفراق، أن يزدنكم في الأجل وتزيدوا من الأجر، والفريضة قبل أن يستبرئن أرحامهن.
وتعقبه بقوله: (فأما الذي قاله السّدي، فقوله لا معنى له؛ لفساد القول بإحلال جماع امرأة بغير نكاح ولا ملك يمين)، واختار ابن جرير قول من قال في معنى الآية: (ولا حرج عليكم أيها الناس فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم من بعد إعطائهن أجورهن على النكاح الذي جرى بينكم وبينهن؛ من حط ما وجب لهن عليكم، أو إبراء أو تأخير أو وضع)، وقال: وذلك نظير قوله جل ثناؤه: وَآتُوا النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا اهـ.
وممن أيد القول بأن آية: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ لا دلالة فيها على إباحة متعة النساء من أئمة التفسير: أبو جعفر النحاس، وأبو بكر القصاص، وابن خويز منداد، وابن العربي، وابن الجوزي، وفيما يلي نصوصهم:
قال أبو جعفر النحاس في (الناسخ والمنسوخ من القرآن) ص: 105،106: ” قال قوم – أي في الكلام على الآية المذكورة -: هو – أي الاستمتاع – النكاح بعينه، وما أحل الله المتعة قط في كتابه، فممن قال هذا من العلماء: الحسن ومجاهد، كما حدثنا أحمد بن محمد الأزدي، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: حدثنا الفريابي عن ورقاء عن أبي نجيح عن مجاهد فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً، قال: النكاح.
وحدثنا أحمد بن محمد بن نافع، قال: حدثنا سلمة قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الحسن: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ، قال: النكاح.
قال أبو جعفر: وكذا يروى عن ابن عباس، وسنذكره بإسناده وشرحه، ووفى بهذا الوعد في ص: 106، 107، حيث قال: حدثنا بكر بن سهل قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: وقوله: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً، يقول: إذا تزوج الرجل المرأة فنكحها مرة واحدة، وجب لها الصداق كله. والاستمتاع: النكاح، قال: وهو قوله عز وجل: وَآتُوا النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً.
قال أبو جعفر: فبيّن ابن عباس أن الاستمتاع هو النكاح بأحسن بيان، والتقدير في العربية:
فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ. و (ما) بمعنى: من، وقيل: فما استمتعتم به من دخول بالمرأة فلها الصداق كاملاً، أو النصف إن لم يدخل بها، وقال أبو جعفر: قد روى الربيع بن سبرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه حرم المتعة يوم الفتح.
وقد صح من الكتاب والسنة التحريم، ولم يصح التحليل من الكتاب، بما ذكر من قول من قال: إن الاستمتاع النكاح، على أن الربيع بن سبرة قد روى عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: ((استمتعوا من هذه النساء)). قال: والاستمتاع عندنا يومئذ: التزويج. اهـ.
وقال أبو بكر الجصاص في الباب الذي عقده في أحكام القرآن لمتعة النساء ج2 ص: 148، 149، قال: ” من فحوى الآية – أي قول الله: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً – من الدلالة على أن المراد: النكاح دون المتعة، ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه عطف على إباحة النكاح في قوله تعالى: وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ وذلك إباحة لنكاح من عدا المحرمات لا محالة؛ لأنهم لا يختلفون أن النكاح مراد بذلك، فوجب أن يكون ذكر الاستمتاع بياناً لحكم المدخول بها بالنكاح، في استحقاقها لجميع الصداق.
الثاني: قوله تعالى: مُّحْصِنِينَ والإحصان لا يكون إلا في نكاح صحيح؛ لأن الواطئ بالمتعة لا يكون محصناً ولا يتناوله هذا الاسم؛ فعلمنا أنه أراد النكاح.
الثالث: قوله تعالى: غَيْرَ مُسَافِحِينَ، فسمى الزنا سفاحاً؛ لانتفاء أحكام النكاح عنه؛ من ثبوت النسب، ووجوب العدة، وبقاء الفراش، إلى أن يحدث له قطعاً، ولما كانت هذه المعاني موجودة في المتعة كانت في معنى الزنا، ويشبه أن يكون من سماها سفاحاً ذهب إلى هذا المعنى، إذ كان الزاني إنما سُمِّي مسافحاً؛ لأنه لم يحصل له من وطئها فيما يتعلق بحكمه إلا على سفح الماء باطلاً من غير استلحاق نسب … “. اهـ.
وأجاب الجصاص عن القراءة المنسوبة إلى أُبي (إلى أجل مسمى)، بأنه لا يجوز إثبات الأجل في التلاوة عند أحد من المسلمين بها؛ لعدم ثبوت تلك القراءة، وبأنه لو كان في الآية إلى أجل مسمى، لما دل أيضاً على متعة النساء؛ لأن الأجل يجوز أن يكون داخلاً على المهر، فيكون تقديره: فما دخلتم به منهن بمهر إلى أجل مسمى، فأتوهن مهورهن عند حلول الأجل.
وقال ابن خويز منداد المالكي: لا يجوز أن تحمل الآية – أي: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً – على جواز المتعة – أي متعة النساء -؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نهى عن نكاح المتعة وحرمها))؛ ولأن الله تعالى قال: فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ، ومعلوم أن النكاح بإذن الأهلين هو النكاح الشرعي بولي وشاهدين، ونكاح المتعة ليس كذلك”، نقل ذلك عن ابن خويز منداد، الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن) ص: 129، 130.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن: ” فيه – أي قول الله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ الآية – قولان:
أحدهما: أنه أراد استمتاع النكاح المطلق، قاله جماعة منهم: الحسن ومجاهد، وإحدى روايتي ابن عباس.
الثاني: أنه متعة النساء بنكاحهن إلى أجل.
روي عن ابن عباس أنه سئل عن المتعة فقرأ: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى)، قال ابن عباس: (والله لأنزلها الله كذلك)، وروي عن حبيب بن ثابت قال: أعطاني ابن عباس مصحفاً وقال: هذه قراءة أُبي، وفيه مثل ما تقدم – أي إلى أجل مسمى – ولم يصح ذلك عنهما، فلا تلتفتوا إليه. وقول الله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ يعني: النكاح الصحيح “. ا هـ.
وقال ابن الجوزي في (زاد المسير في علم التفسير) ج2 ص: 53، 54 المكتب الإسلامي: قد تكلف قوم من مفسري القراء، فقالوا: المراد بهذه الآية نكاح المتعة، ثم نسخت بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن متعة النساء.
وهذا تكلف لا يحتاج إليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز المتعة ثم منع منها، فكان قوله منسوخاً بقوله، وأما الآية فإنها لم تتضمن جواز المتعة؛ لأنه تعالى قال فيها: أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فدل ذلك على النكاح الصحيح، قال الزجاج: ومعنى قوله: (فما استمتعتم به منهن): فما نكحتم وهن على الشريطة التي جرت، وهو قوله: مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ؛ أي عاقدين التزويج: فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ أي مهورهن، ومن ذهب في الآية إلى غير هذا فقد أخطا، وجهل اللغة “. اهـ.
وبما بيناه يتبين أن ما نقله القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن) عن أبي بكر الطرطوشي، وهو أنه قال – بعد أن ذكر من يدعي أنه قد رُخِّص في نكاح المتعة -: ” وسائر العلماء والفقهاء من الصحابة والتابعين والسلف الصالح، على أن هذه الآية – أي: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ- منسوخة، وأن المتعة حرام ” غير مسلمة.
الثاني: مما أجيب به عن الاستدلال بقول الله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ الآية، لجواز متعة النساء، ما ذكره شيخ الإسلام في ج2 من (منهاج السنة) حيث قال – بعد ذكر الجواب المتقدم -: ” وأيضاً فإن الله تعالى إنما أباح في كتابه الزوجة وملك اليمين، والمستمتع بها ليست واحدة منهما، فإنها لو كانت زوجة لتوارثا، ولوجب عليها عدة الوفاة، وللحقها الطلاق الثلاث، فإن هذه أحكام الزوجة في كتاب الله تعالى فلما انتفى عنها لوازم النكاح، دل على انتفاء النكاح؛ لأن انتفاء اللازم يقتضي انتفاء الملزوم، والله تعالى إنما أباح في كتابه الزواج وملك اليمين، وحرم ما زاد على ذلك بقوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ، والمُتمتَّع بها بعد التحريم ليست زوجة ولا ملك يمين، فتكون حراماً بنص القرآن.
أما كونها ليست مملوكة فظاهر، وأما كونها ليست زوجة فلانتفاء لوازم النكاح فيها، فإن من لوازم النكاح: كونه سبباً للتوارث، وثبوت عدة الوفاة فيه، والطلاق الثلاث، وتنصيف المهر بالطلاق قبل الدخول، وغير ذلك من اللوازم.
قال: فإن قيل: فقد تكون زوجة لا ترث؛ كالذمية والأمة، قيل: عندهم نكاح الذمية لا يجوز، ونكاح الأمة إنما يجوز عند الضرورة، وهم يبيحون المتعة مطلقاً.
ثم يقال: نكاح الذمية والأمة سبب للتوارث، ولكن المانع قائم، وهو الكفر والرّقّ، كما أن النسب سبب للتوارث، إلا إذا كان الولد رقيقاً أو كافراً، فالمانع قائم؛ ولهذا إذا أعتق الولد أو أسلم ورث أباه، وكذلك الزوجة إذا أسلمت في حياة زوجها، ورثته باتفاق المسلمين، وكذلك إذا أُعتقت في حياته واختارت بقاء النكاح، ورثته باتفاق المسلمين.
بخلاف المستمتع بها، فإن نفس نكاحها لا يكون سبباً للإرث، فلا يثبت التوارث فيه بحال، فصار هذا النكاح كولد الزنا الذي ولد على فراش زوج، فإن هذا لا يلحق بالزاني بحال، فلا يكون ابناً يستحق الإرث.
قال: فإن قيل: النسب قد تُبَعَّض أحكامه فكذلك النكاح، قيل: هذا فيه نزاع، والجمهور يسلمونه. ولكن ليس في هذا حجة لهم؛ فإن جميع أحكام الزوجة منتفية في المستمتع بها، لم يثبت فيها شيء من خصائص النكاح الحلال؛ فعلم انتفاء كونها زوجة، وما ثبت فيها من الأحكام؛ من لحوق النسب، ووجوب الاستبراء، ودرء الحدود، ووجوب المهر، ونحو ذلك، فهذا يثبت في نكاح الشبهة؛ فعلم أن وطء المستمتع بها ليس وطئاً لزوجة، لكنه – مع اعتقاد الحل – مثل الوطء بشبهة، وأما كون الوطء حلالاً، فهذا مورد النزاع؛ فلا يحتج به أحد المتنازعين، وإنما يحتج على الآخر بموارد النص والإجماع “. ا هـ.
وممن سبق شيخ الإسلام إلى هذا الجواب: أبو بكر الجصاص في (أحكام القرآن): ج2 ص: 149،
انتهى من موقع الشيخ ابن باز
قلت سيف: تتمات: هذا بحث اختصرته بعنوان:
بيان حرمة المتعة ورد شبهة تمتع الصحابة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وعلى اله وصحبه اما بعد
فهذا بحث مختصر في بيان حرمة نكاح المتعة ورد بعض الشبه في ذلك
يشتمل على مقدمة
ثم فصل في بيان حرمة نكاح المتعة
ثم فصل في الاجماع على تحريم المتعة
ثم فصل في ان المتعة هي الزنا بعينه
ثم فصل في رد شبهة الاستدلال بقول جابر رضي الله عنه
ثم فصل في رد قولهم المتعة زنا فكيف يحلل الرسول صلى الله عليه وسلم الزنا لفترة؟
ثم فصل في الفرق بين نكاح المتعة الذي كان مباحا في اول الامر وبين متعة الشيعة
ثم فصل في ذكر صور واحكام المتعة عند الشيعة
مقدمة
قال الله تعالى (فَأَمَّا الَّذِيْنَ فِيْ قُلُوْبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُوْنَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَاوِيْلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَاوِيْلَهُ إِلَّا اللهُ وَالْرَّاسِخُوْنَ فِيْ الْعِلْمِ يَقُوْلُوْنَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوْ الْأَلْبَابِ * رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آَلِ عِمْرَانَ: 7 – 8].
فانه لا يخف ضل على عموم المسلمين حرمة زواج المتعة.
فان هناك شبهة يطرحها بعض الشيعة حول زواج المتعة
وهي شبهة مركبة من جزئين
الجزء الاول قولهم
جاء في صحيح مسلم عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قال كُنَّا نَسْتَمْتِعُ بِالْقَبْضَةِ مِنْ التَّمْرِ وَالدَّقِيقِ الْأَيَّامَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ حَتَّى نَهَى عَنْهُ عُمَرُ فِي شَانِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ
فجابر رضي الله عنه يقول اسْتَمْتَعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ حَتَّى نَهَى عَنْهُ عُمَرُ
فكيف يصح وصف المتعة بانها زنا اليس هذا قدحا في الصحابة؟؟
الجزء الثاني قولهم
المتعة زنا فكيف يحلل الرسول صلى الله عليه وسلم الزنا لفترة؟
وللرد على هذه الشبهة المركبة نقول
بيان ان نكاح المتعة حرام
زواج المتعة كان حلالا في اول الامر ثم حرم وسبق نقل كلام الحازمي والبغوي
وقال الإمام ابن حجر في الفتح: التمتع من النساء كان حلالا، وسبب تحليله حديث ابن مسعود (وذكره)، فأشار إلى سبب ذلك؛ وهو الحاجة مع قلة الشيء، فلما فتحت خيبر وسع عليهم من المال والسبي، فناسب النهي عن المتعة؛ لارتفاع سبب الإباحة، وكان ذلك من تمام شكر نعمة الله على التوسعة بعد الضيق، أو كانت الإباحة إنما تقع في المغازي التي يكون في المسافة إليها بعد ومشقة، وخيبر بخلاف ذلك؛ لأنها بقرب المدينة، فوقع النهي عن المتعة فيها؛ إشارة إلى ذلك من غير تقدم إذن فيها، ثم لما عادوا إلى سفرة بعيدة المدة؛ وهي غزاة الفتح وشقت عليهم العزوبة، أذن لهم في المتعة، لكن مقيدا بثلاثة أيام فقط دفعا للحاجة، ثم نهاهم بعد انقضائها عنها” [فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (9/ 76) بتصرف.].
والمتعة حرام في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم
اما الكتاب فقول الله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون).
فذكر الله تبارك وتعالى أن المباح الزوجة وملك اليمين. وأما ما بعد ذلك فهو كل من أراده فهو عاد والمرأة المتمتع بها ليست زوجة، والقائلون بالمتعة من الروافض يرون أنه لا توارث بينهما ولا عدة. وهي ليست بملك يمين، وإلا لجاز بيعها وهبتها وإعتاقها، وانما هي عندهم مستاجرة؟؟؟ فثبت أن نكاح المتعة من الاعتداء المذموم.
وقال جل ذكره: {وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين}. والمتعة هي سفاح بلا شك، ولذلك هي لا تحصن صاحبها كما سيأتي بيانه إنشاء الله تبارك وتعالى
و قال تعالى: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله) [النور: 33]. ولو كانت المتعة جائزة لم يأمر بالاستعفاف ولأرشد إلى هذا الأمر اليسير، وقد تحققنا قيام أمر الشريعة على اليسر ونفي الحرج.
وقوله تعالى: (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم … ) إلى قوله: (ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم) [النساء: 25] فلو جازت المتعة لما كانت حاجة إلى نكاح الأمة بهذين الشرطين. عدم الاستطاعة وخوف العنت.
والواقع ان المتمتع بها ليست زوجة عند أحد من المسلمين وذلك للامور الاتية:
1. لا وجود للسكن والمودة والرحمة بين المتمتع والمتمتع بها فانه قد يكون لمدة ساعة او ساعتين
2. المتمتع بها لا تطلق بل يفسخ العقد بمجرد انقضاء الوقت المتفق عليه
3. المتمتع بها لا ترث الرجل.
4. المتمتع بها ليس عليها عدة المتزوجات بل هى عند الشيعة تستبراء بحيضة ان كانت تحيض او تعتد خمسا وأربعين يوما (وهذه عدة ما أنزل الله بها من سلطان)
5. عند الشيعة الذين يبيحون المتعة يجوز للمرأة ان تشترط على المتمتع بها ان لا يأتيها فى موضع الحرث ولا يجوز ذلك للزوجة
فثبت لنا مما سبق ان المتمتع بها ليست زوجة فإذا هى من المحرمات على الرجل بنص الاية (والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم او ما ملكت ايمانهم)
وهى ليست زوجة ولا مملوكة فمن وطئها بحجة المتعة فهو كما قال الله فى الاية (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)
وبما أنها لا ترث فهى ليست زوجة لا يجادل فى ذلك أحد فإن الله تعالى ذكر للزوجة الميراث فى كتابه الكريم
وكان الصحابة رضوان الله عليهم والتابعون ينظرون الى المتعة على انها سفاحا وزنا
قال ابن عمر: نهانا عنها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما كنا مسافحين مجمع الزوائد للهيثمي 4/ 265.
وكان عروة كان ينهى عن نكاح المتعة ويقول: هي الزنا الصريح (.سنن سعيد بن منصور)
وكان مكحول رحمه الله يقول في الرجل تزوج المرأة إلى أجل، قال: ذلك الزنا. (مصنف ابن أبى شيبة)
واما من السنة
فعن سَبُرَة الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الأستمتاع ألا وإن الله قد حرمها إلى يوم القيامة , فمن كان عنده منهن شيء فَلْيُخَل سبيلها , ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً) رواه الأمام مسلم (ج 4 ص 134).
وعن الربيع بن سبرة عن أبيه قال: ” نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن نكاح المتعة عام الفتح [أخرجه مسلم 4/ و133الحميدي 846 وأحمد 3/ 404]. وأبوداود 2072وغيرهم.
وفي هذا الحديث الصحيح التصريح بالمنسوخ والناسخ في حديث واحد من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان ان المتعة كانت حلالا ثم حرمت الى يوم القيامة.
وعن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب: ” أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية) البخاري 5/ 172 وأحمد 1/ 79 وغيرهما
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: لما ولي عمر بن الخطاب، خطب الناس فقال: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثا ثم حرمها، والله لا أعلم أحدا يتمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة إلا أن يأتيني بأربعة يشهدون أن رسول الله صلى الله عليه سلم أحلها بعد أن حرمها)) حديث حسن رواه ابن ماجة (صحيح ابن ماجة للألباني ج2ص154)
وعن إياس بن سلمة عن أبيه قال: ” رخّص رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثا، ثم نهى عنها [أخرجه مسلم 4/ 131و أحمد 4/ 55،].
وغيرها من الأحاديث الكثيرة الصحيحة الصريحة في تحريم نكاح المتعة وبيان انه منسوخ ومحرم.
فهذه الأحاديث تدل على أن تحريم المتعة هو آخر الأمرين، وأنه محرم إلى يوم القيامة.
_الاجماع على تحريم المتعة: وسبق نقل الاجماعات:
وعمر رضي الله عنه حرمها ونقل تحريمها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر أيام خلافته، وأقره الصحابة – رضي الله عنهم –
ففتوى ابن عباس بجواز نكاح المتعة كانت بمنزلة الرخصة للمضطر، وقد ثبت أنه رجع عنها أخيرا لما خالفه الصحابة، وأعلموه بالنهي.
وبعضهم قال أنه لم يرجع لأن ابن الزبير تهدده لكن الزهري أعلم بذلك.
فأخرج البيهقي من طريق الزهري قال: ما مات ابن عباس حتى رجع عن هذه الفتيا، وذكره أبو عوانة في صحيحه (3|22)
وعن سعيد بن جبير قال: “قلت لابن عباس: هل تدري ما صنعت وبما أفتيت؟ سارت بفتياك الركبان، وقالت فيه الشعراء. قال: وما قالوا؟ قلت: قالوا:
قد قلت للشيخ لما طال مجلسه
يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
هل لك في رخصة الأطراف آنسة
تكون مثواك حتى مصدر الناس
فقال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون، لا والله ما بهذا أفتيت، ولا هذا أردت، ولا أحللت منها إلا ما أحل الله من الميتة والدم ولحم الخنزير [أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، باب: العين، أحاديث عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم … ، (10/ 259)، رقم (10623).].
ولعل ابن عباس ومن وافقه من الصحابة لم يبلغهم الدليل الناسخ.
_المتعة هي الزنا بعينه
هناك فرق كبير بين المتعة التي ابيحت في اول الاسلام وبين متعة الشيعة كما سنبينه باذن الله تعالى فيما ياتي
ولهذا قال الإمام القرطبي:
“من قال المتعة أن يقول لها: أتزوجك يوماً ـ أو ما شابه ذلك ـ على أنه لا عدة عليك ولا ميراث بيننا ولا طلاق ولا شاهد يشهد على ذلك؟! وهذا هو الزنا بعينه، ولم يبح قط في الإسلام”، وقال أيضاً وكل ما حكي عن أن نكاح المتعة قبل النسخ كان بلا ولي ولا شهود ففيه ضعف” (انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (5/ 87).).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما ولي عمر بن الخطاب خطب الناس فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثا ثم حرمها والله لا أعلم أحدا يتمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة إلا أن يأتيني بأربعة يشهدون أن رسول الله أحلها بعد إذ حرمها”. رواه ابن ماجه 1611، وصححه ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 1171، والصنعاني في سبل السلام 3/ 198، والألباني في صحيح ابن ماجه 1611
و قال ابن عمر: نهانا عنها – أي المتعة- رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كنا مسافحين”. رواه البيهقي 7/ 202، وصححه ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 1171، والصنعاني في سبل السلام 3/ 189، والألباني في إرواء الغليل 6/ 318.
وعن عروة بن الزبير أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قام فقال إن ناسا، أعمى الله قلوبهم، كما أعمى أبصارهم، يفتون بالمتعة، يعرض برجل، فناداه فقال: إنك لجلف جاف. فلعمري! لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين (يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقال له ابن الزبير: فجرب بنفسك. فوالله! لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك. رواه مسلم 1406.
وعن جعفر بن محمد أنه سئل عن المتعة فقال: (هي الزنا بعينه). رواه البيهقي. [السنن الكبرى7/ 207].
وقال عمر بن عبد العزيز: (هي أخت الزنا)
وروى ابن أبي شيبة (3|551): حدثنا عَبدة عن سعيد عن قتادة عن سعيد بن المسيِّب أنه قال: «رحِمَ الله عمر، لولا أنه نهى عن المتعة صار الزنا جِهاراً».
_رد شبهة الاستدلال بقول جابر رضي الله عنه
يستدل بعض الشيعة بقول جابر رضي الله عنه “استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم و أبي بكر”
فغاية الأمر أن الذي استمتع في عهد أبي بكر وشطراً من خلافة عمر لم يبلغه النسخ منهم جابر رضي الله عنه نفسه [كما ذكر ذلك النووي في شرحه لصحيح مسلم 9/ 183].
ولا يلزم من كون البعض فعلها أو مارسها في عهد أبي بكر أن يكون ابو بكر مطلعاً عليها
وفي ذلك يقول ابن العربي عن حديث جابر بما لفظه: فأما حديث جابر بأنهم فعلوها على عهد أبي بكر فذلك من اشتغال الخلق بالفتنة عن تمهيد الشريعة فلما علا الحق على الباطل وتفرغ المسلمون ونظروا في فروع الدين بعد تمهيد أصوله أنفذوا في تحريم المتعة ما كان مشهوراً لديهم حتى رأى عمر معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن حريث فنهاهما. [ابن العربي في عارضة الأحوذي 3/ 51]
وعمر رضي الله عنه لم ينه عن المتعة اجتهادا منه بل اخبر ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها واخبر عمر بذلك في المسجد واقره الصحابة ولم يعلم ان احدا انكر عليه او خالفه
قرر ذلك الطحاوي وابن حجر.
_رد شبهة قولهم المتعة زنا فكيف يحلل الرسول صلى الله عليه وسلم الزنا لفترة؟
_الفرق بين نكاح المتعة الذي كان مباحا في اول الامر وبين متعة الشيعة
ا المتعة في المذهب الشيعي والتي يمارسها الشيعة فلا يشترط فيها الولي ولا الإشهاد ولاالاعلان على النكاح، وليس فيها عدة ولا نفقة ولا حصر لعدد المتمتع بهن ولا يشترط فيها عندهم سوى تسمية المهر، وذكر الأجل وصيغة الإيجاب والقبول وهذا زنا صريح ودعارة قبيحة تحت ستار زواج المتعة كما بيناه وسنزيده بيانا باذن الله
وهذا النوع من الزواج _ المتعة عند الشيعة بالصورة المعروفة والمعمول بها عندهم_ لم يكن موجوداً قط في الإسلام.
ولهذا قال الإمام القرطبي: “من قال المتعة أن يقول لها: أتزوجك يوماً ـ أو ما شابه ذلك ـ على أنه لا عدة عليك ولا ميراث بيننا ولا طلاق ولا شاهد يشهد على ذلك؟! وهذا هو الزنا بعينه، ولم يبح قط في الإسلام”، وقال أيضاً وكل ما حكي عن أن نكاح المتعة قبل النسخ كان بلا ولي ولا شهود ففيه ضعف” (انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (5/ 87).).
_من صور واحكام المتعة عند الشيعة
وحتى يتضح الفرق ويظهر جليا ان ما يسمونه زواج المتعة ما هو الازنا صريح نذكر بعض احكام وصور المتعة عند الشيعة من كتبهم. ونذكر بعض الروايات التي يكذبون بها على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى ال بيته الاطهار
وهذه النصوص اوردها على سبيل المثال لا الحصر
لقد جعلو الايمان بالمتعة أصلا من اصول الدين، ومنكرها منكر للدين. وافترو في ذلك احاديث مكذوبة نسبوها الى ائمة اهل البيت زورا وبهتانا وكل عاقل يعرف ان ائمة اهب البيت منها براء
انظر (المرجع: كتاب من لايحضره الفقيه 3:366،تفسيرمنهج الصادقين 2:495)
المتعة عندهم من فضائل الدين وتطفئ غضب الرب.
(المرجع: تفسيرمنهج الصادقين للكشاني 2:493)
وعن أبي عبد الله قال: ما من رجل تمتع ثم اغتسل إلا خلق الله من كل قطرة تقطر منه سبعين ملكا يستغفرون له إلى يوم القيامة!!! فقط؟ لا قال: ويلعنون متجنبها إلى أن تقوم الساعة! هذا في الوسائل جزء 21 ص 16
ثم نقل الباحث نقولات مطولة عنهم يكاد القلب يتفطر من التجرأ على الكذب على الشريعة الغراء.
وختاما احمد الله على نعمة الاسلام والسنة وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين
___